الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 4 أكتوبر 2025

الطعن 9240 لسنة 92 ق جلسة 24 / 10/ 2023 مكتب فني 74 ق 85 ص 805

جلسة 24 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / عبد الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد زغلول ، محمد علي طنطاوي وعبد الحميد جابر نواب رئيس المحكمة ومحمد جبر
----------------
(85)
الطعن رقم 9240 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
لمحكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الأدلة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
(3) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . ما يشترط لتوافره ؟
مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها . تدليل الحكم بما يسوغ على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم التي دينوا بها . النعي عليه بعدم استظهار عناصر الاتفاق . غير مقبول .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اطمئنان المحكمة لأقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة وتحصيلها لها بما لا تناقض فيه . المنازعة في هذا الشأن . جدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . نقض " المصلحة في الطعن " .
إثبات مأمور الضبط كل إجراء يقوم به في محضر يبيّن وقت اتخاذ الإجراء وتاريخه ومكان حصوله . غير لازم . تقدير قيمته في الإثبات . موضوعي .
نعي الطاعنين على الحكم اطراحه الدفع ببطلان الإقرار المعزو إليهم بمحضر الضبط لتزويره ولحصوله بالمخالفة للمادة 24 إجراءات جنائية . غير مجد . متى لم يعول في الإدانة على دليل مستمد منه .
(7) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
الدفع ببطلان الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور الأمر بالضبط . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الأمر أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
(8) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضابطي الواقعة . صحيح . متى انتهى لصحة إجراءات القبض والتفتيش .
(9) سرقة . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القصد الجنائي في جريمة السرقة . تحققه بعلم الجاني أنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية تملكه . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
النعي على الحكم عدم تدليله على توافر القصد الجنائي في جريمة سرقة المهمات والأجهزة المستعملة في شبكات وخطوط الاتصالات . غير مقبول . متى أورد من الأدلة ما يكشف عن توافره .
(10) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(11) تفتيش " تفتيش المساكن " . دفوع " الدفع ببطلان التفتيش " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على الحكم اطراحه دفع الطاعن ببطلان تفتيش مسكن آخر ضُبطت فيه المسروقات . غير مقبول . متى لم يدع ملكيته أو حيازته له . علة ذلك ؟
(12) نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . أمر ضبط وإحضار . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للنيابة العامة عند مباشرة التحقيق الأمر بالقبض على المتهم وإحضاره . تقدير ذلك موكول للمحقق . وجود طلب من مأمور الضبط القضائي أو تحريات حول شخص المتهم قبل إصداره . غير لازم . أساس ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها . غير مقبول .
(13) سرقة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
اختلاف وصف المسروقات المضبوطة عن المُبلّغ بسرقتها . لا يؤثر في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
ثبوت عدم ملكية المتهم للمسروقات . كفايته لعقابه عن جريمة السرقة .
(14) قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه .
غير مجدٍ . متى لم يدع أن هذا الإجراء أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(15) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(16) سرقة . ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . محضر الجلسة .
إعمال الحكم المادة ١٧ عقوبات دون الإشارة إليها وخطؤه المادي في تحديد نوع العقوبة المقيدة للحرية التي دان الطاعن بها . لا يعيبه . متى ثبت بمحضر الجلسة معاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات عن جريمة سرقة المهمات المستعملة في شبكات الاتصالات . علة ذلك ؟
(17) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي بإقامة الحكم على رأي لسواه . غير مقبول . متى استخلص الإدانة من أقوال شهود الإثبات وتقرير شركة الاتصالات .
(18) نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم عدم قضائه بإلزامه بالتعويض . علة ذلك ؟
(19) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام المسند للطاعن وإدانته بالأدلة السائغة . المجادلة في هذا الشأن . منازعة موضوعية فيما تستقل به بغير معقب .
(20) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بأنه لا محل لإعمال نظرية العقوبة المبررة . غير مقبول . علة ذلك ؟
(21) قانون " تفسيره " . تلبس . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . أمر ضبط وإحضار .
المادتان 34 و 35 إجراءات جنائية . مفادهما ؟
التلبس صفة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها .
انتقال مأمور الضبط القضائي لمسكن الطاعن نفاذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر له من النيابة العامة ومشاهدته له وآخرين وبحوزتهم الدراجة البخارية المستخدمة في الواقعة وضبطه المسروقات بإرشادهم . يوفر حالة التلبس . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(22) نقض" أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(23) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(24) تنظيم الاتصالات . عقوبة " العقوبة التكميلية " . تعويض . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون التكميلية .
إغفال القضاء بعقوبتي التعويض والغرامة عن جريمتي سرقة أجهزة معدة للاتصالات والتسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية المرتبطتين . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . لا ينال من ذلك القضاء بإلزام الطاعنين بقيمة التلفيات ونفقات إعادة الشيء إلى أصله . علة وأساس ذلك ؟
(25) حكم " حجيته " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . مصادرة . مصاريف .
حجية الأحكام . ورودها على منطوق الحكم والأسباب المكملة له . خلو منطوق الحكم من مصادرة السلاح المضبوط والإلزام بالمصاريف الجنائية . لا يعيبه . متى نص عليهما بأسبابه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعنين والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهم في الجرائم التي دانهم الحكم بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
2- من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن نعي الطاعنين على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند .
3- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، بل إنه من الجائز قانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين فيها وهو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عوّل عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين والمحكوم عليه الآخر على الجرائم التي دينوا بها وذلك من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قد قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين والمحكوم عليه الآخر متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين في تلك الجرائم يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير قويم .
4- من المقرر أن تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه كافية ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين للجرائم المسندة إليهم ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- لما كانت المحكمة قد اطمأنت - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، واطمأنت كذلك إلى أقوال ضابطي المباحث بالتحقيقات وما تضمنته من تحريات وضبط وحصَّلت تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في هذا الصدد ، والقول بعدم ضبطهما متلبسين بارتكاب الواقعة ، وخلو الأوراق من شهود رؤية ، أو دليل يقيني على إدانتهم ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه وعلى ما يبين من استدلاله لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من محضر الضبط المحرر بمعرفة الشاهد الرابع ، فضلاً عن أن عدم التزام مأمور الضبط القضائي ما نصت عليه المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية من إثبات كل إجراء يقوم به في محضر يبين وقت اتخاذ الإجراء وتاريخه ومكان حصوله ليس من شأنه إهدار قيمة المحضر الذي حرره كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع تقدير سلامة الإجراءات فيه لمحكمة الموضوع ، فإنه لا جدوى من نعي الطاعنين عليه في هذا الشأن .
7- من المقرر أن الدفع بصدور أمر الضبط والإحضار بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يَكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الأمر أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكَانت المحكمة قد عَرضت لدفع الطاعنين في هذا الصَدد واطرحته برد كَاف وسائغ ، فإن منعى الطاعنين على الحُكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له ، ولمَّا كَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة أن أياً من الطاعنين لم يَطلُب إلى المحكمة تحقيقاً مُعيّناً بصَدد هذا الدفع ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها .
8- من المقرر أن الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم.
9- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن الأول وتتوافر به جناية سرقة المهمات والأجهزة المستعملة في شبكات وخطوط الاتصالات بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن منعى الطاعن الأول في هذا الصدد لا يكون له محل .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن كيفية ضبط الطاعن الأول – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – ومن ثم تنحسر عنه دعوى القصور في هذا المنحى .
11- من المقرر أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه ، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وحدها ، وإذ ما كان الطاعن الأول لا يدعي ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه وضبط المسروقات فيه ، فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان التفتيش لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ، ويكون منعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير مقبول .
12- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان أمر القبض لابتنائه على تحريات غير جدية ، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن مؤدى ما نصت عليه المادتين ١٢٦ ، ١۹۹ من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة عندما تباشر التحقيق أن تصدر حسب الأحوال أمر بحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناءً على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم .
13- من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم اختلاف وصف المسروقات المضبوطة عن المبلغ بسرقتها - على فرض حصوله - ما دام أن الطاعن الأول لا يدعي حدوث خلاف بشأنها ، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن الأول لم يدع ملكيته للمضبوطات ، وكان يكفي للعقاب في جريمة السرقة ثبوت أن المسروقات ليست مملوكة للمتهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن اختلاف وصف المسروقات المضبوطة عن المبلغ بسرقتها يكون لا محل له .
14- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعن الأول من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض – بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
15- لما كان ما يثيره الطاعن الأول في اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد .
16- لما كانت المادة 316 مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات قد جعلت عقوبة سرقة المهمات المستعملة في شبكات الاتصالات المرخص بها - والتي دين بها الطاعن بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد - هي السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه ، وكانت المادة 17 من ذات القانون تجيز عند إعمالها في تلك الحالة استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه ، وكان لا يعيب الحكم عدم الإشارة إلى المادة 17 من قانون العقوبات عند إعمالها ما دامت العقوبة التي أوقعتها المحكمة تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع ، فإن الحكم يكون قد برئ من قالة مخالفة القانون . ولا يدحض ذلك ولا ينال منه ما جاء بمنطوق الحكم المطعون فيه – بصدد نوع العقوبة – ، إذ الثابت بمحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه صدر بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم بمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو ، مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم .
17- لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الشركة المصرية للاتصالات ، ومن ثم فإن المحكمة لم تبن حكمها على رأي لسواها ، وإنما أسست قناعتها على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها ، ويضحى ما يثيره الطاعن الأول نعياً على الحكم في هذا الصدد على غير سند .
18- من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم توقيعه عقوبة التعويض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد .
19- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن الأول ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
20- لما كان الحكم المطعون فيه بين الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن الأول بها – على النحو المار بيانه – وكانت أي من تلك الجرائم ليست هي الأساس لأي من الجريمتين الأخريين فإن ما يثيره الطاعن الأول من أنه لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة لمنازعته في الواقعة برمتها يكون غير قويم .
21- لما كانت المادتان ٣٤ ، ٣٥ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون ٣٧ لسنة ١٩٧٢ المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره ، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة قام بالانتقال لمسكن المتهم الثاني نفاذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر له من النيابة العامة لاتهامه بجريمة السرقة ، فأبصره والطاعنين من الثاني للرابع وبحوزتهم الدراجة النارية المستخدمة في الواقعة وقام بضبط المسروقات بإرشادهم ، ومن ثم فإن انتقال مأمور الضبط القضائي إلى المتهم الثاني وضبط الطاعنين الثاني والثالث والرابع والأجهزة المسروقة بإرشادهم يكون إجراء صحيحاً في القانون ، إذ بضبط المتهم الأول رفقة الطاعنين من الثاني للرابع وبحوزتهم الدراجة النارية المستخدمة في الواقعة وقيامهم بالإرشاد عن المسروقات تكون الجريمة متلبساً بها ، مما يبيح للمأمور الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها بغير إذن من النيابة العامة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في هذا الشأن يكون غير مقبول .
22- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنون من الثاني حتى الرابع لم يفصحوا في أسباب طعنهم عن وجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق ، كما لم يفصحوا عن ماهية التخاذل وعدم التساند في الحكم ، وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
23- لما كان ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في خصوص عدم قيام النيابة بتفريغ كاميرات المراقبة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما أوردتها بأدلة الثبوت ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في هذا الصدد يكون غير سديد .
24- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجرائم سرقة الأجهزة المملوكة للشركة المصرية للاتصالات والتسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية وأعمل في حقهم المواد ١٦٦ ، ٣١٦ مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات ، ٧٠ ، ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ وقضى عليهم بعقوبة واحدة - السجن لمدة خمس سنوات - بعد أن طبق المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات باعتبارها العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة سرقة المهمات المملوكة للشركة المصرية للاتصالات ، وإذ كانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه وذلك وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٣١٦ مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه لما كانت المادة ١٦٤ من قانون العقوبات نصت على أنه : ( كل من تسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية بقطعه الأسلاك الموصلة أو كسر شيئاً من العدد أو عوازل الأسلاك أو القوائم الرافعة لها أو بأي كيفية كانت يعاقب بالسجن مع عدم الإخلال بإلزامه بالتعويض عن الخسارة ) ، كما جرى نص المادة ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات على أنه : ( يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو المنشآت المخصصة لشبكات الاتصالات أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع الاتصالات ولو مؤقتاً ...... وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإلزام من قام بالفعل بأداء قيمة الأشياء التي هدمت أو أتلفت أو بنفقات إعادة الشيء إلى أصله مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب ) . ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبتي التعويض عن الخسارة ، والإلزام بأداء قيمة الأشياء التي هدمت أو أتلفت أو بنفقات إعادة الشيء إلى أصله المنصوص عليهما في المادتين ١٦٤ من قانون العقوبات و ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة التعويض - وإن ألزم من قام بالفعل بأداء قيمة الأشياء التي أتلفت وبنفقات إعادة الشيء إلى أصله - إعمالاً لنص المادتين سالفتي البيان يكون قد خالف القانون من هذه الوجهة أيضاً مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذين الخطأين إلا أنه لما كان هذا الطعن مرفوعاً من المحكوم عليهم وحدهم دون النيابة العامة فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذين الخطأين اللذين وقع فيهما الحكم حتى لا يُضار الطاعنين بطعنهم طبقاً للأصل المقرر في المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .
25- لما كان للمحكمة أن تنوه إلى أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد خلا منطوقه من مصادرة السلاح المضبوط ، ومن القضاء بالمصاريف الجنائية إلا أنه نص في أسبابه على مصادرته ، والإلزام بها ، وكان من المقرر في القانون أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ، فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة السلاح المضبوط ، والإلزام بالمصاريف الجنائية يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- .... ( طاعن ) 4- .... ( طاعن ) 5- .... ( طاعن ) بأنهم :-
- سرقوا المهمات والأموال المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للشركة المصرية للاتصالات ( .... ) والتابعة لإدارة المبيعات وذلك بأن قاموا بإتلاف الباب الخاص بتلك الإدارة باستخدام الأدوات محل الاتهام الثالث والاستيلاء على الأجهزة المعدة لخدمة عملاء الشركة على النحو المبين بالتحقيقات .
- تسببوا عمداً في انقطاع العمل كلياً بإدارة المبيعات للشركة المصرية للاتصالات على النحو المبين بالتحقيقات .
- حازوا أدوات ( مقص حديدي ، عتلة حديدية ) بدون ضرورة من الحرفية أو المهنية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثالث والرابع والخامس وغيابياً للثاني عملاً بالمادتين ١٦٦ ، ٣١٦ مكرراً/ ثانياً (ب) من قانون العقوبات والمادتين ۷۰ ، ۷۱ من القانون رقم ۱۰ لسنة ۲۰۰۳ بشأن تنظيم الاتصالات والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/۱ ، 30/ 1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المستبدل بالقانون رقم 5 لسنة ۲۰۱۹ والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، مع إعمال المادة 32 من القانون الأول ، بمعاقبة كلٍ منهم بالسجن لمدة خمس سنوات وألزمتهم برد قيمة ما أتلفوه مع إعادة الشيء لأصله على نفقتهم .
