الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 مايو 2023

الطعن 3380 لسنة 32 ق جلسة 13 / 4 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 112 ص 1078

جلسة 13 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل ومحمد عبد الغني حسن ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-----------------

(112)

الطعن رقم 3380 لسنة 32 القضائية

مأذون - قرار عزل المأذون - سلطة وزير العدل - ميعاد الطعن في القرار.
المادة (46) من لائحة المأذونين الصادرة سنة 1955 - القرارات الصادرة بغير العزل نهائية - قرار عزل المأذون - يعرض قرار عزل المأذون على وزير العدل للتصديق عليه - للوزير التصديق على القرار كما أن له أن يعدله أو يلغيه - عندما يؤيد الوزير قرار العزل يكون القرار في الحقيقة والواقع هو قرار دائرة المأذونين بمحكمة الأحوال الشخصية - أساس ذلك: إن إرادتها بالعزل هي التي أعملت ولم يكن لإرادة الوزير من دخل سوى تأكيد نظر وإرادة دائرة المأذونين - في حالة تعديل قرار العزل تكون الإرادة المعتبرة والنافذة هي إرادة وزير العدل دون إرادة دائرة المأذونين - حساب ميعاد الطعن في القرار أمام المحكمة الإدارية العليا من التاريخ الذي يتحدد فيه المركز القانوني للطاعن والذي لا تتضح معالمه بصورة جلية ومحددة إلا بصدور قرار وزير العدل - نتيجة ذلك: اعتباراً من تاريخ صدور قرار وزير العدل تحسب مواعيد الطعن فيه - إذا ثبت انتفاء إعلان الطاعن أو علمه علماً يقينياً بقرار التصديق على قرار العزل قبل إقامته الطعن عليه أمام المحكمة التأديبية التي قضت بعدم اختصاصها فإن ذلك الطعن يقطع الميعاد ويظل الميعاد موقوفاً طيلة نظر الطعن - من تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها يسري ميعاد جديد للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 19/ 8/ 1986 أودع الأستاذ/ نبيل حسن متولي المحامي نائباً عن الأستاذ/ محمد سليمان كيلاني المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد بجدولها برقم 3380 لسنة 32 ق طعناً على القرار الصادر من دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة قنا الابتدائية (ولاية على النفس) بجلسة 26/ 3/ 1984 في المادة 12 لسنة 1983 مأذونين قنا المقامة ضد الطاعن والذي قضى:
أولاً: بعزل المأذون..... مأذون ناحية البراهمة مركز قفط (الطاعن) عن أعمال تلك المأذونية مع عرض الأمر على السيد المستشار وزير العدل.
ثانياً: بوقف المأذون المذكور عن أعمال المأذونية حتى يصدر بشأنه قرار من وزير العدل وعرض الأمر على السيد القاضي الجزئي لإحالة مأذونية البراهمة لأقرب مأذونية لها طبقاً للمادة 15 من اللائحة.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بعريضة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا الابتدائية للأحوال الشخصية بتاريخ 26/ 3/ 1984 في المادة 12 لسنة 1983 وما ترتب على ذلك من آثار وعلى وجه الخصوص اعتبار القرار التنفيذي الصادر من وزير العدل رقم 2062 لسنة 1984 كأن لم يكن مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بصفته بتاريخ 21/ 8/ 1986 على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن ارتأت فيه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 15/ 6/ 1986 في الطعن رقم 104 لسنة 13 ق فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره وإحالته إليها لتقضي فيه مجدداً من هيئة أخرى.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة اعتباراً من جلسة 14/ 11/ 1990 على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها بجلسة 26/ 12/ 1990 دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وطلبت الحكم أصلياً بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 15/ 6/ 1986 في الطعن رقم 104/ 13 فيما قضى به من عدم اختصاصها بنظر الطعن وباختصاصها بنظره واحتياطياً برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات والأتعاب، وبجلسة 13/ 2/ 1991 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 2/ 3/ 1991، وقد تم نظره بهذه الجلسة حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بمذكرات لمن شاء خلال أسبوع واحد وأودع الطاعن مذكرة خلال الأجل صمم فيها على طلباته وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن وقائع المنازعة تخلص - على ما يبين من سائر الأوراق - في أن المدعو..... مأذون النجوع وعزب البراهمة تقدم بشكويين ضد..... مأذون البراهمة (الطاعن) ناسباً إليه تعديه على أعمال مأذونيته بإجراء عقود زواج وطلاق من ضمنها عقد زواج المدعوة..... بالمدعو..... و..... من نجع محروس التابع لمأذونيته في 14/ 2/ 1982 و.... من نجع العرب بالمدعو....، وقد تضمنت الشكوى الثانية قيام المشكو في حقه (الطاعن) بالتعدي على اختصاص الشاكي أيضاً وقيامه بعقد زواج..... بالمدعو..... وكلاهما من نجع العرب بالبراهمة التابعة لمأذونيته وذلك بتاريخ 17/ 3/ 1982، وقد ورد التحري من مركز شرطة قفط بأن محل إقامة الزوجة المذكورة هو نجع العرب (كتاب مركز شرطة قفط المؤرخ 15/ 12/ 1982) وقد أمر السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة قنا الكلية للأحوال الشخصية بإحالة الأمر إلى دائرة المأذونين وقيدت الواقعتان برقمي 12، 13 لسنة 1983 مأذونين قنا وتداولت الدائرة نظر المادتين بالجلسات على النحو الوارد بمحاضرها حيث مثل المأذون المشكو في حقه (الطاعن) بجلسة 7/ 3/ 1983 وطلب أجلاً لتقديم مذكرة فأجيب لطلبه، إلا أنه تخلف بعد ذلك عن الحضور، وبجلسة 26/ 3/ 1984 أصدرت دائرة المأذونين بمحكمة قنا الكلية للأحوال الشخصية قراراها المطعون فيه على النحو الوارد فيما سبق.
وقد أقامت الدائرة المذكورة قضاءها على ما تبين لها من الاطلاع على سجل المأذونين ومذكرة مدير الإدارة بنيابة قنا الكلية للأحوال الشخصية المؤرخة 1/ 2/ 1983 من أن المأذون المشكو في حقه (الطاعن) قد جوزي ثماني مرات بسبب التعدي في الفترة من 21/ 2/ 1965 (المادة 4/ 1965) حتى 14/ 6/ 1982 (المادة 19/ 1982) بالإنذار مرتين والإيقاف ست مرات لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر حتى ستة أشهر، وأنه لم يرتدع، ومن ثم فقد ارتأت الدائرة أن استمرار المشكو في حقه في تعديه على اختصاص غيره بالمخالفة للمادة (20) من لائحة المأذونين رغم مجازاته أكثر من مرة بالإنذار ثم بالإيقاف ست مرات ومع ذلك لم يرتدع، فقد ارتأت توقيع جزاء العزل عليه ردعاً له ولغيره واستتباباً لانتظام العمل بتلك المأذونية وقد أرسلت الأوراق للسيد وزير العدل حيث أصدر في 5/ 5/ 1984 القرار رقم 2062/ 1984 بالتصديق على قرار العزل. وإذ لم يصادف هذا القرار قبولاً لدى الطاعن فقد طعن عليه في 4/ 3/ 1985 أمام المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي وقيد طعنه برقم 28/ 19 ق طالباً الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 2062/ 1984 الصادر من وزير العدل بعزله من مأذونية البراهمة مركز فقط مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وإحالته للمحكمة التأديبية بأسيوط للاختصاص، حيث قيد لديها برقم 104/ 13 ق، وبجلسة 15/ 6/ 1986 حكمت المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها بنظر الطعن على سند من اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظره لكون القرار المطعون عليه هو القرار الصادر من دائرة المأذونين وأن القرار الصادر من وزير العدل برقم 2062 لسنة 1984 ليس إلا تنفيذاً لما انتهت إليه تلك الدائرة.
ومن حيث إنه وبعد إذ قضت المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها أقام الطاعن طعنه الماثل طاعناً في القرار التأديبي الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا السالف الإشارة إليه وذلك استناداً إلى الأسباب الآتية:
أولاً: انعدام السبب لأن الواقعة التي نسبت للطاعن غير صحيحة لأن الزوج والزوجة يقيمان في دائرة اختصاص الطاعن بل هما قد توجها إليه في مكتبه ليكتب لهما العقد، وهما أمران متوافران معاً، ومن ثم فلا يثبت ارتكاب الطاعن لأية مخالفة مما ينهار معه ركن السبب في القرار ويقع لذلك باطلاً خليقاً بالإلغاء.
ثانياً: إن الجزاء الذي وقع على الطاعن بفرض ثبوت المخالفة في حقه هو أقصى الجزاءات جميعها وهو العزل من المأذونية وقطع مصدر رزقه الوحيد، ومتى ثبت عدم التناسب بين الخطأ والجزاء فإن القرار التأديبي يعتبر غير مشروع ومخالفاً للقانون وباطلاً وخليقاً بالإلغاء.
ثالثاً: بطلان قرار تقسيم المأذونية أصلاً والذي يترتب عليه الادعاء بمخالفة هذا القرار، وقد اعتبرت الإدارة الطاعن أحد السياسيين المعارضين لها، إذ كانت له مواقف سياسية أغضبت السلطة مما يجعل قرار تقسيم المأذونية والاتهام باطلين ومشوبين بالانحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن، فهو مردود ذلك أن المادة 46 من لائحة المأذونين لسنة 1955 إذ نصت على أن تكون القرارات الصادرة بغير العزل نهائية، أما قرار العزل فيعرض على وزير العدل للتصديق عليه وله أن يعدله أو يلغيه، فإن وزير العدل عندما تعرض عليه القرارات الصادرة بعزل المأذونين إما أن يؤيد ما ذهبت إليه من عزل، وهكذا يكون القرار في الحقيقة والواقع هو قرار دائرة المأذونين بمحكمة الأحوال الشخصية، لأن إرادتها بالعزل هي التي أعملت، ولم يكن لإرادة الوزير من دخل سوى تأكيد نظرة وإرادة دائرة المأذونين، وإما أن يعدل قرار العزل، وهكذا تكون الإرادة المعتبرة والنافذة هي إرادة وزير العدل دون إرادة دائرة المأذونين.
وبتطبيق ذلك على الحالة المطروحة يكون القرار الصادر من دائرة المأذونين بمحكمة قنا للأحوال الشخصية بعزل الطاعن هو القرار محل الاعتبار ومحل الطعن فتختص هذه المحكمة بنظر الطعن عليه وفقاً لما جرى به قضاءها (الطعن رقم 28/ 29 ق بجلسة 15/ 12/ 1985 - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972 معدلاً بالقانون 136/ 1984) الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدفع وباختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن المعروض.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك كذلك، إلا إنه لما كان المركز القانوني للطاعن لا تتضح معالمه بصورة جلية محددة إلا بقرار وزير العدل فإنه اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار تحسب مواعيد الطعن، وإذا كان الثابت بالأوراق أن قرار وزير العدل رقم 2062/ 1984 بتأييد قرار العزل قد صدر بتاريخ 5/ 5/ 1984 إلا أن الأوراق قد خلت مما يثبت إعلان الطاعن بهذا القرار وعلمه به علماً يقينياً قبل إقامته للطعن عليه أمام المحكمة التأديبية للرئاسة (الطعن 28/ 19 ق) في 4/ 3/ 1985، وإذ انتهى المطاف بهذا الطعن إلى المحكمة التأديبية بأسيوط للاختصاص فقضت بجلسة 15/ 6/ 1986 بعدم اختصاصها على النحو السالف الإشارة إليه، فإن ذلك الطعن يقطع الميعاد ويظل الميعاد موقوفاً طيلة نظر ذلك الطعن وحتى التاريخ الذي قضت فيه المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم اختصاصها أي 15/ 6/ 1986 ومن هذا التاريخ يسري ميعاد جديد للطعن ويضم ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن وبملاحظة أن وقفة عيد الأضحى صادفت يوم 15/ 8/ 1986 وبدأت عطلة عيد الأضحى (16، 17، 18/ 8/ 1986) وقد قام الطاعن بإيداع طعنه في عقبها مباشرة (19/ 8/ 1986) ومن ثم فإن طعنه يكون مقاماً خلال الميعاد، وإذ استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن السببين الأول والثالث من أسباب الطعن (انعدام السبب/ الانحراف بالسلطة) فهما مردودان إذ الثابت بالأوراق أن القرار المطعون عليه قد قام على صحيح سببه وهو تعدي الطاعن على اختصاص الشاكي......... بقيامه بإجراء زيجات تخرج عن نطاق اختصاصه وتقع في دائرة اختصاص الشاكي إذ الثابت من تحريات الشرطة (كتاب شرطة مركز قفط/ وحدة البحث الجنائي المؤرخ 5/ 12/ 1982).
وإنه قام بعقد قران..... على.....، و...... حالة كون محل إقامة الزوجة نجع محروس ضمن اختصاص الشاكي، وأنه قام بقيد زواج.... على...... حالة كون محل إقامة الزوجة نجع العرب ضمن اختصاص الشاكي أيضاً، وبذلك يبين أن سبب القرار قد توافر على وجه صحيح، خاصة وأن ما جاء بدفاع الطاعن من أنهم توجهوا إليه في مكتبه كان مجرد دفاع مرسل لم يقم عليه دليل بالطعن، كما أن ما ذهب إليه من ادعاء عوار القرار بالانحراف بالسلطة لم يقم عليه دليل من الأوراق، بل جاءت الأوراق كلها ناطقة بتعوده التعدي على اختصاص غيره من المأذونين منذ عام 1965.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن (الغلو في الجزاء) فإنه وقد ثبت من الأوراق (كشف جزاءات الطاعن المستخرج من واقع سجل قيد أسماء المأذونين - نيابة قنا للأحوال الشخصية - المؤرخ 1/ 2/ 1983) أن الطاعن وقعت عليه في الفترة من 21/ 2/ 1965 حتى 14/ 6/ 1982 ثمانية جزاءات منها اثنان بالإنذار وستة بالإيقاف عن العمل، ومن هذه الستة ثلاثة بالإيقاف لمدة ستة أشهر كان آخرها في 14/ 6/ 1982 (المادة 19/ 82) وكل هذه الجزاءات كانت عن تعديات على اختصاص غيره، فإنه من ثم لا تكون عقوبة العزل التي أوقعها القرار على الطاعن قد شابها أي غلو، بعد إذ استشعرت الدائرة التي انتهت إلى ذلك القرار أن الطاعن لم يرتدع رغم كل الجزاءات السابقة ورأت توقيع جزاء العزل عليه ردعاً له ولغيره، فإنها لا تكون قد غالت في تقدير الجزاء، بل جاء متناسباً والجرم المسند إلي الطاعن في ظل ظروف وملابسات الواقعة السالفة الإشارة إليها.
ومن حيث إنه تلقاء ما تقدم جميعه فإن الطعن الماثل قد جاء على غير ذي سند متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.


(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا - دائرة توحيد المبادئ - في الطعن رقم 28 لسنة 29 ق بجلسة 15/ 12/ 1985 والذي يقضي باختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في قرارات مجالس التأديب التي لا تخضع للتصديق من جهات إدارية.

الطعن 1872 لسنة 29 ق جلسة 13 / 4 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 111 ص 1070

جلسة 13 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-----------------

(111)

الطعن رقم 1872 لسنة 29 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الجزاء التأديبي - التظلم منه - تخفيض الجزاء.
توقيع جزاء على العامل بخصم عشرة أيام من راتبه - تظلم العامل من القرار - استجابت جهة الإدارة جزئياً وقامت بتعديل القرار المطعون فيه بتخفيض الجزاء الموقع على العامل إلى خمسة أيام فقط - الطعن في القرار الأصلي ينصرف بالضرورة إلى القرار المعدل له - أساس ذلك: القرار المعدل صادر في شأن نفس الشخص ولذات الأسباب التي صدر بناء عليها القرار الأصلي - ليس للقرار المعدل من أثر سوى تعديل جزاء الخصم بتخفيضه - لا يعتبر القرار الأخير مستقلاً عن القرار الأصلي المطعون فيه - نتيجة ذلك: لا يتطلب التظلم منه مراعاة مواعيد الطعن فيه بالإلغاء على استقلال - تطبيق.


إجراءات الطعن.

في يوم الخميس الموافق 5/ 5/ 1983 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة - بصفته - قلم كتاب هذه المحكمة - تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1872 لسنة 29 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 6/ 3/ 1983 في الطعن رقم 60 لسنة 24 ق المقام من..... ضد كل من (1) وزير المواصلات (2) هيئة البريد، والذي قضى بعدم قبول الطعن شكلاً.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة في صحيفة طعنه - إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيها.
وأعلن الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الطعن إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للفصل فيه مجدداً من هيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 25/ 11/ 1987 وتدوول بجلساتها على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 4/ 7/ 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة موضوع - وحددت لنظره أمامها جلسة 8/ 10/ 1988 وعلى قلم كتاب المحكمة إعلان هيئة البريد في مقرها في كل من القاهرة والإسكندرية بتقرير الطعن وبالجلسة مع تكليفها بيان محل إقامته ومحل عمل المطعون ضده حالياً مع بيان ما إذا كان لا يزال في الخدمة. ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها، وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/ 1/ 1989 مع التصريح للمطعون ضده بتقديم مذكرة خلال عشرة أيام، وفي تلك الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لمناقشة الخصوم ولإتمام الإعلان وضم ملف خدمة المطعون ضده بما في ذلك أوراق تظلمه من القرار وعلى السكرتارية إخطاره وهيئة البريد بهذا القرار، وبجلسة 12/ 5/ 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 16/ 6/ 1990 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 23/ 6/ 1990 وعلى هيئة البريد إعلان المطعون ضده..... في مواجهة النيابة العامة على عنوانه بالخارج وعلى قلم الكتاب إخطار هيئة البريد بقرار المحكمة، وبجلسة 9/ 3/ 1991، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة المعروضة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 19/ 12/ 1981 - أودع..... العامل بهيئة البريد بالإسكندرية من الدرجة السادسة - قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية - تقرير طعن قيد بسجلات المحكمة تحت رقم 60 لسنة 24 ق ضد كل من وزير المواصلات وهيئة البريد - طلب فيه الحكم بإلغاء القرار الصادر من هيئة البريد رقم 1127 لسنة 1981 فيما تضمنه من مجازاته بخصم عشرة أيام من أجره.
وقال شارحاً طعنه إنه بتاريخ 24/ 8/ 1981 أخطرته الهيئة المطعون ضدها بالقرار المطعون فيه لما نسب إليه في عام 1980 من خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي بأن اشترك في تغيير الحقيقة في محرر رسمي وهو عقد العمل المبرم مع شركة الوحدة الوطنية للمقاولات بدولة الإمارات العربية بجعل تاريخ العقد 5/ 11/ 1977 بدلاً من 5/ 11/ 1979 وأنه استعمل المحرر المزور فيما زور من أجله مع علمه بما احتواه من بيانات تخالف الحقيقة، واستطرد الطاعن قائلاً إنه سبق وأن أحيل إلى النيابة العامة التي رأت - بعد الاطلاع على الأوراق - أنه ابتغى من وراء ذلك السعي وراء رزقه وإن حسبه ما أصابه من انقطاعه عن العمل لمدة عام ولوقفه عقب اكتشاف الواقعة الأمر الذي يفقد الواقعة أهميتها وأضاف الطاعن أنه بتاريخ 20/ 10/ 1981 تظلم من القرار المطعون فيه إلا أن الجهة المطعون ضدها لم تجبه إلى طلبه وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته.
وفي 6/ 3/ 1983 حكمت المحكمة في هذا الطعن حيث قضت بعدم قبوله شكلاً، وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 1127 لسنة 1981 صدر بتاريخ 8/ 8/ 1981 وعلم به الطاعن في 24/ 8/ 1981 وتظلم منه بتاريخ 5/ 9/ 1981 حيث قيد تظلمه برقم 272 لسنة 1981، وإذ أصدرت الهيئة قراراها رقم 1414 بتاريخ 18/ 10/ 1981 عدلت بمقتضاه القرار رقم 1127 لسنة 1981 والمتضمن مجازاة الطاعن بخصم عشرة أيام من راتبه وذلك بالاكتفاء بمجازاته بخصم خمسة أيام فقط، ومن ثم فإنه كان يتعين عليه قبل إقامة هذا الطعن في 19/ 12/ 1981 أن يتظلم من ذلك القرار الأخير نزولاً على حكم المادة 12 من القانون 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وإذ لم يفعل والتجأ مباشرة إلى إقامة هذا الطعن فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وخالف ما استقرت عليه المحكمة الإدارية العليا، ذلك أنه لم يثبت من مطالعة الحكم أن الجهة الإدارية قد أخطرت المطعون ضده بنتيجة البت في التظلم المقدم منه في 5/ 9/ 1981 من قرار مجازاته بخصم عشرة أيام من مرتبه إذا كانت قد استجابت لتظلمه أم لا ومن ثم لا تثريب عليه وقد انقضى ستون يوماً على تقديم تظلمه دون رد أن يقيم دعواه في 19/ 12/ 1981 خلال الستين يوماً التالية للرفض الضمني لتظلمه، وأن مطالبته بالتظلم مرة أخرى من القرار الصادر بالبت في تظلمه قبل رفع الدعوى يمثل إسرافاً في إعناته بإجراء لا جدوى منه بعد أن تكشف الحال عن رفض تظلمه، ولا يغير من ذلك استجابتها الجزئية له.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول...... العامل بهيئة البريد بالإسكندرية كان قد حصل على إجازة بدون مرتب لمدة سنة اعتباراً من 1/ 12/ 1978 بناء على عقد عمل اعتمده من وزارة الخارجية المصرية، ونظراً لتأخير الموافقة على سفره لدولة الإمارات العربية عدل عن فكرة السفر وعاد إلى بلدة (قنا) بصعيد مصر، ثم عاد والتمس الموافقة على إجازة لمدة سنة أخرى، وتقابل مع شخص كان قد وعده بإنهاء سفره واعتماد العقد القديم وإعادته إليه بعد أسبوع، ولم يعرف ما أحدثه به، وقدمه للهيئة التي لاحظت أن هناك تعديلاً في تاريخ العقد بجعله 5/ 11/ 1979 بدلاً من 5/ 11/ 1977 ليتمكن من الحصول على الإجازة المطلوبة، وأحيلت الأوراق للنيابة العامة - حيث قيد تحت رقم 4610 لسنة 1980 إداري - العطارين - التي ارتأت أنه ولئن كان العقد المبرم بين المذكور وشركة الوحدة الوطنية للمقاولات والتجارة يعد ورقة عرفية، بيد أن اعتماده من وزارة الخارجية المصرية بما استلزم من وضع أختام الوزارة وتوقيعات لموظفين عموميين قد صار ورقة رسمية, وأن الأوراق تنطوي على جناية الاشتراك في تزوير محرر رسمي، وفي مجال الإسناد فإن الواقعة ثابتة قبل...... من أقواله ومن ملابسات الدعوى باعتباره صاحب مصلحة في هذا التغيير، بيد أنه بالنظر إلى أن العامل المذكور ابتغى من وراء ذلك السفر وراء رزقه وأنه حسبه ما أصابه من انقطاعه عن العمل لمدة عام ولوقفه عقب اكتشاف الواقعة الأمر الذي يفقد الواقعة أهميتها ويحسن معه والأمر كذلك قيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً، ثم أحيلت الأوراق للنيابة الإدارية التي أجرت التحقيق فيها مرة أخرى وانتهت إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ضد..... المساعد الفني بهيئة بريد الإسكندرية من الدرجة السادسة لأنه في عام 1980 بهيئة بريد الإسكندرية خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب وذلك بأن: -
1) اشترك في تغيير الحقيقة في محرر رسمي هو عقد العمل المبرم مع شركة الوحدة الوطنية للمقاولات والتجارة بدولة الإمارات العربية بجعله تاريخ العقد 5/ 11/ 1979 بدلاً من 5/ 11/ 1977 وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
2) استعمل المحرر المزور فيما زور من أجله مع علمه بما احتواه من بيانات تخالف الحقيقة.
3) مجازاة المخالف المذكور إدارياً.
وتنفيذاً لما انتهت إليه النيابة الإدارية أصدرت هيئة البريد القرار الإداري رقم 1127 بتاريخ 8/ 8/ 1981 ويقضى بمجازاة..... بخصم عشرة أيام من راتبه لما نسب إليه وقد علم بهذا القرار في 24/ 8/ 1981 وتظلم منه في 5/ 9/ 1981 حيث قيد تظلمه تحت رقم 272 لسنة 1981 وفي 20/ 9/ 1981 قرر رئيس مجلس إدارة هيئة البريد تخفيض الجزاء إلى خصم خمسة أيام من المرتب وصدر قرار الهيئة رقم 1414 في 18/ 10/ 1981 عدل بمقتضاه القرار رقم 1127 لسنة 1981 ليصبح الجزاء خمسة أيام فقط، وقام المطعون ضده المذكور برفع الطعن رقم 60 لسنة 24 ق في 9/ 12/ 1981 أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية طعناً في القرار 1127 لسنة 1981 الصادر في 8/ 8/ 1981 بمجازاته بخصم عشرة أيام من مرتبه ولم يتعرض في طعنه للقرار رقم 1414 لسنة 1981 الصادر في 18/ 10/ 1981 بتعديل القرار رقم 1127 لسنة 1981 والاكتفاء بمجازاته بخصم خمسة أيام من مرتبه - فقط - وكذلك الحال أثناء نظر الطعن أمام المحكمة التأديبية حتى صدور الحكم المطعون فيه في 6/ 3/ 1983.
ومن حيث إنه لما كانت هيئة البريد قد تقدمت بمذكرة أمام هذه المحكمة بجلسة 8/ 4/ 1989 أوردت فيها أن ما ذهبت إليه هيئة مفوضي الدولة في طعنها الماثل من أنه لم يثبت أن الجهة الإدارية قد أخطرت المطعون ضده..... بالقرار الصادر بتعديل قرار الجزاء قد جاء على غير أساس، ذلك أن إخطار العامل بهيئة البريد بتوقيع جزاء عليه يتم بوسيلتين:
الأولى: - تسليمه قسيمة الجزاء ورفض استلام القسيمة يعد مخالفة إدارية تستوجب المساءلة، والثانية: - أن يخصم قيمة الجزاء من راتبه وهذه واقعة مادية يعلم بها العامل عند تقاضيه راتبه ولا مجال لإنكار علمه بها، كما أنه قد صدر له القرار الإداري رقم 118 لسنة 1988 بتاريخ 26/ 11/ 1988 ويقضى بمنحه بناء على طلبه إجازة بدون مرتب اعتباراً من 21/ 11/ 1989 إلى 20/ 11/ 1989 للعمل بالسعودية ومن ثم يتعذر استدعاؤه لمناقشته ولسماع إقراره بأنه أخطر بتوقيع الجزاء الأخير عليه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت أيضاً من الأوراق - أنه تنفيذاً لقرار المحكمة فقد قامت هيئة البريد بإعلان المطعون ضده...... للحضور لجلسة 24/ 11/ 1990 وذلك بمقر عمله الحالي بشركة فن المعمار السعودية للصيانة المحدودة بالظهران بالسعودية، وفي 7/ 11/ 1990 أرسل المذكور إلى الهيئة خطاباً - قدمت صورته الضوئية للمحكمة بالجلسة المنوه عنها - أبدى فيها اعتذاره عن الحضور لعدم موافقة الشركة التي يعمل بها، وأضاف - بعد استعراضه لوقائع المنازعة المعروضة - أنه كان قد تقدم بالتماس لرئيس مجلس الإدارة لتخفيف الجزاء نظراً لكونه كان ضحية ولم يضر بالعمل وقد وافق سيادته على تخفيف الجزاء إلى خمسة أيام.
ومن حيث إنه لما كان الثابت مما سبق أن المطعون ضده..... قد علم بقرار مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه بموجب القرار رقم 1127 لسنة 1981 الصادر في 8/ 8/ 1981، وذلك في 24/ 8/ 1981 وتظلم منه في 5/ 9/ 1981 وقام برفع الطعن رقم 60 لسنة 24 ق طالباً إلغاء هذا القرار بإيداع عريضة الطعن قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية في 19/ 12/ 1981، ولم يثبت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أخطرته بنتيجة البت في تظلمه في تاريخ معين قبل مضي ستين يوماً على تقديمه، فإن الطعن المشار إليه يكون قد أقيم بمراعاة المواعيد والإجراءات المقررة قانوناً، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً. ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أن الجهة الإدارية قد استجابت جزئياً للتظلم المقدم من المطعون ضده المذكور وأصدرت القرار رقم 1414 لسنة 1981 في 18/ 10/ 1981 بتعديل القرار رقم 1127 لسنة 1981 - المطعون فيه أصلاً - بتخفيض الجزاء الموقع على المذكور إلى خصم خمسة أيام فقط من راتبه ذلك أنه فضلاً عن أن الأوراق قد خلت مما يثبت علم المذكور بقرار تعديل الجزاء سالف الذكر في تاريخ معين، فإن الطعن في القرار الأصلي ينصرف بالضرورة - في هذه الحالة - إلى القرار المعدل له، وباعتبار أن القرار الأخير صادر في شأن نفس الشخص ولذات الأسباب التي صدر بناء عليها القرار الأصلي، وليس له من أثر سوى تعديل جزاء الخصم بتخفيضه من عشرة أيام إلى خمسة أيام، ومن ثم لا يعتبر في حقيقته قراراً مستقلاً عن القرار الأصلي المطعون فيه، وبالتالي لا يتطلب التظلم منه مراعاة مواعيد الطعن فيه بالإلغاء على استقلال.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الطعن شكلاً يكون قد صدر مخالفاً للقانون، الأمر الذي يتعين معه إلغاؤه، والقضاء بقبول الطعن رقم 60 لسنة 24 ق - المقام من المطعون ضده أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية - شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 60 لسنة 24 ق سالف الذكر، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده في الطعن الماثل..... قد اشترك في تغيير الحقيقة في تاريخ عقد العمل المشار إليه، وثبت هذا الاشتراك من أقواله ومن ملابسات الواقعة باعتباره صاحب مصلحة، حسبما انتهى إليه رأي النيابة العامة في الموضوع، ومن ثم تكون المخالفة التي أسندتها إليه النيابة الإدارية مما يعتبر خروجاً منه على مقتضى الواجب الوظيفي وسلوكه مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب - على النحو الذي سبق تفصيله - ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً، بالتالي يكون قرار مجازاته المطعون فيه (رقم 1127 لسنة 1981 معدلاً بالقرار رقم 1414 لسنة 1981) قد صدر صحيحاً متفقاً مع صحيح حكم القانون مبرءاً من كل عيب، ويكون الطعن عليه بالإلغاء غير مستند إلى أساس من القانون، مما يستوجب رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن رقم 60 لسنة 24 ق المقام من...... - شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 896 لسنة 36 ق جلسة 7 / 4 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 110 ص 1063

