جلسة 23 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، وإبراهيم فراج، وصبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.
-----------------
(263)
الطعن رقم 1323 لسنة 48 القضائية
(1 و2) إيجار الأماكن. حكم "الطعن في الحكم".
(1) لجنة تحديد الأجرة. هيئة إدارية لها ولاية القضاء للفصل في الخصومة بين المؤجر والمستأجر. القرار الصادر منها له صفة الأحكام. سريان قواعد بدء سريان ميعاد الطعن فيها المقررة في قانون المرافعات.
(2) الطعن في الحكم. ليس ثمة ما يمنع من مباشرته قبل بدء سريان ميعاد الطعن. جواز الطعن في قرار لجنة تحديد الأجرة دون سبق إخطار الطاعن به.
(3) إيجار الأماكن. دفوع. استئناف.
الدفع بعدم قبول الطعن في قرار لجنة تحديد الأجرة لرفعه بعد الميعاد. دفع شكلي وليس دفعاً بعدم القبول. عدم استنفاد محكمة أول درجة ولايتها بالحكم بقبوله. إلغاؤه استئنافياً. وجوب إعادة الدعوى للمحكمة الابتدائية للفصل فيه.
(4) دفوع.
الدفع بعدم القبول. م 115 مرافعات. المقصود به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن لجنة تحديد أجرة الأماكن أخطرت بتاريخ 8/ 4/ 1976 زوج المطعون عليها بأن القيمة الإيجارية لكل وحدة سكنية بالعقار المملوك لزوجته المطعون عليها والكائن بشارع المستشار/ ......... بمدينة نصر محافظة القاهرة بمبلغ 11 ج و475 م، فطعن على هذا القرار بالدعوى الرقيمة 3015 لسنة 1936 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية المودعة صحيفتها بتاريخ 14/ 4/ 1976 ضد الطاعن وآخرين، بطلب تعديل القيمة الإيجارية لكل وحدة إلا مبلغ 25 ج، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، فاستأجل زوج المطعون عليها لتجميع شكل الدعوى، وبصحيفة مودعة قلم الكتاب في 22/ 5/ 1976 وأعلنت إلى الطاعن وآخرين طلبت المطعون عليها بذات الطلبات الواردة بأصل الصحيفة، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، وبتاريخ 24/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بسقوط حق المطعون عليها في الطعن لرفعه بعد الميعاد القانوني. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 3285 س 93 ق القاهرة بطلب إلغائه والحكم بقبول طعنها وبإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة واحتياطياً الحكم بالطلبات، وبتاريخ 24/ 12/ 1977 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الطعن المقام من المطعون عليها في قرار اللجنة، وبندب أحد الخبراء لمعاينة المبنى وبحث اعتراضات المطعون عليها والمستأجرين وتحديد أجرته الشهرية وتوزيعها على وحداته السكنية وفقاً للقانون والقرارات المنفذة له، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 13/ 5/ 1978 بتعديل قرار اللجنة وتحديد القيمة الإيجارية للعقار بمبلغ 141 ج و260 م شهرياً موزعة على وحداته السكنية بخلاف الضرائب والرسوم واعتبار أجرة شقة النزاع بمبلغ 15 ج و500 م شهرياً. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه بقبول طعن المطعون عليها على قرار لجنة تقدير القيمة الإيجارية على سند من أنها لم تعلن به ورتب على ذلك أن طعنها عليه يكون قد أجري في الميعاد، وفي حين أن مؤدى المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أنها لا تجيز الطعن في قرار اللجنة إلا خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار وإذ خلص منطق الحكم إلى أن المطعون عليها لم تخطر بالقرار، فقد كان حرياً به القضاء بعدم قبول الطعن لرفعه قبل الأوان، هذا إلى أن الثابت أن زوج المطعون عليها وكيل رسمي عنها، فإخطاره بالقرار يتصرف إليها باعتبارها الأصيل، بما يرتب سريان الميعاد في حقها من تاريخه، وإذ تم تصحيح شكل الدعوى بعد فوات الميعاد مما يستوجب القضاء بسقوط الحق في الطعن وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان لجان تحديد الأجر المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 52 لسنة 1969، وإن كانت بتشكيلها المنصوص عليه فيها هيئة إدارية، إلا أنها وقد أعطاها القانون ولاية القضاء للفصل في خصومة بين المؤجرين والمستأجرين، فإن قراراتها تكون فيها صفة الأحكام، ويتبع في شأنها ما يوجب المشرع إتباعه في قانون المرافعات بشان بدء سريان ميعاد الطعن فيها. لما كان ذلك وكانت القاعدة المقررة أنه يجوز الطعن في الحكم بمجرد النطق به أو فور علم المحكوم عليه بصدوره بأية وسيلة من الوسائل، ما لم يمنع المشرع