شركة إنجازات للتنمية العقارية - مساهمة العامة
مطعون ضده:
سيف بالحصا للعقارات
جولدن سكوير للاستشارات الهندسية
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2021/302 طعن عقاري
بتاريخ 28-09-2021
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
------------
جلسة أول فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: اميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
---------------------
(27)
الطعن رقم 377 لسنة 30 القضائية
(أ) بيع "هلاك المبيع". إصلاح زراعي.
الهلاك - في حكم المادة 437 مدني - زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية. استيلاء الإصلاح الزراعي على قدر من الأطيان المبيعة ليس هلاكاً لهذا القدر.
(ب) إصلاح زراعي. "الاستيلاء". "عدم الاعتداد بتصرفات المالك". بيع "التزامات البائع به". "التزام بضمان".
المناط - عند الاستيلاء تنفيذاً لقانون الإصلاح الزراعي - في عدم الاعتداد بما لم يشهر من تصرفات المالك الصادرة لغير فروعه وزوجه وأزواج فروعه والسابقة على تاريخ العمل به هو ثبوت تاريخ هذه التصرفات قبل 23 يوليه سنة 1952. عدم الاعتداد معناه بقاء المتصرف فيه على ملك المتصرف فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء. مسئولية البائع قبل المشتري عن هذا الاستيلاء ما دام سببه راجعاً إليه.
(ج) بيع "التزامات البائع". "الالتزام بالضمان".
تراخي المشتري في تسجيل عقد شرائه لا يسقط عن البائع التزامه بالضمان ولو ترتب على هذا التراخي نزع ملكية العين المبيعة من تحت يد المشتري.
(د) بيع "التزامات البائع". "الالتزام بتسليم المبيع".
تطبيق نص المادة 434 مدني في حالة العجز في المبيع، محله أن يكون البيع قد انعقد على عين معينة مفرزة ولم يتم التسليم على النحو الذي التزم به البائع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من الأوراق - تتحصل في أنه بموجب عقد ابتدائي تاريخه 28/ 2/ 1950 باع الطاعنان إلى المدعو عريان برسوم بصفته ولياً على ابنه المطعون عليه، وقت أن كان قاصراً أطياناً زراعية ذكر في العقد أنها 11 ف و16 ط و22 س وأن المشتري دفع كامل ثمنها وقدره 4916 ج و40 م بواقع 420 ج ثمناً للفدان الواحد. ولقيام نزاع بين الطرفين فيما بعد حول المساحة الحقيقية للأطيان المبيعة أقام عليهما المشتري بصفته الدعوى رقم 163 لسنة 1956 كلي بني سويف طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة إلى 11 ف و3 ط و13 س نظير ثمن قدره 4681 ج و240 م. مع باقي الطلبات المبينة بالصحيفة. وفي أثناء نظر الدعوى بلغ المطعون عليه سن الرشد وباشر الدعوى بنفسه وعدل طلباته فيها إلى الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة لقدر مساحته 8 ف و7 ط و21 س نظير ما يقابله من الثمن وهو مبلغ 3497 ج و80 م مع إلزام الطاعنين متضامنين بأن يردا إليه مبلغ 1418 ج و960 م ثمن 3 ف و9 ط و2 س من الأطيان المبيعة وذلك على أساس أن الإصلاح الزراعي استولى بعد البيع على 2 ف و19 ط و16 س من هذا القدر وأن الباقي منه وقدره 13 ط و10 س هو نقص في المساحة - كما طلب إلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 401 ج و400 م قيمة ريع هذين القدرين عن سنة 1958 الزراعية، وحفظ حقه فيما يستجد من هذا الريع - طلب الطاعنان الحكم برفض طلبات المطعون عليه جميعها فيما عدا طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد بالنسبة إلى 8 ف و7 ط و21 س - فقد ذكرا أنهما لا ينازعان في هذا الطلب على أن يلتزم المطعون عليه بالمصروفات، وقالا عن ثمن النقص في المساحة إنه على فرض وجوده، فإن حق المطعون عليه في المطالبة به قد سقط بالتقادم عملاً بنص المادة 434 من القانون المدني - وبتاريخ 18/ 3/ 1959 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع بالنسبة إلى 8 ف و7 ط و21 س وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 1184 ج و160 م قيمة القدر الذي استولى عليه الإصلاح الزراعي ورفضت المحكمة طلبي الريع وثمن النقص وأقامت قضاءها برفض هذين الطلبين على أن حق المطعون عليه في طلب مقابل النقص قد سقط بالتقادم لمرور أكثر من سنة من وقت استلامه المبيع استلاماً فعلياً من تاريخ البيع الحاصل في 28/ 2/ 1950 حتى رفعه الدعوى بثمن هذا النقص في 9/ 4/ 1956 أو إنذاره الطاعنين بخصوصه في 2/ 5/ 1955 - وقالت إن مطالبة الطاعنين بالريع في غير محلها لأنهما كانا حسني النية - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالنسبة لطلبي الريع ومقابل النقص المحكوم برفضهما وقيد استئنافه برقم 685 سنة 77 ق القاهرة كما استأنفه الطاعنان بالنسبة لقضائه عليهما بثمن الأرض المستولى عليها وقيد استئنافهما برقم 865 سنة 76 ق القاهرة، وقد ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 21/ 6/ 1960 حكمت برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنين وقضت في الاستئناف المرفوع من المطعون عليه، بإلزام الطاعنين بأن يدفعا له، زيادة على ما حكمت به محكمة أول درجة مبلغ 234 ج و800 م قيمة ما قبضاه أكثر من الثمن المستحق لهما مع الفوائد بواقع 4% سنوياً عن جميع المبلغ المحكوم به وقدره 1418 ج و960 م وذلك من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 1/ 9/ 1958 حتى السداد - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 28/ 12/ 1963 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وفي الجلسة التي حددت لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين، ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إنه بالرغم من أن الحكم اعتبر عقد البيع الصادر منهما للمطعون عليه صحيحاً ومنتجاً لآثاره القانونية، فقد استند في قضائه عليهما بثمن القدر الذي استولى عليه الإصلاح الزراعي إلى ما قرره من أن وفاء المطعون عليه بثمن هذا القدر تم تنفيذاً لالتزام زال سببه لاستحالة تنفيذه ومن أجل ذلك يصبح من حقه استرداد هذا الثمن عملاً بالمادتين 159 و182 من القانون المدني - هذا في حين أن الوفاء بهذا الثمن تم تنفيذاً لالتزام قام صحيحاً واستمر صحيحاً، وتنفذ باستلام المشتري للعين المبيعة - وليس السبب في عدم بقاء القدر المستولى عليه في ملك المشتري إلا سبباً طارئاً حدث بعد انعقاد العقد نتيجة لتشريع لم يكن في مقدور البائعين توقعه، بل إن هذا السبب راجع إلى إهمال المشتري في تسجيل عقد البيع مما يسقط حقه في الرجوع على البائعين بالضمان - هذا إلى أنه وقد استلم المشتري المطعون عليه - الأطيان المبيعة، فإن البائعين - الطاعنين - لا يسألان عن هلاك قدر منها بنزع ملكيته والاستيلاء عليه من تحت يد المشتري إذ المبيع إذا هلك بعد تسليمه إلى المشتري فإنه يتحمل تبعة هذا الهلاك ولو لم تكن الملكية قد انتقلت إليه بسبب عدم تسجيل عقد البيع - ولا محل للقول بمسئولية الطاعنين استناداً إلى أن البائع يلتزم قبل المشتري بضمان التعرض والاستحقاق، ذلك