جلسة 30 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.
-----------------
(272)
الطعن رقم 177 لسنة 45 القضائية
إيجار الأماكن. تأمين. بيع.
بيع المستأجر للمتجر أو المصنع المؤجر له. م 594/ 2 مدني. وجوب تقديم المشتري تأميناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته قبله. هذا الضمان الإضافي لا يدخل في حسابه بضائع المتجر. تقدير كفايته من سلطة محكمة الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة - وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني الدعوى رقم 7319 لسنة 1969 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلائهما من الحانوت الموضح بالصحيفة. وقال شرحاً لها بأنه بعقد مؤرخ 19/ 3/ 1964 استأجر منه الطاعن محلاً بالعقار رقم 40 شارع...... بالقاهرة، وإذ أجره من باطنه إلى المطعون عليه الثاني دون إذن منه وكانت شروط عقد الإيجار تحظر التأجير من الباطن أو التنازل عن الإجارة، فقد أقام دعواه. أجاب المطعون عليه الثاني على الدعوى بأنه اشترى المحل التجاري وفق المادة 594 من القانون المدني. وبجلسة 29/ 3/ 1971 حكمت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2243 س 88 ق القاهرة بطلب إلغائه والحكم برفض الدعوى. وبتاريخ 19/ 11/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أنه اشترى المتجر بمشتملاته المادية والمعنوية نزولاً على ضرورة ملجئة قامت لدى المستأجر الأصلي مورث المطعون عليه الثاني - البائع إليه، وبعد سماع شاهدي الطاعن عادت وحكمت بتاريخ 23/ 12/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والتناقض، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من انتفاء حالة الضرورة لدى المطعون عليه الثاني وقت بيع المتجر، وأن الطاعن لم يقدم ضماناً كافياً للمطعون عليه الأول، في حين أن الثابت من أقوال شاهديه أنهما شهدا بقيام حالة الضرورة المفاجئة لبيع المحل لدى المستأجر الأصلي. هذا إلى أن إحالة الحكم المطعون فيه الدعوى إلى التحقيق لإثبات توافر الضرورة دون الشروط الأخرى التي تتطلبها المادة 594/ 2 من القانون المدني يعني توافرها بما فيها شرط تقديم الضمان، فإذا عاد الحكم واستند في قضائه إلى نفي تقديم الطاعن للمطعون عليه ضماناً كافياً رغم أنه قادر وملئ إذ قدم ما يدل على شرائه جزءاً من عقار مجاور مملوك للمطعون عليه الأول، فإنه يكون معيباً علاوة على الفساد في الاستدلال بالتناقض.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار، إذا قدم المشتري ضماناً كافياً" يدل على أن المشرع استثنى من أثر الشرط المانع من التأجير من الباطن أو من النزول عن الإيجار حالة البيع الاضطراري للمتجر أو المصنع المنشأ في العين المؤجرة، وأجاز للمحكمة إبقاء الإيجار لمشتري المتجر أو المصنع رغم وجود شرط صريح في عقد الإيجار يحرم التأجير من الباطن أو التنازل عنه للغير، متى توافرت شروط أربعة يلزم تحققها جميعاً، بحيث لا يغني توافر أحدها عن وجوب ثبوت سائرها، ولما كان ضمن هذه الشرائط أن يقدم المشتري تأميناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته كمستأجر سيخلف المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، يستوي أن تكون هذه التأمينات شخصية أو عينية، ويتعين في هذا الضمان أن يكون - إضافياً لا يدخل في حسابه البضائع الموجودة بالمتجر أو المصنوعات التي ينتجها المصنع، لأنها معدة للبيع ولا يستطيع المؤجر حبسها أو استعمال حق امتياز المؤجر عليها. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر بالإحالة إلى التحقيق من محكمة الاستئناف وإن اقتصر في منطوقه على التثبت من حالة الضرورة الملجئة لدى المستأجر والتي اضطرته إلى بيع المتجر، إلا أنه لم يتضمن في أسبابه قضاء قطعياً يفيد تحقق شرط تقديم الضمان الكافي، بما مؤداه أن المحكمة تكون طليقة في تكوين عقيدتها حول توافر هذا الشرط من واقع الأدلة والقرائن في الدعوى. لما كان ما تقدم وكان تقدير كفاية الضمان أو عدم كفايته متروك لقاضي الموضوع دون معقب عليه طالما كان استخلاصاً سائغاً، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أحال إلى أسباب حكم محكمة أول درجة الذي سجل على الطاعن التأخر في سداد الأجرة، وكان الطاعن لم يجادل في أنه لم يقدم ضماناً ما للمطعون عليه الأول وكان هذا الضمان يتعين - وعلى ما سلف بيانه - أن يكون إضافياً خلاف الضمان الذي للمؤجر المتمثل في الضمانات التي يشتمل عليها المتجر والتي توجد في العين المؤجرة، فإن استلزام الحكم وجوب تقديم الضمان رغم إشارة محكمة الاستئناف في أسباب حكم إجراءات الإثبات إلى سند شراء الطاعن العقار المجاور، يفيد أنها لم تجد فيما تضمنه هذا السند غنية عن وجوب تقديم الضمان، ولا يعدو النعي على الحكم في هذا الشق أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل. لما كان ما سلف وكان الحكم قد أقام قضاءه على دعامتين مستقتين إحداهما عدم وجود الضرورة والثانية عدم كفاية الضمان، وكانت الدعامة الأخيرة كافية وحدها لحمل قضاء الحكم فإن تعييبه في الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيها - غير منتج، ويكون النعي على غير أساس.
ولما يتقدم يتعين رفض الطعن.