فطعن المحكوم عليهم حضورياً في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرات أسباب طعنهم الخمس - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم سرقة شيءٍ من المهمات والأجهزة المستعملة في شبكات وخطوط الاتصالات ، والتسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية المرخص بإنشائها لمنفعة عمومية وإتلافها ، وحيازة أدوات دون مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، والخطأ في تطبيق القانون ومخالفته ، ذلك بأنه جاء في عبارات عامة مجملة يشوبها الغموض والإبهام في بيان واقعة الدعوى وأركان الجرائم التي دانهم بها ومؤدى الأدلة عليها ، ولم يبين الأفعال المادية التي أتاها كل من المتهمين والتي تفصح عن الدور الذي قام به كل منهم ، واكتفى بإيراد قائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة ، ولم يقم الدليل على توافر الاتفاق بينهم ، وعول على أدلة لا تكفي ولا تؤدي إلى ما رتبه عليها وعلى أقوال شهود الإثبات رغم افتقارها إلى دليل يدعمها ، فضلاً عن عدم معقوليتها ومع ما بينها من تناقض - لشواهد أشاروا إليها - ، وردَّ على الدفع بعدم جدية التحريات لكونها مكتبية وجاءت ترديداً لأقوال الشهود بما لا يصلح رداً ، ودانهم رغم عدم ضبطهم متلبسين بارتكاب الواقعة ومع خلو الأوراق من شهود رؤية أو دليل يقيني على ذلك ، والتفت عن دفاعهم ببطلان الإقرار المعزو إليهم بمحضر الضبط لتزويره ولحصوله بالمخالفة للمادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، واطرح بما لا يَصلُح الدفع ببُطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الأمر بهما ، ولم تعْن المحكمة بتحقيقه ، وعول على أقوال الضابط مجريهما رغم استمدادها من الإجراءات الباطلة - وهو ما يقول به جميعهم - ، ويضيف الأول بأن الحكم لم يدلل على توافر القصد الجنائي في جريمة السرقة لديه ، ولم يبين كيفية ضبطه ، وأغفل دفعيه ببطلان تفتيش مسكن الثاني لعدم وجود إذن به ، وبطلان أمر الضبط لابتنائه على تحريات غير جدية ، ودانه رغم اختلاف المضبوطات عن المبلغ بسرقتها ، ورغم عدم عرضه على النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه ، ولم يعن ببحث إنكاره الاتهام المسند إليه ، هذا وأخطأت المحكمة في قدر العقوبة التي أوقعتها عليه بما يخالف القانون ، وأسست اقتناعها على رأي لسواها وليس على عقيدة استقلت بتحصيلها بنفسها ، ولم تقض بإلزامه بالتعويض عن الخسارة ، الأمر الذي ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة واختلال فكرة الحكم من حيث موضوع الدعوى وعناصر الاتهام ، كما أنه لا محل لإعمال نظرية العقوبة المبررة لأي من الجرائم التي دانه بارتكابها لمنازعته في الواقعة برمتها ، ويزيد باقي الطاعنين بأن الحكم تناول بما لا يسوغ رداً دفعهم ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم شمول أمر الضبط والإحضار لهم ، وحصل الأدلة بالمخالفة لما تضمنته الأوراق ، وجاءت أسبابه متخاذلة متناقضة ، وأخيراً لم تقم النيابة بتفريغ كاميرات المراقبة للسنترال محل الواقعة ، وسايرتها المحكمة ولم تتدارك ذلك ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كل من الطاعنين والمحكوم عليه الآخر بما يفصح عن الدور الذي قام به كل منهم في الجرائم التي دانهم الحكم بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن نعي الطاعنين على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات المساهمين فيها ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين بل إنه من الجائز قانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين فيها وهو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في ارتكاب الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يسهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عوّل عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين والمحكوم عليه الآخر على الجرائم التي دينوا بها وذلك من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قد قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة لها ، فإن الحكم إذ تأدى من ذلك إلى اعتبار الطاعنين والمحكوم عليه الآخر متضامنين في المسئولية الجنائية ودانهم بوصفهم فاعلين أصليين في تلك الجرائم يكون قد اقترن بالصواب بما يضحى معه منعى الطاعنين عليه في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه كافية ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين للجرائم المسندة إليهم ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، واطمأنت كذلك إلى أقوال ضابطي المباحث بالتحقيقات وما تضمنته من تحريات وضبط وحصَّلت تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في هذا الصدد ، والقول بعدم ضبطهما متلبسين بارتكاب الواقعة ، وخلو الأوراق من شهود رؤية ، أو دليل يقيني على إدانتهم ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما يبين من استدلاله لم يعول في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من محضر الضبط المحرر بمعرفة الشاهد الرابع ، فضلاً عن أن عدم التزام مأمور الضبط القضائي ما نصت عليه المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية من إثبات كل إجراء يقوم به في محضر يبين وقت اتخاذ الإجراء وتاريخه ومكان حصوله ليس من شأنه إهدار قيمة المحضر الذي حرره كله كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع تقدير سلامة الإجراءات فيه لمحكمة الموضوع ، فإنه لا جدوى من نعي الطاعنين عليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكَان من المُقرَّر أن الدفع بصدور أمر الضبط والإحضار بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يَكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الأمر أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكَانت المحكمة قد عَرضت لدفع الطاعنين في هذا الصَدد واطرحته برد كَاف وسائغ ، فإن منعى الطاعنين على الحُكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له . ولمَّا كَان البيِّن من الاطلاع على محاضر جلسات المُحَاكمة أن أياً من الطاعنين لم يَطلُب إلى المحكمة تحقيقاً مُعيّناً بصَدد هذا الدفع ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة ، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن الأول وتتوافر به جناية سرقة المهمات والأجهزة المستعملة في شبكات وخطوط الاتصالات بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن منعى الطاعن الأول في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن كيفية ضبط الطاعن الأول – خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه – ومن ثم تنحسر عنه دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على المكان ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه ، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا بطريق التبعية وحدها ، وإذ ما كان الطاعن الأول لا يدعي ملكية أو حيازة المسكن الذي جرى تفتيشه وضبط المسروقات فيه فإنه لا يقبل منه الدفع ببطلان التفتيش لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك ويكون منعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان أمر القبض لابتنائه على تحريات غير جدية ، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن مؤدى ما نصت عليه المادتين ١٢٦ ، ١۹۹ من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة عندما تباشر التحقيق أن تصدر حسب الأحوال أمر بحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناءً على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم اختلاف وصف المسروقات المضبوطة عن المبلغ بسرقتها - على فرض حصوله - ما دام أن الطاعن الأول لا يدعي حدوث خلاف بشأنها ، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن الأول لم يدع ملكيته للمضبوطات ، وكان يكفي للعقاب في جريمة السرقة ثبوت أن المسروقات ليست مملوكة للمتهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول بشأن اختلاف وصف المسروقات المضبوطة عن المبلغ بسرقتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن الأول من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض – بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن الأول في اطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المادة 316 مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات قد جعلت عقوبة سرقة المهمات المستعملة في شبكات الاتصالات المرخص بها - والتي دين بها الطاعن بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد - هي السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه ، وكانت المادة 17 من ذات القانون تجيز عند إعمالها في تلك الحالة استبدال عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور ، وهو ما التزمه الحكم المطعون فيه ، وكان لا يعيب الحكم عدم الإشارة إلى المادة 17 من قانون العقوبات عند إعمالها ما دامت العقوبة التي أوقعتها المحكمة تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع فإن الحكم يكون قد برئ من قالة مخالفة القانون . ولا يدحض ذلك ولا ينال منه ما جاء بمنطوق الحكم المطعون فيه – بصدد نوع العقوبة – ، إذ الثابت بمحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه صدر بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم بمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو ، مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الشركة المصرية للاتصالات ، ومن ثم فإن المحكمة لم تبن حكمها على رأي لسواها ، وإنما أسست قناعتها على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها ، ويضحى ما يثيره الطاعن الأول نعياً على الحكم في هذا الصدد على غير سند . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم توقيعه عقوبة التعويض ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن الأول ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بين الواقعة بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن الأول بها – على النحو المار بيانه – وكانت أي من تلك الجرائم ليست هي الأساس لأي من الجريمتين الأخريين ، فإن ما يثيره الطاعن الأول من أنه لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة لمنازعته في الواقعة برمته يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المادتان ٣٤ ، ٣٥ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون ٣٧ لسنة ١٩٧٢ المتعلق بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره ، كما أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة قام بالانتقال لمسكن المتهم الثاني نفاذاً لأمر الضبط والإحضار الصادر له من النيابة العامة لاتهامه بجريمة السرقة ، فأبصره والطاعنين من الثاني للرابع وبحوزتهم الدراجة النارية المستخدمة في الواقعة وقام بضبط المسروقات بإرشادهم ، ومن ثم فإن انتقال مأمور الضبط القضائي إلى المتهم الثاني وضبط الطاعنين الثاني والثالث والرابع والأجهزة المسروقة بإرشادهم يكون إجراء صحيحاً في القانون ، إذ بضبط المتهم الأول رفقة الطاعنين من الثاني للرابع وبحوزتهم الدراجة النارية المستخدمة في الواقعة وقيامهم بالإرشاد عن المسروقات تكون الجريمة متلبساً بها ، مما يبيح للمأمور الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها بغير إذن من النيابة العامة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنون من الثاني حتى الرابع لم يفصحوا في أسباب طعنهم عن وجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق ، كما لم يفصحوا عن ماهية التخاذل وعدم التساند في الحكم ، وكانت أسباب الحكم قد خلت من التناقض الذي يعيبه ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في خصوص عدم قيام النيابة بتفريغ كاميرات المراقبة لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبوه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما أوردتها بأدلة الثبوت ومن ثم ، فإن ما يثيره الطاعنون من الثاني حتى الرابع في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجرائم سرقة الأجهزة المملوكة للشركة المصرية للاتصالات والتسبب عمداً في انقطاع الخطوط التليفونية وأعمل في حقهم المواد ١٦٦ ، ٣١٦ مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات ، ٧٠ ، ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ وقضى عليهم بعقوبة واحدة - السجن لمدة خمس سنوات - بعد أن طبق المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات باعتبارها العقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي جريمة سرقة المهمات المملوكة للشركة المصرية للاتصالات ، وإذ كانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة هي السجن المشدد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه وذلك وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة ٣١٦ مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه لما كانت المادة ١٦٤ من قانون العقوبات نصت على أنه : ( كل من تسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية بقطعه الأسلاك الموصلة أو كسر شيئاً من العدد أو عوازل الأسلاك أو القوائم الرافعة لها أو بأي كيفية كانت يعاقب بالسجن مع عدم الإخلال بإلزامه بالتعويض عن الخسارة ) ، كما جرى نص المادة ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات على أنه : ( يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه كل من هدم أو أتلف عمداً شيئاً من المباني أو المنشآت المخصصة لشبكات الاتصالات أو لبنيتها الأساسية أو لخط من خطوط الاتصالات أو جعلها كلها أو بعضها غير صالحة للاستعمال بأية كيفية بحيث ترتب على ذلك انقطاع الاتصالات ولو مؤقتاً .... وفي جميع الأحوال تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإلزام من قام بالفعل بأداء قيمة الأشياء التي هدمت أو أتلفت أو بنفقات إعادة الشيء إلى أصله مع عدم الإخلال بالحق في التعويض المناسب ) . ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبتي التعويض عن الخسارة ، والإلزام بأداء قيمة الأشياء التي هدمت أو أتلفت أو بنفقات إعادة الشيء إلى أصله المنصوص عليهما في المادتين ١٦٤ من قانون العقوبات و ٧١ من القانون رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٣ بشأن تنظيم الاتصالات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة التعويض - وإن ألزم من قام بالفعل بأداء قيمة الأشياء التي أتلفت وبنفقات إعادة الشيء إلى أصله - إعمالاً لنص المادتين سالفتي البيان يكون قد خالف القانون من هذه الوجهة أيضاً مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذين الخطأين إلا أنه لما كان هذا الطعن مرفوعاً من المحكوم عليهم وحدهم دون النيابة العامة فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذين الخطأين اللذين وقع فيهما الحكم حتى لا يُضار الطاعنين بطعنهم طبقاً للأصل المقرر في المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . وحيث إنه لا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد خلا منطوقه من مصادرة السلاح المضبوط ، ومن القضاء بالمصاريف الجنائية إلا أنه نص في أسبابه على مصادرته ، والإلزام بها ، وكان من المقرر في القانون أن حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى أسبابه إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق ، فإن ما تحدث به الحكم المطعون فيه في أسبابه عن مصادرة السلاح المضبوط ، والإلزام بالمصاريف الجنائية يكون مكملاً لمنطوقه في هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 3 أكتوبر 2025

الطعن 547 لسنة 35 ق جلسة 30 / 6 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 188 ص 1728

جلسة 30 من يونيه سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامي والدكتور/ أحمد مدحت حسن وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(188)

الطعن رقم 547 لسنة 35 القضائية

هيئة كهرباء مصر - تحديد أسعار التيار بالنسبة لشركات الاستثمار - قرار تحصيل فرق الدعم (مجلس الدولة).
المادة 11 من القانون رقم 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر 

- مجلس الإدارة هو السلطة المهيمنة على شئونها - له أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي أنشئت الهيئة من أجله - له اقتراح تعريفة وتوزيع وبيع الطاقة الكهربائية على الجهود الكهربائية المختلفة للأفراد والهيئات بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز تحديد الأسعار ووفقاً للأسس وعناصر التكلفة التي يقرها المجلس الأعلى لقطاع الكهرباء واللجنة الوزارية المختصة ولا تكون هذه التعريفة نافذة إلا بعد اعتمادها من مجلس الوزراء - إذا ثبت أن مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر قرر في الجلسة الثامنة لسنة 1976 المعقودة في 11 من ديسمبر سنة 1976 الموافقة على المذكرة رقم 55 بمحاسبة شركات الاستثمار على التيار الكهربائي المورد لها على أسعار السعر المدعم أو السعر العالمي وبالجنيه المصري أو بالعملة الأجنبية حسبما إذا كانت شركة الاستثمار ملزمة بالتسعير الجبري من عدمه ومقامة خارج المناطق الحرة أو داخلها - صدور قرار نائب رئيس مجلس الوزراء للإنتاج ووزير البترول رقم 42 لسنة 1981 بالقواعد المتعلقة بمحاسبة مشروعات الاستثمار على محسوباتها من المنتجات البترولية على أسعار تحريك السعر المحلي "المدعم" تدريجياً بزيادة نسبة مئوية من الفرق بين هذا السعر وبين السعر العالمي - قرار مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر في الجلسة الرابعة عشر لسنة 1982 بتاريخ 22/ 12/ 1982 بالموافقة على المذكرة رقم 127 بقواعد محاسبة شركات الاستثمار على استهلاكها من الطاقة الكهربائية تحريكاً للسعر المحلي "المدعم" - قيام شركات التوزيع بسداد فرق دعم الوقود المحصلة من شركات الاستثمار القائمة داخل وخارج المناطق الحرة إلى هيئة كهرباء مصر - أثر ذلك: قيام شركة توزيع كهرباء القاهرة بتحصيل فرق الدعم من مصانع الطاعن - منازعة الطاعن في قرار إلزامه بهذا الفرق دون الاستناد إلى عقد التوريد ودون أن يطلب مجرد إبراء ذمته مما طولب به والنعي على مشروعية ذلك القرار تجعل دعوى الطاعن ابتداء من الدعاوى التي يختص بنظرها مجلس الدولة ولائياً ومحكمة القضاء الإداري نوعياً - نتيجة ذلك: لا تعد الدعوى منازعة في عقد توريد الطاقة الكهربائية المبرم مع الطاعن - الحكم بعدم الاختصاص مخالف للقانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 1/ 1989 أودع وكيل الطاعن لدى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير هذا الطعن الذي قيد بجدولها برقم 547 لسنة 35 ق ضد المطعون ضدهما، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 27/ 11/ 1988 في الدعوى رقم 4031 لسنة 41 ق، والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية وإبقاء الفصل في المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول، الطعن شكلاً، وفي الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 6/ 2/ 1989، وإلى المطعون ضده الثاني بصفته بتاريخ 12/ 2/ 1989.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
تم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة والتي قررت بجلسة 6/ 3/ 1991 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 26/ 3/ 1991 وتدوول نظره أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات بجلسة 10/ 12/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/ 2/ 1992 ثم قررت مد أجل الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته - المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد/ ......... مدير شركة المواد العازلة (أتومات) أقام الدعوى رقم 4031 لسنة 41 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20/ 5/ 1987، ضد (1) رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر بصفته - (2) رئيس مجلس إدارة شركة توزيع كهرباء القاهرة بصفته، جاء بها، انم الشركة المدعية تعاقدت مع هيئة الكهرباء بعقد مؤرخ 23/ 6/ 1976 على توريد القدرة الكهربية اللازمة لتغذية مصنع الشركة بطموه - جيزة، بالأسعار المتفق عليها، ونص العقد على حق الهيئة في مراجعة معامل الوقود في قائمة الأسعار المبينة بالعقد، ونص على سريان أحكام لائحة توريد التيار الكهربائي على المنتفع باعتبارها مكملة لنصوص العقد، إلا أن الشركة المدعية فوجئت بخطاب مؤرخ 17/ 7/ 1987 من الشركة المدعى عليها الثانية تخطرها فيه بأنها كشركة في شركات الاستثمار، فإن المحاسبة على الطاقة الكهربية المستهلكة تكون بالأسعار العالمية غير المدعمة وذلك وفقاً للقواعد التي تقررت في شأن محاسبة المشروعات الاستثمارية، وأعقب هذا الإخطار مطالبة الشركة المدعية بفروق هذا الدعم وقدرها 977366.40 مليمجـ وأضافت الشركة المدعية أن القرار الصادر بمحاسبتها بالأسعار العالمية غير مشروع ذلك أن مجلس الوزراء لم يعتمد التعريفة المقترحة من مجلس إدارة الهيئة طبقاً للمادة (11) من القانون رقم 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر ومن ثم لا تكون التعريفة الجديدة نافذة وبالتالي تكون جميع الإجراءات المتخذة في الهيئة والشركة المدعى عليها مخالفة للقانون ويترتب على تنفيذ المطالبة تحمل الشركة المدعية بمبالغ باهظة، وخلصت الشركة المدعية إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر بمحاسبتها على أسعار التيار الكهربائي بالسعر العالمي، وفي الموضوع، بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار، وبإلزام المدعى عليهما بالمصروفات.
وقدمت الشركة المدعية حافظتي مستندات اشتملت على صورة من عقد توريد طاقة كهربائية مؤرخ 23/ 6/ 1976 وصور لبعض الأوراق والمكاتبات، كما قدمت مذكرة بدفاعها التمست فيها الحكم بالطالبات. وقدمت الشركة المدعى عليها الثانية حافظة مستندات ضمت صورة من العقد المؤرخ 23/ 3/ 1976 وصور من الإنذارات الموجهة للشركة المدعية وصور لبعض الأوراق والمكاتبات. كما قدمت مذكرة بدفاعها التمست فيها الحكم أصلياً، بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى، واحتياطياً، برفض الدعوى بشقيها. كما ضمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الدعوى، انتهت فيه إلى طلب الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
وبجلسة 27/ 11/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها سالف البيان، استناداً إلى أن العقد الخاص بالانتفاع بخدمات المرافق الاقتصادية (مرفق الكهرباء)، من العقود التي تخضع لأحكام القانون الخاص وليس من العقود الإدارية، وأن اقتراحات مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر بشأن التعريفة تأتي من منطلق الحق المخول لها في العقد أساساً، وتندمج هذه الاقتراحات في العقد وتأخذ طبيعته القانونية، ولذا لا تندرج في عداد القرارات الإدارية وتعتبر من روابط القانون الخاص.