أن شرط هذا الضمان أن يكون سبب التعرض أو الاستحقاق موجوداً وقت البيع، أما إذا نشأ هذا السبب بعد العقد فإن البائع لا يسأل عنه وأضاف الطاعنان أنه على فرض صحة الأساس الذي اتخذه الحكم سنداً للقضاء عليهما بثمن القدر الذي استولى عليه الإصلاح الزراعي فإنهما قد دفعا بسقوط حق المطعون عليه في الرجوع عليهما بهذا الثمن، إلا أن الحكم أغفل هذا الدفع ولم يرد عليه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إنه لما كان الهلاك المنصوص عليه في المادة 437 من القانون المدني هو - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - زوال الشيء المبيع من الوجود بمقوماته الطبيعية، فإن استيلاء الإصلاح الزراعي - بعد البيع - على قدر من الأطيان المبيعة لا يعد هلاكاً لهذا القدر تجرى عليه أحكام الهلاك في البيع، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن بسبب النعي في غير موضعه - ولما كان يبين من الشهادة المؤرخة 12/ 5/ 1958 الصادرة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بمنطقة بني سويف السابق تقديمها لمحكمة الموضوع، والمودع صورة رسمية لها بملف هذا الطعن، أنه بموجب محضر استيلاء مؤرخ 11/ 12/ 1955 ومحرر تنفيذاً للقرار رقم 1320 محافظة بني سويف الصادر بالاستيلاء على الأطيان الزائدة لدى الطاعن الأول نقولا واصف جريس استولى الإصلاح الزراعي على 2 ف و19 ط و16 س من الأطيان المبيعة من الطاعنين إلى المطعون عليه - وكان المناط عند الاستيلاء على المساحات الزائدة تنفيذاً للقانون رقم 178 لسنة 1952 الصادر بشأن الإصلاح الزراعي، في الاعتداد بما لم يشهر من تصرفات المالك الصادرة إلى غير فروعه وزوجه وأزواج فروعه، والسابقة على يوم 9/ 9/ 1952 تاريخ العمل بهذا القانون هو - على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - بثبوت تاريخ هذه التصرفات قبل يوم قيام الثورة في 23/ 7/ 1952، فما لم يكن منها ثابت التاريخ قبل هذا اليوم لا يعتد به بمعنى أن يعتبر المتصرف فيه باقياً على ملك المتصرف فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء - لما كان ذلك، وكان عقد البيع محل النزاع الحالي ليس له تاريخ ثابت قبل يوم 23/ 7/ 1952 فإن حق الإصلاح الزراعي فيما استولى عليه من الأطيان المبيعة إلى المطعون عليه من الطاعنين يكون مستمداً منهما، ومن ثم يكونان مسئولين قبل المطعون عليه عن هذا الاستيلاء ما دام سببه راجعاً إليهما ولا يغير من هذا النظر ما يتمسك به الطاعنان لدفع هذه المسئولية عن عاتقهما من أن الاستيلاء سببه تراخي المطعون عليه في تسجيل عقد البيع، ذلك أن الحكم المطعون فيه، إذ حصل أن الطاعنين لم يقدما للمطعون عليه - حتى تاريخ صدوره - المستندات التي تثبت ملكيتها للأطيان المبيعة مما تعذر معه على المطعون عليه اتخاذ إجراءات المساحة وبالتالي تجهيز العقد النهائي تمهيداً لتسجيله ولم يرتب الحكم أثراً على التأخير في التسجيل، فإنه لا يكون قد خالف القانون ذلك أن تراخي المشتري في تسجيل عقد شرائه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يسقط عن البائع التزامه بالضمان ولو كان هذا التراخي قد ترتب عليه نزع ملكية العين المبيعة من تحت يد المشتري - لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد حكم محكمة أول درجة في قضائه على الطاعنين بثمن القدر الذي استولى عليه الإصلاح الزراعي وأحال إلى أسبابه، وكان حكم محكمة أول درجة قد أسس قضاءه في هذا الخصوص على المادة 182 من القانون المدني التي تنص على أنه "يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه بعد أن تحقق" ثم قرر في بيان ذلك "ولما كان الحال في خصوصية الدعوى أن المدعي - المطعون عليه - وقت تحرير عقد البيع المؤرخ 28/ 2/ 1950 كان ملزماً بسداد ثمن الأطيان المبيعة له من المدعى عليهما - الطاعنين - ولكن بعد إبرام عقد البيع وهو من العقود التبادلية الملزمة للجانبين لم يتمكن المدعى عليهما من أن يقوما بتنفيذ التزامهما الخاص بنقل ملكية جزء من الأطيان المبيعة وهو الجزء المستولى عليه من هيئة الإصلاح الزراعي بسبب صدور قانون الإصلاح الزراعي الذي حصل بمقتضاه الاستيلاء على جزء من القدر المبيع من تحت يد المشتري وإضافته إلى جانب الحكومة فإزاء هذه الاستحالة بالنسبة لتنفيذ التزام البائعين ينقضي تبعاً لذلك التزام المدعي الخاص بدفع ثمن العقار المذكور ويصبح عقد البيع مفسوخاً بالنسبة لهذا الجزء المستولى عليه وذلك طبقاً لنص المادة 159 مدني ومتى فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد.... ومرد هذه الحالة إلى قاعدة الإثراء بلا سبب ففيها وفى المدعي بثمن مستحق الوفاء ثم زال سبب الاستحقاق فالوفاء الذي كان العقد سبباً له أصبح الآن دون سبب بزوال العقد ومن ثم يبطل الوفاء ومتى بطل زال السبب الذي نقل القيمة المدفوعة من ذمة الدافع إلى ذمة المدفوع له فيثرى المدفوع له هنا دون سبب على حساب الدافع ويسترد الدافع ما دفع بمقتضى قاعدة الإثراء" - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس - أما نعي الطاعنين على الحكم بالقصور، بمقولة إنه أغفل الرد على دفعهما بسقوط حق المطعون عليه في الرجوع عليهما بثمن ما استولى عليه الإصلاح الزراعي، فمردود، ذلك أنه لما كان الطاعنان لم يبينا في تقرير الطعن واقعة هذا الدفع وسندها القانوني فيه واكتفيا في خصوصه بذكر أنهما دفعا هذا الدفع "للأسباب التي ذكراها في صحيفة الاستئناف وفي مذكرتهما" - وكان مراد القانون من ذكر أسباب الطعن في التقرير، هو وجوب بيان هذه الأسباب في التقرير على وجه الدقة والتفصيل، فإنه لذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفته للقانون - وفي بيان ذلك يقولان إن الدعوى مرفوعة من أول الأمر على اعتبار أن بالمبيع عجزاً في المساحة، وقد دفعها الطاعنان في هذا الخصوص بأن المطعون عليه وقد أقر في عقد البيع بأنه استلم الأطيان المبيعة بعد أن عاينها المعاينة النافية للجهالة فإنه لا يصح له بعد مضي أكثر من خمس سنين على هذا الاستلام أن يطالب بثمن العجز الذي يدعيه، ثم تمسكا بسقوط حقه في المطالبة بهذا الثمن عملاً بالمادة 434 من القانون المدني - غير أن الحكم المطعون فيه خالف عبارات العقد الصريحة واعتبر أن المشتري لم يستلم المبيع استلاماً فعلياً وقال إن البيع إنما انعقد على القدر المملوك للطاعنين بالفعل لا على 11 ف و16 ط و22 س المدفوع ثمنها والمذكور في العقد أنها هي الأطيان المبيعة - هذا في حين أن المطعون عليه وقد ادعى أن الأطيان التي استملها تنقص عن المساحة المتفق على بيعها والمدفوع ثمنها بمقدار 13 ط و9 س فإن دعواه تعتبر دعوى مطالبة بمقابل العجز، يسقط الحق في إقامتها بمضي المدة المنصوص عليها في المادة 434 السابق الإشارة إليها، وأضاف الطاعنان فيما يتعلق بالقضاء عليهما بالفوائد، أنهما وقد قبضا ثمن المبيع فإنه لا يجوز أن يسألا بعد ذلك عما يكون الإصلاح الزراعي قد استولى عليه بعد البيع، بسبب تراخي المطعون عليه في تسجيل العقد.