جلسة 7 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله ومحمود عادل الشربيني والطنطاوي محمد الطنطاوي - المستشارين.

--------------

(110)

الطعن رقم 896 لسنة 36 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - المعاش - الأجر الشهري الإضافي.
قرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986 برصف مبلغ شهري إضافي لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية والمستحقين عنهم - قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية - المواد 34 مكرر (1) و34 مكرراً (2) - عضو الهيئة القضائية الذي تنتهي خدمته للعجز أو بلوغ سن التقاعد أو أمضى في خدمتها خمس عشرة سنة على الأقل يتقاضى من الصندوق مبلغاً إضافياً شهرياً محدد المقدار عن كل سنة من مدد العضوية - هذا المبلغ الإضافي يوقف صرفه في حالتين: أولاهما - التحاق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً عدا المكافآت والبدلات.
وثانيتهما - التحاق العضو بعمل خارج البلاد أو مارس مهنة تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها - يظل هذا الوقف في الصرف إلى أن يزول سببه فيعود الحق في الصرف بمجرد ترك العمل أو المهنة - المقصود بالتحاق العضو بعمل يتقاضى عنه دخلاً هو وجود رابطة عمل بين العضو وبين إحدى الجهات يكون موضوعها قيام العضو بعمل لدى هذه الجهة بصفة منتظمة وليست عرضية ويتقاضى عن هذا العمل مقابلاً محدداً بقدر متفق عليه وله صفة الدورية والتكرارية وذلك أياً كان المسمى الذي يضيفه طرفي العقد على هذا المقابل - إذا كان العضو لا تربطه بالجهة الإدارية علاقة عمل لها صفة الانتظام والثبات النسبي ولا يتقاضى عنها دخلاً بصفة محددة ودورية ومنتظمة وإنما تقوم بتكليفه بإنجاز عمل معين نظير مكافأة تؤديها له عن هذا العمل أو بدل يصرف له عن قيامه بهذا العمل المؤقت وتزول العلاقة المؤقتة بانتهاء العمل أو المهمة المكلف بها فإن ما يتقاضاه في هذه الحالة لا يعتبر دخلاً له صفة الدورية والانتظام ولا يصلح أن يكون سبباً لوقف صرف المبلغ الإضافي - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 2/ 1990 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن المستشار....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 896 لسنة 36 قضائية عليا ضد رئيس مجلس إدارة صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية طلب في ختامه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعن في صرف المبلغ الشهري الإضافي المقرر لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية اعتباراً من تاريخ وقفه في 1/ 1/ 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه للأسباب القائم عليه - الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتدوول الطعن بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قدم الحاضر عن الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته. وبعد أن استمعت المحكمة إلى لزوم ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 7/ 4/ 1991 مع مذكرات خلال أسبوعين. وأثناء الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
وصدر الحكم بالجلسة المحددة له، وقد أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من عريضة الطعن وما ذكره الطاعن شرحاً لطعنه أنه بلغ السن المقررة للإحالة إلى المعاش في 19/ 5/ 1987 وصرف له المبلغ الإضافي المقرر لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية وفقاً للمادة 34 مكرر (1) من قرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986، واعتباراً من 1/ 1/ 1988 عين مستشاراً قانونياً للشركة الهندسية للتعمير بعقد مؤقت بمكافأة شاملة يضاف إليها بدل تمثيل، وفور تعيينه قام بإخطار الصندوق وقد قام الصندوق بإيقاف صرف المبلغ الإضافي، وعلى أثر صدور حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 234 لسنة 42 قضائية والقاضي بأحقية المستشار.... في تقاضي المبلغ الإضافي المقرر لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية، وكان المذكور قد أوقف عنه المبلغ الإضافي لتعاقده مع مؤسسة أخبار اليوم مستشاراً قانونياً لها نظير مكافأة سنوية، فقد تقدم الطاعن مع غيره من المستشارين بطلبات لصرف المبلغ المذكور، وقد استجاب الصندوق لطلبات جميع المستشارين فيما عداه، وأنه تظلم من ذلك وتلقى كتاب الصندوق المؤرخ 25/ 1/ 1990 بحفظ طلبه. وينعى الطاعن على مسلك الصندوق مخالفته للقانون على أساس أن العمل داخل البلاد نظير مكافأة لا يعتبر سبباً لوقف صرف المبلغ الشهري الإضافي، باعتبار أنه تعاقد للعمل نظير مكافأة وبدل تمثيل ولا يمارس المحاماة أو مهنة تجارية أو غير تجارية وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته.
وأثناء تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة قدم الطاعن المستندات المشار إليها في التقرير وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه للأسباب القائم عليها - قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد أودعت هيئة قضايا الدولة - نيابة عن صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية مذكرة بردها على الطعن وطلبت فيها رفض الطعن تأسيساً على أن المبلغ الإضافي يوقف صرفه إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً باستثناء المكافآت والبدلات وأن الطاعن ثبت تعاقده مع الشركة الهندسية للتعمير في 1/ 1/ 1987 بعقد عمل حددت مدته لمدة سنة تجدد لمدد أخرى، ويسري على هذا العقد قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 وبنوده تقطع بقيام الطاعن بوظيفة لها أجر شهري وبدل تمثيل واللفظ المستخدم من أن ما يتقاضاه مكافأة لا يغير من طبيعة العمل باعتباره عقد عمل وتقاضيه أجراً ثابتاً يصرف إليه بصفة دورية ومنتظمة، ومن ثم لا يستحق المبلغ الإضافي الشهري.
ومن حيث إن قرار وزير العدل رقم 440 لسنة 1986 بصرف مبلغ شهري إضافي لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية والمستحقين عنهم تنص المادة الأولى منه على أن (تضاف إلى قرار وزير العدل 4853 لسنة 1981 بتنظيم صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئة القضائية خمس مواد جديدة بأرقام 34 مكرراً (1) و34 مكرراً (2).... نصوصها كالأتي.
مادة 34 مكرراً (1): يصرف لكل من استحق أو يستحق معاشاً من أعضاء الهيئات القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 36 لسنة 1975 وانتهت خدمته فيها للعجز، أو ترك الخدمة بها لبلوغ سن التقاعد، أو أمضى في عضويتها مدداً مجموعها خمسة عشر عاماً على الأقل، بمبلغ شهري إضافي مقداره خمسة جنيهات عن كل سنة من مدد العضوية و......
مادة 34 مكرراً (1) يوقف صرف المبلغ الشهري الإضافي إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً عدا المكافآت والبدلات، أو التحق بأي عمل خارجها أو مارس مهنة تجارية أو غير تجارية في الداخل أو الخارج، ويعود الحق في صرفه في حالة ترك العمل أو المهنة..... ويكون مقدار الحد الأدنى لإجمالي المبلغ الشهري الإضافي خمسين جنيهاً...).
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن عضو الهيئة القضائية الذي تنتهي خدمته للعجز أو ترك الخدمة لبلوغ سن التقاعد أو أمضى في عضويتها مدداً مجموعها خمس عشرة سنة على الأقل يتقاضى من صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية مبلغاً إضافياً شهرياً مقداره خمسة جنيهات عن كل سنة من مدد العضوية بحد أدنى خمسين جنيهاً. وأن هذا المبلغ الإضافي يوقف صرفه في حالتين: أولاهما؛ التحاق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً عدا المكافآت والبدلات. ثانيتهما: التحاق العضو بعمل خارج البلاد أو مارس مهنة تجارية أو غير تجارية داخل البلاد أو خارجها، ويظل هذا التوقف في الصرف لهذا المبلغ الإضافي إلى أن يزول سببه فيعود الحق في الصرف بمجرد ترك العمل أو المهنة.
ومن حيث إنه بالنسبة للحالة الأولى الموجبة لوقف صرف هذا المبلغ فإن المقصود بالتحاق العضو بعمل يتقاضى عنه دخلاً هو وجود رابطة عمل بين العضو وبين إحدى الجهات يكون موضوعها قيام العضو بعمل لدى هذه الجهة بصفة منتظمة وليست عرضية، ويتقاضى عن هذا العمل مقابلاً محدداً بقدر متفق عليه وله صفة الدورية والتكرارية وذلك أياً كان المسمى الذي يضفيه طرفا العقد على هذا المقابل، أما إذا كان العضو لا تربطه بالجهة الإدارية علاقة عمل لها صفة الانتظام والثبات النسبي ولا يتقاضى عنها دخلاً بصفة محددة ودورية ومنتظمة وإنما تقوم هذه الجهة بتكليفه بإنجاز عمل معين نظير مكافأة تؤديها له عن هذا العمل أو بدل يصرف له عن قيامه بهذا العمل المؤقت وتزول العلاقة المؤقتة بانتهاء العمل أو المهمة التي كلف بها، فإن ما يتقاضاه بصفة عرضية في هذه الحالة لا يعتبر دخلاً له صفة الدورية والانتظام ولا يصلح أن يكون سبباً لوقف صرف المبلغ الإضافي.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة العقد المبرم بين الطاعن والشركة الهندسية للتعمير أنه ورد النص بهذا العقد على أن يشغل الطاعن وظيفة مدير الإدارة القانونية بالشركة ليتولى إعداد الرأي القانوني فيما تطلبه الشركة، فضلاً عن الإشراف على السادة المحامين الذين تضمهم الإدارة القانونية ومتابعتهم في الدعاوى والعقود والأعمال القانونية، وأنه سيقوم بعمله بمقر الشركة ومركز إدارتها الرئيسي، وأن هذا العقد يسري لمدة سنة تجدد لمدة أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد، وأن الطاعن يتقاضى نظير ذلك مبلغ أربعمائة وخمسين جنيهاً شهرياً بالإضافة إلى مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً كبدل تمثيل، وأن هذا العقد يسري عليه أحكام قانون العمل رقم 137 لسنة 1981، ويستحق الطاعن عند إنهاء العقد مكافأة نهاية الخدمة تسعمائة جنيه عن كل سنة من سنوات الخدمة.
ومن حيث إنه من القواعد الأصولية في التفسير أن الأصل في تفسير العقود مدنية كانت أو إدارية أنه إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها بقصد التعرف على إرادة المتعاقدين، أما إذا كانت غير واضحة فقد لزم التقصي عن النية الحقيقية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ استجلاء للمعنى الذي قصده طرفا التعاقد وفي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعنى الظاهر للفظ، بل يجب أن يعدل عنه إلى المعنى الذي قصد إليه المتعاقدان على أسس موضوعية يمكن الكشف عنها.
ومن حيث إن الطاعن يعمل - كما سلف القول - لدى الشركة الهندسية للتعمير بعقد عمل موضوعه القيام بعمل له صفة الانتظام والثبات ويتقاضى عنه مقابلاً شهرياً ومتفقاً عليه، وتتجدد هذه العلاقة سنوياً ما لم يطلب أحد الطرفين إنهاءها، ويتقاضى في نهاية التعاقد مكافأة عن كل سنة من سنوات الخدمة، ومن ثم فإن ما يتقاضاه من الشركة المتعاقد معها يعتبر أجراً يمثل دخلاً يحول بينه وبين استحقاق المبلغ الشهري الإضافي المقرر لأصحاب المعاشات من أعضاء الهيئات القضائية ويوجب وقف صرف هذا المبلغ إليه من تاريخ هذا التعاقد، وإن ورد بنص العقد أن ما يتقاضاه مكافأة، حيث إن المقصود بالمكافأة أو البدل هو ما يتقرر للعضو نتيجة قيامه لحساب جهة معينة بعمل عرضي أو مهمة فنية يتقاضى عنها هذا المقابل وينتهي بإنهاء هذا العمل دون وجود علاقة عمل لها صفة الانتظام والثبات النسبي على عكس الحالة محل الطعن.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون الطعن وقد فقد أساسه القانوني خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.


(1) المادتان 34 مكرراً (1) و34 مكرراً (2) أضيفتا إلى قرار وزير العدل رقم 4853 لسنة 1981 بالقرار رقم 440 لسنة 1986.

الطعنان 946 ، 955 لسنة 35 ق جلسة 7 / 4 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 109 ص 1053

جلسة 7 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله ومحمود عادل محجوب الشربيني والطنطاوي محمد الطنطاوي - المستشارين.

----------------

(109)

الطعنان رقما 946 و955 لسنة 35 القضائية

(أ) تعويض - أركانه - ركن الخطأ.
صدور حكم بإلغاء قرار إنهاء الخدمة للانقطاع عن العمل تأسيساً على عيب شكلي هو عدم إنذار العامل قبل إصدار القرار - هذا الإجراء (الإنذار) لو كان قد روعي لكان قرار إنهاء الخدمة صحيحاً - لا وجه لنسبة الخطأ إلى جهة الإدارة في إنهاء الخدمة متى ثبت الانقطاع وللمدة التي يحق لها أن تنهي خدمة العامل من أجلها متى ارتبط إنهاء الخدمة موضوعياً بانقطاع العامل عن العمل - ركن الضرر - إذا فرض ولحق العامل ضرر من إنهاء خدمته فإن ذلك مرده أساساً الانقطاع عن العمل وليس لخطأ ينسب لجهة الإدارة في إنهاء الخدمة دون اتباع إجراء شكلي هو الإنذار - نتيجة ذلك: انتفاء السند القانوني لما يطالب به العامل من تعويض - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - المعاش - حصة الحكومة والعامل.
المادتان 42 و43 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - قرار إنهاء خدمة العامل للانقطاع عن العمل لا يعد قراراً بالفصل من الخدمة تأديبياً أو بغير الطريق التأديبي - نتيجة ذلك: لا يسري على قرار إنهاء الخدمة في هذه الحالة حكم المادتين 42 و43 من القانون رقم 79 لسنة 1975 - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26/ 2/ 1989 أودع الأستاذ عبد الستار قنديل المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 946 لسنة 35 القضائية، طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 4500 لسنة 39 القضائية المقامة من الطاعن ضد وزير العدل ووزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة خبراء وزارة العدل ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، والذي قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة، وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983، وبحيث يكون سابقاً في الأقدمية لكل من..... و.....، و.....، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام كل من المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم من الثاني حتى الرابع لرفعها على غير ذي صفة والقضاء بقبولها، وفي الموضوع بإلغاء الحكم فيما قضى به من إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي له تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه والقضاء بأحقيته في تعويض جابر لكامل الضرر الذي ألم به يكون موازياً لأجره خلال المدة من فصله حتى عودته للعمل فضلاً عن التعويض الأدبي المتروك للمحكمة تقديره وإلغاء الحكم المطعون عليه، فيما قضى به من رفض باقي طلباته المتمثلة في إلزام جهة الإدارة أو الخزانة بحصة المعاشات المستحقة عنه في المدة من تاريخ فصله حتى تاريخ عودته بنوعيها، وهي حصة صاحب العمل والعامل والقضاء بإلزام جهة الإدارة أو الخزانة العامة بتلك الحصة عن المدة المذكورة مع إلزامها بأن ترد له الأقساط سابقة الخصم من راتبه، مع إلزام المدعى عليهم المصروفات عن الدرجتين.
وبتاريخ 27/ 2/ 1989 قدمت هيئة قاضيا الدولة بالنيابة عن وزير العدل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد تحت رقم 955 لسنة 35 القضائية في ذات الحكم المشار إليه، طلب فيه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى فيه بالتعويض وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين في الطعنين، فارتأت في تقريرها عن الطعن رقم 946 لسنة 35 القضائية قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب الطاعن بتحمل الخزانة العامة اشتراكات التأمين المستحقة عن مدة فصله والقضاء بإلزام الخزانة العامة بتحمل اشتراكات التأمين المستحقة عن مدة فصل الطاعن ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الطاعن والإدارة المصروفات، وارتأت بالنسبة للطعن رقم 955 لسنة 35 القضائية قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الإدارة المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص المطعون بهذه المحكمة فقررت إحالتهما إلى المحكمة الإدارة العليا "الدائرة الثانية" حيث حدد لنظرهما أمامها جلسة 3/ 3/ 1991، وفيها استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 21/ 5/ 1985 أقام السيد/...... الطاعن الدعوى رقم 4500 لسنة 39 القضائية ضد وزير العدل ووزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات، طلب فيها تسوية حالته بوضعه على الدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1972، وصرف راتبه عن الفترة من 1/ 6/ 1979 تاريخ فصله من الخدمة حتى 26/ 1/ 1985 تاريخ عودته إلى الخدمة واستلامه العمل مضافاً إليه كافة البدلات والمزايا التي حصل عليها زملاؤه وكذلك التعويض عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء فصله من الخدمة، وإلزام الجهة الإدارية بدفع حصتها وحصته في التأمين والمعاشات عن الفترة من تاريخ فصله حتى تاريخ عودته للعمل، وتحملها بفوائد التأخير، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 1/ 11/ 1984 صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1009 لسنة 37 القضائية المقامة منه ضد وزير العدل وآخرين، والذي قضى بإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1979 بإنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 6/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار وتنفيذاً لهذا الحكم صدر القرار رقم 50 لسنة 1985 بإعادته إلى العمل، وتسوية حالته على الدرجة الثانية من عدم صرف أية فروق مالية قبل استلامه العمل، فتظلم من هذا القرار بتاريخ 18/ 3/ 1985 لما أصابه من ضرر من جراء عدم تنفيذ الحكم على النحو الصحيح، ولما لم يجب إلى تظلمه بادر بإقامة دعواه تأسيساً على أن القرار المطعون فيه أخطأ في تسوية حالته على الدرجة الثانية إذ أن زملاءه المعينين معه حصلوا على الدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 7/ 1982، وإذ كان لم يوضع عنه تقارير كفاية خلال فترة خدمته، فإن ذلك كان بسبب يرجع إلى الجهة الإدارية ولا دخل له في ذلك، وكذلك فإن عدم صرف فروق مالية قبل مباشرته العمل حرمه من مرتبه من تاريخ إنهاء خدمته حتى عودته إلى العمل وهو الأمر الذي لا يتفق مع القانون، ويحق له أن يطالب بكافة البدلات والمزايا التي منحت لزملائه في العمل خلال هذه الفترة والتي يقدرها بمبلغ 12 ألف جنيه بالإضافة إلى التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابه نتيجة إنهاء خدمته. وأضاف إلى طلباته أن مصلحة الخبراء تعسفت معه في سداد مستحقات الهيئة العامة للتأمين والمعاشات وقيمتها 7176.711 جنيهاً بقسط شهري مقداره 39.217 جنيهاً تم خصمه من راتبه فعلاً عن شهر إبريل سنة 1985 بعد كتابته إقراراً بالخصم وقد تظلم من هذا الوضع، وإنه كان من المفروض أن تتحمل الجهة الإدارية حصتها في التأمين عن الفترة من 1/ 6/ 1979 حتى 26/ 1/ 1985 وأن يدفع حصته بالعملة المصرية. وقام المدعي بعد ذلك وأثناء تحضير الدعوى بتعديل طلباته، مطالباً بتسوية حالته على الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983 وبأثر رجعي وبأقدمية تسبق كلاً من زملائه...... و....... و...... الذين تم ترقيتهم إلى الدرجة الأولى في التاريخ المشار إليه بالقرار رقم 353 لسنة 1983 الصادر في 9/ 7/ 1983 من كافة الفروق المالية المستحقة له نتيجة لذلك، وكذلك صرف أية علاوات تشجيعية تكون قد صرفت لزملائه المذكورين، والبدلات والمزايا التي صرفت لزملائه في الفترة من 1/ 6/ 1979 حتى 25/ 1/ 1985 أو التعويض المناسب الذي تقدره عدالة المحكمة والحكم له أيضاً برد ما دفعه من مبالغ نظير ضم مدة خدمته في الفترة المذكورة للهيئة العامة للتأمين والمعاشات وتحميل الجهة الإدارية لحصتها وحصته المستحقة للهيئة عن الفترة المشار إليها، وأية فوائد أو غرامات تأخير حتى تاريخ السداد.
وبجلسة 29/ 12/ 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري:
أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدع عليهم الثاني والثالث والرابع لرفعها على غير ذي صفة.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 30/ 6/ 1983، وبحيث يكون سابقاً في الأقدمية لكل من..... و...... و..... وما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي تعويضاً مقداره خمسمائة جنيه.
رابعاً: رفض ما عدا ذلك من طلبات.
خامساً: إلزام كل من المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وأسست المحكمة حكمها على أن المدعي أحق بالترقية إلى الدرجة الأولى من المذكورين بالقرار رقم 353 لسنة 1973، ولا يغير من ذلك أنه لم يكن موجوداً بالخدمة في تاريخ صدور القرار، وبالنظر إلى أن مقتضى إلغاء قرار إنهاء الخدمة اعتبار مدة خدمته متصلة، وبالتالي يستحق الترقيات والعلاوات المستحقة له خلال فترة إنهاء الخدمة ويتعين إلغاء القرار رقم 353 لسنة 1983 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى وإرجاع أقدميته فيها إلى 30/ 6/ 1983 بدلاً من 1/ 1/ 1986 تاريخ ترقيته إليها، وما يترتب على ذلك من فروق مالية اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 25/ 1/ 1985 وبحيث يكون سابقاً لكل من السادة/...... و..... و.....، أما العلاوة التشجيعية التي يطالب بها المدعي، فإنها لا تستحق بقوة القانون، ولا تعتبر من الآثار التي تترتب على إلغاء قرار إنهاء الخدمة، وبالتالي يكون طلبه بشأن العلاوة التشجيعية جديراً بالرفض، وعن طلبه صرف البدلات والمزايا عن الفترة من 1/ 6/ 1979 تاريخ إنهاء خدمته وحتى 25/ 1/ 1985، فإنه لا يستحق صرف هذه البدلات والمزايا، نظراً لأنها ليست من آثار إلغاء قرار الفصل، وإن كان المدعي يستحق تعويضاً مناسباً عن الأضرار التي لحقته من جراء قرار إنهاء خدمته الخاطئ الذي ترتب عليه حرمانه من راتبه المستحق له خلال فترة فصله من الخدمة وبالنظر إلى أنه كان يعمل بالخارج خلال فترة الفصل، فقد راعت المحكمة ذلك في تقديرها للتعويض عن الأضرار، فقدرته بمبلغ خمسمائة جنيه، وعن تحمل جهة الإدارة بحصة المدعي وحصتها في المعاش عن فترة انقطاعه عن العمل، والفوائد والغرامات المستحقة حتى تاريخ السداد، فإن أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 (المادتان 42 و43) لا تجيزان تحمل جهة الإدارة بحصة المدعي وحصتها في المعاش، ومن ثم رفضت طلب المدعي في هذا الشأن - ومن حيث إن طعن السيد/....... الطاعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون والواقع حيث أقامت المحكمة قضاءها في تقدير التعويض عن قرار الفصل الخاطئ بمبلغ 500 جنيه بمراعاة أمر احتمالي هو أنه يعمل بالخارج، في حين أنه قدم مستندات تفيد أنه عانى من عدم السماح له بالرجوع من ليبيا، ولم يحقق أي كسب مادي، ويتعين والحالة هذه طالما ثبت خطأ جهة الإدارة أن يعوض عما لاقاه من أضرار مادية وأدبية، وأما رفض المحكمة طلبه الخاص بتحميل جهة الإدارة بحصته وحصتها في المعاش تأسيساً على عدم انطباق حكم المادتين 42 و43 من قانون التأمين الاجتماعي على حالته، فإن ذلك القضاء يتعارض مع نص المادتين الذي لم يفرق بين حالات الفصل مما يتعين معه إلغاء الحكم في هذا الشق وأضاف الطاعن في تقرير الطعن تمسكه بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع تأسيساً على أن قبول الدعوى بالنسبة لهم يقيه من مطالبتهم له بأية مستحقات عن فترة الفصل، فضلاً عن إلزامهم بضم مدته الكلية في المعاش.
ومن حيث إن طعن جهة الإدارة يتأسس على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك في قضائه بتعويض المدعي بمبلغ خمسمائة جنيه، حيث إن إنهاء خدمة المدعي كانت لانقطاعه عن العمل، وألغي قرار إنهاء الخدمة لعيب شكلي هو عدم إنذار المدعي السابق على إصدار القرار وهو لا ينفي عن المدعي خطأه ولا يحمل جهة الإدارة بالخطأ، يضاف إلى ذلك قصور الحكم في التسبيب والفساد في الاستدلال، فطالما أن الحكم أورد في أسبابه أن المدعي حقق كسباً مادياً خلال فترة الفصل حيث كان يعمل في الخارج، فكان يتعين عدم تعويضه عن الضرر، طالما نفت المحكمة أي ضرر لحق المدعي، كما وأنه وقد ألغي قرار الفصل، وعاد المدعي إلى عمله وسويت حالته من ترقيات وعلاوات، فكان يتعين أن يعتبر ذلك خير تعويض عن الضرر المادي والأدبي الذي يدعيه.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم الثاني والثالث والرابع وهم وزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة الخبراء، ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، فإن طلبات المدعي وقد تمثلت في تسوية حالته الوظيفية والمعاشية بما يتفق مع إلغاء قرار إنهاء خدمته بسبب الانقطاع عن العمل، فإن الجهة الإدارية صاحبة الصفة فيما يقضى به من تسوية حالته الوظيفية تثبت لوزير العدل، كما تثبت الصفة فيما يقضى به من تسوية حالته المعيشية لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات وبالنظر إلى أن الحكم الطعين قد قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة المشار إليه، فيتعين قبول الطعن المدعي في هذا الشق والقضاء بقبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، ورفض طعنه لقبول الدعوى بالنسبة لوزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة الخبراء لعدم ثبوت صفتهما في تنفيذ ما طالب به المدعي من طلبات فيما لو قضي له بها.
ومن حيث إنه عما أثاره الطاعنان بشأن ما قضى به الحكم الطعين من تعويض فإن الفيصل في هذا النزاع هو حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 1009 لسنة 37 القضائية المقامة من المدعي ضد وزير العدل، والذي قضى بإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1979 الصادر بإنهاء خدمة المدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار، واستند الحكم في قضائه إلى أن المدعي وإن كان قد انقطع عن عمله، حيث لم يعد بعد انتهاء مدة إعارته التي بلغت سبع سنوات، إلا أن جهة الإدارة لم تقم بإنذار المدعي وفقاً للمادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وهو إجراء جوهري استلزمه القانون، ورتب على عدم مراعاته البطلان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن الحكم الصادر بإلغاء قرار إنهاء خدمة المدعي الذي صدر بسبب انقطاعه عن العمل، ولم يستند على خطأ أو تعسف من جهة الإدارة أو انتفاء سبب القرار، وإنما تم بسبب عيب شكلي اعترى قرار إنهاء الخدمة وهو عدم إنذار المدعي مسبقاً، وهو الإجراء الذي لو روعي لكان قرار إنهاء الخدمة صحيحاً، ولا مأخذ على جهة الإدارة، وطالما كان ذلك فإنه من الناحية الموضوعية لا يتسنى نسبة خطأ إلى جهة الإدارة في إنهاء خدمة المدعي، حيث ثبت أنه انقطع عن العمل دون عذر تقبله جهة الإدارة، وللمدة التي يحق لها أن تنهي خدمته من أجلها، ومتى كان التعويض يستند على خطأ وضرر وعلاقة سببية، ارتبط إنهاء الخدمة موضوعياً بانقطاع المدعي عن العمل، بالإضافة إلى أنه إذا فرض ولحق المدعي ضرر من إنهاء خدمته فإن ذلك الضرر مرده أساساً انقطاعه عن العمل وليس لخطأ الإدارة في إصدار قرار إنهاء خدمة لم تراع فيه إجراءات شكلية ومتى كان ذلك فلا يكون هناك سند قانوني لما يطالب به المدعي من تعويض.
وحيث إن الحكم الطعين لم يأخذ بهذا النظر في شأن التعويض، مما يتعين معه قبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين في هذا الشق ورفض طلب المدعي التعويض عن قرار إنهاء خدمته.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي تحمل جهة الإدارة بحصته وحصتها في الاشتراك عن المعاش فإن نص المادة 42 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 يقضي بأنه:
"في حالات الفصل بالطريق التأديبي، إذا ألغي أو سحب قرار فصل المؤمن عليه.... يلتزم صاحب العمل بالاشتراكات المستحقة عن مدة الفصل...." وتقضي المادة 43 بأنه:
"إذا فصل المؤمن عليه بغير الطريق التأديبي... ثم أعيد إلى العمل بحكم قضائي أو بحكم القانون.... بالنسبة لصاحب المعاش تؤدي الخزانة العامة للصندوق قيمة المعاشات التي تم صرفها".
ومن حيث إن القرار رقم 654 لسنة 1979 الصادر من مصلحة الخبراء بوزارة العدل بإنهاء خدمة المدعي للانقطاع عن العمل لا يعد قراراً بالفصل من الخدمة تأديبياً أو بالطريق غير التأديبي، ومن ثم لا يسري عليه حكم المادة 42 المشار إليه.
أما مقتضى حكم المادة 43 الذي يتعلق بحالة الفصل بغير الطريق التأديبي وهو ما لا ينطبق على الحالة الماثلة، فإن الخزانة العامة تؤدي للصندوق قيمة المعاشات التي تم صرفها ولا يوجد ثمة التزام على صاحب العمل بالاشتراكات المستحقة عن مدة الفصل.
ومن حيث إن الحكم الطعين أخذ بهذا النظر فيما يتعلق بطلب المدعي تحمل جهة الإدارة لحصته وحصتها في الاشتراك في المعاش، فيكون قد صادف صحيح حكم القانون في هذا الشق، مما يتعين معه قبول طعن المدعي شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إن المدعي والحالة هذه يكون قد خسر طعنه، مما يلزمه مصروفاته ومصروفات طعن جهة الإدارة.
ومن حيث إن الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية معفاة، من الرسوم القضائية فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين والمعاشات، وبقبول الدعوى بالنسبة له وكذلك بإلغائه فيما قضى به من تعويض للمدعي وبرفض دعوى المدعي في هذا الشق، وبرفض طعن المدعي فيما قضى به الحكم الطعين من عدم تحمل جهة الإدارة حصته وحصتها في الاشتراك في المعاش وألزمت المدعي مصروفات الطعنين.

قرار رئيس محكمة النقض رقم 13 لسنة 2023 بإنشاء سجل طلبات تعارض الأحكام الباتة

رئيس محكمة النقض


قرر


المادة الأولى

إنشاء سجل خاص – يسمى – سجل طلبات تعارض الأحكام الباتة.


المادة الثانية

تسجل الطلبات فى السجل بذات الإجراءات والأوضاع المقررة للطعون المدنية.


المادة الثالثة

يعرض الطلب على الدائرة المختصة بذات الأوضاع والقواعد المقررة لتوزيع الطعون المدنية.


المادة الرابعة

إذا رأت الدائرة أن هناك تعارض بين الأحكام الباتة تحيل الطلب للهيئة العامة للفصل فيه.


المادة الخامسة

يعمل بهذه القرار اعتباراً من تاريخ نشر القرار الصادر في الطلب المبين بعاليه بموقع محكمة النقض.


المادة السادسة

على السيد القاضى نائب رئيس محكمة النقض رئيس المكتب الفني تنفيذ هذا القرار .


رئيس محكمة النقض 
القاضي محمد عيد محجوب


صدر فى الأول من ذى القعدة سنة 1444 هـ الموافق 21 من مايو سنة 2023 م

الطعن 3407 لسنة 78 ق جلسة 3 / 5 / 2009

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــ
باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائـرة العماليــة
ـــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضى/ عـزت البندارى نــائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيــى الجندي ، حسام قرني ، ومنصــور العشـرى نواب رئيس المحكمــة
وطـارق عبد العظيــم
ورئيس النيابة السيد / حازم رفقـى .
وأمين السر السيد / سعد رياض سعد .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة .
فى يوم الأحد 8 من جمادى الأولى سنة 1430هـ الموافق 3 من مايـو سنة 2009 م .

أصدرت الحكم الآتــى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 3407 لسنة 78 القضائية
المرفـوع مــن :
السيد / رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء بصفته .
حضر عنه الأستاذ / ..... المحامى .
ضــــد
السيد / ..... ـ المقيم شارع الجمهورية ـ بندر نجع حمادى .

لم يحضر أحد عنه بالجلسـة المحددة .
----------------
الـوقـائــع
فـى يوم 6/3/2008 طُعن بطريـق النقض فى حكم محكمة استئناف قنــا الصادر بتاريخ 8/1/2008 فى الاستئناف رقم 102 لسنة 24 ق وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة .
وفى 17/3/2008 أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وعُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 3/5/2009 للمرافعة . وبها سُمِعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مُبين بمحضر الجلسـة ـ حيث صمم كل من محامى الطاعنة والنيابة على ما جاء بمذكرته ـ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
---------------
المحكمــة
بعد الإطـلاع على الأوراق وسمـاع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر/ طـارق عبد العظيم والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 14 لسنة 2003 عمال كلى نجع حمادى على الطاعنة ـ شركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء ـ وآخر ـ غير مخُتصم فى الطعن ـ بطلب الحكم بأحقيته فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته التى لم يستعملها . وقال بياناً لها إنه كان من العاملين لدى الطاعنة وأُحيـل إلى المعاش بتاريخ 20/12/1997 وله رصيد إجازات لم يحصل عليها أثناء الخدمة بلغت 1169 يوماً . وإذ امتنعت الطاعنة عن صرف مقابل هذا الرصيد فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان . دفعت الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده فى رفع الدعوى بالتقادم الحولى ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 23/4/2005 برفض الدفع والدعوى ، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 102 لسنة 24 ق قنـا ، أحالت المحكمة الاستئناف للتحقيق وبعد سماعها شاهدى الطرفين حكمت بتاريخ 8/1/2008 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده مبلغ 8314 جنيه . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفضه . عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون حين قضى بإلغاء الحكم الابتدائـى وأجاب المطعون ضده لطلباته دون أن يعرض للدفع المُبدى منها بسقوط حق المطعون ضده فى رفع الدعوى بالتقادم الحولى والذى رفضته محكمة أول درجة مع الدعوى وبالتالى يكون الدفع المار بيانه مطروحاً على محكمة الدرجة الثانية باستئناف المطعون ضده للحكم الصادر برفض دعواه ، وإذ لم يفطن لذلك الحكم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضــه .
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن النص فى المادة 233 من قانون المرافعات على أن " يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يُقدم لها من أدلة ودفوع وأوجـه دفاع جديدة وما كان قد قُدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى " يدل ـ وعلى ما جرى به قضاء المحكمة ـ أنه يترتب على الاستئناف نقل الدعوى إلى محكمة الاستئناف بما سبق أن أبداه المستأنف عليه أمام محكمة أول درجة من دفوع أو أوجه دفاع وتُعتبر هذه وتلك مطروحة بقوة القانون أمام محكمة الاستئناف للفصل فيها بمجرد رفع الاستئناف حتى ما كان قد فصل فيه لغير مصلحته أثناء سير الدعوى بغير حاجة إلى إعادة ترديدها أمامها أو رفع استئناف فرعى منه متى كان الحكم المستأنف قد انتهى إلى القضاء بطلباته كلها ولـم يقم الدليل على التنازل عنها ـ وهو ما لا وجه لافتراضه ـ لما كان ما تقدم . وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة سبق وأن تمسكت أمام محكمة أول درجة بسقوط حق المطعون ضده فى رفع دعواه بالتقادم الحولى ، رفضته هذه المحكمة ثم قضت برفض الدعوى فأغناها ذلك عن استئناف الحكم ، وإذ يترتب على استئناف المطعون ضده لهذا الحكم اعتبار هذا الدفع وأوجه دفـاع الطاعنة الأخرى مطروحة على محكمة الاستئناف ، ويتعين عليها الفصل فيها . ولما كان الحكم المطعون فيه لم يُشر إلى هذا الدفع وجاءت أسبابـه الواقعية خلواً من الفصل فيه نهائياً ، فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله وهو بما يعيبه ويوجب نقضـه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالـة .
لذلــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف قنا وألزمت المطعون ضده المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وأعفته من الرسوم القضائيــة .

الطلب 1 لسنة 93 ق المقيد 17735 لسنة 92 ق جلسة 17 / 5 / 2022 مكتب فنى 73 هيئة عامة ق 2 ص 21

جلسة 17 من مايو سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ محمد عيد محجوب " رئيس محكمة النقض" وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد، عبد العزيز الطنطاوي، محي الدين السيد، عاطف الأعصر، رفعت العزب، نبيل صادق، محمد خفاجي، إسماعيل عبد السميع، فراج عباس ومحمد عبد الراضي عياد الشيمي " نواب رئيس المحكمة ".
------------------
(2)
الطلب رقم 1 لسنة 93 القضائية " هيئة عامة "
المقيد برقم 17735 لسنة 92 قضائية
(1 – 3) تنفيذ " ما يخرج عن اختصاص قاضي التنفيذ ".
(1) القاضي المستعجل. امتناعه عن تفسير الأحكام واجبة التنفيذ بما يبطلها. ثبوت تمام التنفيذ. أثره. وجوب قضائه بعدم اختصاصه.
(2) اعتبار المنازعة متعلقة بالتنفيذ. شرطه. أنْ يكون التنفيذ جبريًا وأنْ تكون المنازعة مؤثرة في سير إجراءات التنفيذ. م 275 مرافعات. غير ذلك. عدم اعتبارها منازعة في التنفيذ وخروجها عن الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ.
(3) ثبوت تسليم عين التداعي للطالبات تنفيذًا للحكم الصادر لهن ضد المعروض ضده الثاني وتمام التنفيذ في مواجهة المعروض ضده الأول وابتغاؤهن بطلبهن ترجيح الأحكام الصادرة لصالحهن على الحكم الصادر للأول بثبوت ملكيته لذات العين واستلامها قبلهن. مؤداه. عدم اختصاص قاضي التنفيذ. دفع النيابة باختصاصه على غير أساس. أثره. غير مقبول.
(4) اختصاص " اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض ".
محكمة النقض ممثلة بالهيئة العامة للمواد المدنية وغيرها. دورها. توحيد المبادئ القانونية لكافة المحاكم على اختلاف درجاتها. غايتها. منع تضارب الأحكام أو تأبيد المنازعات القضائية المؤدي إلى عدم استقرار المراكز القانونية للمتقاضين. خلو قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ من النص على اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض بالفصل في تناقض حكمين نهائيين صادرين من محاكم القضاء العادي. لازمه. وجوب تدارك ذلك الفراغ التشريعي. علة ذلك. أثره. وجوب تصدي الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض بالفصل في ذلك الطلب المطروح عليها. دفع النيابة في ذلك الشأن. في غير محله.
(5) حكم " شروط حجية الأحكام ".
التناقض بين الأحكام. لازمه. فصل الحكم الثاني في نفس المسألة الأساسية المثارة بين الخصوم أنفسهم خلافًا للحكم الأول أو لمُقتضاه ولو اختلفت الطلبات فيهما. اعتبار المسألة الأساسية فيهما واحدة. شرطه. اتحاد الخصوم والموضوع والسبب ومحل التنفيذ في الدعويين.
(6) دعوى " سبب الدعوى ".
سبب الدعوى. ماهيته. اختلاف سبب الدعوى في الحكمين الصادرين لصالح الطالبات بفسخ عقدي بيع عين التداعي ومحو تسجيل ثانيهما عن السبب في الحكم الصادر لصالح المعروض ضده الأول بثبوت ملكيته لذات العين. مؤداه. انتفاء التناقض المدعى به بين تلك الأحكام. القضاء لصالح كل طرف منهما بالتسليم لذات العين. أثره. توافر التناقض بين تلك الأحكام يصعب الجمع بينها. لازمه. وجوب تصدي الهيئة العامة للمواد المدنية لمحو ذلك التناقض.
(7 -10) حيازة " أثر وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية ".
(7) وضع اليد المدة الطويلة. كفايته بذاته سببًا مستقلًا لكسب الملكية. شرطه. استيفاؤه الشروط القانونية. العبرة فيه.
(8) وضع يد المشتري المدة الطويلة. كفايته بذاته لكسب الملكية. وجود عيب في سند ملكية البائع له. لا أثر له.
(9) المنازعة القضائية. عدم نفيها بمجردها لصفة الهدوء عن الحيازة المكسبة للملكية. مناطه. عدم اقتران الحيازة بالإكراه عند بدئها.
(10) قضاء الحكم سند المعروض ضده الأول نهائيًا بثبوت ملكيته لعين التداعي واستلامها تأسيسًا على توافر الشروط القانونية المكسبة للملكية في حيازته لها بضم مدة حيازته لحيازة سَلَفه المعروض ضده الثاني البائع له. مؤداه. اعتبار ملكية تلك العين واستلامها قد خَلُصت إليه. علة ذلك. أثره. وجوب الاعتداد بالحكم الصادر لصالحه دون الحكمين الصادرين للطالبات. مقتضاه. اعتبار الطلب المقدم منهن بأولوية تنفيذ الأحكام الصادرة لهن. على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ القاضي المستعجل ممنوع من تفسير الأحكام واجبة التنفيذ بما يبطلها، بل يجب عليه أنْ يقضي بعدم اختصاصه متى تم التنفيذ .
2-المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ مفاد المادة 275 من قانون المرافعات أنَّه يتعين لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أن يكون التنفيذ جبريًا وأنْ تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أو مؤثرة في سير إجراءاته، أمَّا المنازعات التي لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سيره أو جريانه فلا تعتبر منازعة في التنفيذ في حكم هذه المادة، وبالتالي لا تدخل في الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ .
3- إذكان الثابت بالأوراق أن عين التداعي سلمت إلى الطالبات تنفيذًا للحكم الصادر لهُن في الدعوى رقم.... لسنة.... جزئي النزهة ضد المعروض ضده الثاني، وأن التنفيذ تم في مواجهة المعروض ضده الأول، ممَّا ينحسر معه اختصاص القاضي المُستعجل بشأن التنفيذ الذي تم فعليًا، هذا فضلًا عن أن الطالبات يبغِين بطلبهُن الماثل ترجيح الأحكام الصادرة لصالحهن قِبَل المعروض ضدهما بفسخ عقدي بيع شقة التداعي مار الإشارة إليهما واستلامهن لها على الحكم الصادر لصالح المعروض ضده الأول بثبوت ملكيته لذات العين واستلامها قبلهن، وهي حالة تخرج كليةً عن اختصاص قاضي التنفيذ مِمَّا يكون معه دفع النيابة في هذا الصدد (باختصاص قاضي التنفيذ بنظر الطلب) على غير أساس مُتعينًا رفضه.
4- إذ كانت قوانين السلطة القضائية المتعاقبة بدءًا من القانون رقم 147 لسنة ١٩٤٩ بشأن نظام القضاء (المادة 19 /2 منه) مرورًا بالقانون رقم ٥٦ لسنة 1959 (المادة 21 /1 منه) والقانون رقم 43 لسنة 1965 (المادتين 4 و21 منه) نصَّت على اختصاص محكمة النقض مُنعقدة بهيئة جمعية عمومية (القانون رقم 147 لسنة ١٩٤٩) أو الهيئة العامة للمواد المدنية (القانونين رقمي 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965) بالفصل في تنازع الاختصاص بين حُكمين نهائيين مُتناقضين صادر أحدهُما من محاكم القضاء العادي والآخر من جهة قضائية أُخرى، فضلًا عن الاختصاص بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حُكمين نهائيين مُتناقضين صادر أحدهُما من إحدى محاكم القضاء العادي والآخر من جهة قضائية أخرى أو ذات اختصاص قضائي، وبصدور قانون المحكمة العليا رقم 81 لسنة 1969 نصّت المادة (4) منه على أنْ تختص المحكمة بـــ "الفصل في مسائل تنازع الاختصاص طبقًا لأحكام المواد 17، 19، 20 و21 من قانون السلطة القضائية"، فأسند إليها الفصل في تنازع الاختصاص السلبي أو الإيجابي الذي يقع بين جهتين قضائيتين أو بين جهة قضائية وأُخرى ذات اختصاص قضائي، فيما ظل اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض المنصوص عليه بالمادة الرابعة من قانون السلطة القضائية القائم آنذاك رقم ٤٣ لسنة ١٩٦٥ كما هو والمتعلق "بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس المِلية أو صادر كل منهما من إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس المِلية"، وبصدور قانون المحكمة الدستورية العلیا رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ نصَّت المادة (٢٥) منه على أنْ "تختص المحكمة الدستورية العلیا دون غيرها بما يأتي : أولًا: الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائِح. ثانيًا: الفصل في تنازُع الاختصاص .... ثالثًا: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها"، إلّا أنَّه وبصدور قانون السلطة القضائية الحالي رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ خَلَت نصوصه من النص على اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض بالفصل في تناقض حكمين نهائيين صادرين من محاكم القضاء العادي بيد أنَّ هذا لا يعني بالضرورة سَلْب محكمة النقض هذا الاختصاص؛ ذلِك أنَّه وإنْ كان ھُناك فراغ تشريعي یتعین على المُشَرِّع المصري تداركه لمُعالجة إشكاليات هذا التناقض الذي أفرزه الواقع العملي وهو ما لا مُماراة فیه، وإذ كان لا مشاحة في أنَّ حُسن سیر العدالة یستنهض محكمة النقض وهي تَتَبوأ أعلى مدارج النظام القضائي، والھیئة العامة للمواد المدنية وغیرھا بمكانة الصَدارة فیها أن تملأ ھذا الفراغ التشريعي بالتصدي للفصل في هذا الطلب المطروح، وهو ما لا غضاضة فيه أو تثریب علیھا هادفة من ذلِك توحيد المبادئ القانونية لكافة المحاكم على اختلاف درجاتها ومنع تضارُب الأحكام أو تأبيد المُنازعات القضائية واستقرار المراكز القانونية للمتقاضين أمامها؛ وهو الدور المنوط به لمحكمة النقض مُجدِّدة غير جامِدة، مُبدِعة لا ناقلة أو مُقلدة لا سيَّما وأنَّ كثیر من التشريعات العربية عالجت مثل ھذا الأمر بإسناد الفصل فیه إلى المحكمة العُلیا بھا، ومن ثم بات من المتعين على محكمة النقض مُمَثَلة بالھیئة العامة للمواد المدنية وغيرها التصدي بالفصل في هذا الطلب المطروح عليها ، مِمَّا یكون معه دفع النيابة في هذا الصَدَد (بعدم اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية بمحكمة النقض بالفصل في تعارُض الأحكام النهائية ) في غير محله.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ التناقض بين الأحكام يتوافر إذا ما فَصَل الحكم الثاني في نفس المسألة المُثارة بين الخصوم أنفسھم خلافًا للحكم الأول أو لمقتضاه، حتى ولو كانت الطلبات في الدعویين مختلفة طالما أنَّ المسألة الأساسية فیھما واحدة، ويشترط لذلك: الاتحاد بین الخصوم والموضوع والسبب ومحل التنفیذ في الدعویین .
6- إذ إنَّه وباستقراء الأحكام سواء الصادرة لصالح الطالبات ضد المعروض ضدهما، أو لصالح المعروض ضده الأول ضد الطالبات والمعروض ضده الثاني، فإنَّه یتبين أنَّ هناك اتحادًا في الخُصوم بین أطراف تِلك الأحكام وهُم الطالبات والمعروض ضدھُما، کما أنَّ هُناك اتحادًا في موضوعھا وهي الملكية المُثارة بین أطرافها، وكذَلِك محل التنفيذ وهو الشقة عین التداعي، وحیث إنَّه وفيما یتعلق بالسبب الذي یرتكن إلیه كُل طَرَف في الحكم الصادر لصالحه، وكان المقصود بسبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي یستمد منها المدعي الحق فى الطلب، فإذا ما اختلف السبب الذي یرتكن إلیه كل طرف في الحكم الصادر لصالحه عن السبب الذي یرتكِن إلیه الطَرَف الآخر انتفى بالتبعية التعارض أو التناقض المُدَّعى به بین الأحكام مثار هذا الطلب، وحيث إنَّه لمَّا كان ذلِك، وكان البيَّن من الحكمين الصادرين لصالح الطالبات رقمي.... لسنة.... جُزئي النُزهة،.... لسنة.... مدني كُلي شمال القاھرة واستئنافيهما رقمي.... و.... لسنة.... ق استئناف القاهرة والمقضي فيها جميعًا لصالِحهِن بفسخ عقدي بيع عين التداعي المؤرخ أولهما 1/2/1993 الصادر منهن للمعروض ضده الثاني، والمؤرخ ثانيهما 4/1/2001 ومحو تسجيله الصادر من المذكور أخيرًا إلى المعروض ضده الأول، الثابت من تِلك الأحكام أنَّ قضاءها شُيَّد على ما ارتكنت إليه الطالبات بسبب دعوييهن وهو إخلال المعروض ضده الثاني التعاقُدي بتقاعسه عن سداد الأقساط المستحقة عليه من ثمن شقة التداعي وتحقق الشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه بعقد شرائه لها، فيما كان السبب الذي ارتكن إليه المعروض ضده الأول في الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي شمال القاهرة واستئنافها رقم.... لسنة.... ق القاهرة بثبوت ملكيته لذات شقة التداعي، هو وضع اليد المُدة الطويلة المُكسبة للملكية، وهو سبب مستقل ومُغاير للسبب الذي ارتكنت إليه الطالبات، ومن ثم فلا تعارُض أو تناقض في قضاء الأحكام الصادرة لصالحهِن بفسخ عقدي بيع شقة التداعي مار الإشارة إليهما، والحكم الصادر للمعروض ضده الأول بثبوت ملكيته لذات الشقة، بيد أنَّه قُضي لصالح كل طرف منهما بالتسليم لعين التداعي وهو ما يُمثل تعارُضًا بين تلك الأحكام بما يصعب الجمع بينها، مِمَّا يتعين معه على الهيئة التصدي لهذا التناقض وإزالته.
7- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يُعد بذاته سببًا لكسب الملكية مُستقلًا عن غيره من أسبابها، العبرة فيه بالواقع المطروح لا بما هو ثابت بالأوراق إذا خالفه .
8-المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ وضع يد المشتري المدة الطويلة المكسبة للملكية يكفي بذاته لكسب الملكية، ولا يمنع من قيامه وجود عيب في سند ملكية البائع له.
9- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنَّ مجرد المنازعة القضائية لا ينفي قانونًا صفة الهدوء عن الحيازة المكسبة للملكية طالما أنَّها لم تقترن بالإكراه عند بدئها .
10- إذ كان الحكم الصادر في الاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة المؤيَّد بالطعن بالنقض رقم.... لسنة.... ق سند المعروض ضده الأول في ثبوت ملكيته لعين التداعي واستلامها، قد أورد بأسبابه المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه أنَّ " المحكمة قد انتهت إلى أنَّ حيازة المُستأنِف (المعروض ضده الأول) مضمومًا إلى حيازة سَلَفه (المعروض ضده الثاني) قد توافرت فيها الشروط القانونية، ومن ثم كان طلبه تثبيت ملكيته على شقة النزاع قد صادف صحيح الواقع والقانون، ولا ينال من ذلِك أنْ تكون ملكية الشقة مُسَجَّلة باسم المُستأنَف ضدهُن – الطالبات- ". لمّا كان ذلِك، وكان مؤدى ما ذهب إليه ذلِك الحكم أنَّ الطالبات وإنْ استرددن شقة التداعي بتنفيذ الحكم الصادر لهن في الدعوى رقم.... لسنة.... جُزئي النُزهة في مُواجهة المعروض ضده الأول إلّا أنَّ ذلِك التنفيذ قد تم بعد اكتمال مدة حيازته وتَمَلُّكها بوضع اليد المدة الطويلة بموجب الحكم الصادر لصالحه في مواجهة الطالبات والمعروض ضده الثاني، بما مؤداه أنَّ ملكية تلك العين واستلامها قد خَلُصت إليه دون الطالبات، ومن ثم تنتهي الهيئة إلى الاعتداد بالحكم الصادر لصالح المعروض ضده الأول.... رقم.... لسنة.... ق استئناف القاهرة المؤيَّد بالطعن بالنقض رقم.... لسنة.... ق دون الحكمين الصادرين للطالبات -.... – رقمي.... لسنة.... جُزئي النُزهة و.... لسنة.... مدني كُلي شمال القاهرة واستئنافه رقم.... لسنة.... ق القاهرة، مِمَّا يكون معه الطلب المُقدَّم من الطالبات على غير أساس متعينًا رفضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، وبعد المُداولة.
حیث إن الواقعات - على ما يبين من الأوراق - تَتَحَصَّل في أنَّ الطالبات سَبَق وأنْ أقَمْن الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي شمال القاهرة على المعروض ضده الثاني.... بطلب الحكم بفسخ عقد البیع المؤرخ 1/2/1993 والتسليم للشقة محل هذا العقد والمبينة بالأوراق، وذلِك على سند من أنَّه: بموجب ھذا العقد اشترى المذكور أخیرًا منهُن تِلك الشقة نظیر ثمن مقداره مائة وثلاثة آلاف جُنیه عَجَّل منه خمسة وعشرين ألف جُنیه واستأجل المبلغ الباقي على أقساط بموجب شیكات بنكیة، وقد نص بعقد البیع على اعتباره مفسوخًا من تلقاء نفسه دون اللجوء إلى القضاء حال التَخَلُّف عن سداد تِلك الأقساط. وإذ تقاعس المُشتري عن سداد مبلغ تسعة وأربعين ألفًا وثمانمائة وسبعين جنيهًا، بموجب إنذار مؤرخ 19/9/2005 كلَّفنه بسداد ذلِك المبلغ فلم يبرأ ذمته منه فأقمن الدعوى. ومحكمة شمال القاهرة قضت بعدم اختصاصها قيميًا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة النُزھة الجزئیة التي قُیِّدَت أمامھا برقم.... لسنة.... جُزئي النُزهة، وبتاريخ 25/2/2009 حَكَمَت بالطلبات.
وحيث إنَّ المعروض ضده الثاني.... كان قد بادر قبل صدور حُكم محكمة النُزهة الجزئية الأخیر ببیع ذات شقة التداعي إلى المعروض ضده الأول.... بموجب العقد المؤرخ 4/1/2001 والذي تم تنفیذ حُكم تسلیم شقة التداعي إلى الطالبات في مُواجهته. فأقام الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي شمال القاهرة على الطالبات والمعروض ضده الثاني بطلب تثبيت ملكيته لشقة التداعي بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بإضافة مُدة حيازة سَلَفَه إلى حيازته وذلك قبل تنفيذ حُكم تسليمها إلى الطالبات بتاريخ 20/12/2010، والمحكمة رفضت الدعوى بحكم استأنَفه المعروض ضده الأول بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق أمام محكمة استئناف القاهرة التي قضَت بتاريخ 11/4/2017 بثبوت ملكية المذكور أخيرًا لشقة التداعي وتسليمها إليه لتَمَلُّكه لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. طعنت الطالبات على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم.... لسنة.... ق، وبتاريخ 24/4/2018 قضت محكمة النقض بعدم قبوله.
وحیث إنَّ الطالبات عُدن فأقمن الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كُلي شمال القاھرة على المعروض ضدهُما بطلب: عدم نفاذ عقد البیع المؤرخ 4/1/2001 الصادر من المعروض ضده الثاني إلى المعروض ضده الأول عن شقة التداعي في مُواجھتھن ومحو تسجیله والمحكمة قضَت بفسخ ذلك العقد ورفض طلب المحو بحُكم استأنَفه المعروض ضدهُما بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق أمام محكمة استئناف القاھرة، كما استأنَفته الطالبات بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق أمام ذات المحكمة التي ضمَّتهُما، وبتاریخ 11/12/2019 قضَت برفض الاستئناف الأول وفي استئناف الطالبات بتعدیل الحكم المُستأنَف فى شِقه الثاني والقضاء مجددًا بمحو تسجيل عقد البيع المؤرخ 4/1/2001 وكافة الآثار المترتبة على ذلك، ولم يُطعن على ذلِك الحكم بطريق النقض.
وحيث إنَّ الطالبات تَقَدَّمن بالطلب الماثِل بغية القضاء لهُن: بأولوية تنفيذ الحكم رقم.... لسنة.... جُزئي النُزهة وكذا الحكم الصادر في الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي شمال القاهرة واستئنافيها رقمي....،..... لسنة.... ق القاهرة على الحُكم الصادر في الاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة.
وإذ عُرِضَ الطلب على الدائرة المدنية المختصة التي قرَّرَت بجلستها المعقودة بتاريخ 16 من فبراير سنة 2023 إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها؛ للتصدي بالفصل في هذا الطلب، وإذ حدَّدَت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها جلسة الأول من مارس سنة 2023 لنظر الطلب، وأودَّعَت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى: أصليًا: عدم اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها بنظر الطلبات المتعلقة بإزالة التعارض أو التنازع بين الأحكام القضائية النهائية المتعارضة. احتياطيًا: إذا رأت عدالة الهيئة اختصاصها بنظر طلبات إزالة التعارض بين الأحكام النهائية المتعارضة: عدم اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال شخصية وغيرها بنظر الدعوى، واختصاص قاضي التنفيذ بنظرها لعدم وجود تعارض بين الأحكام موضوع التداعي.
وحيث إنَّ الهيئة تداولَت في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المُحيلة وبذات الجلسة قرَّرَت إصدار القرار بجلسة اليوم.
وحيث إنَّه عن دفع النيابة باختصاص قاضي التنفيذ بنظر الطلب المطروح على الهيئة فهو غير سديد، ذلِك أنَّ المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ القاضي المستعجل ممنوع من تفسير الأحكام واجبة التنفيذ بما يبطلها، بل يجب عليه أنْ يقضي بعدم اختصاصه متى تم التنفيذ، وأيضًا من المُقرَّر أنَّ مفاد المادة 275 من قانون المرافعات أنَّه يتعين لكي تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أن يكون التنفيذ جبريًا وأنْ تكون المنازعة متعلقة بالتنفيذ أو مؤثرة في سير إجراءاته، أمَّا المنازعات التي لا تمس إجراء من إجراءات التنفيذ أو سيره أو جريانه فلا تعتبر منازعة في التنفيذ في حكم هذه المادة، وبالتالي لا تدخل في الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ.

وحيث إنَّ الثابت بالأوراق أن عين التداعي سُلَّمت إلى الطالبات تنفيذًا للحكم الصادر لهن في الدعوى رقم.... لسنة.... جُزئي النُزهة ضد المعروض ضده الثاني، وأنَّ التنفيذ تم في مواجهة المعروض ضده الأول، ممَّا ينحسر معه اختصاص القاضي المستعجل بشأن التنفيذ الذي تم فعليًا، هذا فضلًا عن أنَّ الطالبات يبغِين بطلبهن الماثل ترجيح الأحكام الصادرة لصالحهن قِبَل المعروض ضدهما بفسخ عقدي بيع شقة التداعي مار الإشارة إليهما واستلامهن لها على الحكم الصادر لصالح المعروض ضده الأول بثبوت ملكيته لذات العين واستلامها قبلهن، وهي حالة تخرج كُليةً عن اختصاص قاضي التنفيذ مِمَّا يكون معه دفع النيابة في هذا الصدد على غير أساس متعينًا رفضه.
وحيث إنَّه عن دفع النيابة بعدم اختصاص الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية بمحكمة النقض بالفصل في تعارض الأحكام النهائية مبناه خلو قانون السلطة القضائية الحالي رقم 46 لسنة ١٩٧٢ من نص یُبیح التصدي للهيئة للفصل في هذا الأمر، فھذا الدفع في غير محله؛ ذلك أنَّ قوانين السلطة القضائية المتعاقبة بدءًا من القانون رقم 147 لسنة ١٩٤٩ بشأن نظام القضاء (المادة 19/ 2 منه) مرورًا بالقانون رقم ٥٦ لسنة 1959 (المادة 21/1 منه) والقانون رقم 43 لسنة 1965 (المادتين 4 و21 منه) نصَّت على اختصاص محكمة النقض مُنعقدة بهيئة جمعية عمومية (القانون رقم 147 لسنة ١٩٤٩) أو الهيئة العامة للمواد المدنية (القانونین رقمي 56 لسنة 1959 و43 لسنة 1965) بالفصل في تنازع الاختصاص بين حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من محاكم القضاء العادي والآخر من جهة قضائية أخرى، فضلًا عن الاختصاص بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى محاكم القضاء العادي والآخر من جهة قضائية أخرى أو ذات اختصاص قضائي، وبصدور قانون المحكمة العليا رقم 81 لسنة 1969 نصّت المادة (4) منه على أنْ تختص المحكمة بـ "الفصل في مسائل تنازع الاختصاص طبقًا لأحكام المواد 17، 19، 20 و21 من قانون السلطة القضائية"، فأسند إلیھا الفصل في تنازع الاختصاص السلبي أو الإيجابي الذي یقع بین جهتین قضائيتين أو بين جهة قضائية وأخرى ذات اختصاص قضائي، فیما ظل اختصاص الھیئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض المنصوص علیه بالمادة الرابعة من قانون السلطة القضائية القائم آنذاك رقم ٤٣ لسنة ١٩٦٥ كما ھو والمتعلق "بالفصل في النزاع الذي یقوم بشأن تنفیذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدھما من إحدى المحاكم والآخر من إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس المِلیة أو صادر كل منھما من إحدى محاكم الأحوال الشخصية أو المجالس المِلیة"، وبصدور قانون المحكمة الدستورية العلیا رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩ نصَّت المادة (٢٥) منه على أنْ "تختص المحكمة الدستورية العلیا دون غیرھا بما یأتي: أولًا: الرقابة القضائية على دستورية القوانین واللوائِح. ثانيًا: الفصل في تنازع الاختصاص.... ثالثًا: الفصل في النزاع الذي یقوم بشأن تنفیذ حكمین نهائيين متناقضین صادر أحدهما من أیة جھة من جھات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جھة أخرى منها"، إلّا أنَّه وبصدور قانون السلطة القضائية الحالي رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ خَلَت نصوصه من النص على اختصاص الھیئة العامة للمواد المدنیة بمحكمة النقض بالفصل في تناقض حكمین نھائيين صادرین من محاكم القضاء العادي بيد أنَّ هذا لا يعني بالضرورة سَلْب محكمة النقض هذا الاختصاص؛ ذلِك أنَّه وإنْ كان ھُناك فراغ تشريعي یتعین على المُشَرِّع المصري تداركه لمُعالجة إشكاليات ھذا التناقض الذي أفرزه الواقع العملي وهو ما لا مُماراة فیه، وإذ كان لا مشاحة في أنَّ حُسن سیر العدالة یستنهض محكمة النقض وھي تَتَبوأ أعلى مدارج النظام القضائي، والھیئة العامة للمواد المدنية وغیرھا بمكانة الصَدارة فیها أن تملأ ھذا الفراغ التشريعي بالتصدي للفصل في هذا الطلب المطروح، وهو ما لا غضاضة فيه أو تثریب علیھا هادفة من ذلِك توحيد المبادئ القانونية لكافة المحاكم على اختلاف درجاتها ومنع تضارب الأحكام أو تأبيد المنازعات القضائية واستقرار المراكز القانونية للمتقاضين أمامها؛ وهو الدور المنوط به لمحكمة النقض مُجدِّدة غير جامِدة، مُبدِعة لا ناقلة أو مُقلدة لا سيَّما وأنَّ كثیر من التشريعات العربية عالجت مثل ھذا الأمر بإسناد الفصل فیه إلى المحكمة العُلیا بھا، ومن ثم بات من المتعين على محكمة النقض مُمَثَلة بالھیئة العامة للمواد المدنية وغیرھا التصدي بالفصل في ھذا الطلب المطروح علیها، مِمَّا یكون معه دفع النيابة في ھذا الصَدَد في غیر محله.
وحیث إنَّه وعن الطلب المطروح على الهيئة، فإنَّ المُستقر علیه – بقضاء هذه المحكمة - أنَّ التناقض بین الأحكام یتوافر إذا ما فَصَل الحكم الثاني في نفس المسألة المُثارة بین الخصوم أنفسھم خلافًا للحكم الأول أو لمقتضاه، حتى ولو كانت الطلبات في الدعویين مختلفة طالما أنَّ المسألة الأساسية فیھما واحدة، ويشترط لذلك: الاتحاد بین الخصوم والموضوع والسبب ومحل التنفیذ في الدعویین، وحیث إنَّه وباستقراء الأحكام سواء الصادرة لصالح الطالبات ضد المعروض ضدهما، أو لصالح المعروض ضده الأول ضد الطالبات والمعروض ضده الثاني، فإنَّه یتبين أنَّ هناك اتحادًا في الخُصوم بین أطراف تِلك الأحكام وهم الطالبات والمعروض ضدھما، کما أنَّ هناك اتحادًا في موضوعھا وهي الملكية المثارة بین أطرافها، وكذَلِك محل التنفيذ وهو الشقة عین التداعي، وحیث إنَّه وفيما یتعلق بالسبب الذي یرتكن إلیه كل طَرَف في الحكم الصادر لصالحه، وكان المقصود بسبب الدعوى هو الواقعة أو الوقائع التي یستمد منها المدعي الحق فى الطلب، فإذا ما اختلف السبب الذي یرتكن إلیه كل طرف في الحكم الصادر لصالحه عن السبب الذي یرتكِن إلیه الطَرَف الآخر انتفى بالتبعية التعارض أو التناقض المُدَّعى به بین الأحكام مثار هذا الطلب، وحيث إنَّه لمَّا كان ذلِك، وكان البيَّن من الحكمين الصادرين لصالح الطالبات رقمي.... لسنة.... جُزئي النُزهة،.... لسنة.... مدني كُلي شمال القاھرة واستئنافيهما رقمي.... و.... لسنة.... ق استئناف القاهرة والمقضي فيها جميعًا لصالحهن بفسخ عقدي بيع عين التداعي المؤرخ أولهما 1/2/1993 الصادر منهن للمعروض ضده الثاني، والمؤرخ ثانيهما 4/1/2001 ومحو تسجيله الصادر من المذكور أخيرًا إلى المعروض ضده الأول، الثابت من تِلك الأحكام أنَّ قضاءها شُيَّد على ما ارتكنت إليه الطالبات بسبب دعوييهن وهو إخلال المعروض ضده الثاني التعاقدي بتقاعسه عن سداد الأقساط المستحقة عليه من ثمن شقة التداعي وتحقق الشرط الصريح الفاسخ المنصوص عليه بعقد شرائه لها، فيما كان السبب الذي ارتكن إليه المعروض ضده الأول في الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم.... لسنة.... مدني كلي شمال القاهرة واستئنافها رقم.... لسنة.... ق القاهرة بثبوت ملكيته لذات شقة التداعي، هو وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وهو سبب مستقل ومُغاير للسبب الذي ارتكنت إليه الطالبات، ومن ثم فلا تعارض أو تناقض في قضاء الأحكام الصادرة لصالحهن بفسخ عقدي بيع شقة التداعي مار الإشارة إليهما، والحكم الصادر للمعروض ضده الأول بثبوت ملكيته لذات الشقة، بيد أنَّه قضي لصالح كل طرف منهما بالتسليم لعين التداعي وهو ما يُمثل تعارُضًا بين تلك الأحكام بما يصعب الجمع بينها، مِمَّا يتعين معه على الهيئة التصدي لهذا التناقض وإزالته، وحيث إنَّه من المُستقر عليه قضاءً أنَّ وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يُعد بذاته سببًا لكسب الملكية مُستقلًا عن غيره من أسبابها، العبرة فيه بالواقع المطروح لا بما هو ثابت بالأوراق إذا خالفه، وأنَّ وضع يد المشتري المدة الطويلة المكسبة للملكية يكفي بذاته لكسب الملكية، ولا يمنع من قيامه وجود عيب في سند ملكية البائع له، وأنَّ مجرد المنازعة القضائية لا ينفي قانونًا صفة الهدوء عن الحيازة المكسبة للملكية طالما أنَّها لم تقتــرن بالإكراه عند بدئها. لمَّا كان ذلِك، وكان الحكم الصادر في الاستئناف رقم.... لسنة.... ق القاهرة المؤيَّد بالطعن بالنقض رقم.... لسنة.... ق سند المعروض ضده الأول في ثبوت ملكيته لعين التداعي واستلامها، قد أورد بأسبابه المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه أنَّ "المحكمة قد انتهت إلى أنَّ حيازة المُستأنِف (المعروض ضده الأول) مضمومًا إلى حيازة سَلَفه (المعروض ضده الثاني) قد توافرت فيها الشروط القانونية، ومن ثم كان طلبه تثبيت ملكيته على شقة النزاع قد صادف صحيح الواقع والقانون، ولا ينال من ذلِك أنْ تكون ملكية الشقة مُسَجَّلة باسم المُستأنَف ضدهُن – الطالبات-". لمّا كان ذلِك، وكان مؤدى ما ذهب إليه ذلِك الحكم أنَّ الطالبات وإن استرددن شقة التداعي بتنفيذ الحكم الصادر لهن في الدعوى رقم.... لسنة.... جُزئي النُزهة في مُواجهة المعروض ضده الأول إلّا أنَّ ذلِك التنفيذ قد تم بعد اكتمال مدة حيازته وتَمَلُّكها بوضع اليد المدة الطويلة بموجب الحكم الصادر لصالحه في مواجهة الطالبات والمعروض ضده الثاني، بما مؤداه أنَّ ملكية تلك العين واستلامها قد خَلُصت إليه دون الطالبات، ومن ثم تنتهي الهيئة إلى الاعتداد بالحكم الصادر لصالح المعروض ضده الأول.... رقم.... لسنة.... ق استئناف القاهرة المؤيَّد بالطعن بالنقض رقم.... لسنة.... ق دون الحكمين الصادرين للطالبـات (....) رقمي.... لسنة.... جُزئي النُزهة و.... لسنة.... مدني كُلي شمال القاهرة واستئنافه رقم.... لسنة.... ق القاهرة، مِمَّا يكون معه الطلب المُقدَّم من الطالبات على غير أساس متعينًا رفضه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 28 مايو 2023