ومن حيث إن تقرير الطعن يستند إلى أن الحكم المطعون فيه مخالف للقانون وذلك أن القرار المطعون فيه صادر من هيئة عامة ويعد من القرارات الإدارية ومن ثم ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري دون غيره بالنظر في مشروعية هذا القرار، فالقرارات المنفصلة عن العقد يقبل الطعن فيها من المتعاقد والغير متعاقد، وسواء أكان العقد من عقود القانون الخاص أم من العقود الإدارية.
ومن حيث إن القانون رقم 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر نص في المادة 11 منه على أنه (مجلس الإدارة هو السلطة المهيمنة على شئونها..... وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لتحقيق الغرض الذي أنشئت الهيئة من أجله وله على الأخص: (1) ........
(2) اقتراح تعريفة توزيع وبيع الطاقة الكهربائية على الجهود الكهربائية المختلفة للأفراد والهيئات بعد أخذ رأي الجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز تحديد الأسعار ووفقاً للأسس وعناصر التكلفة التي يقرها المجلس الأعلى لقطاع الكهرباء واللجنة الوزارية المختصة ولا تكون هذه التعريفة نافذة إلا بعد اعتمادها من مجلس الوزراء ويبين من الأوراق أن مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر قرر في الجلسة الثامنة لسنة 1976 المعقودة في 11 من ديسمبر سنة 1976 الموافقة على المذكرة رقم 55 بمحاسبة شركات الاستثمار على التيار الكهربائي المورد لها على أساس السعر المدعم أو السعر العالمي وبالجنيه المصري أو بالعملة الأجنبية حسبما إذا كانت شركات الاستثمار ملزمة بالتسعير الجبري من عدمه ومقامة خارج المناطق الحرة أو داخلها. كما أنه بعد صدور قرار السيد نائب رئيس مجلس الوزراء للإنتاج ووزير البترول رقم 42 لسنة 1981 بالقواعد المتعلقة بمحاسبة مشروعات الاستثمار على محسوباتها من المنتجات البترولية على أساس تحريك السعر المحلي (المدعم) تدريجياً بزيادة نسبة مئوية من الفرق بين هذا السعر وبين السعر العالمي.
قرر مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر في الجلسة الرابعة عشر لسنة 1982 المعقودة في 22 من سبتمبر سنة 1982 الموافقة على المذكرة رقم 127 بقواعد محاسبة شركات الاستثمار على استهلاكها من الطاقة الكهربائية تحريكاً للسعر المحلي (المدعم) وبالنظر إلى السعر العالمي للوقود مع شركات التوزيع بسداد فروق دعم الوقود المحصلة من شركات الاستثمار القائمة داخل وخارج المناطق الحرة إلى هيئة كهرباء مصر. وبناء عليه تولت شركات توزيع الكهرباء تحصيل فروق دعم الوقود من شركات الاستثمار وفقاً للقواعد المتقدمة. ومن بين شركات توزيع الكهرباء شركة توزيع كهرباء القاهرة والتي حملت على مصانع الطاعن كمشروع استثماري فروق دعم بلغت كما هو وارد بعريضة الدعوى مبلغ 137181.862 مليمجـ.
ومن حيث إن الطاعن إذ نازع في هذه المطالبة برفعه الدعوى التي صدر فيها الحكم محل الطعن، فإنه لم يرتكن في دعواه إلى ذات عقد توريد الطاقة الكهربائية بصرف النظر عن الطبيعة القانونية للطرف الآخر فيه سواء كان المتعاقد ابتداء أو كان خلفاً له بعدئذ، كما أنه لم يطلب في دعواه مجرد إبراء ذمته مما طولب به، وإنما قدح في مشروعية قرار إلزامه بالسداد وطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذه وفي الموضوع إلغاءه رغبة منه في التخلص من تحميله بفروق الدعم المحسوبة عليه منذ سنة 1979، وهي فروق نجمت عن تطبيق قراري مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر في 11 من ديسمبر 1976 وفي 22 من سبتمبر سنة 1982، الأمر الذي يجعل دعواه وفقاً للتكييف السديد طعناً في هذين القرارين صدوراً عما يستهدفه الطاعن منها ونزولاً على ما ثبت فيها إذ طولب بفروق الدعم منذ 1979 تطبيقاً لهما، وهو تكييف يدرج الدعوى في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة عامة وفي الاختصاص النوعي لمحكمة القضاء الإداري، خاصة كما يحدو بعدئذ إلى بحث شرائط قبول الدعوى من قبل الخوض في شقيها العاجل والموضوعي، ومن ثم فإن الدعوى لا تعد منازعة في عقد توريد الطاقة الكهربائية المبرم مع الطاعن على نحو ما جنح إليه الحكم المطعون فيه، وبالتالي يكون هذا الحكم قد خالف القانون إذ قضى بعدم الاختصاص مما يوجب الحكم بإلغائه، ونظراً لأن الدعوى بحالتها غير مهيأة للفصل فيها بشقيها فإنه لا مناص من إعادتها إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) المختصة بنظرها للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيها مجدداً وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 5436 لسنة 86 ق جلسة 18 / 10 / 2023 مكتب فني 74 ق 103 ص 704

جلسة 18 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، راغب عطية، الحسين صلاح، ود. محمد عصام الترساوي " نواب رئيس المحكمة ".
----------------
(103)
الطعن رقم 5436 لسنة 86 القضائية
(1) قانون "تفسير القانون: قواعد التفسير".
تفسير القانون. النصوص المختلفة في القانون الواحد كأصل عام. ارتباط وتوضيح بعضها البعض. تفسير إحداها. وجوب تقريبه من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالته الحقيقية معها وفي غير معزل عنها.
(3،2) قانون "القوانين الإجرائية: قانون المرافعات: تغليب صحة الإجراءات".
(2) التشريعات الإجرائية. غايتها. الوصول لعدل لا يغرق في الشكليات. مؤداه. الحكم بعدم صحة الإجراء. لازمه. النص عليه صراحة. الاستثناء. أن يشوب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه.
(3) قانون المرافعات. أساس القوانين الإجرائية. قوامه. شمولية ودقة ومرونة نصوصه. مقتضاه. الإتاحة للقاضي تغليب صحة الإجراءات.
(5،4) بطلان "بطلان الإجراءات: تصحيح الإجراء الباطل أمام ذات الدرجة القضائية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: انعقاد الخصومة، انعدام الخصومة فيها: تصحيح شكل الدعوى".
(4) انعقاد الخصومة. شرطه. أن تكون بين الأحياء. تخلف ذلك. أثره. انعدام الخصومة.
(5) اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بصحيفة مستوفية لشرائطها القانونية. تحقيقه مبدأ المواجهة في الخصومة. شرطه. إجراؤه في ذات درجة التقاضي ومراعاة المواعيد المقررة للخصومة الجديدة. علة ذلك.
(7،6) دعوى "إجراءات رفع الدعوى: صحيفة افتتاح الدعوى، صحيفة تصحيح شكل الدعوى: بياناتها". محكمة الموضوع "إلمام المحكمة بمضمون الدعوى".
(6) اشتمال صحيفة الدعوى على البيانات المنصوص عليها وفقًا م 63 مرافعات. غايته. معرفة المدعى عليه بالمطلوب منه وإعداد دفاعه وإلمام المحكمة بمضمون الدعوى ومرماها. علة ذلك.
(7) صحيفة تصحيح شكل الدعوى. قيامها مقام صحيفة افتتاح الدعوى. شرطه. اشتمالها جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد وإعلان الخصم بها في الموعد المحدد أو حضور ذلك الخصم بالجلسة بعد التصحيح. أثره. تحقق اختصامه في الدعوى.
(9،8) بطلان "بطلان الإجراءات: تصحيح الإجراء الباطل أمام ذات الدرجة القضائية". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: الخصوم في الدعوى: انعقاد الخصومة".
(8) تمكين الخصم من توقي الجزاء المترتب على عدم انعقاد الخصومة. من موجبات القاضي قبل إقراره بذلك الجزاء. شرطه. ثبوت أن الخصم لم يتسبب فيه وتمامها في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية. علة ذلك.
(9) إقامة البنك الطاعن دعواه بصحيفة مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع بعد وفاتهم. ثبوت جهله بتلك الوفاة. أثره. للبنك الطاعن الحق في تصحيح شكل الدعوى المبتدئة باختصام ورثتهم. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بانعدام الخصومة بالنسبة لهم وعدم اعتداده بطلب التصحيح. خطأ.
