بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-02-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 6 لسنة2023 طعن عمالي
طاعن:
أيمن محمد شاكر إبراهيم سليمان
مطعون ضده:
نيو ميديكال سنتر ش .ذ.م.م
مستشفي ان ام سي التخصصى - ش ذ م م
مستشفى ان ام سي رويال ش.ذ.م.م
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1772 استئناف عمالي
بتاريخ 15-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده القاضي المقرر عمر يونس جعرور وبعد المداولة.
حيث أن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن الطاعن أقام قِبل المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 108 لسنة 2018 عمالي كلي - أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 1.734.300 درهماً، والفائدة 12% من تاريخ المطالبة، وتسليمه شهادة خبرة بمدة خدمته متضمنة عدد العمليات الجراحية التي قام بها. وامتنعت عن أداء مستحقاته بدون مبرر، فتقدم بشكوى للجهة المختصة وقد تعذرت التسوية وتم إحالته للمحكمة فقيد الدعوى بمستحقاته. تأسيساً على إنه عمل لديها طبيب بموجب عقد عمل محدد المدة اعتباراً من تاريخ 5-7-2014 بأجر شهري إجمالي مبلغ 150.000 درهم وظل على رأس عمله إلى أن أوقفته عن العمل في 18-12-2017، وامتنعت عن سداد مستحقاته المتمثلة بالآتي مبلغ 90.000 درهم أجور 18 يوماً من شهر ديسمبر لسنة 2017، ومبلغ 450.000 درهم تعويض عن الفصل التعسفي، ومبلغ 450.000 درهم بدل إنذار أجرة ثلاث أشهر، ومبلغ 363.300 درهم مكافأة نهاية خدمة، ومبلغ 140.000 درهم نسبة من عمليات أجريت في شهري يونيو وأغسطس لسنة 2017، ومبلغ 250.000 درهم نسبة من عمليات تمت في ديسمبر لسنة 2017، ومبلغ 3000 درهم تذكرة عودة. وقدم الحاضر عن المطعون ضدها الأولى دعوى متقابلة ضد الطاعن بطلب ندب لجنة خبراء مكونه من خبير طبيب، وخبير تأمين، وخبير خطوط، لتكون مهمتهم تقييم الحالات الطبية التي قام بها الطاعن تبعاً لما أثارته شركة (ضمان للتأمين) من تلاعب وتباين في التقارير الواردة إليها لعدة حالات مرضية ليتم الصرف من شركة التأمين، وحفظ حقها في المطالبة بالتعويض على ضوء ما يخلص له تقرير لجنة الخبراء، وإلزامه ببدل إنذار، وتعويض عن فسخه العقد ما يعادل أجر ثلاثة أشهر. تأسيساً على أنه لديها عقود مع شركات التأمين والطاعن طبيب يعمل لديها قام بعمل تقارير توقيعها وختمها وإحالتها إلى شركة التأمين لتقوم بتوريد المبالغ المالية عنها، وقامت شركة ضمان للتأمين بتدقيق ملفات مقدمة باسم وختم الطاعن فوجدت تبايناً في تقاريره لأكثر من (60) حالة. وندبت المحكمة لجنة من الخبراء [خبير في مجال الجراحة وفق اختصاص الطاعن، وخبير في التأمين، وخبير في الخط والتزوير، وخبير حسابي] أودع كل خبير منهم تقريريه الأصلي والتكميلي، و أدخلت المطعون ضدها الأولى كل من المطعون ضدهما الثانية والثالثة انضمامياً إلى جانبها وطلبوا بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون ضدها الثانية -المتدخلة الأولى- مبلغ ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف درهم تعويضاً لها عن الضرر الذي تسببه لها أثناء عمله لديها والثابتة بموجب قرار المخالفة رقم 159لسنة 2018 وقرار المخالفة رقم 168 لسنة 2018 مع الفائدة (9%) من تاريخ قرار المخالفة 19-7-2018 وحتى تمام السداد، وبأن يدفع للمطعون ضدها الثالثة- للمتدخلة الثانية- مبلغ خمسة ملايين وخمسمائة ألف درهم عن الأضرار التي سببها لها أثناء عمله لديها، والثابتة بموجب قرار المخالفة رقم 160 لسنة2018 مع الفائدة (9%) من تاريخ 19-7-2018 وهم جميعاً ينضوون تحت مظلة واحدة (مجموعة ان ام سي). وبتاريخ 19-3-2020 حكمت المحكمة بقبول الدعوى المتقابلة، وطلب التدخل الإنضمامي للمطعون ضدهما الثانية والثالثة( للمتدخلتين انضمامياً) إلى جانب المطعون ضدها الأولى شكلاً، وفي موضوع الدعوى المتقابلة: بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهم مبلغ 5.640.000 درهم يمثل قيمة الضرر الفعلي اللاحق بهم بالإضافة للفائدة التأخيرية 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية في 6-9-2018 وحتى تمام السداد بحيث أن يكون مبلغ 1.700.000 درهم للمطعون ضدهما الأولى والثانية، ومبلغ 3.940.000 درهم للمطعون ضدهما الأولى والثالثة وهذه المبالغ تمثل الأضرار الفعلية التي تسبب بها الطاعن للمطعون ضدهم بموجب النتائج المتحصلة من تقارير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل المحكمة. وفي الدعوى الأصلية: بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ 641,497 درهماً، والفائدة 9% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية في 19-2-2018 وحتى السداد التام، وبتذكرة عودة لموطنه عيناً أو ما يقابلها نقدا، وبتسليمه شهادة خبرة، وأمرت بالمقاصة بمقابل أتعاب المحاماة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1018 لسنة 2020 عمال. وأعادت المحكمة المهمة للجنة الخبرة السابقة وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها. قضت المحكمة بتاريخ 25-1-2022 بإلغاء الحكم المستأنف بشأن طلب العمولة، والقضاء مجددا للطاعن بطلبه بحدود ما يستحق عنه قانوناً، وبالنتيجة بتعديل المبلغ المحكوم به للطاعن في الدعوى الأصلية ليكون المبلغ 938,879 درهماً بدلاً من مبلغ 641,497 درهماً، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعن الطاعن على هذا الحكم بالتمييز رقم 59 لسنة 2022 عمال لدى مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة، وبتاريخ 24-5-2022 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه. وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص الدائرة الكلية بنظر الدعوى لعدم الاختصاص القيمي وبإحالتها إلى الدائرة الجزئية العمالية بالمحكمة الابتدائية لنظرها من جديد. وتم نظر الدعوى أمام الدائرة الجزئية العمالية بعد الإحالة بذات الرقم السابق المقيدة به أمام المحكمة الابتدائية، كرر وكيل الطاعن طلباته السابقة، ودفع وكيل المطعون ضدهم بعدم قبول طلب التعويض عن إصابة العمل بمرور الزمن في الدعوى الاصلية، وفي الدعوى المتقابلة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهما الأولى والثانية مبلغ 1,700,000 درهم والفائدة وبإلزامه أيضاً بأن يؤدي للمطعون ضدهما الأولى الثالثة مبلغ 3,940,000 درهم والفائدة، وبتاريخ 15-8-2022 حكمت المحكمة في الدعوى الاصلية بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ 938,879 درهماً والفائدة 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية في 19-2-2018 وحتى السداد التام، وبتسليمه شهادة بنهاية خدمته مبين فيها تاريخ دخوله الخدمة وتاريخ خروجه منها ومدة خدمته الإجمالية ونوع العمل الذي كان يؤديه وآخر أجر كان يتقاضاه وملحقاته، وبتذكرة عودة إلى موطنه على الدرجة السياحية عيناً او قيمتها - وقت تنفيذ الحكم - نقداً ما لم يلتحق بخدمة رب عمل أخر، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وفي الدعوى المتقابلة بإلزام الطاعن بان يؤدي للمطعون ضدهما الأولى والثانية مبلغ 1,700,000 درهم والفائدة 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية في 6-9-2018 وحتى السداد التام، وبإلزام الطاعن بان يؤدي للمطعون ضدهما الأولى والثالثة مبلغ 3,940,000 درهم والفائدة 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية في 6-9-2018 وحتى السداد التام. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1772 لسنة 2022 عمال وبتاريخ 15-12-2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت إلكترونياً مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة بتاريخ 12-1-2023 طلب فيها نقضه .
وحيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث أن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، إذ جاء باطلاً ذلك أن الهيئة الى أصدرته هي ذات الهيئة التي أصدرت الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1018 لسنة 2020 استئناف عمالي لنفس الدعوي الماثلة رقم 108 لسنة 2018 عمالي كلي ، بما يكون قد تكون لديها رأياً في الدعوى ومعلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 114 من قانون الإجراءات المدنية ولائحته التنظيمية المعدلة ــ المنطبق على الدعوى ــ على أن ( (1) يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا سماعها ولم لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية: - أ.... ب... ج. هـ... و. ز. إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتبت فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق نظرها قاضيا أو خبيرا أو محكما أو كان قد أدى شهادة فيها. 2- ويقع باطلا عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال السابقة ولم تو باتفاق الخصوم. 3...) والنص في المادة 184 من ذات القانون على أنه (إذا قبلت المحكمة الطعن وكان الموضوع صالحا للفصل فيه أو كان الطعن للمرة الثانية فإنها تتصدى للفصل فيه ولها استيفاء الإجراءات اللازمة، أما في غيره هذه الأحوال فتقضي المحكمة بنقص الحكم كله أو بعضه وتحيل الدعوى إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ما لم تر المحكمة نظرها أمام دائرة مشكلة من قضاة آخرين أو تحيلها إلى المحكمة المختصة لتقضي فيها من جديد، وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بحكم النقص في النقاط التي فصل فيها) مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان الأصل أن يمتنع على القاضي النظر في دعوى سبق له نظرها في مرحلة سابقة وأبدى رأيا أو أصدر حكما فيها لكونه قد أظهر رأيه في المرحلة السابقة بما يؤدي به إلى الإصرار عليه أو يصعب معه أن يأخذ برأي مخالف في مرحلة تالية إلا أن هذا المنع لا يمتد طبقا لمفهوم المادة 184 سالفة البيان إلى القاضي الذي شارك في الحكم المنقوض، فهو لا يفقد صلاحيته لنظر الدعوى التي نقض الحكم فيها وأعيدت إلى ذات المحكمة لتقضي فيها من جديد على ضوء ما قضت به محكمة التمييز وذلك ما لم تر هذه المحكمة إعادة نظر الدعوى أمام دائرة مشكلة من قضاه آخرين والمقصود بذلك هو منع القضاة الذين أصدروا الحكم المنقوض في هذه الحالة فقط من الاشتراك في إصدار الحكم بعد النقص والإحالة بما يترتب عليه عدم صلاحيتهم للفصل في النزاع المطروح حسبما ارتأته محكمة التمييز في الحكم الناقض. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أنه ولئن كان أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم الاستئنافي الذي سبق لمحكمة التمييز القضاء بنقضه في الطعن رقم 59 لسنة 2022 عمالي على نحو ما سلف بيانه من وقائع إلا أن قضاء محكمة التمييز في ذلك لم يتضمن التقرير بإحالة الدعوى إلى دائرة مشكلة من قضاة آخرين بل اقتصر على إحالة الدعوى إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وبالتالي فإن اشتراك ذات الأعضاء في إصدار الحكم المطعون فيه في الطعن الماثل لا يترتب عليه فقد صلاحيتهم لنظر الدعوى والفصل فيها بعد النقص والإحالة ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون على غير أساس .