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر دفع الطاعنين بسقوط حق المطعون عليه في المطالبة بثمن النقص في غير محله، ومما أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص قوله "وحيث إن طلب ناجي رؤوف برسوم - المطعون عليه - إلزام البائعين بأن يردا إليه مبلغ 234 ج و800 م ثمن الـ 13 ط و9 س يؤيده (أولاً) أن المبيع بالعقد حسب نص البند الخامس منه ليس هو القدر الوارد به وإنما هو ما تبين وجوده من هذا القدر نقصاً أو زيادة على أساس كشف التحديد الرسمي، وقد أثبت هذا الكشف أن الموجود هو 11 ف و3 ط و13 س فقط وهو الذي يقع عليه البيع حسب المنصوص عليه في البند الخامس وأما الباقي من القدر الوارد بعقد البيع وهو الـ 13 ط و9 س المطالب برد ثمنه فلا يعتبر أن عقد البيع قد شمله ويكون البائعان قد أخذا ثمنه بغير حق ويتعين عليهما رده طبقاً لنص البند الخامس من عقد البيع وهو قانون الطرفين الخاص الواجب التطبيق... (ثانياً) أن المشتري لما أنذر البائعين بأنه تبين له من الكشوف الرسمية التي استخرجها أن بهذه الأطيان عجزاً فإن البائعين ردا عليه في إنذارهما المؤرخ 25/ 6/ 1955 بأن المتفق عليه بينهم صراحة في البند الخامس من عقد البيع هو أن العبرة هي بكشف التحديد. ونزولاً على ما قدره البائعان في إنذارهما هذا فإن المشتري استخرج كشف تحديد فثبتت منه أن حقيقة المساحة هي كما قرر المشتري بصحيفة دعواه (ثالثاً) يضاف إلى هذا أن تصريح الطرفين في البند الخامس من عقد البيع أن الثمن مقدر بحسب الوحدة وأن الثمن الإجمالي عرضه للتعديل بالتخفيض أو الزيادة على أساس ما يظهره كشف التحديد الرسمي من فرق في المساحة يستفاد منه كما جاء في إنذار البائعين المؤرخ 25/ 6/ 1955 أن العبرة هي بكشف التحديد ولقد كان هذا الإنذار لاحقاً لعقد البيع بنيف وخمس سنين ومتى كان ذلك، فإن طرفي العقد قد احتكما في بيان المساحة الحقيقية إلى كشف التحديد" وهذا الذي قرره الحكم مفاده أنه اعتبر أنه وإن ذكر في العقد أن الأطيان التي يجرى فيها البيع مساحتها 11 ف و16 ط و22 س إلا أن هذه المساحة المذكورة في العقد ليست هي القدر الذي وقع عليه البيع، وأنه إنما ينصب على المساحة الصحيحة التي توجد في الطبيعة فعلاً بعد استخراج كشف التحديد والتي تبين بعد استخراجه أنها 11 ف و3 ط و13 س ثم رتب الحكم على ذلك أن الفرق بين ثمن القدرين يكون قد تقاضاه الطاعنان من المطعون عليه بغير وجه حق - لما كان ذلك، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن كافياً لحمل قضائه ومؤدياً إلى ما رتبه عليه، وقد حصله الحكم تحصيلاً سائغاً من أوراق الدعوى ومن الشروط المتفق عليها بين الطرفين في عقد البيع - وكان تطبيق نص المادة 434 من القانون المدني في حالة الادعاء بوجود عجز في المبيع محله أن يكون البيع قد انعقد على عين معينة مفرزة ذات مقاس أو قدر معين ولم يقم البائع بالتسليم على النحو الذي التزم به بأن سلم المبيع أقل قدراً مما هو متفق عليه - لما كان ما تقدم، فإن نعي الطاعنين على الحكم بهذا السبب، بمخالفة القانون يكون على غير أساس - أما نعي الطاعنين على الشق من الحكم المتعلق بقضائه عليهما بالفوائد، فمردود بأنه وقد انتهى الحكم إلى أنهما ملزمان برد ما قبضاه من الثمن أكثر مما يستحقان، فإن قضاءه عليهما بالفوائد لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم برفض الطعن.
جلسة 27 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.
----------------
(26)
الطعن رقم 300 لسنة 31 القضائية (1)
(أ) نقل "نقل الأشخاص". مسئولية. "مسئولية عقدية". التزام "الالتزام بتحقيق غاية".
عقد نقل الأشخاص يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب. التزام بتحقيق غاية. إثبات إصابة الراكب أثناء تنفيذ العقد. كفايته لقيام مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه.
(ب) مسئولية "دفع المسئولية" نقل "نقل الأشخاص".
دفع مسئولية الناقل بالقوة القاهرة أو خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير. شرطه خطأ الغير الذي يعفي الناقل من المسئولية إعفاء كاملاً ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب. مثال
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4390 سنة 1959 كلي القاهرة على الطاعن بصفته طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 5000 ج والمصروفات وقال شرحاً للدعوى إنه في يوم 14 من أكتوبر سنة 1956 استقل قطار السكة الحديدية من محطة الإسكندرية قاصداً القاهرة واتخذ مقعده إلى جوار إحدى النوافذ التي لم يتمكن من إغلاقها بسبب وجود كسر بها فظلت مفتوحة، وأثناء سير القطار فوجئ بجسم صلب ألقي عليه من الخارج فأحدث بعينه اليمنى إصابة تخلفت عنها عاهة مستديمة وأجرى عن هذه الواقعة تحقيق قيد جناية بالمادة 240/ 1 عقوبات ضد مجهول وحفظت لعدم معرفة الفاعل. وأنه إذ كانت مصلحة السكك الحديدية الطاعنة مسئولة عن تعويضه عما أصابه من ضرر فقد أقام هذه الدعوى ضدها مطالباً بهذا التعويض. وفي 31 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة بإلزام المصلحة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 300 جنيه على سبيل التعويض والمصروفات المناسبة استأنفت المصلحة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1429 سنة 77 ق القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وأسست استئنافها على أنها غير مسئولة عن الحادث إذ أنها نفذت التزاماتها كأمين للنقل وأن النافذة التي كان المطعون ضده يجلس بجوارها كانت سليمة ولم يقم أي دليل على أنها كانت مكسورة. وفوق هذا فإن الحادث إما أن يكون قد وقع بخطأ المضرور (المطعون ضده) لأنه لا بد كان يطل من النافذة ورأسه للخارج فأصيب، وأما أن يكون قد وقع بالتصوير الذي صوره به المطعون ضده والذي يدل على أن الحادث وقع بفعل الغير وهو الشخص المجهول الذي قذف الحجر على القطار وهو أمر ما كان في مقدورها أن تتوقعه. وفي 2 مايو سنة 1961 قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام السيد وزير المواصلات بصفته (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف عليه (المطعون ضده) مبلغ 200 جنيه والمصروفات المناسبة. وفي أول يونيه سنة 1961 طعنت المصلحة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة الفحص فقررت بجلسة 12 من يناير سنة 1965 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل ثانيهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول المصلحة الطاعنة إنها دفعت بانتفاء مسئوليتها بالسبب الأجنبي لأن إصابة المطعون ضده حدثت بفعل الغير وهو الشخص المجهول الذي قذف الحجر على نافذة القطار أصاب المطعون ضده ولكن الحكم التفت عن هذا الدفاع وأقام قضاءه على أن دخول الجسم الصلب من نافذة عربة القطار سببه بقاء هذه النافذة مفتوحة لوجود كسر بها الأمر الذي