الطعن رقم 109 لسنة 37 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر مــــن مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 109 لسنة 37 قضائية دستورية

المقامة من
هشام محمود محمد الدردير
ضــد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية
4- رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الخاص للعاملين ببنك الاستثمار العربي
5- رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب التنفيذي لبنك الاستثمار العربي

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ السادس عشر من يونيه سنة 2015، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة السادسة عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، والمواد المرتبطة به.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدم كل من المدعى عليهما الثالث والخامس مذكرة طلب فيها الحكم أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان من العاملين ببنك الاستثمار العربي، وأقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 249 لسنة 2012 عمال كلي، ضد المدعى عليه الخامس وآخرين، طلبًا للحكم - وفق طلباته الختامية - أولاً: بحل اللجنة النقابية للعاملين ببنك الاستثمار العربي وتسليمها إلى اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات النقابات العمالية، للدعوة إلى انتخابات حرة لحين صدور قانون النقابات المهنية الجديد. ثانيًا: بوقف جميع القرارات التي يمكن صدورها من قِبَل صندوق التأمين الخاص للعاملين ببنك الاستثمار العربي. ثالثًا: بإلزام البنك بإصدار التقرير السنوي للمدعي وفقًا لأحكام القانون، وإلغاء ندبه من العمل بإدارة أمناء الاستثمار وإلحاقه مجددًا بالإدارة القانونية، مع الحكم بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية. رابعًا: بإلزام رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الخاص للعاملين بالبنك بأن يؤدي للصندوق المبالغ التي صرفت منه لرؤساء مجالس إدارة البنك السابقين. خامسًا: بإلزام البنك بأن يؤدي له نصف راتبه عن شهري أبريل ومايو عام 2012 وعلاواته، والحوافز التي صرفت للعاملين خلال عام 2012، وبطلان كافة القرارات الصادرة من البنك بشأنه. وذلك على سند من القول بأن إدارة البنك أصدرت العديد من القرارات التي تؤثر على حقوق ومصالح العاملين به دون مشاركة اللجنة النقابية للعاملين بالبنك، كما أصدرت قرارات تنال من حقوقه المالية والشخصية والتي انتهت بفصله من العمل، وحال نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية المادة السادسة عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام المدعي دعواه المعروضة، ناعيًّا على النص المطعون فيه مخالفته أحكام المواد (33 و35 و92 و94 و97 و99 و100) من الدستور.
وحيث إن المادة السادسة عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2009 بتنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفيـة، تنص على أنـه لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في القوانين المذكورة في المادة الثالثة من هذا القانون إلا بناءً على طلب كتابي من رئيس الهيئة، ويجوز لرئيس الهيئة التصالح عن هذه الجرائم في أية حالة كانت عليها الدعوى مقابل أداء مبلغ للهيئة لا يقل عن مثلي الحد الأدنى للغرامة، ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة التي تم التصالح بشأنها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًّا .
وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2009 المار ذكره، قد حددت حصرًا القوانين التي تخضع الجرائم المرتكبة بالمخالفة لأحكامها لقيد الطلب في تحريك الدعوى الجنائية، والتي يجوز لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية التصالح بشأنها وهي: قانون الإشراف والرقابة على التأمين الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 1981، وقانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992، وقانون الإيداع والقيد المركزي للأوراق والأدوات المالية الصادر بالقانون رقم 93 لسنة 2000، وقانون التمويل العقاري الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2001، وقانون التأجير التمويلي الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1995؛ المستبدل بالقانون رقم 176 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم نشاطي التأجير التمويلى والتخصيم .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية وهي شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعي - في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها، إذ لا يُتصور أن تكون مصلحة المدعي في الدعوى الدستورية محض مصلحة نظرية غايتها إعمال النصوص التي تضمنها الدستور إعمالاً مجردًا، تعبيرًا في الفراغ عن ضرورة التقيد بها، وما إلى ذلك قصد المشرع بالخصومة الدستورية التي أتاحها للمتداعين ضمانًا لمصالحهم الشخصية المباشرة ، فلا تعارضها أو تعمل بعيدًا عنها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى الموضوعية تدور رحاها حول مطالبة المدعي بحقوق نقابية وتأمينية وعمالية، وتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، وكانت الأوراق قد خلت من نظر محكمة الموضوع لجريمة مما نص عليه في القوانين التي حددتها المادة الثالثة من القانون رقم 10 لسنة 2009 المار بيانها، أو طعن في قرار أصدره رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية بالتصالح في جريمة من الجرائم السالفة البيان. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية النص المطعون عليه لن يكون له أثر أو انعكاس على الحكم في الدعوى الموضوعية، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في الدعوى المعروضة، ولزامه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.