وحيث أن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق إذ قضى بقبول الدعوى المتقابلة بالتعويض معولاً على تقرير صادر من هيئة الصحة بدبي من طبيب أقل درجة علمية منه أجتمع معه مرة واحدة فقط، وألزمه بالمبالغ المقضي بها في الدعوى المتقابلة على الرغم من انتفاء المسئولية العقدية بينه وبين المطعون ضدهما الثانية والثالثة، وأن العلاقة التعاقدية بينه وبين المطعون ضدها الأولى فقط. وانتفاء مسئوليته عن الفعل الضار لعدم وجود تقرير من اللجنة الخاصة بالمسؤولية الطبية عن وجود أي خطأ طبي منه، وعدم وجود أية غرامات إدارية على المطعون ضدها الأولي بما لا تتوافر معه عناصر المسئولية عن الفعل الضار بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في أن الخطأ الطبي العادي أو الأخلاقي هو الخطأ الخارج عن ميدان المهنة التي يمارسها الشخص ويرتبط ارتكاب هذا الخطأ من عدمه بجملة من المبادئ الأخلاقية المفروض الالتزام بها من جميع الأفراد بصرف النظر عن طبيعة مهنته وتنشأ مسئولية الطبيب عن الخطأ الطبي العادي بالاخلال بواحدة أو أكثر من هذه المبادئ والتي من ضمنها الصدق الأمانة وحفظ السر مما يؤدي إلى وقوع الضرر أو التسبب فيه ويوجب هذا الخطأ مسئولية الطبيب. ومن المقرر بأن مفاد نص المادة 282 من قانون المعاملات المدنية أن كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر. ومن المقرر أن مفاد المادة 292 من قانون المعاملات المدنية أن الضمان المستحق عن الفعل الضار يقدر في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار، ويقع على المضرور عبء إثبات تحقق الأضرار التي يدعيها وقيمتها جبراً لما لحق به من خسارة وما فاته من كسب. ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية وبحث المستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن نفسها إلى ترجيحه، كما أن لها السلطة التامة في تقدير عمل الخبير باعتباره من أدلة الدعوى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، فإذا رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، ومن حقّها ألا تأخذ بدلالة التقرير الاستشاري الذي يقدمه أحد الخصوم اكتفاء منها بالاعتداد بما خلُص إليه تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، وهي غير ملزمة بتتبع الخصوم في شتى مناحي حججهم ودفاعهم طالما كان في أخذها بالأدلة التي بنت عليها حكمها ما يتضمن الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وأوجه دفاع الطاعن. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهى إلى الزام الطاعن بالمبالغ المقضي بها على ما أورده بمدوناته(( المحكمة تطمئن إلى المستندات المقدمة من شركة التأمين "ضمان" بخصوص قيام المدعى عليه تقابلاً (الطاعن) بتقديم خدمات غير مبررة الأمر الذي نتج عنه تسويات مالية مضللة وغير صحيحة بالإضافة إلى تلاعبه في الملفات الطبية للمرضى والتي فصْلها تقرير الخبير المنتدب من قِبل هيئة الصحة بدبي من أن المدعى عليه تقابلاً قد قام بإجراء عمليات السمنة دون وجود حاجة طبية وعدم مطابقة البروتوكولات المحلية والدولية المنظمة لعمليات جراحة السمنة ووجود تناقض واضح في البيانات المحررة من قبل المدعى عليه تقابلاً بمقارنتها بالبيانات المحررة من قبل موظفين آخرين تمكن معه من الحصول على تغطية التأمين الصحي لتلك العمليات الجراحية بشكل مخالف للوائح التنظيمية وذلك بتغيير بيانات المرضى من حيث الوزن وكتلة الجسم أو الادعاء بوجود أمراض مصاحبة على النحو المبين تفصيلاً بالكشوف التي طالعها الخبراء واستخدامه لتقرير عائد لاحد المرضى بشكل متكرر لمرضى آخرين مع تغيير خانة اسم المريض فحسب بغرض تجاوز شرط التحضير الذي تطلبه شركة (ضمان) للتامين وقيامه بإجراء عمليات للسمنة للمرض دون الحصول على اثبات فشل خفض الوزن بالعلاج والمتابعة من قلب اخصائي تغذية مؤهل حسب شروط وبروتوكولات عمليات السمنة من شركة (ضمان) يطمئن الخبير إلى أن الحالات الطبية التي باشرها المدعى عليه تقابلا كانت فعلية ولكن غير صحيحة من الناحية الطبية، وهو ما تطمئن معه المحكمة كذلك أن المدعى عليه تقابلا قد ارتكب أخطاء متعمدة على النحو الذى فصلته شركة ضمان والخبراء المنتدبون من قِبل المحكمة والتي لم يكتفِ تقرير الخبير المنتدب من هيئة الصحة بدبي بوصفها "بالتقصير" بل أشار إلى أنها إخلال بأعراف وأخلاقيات مهنة الطلب وهو ما يثبت الركن الأول من المسئولية في حق المدعى عليه تقابلا (ركن الخطأ) ولا ينال من ذلك ما ابداه المدعي من اعتراضات على التقارير المودعة بملف الدعوي إذ أن هذه المحكمة تطمئن لسلامة الأسس التي أقيمت عليها واتفاقها مع الواقع الثابت في الدعوى ولا ترى في دفاع المدعى عليه تقابلا ما ينال من صحة النتيجة التي خلصت إليها تلك التقارير ولا تستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنته تلك التقارير .... والثابت من الأوراق أن دائرة الصحة بإمارة ابوظبي - وبسبب أفعال المدعى عليه تقابلا المشار أليها آنفا - قد قررت في المخالفة رقم 159 بفرض غرامة مالية قدرها 1,575,000 درهم على (الخصم المتدخل الأولى)"المطعون ضدها الثانية" بسبب تقديم المدعى عليه تقابلا لعدد (63) تسوية مالية مضللة أو غير صحيحة عن خدمات تم تقديمها من قبل المدعى عليه تقابلا بالإضافة إلى التلاعب في الملفات الطبية لعدد (63) مريض، كما قررت ذات الدائرة في المخالفة رقم 160-2018 بفرض غرامة مالية قدرها 3,940,000 درهم على (الخصم المتدخل الثاني)"المطعون ضدها الثالثة" بسبب (158) تسوية مالية مضللة أو غير صحيحة عن خدمات تم تقديمها من قبل المدعى عليه تقابلا بالإضافة إلى التلاعب في الملفات الطبية لعدد (156) مريض، وصدر قرار من دائرة الصحة بأبوظبي في المخالفة رقم 168-2018 وتم بموجبه فرض غرامة مالية قدرها 125,000 درهم على (الخصم المتدخل الأولى) بسبب تقديم (5) تسويات مالية مضللة أو غير صحيحة عن خدمات تم تقديمها من قبل المدعى عليه تقابلا بالإضافة إلى التلاعب في الملفات الطبية لعدد (5) مرضى، والثابت من الأوراق كذلك أن المدعية تقابلا" الطاعنة الأولى" والخصوم المتدخلين قد قاموا بسداد الغرامات المفروضة عليهم الى دائرة الصحة بأبوظبي، ومن ثم فقد تحقق للمحكمة ثبوت الضرر في جانب المدعية تقابلا والخصوم المتدخلين وعلاقة السببية بين ما لحقهم من أضرار وأفعال المدعي عليه تقابلاً ومن ثم عملا بنص المادة 908 من قانون المعاملات المدنية أنه "يضمن العامل ما يصيب مال صاحب العمل من نقص أو تلف أو فقد بسبب تقصيره أو تعديه"، فلا يسع المحكمة إلا وأن تقضى بالزام المدعى عليه تقابلا بما تكبدته المدعية تقابلا والخصوم المدخلين من غرامات بلغت جملتها مبلغ وقدره (5,640,000) درهم)) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومما له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائها، ومن ثم فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع في تقديره لا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة .
وحيث أن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع إذ قضى بقبول طلب التدخل المقدم من المطعون ضدهما الثانية والثالثة استناداً إلى أنه تربطه علاقة تعاقديه مع المطعون ضدهم وأنه كان يعمل تحت اشرافهم ورقابتهم ويتقاضى أجور منهم على الرغم من أن عقد العمل ينظم العلاقة التعاقدية بينه وبين المطعون ضدها الأولى فقط بما تنتفي صفة المطعون ضدهما الثانية والثالثة وأن صاحب المنشأة الطبية ملزم بالتأمين على المسئولية المدنية للأخطاء الطبية. بما يعيب الحكم المطعون فيه، ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة 95 من قانون الإجراءات المدنية أن المشرع بعد أن أجاز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى سواء تدخلاً إنضمامياً أو هجومياً استلزم أن يكون ذلك إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى أو بطلب يقدم شفاهةً في الجلسة واشترط المشرع في هذه الحالة أن يكون تقديم هذا الطلب في حضور الخصوم وأن يثبت في محضرها فإذا لم يكن الخصم حاضراً وجب إعلانه بطلب التدخل وفقا للإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ومن ثم فإن الخصومة في طلب التدخل لا تنعقد إلا بأحد هذين الطريقين، ومن المقرر أن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومقبولة ولها أصل ثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بقبول طلب التدخل المقدم من المطعون ضدهما الثانية والثالثة على ما أورده بأسبابه من أن ((الثابت من الرخص التجارية العائدة للمدعي عليها(المطعون ضدها الأولى) والخصوم المتدخلين (المطعون ضدهما الثانية والثالثة) الثابت منها أنها جميعاً مملوكة لشركة (ان ام سي للرعاية الصحية ش.ذ.م.م) ويديرها جميعاً السيد (محمد بن بطي بن محمد خلفان القبيسي)، كما أن الثابت من الأوراق أن المدعي (الطاعن) كان يعمل لدى تلك الجهات الثلاثة وتحت إشرافهم ورقابتهم ويتقاضى أجوره منهم، وإذ مثل الخصمان المتدخلان بوكيل عنهما وقدما مذكرة انضما فيها إلى المدعى عليها، وأبديا طلبهما في مواجهة المدعي، وكان للمتدخلين مصلحة في أن يتدخلا إنضماميا للمدعى عليها فان التكييف القانوني الصحيح لظهورهما في الخصومة هو أنه تدخل إنضمامي للمدعى عليها، والمحكمة تقضي بقبول تدخلهما خصمين متدخلين إنضماميا للمدعي عليها)) وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله من أن((وعن الدفع بعدم صفة المتدخلتين(المطعون ضدهما الثانية والثالثة) بالدعوى وكان تدخلهما قائما للمطالبة بالتعويض عن الضرر المنسوب للمستأنف(للطاعن) ومن ثم تكون الصفة متوفرة ويكون الدفع على غير سند قانوني صحيح وترفضه المحكمة.)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومما له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه، ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن بوجوب تأمين المطعون ضدها على الأخطاء الطبية له كطبيب، لأن وجود التأمين من عدمه لا ينفى مسؤوليته عن خطئه ، ومن ثم فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع في تقديره لا يجوز التحدي به أمام هذه محكمة التمييز .
وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى بتاريخ 21-12-2021 بحجز الدعوى للحكم قبل إيداع الخبير التقرير التكميلي، والذي تم ارشفته في الدعوى بتاريخ 10-1-2022 ولم يتمكن من التعقيب عليه ورفض طلبه إعادة الدعوى للمرافعة مع وجود اعتراضات جوهرية مما حرمه من حق الدفاع بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الثابت من أوراق الدعوى بأنه عقب نقض الحكم في التمييز رقم 59 لسنة 2022 عمال وإحالة الدعوى للمحكمة الابتدائية للاختصاص القيمي، نظرت المحكمة الابتدائية الجزئية الدعوى بما يكون معه قد مُكن من تقديم دفاعه إذ قدم وكيل الطاعن أمامها في جلسة 6-7-2022 مذكرة مع حافظة مستندات بما يكون معه النعي على غير أساس .
وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع برفضه طلبه التعويض عن الفصل التعسفي وذلك بأن اعتبر إنهاء خدماته مبررة على الرغم من أن المخالفات التي تدعي فيها المطعون ضدها وردت بتاريخ 19و25/7/2018بما يكون معه وقفه عن العمل لأسباب أخرى نتيجة تعرضه للشلل واصابته بالجلطة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص ما إذا كان رب العمل قد فصل العامل تعسفياً من عدمه هو من أمور الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء المقدمة فيها، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله. ومن المقرر أن مناط استحقاق العامل التعويض عن الفصل التعسفي هو أن يكون قد فصل عن العمل فصلاً تعسفياً أي لغير سبب مشروع، فهو لا يستحق تعويضاً عن انهاء خدمته ما لم يثبت أنه فصل من العمل فصلاً تعسفياً أي دون مبرر مشروع، ومتى أبدى صاحب العمل سبباً لإنهاء خدمة العامل لديه فإن عبء الإثبات ينتقل إلى العامل ليثبت أن صاحب العمل فصله فصلاً تعسفياً أو دون مبرر مشروع لأن الأصل في إثبات التعسف يقع على من يدعيه، وحسب صاحب العمل أن يبين أن سبب إنهاء خدمة العامل لديه كان لسبب مشروع دون إثبات صحته. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض التعويض عن الفصل التعسفي على ما أورده من أن ((المدعى (الطاعن) قد قرر أن المدعى عليها(المطعون ضدها الأولى) قد اوقفته عن العمل دون مبرر مشروع مما يُعد فصلاً تعسفياً في وقت دفعت فيه المدعى عليها بأنها لم تفصل المدعي وأن الأخير قد ترك العمل بمحض اختياره، وكان الثابت من الأوراق أن الخصم المتدخل الثانية (المطعون ضدها الثانية) قررت برسالتها المؤرخة 19/12/2017 والمقدمة من طرفي التداعي بوقف المدعي عن العمل لحين أتخاذ إجراءات أو قرارات أخرى، ومن ثم يضحى القول بأن المدعي قد ترك العمل بمحض اختياره قولاً بلا سند، وكان الثابت كذلك أن المدعي قد أرتكب مخالفات جسيمة ..... نتج عن تلك المخالفات أن قررت شركة ضمان للتأمين استبعاد المدعي من قائمة وشبكة الأطباء الذين يتعامل معهم المؤمن لصالحهم لدى شركة ضمان، والثابت أن دائرة الصحة بإمارة ابوظبي وبسبب تلك المخالفات قد أوقعت على المدعى عليها والخصوم المتدخلين غرامات تجاوزت نصف المليون درهم، وعطفا على ما تقدم فإن قامت المدعى عليها بإنهاء خدمات المدعي أو لم ترفع عنه الوقف واعتبار ذلك فسخاً للعقد .... أن المحكمة وبما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى تقدر أن تجاهل المدعى عليها إرجاع المدعى للعمل واعتبار ذلك فسخاً للقعد - بحسب الوقائع المنسوبة للمدعي - تقدر المحكمة أنه ولئن لم تكن أسباب الانهاء تتطابق مع أحكام المادة 120 من قانون تنظيم علاقات العمل إلا أنها أسباب جدية ومبررة لإنهاء خدمات المدعي ومعضده بالرسائل الواردة من شركة ضمان وما اتخذته دائرة الصحة بإمارة ابوظبي من إجراءات في حق المدعى عليها والخصوم المتدخلين وما خلص اليه الخبراء المنتدبين في الدعوى في شأن الوقائع المنسوبة للمدعي والمتعلقة بإنهاء خدماته.)) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت بالأوراق ويتفق وصحيح القانون ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ويكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي يكـون علـى غــير أساس .
وحيث أن الطاعن ينعي بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع برفضه طلبه التعويض بمبلغ 2000.000 درهم عن اصابة العمل لعدم تقديمه دليل على أن تلك الإصابة جاءت بسبب ومناسبة عمله على الرغم من طلبه من المحكمة توقيع الكشف الطبي عليه بجلسة 20-7-2022 وأنه اثناء عمله تعرض لازمة قلبية بتاريخ 10-11-2017 وتعرض لعدوى في العمود الفقري وتم تركيب ثلاث دعامات في القلب اثناء وجوده في مستشفى المطعون ضدها الأولى ورفضت المحكمة ندب لجنة خبراء طبية لتحقيق دفاعه وقبلت الدعوى المتقابلة على الرغم من عدم وجود تقرير من اللجنة الخاصة بالمسئولية الطبية بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 144 من قانون تنظيم علاقات العمل -المنطبق على الواقعة- أنه (يلتزم صاحب العمل في حالة إصابات العمل وأمراض المهنة بأن يدفع نفقات علاج العامل في إحدى دور العلاج الحكومية أو الأهلية المحلية إلى أن يشفى العامل أو يثبت عجزه، ويشمل العلاج الإقامة بالمستشفى أو بالمصح والعمليات الجراحية ومصاريف صور الأشعة والتحاليل الطبية، وكذلك شراء الأدوية والمعدات التأهيلية وتقديم الأطراف والأجهزة الصناعية والتعويضية بالنسبة لما يثبت عجزه، وعلى صاحب العمل فضلاً عما تقدم، أن يدفع نفقات الانتقال التي يقتضيها علاج العامل)، وكان المقرر بنص المادة 145 من ذات القانون أنه (إذا حالت الإصابة بين العامل وأداء عمله وجب على صاحب العمل أن يؤدي إليه معونة مالية تعادل أجره كاملاً طوال مدة العلاج أو لمدة ستة أشهر أيهما أقصر، فإذا استغرق العلاج أكثر من ستة أشهر خفضت المعونة إلى النصف وذلك لمدة ستة أشهر أخرى أو حتى يتم شفاء العامل أو يثبت عجزه أو يتوفى أيهما أقصر)، والمقرر بنص المادة 150 من ذات القانون أنه (إذا أدت إصابة العامل أو المرض المهني إلى عجز العامل عجزاً جزئياً دائماً، فانه يستحق تعويضاً طبقا للنسب المحددة في الجدولين الملحقين بهذا القانون مضروبة في قيمة تعويض الوفاة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة السابقة حسبما يكون الحال)، وكان مؤدي هذه النصوص مجتمعة أن المشرع أقر للعامل في جميع أحوال إصابات العمل والأمراض المهنية حقوقاً مالية هي نفقات العلاج، والمعونة المالية التي تستحق كلما حالت الإصابة بين العامل وأداء عمله، وقصر الحق في التعويض على حالات الوفاة أو العجز الكلي أو العجز الجزئي، إلا أنه حدد حالات أمراض المهنة وإصابات العمل التي يستحق التعويض عنها بنسب محددة في الجدولين الملحقين بالقانون، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير المستندات المقدمة إليها، والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه بغير معقب، متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، ولا عليها بعد ذلك إن هي لم تتتبع الخصوم في مختلف دفاعهم وحججهم والرد عليها استقلالاً. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض التعويض عن إصابة العمل على ما أورده بأسبابه ((شيد المُدعي (الطاعن) طلبه هذا على تعرضه لإصابة عمل دون بيان أسباب وكيفية تلك الإصابة وبأن الأوراق بحالتها لا تكفي لقيام المسئولية التقصيرية على المُدعى عليها لعدم ثبوت أن ما تعرض له المُدعي من إصابات بحد زعمه كانت بسبب وبمناسبة عمل المُدعي وترتب عليه ضرر بعينه .... ولا ينال من ذلك ما قدمه المدعي من تقرير طبي غير مروس باسم مصدره ومذيلة ببصمة خاتم الخصم المتدخل الثانية ثابت به تاريخ الدخول للمستشفى 1-11-2017 وتاريخ الخروج 18-11-2017 إذ لم يقدم المدعي ثمة دليل على أن تلك الإصابة جاءت بسبب ومناسبة عمله، وما يفيد استمراره في تلقي العلاج بعد مضي ما يزيد عن الأربع سنوات، .... وأن المحكمة غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع، مما لا تطمئن معه المحكمة إلى طلب المُدعي هذا، ويكون مفتقراً لسنده خليقا برفضه)) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت بالأوراق ويتفق وصحيح القانون ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ويكفي لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكـون علـى غــير أساس .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعن بالمصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين.