جلسة 20 من مارس سنة 2024
برئاسة السيد المستشار/ علال عبد السلام لعبودي ـ رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز يعكوبي، محمد زكي خميس، د. حسين بن سليمة، زهير إسكندر، عبد الله علي، محمد الصغير، ضياء الدين عبد المجيد، د. عدلان الحاج محمود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطلب رقم 1 لسنة 2024 هيئة عامة)
(1) دعوى "الخصوم في الدعوى". هيئة عامة.
- تصحيح شكل الدعوى أو الطعن باختصام ورثة المتوفى أمام ذات درجة التقاضي الذي ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى أو قبل إيداع صحيفة الطعن بالاستئناف أو النقض بموجب مذكرة أو صحيفة جديدة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية في الميعاد المقرر. جائز. أثر ذلك: إقرار الهيئة العامة لذلك المبدأ دون ما يخالفه.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع "الدفع بانتفاء الصفة" "الدفع بعدم قبول الدعوى". محكمة الموضوع "سلطتها".
- استخلاص توافر الصفة في الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
(3) بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "الخصوم في الدعوى".
- قضاء الحكم المستأنف برفض الدفع ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لرفعها على متوفي. صحيح. متى تم تصحيح شكل الدعوى الابتدائية على نحو ما أقرته الهيئة العامة في هذا الشأن.
(4) إثبات "الإقرار" "الخبرة". خبرة. عقد "فسخ العقد وانفساخه". محكمة الموضوع "سلطتها".
- المواد 267، 272، 274 من قانون المعاملات المدنية. مفادها.
- القضاء بفسخ العقد ً. شروطه.
- تحديد أي من المتعاقدين قد قصّر في تنفيذ التزامه. موضوعي. مادام سائغاً.
- لمحكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود والمستندات وتقدير الأدلة وتقارير الخبراء واستخلاص الواقع الصحيح. متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. مثال.
- الإقرار: حجة على المقر وقاصرة عليه ولا يقبل رجوعه عنه. أساس ذلك.
(5) إثبات "الإقرار". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقد "فسخ العقد وانفساخه".
- الإقرار. ماهيته وشروط صحته. المادة 14 من قانون الإثبات.
- قضاء الحكم المستأنف بفسخ عقد الشراكة ورد ما سدده المطعون ضده للمورث دون خصم قيمة ما أقر به الأخير من أرباح رغم إعمال أثر الفسخ بإعادة الحال لما كان عليه قبل إبرام العقد الذي لم يثبت تنفيذه فعلياً. يعيبه. وجوب نقضه والقضاء بخصم قيمة ما تقاضاه المطعون ضده من المبلغ الذي قضي برده. علة ذلك.
(6) تعويض. ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها".
- التعويض. تقديره ونطاقه.
- تحديد مقدار التعويض الجابر للضرر. موضوعي. مادام سائغاً. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض قد حددت جلسة 26/2/2024 لنظر المسالة المعروضة عليها وتداولت فيها وقررت بالإجماع إقرار المبدأ الذي يجيز تصحيح شكل الدعوى أو الطعن المرفوع ابتداء ضد ميت، وذلك باختصام ورثته - أمام ذات درجة التقاضي - بموجب مذكرة أو صحيفة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية داخل المواعيد المحددة ، مادام أن الغاية المستهدفة - وهو حصول المواجهة في الخصومة بين أطراف أحياء قد تحققت بتصحيح شكل الدعوى أو الطعن عن طريق اختصام ورثة المتوفي، وهو ما ينسجم مع توجه المشرع الإجرائي في التخفيف من دواعي ترتيب جزاء البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراء على أسباب بطلانه، على اعتبار أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وأن المشرع في صياغته لقواعد قانون الإجراءات المدنية – والذي يشكل حجر الأساس بالنسبة لسائر القواعد الإجرائية - قد حرص على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على موجبات البطلان متى تحققت الغاية من الإجراء، وفق ما هو مستمد من أحكام المواد (13) و (14) و (16) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية.
2- المقرر أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان البين من مذكرة التفاهم وعقد الشراكة المحررين على مطبوعات الشركة الطاعنة السابعة والممهورين بخاتمها والمبرمين بين مورث الطاعنين الستة الأوائل والمطعون ضده وما ورد بالفقرة الثانية من البند الثالث من مذكرة التفاهم المشار إليها أن حصة المطعون ضده في رأس مال المركز الطبي محل النزاع 30,000,000 درهم تسدد على مرحلتين الأولى بمبلغ 15,000,000 درهم وقت التوقيع على تلك المذكرة والثانية بذات القيمة بعد ثلاثة أشهر من توقيع المذكرة على أن يتم تحويل تلك المبالغ إلى حساب المركز الطبي المطعون ضده السابع بحسابة المبين بتك المذكرة، وكان البين من كتاب بنك .... المؤرخ 31/8/2022 من واقع سجلاته أنه تم إيداع المبلغ المشار إليه بمذكرة التفاهم حساب المركز الطبي المطعون ضده السابع بتاريخ 26/6/2018 و 14/10/2018، بما تتوافر الصفة لكل من المطعون ضده والمركز الطبي الطاعن السابع في الدعوى باعتبار أن المبالغ المطالب بها قد تم إيداعها بحساب الطاعن الأخير وفقاً لمذكرة التفاهم المحررة على مطبوعاته والمذيلة بخاتمه ، وإذ التزم القرار المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى في مواجهة المركز الطبي الطاعن السابع لرفعها من وعلى غير ذي صفة على سند من أن المركز الطبي المذكور هو من تسلم المبالغ المسددة من المطعون ضده قيمة مشاركته في المركز الطبي محل النزاع وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى بما يضحى معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
3- لما كانت الهيئة العامة لمحكمة النقض - وعلى ما سلف بيانه - قد أقرت المبدأ القضائي الذي يجيز تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى - أمام ذات درجة التقاضي الواحدة - الذي ثبت وفاته قبل رفع الدعوى أو قبل إيداع صحيفة الطعن بالاستئناف أو النقض بموجب مذكرة أو صحيفة جديدة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية في الميعاد المقرر قانوناً وتحقق الغاية من هذا الإجراء لهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات على أسباب بطلانها وكان المطعون ضده قد قام بصحيح شكل الدعوى الابتدائية باختصام ورثة المدعى عليه الأول فيها وقد حضر الورثة بوكيل عنهم بعد إجراء ذلك التصحيح وأبدوا دفاعهم ودفوعهم وتحقق بذلك مبدأ المواجهة بين الخصوم بما تكون الخصومة بعد تصحيح شكل الدعوى – قد انعقدت صحيحة، وإذ التزم الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لرفعها على ميت، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
4- المقرر أن مفاد نص المواد 267، 272 ، 274 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العقد صحيحاً لازماً فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا بالتراضي أو التقاضي أو بمقتضى نص في القانون وأنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ويجوز للقاضي أن يلزم المدين بالتنفيذ للحال أو ينظره إلى أجل مسمى وله أن يحكم بالفسخ وبالتعويض في كل حال إن كان له مقتضى فإذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك حكم بالتعويض ، ذلك أنه وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء العاقد الآخر ، أو بمقتضى نص في القانون ، على أن القاضي لا يحكم بالفسخ إلا بتوافر شروط ثلاثة أولها أن يظل تنفيذ العقد ممكناً والثاني أن يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه والثالث أن يبقى المدين على تخلفه فيكون من ذلك مبرراً للقضاء بالفسخ ، فإذا اجتمعت هذه الشروط تحقق بذلك ما ينسب إلى المدين من خطأ أو تقصير، وكان تحديد أي من المتعاقدين قصّر في تنفيذ التزامه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولها سلطة فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والمستندات وتقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها تقارير الخبرة واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكان النص في المادة 18 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أن الإقرار حجة على المقر وقاصرة عليه ولا يقبل رجوعه عنه ، لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه الابتدائية بطلب الحكم بفسخ العقد المبرم بينه ومورث الطاعنين الستة الأوائل وإلزامهم بالتضامن والطاعنة السابعة بأن يردوا له مبلغ 30,000,000 درهم قيمة ما سدده للمورث مقابل شراكة بينهما في تأسيس مراكز طبية في الرياض وجدة ومدن أخرى بمواقع رئيسية وهامة بالمملكة العربية السعودية بحلول عام 2019 وفقاً لمذكرة التفاهم وعقد الشراكة المبرم بينهما وكان ذلك بمساهمة من المطعون ضده بمبلغ 30,000,000 درهم غير أن المورث قام بتأسيس مركز طبي بمدينة الرياض فقط ولم يسجل حصة المطعون ضده بالنسبة المتفق عليها بل قام بتسجيل ذلك المركز الطبي باسمه منفرداً ، وكان البين من تقرير الخبير الاستشاري المقدم من المطعون ضده سنداً لدعواه ان العلاقة بين المطعون ضده ومورث الطاعنين الستة الأوائل قد نشأت بناء على مذكرة تفاهم هدفت إلى التعاون بينهما في المجال الطبي، وأعقبا ذلك بالتوقيع على عقد شراكة مؤرخ 10/10/2018 ورد بالبند فيه على أن يكون نشاط الشراكة هو فتح مراكز طبية لعلاج العظام والعمود الفقري في المملكة العربية السعودية في كل من الرياض وفروع في جدة وباقي مدن المملكة، على أن يكون رأس مال المركز وفروعه - وفقاً للبند الثالث من العقد - مبلغ 60,000,000 درهم مقسمة بنسبة 50% لكل طرف وسدد المطعون ضده مبلغ 30,000,000 درهم قيمة حصته في تلك الشراكة بموجب تحويلات مصرفية من حسابه المدعي ببنك .... إلى حساب المركز الطبي الطاعن السابع ببنك .... حساب رقم (....) ولم يوف المورث بالتزاماته التعاقدية الواردة بمذكرة التفاهم وعقد الشراكة محل النزاع، ولم يلتزم بما نص عليه البند الثاني في عقد الشراكة من افتتاح مراكز للعلاج الطبيعي بمدينة الرياض ومدينة جدة وباقي المدن السعودية وقام بفتح مركز طبي في مدينة الرياض باسم (.... لعلاج العمود الفقري) ولم يسجل للمطعون ضده حصته بواقع 50% وفق ما تم الاتفاق عليه، كما لم ينشئ أي مراكز طبية في أي مدينة أخرى وفق اتفاق الطرفين، ولم يقدم المورث ما يفيد أنه قام بسداد حصته من رأس المال البالغة 30,000,000 درهم كما لم يقدم مستندات موثوقة تثبت التكاليف المتكبدة في تأسيس مركز (.... لعلاج العمود الفقري) بالرياض محل الشراكة، ولم يلتزم بتوثيق الشراكة بينه وبين المطعون ضده حيث لم يرد اسم المطعون ضده بالرخصة التجارية الصادرة للمركز الطبي المذكور من وزارة التجارة السعودية، وإذ أقام الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قضاءه بفسخ عقد الشراكة محل النزاع لإخلال مورث الطاعنين بالتزاماته التعاقدية تجاه المطعون ضده استناداً لما انتهى إليه تقرير الخبير الاستشاري المقدم من المطعون ضده بعد أن اطمأن لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة واستبعد ما ورد بتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعنين وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها والأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبرة المقدمة في الدعوى وأعمل أثر فسخ العقد بإعادة الحال لما كان عليه قبل التعاقد برد ما قام المطعون ضده بسداده لمورث الطاعنين الستة الأُوائل في حساب المركز الطبي الطاعن السابع فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ولا على القرار المطعون فيه إن التفت عن طلب الطاعنين بندب خبرة جديدة طالما وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لحمل قضائه ، ولا ينال من ذلك ما تمسك به الطاعنون من صدور قرار مجلس الوزراء رقم 5 لسنة 2020 باعتبار جائحة كورونا أزمة مالية طارئة من تاريخ 1/4/2020 حتى شهر 7/2022 بما تعذر معه افتتاح فروع أخرى بمدينة جدة وباقي المدن السعودية أو ما ورد إقرار الشراكة الموثق الذي تم الاشتراط فيه على أن تسجيل اسم المطعون ضده برخصة ذلك المركز الطبي بالرياض يكون متى رغب في ذلك ولم يعبر المطعون ضده عن رغبته في إضافة اسمه كشريك في ذلك المركز الطبي ، ذلك أن أثر إعمال قرار مجلس الوزراء باعتبار جائحة كورونا أزمة مالية طارئة إنما ينحصر داخل دولة الإمارات العربية المتحدة محل تنفيذ عقد الشراكة خارج حدود الدولة فضلاً عن أن التزام المورث بفتح فروع أخرى للمركز الطبي بالرياض كان في الشهر الثالث والرابع والخامس من العام 2019 أي قبل سريان قرار اعتبار تلك الجائحة أزمة مالية طارئة ، وكان ما ورد بتصديق مكتب المحامي السعودي بإثبات إقرار مورث الطاعنين الستة الأوائل شراكة المطعون ضده في المركز الطبي المسمى .... لعلاج العمود الفقري بالرياض وسداده مبلغ 30,000,000 درهم وتعهد المورث بتسجيل اسم المطعون ضده في الشراكة معه متى طلب ذلك إنما هو مجرد إقرار صادر من المورث وقاصر على المقر ولا يتعداه إلى غيره بما لا ينال بما انتهى إليه القرار المطعون فيه من تحديد الطرف المخل بالتزاماته التعاقدية وفسخ العقد محل النزاع، بما يضحى معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
5- لما كان النص في المادة 14 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أن "1- الإقرار هو إخبار الشخص عن حق عليه لآخر. 2- ويكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام المحكمة مباشرة أو من خلال أي وسيلة من وسائل تقنية اتصال عن بعد بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى متعلقة بهذه الواقعة سواء كانت المحكمة التي تنظر الدعوى أو القاضي المشرف حسب الأحوال. 3- ويكون الإقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة أو كان بخصوص أثير في دعوى أخرى" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل في الإقرار أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وتحسم النزاع في شأنها ، ويشترط لصحة الإقرار أن يصدر من المقر عن قصد الاعتراف بالحق المدعى به بصيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، وأن يكون تعبير المقر عن إرادة جدية حقيقية، فإذا ما شابه مظنة أو اعتراه شك فلا يؤخذ به صاحبه ولا يعتبر من قبيل الإقرار الملزم ، لما كان ذلك وكان البين من تحقيقات النيابة العامة في العريضة رقم 10 لسنة 2022 عرائض مكتب النائب العام المرفقة ضمن مستندات الطاعنين لدى محكمة أول درجة إقرار المطعون ضده بأن مورث الطاعنين الستة الأوائل قد أرسل له مبلغ 700,000 درهم على دفعتين كأرباح للشراكة بينهما، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قضى بفسخ عقد الشراكة بين طرفيه ورد ما سدده المطعون ضده للمورث المذكور بقيمة 30,000,000 درهم دون خصم قيمة ما أقر به الأخير من أرباح رغم إعمال أثر الفسخ بإعادة الحال لما كان عليه قبل إبرام عقد الشراكة التي لم يثبت تنفيذها فعلياً على النحو الذي اتفق عليه الطرفان، إذ استأثر مورث الطاعنين الستة الأوائل بتوظيف أموال الشركة لحسابه الخاص بأن سجل المركز الطبي الذي تم افتتاحه بمدنية الرياض باسمه، مما ينم عن عدم القيام الفعلي للشركة محل التعاقد، وبالتالي يكون ما أقر المطعون ضده باستلامه من المورث المذكور - أياً كان الوصف الذي أضفاه عليه - يعتبر في حقيقته استعادة لجزء من رأس المال المدفوع من قبله، وليس جزءاً من الأرباح طالما لم يثبت قيام الشركة فعلياً، بما يعيبه ويوجب نقضه جزئياً بخصم قيمة ما تقاضاه المطعون ضده من المبلغ الذي قضي برده.
6- المقرر أن التعويض يقدر بقدر الضرر ويشمل هذا الأخير ما حاق بالمضرور من خسارة وما فاته من كسب التزاماً بالقاعدة الشرعية بأن لا ضرر ولا ضرار وأن الضرر ينبغي أن يزال وكان تحديد مقدار التعويض الجابر للضرر من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قد قدر التعويض الجابر للضرر الذي لحق بالمطعون ضده والمتمثل في حرمانه من استثمار المبلغ الذي سدده لمورث الطاعنين الستة الأوائل ومقداره 30,000,000 درهم نتيجة خطأ المورث المذكور لعدم تنفيذ التزاماته التعاقدية بمبلغ 1,000,000 درهم بعد أن قضى بفسخ العقد المبرم بين طرفيه وبإعادة الحال لما كان عليه وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض الجابر للضرر بما يضحى معه النعي على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئــــــــــة
حيث إن الواقعات - على ما يبين من القرار المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 546 لسنة 2023 تجاري ابتدائي أبو ظبي بطلب ضم ملف الحجز التحفظي رقم 788 لسنة 2023 عرائض مستعجل أبو ظبي والحكم بصحة وثبوت ذلك الحجز التحفظي وبفسخ العقد وإلزام مورث الطاعنين الستة الأوائل بالتضامن مع الشركة الطاعنة السابعة بأن يردوا له مبلغ 30,000,000 درهم والتعويض بمبلغ 1,500,000 درهم عن الضرر الذي لحق به نتيجة حبس المبلغ المطالب به، على سند من القول إن مورث الطاعنين يمتلك مركزاً طبياً في مدينة أبو ظبي وله فروع في مدينة العين وإمارة الشارقة وكان المطعون ضده يتردد على ذلك المركز للعلاج بصورة دورية فاستغل المورث المذكور علاقته به كطبيب ورضاه عن الخدمة الطبية المقدمة وأخبره بأنه يخطط لإنشاء مراكز طبية مماثلة في الرياض وجدة بالمملكة العربية السعودية وأن رأس مال ذلك المشروع يصل لمبلغ 60,000,000 درهم وأنه يتوافر لديه نصف ذلك المبلغ وبحاجة لمستثمر لتأمين باقي المبلغ، فقام الطرفان بتوقيع اتفاق التزم بموجبه المورث بتأسيس مراكز طبية في الرياض وجدة ومدن أخرى بمواقع رئيسية وهامة بالمملكة العربية السعودية بحلول عام 2019 بمساهمة من المطعون ضده بمبلغ 30,000,000 درهم في ذلك المشروع تسدد على دفعتين بحصة مقدارها 50% في تلك المراكز بعد تأسيسها وقام المطعون ضده بسداد كامل المبلغ الخاص به على دفعتين الأولى بتاريخ 26/6/2018والثانية بتاريخ 14/10/2018 بموجب حوالتين مصرفيتين من حسابه إلى حساب المورث والطاعنة السابعة ، غير أن المورث قام بتأسيس مركز طبي بمدينة الرياض فقط ولم يسجل حصة المطعون ضده بالنسبة المتفق عليها بل قام بتسجيل ذلك المركز الطبي باسمه منفرداً بما يعتبر إخلالاً من المورث بالتزاماته التعاقدية يوجب فسخ العقد المبرم بينهما والتعويض عن الأضرار التي لحقت به، فاستصدر المطعون ضده الأمر على العريضة رقم 688 لسنة 2023 عرائض مستعجل أبو ظبي بتوقيع الحجز التحفظي على أموال وممتلكات المورث والطاعنة السابعة ضماناً للوفاء بمبلغ 30,000,000 درهم ، فأقام الدعوى. صحح المطعون ضده شكل الدعوى باختصام الورثة الطاعنين الستة الأوائل، وأودعت النيابة العامة مذكرة - لوجود قصر في الدعوى – فوضت فيها الرأي إلى المحكمة، دفع الورثة الطاعنون ببطلان صحيفة الدعوى لاختصام مورثهم الذي توفى قبل قيد الدعوى، كما دفعوا والمطعون ضدها السابعة بعدم قبول الدعوى في مواجهتهم لرفعها من وعلى غير ذي صفة، وبعدم قبول الدعوى إلا في حدود ما آل إليهم من مورثهم من تركة في شركة .... لعلاج العمود الفقري بالسعودية. رفضت المحكمة الدفوع المبداة من الطاعنين وحكمت بتصحيح الخصومة بإحلال الورثة الطاعنين محل مورثهم وبفسخ العقد الموقع من مورث الطاعنين والمطعون ضده وبإلزام الورثة الطاعنين بالتضامن مع المطعون ضدها السابعة بأن يؤدوا للمطعون ضده مبلغ 31,000,000 درهم على أن يكون ذلك فيما خص الورثة في حدود ما آل إليهم من التركة.
استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2472 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي، وبتاريخ 12/12/2023 قررت محكمة الاستئناف في غرفة مشورة تأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنون في هذا القضاء بطريق النقض، وأودع المطعون ضده مذكرة التمس فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة قررت إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها بمحكمة النقض - وفقاً للمادة 10 مكرر 3 من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبوظبي المضافة بالقانون رقم 13 لسنة 2018 - وذلك للعدول عما سبق وأن أصدرته من أحكام أقرت فيها مبدأً قضائياً يقضي بأنه يجب أن تتوافر في المدعى عليه أهلية الاختصام والأهلية الإجرائية بما يوجب أن يكون حياً عند رفع الدعوى في مواجهته، فإن ثبت أنه كان قد توفى من قبل رفع الدعوى وقع اختصامه فيها معدوماً ولا يصححه إجراء لاحق كاختصام ورثته بموجب تصحيح لشكل الدعوى. وإقرار مبدأ مغاير جديد يجيز تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى - أمام ذات درجة التقاضي الواحدة - الذي ثبت وفاته قبل رفع الدعوى أو قبل إيداع صحيفة الطعن بالاستئناف أو النقض بموجب مذكرة أو صحيفة جديدة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية في الميعاد المقرر قانوناً وتحقق الغاية من هذا الإجراء لهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات على أسباب بطلانها.