تتوفر معه رابطة السببية بين خطأ المصلحة الطاعنة وإصابة المطعون ضده وترى الطاعنة أن هذا الذي قرره الحكم ينطوي على خطأ في القانون ذلك أن وجود نافذة مكسورة في القطار أثناء سيره لا يعتبر هو السبب المنتج للضرر بل مجرد سبب عارض أما السبب المنتج فهو فعل الغير الذي قذف الحجر الذي أصاب المطعون ضده - والمسلم به أنه يجب في تحديد المسئولية الوقوف عند الأسباب المنتجة للضرر وعدم التعويل على الأسباب العارضة ويتحصل السبب الأول في أن الحكم مشوب بفساد الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه بشأن توفر علاقة السببية بين الخطأ والضرر على أن وقوع الحادث من حجر قذفه مجهول على نافذة القطار لا تنتفي به علاقة السببية بين خطأ المصلحة الطاعنة وإصابة المطعون ضده لأن الأخير قرر أمام محكمة الدرجة الأولى وفي الشكاوى التي تقدم بها للشرطة وللنيابة. أن النافذة التي كان يجلس بجوارها كانت مفتوحة لوجود كسر بها لم يستطع معه إغلاقها ولم ينكر عليه أحد ما ادعاه في هذا الخصوص أو يثبت ما يخالفه وأن قول المصلحة الطاعنة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف أن نافذة القطار كانت سليمة هو قول لم يقم عليه دليل في أوراق الدعوى. وترى الطاعنة أن هذا الذي قرره الحكم لا أصل له في الأوراق وينطوي على مخالفة لقواعد الإثبات إذ أن المطعون ضده لم يذكر في التحقيقات أن النافذة كان بها كسر منعه من إغلاقها وإذا كان قد ضمن شكاياته أو صحيفة دعواه هذا القول فإن قوله هذا لا ينهض بمجرده دليلاً ضد المصلحة على أن النافذة كانت مكسورة مع إنكارها لهذا الادعاء وتمسكها بأن النافذة كانت سليمة. كما أن الحكم إذ اعتبر الطاعنة مسئولة لأنها لم تقدم دليلاً على أن النافذة كانت سليمة يكون قد قلب عبء الإثبات إذ أن المطعون ضده هو المكلف بإثبات ما ادعاه مخالفاً للظاهر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية مصلحة السكة الحديدية الطاعنة فيما أقامه على قوله "من المقرر فقهاً وقضاءً أن أمين النقل يترتب في ذمته بموجب عقد النقل التزام بكفالة السلامة وهذا حتى بالنسبة لعقد نقل الأشخاص ويترتب على ذلك أن أمين النقل إن لم يقم بهذا الالتزام عيناً حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت أن عدم قيامه بتنفيذ التزامه ناشئ عن سبب أجنبي لا يد له فيه. وحيث إن مصلحة السكة الحديدية لم تقم في الدعوى الراهنة بإثبات أن إصابة المستأنف عليه نشأت عن خطئه هو وحده دون سواه بأن أصيب وهو مطل برأسه من خارج نافذة عربة القطار ومن ثم تلتفت المحكمة عما تدعيه في هذا الخصوص. كما تلتفت المحكمة أيضاً عن تصوير المصلحة للحادث بأي شكل آخر يخالف تصوير المستأنف عليه له ما دامت لم تقدم بإثبات هذا التصوير الذي تدعيه والذي تهدف منه إلى القول بأن الحادث إنما نشأ عن سبب أجنبي لا يد لها فيه إذ تترتب مسئوليتها كما سبق القول على مجرد عدم قيامها بما هي ملزمة به، ما لم تثبت أن ذلك ناشئ عن سبب أجنبي لا يد لها فيه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون وكاف لحمل قضائه ذلك أن عقد نقل الأشخاص يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب بمعنى أن يكون ملزماً بأن يوصله إلى الجهة المتفق عليها سليماً وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب فإنه يكفي أن يثبت أنه أصيب أثناء تنفيذ عقد النقل ويعتبر هذا منه إثباتاً لعدم قيام الناقل بالتزامه فتقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانب الناقل ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير ويشترط في خطأ الغير الذي يعفي الناقل من المسئولية إعفاء كاملاً ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب ولما كانت مصلحة السكك الحديدية لم تقدم إلى محكمة الموضوع ما يدل على أنه لم يكن في مقدورها توقع خطأ الغير الذي قذف الحجر على القطار ومنع هذا الخطأ بل إن قذف الأحجار على قطارات السكك الحديدية هو من الأمور التي توقعتها المصلحة (الطاعنة) فقضت في المادة 13 و25 فقرة أولى من القرار الخاص بنظام السكك الحديدية الصادر في 4 من مارس سنة 1926 على معاقبة من يرتكب هذا الفعل بعقوبة المخالفة كما أنه كان في مقدور المصلحة تفادي عواقب هذا الفعل لو أنها اتخذت الاحتياطات الكفيلة بمنع قذف الأحجار على قطارات السكك الحديدية أو على الأقل بمنع ما يترتب على احتمال قذف الأحجار عليها من ضرر للركاب ولا يهم ما قد تكبدها هذه الاحتياطات من مشقة ومال إذ طالما كان في الإمكان تفادي عواقب خطأ الغير بأية وسيلة فإن هذا الخطأ لا يعفي الناقل من المسئولية إعفاءً كلياً - لما كان ما تقدم، فقد كان حسب الحكم المطعون فيه لإقامة قضائه ما أورده من أسباب سبق بيانها ويكون ما قرره في شأن الادعاء بكسر النافذة وعدم إمكان غلقها هو من قبيل الأسباب الزائدة التي يستقيم الحكم بدونها ومن ثم فإنه بفرض وجود عيب فيها فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم وبالتالي يكون النعي عليه لهذا العيب غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.
(1) راجع نقض 26/ 4/ 1962 بمجموعة المكتب الفني س 13 ص 522.
جلسة 27 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.
----------------
(24)
الطعن رقم 219 لسنة 31 القضائية
(أ) شركات "شركة التضامن". "إثبات الشركة". إثبات. "الإثبات بالكتابة". غير "في العلاقة بين الشركاء".
وجوب إثبات وجود شركة التضامن بالكتابة (م 46 من قانون التجارة) عدم جواز إثبات شركة التضامن بين أحد طرفيها بغير الكتابة. اشتراط التقنين المدني القائم الكتابة لانعقاد الشركة يقتضي بالضرورة لزومها للإثبات.
في العلاقة بين الشركاء والغير: لا يجوز للشركاء إثبات الشركة في مواجهة الغير إلا بالكتابة. للغير أن يثبت قيامها بكافة طرق الإثبات.
(ب) شركات. "شركة تضامن". "الشركة الفعلية" إثبات.
التزام الكتابة في إثبات قيام شركة التضامن في الماضي بعد القضاء ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني محل خلاف في الرأي. الرأي بجواز إثبات هذه الشركة الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية يشترط أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً. لا أثر للبطلان على الشركاء أنفسهم إلا من وقت طلب الشركة الحكم بالبطلان (م 507/ 2 مدني).
عدم البدء في تنفيذ الشركة قبل الحكم ببطلانها لاستيفاء الشكل القانوني وعدم مزاولتها أي عمل من أعمالها. عدم اعتبارها "شركة فعلية" انتفاء علة عدم تطبيق الأثر الرجعي للبطلان في هذه الحالة.
(ج) شركات. "شركة تضامن". عقد. "عقد شكلي" بطلان.
اشتراط القانون المدني أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً. صيرورة عقد الشركة عقداً شكلياً. عدم جواز إثباته بين طرفيه بغير الكتابة. عدم جواز الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق.
(د) دعوى "سبب الدعوى". مسئولية. "مسئولية عقدية ومسئولية تقصيرية".
إقامة الدعوى بالتعويض على الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة الاستئنافية من بناء حكمها على خطأ تقصيري. ليس ذلك تغييراً لسبب الدعوى لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع جديدة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده رفع على الطاعن الدعوى رقم 563 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات وقال في بيان دعواه إنه خلال سنة 1954 عرض عليه الطاعن أن يفكر له في مشروع يستثمر فيه أمواله ويكون شريكاً له فيه فقبل هذا العرض وأخذ يفكر في مشروع فريد من نوعه حتى اهتدى إلى إنشاء مصنع لعمل وطبع اسطوانات الأغاني والموسيقى بمصر يكون هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وعرض الفكرة على الطاعن فرحب بها بعد أن درسها واقتنع بها وجرت بينهما مفاوضات في شأن إنشاء شركة لتنفيذ هذا المشروع وبعد مقابلات تمت في مكتب الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي انتهت المفاوضات إلى اتفاق بين الطرفين على تكوين شركة بينهما يساهم فيها الطاعن بجميع ما يلزمها من رأس مال ونفقات إنشاء المصنع وشراء الآلات ويساهم فيها المطعون ضده بعمله وخبرته الفنية ويشرف على إدارة المصنع من الناحيتين الفنية والتجارية ويكون له الربع في موجودات الشركة من أرض وبناء وآلات وغيرها والربع كذلك في صافي الأرباح ويكون للطاعن الثلاثة الأرباع الباقية في كل ذلك، وعلى أثر الوصول إلى هذا الاتفاق طلب منه الطاعن السفر إلى أوربا لاختيار الآلات والأدوات اللازمة للمصنع ولما طالب الطاعن بتحرير عقد الشركة التي تم الاتفاق بينهما على تكوينها أفهمه الطاعن بأن الأمر جد عاجل ولا يحتمل الانتظار حتى تتم إجراءات العقد وأنه ما دام الاتفاق قد تم بينهما فعلاً فلا خوف من إرجاء تحرير العقد لحين عودته من الخارج فاطمأن المطعون ضده وسافر إلى أوروبا تاركاً أعماله العديدة في القطر المصري وقضى عدة شهور في البحث في مصانعها عن أحسن ما أنتجته من الآلات وكان خلال هذه الفترة يتصل بالطاعن عن طريق البريد والبرق والمسرة ويطلعه على خطواته أولاً بأول حتى إذا ما تم له اختيار ما رآه صالحاً من هذه الآلات أخبر الطاعن بذلك فسافر إليه وأقر اختياره ودفع ثمن هذه الآلات ولكن ما أن وصلت إلى مصر وتسلمها الطاعن حتى تنكر له ورفض تحرير عقد الشركة بل وأنكر حصول أي اتفاق بينهما بشأن تكوين هذه الشركة واستأثر بالآلات لنفسه وعقد الشركة مع آخرين لتنفيذ ذات المشروع الذي كان وليد تفكير المطعون ضده مما اضطر الأخير لرفع هذه الدعوى مطالباً بمبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات كتعويض له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب إخلال الطاعن بتنفيذ ما تعهد به - وقدم لإثبات دعواه صوراً من الرسائل التي تبادلها مع الطاعن أثناء وجوده في أوربا ومن الرسائل التي تبادلاها مع الشركات التي تتجر في معدات مصانع الأسطوانات وبعض مستندات أخرى وبتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (المطعون ضده) بكافة طرق الإثبات القانونية أنه وقبل سفره إلى أوربا في سنة 1954 قد اتفق مع المدعى عليه (الطاعن) على الأسس التي ستتكون منها الشركة بينهما بعد استيراد الآلات والأدوات لمصنع الأسطوانات وأن هذه الأسس تتضمن أن يكون له الربع في ملكية المنقول والعقار ثم الربع في صافي أرباح المصنع بعد إنشائه وإنتاجه وبأن نصيبه في رأس المال تحدد بمجهوده وخبرته الفنية وأجازت المحكمة للطاعن النفي بذات الطرق وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين ومن بينهم الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي الذي أعلنه كل منهما شاهداً له اعترض الطاعن في أول مذكرة قدمها بعد إحالة القضية إلى المرافعة على إجازة إثبات الشركة بغير الكتابة - وبتاريخ 19 من يونيه سنة 1960 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 9870 جنيهاً والمصروفات جميعها ومبلغ خمسة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وانتهت في أسباب هذا الحكم إلى أنه ثبت لها أن العلاقة بين الطرفين كانت تقوم على عقد غير مكتوب يفيد قيام شركة تضامن بينهما وأن الدعوى بالتعويض مؤسسة على ما تضمنه العقد المنشئ لهذه العلاقة أي على المسئولية العقدية وأن إثبات قيام تلك الشركة فيما بين الشركاء أنفسهم يخضع لقواعد الإثبات التي تجيز إثبات جميع التصرفات والعقود التجارية بالقرائن والبينة واعتمدت المحكمة في إثبات قيام الشركة على شهادة الشهود - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 444 سنة 77 ق وطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده كما رفع الأخير بدوره استئنافاً قيد برقم 454 سنة 77 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف وزيادة التعويض المقضى له به إلى المبلغ الذي طلبه في صحيفة دعواه - وبتاريخ 28 من مارس سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت جورج غزال (المطعون ضده) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة مقدار ما حل به من خسارة وما فاته من ربح بسبب فسخ عقد الشركة بفعل السيد/ حسن محمد سرور الصبان (الطاعن) ولينفي الأخير ذلك بذات الطرق وتضمنت أسباب هذا الحكم أن المحكمة تقر ما جاء بالحكم المستأنف من النظر القانوني بجواز إثبات الشركة في هذه الحالة بكافة طرق الإثبات القانونية كما تقر ما جاء بالحكم المذكور من استخلاص قيام الشركة بشروطها على ما حدده شاهد الطرفين الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون بجلسة 16 يونيه سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تنازل المطعون ضده عن الدفع الذي أبداه في مذكرته ببطلان إعلان تقرير الطعن وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره ذلك أنه أجاز للمطعون ضده أن يثبت بشهادة الشهود شركة التضامن التي زعم قيامها بينه وبين الطاعن مع أنه طبقاً للمادة 46 من القانون التجاري و507 من القانون المدني لا يجوز إثبات هذه الشركة من أحد طرفيها بغير الكتابة وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في الاستشهاد على صحة رأيه بحكم النقض الصادر في 27 من إبريل سنة 1942 إذ أن الحكم إنما أجاز إثبات شركة التضامن بالبينة في حالة وجود مبدأ ثبوت بالكتابة فقط وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يذكر أن في الأوراق التي قدمها المطعون ضده ما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة فإن اعتماده في إثبات الشركة على أقوال الشهود يكون خطأ في القانون ولا يبرر ذلك ما قرره الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق من أن الطاعن وقف موقفاً سلبياً إذ أن القواعد الأصلية في الإثبات لا تكلف المدعى عليه حينما لا يقيم المدعي دليلاً على دعواه أن يقيم هو الدليل على نفي هذه الدعوى لما كان المطعون ضده لم يقدم دليلاً مقبولاً على صحة دعواه فقد كان حسب الطاعن أن يقف موقف الإنكار، كذلك لا يجوز الاستناد إلى المادة 190 من قانون المرافعات لتبرير قضاء المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق من تلقاء نفسها إذ أنه يشترط لاستعمال السلطة المخولة للمحكمة في هذه المادة أن يكون الإثبات بالبينة جائزاً في القضية المطروحة - أما ما قرره الحكم المطعون فيه من سقوط حق الطاعن في النعي على الحكم التمهيدي القاضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لعدم اعتراضه على الإثبات بالبينة قبل صدور هذا الحكم ولأنه قبل تنفيذه بعد أن صدر - هذا الذي قرره الحكم خطأ آخر منه في القانون ذلك أنه لم يكن في استطاعة الطاعن أن يعرف سلفاً بأن المحكمة ستجيز الإثبات بالبينة بالمخالفة للقانون حتى يعترض على ذلك قبل صدور الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق كما أنه بعد صدور هذا الحكم لم يكن الطاعن يملك مخالفته أو الخروج عنه لأنه حكم واجب التنفيذ فقيامه بتنفيذ ما قضى به ذلك الحكم لم يكن إلا مجرد إذعان منه لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه وبالتالي فإن هذا التنفيذ لا يسقط حقه في الاعتراض على إجازة الإثبات بالبينة وقد اعترض على ذلك في أول مذكرة صرح له بتقديمها بعد سماع الشهود وأصر على هذا الاعتراض في أسباب استئنافه وفي المذكرات المقدمة منه إلى محكمة الاستئناف.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه بعد أن انتهى إلى أن الشركة التي ادعى المطعون ضده قيامها بينه وبين الطاعن هي شركة تضامن أقام قضاءه بجواز إثبات هذه الشركة بشهادة الشهود على ما قاله من "أن المستفاد من نص المادة 507 من القانون المدني هو جواز قيام شركة بدون عقد مكتوب بين الشركاء ثم يبقى هذا العقد صحيحاً منتجاً لكافة آثاره القانونية إلى أن ينهض أحد الشركاء أو بعضهم بطلب الحكم ببطلان عقد الشركة أمام القضاء - فهو إذن بطلان نسبي مقرر للشركاء فيما بينهم" ثم أورد الحكم نص مذكرة المشروع التمهيدي لتلك المادة وقال "وحيث إنه على ضوء ما سبق إيراده تكون القاعدة فيما يختص بإثبات الشركة فيما بين الشركاء أنفسهم خاضعة للأحكام العامة لقواعد الإثبات التي تجيز إثبات جميع التصرفات والعقود التجارية بالقرائن والبينة إلا ما استثنى بنص خاص في القانون ولا يحد من هذه القاعدة إلا أن يتداعى أحد الشركاء أمام القضاء بطلب بطلان عقد الشركة إذ في هذه الحالة تقف آثار الشركة إلى اليوم الذي أقيمت فيه الدعوى بالبطلان وذلك بالنسبة للمستقبل وتبقى آثارها السابقة على الدعوى صحيحة ونافذة وبذلك تنطبق على مثل هذه الشركة قواعد تصفية الشركات فيما يتعلق بما سلف من تصرفاتها فحسب وإذن فمتى كان الشركاء أو أحدهم لم يرفع الدعوى ببطلان الشركة لعدم تحرير عقد مكتوب بها فإن إثبات قيام مثل هذه الشركة يكون ممكناً وجائزاً بكافة طرق الإثبات القانونية متى استبانت المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها أن الادعاء بقيامها يقوم على دلائل قريبة الاحتمال، ولقد أصدرت محكمة النقض حكماً ولو أنه صدر في ظل المادة 215 من القانون المدني الملغي إلا أنه ينطبق على واقعة الدعوى الحالية وفقاً للتحديد الذي أبانت عنه المحكمة فيما سبق وهذا الحكم يقضي بأن شركة التضامن ليست من العقود الشكلية حتى يصح القول ببطلانها إذا لم يحرر عقدها بالكتابة وإنما هي من التعهدات التي لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة لأن المادة 46 من قانون التجارة لم تنص على وجوب الكتابة إلا لبيان الدليل الذي يقبل في إثبات وجود شركة التضامن ولما كان مبدأ الثبوت بالكتابة يقوم في التعهدات المدنية على وجه العموم مقام الإثبات بالكتابة إذا كملته الشهود والقرائن فمن باب أولى تكون الحالة في شركة التضامن باعتبارها من المسائل التجارية والقاعدة في المسائل التجارية أنه يجوز فيها على وجه العموم الإثبات بغير الكتابة (نقض 27/ 4/ 1942 مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 689 رقم 12 وأيضاً الحكم التالي له رقم 13) وحيث إنه متى ثبت أنه يجوز قيام شركة حتى ولو لم يحرر بشأنها عقد مكتوب على ما سلف بيانه وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها السابق بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي هذه الواقعة وكان الثابت من موقف المدعى عليه في الدعوى أنه لم يبد أي دفع أو دفاع في المرحلة السابقة على صدور حكم التحقيق ثم إنه لما صدر هذا الحكم قام بإعلان شهود - وسمعت المحكمة شهود الطرفين ولم يعترض المدعى عليه على أي من هذه الإجراءات بأي اعتراض سوى ما ضمنه مذكرتيه المقدمتين بشأن بطلان عقد الشركة لعدم تحرير عقد مكتوب بشأنها وهو الأمر الذي تناولته المحكمة بالمناقشة والرد عليه فيما سبق فإنه يتعين مناقشة أقوال الشهود وبيان ما إذا كان ادعاء المدعي في محله أم لا" وجاء بالحكم المطعون فيه رداً على اعتراض الطاعن على إجازة إثبات الشركة من جانب المطعون ضده بغير الكتابة ما يأتي "أن المحكمة تقر ما جاء بالحكم المستأنف من النظر القانوني بجواز إثبات الشركة في هذه الحالة بكافة الطرق القانونية كذلك تقر ما جاء بالحكم المذكور من استخلاص قيام الشركة بشروطها على ما حددها به شاهد الطرفين الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي - وحيث إنه فضلاً عن هذا فإنه بعد أن صدر حكم محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت غزال (المطعون ضده) وجود الشركة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة فإن الصبان (الطاعن) قد نفذ الحكم على وجه يفصح بأنه قبله قبولاً مطلقاً ففضلاً عن أنه لم يعترض على الحكم بشيء فإنه لم يكتف بهذا بل إنه عندما امتنع شاهد الإثبات الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي عن الإدلاء بشهادته حفظاً منه على سر موكله الصبان فإن الصبان قد أحله من هذا وطلب منه الإدلاء بشهادته بل قرر أنه أعلنه كشاهد له واعتبره الطرفان شاهداً لهما كما يستفاد من مطالعة مستهل محضر التحقيق" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه نظره في جواز إثبات شركة التضامن التي ادعى المطعون ضده قيامها بينه وبين الطاعن - بشهادة الشهود غير صحيح في القانون ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى قبل العمل بالتقنين المدني القائم على أن المادة 46 من قانون التجارة قد بينت الدليل الذي يقبل في إثبات وجود شركة التضامن فأوجبت إثباتها بالكتابة، ولقد قررت محكمة النقض هذه القاعدة بصراحة في حكميها اللذين استشهد بهما الحكم الابتدائي واللذين أولهما تأويلاً خاطئاً وإذا كان الحكم الأول منهما الصادر في 27 من إبريل سنة 1944 قد أجاز في واقعة الدعوى التي صدر فيها إثبات شركة التضامن المدعاة بشهادة الشهود فقد كان ذلك لوجود مبدأ ثبوت بالكتابة يقوم مقام الكتابة إذا أكملته البينة أو القرائن - أما حكم النقض الثاني الذي أشار إليه الحكم الابتدائي فقد كان في القضية التي صدر فيها عقد شركة مكتوب وقد أجاز ذلك الحكم تفسير ما غمض من نصوص هذا العقد بالاعتماد على نصوص العقود السابقة للشركة والموقع عليها من الخصوم أنفسهم وليس في ذلك خروج على قاعدة التزام الكتابة في الإثبات، وإذا كان حكم القانون في ظل التقنين المدني القديم الذي لم يكن يشترط الكتابة لانعقاد عقد الشركة هو عدم جواز إثبات شركة التضامن من أحد طرفيها بغير الكتابة فإنه لا يصح القول بأن التقنين المدني القائم حين تشدد فجعل الكتابة شرطاً لانعقاد هذه الشركة قد عدل عن اشتراط الكتابة لإثباتها إذ أنه متى كانت الكتابة لازمة لوجود العقد فهي بالضرورة لازمة لإثباته لأن الإثبات مرتبط بالشكل ومن ثم تكون القاعدة في إثبات شركة التضامن سواء في التقنين المدني الملغي أو في التقنين القائم هي أنه في حالة إنكار قيام هذه الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين طرفيها بغير الكتابة - أما في العلاقة بين الشركاء والغير فإنه وإن كان لا يجوز لهؤلاء الشركاء إثبات الشركة في مواجهة الغير إلا بالكتابة فإن للغير أن يثبت قيامها بكافة طرق الإثبات، وقاعدة التزام الكتابة في إثبات شركة التضامن بين طرفيها لا خلاف عليها إذا كان المطلوب هو إثبات وجود هذه الشركة بالنسبة للحاضر أو المستقبل أما إذا كان المطلوب هو إثبات قيامها في الماضي بعد القضاء ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني أي في الفترة ما بين إنشائها وطلب بطلانها فقد اختلف الرأي في تطبيق تلك القاعدة بالنسبة لإثبات الشركة الفعلية التي قامت في الواقع بين الشركاء وكانوا يتعاملون حتى وقت طلب بطلانها على اعتبار أنها صحيحة وقائمة إلا أنه مع قيام هذا الخلاف في الرأي فإنه حتى من رأى جواز إثبات قيام تلك الشركة الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية فقد اشترط لذلك أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً حتى يمكن القول بوجود كيان لها في الواقع ويصبح للشركاء مصلحة في إثباتها ليصلوا من وراء ذلك إلى تصفية العمليات المشتركة فلا ينفرد بناتجها من ربح أو خسارة أحدهم دون الباقين وهو الأمر الذي أريد تفاديه بالالتجاء إلى فكرة الشركة الفعلية في هذه الصورة والذي من أجل تلافيه أورد المشرع المصري القاعدة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 507 التي تقضي بأن لا يكون للبطلان متى حكم به لعدم كتابة عقد الشركة أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان أما إذ كانت الشركة لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحكم ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني ولم تكن قد زاولت أي عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان في الواقع في الفترة السابقة لطلب البطلان ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم تطبيق الأثر الرجعي للبطلان منتفية في هذه الحالة - لما كان ما تقدم، وكان الثابت والذي سجله الحكم الابتدائي في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه أن أحداً من الخصوم لم يطلب القضاء ببطلان الشركة لعدم كتابة عقدها ولم يؤسس المطعون ضده دعواه على بطلان هذه الشركة وما يترتب على هذا البطلان من وجود شركة فعلية بينه وبين الطاعن في الماضي كما أنه لم يطلب تصفية أي عملية مشتركة أجراها مع شريكه قبل رفع الدعوى بل ولم يذهب إلى الادعاء بأن الشركة المدعاة قد زاولت بعد تكوينها أي عمل من أعمالها تتحقق لها به صفة الشركة الفعلية فإنه لا يصح القول بقيام شركة من هذا النوع بين الطرفين في الماضي حتى كان يمكن إثباتها بشهادة الشهود على الرأي الذي يجيز إثبات الشركات الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أجاز للمطعون ضده إثبات شركة التضامن المدعاة بشهادة الشهود واعتمد على أقوال هؤلاء الشهود في القول بثبوت قيام تلك الشركة فإنه يكون مخالفاً للقانون - أما ما قرره الحكم من سقوط حق الطاعن في الاعتراض على الإثبات بشهادة الشهود لقبوله الإثبات بهذا الطريق فإن الحكم المطعون فيه دلل على ذلك بأن الطاعن لم يعترض على حكم التحقيق الصادر في 22 نوفمبر سنة 1959 وأنه نفذ هذا الحكم على وجه يفصح بأنه قبله قبولاً مطلقاً - وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح أيضاً ذلك أنه لما كان القانون المدني القائم قد أوجب في المادة 507 منه أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً وأصبح بذلك عقد الشركة عقداً شكلياً فإنه لا يقبل في إثباته بين طرفيه غير الكتابة ولا يجوز لهما الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق وقد صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على المادة 507 بأن هذا النص يحدد شكل عقد الشركة وإثباته وأن الإثبات مرتبط بالشكل ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه وترى المحكمة أن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن هذه المحكمة ترى أن التكييف الصحيح للوقائع حسبما سجلها الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه هو اعتبار ما تم بين الطرفين لم يجاوز مرحلة المفاوضات على تكوين شركة بينهما وأن الطاعن لم يكن جاداً في هذه المفاوضات ولم يكن أبداً يقصد أن تبلغ غايتها من عقد الشركة مع المطعون ضده بل إنه أوهم الأخير برغبته في تكوين هذه الشركة لمجرد الحصول منه على فكرة المشروع واستخدامه في اختيار الآلات اللازمة للمصنع لدرايته بذلك على أن تقوم بتنفيذ المشروع شركة يكونها الطاعن مع آخرين ممن يقبلون المساهمة معه في رأس مال الشركة بنصيب كبير وهو ما تم له فعلاً بتكوينه الشركة مع الأستاذ محمد فوزي الذي ساهم بحق النصف في رأس المال وذلك بخلاف الطاعن الذي كان يريد أن يشترك بعمله فحسب ومع ذلك يكون له الربع في كل أموال الشركة والربع كذلك في أرباحها - ولما كان مسلك الطاعن على النحو المتقدم تجاه المفاوضات التي أجراها مع المطعون ضده وعدم إخطاره الأخير بقطع المفاوضات في وقت مناسب يعتبر خطأ من الطاعن وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر للمطعون ضده يتمثل فيما تكبده من خسارة بسبب اضطراره لإهمال مباشرة محله التجاري في المدة التي قضاها في الخارج لاختيار الآلات اللازمة للمصنع اعتماداً على أن الطاعن جاد في أن تصل المفاوضات إلى غايتها وكذلك الخسارة التي لحقت بالمطعون ضده من جراء حصول الطاعن منه على فكرة المشروع والسبق في تنفيذه وهذا إلى جانب الضرر الأدبي الذي أصاب المطعون ضده من جراء إظهاره بمظهر من يسهل انخداعه ومن لا يوثق به مما ينال من سمعته واعتباره في السوق التجاري لما كان ذلك، فإن الطاعن يلتزم بتعويض هذه الأضرار الناتجة عن خطئه وذلك عملاً بالمادة 163 من القانون المدني وتقدر المحكمة التعويض الجابر لجميع عناصر الضرر السالف بيانها بمبلغ إجمالي قدره ألفين من الجنيهات.
وحيث إن استناد المطعون ضده في دعواه إلى الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة الاستئنافية من أن تبني حكمها بالتعويض على خطأ تقصيري متى ثبت لها توفر هذا الخطأ إذ أن استنادها إليه لا يعتبر منها تغييراً لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع جديدة على ما جرى به قضاء هذه المحكمة (يراجع نقض 5/ 1/ 1939 في الطعن رقم 57 سنة 8 ق).
(1) راجع نقض مدني 27/ 4/ 1944 مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 689 رقم 12 و13.
(2) راجع نقض مدني 5/ 1/ 1939 في الطعن رقم 57 لسنة 8 ق مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 71 رقم 336.
جلسة 27 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.
--------------------
(25)
الطعن رقم 268 لسنة 31 القضائية
استئناف. "طريقة رفع الاستئناف". سند إذني. "دعاوى السندات الإذنية".
المقصود بدعاوى السندات الإذنية المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات، الدعاوى المؤسسة على السند الإذني ذاته مستقلاً عما عداه وتتعلق بحقوق مترتبة على توقيعات الملتزمين عليه. يخرج عن هذه الدعاوى الدعاوى التي تستند إلى حوالة الحق الثابت في السند الإذني إذا كانت هذه الحوالة حاصلة بعقد مستقل أو إلى الوكالة في اقتضاء قيمة السند الإذني بتوكيل منفصل عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 3311/ 58 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدها الثانية وطلبت الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 294 ج وفوائده وقالت في بيان هذه الدعوى إن المطعون ضدها المذكورة مدينة في هذا المبلغ بموجب 42 سنداً إذنياً حررتها لإذن إسحاق ميخائيل وأن هذا الدائن ظهرها لوالدها المرحوم إلياس غالي الذي حولها بدوره إليها. ونازعت المطعون ضدها الثانية في انشغال ذمتها بقيمة السندات المذكورة قائلة إنها كانت قد حررتها للمطعون ضده الثالث مقابل تعهده لها بإقامة بناء ولكنه لم يف بالتزامه. وعلى أثر ذلك أدخلت المطعون ضدها الأولى كلاً من الطاعن والمطعون ضده الثالث في الدعوى (أولهما بوصفه وارثاً للمرحوم إلياس غالي والثاني باعتباره المحيل الأصلي) وطلبت الحكم عليهما متضامنين مع المطعون ضدها الثانية بالمبلغ موضوع الدعوى واستندت في إلزام مورث الطاعن بالدين المطالب به على عقد حوالة غير مؤرخ صادر لها من ذلك المورث يقرر فيه أنه قد حول إليها السندات المشار إليها وقيمتها 294 ج وأنه قد قبض قيمتها منها بالكامل وأنها أصبحت صاحبة الحق في المطالبة بها وأنه متضامن في الوفاء بهذا المبلغ في إحالة إعسار أو عجز أحد المدينين بهذه السندات في الوفاء - وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها الثانية بصفتها مدينة وإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث بصفتهما ضامنين متضامنين بأن يؤدوا للمطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب به وفوائده بواقع 7% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. فاستأنف الطاعن ذلك الحكم بتكليف بالحضور لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 233 سنة 78 ق وبتاريخ 20 من إبريل سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة ببطلان الاستئناف لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون فطعن الطاعن في ذلك الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 2 يناير سنة 1965 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ذلك أنه أقام قضاءه ببطلان الاستئناف المرفوع من الطاعن على ما قاله من أن السندات الإذنية المقدمة من المدعية (المطعون ضدها الأولى) قد ظهرت بدون تاريخ وأن هذا التظهير وإن صح اعتباره تحويلاً توكيلياً فهو غير ناقل للملكية ولا يعتبر سنداً بأحقية المدعية للدين المطالب به. وأنه قد دون بتلك السندات أن القيمة ثمن مبان ومسلح وخلافه وهذه العبارة تعني عقد المقاولة الذي انعقد بين المدينة الأصلية المطعون ضدها الثانية وبين دائنها المطعون ضده الثالث وهو العقد الذي دلت الأوراق على علم المدعية نفسها ووالدها المحيل لها به. مما يترتب عليه أن تفقد تلك السندات استقلالها الذاتي وصفة الإذنية وتصبح خاضعة في آثارها القانونية لعقد المقاولة الذي استمدت منه كيانها وأن من شأن ذلك كله ألا تعتبر الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف من دعاوى السندات الإذنية المشار إليها في المادة 118 من قانون المرافعات وبالتالي فقد كان يجب رفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب. ويرى الطاعن أن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه ببطلان استئنافه خطأ في القانون. ذلك أن المشرع قد استثنى دعاوى السندات الإذنية من الإجراءات العادية لرفع الاستئناف وأوجب رفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور وقد وردت عبارة دعاوى السندات الإذنية بصيغة عامة بحيث تشمل جميع الدعاوى التي تقوم الخصومة فيها على أساس من تلك السندات وإذ كانت الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف قد أقيمت على أساس المديونية الثابتة بالسندات الإذنية المقدمة من المدعية فإنه لا يهم بعد ذلك الكيفية التي تمت بها حوالتها ولا ما إذا كانت هذه الحوالة توكيلية أو ناقلة للملكية لأن الحوالة أمر طارئ على السند وتال لتحريره ولا يغير من طبيعته فأياً كانت الكيفية التي أتبعت في إجراء هذه الحوالة فإن السندات تظل محتفظة بصفتها كسندات إذنية - وغير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الخصومة قد قامت في الدعوى على أساس عقد المقاولة وعقدي الحوالة إذ أن الخصومة إنما قامت على المديونية الثابتة بالسندات المقدمة كما أنه لا عبرة بسبب المديونية المذكور في السند أهو نقداً أم بضاعة أو مقاولة لأن السند الإذني يستوفي شكله القانوني بمجرد أن يذكر فيه وصول القيمة.
وحيث إن المقصود "بدعاوى السندات الإذنية" الوارد ذكرها في المادة 118 من قانون المرافعات تلك الدعاوى التي تكون مؤسسة على السند الإذني ذاته مستقلاً عما عداه والتي تتعلق بحقوق مترتبة على توقيعات الملتزمين عليه إذ أن هذه الدعاوى هي التي تقتضي سرعة الفصل فيها ولا تحتمل إجراءات التحضير وإجراءات رفع الاستئناف المقررة للقضايا الأخرى العادية. وهو الاعتبار الذي راعاه المشرع في اختيار جميع الدعاوى التي نص عليها في المادة المذكورة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 264 لسنة 1953 - وبذلك يخرج عن دعاوى السندات الإذنية في معنى المادة 118 المشار إليها ما يكون من الدعاوى مؤسساً على عقود أو أوراق مستقلة عن السند الإذني ومتعلقاً بحقوق غير ناشئة عن توقيعات الملتزمين على هذا السند كالدعاوى التي تستند إلى حوالة الحق الثابت في السند إذا كانت هذه الحوالة حاصلة بعقد مستقل أو إلى الوكالة في اقتضاء قيمة السند الإذني بتوكيل منفصل ومستقل عنه. ولما كان الواقع في الدعوى المطروحة كما أثبته الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف هو أن السيدة أنيسة مليكه المطعون ضدها الثانية حررت السندات الإذنية المطالب بقيمتها لصالح السيد/ اسحق ميخائيل المطعون ضده الثالث فحولها إلى السيد/ إلياس غالي (مورث الطاعن) الذي حولها بدوره إلى ابنته السيدة سهير إلياس غالي المطعون ضدها الأولى بمقتضى عقد حوالة مستقل ومنفصل عن تلك السندات أقر فيه بأنه حول السندات الوارد بيانها في هذا العقد والبالغ قيمتها 459 ج إلى ابنته المذكورة وبعد أن قبض منها قيمتها وأنها أصبحت صاحبة الحق في المطالبة بها وبأنه متضامن في الوفاء بهذا المبلغ في حالة إعسار أو عجز أحد المدينين بهذه السندات عن الوفاء، وعلى أساس هذه الحوالة الثابتة بهذا العقد وجهت السيدة سهير الياس غالي (المطعون ضدها الأولى) دعواها إلى الطاعن بوصفه ضامناً متضامناً في الوفاء بقيمة السندات الإذنية وإذ كانت الدعوى الموجهة إلى الطاعن على هذه الصورة لا تعتبر مؤسسة على السندات الإذنية ذاتها لأن التزام مورث الطاعن لم ينشأ عن ذات هذه السندات. إذ لا توقيع له عليها حتى ترتب التزاماً في ذمته. وإنما منشأ التزامه هو عقد الحوالة المحرر على استقلال من تلك السندات. وقد قضى الحكم المستأنف بمسئوليته عن الدين المطالب به على أساس ذلك العقد وليس على أساس السندات الإذنية فقد جاء في أسبابه "وحيث إنه تبين من عقدي الحوالة التي تمت بمقتضاها حوالة المدعية بالمبالغ الواردة بهما أن المحيلين فيهما قد ضمنا السداد اتفاقاً ومن ثم يتعين مساءلة المحيلين المدخلين في الدعوى متضامنين مع المدعى عليها الأولى (المدينة الأصلية)" - لما كان ذلك، فإن دعوى المطعون ضدها الأولى بالنسبة للطاعن لا تندرج في دعاوى السندات الإذنية المشار إليها في المادة 118 من قانون المرافعات وإنما تعتبر من الدعاوى العادية التي يجب رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها على الطاعن بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب طبقاً للفقرة الأولى من المادة 405 من قانون المرافعات. وإذ تنكب الطاعن هذا الطريق ورفع استئنافه بتكليف بالحضور فإن هذا الاستئناف يكون باطلاً وكان متعيناً على محكمة الاستئناف أن تحكم من تلقاء نفسها ببطلانه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 405 مرافعات ولا يقدح في صحة هذا النظر أن تكون الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية مؤسسة على ذات السندات الإذنية إذ أن الأخيرة لم تستأنف الحكم الصادر ضدها وإنما رفع الاستئناف من الطاعن وحده عن قضاء الحكم الابتدائي باعتباره ضامناً متضامناً في المبلغ المحكوم به على المطعون ضدها الثانية وما دامت الدعوى بالنسبة إليه لا تعتبر من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 من قانون المرافعات فقد كان عليه أن يتبع في رفع هذا الاستئناف الطريق العادي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 405 من ذلك القانون - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاستئناف المرفوع من الطاعن وكان من بين الأسباب التي بنى عليها قضاءه بذلك أن الدعوى الموجهة إلى الطاعن غير مؤسسة على السندات الإذنية بل على عقد الحوالة فإن هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضائه ولا يؤثر على سلامته بعد ذلك ما اشتملت عليه أسبابه الأخرى من تقريرات قانونية خاطئة ما دام الحكم يستقيم بدونها. ويتعين لذلك رفض الطعن.
(1) راجع نقض 16/ 11/ 1965 في الطعن رقم 424 لسنة 30 ق بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 1066
برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد
أبو الفضل حفني.
------------
(2) معارضة. "الحكم فيها".
قاعدة عدم جواز أن يضار المعارض بالمعارضة
المرفوعة منه ذات حكم عام ينطبق في جميع الأحوال مهما شاب الحكم الغيابي من أخطاء.
----------------
1 - من المقرر قانوناً أن استئناف النيابة العامة للحكم الغيابي يسقط
إذا ألغي هذا الحكم أو عدل في المعارضة - لأنه بإلغاء الحكم الغيابي أو تعديله
بالحكم الصادر في المعارضة لا يحدث اندماج بين هذين الحكمين بل يعتبر الحكم الأخير
وكأنه وحده الصادر في الدعوى والذي يصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالاستئناف.
ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول استئناف النيابة شكلاً على الرغم من
تعديله في المعارضة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - الأصل وفقاً للمادة 401 من قانون
الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز بأية حال أن يضار المعارض بناء على المعارضة
المرفوعة منه وهو حكم عام ينطبق في جميع الأحوال مهما تضمن الحكم الغيابي من خطأ
في تقدير الوقائع أو خطأ في تطبيق القانون.
3 - قاعدة وجوب عدم تسويء مركز الطاعن هي
قاعدة قانونية عامة تنطبق على طرق الطعن جميعها عادية كانت أو غير عادية وفقاً
للمادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959
في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 19/3/1966 بدائرة أبو
المطامير: لم يعلن عن أسعار ما يعرضه للبيع طبقا للأوضاع المقررة. وطلبت عقابه
بالمواد 6 و13 و14 و20 من القانون رقم 163 لسنة 1950 والمرسوم بقانون رقم 208 لسنة
1957 المعدل. ومحكمة أبو المطامير الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 9/6/1966 عملا بمواد
الاتهام بتغريم المتهم مائة قرش والغلق. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. كما عارض
المتهم فيه، وقضي في المعارضة بتاريخ 22/9/1966 بقبولها شكلا وفي الموضوع بتعديل
الحكم المعارض فيه إلى خمسة جنيهات وشهر ملخص الحكم على واجهة المحل لمدة شهر بلا
مصاريف جنائية. فاستأنف المحكوم عليه والنيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة دمنهور
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 14/12/1966 بقبول الاستئنافين
شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم 500 قرش
والإشهار لمدة شهر على واجهة المحل بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم
بطريق النقض... إلخ.
-----------------
المحكمة