جلسة 24 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، دكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فوده وعبد العزيز هيبة.
---------------
(265)
الطعن رقم 559 لسنة 46 القضائية
(1، 2) استئناف. تنفيذ. حكم. "الطعن في الحكم".
(1) الدعوى بطلب طرد المدعى عليه من جميع الأعيان المبينة بالصحيفة. قضاء محكمة الدرجة الأولى بطرده من بعض الأعيان وبإعادة الدعوى للمرافعة بشأن البعض الآخر. غير منه للخصومة عدم جواز الطعن فيه بالاستئناف استقلالاً. م 212 مرافعات.
(2) جواز الطعن في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري ولو لم تكن منهية للخصومة. شرطه. أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه إعمالاً للقواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل. لا يكفي أن يكون من أحكام الإلزام.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعن والمطعون عليهما الرابع والخامس الدعوى رقم 1812 لسنة 1972 مدني كلي الزقازيق للحكم بطرد الطاعن من المنزل والفضاء الذي خلفه بما فيه المخزن الملحق به ومن المخبز والمقهى والفضاء الذي خلفه بالأوصاف المبينة بالصحيفة وتسليم هذه الأعيان لهم، وقالوا بياناً للدعوى إنهم يملكون بالميراث عن المرحوم...... سبعة قراريط شيوعاً في 21 قيراطاً من الأرض الفضاء ويملكون سبعة قراريط أخرى بموجب عقد بيع مؤرخ 5/ 11/ 1924 سجل في 21/ 11/ 1944 برقم 1640 وقد جنبوا بما يوازي نصيبهم في هذا القدر الشائع وأقاموا على معظمه مبان منذ أكثر من خمسة وعشرون سنة فأصبحت القسمة المكانية بين الملاك قسمة نهائية فلما تزوجت المطعون عليها الأولى من والد الطاعن عهدت إلى زوجها هذا بإقامة منزل على جزء من الأرض أجرته له لتتاح له فرصة الإقامة معها فيه، وبموجب عقد مؤرخ 14/ 2/ 1946 حكرت له 344 متراً مربعاً لمدة ثلاثين عاماً. ورخصت له البناء على هذه المساحة فأقام مخبزاً ومقهى، وباع له المطعون عليه الثالث 151.53 و1/ 2 متراً مربعاً ولكنه أضطر إلى بيع هذه المساحة والمباني للمطعون عليهما الأولى والثانية بموجب عقد مؤرخ 1/ 1/ 1962 أقامتا بشأنه دعوى صحة التعاقد رقم 1386 لسنة 1969 التي انتهت صلحاً بإقرار البائع بالبيع، ولما توفى الزوج في شهر مايو سنة 1972 أقام ابنه الطاعن بغصب المنزل وكذلك المخبز وأجره للمطعون عليه الرابع ثم مكن المطعون عليه الخامس من شغل المقهى، ومن أجل ذلك أقاموا الدعوى للحكم لهم بالطلبات. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريراً انتهى فيه إلى انطباق مستندات المطعون عليهم الثلاثة الأول على أعيان النزاع وأنها في وضع يدهم بشروطها القانونية حتى مايو سنة 1972 تاريخ وفاة والد الطاعن وأن الطاعن وضع يده عليها بغير سند قانوني حكمت بتاريخ 16/ 6/ 1974 بطرد الطاعن من المنزل والمقهى والأرض الفضاء والمخزن وتسليم هذه الأعيان للمطعون عليهم الثلاثة الأول، وأعادت الدعوى إلى المرافعة للمناقشة في الشق الخاص بالمخبز ثم حكمت في 1/ 12/ 1974 بطرد الطاعن منه وتسليمه لرافعي الدعوى. استأنف الطاعن الحكمين الصادرين بتاريخي 16/ 6/ 1974 و1/ 12/ 1974 لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) طالباً إلغاءهما ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 17 لسنة 18 ق وفي 29/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف عن الحكم الصادر بتاريخ 16/ 6/ 74 شكلاً وبتأييد الحكم الصادر بتاريخ 1/ 12/ 1974. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول من أسباب الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول فيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن قضاء الحكم بعدم قبول الاستئناف عن حكم محكمة أول درجة الصادر في 16/ 6/ 1974 تأسيساً على أنه كان يقبل الطعن المباشر من تاريخ صدوره يخالف ما تنص عليه المادة 212 من قانون المرافعات من عدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، ذلك أن الحكم الصادر بتاريخ 16/ 6/ 1974 لم يكن قابلاً للتنفيذ الجبري لأنه لم يشمل بالنفاذ المعجل ومن ثم فلا ينطبق عليه الاستثناء الوارد في النص المذكور.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 212 من قانون المرافعات تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى. ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، وذلك - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تبسيطاً للأوضاع ومنعاً من تقطيع أوصال القضية. ولما كان الحكم المنهي للخصومة هو الذي ينتهي به النزاع في كل الطلبات التي رفعت بها الدعوى، وكان الثابت أن المطعون عليهم الثلاثة الأول طلبوا أمام محكمة أول درجة الحكم بطرد الطاعن من جميع الأعيان الموصوفة بالصحيفة وتسليم هذه الأعيان لهم فقضت المحكمة بتاريخ 16/ 6/ 1974 بطرده من المنزل والمقهى والأرض الفضاء والمخزن وبالتسليم وأعادت الدعوى للمرافعة للمناقشة بشأن المخبز، فإن هذا الحكم - وقد فصل في شق من الطلبات - لا يعتبر منهياً للخصومة التي انعقدت بين المطعون عليهم الثلاثة الأول والطاعن، إذ كان على المحكمة أن تمضي في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي لم تقل كلمتها فيه، ولا يجدي المطعون عليهم الثلاثة الأول في هذا الخصوص التحدي بما تقرره المادة 212 من شطرها الأخير استثناء من القاعدة التي نصت عليها من جواز الطعن مباشرة في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، ذلك أن شرط إعمال هذا الاستثناء أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه سواء بحكم القواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل وذلك حتى يتسنى للمحكوم عليه طلب وقت نفاذه فلا يضار بتعويضه لإجراءات التنفيذ لو انتظر حتى صدور الحكم المنهي للخصومة كلها، ولما كان الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 16/ 6/ 1974 غير مشمول بالنفاذ المعجل، فإن الطعن فيه بالاستئناف على استقلال لا يكون جائزاً، بل يكون مستأنفاً تبعاً لاستئناف الحكم المنهي للخصومة الصادر في 1/ 12/ 1974 - طالما لم يقبله الطاعن صراحة وذلك عملاً بنص المادة 226 من قانون المرافعات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا بالنظر وقضى بسقوط حق الطاعن في استئناف الحكم الصادر بتاريخ 16/ 6/ 1974 على سند من أن ميعاد الطعن فيه يبدأ من تاريخ صدوره لمجرد أنه من أحكام الالتزام رغم أنه غير مشمول بالنفاذ المعجل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن محكمة أول درجة إذ قررت - بتاريخ 16/ 6/ 1974 إعادة الدعوى للمرافعة للمناقشة في الشق من الطلبات الخاص بالمخبز ثم قضت في 1/ 12/ 1974 في هذا الشق دون أن تجري هذه المناقشة أو بيان سبب العدول عن إجرائها فإنها تكون قد خالفت نص المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وإذ لم تلتفت محكمة الاستئناف لما شاب حكم محكمة أول درجة من بطلان بسبب عدم مراعاة هذا الإجراء فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - غير مقبول ذلك أنه وقد خلت الأوراق مما يدل على سبق تمسك الطاعن بهذا
الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإن ما تضمنه هذا النعي يكون سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى النعي بالوجه الأول من السبب الثالث أن استناد الحكم المطعون فيه في ثبوت ملكية المطعون عليها الأولى للمخبز إلى عقد البيع العرفي المؤرخ 1/ 1/ 1962 المقضى بصحته ونفاذه بالحكم رقم 1386 لسنة 1969 هو استناد لا يقره القانون لأن أياً من العقد أو الحكم المذكورين لم يتم تسجيله مما كان يتعين معه الأخذ بالدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير مالك.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدفاع بعدم القبول المبدى من الطاعن وبطرده من المخبز على ما أورده من "أن الإدعاء بعدم قبول دعوى الطرد من الغصب لأن المستأنف عليهم (المطعون عليهم الثلاثة الأول) مشترون لهذا المخبز من والده بعقد عرفي لم يسجل الحكم القاضي بصحته. مردود بأن الثابت من المستندات أن والد المستأنف الأول (الطاعن) اشترى جزءاً من أرض هذا المخبز بموجب عقد عرفي مؤرخ 10/ 9/ 1961 ثم باعه بما أقام عليه من مبان إلى المستأنف عليهما الأولى والثانية ومن ثم فإن ملكية الأرض رغم صدور عقد البيع العرفي المؤرخ 10/ 9/ 1961 من المستأنف عليهما الأولى والثانية لوالد المستأنف ظلت في ملك المستأنف عليهما الأولى والثانية لأن عقد البيع العرفي لا ينقل الملكية وقد زال هذا العقد العرفي بصدور عقد البيع العرفي من والد المستأنف إلى المستأنف عليهما الأولى والثانية كما أن ملكية المباني التي أقامها مورث المستأنف على باقي الأرض التي كانت محكرة إليه والتي باعها المستأنف عليهما الأولى والثانية بمقتضى ذات عقد البيع العرفي تكون لمالك الأرض المستأنف عليهما الأولى والثاني إعمالاً لقواعد الالتصاق لملكيتهما لهذه الأرض. "وهو ما يتضح منه أن الحكم لم يستند في قضائه بطرد الطاعن من المخبز إلى عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1962 ولا إلى الحكم رقم 1386 لسنة 1969، وإنما بنى الحكم قضاءه على أن الأرض لم تخرج عنه ملك المطعون عليهما الأولى والثانية وأنهما تملكتا المخبز وفقاً لقواعد الالتصاق. وإذ كان الطاعن لم يوجه على هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه أي طعن فإن نعيه بالوجه الأول من السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف نص المادة 178 من قانون المرافعات بعدم رده على طلب قدمه الطاعن للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم لإعادتها للمرافعة لعثوره على مستند يفيد أن عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1962 لم يدفع فيه ثمن، وأن الحكم خالف القانون بعدم استجابته لطلب الطاعن وقف الدعوى عملاً بنص المادة 129 من قانون المرافعات حتى يفصل في دعوى تثبيت ملكية رفعها عن ذات أعيان النزاع.
وحيث إن النعي في وجهه الثاني غير سديد ذلك أنه فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه - على ما ورد في الرد على الوجه الأول من هذا السبب - لم يعول في قضائه على العقد الابتدائي المؤرخ 1/ 1/ 1962 بما يكون معه وجه النعي غير منتج، فإنه مردود بما هو مقرر من أن إعادة الدعوى للمرافعة ليست حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومن ثم فلا على محكمة الاستئناف إذا هي قضت في الدعوى دون أن تستجيب لهذا الطلب ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس. والنعي بالوجه الثالث في غير محله ذلك أن وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات مناطه أن ترى المحكمة ضرورة تعليق حكمها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الفصل في موضوع الدعوى وتكون هذه المسألة خارجة عن اختصاصها، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب وقف الدعوى بقوله "إن الواضح من المادة 192 مرافعات أن الوقف جوازي للمحكمة وليس وجوبياً وأن شرطه أن يكون ما يتقرر من نزاع يبرر الموقف خارجاً عن اختصاص المحكمة الولائي أو النوعي، ولما كان بحث الملكية لا يخرج عن اختصاص المحكمة الولائي أو النوعي ومن ثم فإنه لا محل لوقف الدعوى" وهو رد سائغ يبرر رفض طلب الوقف بما يكون معه وجه النعي غير سديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق