الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الخميس، 2 أكتوبر 2025

مجلة الرسالة/العدد 731/لماذا ينتحر الناس - أحمد موسى

بتاريخ: 07 - 07 - 1947

بحث نفسي اجتماعي

للدكتور أحمد موسى

لم يكن الانتحار معروفاً في مصر قبل ربع قرن! وكان الناس على الأرجح أكثر قناعة واحتمالا وأرحب صدراً لمقابلة آلام الحياة وأقل تبرماً بها! أما اليوم ولاسيما خلال العشر السنوات الأخيرة فقد بدت ظاهرة مخيفة، هي إقدام الكثيرين على الانتحار سواء في ذلك الشبان والشابات والنساء والرجال دون فرق ظاهر بين متعلم وجاهل وبين فقير وغني وبين صحيح ومريض وبين متزوج وأعزب.

ولبيان خطورة هذا المسلك ودراسة الدوافع إليه والنتائج المترتبة عليه يجدر بنا أن نلقي نظرة بسيطة على الإحصاء الدقيق المعمول في أمريكا وأوربا.

وخير ما يمكن أن يدرس هو الإحصاء الذي سجله الدكتور فردريك هوفمان أحد مديري شركات التأمين الكبرى في نيويورك، وهو بحكم دراسته ووظيفته ومدة اشتغاله بالإحصاء أكثر من ثلاثين عاماً يعد من الثقاة في هذا الموضوع. يقول هوفمان إن عدد المنتحرين بلغ في سنة 1935 سبعة آلاف، ويقرر بعد عمل المقارنة أن هذا العدد الهائل يعادل ما حصل في بحر عشر سنوات من سنة 1889 إلى سنة 1898، وهذا دليل على أن ترمومتر الانتحار آخذ في الارتفاع.

ومع الاعتراف بفضل تقدم الوسائل الاقتصادية وتأمين العمال ومساعدة العاطلين مالياً وإيجاد سبل العمل لأكبر عدد منهموالتقدم العمراني العام وانتشار التعليم إلى جانب انتشار وسائل التلهية والتسلية؛ فإن هذا كله لم يكن ليمنع ازدياد الانتحار بين الناس على غير ما كان منتظراً ومأمولا.

هذا ما وقع في أمريكا ولكنه قد لا ينطبق تمام الانطباق على ما يحدث في أوربا، وقد يخالف ما يحصل في الشرق على وجه الخصوص.

والشيء الذي تجب ملاحظته هو أن الانتحار يكثر عادة في البلاد المتمدينة عنه في البلاد المتأخرة، وفي العواصم والمدن الكبرى عنه في البلدان الصغيرة والقرى، أي أن حوادث الانتحار ترتبط ارتباطاً وثيقاً بانتشار المدينة؛ ولذلك فلا غرابة إذا وجدنا أن الانتحار غ معروف عند السود في جنوب الولايات المتحدة وفي أواسط أفريقيا. والسبب في ذلك أن مطالب الحياة في البلاد المتمدنة أكثر تنوعاً وأشد إلحاحاً منها في البلاد البعيدة النائية حيث الحياة بسيطة أقرب إلى الفطرة.

وسكان جنوب الولايات المتحدة وإن كان معظمهم من الزراع وعمال مصانع النسيج الفقراء فإنهم يعيشون في أمان من الانتحار إذ لم تزد نسبة المنتحرين عندهم عن اثنين في كل مائة ألف من السكان، على حين قد ثبت أن هذا العدد بلغ ثمانية في كل مائة ألف في الأماكن المجاورة حيث توجد المدنية!

والإحصاء العام يدل في غير شك على أن معظم المنتحرين كانوا من بقاع النصف الشمالي للكرة الأرضية بنصفيها الغربي والشرقي حيث سارت المدينة بخطى أوسع وبسرعة أكبر، وحيث العوامل الجوية دائمة الانقلاب والتغير والتباين، وهو نفس الجو الباعث على النشاط والعمل والإنتاج، فكأن الشعوب التي نالت القسط الأوفى من التعليم والثقافة والتي لديها الأسس الاقتصادية، امتازت أيضاً بزيادة عدد المنتحرين فيها.

وثبت من الإحصاء أن انتحار النساء يكون على أشده بين سن 15 و14 والرجال بين سن 25 و60. إلا أن عدد المنتحرات كان دائماً أقل من عدد المنتحرين، لأن المرأة بطبيعتها المولودة معها أكثر جلداً وصبراً واحتمالا لآلام الحياة، وهي كأم أقل تبرماً بالقدر وأكثر تضحية بنفسها لأولادها، فضلا عن أن مسئوليتها في الحياة أقل نسبياً من مسئولية الرجل المولودة للكفاح والقوامة على المرأة، وليس في مكنته التحرر من واجبات الزوجية أو إهمالها، كما أن واجباته الأولى مساعدتها على البقاء وتأدية رسالتها التي خلقت من أجلها وهي الأمومة، ولذلك فعندما تصادف المرأة من مرارة العيش قدراً مساوياً لما يصادفه الرجل كالآلام النفسانية أو الجسمانية أو الصدمات الحيوية العنيفة؛ فإنها لا تفكر في الانتحار أو على الأقل لا تمثل إليه بمقدار قوة ميل الرجل، لأنها أمهر منه في إيجاد نوع من السلوى وأكثر رضوخاً للتعاليم الدينية وأميل للانحياز نحو الآمال التي قد تتحقق حيناً وتخيب أحياناً.

نعم إن هناك مشكلة التقدير لهذه المتاعب، فقد يصيب المرأة ما يصيب الرجل، وكلاهما يختلف عن الآخر في التقدير.

ويمكن التأكد من صحة هذه المعالجة بالنظر إلى عدد المنتحرين في مصر عام 1927 مثلا، فقد بلغ مائة وستة أشخاص بيانها:

السن

من - إلى

ذكور

إناث

1019

10

14

2039

40

11

4059

14

6

60فما فوق

4

5

يضاف إلى ذلك اثنان انتحرا في سن أقل من العاشرة.

ومن هذا البيان يتضح أن المرأة أقدمت على الانتحار بنسبة أكثر في وقت كانت فيه أبعد عن الرزانة وأقرب إلى الآمال، على حيث أقدم الرجل بكثرة عندما شعر بالمسئولية. وكذلك يلاحظ أن عدد المنتحرين قل إجمالا بعد سن الأربعين وتساوى مع الرجل بعد سن الستين. وهذا يؤيد أيضاً أن المرأة أقل اندفاعاً نحو الانتحار من الرجل، وذلك بالنظر إلى مجموع الرجال ومجموع النساء ولا يختلف هذا عن نتائج الإحصاء في أمريكا وأوربا.

وقد كثرت حوادث الانتحار في العهد الأخير بين المتعلمين في القارتين الأمريكية والأوربية، ولاسيما بين الأفراد الذين نالوا قسطاً وافراً من المعارف ولم يكن ميسوراً لهم الانتفاع بمعارفهم سواء في خدمة المجموع أو خدمة أنفسهم، وكان الباب في غالب الأحيان موصداً في وجوههم لتفشي داء المحسوبية الوبيل الذي كان من أكبر أسباب انهيار فرنسا بجيشها الباسل ورجال العمل فيها. وإن كلمة بيتان في سبب الانحلال الأخلاقي الأكفأ والأحسن والأسمى، ولو اتعظ الناس في بلادنا لأعرضوا جميعاً عن تشجيع المحسوبية بل لعملوا على محاربتها، لأنها تقتل الكفاءات وتثبط العزائم وتحارب العاملين وتدفع ببعضهم إلى الانتحار مللا وضجراً ورغبة في نهاية فيها الراحة مهما كانت مرارتها.

ولوحظ أن حوادث الانتحار تكثر في أوقات الأعياد ولاسيما الدينية منها كعيد الميلاد ورأس السنة المسيحية، وكذلك عقب الامتحانات العامة وخصوصاً في مصر، والانتحار سواء بالغرق وهو أكثر ما يلجأ إليه أو بتناول السموم أو بقطع الشريان أو بالرصاص قد كثر في عهدنا الحاضر كثرة تبعث على القلق وتحفز ذوي الهمم إلى وجوب الدرس والفحص والعناية.

ودلت التجارب على أن حوادث الانتحار منتشرة في البلدان التي يكثر فيها العاطلون من ذوي النفوس الحساسة والعقول التي تقدر المسئولية؛ لذلك قامت الحكومات المتمدينة بمحاربة البطالة بمختلف الوسائل ووفق بعضها توفيقاً هائلاً إلى ما قبل الحرب الأخيرة.

ومن الغريب أن معظم حوادث الانتحار أقدم عليها أفراد من الريف انتقلوا إلى المدن الكبرى والعواصم مأخوذين بسحرها وأضوائها واتساع شوارعها وسهولة العيش فيها، فإذا ما استقر بهم الحال هبوا سعياً وراء الرزق والعمل، ولكن سرعان ما يصطدمون بصخرتها القاسية فيفروا من ذلك السحر وهذا الجمال إلى حيث النهاية التي لا عودة بعدها.

والانتحار عمل ناشئ عن اختلال التوازن العقلي واضطراب المجموع العصبي، فيختل تقدير الإنسان للمسئولية الأدبية والاجتماعية فيندفع إلى تلك الخاتمة الأليمة التي لو ساعدت الظروف الخارجة عن إرادته على منعه لعاد إليه صوابه وندم على ما كان شارعاً فيه

وتكاد كل حالات الانتحار تتشابه من حيث الدافع إليها، أي أنها تسلط فكرة (التخلص) من متاعب لا نهاية لها، سواء في ذلك المتاعب الجسمية أو النفسية، والجسمية مرضية معظمها ميئوس من شفائه كالسرطان والتدرن الرئوي والأمراض التناسلية، أما النفسية فهي مع تنوعها لا تحتاج إلى إيضاح كثير ولكنها مع كل حال لا تخرج عن يأس وقنوط لإيجاد حل (معقول) لمشاكل لا حدود لها.

وكم من مرة سمعنا بعض الناس يقول (إن الحياة عندي لا تساوي مليما) أو (إني أفضل الموت على الحياة) أو (لماذا ولدنا وكل ما في الحياة عذاب) وهذه الكلمات لا تصدر عفواً ولا يقولها القائل تلهياً وعبثاً؛ فواجبنا جميعاً يقضي بدرس هؤلاء الناس والعمل على تخفيف آلامهم، ولا ننسى أن بعض هؤلاء انتحر فعلا بعد أن التمس من الحكومة الأخذ بيده ليتمكن من القيام بواجبات الأبوة والأطفال صغار.

إن مما يؤسف له حقاً أن تكون المدنية السبب الأول لهذا البلاء لأنها هي التي جرت على الناس مصيبة الترف ودقة الإحساس والمبالغة فيتقدير المتاعب، وقربتهم إلى (النعومة) فأصبحوا خائري القوى لا يرغبون في المقاومة بل ويستسلمون لأقل قوة، فترى البعض يثور إذا ما أصاب مصعد العمارة التي يسكنها أي خلل مؤقت يترتب عليه بذل جهد بسيط في الصعود إلى الطبقة الرابعة أو الخامسة، وزاد بالناس التبرم بالحياة إلى حد الرغبة في إحداث (ثورة) منزلية إذا ما وجدوا ماء الحلاقة بارداً أو فاتراً أو شربوا الماء وهو في درجة ترتفع عن الصفر!

لقد فقد الناس الجلد وقوة الاحتمال بفضل المدنية الحديثة واختراع الآلات الميكانيكية التي تؤدي كل عمل؛ ولذلك فلا غرابة إذا زادت نسبة المنتحرين بين الطبقة المتمتعة بمثل هذه (النعم) أو الراغبة فيها أو الساعية إليها!

ويظهر أن هناك علاقة وثيقة بين الموقع الجغرافي والجو في بلد ما وبين عدد المنتحرين فيه. فمثلا نجد أن منطقة سان ديجو في كاليفورنيا أكثر من غيرها بالنسبة إلى عدد المنتحرين، فقد بلغ هذا العدد 46 في كل مائة ألف، وبعدها سان فرانسسكو 38 ولوس أنجلوس 33 وأوكلاند 30 فقط، والتباين بين هذه المناطق ظاهر وراجع إلى اختلاف الموقع واختلاف الجو.

ولم يلاحظ أن جمال البقعة أو الوسط مما يخفف من اندفاع الناس نحو الانتحار، فمدينة واشنطون معروفة بجمالها وبكثرة بساتينها وأنها بلد محوط بالحدائق، ومع ذلك ازداد عدد المنتحرين فيها عن بايون في نيوجرسي التي لا تدانيها في جمال الطبيعة فيها؛ فنرى في الأخيرة أن عدد المنتحرين كان خمسة في كل مائة ألف على حين وصل في واشنطون 18.

ويظن بعض الناس أن سكان البلدان الحارة وهم أقرب إلى الاندفاع العصبي وسرعة الغيظ والغضب لأقل الأسباب أسرع من غيرهم شروعاً في الانتحار، وهذا مخالف للواقع؛ إذ أن نسبة عدد المنتحرين في إيطاليا والبرتغال وأسبانيا ومصر أقل بكثير عن نظيرتها في البلدان الشمالية.

وإذا عد الانتحار دليلا على الفشل في الحياة وعلى اليأس والقنوط فإن البعض يعده أنانية، وسواء أكان هذا أو ذلك فإن ذلك لا يمنع من درسه والعناية به؛ لأن الدافع إليه تسلط فكرة واحدة وانحلال قوة التفكير أمامها، وهذه الفكرة هي (التخلص) من الحياة.

ولا أصدق من موليير عندما قال في مقطوعته أن الموت أشبه شيء بزجاجة الدواء، يمكن لكل فرد أن يتناول منها في وقت معين، فمن اندفع نحوها قبل الأوان فقد اندفع بعدما فقد عقله!

أحمد موسى

مجلة الرسالة/العدد 731

بتاريخ: 07 - 07 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 732

بتاريخ: 14 - 07 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 733

بتاريخ: 21 - 07 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 734/الأشغال الشاقة المؤبدة - فؤاد السيد خليل

بتاريخ: 28 - 07 - 1947


للأديب فؤاد السيد خليل

قالت: ما هي مدة الأشغال الشاقة المؤبدة؟ قال: خمس وعشرون سنة، ينقص ربعها الذين يحافظون على النظام والطاعة في السجن، فهل تريدين ارتكاب جناية؟ فابتسمت وقالت: لقد تزوجت! وعلى الرغم من محافظتي على النظام والطاعة، وتبرعي بما هو أكثر من النظام والطاعة، لم تنته مدة عقوبتي بعد نيف وعشرين سنة ولا أظنها تنتهي أبداً! قال: إنما كنت اعرضها للسعادة! قالت: هذه أمنية! قال: على كل حال كانت محاولة لم تنجح وشكرا لك. وما هي الأشغال الشاقة التي تفعلينها؟ ألا يقوم الخدم بأعمال المنزل؟ قالت: أيقومون بها دون مساعدتي بل اشتراكي الفعلي؟ ومع ذلك فهذه أمور يسيرة! قال: أعندك بعد هذا ما يسمى أشغالاً شاقة؟! قالت: نعم! الفكر والصبر، والقهر! قال: لا تبالغي! قالت: إنك لا تنكراننا لا نبلغك (كوارثنا) إلا بالتدريج، وبعد أن ننتهي من علاجها أن استطعنا وإنك قد تأتي من الخارج أو تصحو من نومك فلا تعلم كيف قضينا النهار أو الليل في قضايا وإسعاف وتمريض! قال: ولا تنكري أنني لا أبلغكم مصائبي أبداً، وأنني أعمل كالرجل الذي كان إذا أراد أن يدخل منزله ركع وقال للتعب والهم اركبا الآن يا ابني الزمان! قالت: ولكننا نقرا كل شيء في وجهك ونخبرك به! فهل استطعت أنت مرة أن تقرا ما نخفي عنك؟ قال: أشهد أنني أمي في قراءة الوجوه الناعمة! فخبريني بما عندك، وبالتدريج من فضلك. قالت: ابنك الكبير لم يكتب إلينا منذ بضعة شهور. قال: لأننا نكتب إليه، ونسأل عنه، ونحبوه عطفنا قبل أن يحتاج إليه، فهل تحبين أن نضطره إلى الكتابة؟ قالت: وهذا الطفل لا (يتعاطى) إلا الماء والشاي والبطيخ! قال: أخشى أن يأتي يوم تشتكين فيه من أنه (يتعاطى) كل شئ! قالت: لا تمزح، فإني لم أبلغك إلا أخف الأخبار! قال: فما الأخبار الثقيلة؟ قالت: هذه البنت تلزمها عملية جراحية وقد تموت فيها. قال الأعمار بيد الله، والحكومة (الله يسترها) تنقل الموتى من الموظفين وعائلاتهم إلى بلادهم على نفقتها، أما الإحياء فإنها تتركهم إلى أن يموتوا! قالت: فما كنت تريد؟ قال: كنت أفضل أن تنقل الإحياء كل عشر سنوات (بدل وفاة) ولا تتركهم يموتون من الحر والقهر! قالت: وإذا ماتوا؟ قال: تدفنهم حيث يموتون فليسوا خيرا من رسول الله ﷺ! قالت: تخرج عن الموضوع، فقد تشفى البنت و. . . قال: وهذه مصيبة أخرى! قالت: ألا تنظر ابعد من أنفك؟! ألا تعلم ما يلزم لكل فتاة؟ إنه هم ثقيل. قال: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. قالت: فإني لم أبلغك بعد اثقل الأخبار! قال: هاتي اثقل ما عندك! فابتسمت بحرارة وهي تقول: ابنك الثاني رسب في الامتحان كما تعلم و. . . قال: نعم، وسينجح في الملحق. قالت: كلا! إنه يأبى أن يذاكر ولا يريد أن يدخل المدارس! قال: لا شك أنه جن! قالت: لم يجن بعد، ولكنه في دور المراهقة وأنت تعلم خطورة هذا الدور عليكم معاشر الذكور. قال: إنني لا اعلم هذا الدور علي التحقيق يا عزيزتي، لأنني ولدت بعده! قالت: لا يغنك أن عصمك الزواج المبكر، فإن بعض الشيوخ يموتون وهم لا يزالون في دور المراهقة! قال: أتعنين أنه (كالحصبة) لا بد أن يمر به كل إنسان؟ قالت: نعم، وهو على الكبار اخطر! قال: فما العلاج؟ قالت: للصغار الرياضة وللكبار الزواج. قال: فهل تنصحين لي إذن بالزواج؟ فابتسمت وقالت: نعم! إذا مت أنا ووجدت من ترضى بك! قال: أرجو إذن أن تموتي الآن أو لا تموتي أبدا! قالت: اسأل الله أن أموت قبلك! قال: بل اسأليه أن يعيش أحدنا حتى يربي الأطفال قالت: وبم أربيهم أنا إذا بقيت لا قدر الله؟ قال: بالمعاش! قالت: وكم يكون هذا المعاش، ومن يستطيع الحصول عليه؟ ألم تقرأ أن والدة كاتب النيابة الذي قتله (الخط) في العام الماضي لا زالت تسعى للحصول على معاش ابنها بدون جدوى قال أعجزت النساء أن يلدن من يستطيع حل هذه المشكلة؟ قالت: إن النساء لم تعجز، ولكن الرجل عجزوا! قال: كان خيراً لنا والله أن ندفع ما ندفعه في المعاش لإحدى شركات التامين على الحياة! قالت: ولم لا تنشأ شركة للتأمين على المعاش؟ قال: كيف ذلك؟ قلت: تؤلف شركة يرأسها (خواجه) أو على الأقل (باشا) تحصل للمستحقين على معاشهم في مقابل نسبة مئوية من المعاش. وأؤكد أنها ستحصل على أي معاش قبل مضي شهر على تاريخ الوفاة. قال: توجد الآن طريقة أخرى، فقد سمعت أن أحد المحالين على المعاش أمكنه الحصول بسرعة على معاشه بواسطة صديق له من صغار الموظفين أهدى إليه (صفيحة ملوحة)! قالت: إنها تشنيعا من تشنيعاتك! قال: من يدري، فلعل ما خفي اعظم قالت: وما السبب؟ قال: كثرة اللوائح والتعليمات وقلة المرتبات. قالت: فما العلاج؟ قال: أما عن المستقبل، فالعلاج عدم التوظيف وعدم الزواج! وقالت: عن الماضي؟ قال: إني أرى أن كثرة اللوائح والتعليمات والتعقيدات لا لزوم لها، فإن أية مصلحة حكومية في أي بلد يمكنها صرف المكافأة أو المعاش في بضعة أيام، كما تفعل شركات التامين، بغير أن تلزم الموظف أو أسرته بالجري سنين في وزارة المالية! قالت: وكثرة الموظفين وقلة المرتبات؟ قال: على الحكومة إبقاء الموظفين اللازمين وزيادة مرتباتهم وفصل الباقين! قالت: وماذا يصنع الباقون؟ قال: صحيح. . . إلى السودان! قالت: إنهم لا يستطيعون! قال: فإلى إنجلترا إذن! قالت: فإن لم يستطيعوا يهاجروا إلى روسيا! قال: هذا إذا لم تهاجر روسيا إليهم!

فؤاد السيد خليل

خواطر مسجوعة

المرأة

هي الناعمة الجبارة، واللينة القهارة، ذات الأدوار الغريبة والأطوار العجيبة. . .

أردت وصفها فأبدت زيفا، وتنكرت كما وكيفا؛ والمرأة أن تنكرت عكرت. وإن تغيرت حيرت. وإن ألغزت أعجزت.

فمعذرة يا قارئي إن بحثت عن حقيقتها فلم أجد، ورسمت صورتها فلم أجد، فليست لها صورة واحدة بل صور متعددة. وكلما زادت معرفتي لها ازداد الأشكال تعقدا، وزادت الأشكال تعددا؛ وأي قيس لم تخامره في ليلاه الحيرة، وأي رجل لم تساوره على أنثاه الغيرة؟! وإذا كان ذلك شأن من أبلى وتعلم، فما بال من لم. .؟!.

رأيت المرأة كالضلع على اعوجاجها حانية، وعل صنوها صلبة قاسية!

رأيتها - إن أخلصت - رحمة، وفضلا من الله ونعمة، ورأيتها - إن تنكرت - ليلا مظلما، ولغزا مبهما!

ترضى فتظهر الجميل، وتقنع بالقليل وتستر العيب، وتؤمن بالغيب، وتشفي العلة، وتروى الغلة، وتنير الظلام، وتنيل المرام.

وتغضب فتكدر الصفاء، وتجلب الشقاء، وتقبح الحسن، وتضمر الفتن؛ وتعمد إلى التدمير والتخسير فتبدد الكثير واليسير.

وللمرأة مقدرة في حروبها، وقوة لا يستهان بها؛ تحسبها عزلاء وكلها أسلحة وكلما حاربت كانت هي المفلحة وهل ترى سلاحا أقطع من دموعها الكذابة، وكلمتها الخلابة؟!.

تحسن المظاهر والله اعلم بالسرائر فتبكي إذا شاءت وتضحك كلما أرادت!

تذهب إلى المناحة كمحزونة ثكلى، وتعود إلى الزفاف كعروس تجلى! وقد تراها في المرقص راقصة لاعبة، وفي المعبد عابدة راهبة!.

تتقن المائد، وتتفنن في لامكائد؛ ومن عجب أنها على قسوتها مرحومة، وعلى جنايتها مظلومة، وعلى رقتها مرهوبة، وعلى إساءتها محبوبة!.

تبذل الجهود لأجلها ويستهان بالصعاب في سبيلها. ساكنة وهي المحركة، آمنة وهي اصل المعركة. فهي في خدرها ذات قيادة وصاحبة سيطرة وسيادة توقظ الهامة وتحبي العزيمة، وتفتق الذهن، وترفع شأن الفن؛ وهل ننسى ما لها من الأثر الهام، في الوحي والإلهام؟ وأهم من ذلك وأعم، إن كل عبقري ولدته أم؛ فللوالدة فضل المولود، بل عليها قوام الوجود. . . .

حامد بدر

مجلة الرسالة/العدد 734

بتاريخ: 28 - 07 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 735

بتاريخ: 04 - 08 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 736

بتاريخ: 11 - 08 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 737

بتاريخ: 18 - 08 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 738

بتاريخ: 25 - 08 - 1947

مجلة الرسالة/العدد 739

بتاريخ: 01 - 09 - 1947

الأربعاء، 1 أكتوبر 2025

الطعن 14254 لسنة 76 ق جلسة 16 / 10 / 2023 مكتب فني 74 ق 101 ص 694

جلسة 16 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيـد القاضي/ مجدي مصطفى "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ وائل رفاعي، عصام توفيق، محمد راضي وأحمد عبدالمجيد الفقي "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(101)
الطعن رقم 14254 لسنة 76 القضائية
(2،1) تعويض "صور التعويض: التعويض الناشئ عن فعل الغير: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، رجوع المتبوع على التابع". دعوى "إجراءات رفع الدعوى: طريقة رفع الدعوى: رفع دعوى الضمان الفرعية".
(1) رجوع المتبوع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور. لازمه. أن يكون قد أداه للمضرور. للمتبوع اختصام تابعه في دعوى المضرور قبله وطلب الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور. علة ذلك. تنفيذ الحكم الصادر للمتبوع على التابع بما حكم به للمضرور على المتبوع. شرطه. وفاء المتبوع بالتعويض المحكوم به للمضرور.
(2) إقامة المطعون ضدهم أولًا دعواهم بطلب التعويض عما أصابهم من ضرر قبل الطاعن المتبوع. أثره. للطاعن توجيه دعوى ضمان فرعية للحكم على تابعه المطعون ضده الثالث مرتكب الحادث. صدور حكم على التابع لمصلحة المتبوع. تنفيذه معلق على وفاء الأخير بالمبلغ المقضي به. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه بعدم قبول دعوى الضمان لرفعها قبل الأوان. خطأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان لا يحق للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور إلا إذا قام بأدائه للمضرور، إلا أن القضاء قد أجاز للمتبوع أن يختصم تابعه في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده وأن يطلب المتبوع في هذه الدعوى الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور وذلك لما للمتبوع من مصلحة في هذا الاختصام لأن مسئوليته تبعية لمسئولية التابع، فإذا استطاع هذا الأخير درء مسئوليته وهو بطبيعة الحال أقدر من المتبوع على الدفاع عن نفسه استفاد المتبوع من ذلك وانتفت بالتالي مسئوليته هو وإذا لم يستطع التابع كان حكم التعويض حجة عليه فلا يمكنه أن يعود فيجادل في وقوع الخطأ منه عندما يرجع عليه المتبوع بما أوفاه للمضرور من التعويض المحكوم به، وإذا حكم للمتبوع في تلك الدعوى على التابع بما حكم به للمضرور على المتبوع، فإن تنفيذ الحكم الصادر للمتبوع على التابع يكون معلقًا على وفاء المتبوع بالتعويض المحكوم به للمضرور.
2- إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم في أولًا أقاموا دعواهم بطلب اقتضاء التعويض عما أصابهم من ضرر قبل الطاعن - المتبوع - فقام الأخير بتوجيه دعوى ضمان فرعية قبل تابعه المطعون ضده الثالث باعتباره مرتكب الحادث، فإن للطاعن مصلحة محققة في توجيه تلك الدعوى للحكم على تابعه بما عسى أن يحكم به، ويكون تنفيذ الحكم الصادر على التابع لمصلحة المتبوع معلقًا على وفاء هذا الأخير بالمبلغ المقضي به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظـر(وقضى بعدم قبول دعوى الضمان الفرعية لرفعها قبل الأوان)، فإنه يكون معيبًا (بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المــقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضدهم في أولًا أقاموا الدعوى رقم .... لسنة 200٣ مدني كلي محكمة الزقازيق الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده ثانيًا بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامم بأن يؤديا إليهم مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية - فضلًا عما هو مستحق من تعويض موروث - التي أصابتهم بسبب وفاة مورثهم في حادث سير تسبب فيه المطعون ضده ثالثًا- تابع الطاعن- والذي ثبت خطؤه بحكم جنائــي أضحى باتًا، وجه الطاعن بصفته دعوى فرعية قِبَل المطعون ضدهما ثانيًا وثالثًا بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا إليه ما عسى أن يقضى به عليه في الدعوى الأصلية، ترك المطعون ضدهم الخصومة بالنسبة للمطعون ضده ثانيًا، حكمت المحكمة بإثبات الترك وفي الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهم في أولًا مبلغ التعويض الذي قدرته وبإلزام المطعون ضده ثالثًا بأن يؤدي للطاعن بصفته ما قد يؤديه الأخير من التعويض المقضي به عليه. استأنف المطعون ضدهم في أولًا هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة ٤٩ ق المنصورة "مأمورية الزقازيق"، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم .... لسنة ٤٩ ق، واستأنفه المطعون ضده ثالثًا بالاستئناف رقم .... لسنة ٤٩ ق أمام المحكمة ذاتها، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة، قضت بتاريخ ٢٠/٦/200٦ في الاستئناف الأول برفضه وفي الثاني بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن بصفته بمبلغ التعويض منفردًا وبإلزامه به بالتضامم مع المطعون ضده ثانيًا بصفته، وفي الاستئناف الثالث بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بخصوص دعوى الضمان الفرعية والقضاء مجددًا بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيهــا الـــرأي بنقضه جزئيًا فيما قضى به بخصوص الدعوى الفرعية، وإذ عُرض الطعن على هـذه المحكمة - فـي غرفة مشورة - فأمرت بتاريخ ١٩/٦/٢٠٢٣ بعدم قبول كافة أوجه سبب الطعن عدا الوجه الثالث حددت لنظره اليوم في جلسة مرافعة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول دعوى الضمان الفرعية لرفعها قبل الأوان بقالة إن الطاعن بصفته لم يؤدِ للمطعون ضدهم في أولًا مبلغ التعويض بعد وأن له الرجوع على تابعه - المطعون ضده ثالثًا - بعد وفائه بالتعويض المحكوم به للمضرور، في حين أن الفصل في هذه الدعوى ليس معلقًا على شرط وفاء الطاعن بالتعويض المقضي به، لأن ذلك يتعلق بإجراءات التنفيذ، وعلى الرغم من أنه يحق له اختصام تابعه في الدعوى التي يرفعها المضرور عليه كمتبوع وحده وأن يطلب إلزام تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه ولئن كان لا يحق للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض المحكوم به للمضرور إلا إذا قام بأدائه للمضرور إلا أن القضاء قد أجاز للمتبوع أن يختصم تابعه في الدعوى التي يرفعها المضرور على المتبوع وحده وأن يطلب المتبوع في هذه الدعوى الحكم على تابعه بما قد يحكم به عليه للمضرور، وذلك لما للمتبوع من مصلحة في هذا الاختصام لأن مسئوليته تبعية لمسئولية التابع، فإذا استطاع هذا الأخير درء مسئوليته وهو بطبيعة الحال أقدر من المتبوع على الدفاع عن نفسه استفاد المتبوع من ذلك وانتفت بالتالي مسئوليته هو وإذا لم يستطع التابع كان حكم التعويض حجة عليه فلا يمكنه أن يعود فيجادل في وقوع الخطأ منه عندما يرجع عليه المتبوع بما أوفاه للمضرور من التعويض المحكوم به، وإذا حكم للمتبوع في تلك الدعوى على التابع بما حكم به للمضرور على المتبوع، فإن تنفيذ الحكم الصادر للمتبوع على التابع يكون معلقًا على وفاء المتبوع بالتعويض المحكوم به عليه للمضرور؛ لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم في أولًا أقاموا دعواهم بطلب اقتضاء التعويض عما أصابهم من ضرر قبل الطاعن - المتبوع - فقام الأخير بتوجيه دعوى ضمان فرعية قبل تابعه المطعون ضده ثالثًا باعتباره مرتكب الحادث، فإن للطاعن مصلحة محققة في توجيه تلك الدعوى للحكم على تابعه بما عسى أن يحكم به، ويكون تنفيذ الحكم الصادر على التابع لمصلحة المتبوع معلقًا على وفاء هذا الأخير بالمبلغ المقضي به، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن موضوع الاستئناف رقم .... لسنة ٤٩ ق المنصورة " مأمورية الزقازيق " صالح للفصل فيه بخصوص الدعوى الفرعية، ولما تقدم، يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بعدم قبول الدعوى الفرعية وتأييد حكم أول درجة فيما قضى به في هذا الخصوص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 4438 لسنة 92 ق جلسة 25 / 10/ 2023 مكتب فني 74 ق 86 ص 825

جلسة 25 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد الودود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عبد الله ، عطية أحمد عطية ، محمد عبد الله الجندي وتامر حمزاوي نواب رئيس المحكمة
----------------
(86)
الطعن رقم 4438 لسنة 92 القضائية
(1) تفتيش " التفتيش الإداري " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . جمارك . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم رضاء الطاعن بالتفتيش حال دلوفه صالة السفر بميناء القاهرة الجوي باعتباره إجراءً إدارياً تحفظياً . كفايته للرد على دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس . علة ذلك ؟
منح ضباط مصلحة الأمن العام وشُعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط القضائي بالمادة ٢٣ إجراءات جنائية . مؤداه : اختصاصهم بضبط جميع الجرائم . حد ذلك ؟
إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة . لا يسلب مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام تلك الصفة في شأن هذه الجرائم .
لضباط الإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوي حق تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية العاملين بها . النعي على الحكم بعدم اختصاص الضابط مُجري القبض والتفتيش . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(2) دفوع " الدفع ببطلان الاستيقاف " . تفتيش " الرضا بالتفتيش " .
نعي الطاعن ببطلان استيقافه . غير مقبول . متى ارتضى تفتيشه حال دلوفه صالة السفر بميناء القاهرة الجوي . علة ذلك ؟
(3) قبض . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " 
إثبات الحكم صحة القبض على الطاعن وتفتيشه . كفايته رداً على النعي ببطلان الدليل المستمد منهما .
(4) نقد . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
دفع الطاعن بعدم انطباق وصف المسافر عليه وأن الواقعة لا تعدو أن تكون شروعاً في إخراج النقد الأجنبي خارج البلاد غير المعاقب عليها . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به بغير معقب .
(5) نقد . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة حمل نقد أجنبي يجاوز الحد المقرر حال السفر للخارج . عمدية . كفاية توافر القصد الجنائي العام لقيامها بتعمد اقتراف الفعل ونتيجته . النعي في هذا الشأن . جدل في مسألة واقعية مما تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيه بغير معقب .
(6) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نعي الطاعن بشأن إقراره . غير مقبول . متى لم يعول الحكم في الإدانة على دليل مستمد منه .
إقرار الطاعن لضابط الواقعة . مجرد قول . تقديره موضوعي .
(7) نقد . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير الحكم للغرامة المقضي بها بما يعادل النقد الأجنبي المضبوط بالعملة المصرية في تاريخ صدوره . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بتقدير القيمة في تاريخ وقوع الجريمة . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم الابتدائي المكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومما أورده رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن الطاعن قد ارتضى التفتيش حال دلوفه إلى صالة السفر بميناء القاهرة الجوي - كحال كافة المسافرين خارج البلاد باعتبار أن ذلك إجراء إداري تحفظي - ذلك بأن الرضا بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه - كالحال في الدعوى - ومن ثم فإن التفتيش على هذه الصورة يكون صحيحاً مشروعاً ، وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون في شيء ولا جدوى من تعييب حكمها في هذا الخصوص ، هذا ومن وجهة ثانية فإن المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة 1971 ، قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة بما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيد ما لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدَّرها تحقيقاً للمصلحة العامة ، وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أُفردت له مكاتب خاصة أو جهات معينة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عن غيره من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، فضلاً عن أن قرار السيد وزير العدل رقم ٢٦٥٦ لسنة ۱۹۸۳ صريح في تخويل ضابط الشرطة بالإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوي حق تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية التي يباشرون أعمالهم فيها ، فإن نعي الطاعن بعدم اختصاص الضابط مُجري القبض والتفتيش تعزيزاً للدفع بالبطلان يكون لا محل له .
2- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتم استيقافه وإنما ارتضى التفتيش حال دلوفه إلى صالة السفر بميناء القاهرة الجوي - كحال كافة المسافرين خارج البلاد باعتبار ذلك إجراء إداري تحفظي - ومن ثمَّ فلا محل لما يثيره من بطلان استيقافه لانتفاء مبرراته .
3- لما كان الحكم قد أثبت صحة القبض على الطاعن وتفتيشه ، فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه الضبط والتفتيش وكذلك بطلان اعترافه لكونه ناشئاً عن هذا القبض بما يدل على اطراحه .
4- لمَّا كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جنحة إخراج نقد أجنبي من البلاد يجاوز الحد المسموح به قانوناً - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي بعدم انطباق وصف المسافر عليه وأن الواقعة لا تعدو أن تكون شروع غير معاقب عليه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته ضبط الطاعن أثناء إنهاء إجراءات سفره بالمطار وبحوزته أوراق نقد أجنبي تجاوز الحد المقرر قانوناً ، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها هي من الجرائم العمدية ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ويستقيم به الدليل على ثبوت القصد الجنائي في حقه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في مسألة واقعية تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير مُعقب ما دامت تقيمها على ما ينتجها .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليلٍ مستمد من إقرارٍ للطاعن على نحوٍ مستقلٍ بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن ارتكابه الواقعة فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قولٌ للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
7- من المقرر أن إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها ، كما أن الأصل في الإلزام بقضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية ، وقد نصت المادة 108 القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أن : ( يكون لأوراق النقد التي يُصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة ) ، كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان جديتها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين ۲۲ ، ۲۳ من قانون العقوبات والمادتين 509 ، 511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة ، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية ولا يُغير من هذا الوجوب أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية أو أن يكون المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله في البلاد ، إذ يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة باعتباره وقت استحقاق العقاب طبقاً للقانون الذي وقعت الجريمة في ظل سريانه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قدر الغرامة المقضي بها بالعملة المصرية في تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأً يؤذن بتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع الغرامة مقدرة بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة الحاصل في .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- حمل حال سفره من البلاد أوراق النقد الأجنبي تجاوز العشرة آلاف دولار أمريكي على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته لمحكمة جنح .... الاقتصادية وطلبت عقابه بالمواد ١١٦/3 ، ١١٨ ، 126/4،3 ، ۱۲۹ ، ۱۳۱ من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ والمعدل بالقوانين ١٦٠ لسنة ٢٠١٢ ، ۸ لسنة ۲۰۱۳ ، ٦٦ لسنة ۲۰۱٦ .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بتغريمه مثلي قيمة المبالغ المضبوطة ومصادرة المبلغ المضبوط وبنشر الحكم على نفقة المحكوم عليه في صحيفة .... وإلزامه بالمصاريف الجنائية .
فعارض المحكوم عليه وقُضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وألزمت المتهم المعارض بالمصاريف الجنائية .
فاستأنف المحكوم عليه هذا القضاء وقيد استئنافه برقم .... جنح مستأنف .... الاقتصادية .
والمحكمة المذكورة قضت غيابياً ، أولاً : بقبول الاستئناف شكلاً ، ثانياً : وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات الجنائية .
فعارض المحكوم عليه ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضورياً ، أولاً : بقبول المعارضة شكلا ً، ثانياً : وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بجعل الغرامة المقضي بها مثلي ما يعادل المبلغ المضبوط والمتحفظ عليه وقدره ( عشرون ألف دولار أمريكي ) بالجنيه المصري وفقاً لسعر الصرف السائد في البنك المركزي المصري في تاريخ صدور هذا الحكم والتأييد فيما عدا ذلك وألزمت المتهم المعارض المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حمل أوراق النقد الأجنبي حال سفره قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه اطرح بردٍ غير سائغٍ دفوعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، ولحصوله من غير أعضاء الجمارك ، وعدم إدراك القائم بالضبط للواقعة بأية حاسة من حواسه ، وانتفاء مبررات الاستيقاف بما يبطل معه ما تلا ذلك من إجراءات ، هذا إلى عدم انطباق وصف المسافر على الطاعن ، وأن الواقعة مجرد شروع غير معاقب عليه ، وأخيراً فقد استدل الحكم على توافر القصد الجنائي في حقه من إقراره بمحضر الاستدلالات بحمله للمبلغ المضبوط رغم عدم ورود ذلك على لسانه بدلالة خلو المحضر من توقيع له ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومما أورده رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن الطاعن قد ارتضى التفتيش حال دلوفه إلى صالة السفر بميناء القاهرة الجوي - كحال كافة المسافرين خارج البلاد باعتبار أن ذلك إجراء إداري تحفظي - ذلك بأن الرضا بالتفتيش يكفي فيه أن تكون المحكمة قد استبانته من وقائع الدعوى وظروفها واستنتجته من دلائل مؤدية إليه - كالحال في الدعوى - ومن ثم فإن التفتيش على هذه الصورة يكون صحيحاً مشروعاً ، وتكون المحكمة إذ اعتبرته كذلك ودانت الطاعن استناداً إلى الدليل المستمد منه لم تخالف القانون في شيء ولا جدوى من تعييب حكمها في هذا الخصوص ، هذا ومن وجهة ثانية فإن المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 26 لسنة 1971 ، قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة بما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيد ما لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدَّرها تحقيقاً للمصلحة العامة ، وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أُفردت له مكاتب خاصة أو جهات معينة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عن غيره من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، فضلاً عن أن قرار السيد وزير العدل رقم ٢٦٥٦ لسنة ۱۹۸۳ صريح في تخويل ضابط الشرطة بالإدارة العامة لشرطة ميناء القاهرة الجوي حق تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية التي يباشرون أعمالهم فيها ، فإن نعي الطاعن بعدم اختصاص الضابط مُجري القبض والتفتيش تعزيزاً للدفع بالبطلان يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتم استيقافه وإنما ارتضى التفتيش حال دلوفه إلى صالة السفر بميناء القاهرة الجوي - كحال كافة المسافرين خارج البلاد باعتبار ذلك إجراء إداري تحفظي - ومن ثمَّ فلا محل لما يثيره من بطلان استيقافه لانتفاء مبرراته . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت صحة القبض على الطاعن وتفتيشه ، فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه الضبط والتفتيش وكذلك بطلان اعترافه لكونه ناشئاً عن هذا القبض بما يدل على اطراحه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جنحة إخراج نقد أجنبي من البلاد يجاوز الحد المسموح به قانوناً - كما هي معرفة به في القانون - فإن النعي بعدم انطباق وصف المسافر عليه وأن الواقعة لا تعدو أن تكون شروع غير معاقب عليه لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بمدوناته ضبط الطاعن أثناء إنهاء إجراءات سفره بالمطار وبحوزته أوراق نقد أجنبي تجاوز الحد المقرر قانوناً ، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها هي من الجرائم العمدية ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن ويستقيم به الدليل على ثبوت القصد الجنائي في حقه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في مسألة واقعية تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير مُعقب ما دامت تقيمها على ما ينتجها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليلٍ مستمد من إقرارٍ للطاعن على نحوٍ مستقلٍ بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن ارتكابه الواقعة فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قولٌ للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إصدار الدولة للنقود هو مظهر من مظاهر استقلالها وسيادتها ، كما أن الأصل في الإلزام بقضاء بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة المصرية ، وقد نصت المادة 108 القانون رقم ٨٨ لسنة ٢٠٠٣ بإصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد على أن : ( يكون لأوراق النقد التي يُصدرها البنك المركزي قوة إبراء غير محدودة ) ، كما جرى التعريف بعقوبة الغرامة وبيان جديتها وإجراءات تنفيذ الأحكام الصادرة بها في المادتين ۲۲ ، ۲۳ من قانون العقوبات والمادتين 509 ، 511 من قانون الإجراءات الجنائية وفي سائر مواد هذين القانونين والقوانين العقابية الأخرى على أساس العملة المصرية المتداولة ، ومؤدى ذلك كله أنه يجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية ولا يُغير من هذا الوجوب أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية أو أن يكون المال الذي وقعت عليه الجريمة من النقد الأجنبي المسموح بتداوله في البلاد ، إذ يتعين تقدير قيمة الغرامة بقيمة ذلك النقد الأجنبي بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة باعتباره وقت استحقاق العقاب طبقاً للقانون الذي وقعت الجريمة في ظل سريانه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد قدر الغرامة المقضي بها بالعملة المصرية في تاريخ صدور الحكم المطعون فيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأً يؤذن بتصحيحه بإلزام الطاعن بدفع الغرامة مقدرة بالعملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة الحاصل في .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنويه : القانون رقم 88 لسنة 2003 أُلغي بموجب القانون رقم 194 لسنة 2020 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي المنشور بالجريدة الرسمية في 15/9/2020 والمعمول به اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشره .

الطعن 17286 لسنة 92 ق جلسة 4 / 11/ 2023 مكتب فني 74 ق 87 ص 833

جلسة 4 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / مدحت دغيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، الأسمر نظير ، خالد جاد وجلال شاهين نواب رئيس المحكمة
-----------------
(87)
الطعن رقم 17286 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(2) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
مثال .
(3) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إليها . ما دامت قد أخذت بما جاء بها . علة ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . متى اطمأنت إليه . إغفالها بعض التفصيلات . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) آثار . ضرر . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق الأثر في جريمة إتلافه عمداً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(5) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تعويل الحكم على شهادة رئيس اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار باعتبارها دليلاً . النعي بشأن أقوال باقي أعضائها . غير مقبول .
مثال .
(6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض الشهود في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) آثار . دفوع " الدفع بانتفاء أركان الجريمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة والصلة بالمطرقة المضبوطة . موضوعي . لا يستأهل رداً . التفات الحكم عنه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
إثارة الدفع بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(8) قانون " تفسيره " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .
المادة 124 إجراءات جنائية . مفادها ؟
نعي الطاعن ببطلان التحقيقات لعدم حضور محام معه أثناء استجوابه . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في يوم .... وقت الغروب حمل المتهم .... أداة ( مطرقة ) وتسلل بها إلى صحن ميدان .... بجوار .... وتسلق أحد الأكباش الأثرية على شكل تمثال بهيئة أبو الهول وامتطاه ووالى الطرق عليه عمداً بالمطرقة حوزته حتى أتلف جزءً من مقدمة رأسه بأسفل الأنف عبارة عن نقر وحفر وتجاويف ، وألقى الأمن القبض عليه متلبساً ، وقد أكدت تحريات الشرطة صحة الواقعة وتعمد المتهم إتلاف الأثر ، وأقر المتهم بالتحقيقات ما نسب إليه ، وأفادت اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار بأن التمثال أثري ويخضع لقانون حماية الآثار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ، ومن إقرار المتهم بالتحقيقات ، وحصل الحكم مضمونها ومؤداها على نحو كاف وواف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى– كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على التمثال لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها .
3- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن في إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به .
4- لما كان لا يعيب الحكم عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق بالأثر – بفرض حصوله – لأن الضرر ليس ركناً من أركان الجريمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً .
5- لما كان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه من أن أعضاء اللجنة – بخلاف رئيسها – قد قرروا بعدم وجود تلفيات بالأثر محل الجريمة مردود بأن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد / .... مدير إدارة الأحراز والمضبوطات بوزارة السياحة والآثار – رئيس اللجنة – قد شهد بأنه بمعاينة الأثر تلاحظ له وجود كسر ضعيف به تحت الأنف وهو ما عولت عليه المحكمة باعتباره دليلاً يقوم إلى جانب بقية أدلة الثبوت ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين أوجه عدم قانونية اللجنة المشكلة وفقاً لقانون حماية الآثار ، وكذا أوجه التناقض في أقوال أعضائها وإنما جاء قوله مرسلاً ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال أعضاء اللجنة بما لا تناقض فيه مفصحاً عن اطمئنانها إليها ، واستخلص منها ومن سائر الأدلة التي ساقها الصورة الصحيحة التي استقرت لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن عدم قبوله ينحل إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في هذا الشأن أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالمطرقة المضبوطة من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل – أصلاً – من المحكمة رداً صريحاً ، ولا عليها من بعد إن هي التفتت عن أوجه دفاعه المار ذكرها ، لما هو مقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع بمحضر جلسة المحاكمة بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال محل التعدي ، ومن ثم فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس ، وإذ كان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة حسبما حصلها الحكم في مدوناته ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاءً على مخالفة هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
9- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به واطرحته لأسباب سائغة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يضحى غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
- أتلف عمداً أثراً ( أحد التماثيل الموضوعة بميدان .... ) بأن اعتلى ذلك الأثر وانهال عليه طرقاً مستخدماً في ذلك الأداة محل الاتهام التالي ( مطرقة ) فأحدث به التلفيات الثابتة بتقرير لجنة الفحص وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز أداة ( مطرقة ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ٤۰ ، ٤٢ / فقرة ٣ بند (1) من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقانونين رقمي 3 لسنة ۲۰۱۰ ، ۹۱ لسنة ۲۰۱۸ والمواد 1/١ ، ٢٥ مكرراً/۱ ، 30 /1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸١ ، 5 لسنة ۲۰۱۹ والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) المرفق بالقانون والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، مع إعمال المادتين ۱۷ ، ۳۲ /۲ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ خمسمائة ألف جنيه وبمصادرة الأداة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إتلاف أثراً عمداً وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( مطرقة ) دون مسوغ مهني أو حرفي ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه جاءت في صيغة عامة معماة ، وخلا من بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على الأثر ، وعول الحكم في قضائه على أقوال اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار رغم إقرار الشاهد الخامس – أحد أعضائها - بجلسة المحاكمة بعدم جود ضرر لحق بالأثر ، فضلاً عما قرره بقية أعضائها بعدم وجود ثمة تلفيات لحقت به ، ملتفتاً عن دفعه بعدم قانونية تلك اللجنة وبتناقض أقوال أعضائها ، والتفت الحكم عن دفاعه القائم على انتفاء ركني الجريمة المادي فيها والمعنوي المتمثل في عدم علم الطاعن بأثرية التمثال وانتفاء صلته بالمطرقة المضبوطة ، وبطلان التحقيقات لعدم حضور محام معه أثناء استجوابه بالنيابة العامة ، وأخيراً لم تلم المحكمة بدفاع الطاعن إلماماً كافياً ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في يوم .... وقت الغروب حمل المتهم .... أداة ( مطرقة ) وتسلل بها إلى صحن ميدان .... بجوار .... وتسلق أحد الأكباش الأثرية على شكل تمثال بهيئة أبو الهول وامتطاه ووالى الطرق عليه عمداً بالمطرقة حوزته حتى أتلف جزءً من مقدمة رأسه بأسفل الأنف عبارة عن نقر وحفر وتجاويف ، وألقى الأمن القبض عليه متلبساً ، وقد أكدت تحريات الشرطة صحة الواقعة وتعمد المتهم إتلاف الأثر ، وأقر المتهم بالتحقيقات ما نسب إليه ، وأفادت اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار بأن التمثال أثري ويخضع لقانون حماية الآثار ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ، ومن إقرار المتهم بالتحقيقات ، وحصل الحكم مضمونها ومؤداها على نحو كاف وواف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى– كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله بيان وصف الواقعة من حيث توقيتها وكيفية حدوثها وعدد طرقات الطاعن على التمثال لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فاطرحتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن في إغفالها إيراد بعض تفصيلات معينة يعتبر اطراحاً لها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم عدم تحديد الشهود لمقدار الضرر الذي لحق بالأثر – بفرض حصوله – لأن الضرر ليس ركناً من أركان الجريمة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الطاعن بأسباب طعنه من أن أعضاء اللجنة – بخلاف رئيسها – قد قرروا بعدم وجود تلفيات بالأثر محل الجريمة مردود بأن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد / .... مدير إدارة الأحراز والمضبوطات بوزارة السياحة والآثار – رئيس اللجنة – قد شهد بأنه بمعاينة الأثر تلاحظ له وجود كسر ضعيف به تحت الأنف وهو ما عولت عليه المحكمة باعتباره دليلاً يقوم إلى جانب بقية أدلة الثبوت ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين أوجه عدم قانونية اللجنة المشكلة وفقاً لقانون حماية الآثار ، وكذا أوجه التناقض في أقوال أعضائها وإنما جاء قوله مرسلاً ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان تناقض الشهود في أقوالهم – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال أعضاء اللجنة بما لا تناقض فيه مفصحاً عن اطمئنانها إليها ، واستخلص منها ومن سائر الأدلة التي ساقها الصورة الصحيحة التي استقرت لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن عدم قبوله ينحل إلى جدل موضوعي في استخلاص صورة الواقعة وتقدير الدليل فيها ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في هذا الشأن أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانتفاء الصلة بالمطرقة المضبوطة من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل – أصلاً – من المحكمة رداً صريحاً ولا عليها من بعد إن هي التفتت عن أوجه دفاعه المار ذكرها ، لما هو مقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً عن أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع بمحضر جلسة المحاكمة بانتفاء علم الطاعن بأثرية التمثال محل التعدي ، ومن ثم فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد على النحو المقرر في هذه المادة ، وأوجبت على المحقق إذا لم يعين المتهم محامياً أن يندب له محامياً ، فإن هذا الإلزام يكون فيما يتعلق باستجواب المتهم أو مواجهته بغيره من الشهود وفي غير حالة التلبس ، وإذ كان الثابت بالحكم توافر حالة التلبس في الواقعة حسبما حصلها الحكم في مدوناته ، فضلاً عن أن القانون لم يرتب البطلان جزاءً على مخالفة هذه المادة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لدفاع الطاعن والرد عليه إنما جاء - خلافاً لما يزعمه الطاعن - في بيان جلي ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت به واطرحته لأسباب سائغة ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يضحى غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منشور فني رقم 17 بتاريخ 30 /9 /2025 بشأن انتهاء الوكالة عند بلوغ القاصر من الرشد

 مصلحة الشهر العقاري والتوثيق

الإدارة العامة للبحوث القانونية

منشور فني رقم ١٧ بتاريخ ٣٠ /٩ /٢٠٢٥

إلى مكاتب الشهر العقاري و مأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها

والإدارات العامة بالمصلحة

نصت المادة ۱۸ من المرسوم بقانون رقم ١١٩ لسنة ١٩٥٢ بشأن أحكام الولاية على المال على أن " تنتهي الولاية ببلوغ القاصر إحدى وعشرين سنة مالم تحكم المحكمة قبل بلوغه هذه السن باستمرار الولاية عليه".

ونصت المادة 11 من القانون المدني على أن " (1) كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية، ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.

(۲) وسن الرشد هي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة.

ونصت المادة 111 من القانون المدني في فقرتها الثانية على " أما التصرفات المالية الدائرة بين النفع والضرر، فتكون قابلة للإبطال المصلحة القاصر، ويزول حق التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد.....

ونصت المادة ٦٩٩ من ذات القانون على أن " الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني لحساب الموكل.

ونصت المادة ٧١٤ من القانون المشار إليه على أن تنتهي الوكالة بإتمام العمل الموكل فيه أو بانتهاء الأجل المعين للوكالة وتنتهي أيضاً بموت الموكل أو الوكيل".

وحيث ورد للمصلحة كتاب السيد القاضي الجليل مساعد وزير العدل لشئون الشهر العقاري والتوثيق رقم ٨٦٨٨ في ٢٠٢٥/٦/٢٤ متضمن التوجيه بإصدار تعليمات تلزم الموثق بإضافة عبارة انتهاء الوكالة عند بلوغ القاصر من الرشد.

وحيث ورد للمصلحة كتاب سيادته رقم ١٤٣٦١ في ۲۰۲٥/٩/٣٠ بالموافقة على إذاعة منشور فني بذلك.

بناء عليه

أولاً : يتعين على مكاتب وفروع التوثيق عند التوثيق أو التصديق على توقيعات ذوي الشأن في الوكالة الصادرة من الولي أو الوصي على القاصر - بحسب الأحوال - مراعاة تضمينها عبارة تنتهي الوكالة عند بلوغ القاصر سن الرشد وذلك بمكان ظاهر بالمحرر. ثانيا : على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين والجهاز الإشرافي مراعاة ذلك.

لذا يقتضى العلم بما تقدم ومراعاة تنفيذه