وحيث حددت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية بمحكمة النقض جلسة 26/2/2024 لنظر المسالة المعروضة عليها وتداولت فيها وقررت بالإجماع إقرار المبدأ الذي يجيز تصحيح شكل الدعوى أو الطعن المرفوع ابتداء ضد ميت، وذلك باختصام ورثته - أمام ذات درجة التقاضي - بموجب مذكرة أو صحيفة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية داخل المواعيد المحددة ، مادام أن الغاية المستهدفة - وهو حصول المواجهة في الخصومة بين أطراف أحياء قد تحققت بتصحيح شكل الدعوى أو الطعن عن طريق اختصام ورثة المتوفي، وهو ما ينسجم مع توجه المشرع الإجرائي في التخفيف من دواعي ترتيب جزاء البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراء على أسباب بطلانه، على اعتبار أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وأن المشرع في صياغته لقواعد قانون الإجراءات المدنية – والذي يشكل حجر الأساس بالنسبة لسائر القواعد الإجرائية - قد حرص على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على موجبات البطلان متى تحققت الغاية من الإجراء، وفق ما هو مستمد من أحكام المواد (13) و (14) و (16) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بإلزام الشركة الطاعنة السابعة بالتضامن مع باقي الطاعنين بالمبلغ المقضي به على سند أن التحويلات النقدية التي تم سدادها من المطعون ضده لشراكة مورث الطاعنين الستة الأوائل لافتتاح المركز الطبي في المملكة العربية السعودية كانت في حسابات تلك الشركة الطاعنة السابعة ورفض الدفع المبدى من تلك الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى في مواجهتها لرفعها من وعلى غير ذي صفة بالنسبة لها لعدم وجود تعاقد بينها وبين المطعون ضده وباعتبار أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة لها شخصية اعتبارية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها ، فضلاً عن إقرار المطعون ضده بأنه قام بإجراء تحويل المبالغ المقضي بها لصالحه ومقدارها 30,000,000 درهم للمشاركة في المركز الطبي بالمملكة العربية السعودية وإتمام الترخيص باسم شركة .... لعلاج العمود الفقري بمدينة الرياض بالمملكة وأنه قد ثبت تحويل مبلغ 50,000,000 درهم من حساب الشركة الطاعنة السابعة إلى حساب المركز الطبي المشار إليه بالمملكة وبما لا يكفي مجرد إيداع المبلغ المقضي به حساب الطاعنة السابعة لتقرير صفتها في النزاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان البين من مذكرة التفاهم وعقد الشراكة المحررين على مطبوعات الشركة الطاعنة السابعة والممهورين بخاتمها والمبرمين بين مورث الطاعنين الستة الأوائل والمطعون ضده وما ورد بالفقرة الثانية من البند الثالث من مذكرة التفاهم المشار إليها أن حصة المطعون ضده في رأس مال المركز الطبي محل النزاع 30,000,000 درهم تسدد على مرحلتين الأولى بمبلغ 15,000,000 درهم وقت التوقيع على تلك المذكرة والثانية بذات القيمة بعد ثلاثة أشهر من توقيع المذكرة على أن يتم تحويل تلك المبالغ إلى حساب المركز الطبي المطعون ضده السابع بحسابة المبين بتك المذكرة، وكان البين من كتاب بنك .... المؤرخ 31/8/2022 من واقع سجلاته أنه تم إيداع المبلغ المشار إليه بمذكرة التفاهم حساب المركز الطبي المطعون ضده السابع بتاريخ 26/6/2018 و 14/10/2018، بما تتوافر الصفة لكل من المطعون ضده والمركز الطبي الطاعن السابع في الدعوى باعتبار أن المبالغ المطالب بها قد تم إيداعها بحساب الطاعن الأخير وفقاً لمذكرة التفاهم المحررة على مطبوعاته والمذيلة بخاتمه ، وإذ التزم القرار المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى في مواجهة المركز الطبي الطاعن السابع لرفعها من وعلى غير ذي صفة على سند من أن المركز الطبي المذكور هو من تسلم المبالغ المسددة من المطعون ضده قيمة مشاركته في المركز الطبي محل النزاع وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى بما يضحى معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف برفض الدفع المبدى ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لرفعها على ميت وأنه لا يجوز تصحيح ذلك البطلان بتقديم صحيفة معدلة باختصام ورثة المتوفى بما يبطل الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الهيئة العامة لمحكمة النقض - وعلى ما سلف بيانه - قد أقرت المبدأ القضائي الذي يجيز تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى - أمام ذات درجة التقاضي الواحدة - الذي ثبت وفاته قبل رفع الدعوى أو قبل إيداع صحيفة الطعن بالاستئناف أو النقض بموجب مذكرة أو صحيفة جديدة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية في الميعاد المقرر قانوناً وتحقق الغاية من هذا الإجراء لهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات على أسباب بطلانها وكان المطعون ضده قد قام بصحيح شكل الدعوى الابتدائية باختصام ورثة المدعى عليه الأول فيها وقد حضر الورثة بوكيل عنهم بعد إجراء ذلك التصحيح وأبدوا دفاعهم ودفوعهم وتحقق بذلك مبدأ المواجهة بين الخصوم بما تكون الخصومة بعد تصحيح شكل الدعوى - قد انعقدت صحيحة، وإذ التزم الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى ببطلان صحيفة الدعوى الابتدائية لرفعها على ميت، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير سند خليقاً بالرفض .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث والرابع والخامس من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه بفسخ عقد الشراكة المبرم بين مورث الطاعنين والمطعون ضده وإلزام الطاعنين برد قيمة ما سدده المطعون ضده والتعويض على سند من إخلال المورث بالتزاماته التعاقدية الواردة بذلك العقد وبعدم إدراج اسم المطعون ضده في الرخصة التجارية شريكاً له بالمركز الطبي الذي تم افتتاحه بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية وفقاً للاتفاق المبرم بينهما رغم أن أي من الاتفاقيات المبرمة بينهما لم تشترط تسجيل اسم المطعون ضده في الرخصة التجارية لذلك المركز إلا إقرار الشراكة الموثق الذي تم الاشتراط فيه على أن تسجيل اسم المطعون ضده برخصة ذلك المركز الطبي يكون متى رغب في ذلك ولم يعبر ذلك الأخير عن رغبته في إضافة اسمه كشريك في ذلك المركز الطبي بما لا يعد ذلك إخلالاً من المورث في التزاماته التعاقدية بما لا يجوز لمحكمة الموضوع الانحراف عن عبارات النص الواضحة خاصة ولم يعترض المطعون ضده على تسجيل المركز الطبي محل النزاع باسم المورث عام 2019 وحتى قبل إقامته الدعوى محل النزاع بما يعتبر ذلك موافقة منه على عدم إضافة اسمه بذلك الترخيص خاصة وأنه لم يتمسك بعدم إضافة اسمه بذلك الترخيص إلا بعد أن منيت الشراكة بخسائر بسبب جائحة كورونا بعد أن مارس المركز الطبي نشاطه وأصدر ميزانياته السنوية بما كان يوجب في حالة القضاء ببطلان عقد الشراكة إجراء تصفية لتلك الشراكة لتسوية حقوق الشركاء فيها ، وقد أقر المطعون ضده بقيام تلك الشراكة وافتتاح المركز الطبي بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية وتقديم فواتير المصروفات التي بلغت ما يزيد عن 55 مليون درهم غير أن القرار المطعون فيه رفض الاستناد لتك الفواتير بزعم أنها غير موثقة كما رفض الأخذ بتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعنين وأخذ بتقرير الخبرة الاستشاري المقدم من المطعون ضده دون تعليل لذلك أو الاستعانة بخبير منتدب من المحكمة للتحقق من المستندات المقدمة من الطاعنين لترجيح أي من تقريري الخبرة الاستشارية المقدمة من الطرفين ودون تصدى القرار المطعون فيه لدفاع الطاعنين الجوهري بالقوة القاهرة لجائحة كورونا وأثرها على إغلاق المركز الطبي بالرياض خلال فترة تلك الجائحة واستمرار سداد إيجار المركز ومرتبات موظفيه من حساب المورث الشخصي لتجنب انهيار الشراكة رغم صدور قرار مجلس الوزراء رقم 5 لسنة 2020 باعتبار جائحة كورونا أزمة مالية طارئة من تاريخ 1/4/2020 حتى شهر 7/2022 بما تعذر معه افتتاح فروع أخرى بمدينة جدة وباقي المدن السعودية مما يعيب القرار ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نص المواد 267، 272 ، 274 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العقد صحيحاً لازماً فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا بالتراضي أو التقاضي أو بمقتضى نص في القانون وأنه في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ويجوز للقاضي أن يلزم المدين بالتنفيذ للحال أو ينظره إلى أجل مسمى وله أن يحكم بالفسخ وبالتعويض في كل حال إن كان له مقتضى فإذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك حكم بالتعويض ، ذلك أنه وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء العاقد الآخر ، أو بمقتضى نص في القانون ، على أن القاضي لا يحكم بالفسخ إلا بتوافر شروط ثلاثة أولها أن يظل تنفيذ العقد ممكناً والثاني أن يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه والثالث أن يبقى المدين على تخلفه فيكون من ذلك مبرراً للقضاء بالفسخ ، فإذا اجتمعت هذه الشروط تحقق بذلك ما ينسب إلى المدين من خطأ أو تقصير، وكان تحديد أي من المتعاقدين قصّر في تنفيذ التزامه من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع باستخلاصها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولها سلطة فهم الواقع في الدعوى وتفسير صيغ العقود والمستندات وتقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها تقارير الخبرة واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكان النص في المادة 18 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أن الإقرار حجة على المقر وقاصرة عليه ولا يقبل رجوعه عنه ، لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه الابتدائية بطلب الحكم بفسخ العقد المبرم بينه ومورث الطاعنين الستة الأوائل وإلزامهم بالتضامن والطاعنة السابعة بأن يردوا له مبلغ 30,000,000 درهم قيمة ما سدده للمورث مقابل شراكة بينهما في تأسيس مراكز طبية في الرياض وجدة ومدن أخرى بمواقع رئيسية وهامة بالمملكة العربية السعودية بحلول عام 2019 وفقاً لمذكرة التفاهم وعقد الشراكة المبرم بينهما وكان ذلك بمساهمة من المطعون ضده بمبلغ 30,000,000 درهم غير أن المورث قام بتأسيس مركز طبي بمدينة الرياض فقط ولم يسجل حصة المطعون ضده بالنسبة المتفق عليها بل قام بتسجيل ذلك المركز الطبي باسمه منفرداً ، وكان البين من تقرير الخبير الاستشاري المقدم من المطعون ضده سنداً لدعواه ان العلاقة بين المطعون ضده ومورث الطاعنين الستة الأوائل قد نشأت بناء على مذكرة تفاهم هدفت إلى التعاون بينهما في المجال الطبي، وأعقبا ذلك بالتوقيع على عقد شراكة مؤرخ 10/10/2018 ورد بالبند فيه على أن يكون نشاط الشراكة هو فتح مراكز طبية لعلاج العظام والعمود الفقري في المملكة العربية السعودية في كل من الرياض وفروع في جدة وباقي مدن المملكة، على أن يكون رأس مال المركز وفروعه - وفقاً للبند الثالث من العقد - مبلغ 60,000,000 درهم مقسمة بنسبة 50% لكل طرف وسدد المطعون ضده مبلغ 30,000,000 درهم قيمة حصته في تلك الشراكة بموجب تحويلات مصرفية من حسابه المدعي ببنك .... إلى حساب المركز الطبي الطاعن السابع ببنك .... حساب رقم (....) ولم يوف المورث بالتزاماته التعاقدية الواردة بمذكرة التفاهم وعقد الشراكة محل النزاع، ولم يلتزم بما نص عليه البند الثاني في عقد الشراكة من افتتاح مراكز للعلاج الطبيعي بمدينة الرياض ومدينة جدة وباقي المدن السعودية وقام بفتح مركز طبي في مدينة الرياض باسم (.... لعلاج العمود الفقري) ولم يسجل للمطعون ضده حصته بواقع 50% وفق ما تم الاتفاق عليه، كما لم ينشئ أي مراكز طبية في أي مدينة أخرى وفق اتفاق الطرفين، ولم يقدم المورث ما يفيد أنه قام بسداد حصته من رأس المال البالغة 30,000,000 درهم كما لم يقدم مستندات موثوقة تثبت التكاليف المتكبدة في تأسيس مركز (.... لعلاج العمود الفقري) بالرياض محل الشراكة، ولم يلتزم بتوثيق الشراكة بينه وبين المطعون ضده حيث لم يرد اسم المطعون ضده بالرخصة التجارية الصادرة للمركز الطبي المذكور من وزارة التجارة السعودية، وإذ أقام الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قضاءه بفسخ عقد الشراكة محل النزاع لإخلال مورث الطاعنين بالتزاماته التعاقدية تجاه المطعون ضده استناداً لما انتهى إليه تقرير الخبير الاستشاري المقدم من المطعون ضده بعد أن اطمأن لما ورد فيه من أبحاث وما انتهى إليه من نتيجة واستبعد ما ورد بتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعنين وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها والأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبرة المقدمة في الدعوى وأعمل أثر فسخ العقد بإعادة الحال لما كان عليه قبل التعاقد برد ما قام المطعون ضده بسداده لمورث الطاعنين الستة الأُوائل في حساب المركز الطبي الطاعن السابع فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ولا على القرار المطعون فيه إن التفت عن طلب الطاعنين بندب خبرة جديدة طالما وجد في أوراق الدعوى ما يكفي لحمل قضائه ، ولا ينال من ذلك ما تمسك به الطاعنون من صدور قرار مجلس الوزراء رقم 5 لسنة 2020 باعتبار جائحة كورونا أزمة مالية طارئة من تاريخ 1/4/2020 حتى شهر 7/2022 بما تعذر معه افتتاح فروع أخرى بمدينة جدة وباقي المدن السعودية أو ما ورد إقرار الشراكة الموثق الذي تم الاشتراط فيه على أن تسجيل اسم المطعون ضده برخصة ذلك المركز الطبي بالرياض يكون متى رغب في ذلك ولم يعبر المطعون ضده عن رغبته في إضافة اسمه كشريك في ذلك المركز الطبي ، ذلك أن أثر إعمال قرار مجلس الوزراء باعتبار جائحة كورونا أزمة مالية طارئة إنما ينحصر داخل دولة الإمارات العربية المتحدة محل تنفيذ عقد الشراكة خارج حدود الدولة فضلاً عن أن التزام المورث بفتح فروع أخرى للمركز الطبي بالرياض كان في الشهر الثالث والرابع والخامس من العام 2019 أي قبل سريان قرار اعتبار تلك الجائحة أزمة مالية طارئة ، وكان ما ورد بتصديق مكتب المحامي السعودي بإثبات إقرار مورث الطاعنين الستة الأوائل شراكة المطعون ضده في المركز الطبي المسمى .... لعلاج العمود الفقري بالرياض وسداده مبلغ 30,000,000 درهم وتعهد المورث بتسجيل اسم المطعون ضده في الشراكة معه متى طلب ذلك إنما هو مجرد إقرار صادر من المورث وقاصر على المقر ولا يتعداه إلى غيره بما لا ينال بما انتهى إليه القرار المطعون فيه من تحديد الطرف المخل بالتزاماته التعاقدية وفسخ العقد محل النزاع، بما يضحى معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه القصور في التسبيب إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بفسخ عقد الشراكة المبرم بين مورث الطاعنين الستة الأوائل وبين المطعون ضده وإعادة الحال لما كان عليه وبإلزامهم برد مبلغ 30,000,000 درهم للمطعون ضده قيمة ما سدده للمورث في تلك الشراكة دون خصم المبالغ التي أقر المطعون ضده باستلامها من المورث ومقدارها 700,000 درهم وفقاً للثابت بتحقيقات النيابة العامة في العريضة رقم 10 لسنة 2022 عرائض النائب العام محل شكوى المطعون ضده للمورث ورغم أن المبالغ التي تسلمها الأخير وفقاً لتقرير الخبير الاستشاري المقدم من الطاعنين كانت 900,000 درهم وقد رفض القرار المطعون فيه خصم تلك المبالغ من قيمة ما تم رده للمطعون ضده على سند من عدم بيان طبيعة تلك المبالغ المسددة للمطعون ضده وعما إذا كانت أرباحاً أم استعادة لرأس المال مما يعيب القرار ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 14 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بإصدار قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أن "1- الإقرار هو إخبار الشخص عن حق عليه لآخر. 2- ويكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام المحكمة مباشرة أو من خلال أي وسيلة من وسائل تقنية اتصال عن بعد بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى متعلقة بهذه الواقعة سواء كانت المحكمة التي تنظر الدعوى أو القاضي المشرف حسب الأحوال. 3- ويكون الإقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة أو كان بخصوص أثير في دعوى أخرى" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الأصل في الإقرار أنه اعتراف شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثاراً قانونية بحيث تصبح في غير حاجة إلى الإثبات وتحسم النزاع في شأنها ، ويشترط لصحة الإقرار أن يصدر من المقر عن قصد الاعتراف بالحق المدعى به بصيغة تفيد ثبوت الحق المقر به على سبيل الجزم واليقين، وأن يكون تعبير المقر عن إرادة جدية حقيقية، فإذا ما شابه مظنة أو اعتراه شك فلا يؤخذ به صاحبه ولا يعتبر من قبيل الإقرار الملزم ، لما كان ذلك وكان البين من تحقيقات النيابة العامة في العريضة رقم 10 لسنة 2022 عرائض مكتب النائب العام المرفقة ضمن مستندات الطاعنين لدى محكمة أول درجة إقرار المطعون ضده بأن مورث الطاعنين الستة الأوائل قد أرسل له مبلغ 700,000 درهم على دفعتين كأرباح للشراكة بينهما، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قضى بفسخ عقد الشراكة بين طرفيه ورد ما سدده المطعون ضده للمورث المذكور بقيمة 30,000,000 درهم دون خصم قيمة ما أقر به الأخير من أرباح رغم إعمال أثر الفسخ بإعادة الحال لما كان عليه قبل إبرام عقد الشراكة التي لم يثبت تنفيذها فعلياً على النحو الذي اتفق عليه الطرفان، إذ استأثر مورث الطاعنين الستة الأوائل بتوظيف أموال الشركة لحسابه الخاص بأن سجل المركز الطبي الذي تم افتتاحه بمدنية الرياض باسمه، مما ينم عن عدم القيام الفعلي للشركة محل التعاقد، وبالتالي يكون ما أقر المطعون ضده باستلامه من المورث المذكور - أياً كان الوصف الذي أضفاه عليه - يعتبر في حقيقته استعادة لجزء من رأس المال المدفوع من قبله، وليس جزءاً من الأرباح طالما لم يثبت قيام الشركة فعلياً، بما يعيبه ويوجب نقضه جزئياً بخصم قيمة ما تقاضاه المطعون ضده من المبلغ الذي قضي برده.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السابع من أسباب الطعن على القرار المطعون فيه القصور في التسبيب إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف بإلزامهم بأداء مبلغ 1,000,000 درهم كتعويض للمطعون ضده استناداً لتقرير الخبير الاستشاري المقدم من المطعون ضده دون سند من عقد أو قانون ودون بيان سند التعويض وما إذا كانت عن المسؤولية التقصيرية أم العقدية مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التعويض يقدر بقدر الضرر ويشمل هذا الأخير ما حاق بالمضرور من خسارة وما فاته من كسب التزاماً بالقاعدة الشرعية بأن لا ضرر ولا ضرار وأن الضرر ينبغي أن يزال وكان تحديد مقدار التعويض الجابر للضرر من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بشرط أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد بالقرار المطعون فيه قد قدر التعويض الجابر للضرر الذي لحق بالمطعون ضده والمتمثل في حرمانه من استثمار المبلغ الذي سدده لمورث الطاعنين الستة الأوائل ومقداره 30,000,000 درهم نتيجة خطأ المورث المذكور لعدم تنفيذ التزاماته التعاقدية بمبلغ 1,000,000 درهم بعد أن قضى بفسخ العقد المبرم بين طرفيه وبإعادة الحال لما كان عليه وكان ذلك في حدود سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير التعويض الجابر للضرر بما يضحى معه النعي على غير سند من القانون خليقاً بالرفض. وحيث إنه ولما تقدم، وكان الموضوع صالح للفصل فيه،
لـــــــــــــذلك
حكمـــت الهيئـــة العامـة:
أولاً: بإقرار المبدأ الذي يقضي بإجازة تصحيح شكل الدعوى أو الطعن باختصام ورثة المتوفى - أمام ذات درجة التقاضي - الذي ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى أو قبل إيداع صحيفة الطعن بالاستئناف أو النقض بموجب مذكرة أو صحيفة جديدة تودع مكتب إدارة الدعوى مستوفية لكافة شرائطها القانونية في الميعاد المقرر.
ثانياً: بنقض القرار المطعون فيه جزيئاً وألزمت الطاعنين ثلاثة أرباع الرسوم والمصروفات والمطعون ضده الربع الآخر وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وبمصادرة ثلاثة أرباع التأمين ورد الباقي للطاعنين. وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 2472 لسنة 2023 تجاري أبو ظبي بتعديل الحكم المستأنف بجعل المبلغ المقضي به 30,300,000 بدلاً من 31,000,000 درهم وتأييده فيما عدا ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