(11،10) إثبات "ندب الخبراء: سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لندب الخبراء". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يعد كذلك". خبرة "ندب الخبير: سلطة محكمة الموضوع في ندب الخبراء".
(10) أسباب الحكم. اعتبارها مشوبة بالفساد في الاستدلال. مناطه. انطواؤها على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه. باستناد المحكمة إلى أدلة غير صالحة موضوعيًا للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية الثابتة لديها أو وقوع تناقض بينها. من حالات التناقض. عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهى إليها الحكم بناء على تلك العناصر.
(11) المسائل الفنية البحتة. وجوب استنفاد المحكمة كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها وأن تبين ذلك في حكمها. علة ذلك.
(12- 16) بنوك "العلاقة بين البنوك وعملائها" "عمليات البنوك: القرض المصرفي". عرف "العرف التجاري". عقد "آثار العقد: أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين". فوائد " فوائد العمليات المصرفية".
(12) العقد شريعة المتعاقدين. مؤداه. التزام عاقديه بما تم الاتفاق عليه. أثره. عدم استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله.
(13) العلاقة بين البنوك وعملائها. خضوعها لمبدأ سلطان الإرادة.
(14) العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه م 227 مدني. مجلس إدارة البنك المركزي المصري. له سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي يقوم بها. م ٧/ د ق ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ المعدل بق 37 لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي.
(15) القروض التي تعقدها البنوك. اعتبارها عملًا تجاريًا ولو اختلفت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص له القرض. مؤداه. خضوعها للقواعد والعادات التجارية. جواز تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة الفوائد لرأس المال.
(16) قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت المديونية المقضي بها والفوائد حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به استنادًا لما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد ملتفتًا عن الدفاع بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق والثابت به المديونية الختامية محل المطالبة وإغفاله ندب خبير مصرفي لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها. خطأ ومخالفة للقانون.
(18،17) محاكم اقتصادية "الطعن بالنقض في الطعون الاقتصادية". نقض "تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى" "دور محكمة النقض في الطعون الاقتصادية".
(17) تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى الاقتصادية. فقرة أخيرة من م 12 ق 120 لسنة 2008. شرطه. سبق تصدي الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية للموضوع. قصر قضاء المحكمة الاقتصادية على إجراءات رفع الدعوى أو دفع شكلي دون الموضوع. أثره. عدم جواز تصدي محكمة النقض للموضوع. علة ذلك.
(18) إقامة البنك الطاعن دعواه قبل مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع الثابت وفاتهم قبل رفعها وعدم الفصل موضوعيًا في شأنهم. لازمه. وجوب إحالة الدعوى للمحكمة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها دون تصدي محكمة النقض. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المسلم به في قواعد تفسير القانون أن النصوص المختلفة في القانون الواحد – كأصلٍ عام – مرتبطة بعضها ببعض وتوضح بعضها بعضًا فينبغي في تفسير أحداها تقريب هذا النص من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالة النص الحقيقية وتحديد نطاقه بما يتفق مع سائر النصوص وفي غير معزل عنها.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه، فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية، إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات- باعتبار أن الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد إطار يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فحرص المشرع على ألا يحكم بعدم صحة الإجراء – إلا إذا نص صراحة عليه فلا تكفي العبارة الناهية أو النافية، فإذا لم يوجد مثل هذا النص الصريح فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه.
3- المقـرر- في قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض – أن قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
4- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء، فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة.
5- المقـرر- في قضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض - أنه تيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها.
6- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن الغاية من البيانات التي أوجب المشرع في المادة 63 من قانون المرافعات أن تشتمل عليها صحيفة الدعوى، هي أن تتاح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه، تمكنه من إعداد دفاعه فضلًا عن تمكين المحكمة من أن تلم بمضمون الدعوى ومرماها، وذلك تنظيمًا للتقاضي من ناحية، وتوفيرًا لحق الدفاع من ناحية أخرى.
7- صحيفة تصحيح شكل الدعوى التي تشتمل على بيانات صحيفة افتتاح الدعوى تقوم مقام تلك الصحيفة في الغاية المبتغاة منها، إذا ما ثبت أنها اشتملت على جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد الواردة بها، فإن صحيفة التصحيح على هذا النحو تقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، وإذ أُعلن الخصم بها في الموعد المحدد – أو حضر بالجلسة بعـد التصحيح- فإن الغاية من الإجراء- اختصامه في الدعوى- تكون قد تحققت.
8- يتعين على القاضي قبل إقرار عدم صحة الإجراءات المترتبة على عدم انعقاد الخصومة طبقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات - المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - أن يمكن الخصم من توقي هذا الجزاء بالغ الأثر طالما لم يثبت لديه أنه كان سببًا فيه، ومتى تمت في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية، ذلك أن دلالة هذا النص يجب أن لا تكون في معزل عن نص المادة 63 من ذات القانون تحقيقًا لأهداف وغايات المشرع سالفة البيان وخاصة إن كان مؤدى ذلك هو تقطيع أوصال الدعوى الواحدة أو التي يجمعها سبب قانوني واحد أو مرتبط أمام أكثر من محكمة، وهي الغاية الأسمى التي حرص المشرع على تجنبها لمنع تضارب الأحكام أو تعارضها.
9- إذ كان البين من الأوراق أن البنك الطاعن أقام دعواه مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم بعد أن أثبت المحضر القائم بالإعلان برفضهم جميعًا استلام صحيفة الدعوى، وتم إعلانهم جميعًا في مواجهة النيابة - وخلت الأوراق مما يدل على ثبوت العلم بالوفاة قبل رفع الدعوى– وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل المطعون ضدهما الأول والثامن وقررا بوفاة كل من مورث المطعون ضده الثاني في تاريخ 15/9/2008 والمطعون ضده الثالث في 25/10/2009 والمطعون ضده السابع في 24/2/2013 وذلك قبل رفع الدعوى الحاصل في 7/9/2015، وطلب أجلًا لتصحيح شكل الدعوى واختصام ورثتهم لجهله بتلك الوفاة - والتي خلت أوراق المحضرين من ثبوتها - وقد حجزت المحكمة الدعوى للحكم ملتفتة عن طلب تصحيح ذلك الإجراء إلى أن قضت بحكمها المتقدم بانعدام الخصومة بالنسبة لسالفي الذكر والقضاء بالدين المطالب به بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وكان البين من جماع ما تقدم فقد تحقق ثبوت جهل البنك الطاعن بتلك الوفاة قبل رفع الدعوى لاسيما بعد ما وردت إجابة قلم المحضرين حال الإعلان بصحيفة الدعوى المبتدئة برفضهم للاستلام وإعلانهم في مواجهة النيابة والذي يعد عذرًا يبيح له جواز تصحيح ذلك الإجراء المعيب باختصام سالفي الذكر أمام ذات المحكمة، بموجب صحيفة تصحيح لشكل الخصومة- تقوم مقام صحيفة الدعوى المبتدئة في الغاية المبتغاة- تستوفى فيها كافة الشرائط القانونية نحو إيداعها قلم الكتاب وسداد الرسم المستحق عليها واختصام الورثة بأسمائهم وصفاتهم ومحال إقاماتهم ومواطنهم وتوجيه الطلبات إليهم، والتي تنتج تلك الصحيفة آثارها من تاريخ انعقاد الخصومة الجديدة إيداعًا وإعلانًا، ويراعى فيها المواعيد المقررة قانونًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع ولم يعتد بطلب البنك بتصحيح شكل الخصومة واختصامه ورثة سالفي الذكر، فإنه يكون معيبًا (بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب).
10- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
11- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كانت المسألة المتنازع فيها من المسائل الفنية البحتة التي يتعذر على المحكمة أن تشق طريقها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فإن ذلك يوجب عليها أن تستنفد كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير متخصص أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها، وأن تبين ذلك في حكمها حتى يطمئن المطلع عليه إلى أنها أحاطت بالحالة الفنية المطروحة عليها ووقفت على كنهها وتعرفت على حقيقتها قبل إبداء الرأي فيها، وأنها بذلت في هذا السبيل كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ذلك.
12- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن العقد شريعة المتعاقدين، ويلتزم عاقداه بما يتم الاتفاق عليه فيه دون استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله.
13- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة.
14- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني – في غير عمليات البنوك - زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره ٧٪ ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن المشرع في المادة ٧(د) من القانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المعدلة بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبق على العقود سند دعوى البنك - منح مجلس إدارة البنك المركزي المصري سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها، وذلك بما نص عليه من أنه للمجلس في سبيل تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وطبقًا للسياسة العامة للدولة اتخاذ الوسائل الآتية: "(د) تحديد أسعار الخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقًا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر، وللمجلس تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها."، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه في المادة ٢٢٧ من القانون المدني.
15- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أن القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها التجاري المعتاد تعتبر عملًا تجاريًا مهما كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص من أجله القرض، وتبعًا لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال.
16- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى ثبوت المديونية المقضي بها والفوائد عليها حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به - بالمخالفة للقانون وتعليمات البنك المركزي - استنادًا إلى ما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد سالفي الذكر فقط ملتفتًا عما قدم من دفاع جوهري بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق وثابت بها المديونية الختامية المطالب بها، والذي لم يتعرض إليه إيرادًا أو ردًا للوصول إلى حقيقة المديونية ولم تعمل المحكمة سلطتها في ندب خبير مصرفي في الدعوى لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها مثار نعي البنك الطاعن، فإنه يكون معيبًا ( بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه).
17- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه " .... واستثناءً من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة ."، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة، ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة 269 من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع حتى ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع، وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة تكون قد اختزلت إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم وهو أمر لا يجوز لأنه يعد مخالفًا تمامًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية.
18- إذ كان موضوع الطعن الراهن ثابت أنه مقام من البنك الطاعن قبل المطعون ضدهم جميعًا ومنهم المدين الأصلي والكفلاء المتضامنين - ومنهم مورثو المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع سالفي البيان والتي لم تقل كلمتها بشأنهم، ولا يجوز اختصامهم لأول مرة أمام هذه المحكمة - وهو ما يستلزم معه بحث المديونية وكافة العقود المتعلقة بها وخاصة عقد التسوية المتعلق بها أمام محكمة واحدة – ومن ثم تقضي المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها، دون إخلال بقواعد العدالة وألا يضار الطاعن بطعنه بالمبلغ المقضي به سلفًا لصالحه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع وشكل الطعن سبق وأن أحاطت بهما المحكمة في الحكم الصادر بجلسة 3/5/2023 إلا أن المحكمة توجزه بالقدر اللازم لحمل منطوق هذا الحكم والتي تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن البنك الطاعن أقام على مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم .... لسنة 7 ق القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأداء مبلغ 14,695,801 (أربعة عشر مليونًا وستمائة وخمسة وتسعين ألفًا وثمانمائة وجنيه واحد)، ومبلغ 24,697,739,98 ( أربعة وعشرين مليونًا وستمائة وسبعة وتسعين ألفًا وسبعمائة وتسعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وتسعين قرشًا) حتى 30/8/2015 بخلاف ما يستجد من عائد مركب بواقع 12,25% سنويًا وعمولة 01,5% تحتسب على الحد الأعلى للرصيد المدين خلال كل شهر حتى تمام السداد والمصاريف وعائد تأخير بواقع 14,25% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى حصلت بموجب عقدي اعتماد بحساب جارٍ من البنك الطاعن على مبلغ أربعة ملايين جنيه بضمان باقي المطعون ضدهم، والتي نشأت عنها المديونية المطالب بها، وبتاريخ 9/2/2016 قضت المحكمة أولًا:- بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع. ثانيًا:- بإلزام باقي المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ 3,083,240,11 (ثلاثة ملايين جنيه وثلاثة وثمانين ألفًا ومائتين وأربعين جنيهًا وأحد عشر قرشًا) سنويًا من تاريخ 13/10/2015 وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على الدائرة التجارية والاقتصادية بالمحكمة - في غرفة مشورة - ورأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها، وقد ارتأت الدائرة إحالة الطعن على الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية للعدول عن الاتجاه الذي ذهبت به بعض الدوائر في أحكامها إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة أو إدخال ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى لأن الخصومة ولدت منعدمة، والأخذ بالمبدأ الذي ذهبت به بعض دوائر المحكمة إلى جواز اختصام ورثة المتوفى - الذي ثبت وفاته قبل رفع الدعوى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي، ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. وقد قررت الهيئة بتاريخ 30/5/2023 بإقرار الاتجاه الأخير وإحالة الطعن إلى ذات الدائرة المحيلة وقد حددت المحكمة جلسة اليوم لنظر الطعن وبها التزمت النيابة رأيها بمذكرتها الأخيرة المقدمة للهيئة العامة.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان الوجه الأول من السبب الأول يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بانعدام الخصومة في الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع بناء على الدفع المُبدى من المطعون ضدهما الأول والثامن اللذين ليس لهما الحق في إبدائه لأن هذا الدفع شرع لمصلحة خلفاء المتوفين دون غيرهم، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد؛ ذلك لما كان من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن المسلم به في قواعد تفسير القانون أن النصوص المختلفة في القانون الواحد – كأصلٍ عام – مرتبطة بعضها ببعض وتوضح بعضها بعضًا فينبغي في تفسير إحداها تقريب هذا النص من سائر النصوص الأخرى لإمكان استخلاص دلالة النص الحقيقية وتحديد نطاقه بما يتفق مع سائر النصوص وفي غير معزل عنها؛ ولما كانت التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه، فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية، إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات - باعتبار أن الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد إطار يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فحرص المشرع على ألا يحكم بعدم صحة الإجراء – إلا إذا نص صراحة عليه فلا تكفي العبارة الناهية أو النافية، فإذا لم يوجد مثل هذا النص الصريح فلا يحكم به إلا إذا شاب الإجراء عيب لم تتحقق بسببه الغاية منه- وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير، ولما كان من المقرر- أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء - فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة، إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها، وكان من المقرر- أنه لما كانت الغاية من البيانات التي أوجب المشرع في المادة 63 من قانون المرافعات أن تشتمل عليها صحيفة الدعوى، هي أن تتاح الفرصة للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه تمكنه من إعداد دفاعه فضلًا عن تمكين المحكمة من أن تلم بمضمون الدعوى ومرماها، وذلك تنظيمًا للتقاضي من ناحية، وتوفيرًا لحق الدفاع من ناحية أخرى، فإن صحيفة تصحيح شكل الدعوى التي تشتمل على بيانات صحيفة افتتاح الدعوى تقوم مقام تلك الصحيفة في الغاية المبتغاة منها، إذا ما ثبت أنها اشتملت على جميع بيانات صحيفة افتتاح الدعوى وبذات الطلبات والأسانيد الواردة بها، فإن صحيفة التصحيح على هذا النحو تقوم مقام صحيفة افتتاح الدعوى، وإذ أُعلن الخصم بها في الموعد المحدد – أو حضر بالجلسة بعد التصحيح - فإن الغاية من الإجراء - اختصامه في الدعوى - تكون قد تحققت، لذا فإنه يتعين على القاضي قبل إقرار عدم صحة الإجراءات المترتبة على عدم انعقاد الخصومة طبقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة 68 من قانون المرافعات - المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 - أن يمكن الخصم من توقي هذا الجزاء بالغ الأثر طالما لم يثبت لديه أنه كان سببًا فيه، ومتى تمت في توقيتها الصحيح أمام ذات الدرجة القضائية، ذلك أن دلالة هذا النص يجب أن لا تكون في معزل عن النصوص سالفة البيان تحقيقًا لأهداف وغايات المشرع سالفة البيان وخاصة إن كان مؤدى ذلك هو تقطيع أوصال الدعوى الواحدة أو التي يجمعها سبب قانوني واحد أو مرتبط أمام أكثر من محكمة، وهي الغاية الأسمى التي حرص المشرع على تجنبها لمنع تضارب الأحكام أو تعارضها؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن البنك الطاعن أقام دعواه مختصمًا فيها مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم بعد أن أثبت المحضر القائم بالإعلان برفضهم جميعًا استلام صحيفة الدعوى، وتم إعلانهم جميعًا في مواجهة النيابة - وخلت الأوراق مما يدل على ثبوت العلم بالوفاة قبل رفع الدعوى– وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل المطعون ضدهما الأول والثامن وقررا بوفاة كل من مورث المطعون ضده الثاني في تاريخ 15/9/2008 والمطعون ضده الثالث في 25/10/2009 والمطعون ضده السابع في 24/2/2013 وذلك قبل رفع الدعوى الحاصل في 7/9/2015، وطلب أجلًا لتصحيح شكل الدعوى واختصام ورثتهم لجهله بتلك الوفاة - والتي خلت أوراق المحضرين من ثبوتها - وقد حجزت المحكمة الدعوى للحكم ملتفتة عن طلب تصحيح ذلك الإجراء إلى أن قضت بحكمها المتقدم بانعدام الخصومة بالنسبة لسالفي الذكر والقضاء بالدين المطالب به بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، وكان البين من جماع ما تقدم فقد تحقق ثبوت جهل البنك الطاعن بتلك الوفاة قبل رفع الدعوى لاسيما بعد ما وردت إجابة قلم المحضرين حال الإعلان بصحيفة الدعوى المبتدئة برفضهم للاستلام وإعلانهم في مواجهة النيابة والذي يعد عذرًا يبيح له جواز تصحيح ذلك الإجراء المعيب باختصام سالفي الذكر أمام ذات المحكمة، بموجب صحيفة تصحيح لشكل الخصومة - تقوم مقام صحيفة الدعوى المبتدئة في الغاية المبتغاة - تستوفى فيها كافة الشرائط القانونية نحو إيداعها قلم الكتاب وسداد الرسم المستحق عليها واختصام الورثة بأسمائهم وصفاتهم ومحال إقامتهم ومواطنهم وتوجيه الطلبات إليهم، والتي تنتج تلك الصحيفة آثارها من تاريخ انعقاد الخصومة الجديدة إيداعًا وإعلانًا ويراعى فيها المواعيد المقررة قانونًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الدعوى بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع ولم يعتد بطلب البنك بتصحيح شكل الخصومة واختصامه ورثة سالفي الذكر، فإنه يكون معيبًا.
وكان حاصل ما ينعاه بالوجه الثاني والثالث والشق الثاني من الوجه الرابع والخامس والسادس من السبب الأول والسبب الثاني والثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لمسائل حسابية مصرفية منتهيًا إلى قضائه في الدعوى مستندًا لما ورد بكشفي الحسابين المقدمين من البنك الطاعن والذي أفرغ فيهما المديونية المتحققة بعقدي الاعتماد سندا الدعوى والمنتهيين في 20/10/1999 وكانت المديونية بالكشف الأول بلغت مبلغ 53‚034‚928‚4 مليون جنيه، والثاني بقيمة بلغت 5,419,275,35 مليون جنيه، وتم إجراء مقاصة بين المبلغين مع ما تم سداده بقيمة مبلغ 2,336,35,24 مليون جنيه بعد انتهاء المدة لتصبح المبلغ المقضي به وفائدة بواقع 14,25% سنويًا من تاريخ 13/10/2015 حتى تمام السداد – بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به -، ملتفتًا عما جاء بعقد التسوية المقدم أمام المحكمة بجلسة 12/11/2015 والثابت فيه الإقرار بالمديونية المطالب بها ولم يعن لهذا المستند إيرادًا أو ردًا مما يترتب عليه المغايرة في حساب المديونية والعائد والعمولات والمصاريف المقرر لها رغم جوهريته، فإنه يكون معيبًا.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن المقرر– في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بفساد الاستدلال إذ انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها، كما أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كانت المسألة المتنازع فيها من المسائل الفنية البحتة التي يتعذر على المحكمة أن تشق طريقها بنفسها لإبداء الرأي فيها، فإن ذلك يوجب عليها أن تستنفد كل ما لها من سلطة تحقيق لاستجلائها سواء بندب خبير متخصص أو أي إجراء آخر يعينها في تحقيقها، وأن تبين ذلك في حكمها حتى يطمئن المطلع عليه إلى أنها أحاطت بالحالة الفنية المطروحة عليها ووقفت على كنهها وتعرفت على حقيقتها قبل إبداء الرأي فيها وأنها بذلت في هذا السبيل كل الوسائل التي من شأنها أن توصلها إلى ذلك، وكان من المقرر أيضًا - في قضاء هذه المحكمة - أن العقد شريعة المتعاقدين ويلتزم عاقداه بما يتم الاتفاق عليه فيه دون استقلال أي من طرفيه بنقضه أو تعديله، وأن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة، وأنه ولئن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه، وأن المشرع قد حرم بنص المادة ٢٢٧ من القانون المدني – في غير عمليات البنوك - زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره ٧٪ ونص على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن المشرع في المادة ٧(د) من القانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ بشأن البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي المعدلة بالقانون رقم ٣٧ لسنة ١٩٩٢ بشأن تعديل بعض أحكام قانون البنوك والائتمان وقانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي - المنطبق على العقود سند دعوى البنك- منح مجلس إدارة البنك المركزي المصري سلطة تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها، وذلك بما نص عليه من أنه للمجلس في سبيل تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وطبقًا للسياسة العامة للدولة اتخاذ الوسائل الآتية: "(د) تحديد أسعار الخصم ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقًا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر، وللمجلس تخويل البنوك حرية تحديد معدلات العائد على العمليات المصرفية التي تقوم بها."، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه في المادة ٢٢٧ من القانون المدني، وكان من المقرر- أن القروض التي تعقدها البنوك في نطاق نشاطها التجاري المعتاد تعتبر عملًا تجاريًا مهما كانت صفة المقترض وأيًا كان الغرض الذي خصص من أجله القرض، وتبعًا لذلك تخضع للقواعد والعادات التجارية التي تبيح تقاضي فوائد على متجمد الفوائد ومجاوزة مجموع الفوائد لرأس المال؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى ثبوت المديونية المقضي بها والفوائد عليها حتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به - بالمخالفة للقانون وتعليمات البنك المركزي- استنادًا إلى ما ورد بكشفي الحساب المعولين على عقدي الاعتماد سالفي الذكر فقط ملتفتًا عما قدم من دفاع جوهري بشأن عقد التسوية النهائية المقدم بالأوراق وثابت بها المديونية الختامية المطالب بها والذي لم يتعرض إليه إيرادًا أو ردًا للوصول إلى حقيقة المديونية ولم تعمل المحكمة سلطتها في ندب خبير مصرفي في الدعوى لبحث المسائل الفنية المصرفية المتنازع بشأنها مثار نعي البنك الطاعن، فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.
وحيث إن حاصل ما ينعاه بالشق الأول من الوجه الرابع من السبب الأول بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه إذ قضى باحتساب الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية وليس من تاريخ الاستحقاق، فذلك مردود بأن الثابت من الأوراق أن البنك الطاعن طالب العائد عن المديونية من تاريخ المطالبة وليس من تاريخ الاستحقاق بما يضحى ما ينعاه في هذا الشأن غير صحيح.
وحيث إنه لما كان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه " ... واستثناءً من أحكام المادة (39) من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وأحكام الفقرة الثانية من المادة (269) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، إذا قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه حكمت في موضوع الدعوى ولو كان الطعن لأول مرة." وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع استهدف من إعداده سرعة إجراءات التقاضي بالنسبة للمنازعات الخاصة بالمجال الاقتصادي تشجيعًا للاستثمار العربي والأجنبي بمصر ولاستقرار المبادئ القانونية التي تحكم الحقل الاستثماري واستعان لتحقيق هذا الغرض بآليات متعددة، ومنها أنه أخرج من الأصل العام الوارد في المادة 269 من قانون المرافعات بشأن تصدي محكمة النقض لموضوع الدعوى إذا ما قضت بنقض الحكم المطعون فيه بأن أوجبت على محكمة النقض التصدي لهذا النزاع حتى ولو كان الطعن لأول مرة، إلا أنه في المقابل وقد أوجب على محكمة النقض القيام بهذا الإجراء أن تكون المحكمة الاقتصادية الاستئنافية قد تصدت لموضوع النزاع، وقالت كلمتها بشأنه، أما إذا كان قضاء هذه المحكمة لم يتجاوز حد الفصل في أحد إجراءات رفع الدعوى، فإنها لا تكون قد أدلت بقولها في الموضوع وبالتالي فإن تصدي محكمة النقض للموضوع في هذه الحالة يكون قد اختزل إجراءات التقاضي في مرحلة تصدي محكمة النقض للدعوى بعد أن قضت بنقض الحكم وهو أمر لا يجوز لأنه يعد مخالفًا تمامًا لتحقيق العدالة والتي لا يتعين إهدارها في سبيل سرعة الفصل في الأنزعة الاقتصادية؛ وكان موضوع الطعن الراهن ثابت أنه مقام من البنك الطاعن قبل المطعون ضدهم جميعًا ومنهم المدين الأصلي والكفلاء المتضامنون - ومنهم مورثو المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع سالفو البيان والتي لم تقل كلمتها بشأنهم، ولا يجوز اختصامهم لأول مرة أمام هذه المحكمة - وهو ما يستلزم معه بحث المديونية وكافة العقود المتعلقة بها وخاصة عقد التسوية المتعلق بها أمام محكمة واحدة – ومن ثم تقضي المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية للفصل في موضوعها، دون إخلال بقواعد العدالة وألا يضار الطاعن بطعنه بالمبلغ المقضي به سلفًا لصالحه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس، 2 أكتوبر 2025

مجلة الرسالة/العدد 479

بتاريخ: 07 - 09 - 1942

مجلة الرسالة/العدد 480

بتاريخ: 14 - 09 - 1942

مجلة الرسالة/العدد 730

بتاريخ: 30 - 06 - 1947