الطعن فيه، وكان مؤدى المادة 215 من قانون المرافعات أن مواعيد الطعن هي الآجال التي بانقضائها يسقط الحق في الطعن في الحكم أو القرار، ويترتب على تجاوزها السقوط بغير حاجة لنص قانوني، اعتباراً بأن الغرض من تحديدها إقرار الحقوق في قضائها ووضع أجل ينتهي عنده النزاع، فإنه قبل بدء سريان ميعاد الطعن ليس ثمت ما يمنع من الطعن على الحكم أما بعد انقضاء ذلك الميعاد فإن الحق في الطعن يسقط، لما كان ما تقدم وكان النص في المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها وتعتبر نهائية إذا لم يطعن عليها في الميعاد. ويكون الطعن في هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها المكان المؤجر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بقرار اللجنة..." يدل على أن المشرع وإن حدد موعد الثلاثين يوماً بحيث يتعين أن يتم الطعن خلاله في قرار اللجنة من تاريخ الإخطار به، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من الطعن عليه دون سبق الإخطار لما كان ما سلف وكان الواقع في الدعوى أن قرار لجنة تحديد الأجرة قد أخطر به زوج المطعون عليها بصفته الشخصية، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن هذا الإخطار لم يوجه إليه بصفته وكيلاً عن المالكة ولا يمتد أثره إليها، ولم تعتد به حيالها ورتب على ذلك قبول الطعن المرفوع منها أثر تصحيح شكل الدعوى فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، إذ اعتبر الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد دفعاً موضوعياً وأن محكمة أول درجة بقضائها بقبوله قد استنفدت ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، ومن ثم فقد قصدت الموضوع وفصلت فيه، وحين أن حكمها مؤسس على أن المطعون عليها طعنت في قرار اللجنة بعد الميعاد المحدد في المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وقد حجبت به نفسها عن نظر الموضوع، ويكون الدفع على هذه الصورة في حقيقته دفع شكلي موجه إلى إجراءات الخصومة، ولا يترتب على قبوله أن تستنفذ محكمة الدرجة الأولى ولايتها في نظر الموضوع، وكان حقاً على محكمة الاستئناف أن تعيد الدعوى، وهو ما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن الدفع بعدم قبول الطعن في قرار لجان تحديد الأجرة لرفعه أمام المحكمة الابتدائية بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 52 لسنة 1969، دفع متعلق بعمل إجرائي هو حق الطعن في القرار يرمي إلى سقوطه كجزاء على انقضاء الميعاد الذي يتعين القيام به خلاله، وهو بهذه المثابة من الدفوع الشكلية، وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 115 من قانون المرافعات. ولما كان المقصود بالدفع بعدم القبول الذي تعنيه هذه المادة هو الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى، وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره دفعاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لانقضاء المدة المحددة في القانون لرفعها، وكانت القاعدة الواردة بتلك المادة لا تختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات، وإن اتخذ اسم عدم القبول كما هو الحال في الدفع المطروح، لأن العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليست بالتسمية التي تطلق عليه. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي والحكم الصادر بتاريخ 24/ 12/ 1977 من محكمة الاستئناف أن الدفع بعدم القبول المبدى من الطاعن وآخر تأسس على أن الطعن أقيم من المطعون عليها بعد الميعاد المقرر في القانون، وكانت محكمة الاستئناف قد أقامت قضاءها على أن هذه الأخيرة رفعت طعنها في الميعاد تبعاً لعدم إخطارها أصلاً بقرار اللجنة، فإن هذا الدفع لا يشتبه بالدفع بعدم القبول الموضوعي المعني بالمادة 115 من قانون المرافعات، ولا يعدو أن يكون دفعاً متعلقاً بشكل الإجراءات مما لا يسيغ لمحكمة الاستئناف التصدي للموضوع، لما يترتب عليه من تفويت لإحدى درجات التقاضي، وهو من المبادئ الأساسية من النظام القضائي. لما كان ما تقدم وكان حكم محكمة أول درجة اقتصر في قضائه على الحكم بسقوط حق المطعون عليها على قرار لجنة تحديد الأجرة بفوات ميعاده، وكان الحكم المطعون فيه بعد إذ قضي بإلغائه وبقبول الطعن المرفوع منها، تصدى لموضوعه وفصل فيه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه وأحالت الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق