جلسة 4 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / مدحت دغيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، الأسمر نظير ، خالد جاد وجلال شاهين نواب رئيس المحكمة
-----------------
(87)
الطعن رقم 17286 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
مثال .
(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إليها . ما دامت قد أخذت بما جاء بها . علة ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . متى اطمأنت إليه . إغفالها بعض التفصيلات . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) آثار . ضرر . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق الأثر في جريمة إتلافه عمداً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(5) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تعويل الحكم على شهادة رئيس اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار باعتبارها دليلاً . النعي بشأن أقوال باقي أعضائها . غير مقبول .
مثال .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشهود في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) آثار . دفوع " الدفع بانتفاء أركان الجريمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة والصلة بالمطرقة المضبوطة . موضوعي . لا يستأهل رداً . التفات الحكم عنه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
إثارة الدفع بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(8) قانون " تفسيره " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .
المادة 124 إجراءات جنائية . مفادها ؟
نعي الطاعن ببطلان التحقيقات لعدم حضور محام معه أثناء استجوابه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في يوم .... وقت الغروب حمل المتهم .... أداة ( مطرقة ) وتسلل بها إلى صحن ميدان .... بجوار .... وتسلق أحد الأكباش الأثرية على شكل تمثال بهيئة أبو الهول وامتطاه ووالى الطرق عليه عمداً بالمطرقة حوزته حتى أتلف جزءً من مقدمة رأسه بأسفل الأنف عبارة عن نقر وحفر وتجاويف ، وألقى الأمن القبض عليه متلبساً ، وقد أكدت تحريات الشرطة صحة الواقعة وتعمد المتهم إتلاف الأثر ، وأقر المتهم بالتحقيقات ما نسب إليه ، وأفادت اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار بأن التمثال أثري ويخضع لقانون حماية الآثار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ، ومن إقرار المتهم بالتحقيقات ، وحصل الحكم مضمونها ومؤداها على نحو كاف وواف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى– كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على التمثال لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها .
3- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن في إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به .
4- لما كان لا يعيب الحكم عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق بالأثر – بفرض حصوله – لأن الضرر ليس ركناً من أركان الجريمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
5- لما كان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه من أن أعضاء اللجنة – بخلاف رئيسها – قد قرروا بعدم وجود تلفيات بالأثر محل الجريمة مردود بأن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد / .... مدير إدارة الأحراز والمضبوطات بوزارة السياحة والآثار – رئيس اللجنة – قد شهد بأنه بمعاينة الأثر تلاحظ له وجود كسر ضعيف به تحت الأنف وهو ما عولت عليه المحكمة باعتباره دليلاً يقوم إلى جانب بقية أدلة الثبوت ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين أوجه عدم قانونية اللجنة المشكلة وفقاً لقانون حماية الآثار ، وكذا أوجه التناقض في أقوال أعضائها وإنما جاء قوله مرسلاً ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال أعضاء اللجنة بما لا تناقض فيه مفصحاً عن اطمئنانها إليها ، واستخلص منها ومن سائر الأدلة التي ساقها الصورة الصحيحة التي استقرت لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن عدم قبوله ينحل إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في هذا الشأن أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالمطرقة المضبوطة من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل – أصلاً – من المحكمة رداً صريحاً ، ولا عليها من بعد إن هي التفتت عن أوجه دفاعه المار ذكرها ، لما هو مقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع بمحضر جلسة المحاكمة بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال محل التعدي ، ومن ثم فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس ، وإذ كان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة حسبما حصلها الحكم في مدوناته ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاءً على مخالفة هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
9- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به واطرحته لأسباب سائغة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يضحى غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- أتلف عمداً أثراً ( أحد التماثيل الموضوعة بميدان .... ) بأن اعتلى ذلك الأثر وانهال عليه طرقاً مستخدماً في ذلك الأداة محل الاتهام التالي ( مطرقة ) فأحدث به التلفيات الثابتة بتقرير لجنة الفحص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز أداة ( مطرقة ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ٤۰ ، ٤٢ / فقرة ٣ بند (1) من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة ۲۰۱۰ ، ۹۱ لسنة ۲۰۱۸ والمواد 1/١ ، ٢٥ مكرراً/۱ ، 30 /1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸١ ، 5 لسنة ۲۰۱۹ والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) المرفق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ /۲ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ خمسمائة ألف جنيه وبمصادرة الأداة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إتلاف أثراً عمداً وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( مطرقة ) دون مسوغ مهني أو حرفي ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه جاءت في صيغة عامة معماة ، وخلا من بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على الأثر ، وعول الحكم في قضائه على أقوال اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار رغم إقرار الشاهد الخامس – أحد أعضائها - بجلسة المحاكمة بعدم جود ضرر لحق بالأثر ، فضلاً عما قرره بقية أعضائها بعدم وجود ثمة تلفيات لحقت به ، ملتفتاً عن دفعه بعدم قانونية تلك اللجنة وبتناقض أقوال أعضائها ، والتفت الحكم عن دفاعه القائم على انتفاء ركني الجريمة المادي فيها والمعنوي المتمثل في عدم علم الطاعن بأثرية التمثال وانتفاء صلته بالمطرقة المضبوطة ، وبطلان التحقيقات لعدم حضور محام معه أثناء استجوابه بالنيابة العامة ، وأخيراً لم تلم المحكمة بدفاع الطاعن إلماماً كافياً ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في يوم .... وقت الغروب حمل المتهم .... أداة ( مطرقة ) وتسلل بها إلى صحن ميدان .... بجوار .... وتسلق أحد الأكباش الأثرية على شكل تمثال بهيئة أبو الهول وامتطاه ووالى الطرق عليه عمداً بالمطرقة حوزته حتى أتلف جزءً من مقدمة رأسه بأسفل الأنف عبارة عن نقر وحفر وتجاويف ، وألقى الأمن القبض عليه متلبساً ، وقد أكدت تحريات الشرطة صحة الواقعة وتعمد المتهم إتلاف الأثر ، وأقر المتهم بالتحقيقات ما نسب إليه ، وأفادت اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار بأن التمثال أثري ويخضع لقانون حماية الآثار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ، ومن إقرار المتهم بالتحقيقات ، وحصل الحكم مضمونها ومؤداها على نحو كاف وواف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى– كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على التمثال لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن في إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق بالأثر – بفرض حصوله – لأن الضرر ليس ركناً من أركان الجريمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه من أن أعضاء اللجنة – بخلاف رئيسها – قد قرروا بعدم وجود تلفيات بالأثر محل الجريمة مردود بأن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد / .... مدير إدارة الأحراز والمضبوطات بوزارة السياحة والآثار – رئيس اللجنة – قد شهد بأنه بمعاينة الأثر تلاحظ له وجود كسر ضعيف به تحت الأنف وهو ما عولت عليه المحكمة باعتباره دليلاً يقوم إلى جانب بقية أدلة الثبوت ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين أوجه عدم قانونية اللجنة المشكلة وفقاً لقانون حماية الآثار ، وكذا أوجه التناقض في أقوال أعضائها وإنما جاء قوله مرسلاً ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال أعضاء اللجنة بما لا تناقض فيه مفصحاً عن اطمئنانها إليها ، واستخلص منها ومن سائر الأدلة التي ساقها الصورة الصحيحة التي استقرت لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن عدم قبوله ينحل إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في هذا الشأن أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالمطرقة المضبوطة من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل – أصلاً – من المحكمة رداً صريحاً ولا عليها من بعد إن هي التفتت عن أوجه دفاعه المار ذكرها ، لما هو مقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع بمحضر جلسة المحاكمة بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال محل التعدي ، ومن ثم فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على النحو المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس ، وإذ كان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة حسبما حصلها الحكم في مدوناته ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاءً على مخالفة هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به واطرحته لأسباب سائغة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يضحى غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