جلسة 27 من يناير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس عبد الجواد، وإبراهيم علام.
--------------------
(25)
الطعن رقم 268 لسنة 31 القضائية
استئناف. "طريقة رفع الاستئناف". سند إذني. "دعاوى السندات الإذنية".
المقصود بدعاوى السندات الإذنية المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات، الدعاوى المؤسسة على السند الإذني ذاته مستقلاً عما عداه وتتعلق بحقوق مترتبة على توقيعات الملتزمين عليه. يخرج عن هذه الدعاوى الدعاوى التي تستند إلى حوالة الحق الثابت في السند الإذني إذا كانت هذه الحوالة حاصلة بعقد مستقل أو إلى الوكالة في اقتضاء قيمة السند الإذني بتوكيل منفصل عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 3311/ 58 مدني كلي القاهرة على المطعون ضدها الثانية وطلبت الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 294 ج وفوائده وقالت في بيان هذه الدعوى إن المطعون ضدها المذكورة مدينة في هذا المبلغ بموجب 42 سنداً إذنياً حررتها لإذن إسحاق ميخائيل وأن هذا الدائن ظهرها لوالدها المرحوم إلياس غالي الذي حولها بدوره إليها. ونازعت المطعون ضدها الثانية في انشغال ذمتها بقيمة السندات المذكورة قائلة إنها كانت قد حررتها للمطعون ضده الثالث مقابل تعهده لها بإقامة بناء ولكنه لم يف بالتزامه. وعلى أثر ذلك أدخلت المطعون ضدها الأولى كلاً من الطاعن والمطعون ضده الثالث في الدعوى (أولهما بوصفه وارثاً للمرحوم إلياس غالي والثاني باعتباره المحيل الأصلي) وطلبت الحكم عليهما متضامنين مع المطعون ضدها الثانية بالمبلغ موضوع الدعوى واستندت في إلزام مورث الطاعن بالدين المطالب به على عقد حوالة غير مؤرخ صادر لها من ذلك المورث يقرر فيه أنه قد حول إليها السندات المشار إليها وقيمتها 294 ج وأنه قد قبض قيمتها منها بالكامل وأنها أصبحت صاحبة الحق في المطالبة بها وأنه متضامن في الوفاء بهذا المبلغ في إحالة إعسار أو عجز أحد المدينين بهذه السندات في الوفاء - وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بإلزام المطعون ضدها الثانية بصفتها مدينة وإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث بصفتهما ضامنين متضامنين بأن يؤدوا للمطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب به وفوائده بواقع 7% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. فاستأنف الطاعن ذلك الحكم بتكليف بالحضور لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 233 سنة 78 ق وبتاريخ 20 من إبريل سنة 1961 قضت المحكمة المذكورة ببطلان الاستئناف لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون فطعن الطاعن في ذلك الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 2 يناير سنة 1965 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ذلك أنه أقام قضاءه ببطلان الاستئناف المرفوع من الطاعن على ما قاله من أن السندات الإذنية المقدمة من المدعية (المطعون ضدها الأولى) قد ظهرت بدون تاريخ وأن هذا التظهير وإن صح اعتباره تحويلاً توكيلياً فهو غير ناقل للملكية ولا يعتبر سنداً بأحقية المدعية للدين المطالب به. وأنه قد دون بتلك السندات أن القيمة ثمن مبان ومسلح وخلافه وهذه العبارة تعني عقد المقاولة الذي انعقد بين المدينة الأصلية المطعون ضدها الثانية وبين دائنها المطعون ضده الثالث وهو العقد الذي دلت الأوراق على علم المدعية نفسها ووالدها المحيل لها به. مما يترتب عليه أن تفقد تلك السندات استقلالها الذاتي وصفة الإذنية وتصبح خاضعة في آثارها القانونية لعقد المقاولة الذي استمدت منه كيانها وأن من شأن ذلك كله ألا تعتبر الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف من دعاوى السندات الإذنية المشار إليها في المادة 118 من قانون المرافعات وبالتالي فقد كان يجب رفع الاستئناف بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب. ويرى الطاعن أن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه ببطلان استئنافه خطأ في القانون. ذلك أن المشرع قد استثنى دعاوى السندات الإذنية من الإجراءات العادية لرفع الاستئناف وأوجب رفع الاستئناف عنها بتكليف بالحضور وقد وردت عبارة دعاوى السندات الإذنية بصيغة عامة بحيث تشمل جميع الدعاوى التي تقوم الخصومة فيها على أساس من تلك السندات وإذ كانت الدعوى التي صدر فيها الحكم المستأنف قد أقيمت على أساس المديونية الثابتة بالسندات الإذنية المقدمة من المدعية فإنه لا يهم بعد ذلك الكيفية التي تمت بها حوالتها ولا ما إذا كانت هذه الحوالة توكيلية أو ناقلة للملكية لأن الحوالة أمر طارئ على السند وتال لتحريره ولا يغير من طبيعته فأياً كانت الكيفية التي أتبعت في إجراء هذه الحوالة فإن السندات تظل محتفظة بصفتها كسندات إذنية - وغير صحيح ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الخصومة قد قامت في الدعوى على أساس عقد المقاولة وعقدي الحوالة إذ أن الخصومة إنما قامت على المديونية الثابتة بالسندات المقدمة كما أنه لا عبرة بسبب المديونية المذكور في السند أهو نقداً أم بضاعة أو مقاولة لأن السند الإذني يستوفي شكله القانوني بمجرد أن يذكر فيه وصول القيمة.
وحيث إن المقصود "بدعاوى السندات الإذنية" الوارد ذكرها في المادة 118 من قانون المرافعات تلك الدعاوى التي تكون مؤسسة على السند الإذني ذاته مستقلاً عما عداه والتي تتعلق بحقوق مترتبة على توقيعات الملتزمين عليه إذ أن هذه الدعاوى هي التي تقتضي سرعة الفصل فيها ولا تحتمل إجراءات التحضير وإجراءات رفع الاستئناف المقررة للقضايا الأخرى العادية. وهو الاعتبار الذي راعاه المشرع في اختيار جميع الدعاوى التي نص عليها في المادة المذكورة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 264 لسنة 1953 - وبذلك يخرج عن دعاوى السندات الإذنية في معنى المادة 118 المشار إليها ما يكون من الدعاوى مؤسساً على عقود أو أوراق مستقلة عن السند الإذني ومتعلقاً بحقوق غير ناشئة عن توقيعات الملتزمين على هذا السند كالدعاوى التي تستند إلى حوالة الحق الثابت في السند إذا كانت هذه الحوالة حاصلة بعقد مستقل أو إلى الوكالة في اقتضاء قيمة السند الإذني بتوكيل منفصل ومستقل عنه. ولما كان الواقع في الدعوى المطروحة كما أثبته الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف هو أن السيدة أنيسة مليكه المطعون ضدها الثانية حررت السندات الإذنية المطالب بقيمتها لصالح السيد/ اسحق ميخائيل المطعون ضده الثالث فحولها إلى السيد/ إلياس غالي (مورث الطاعن) الذي حولها بدوره إلى ابنته السيدة سهير إلياس غالي المطعون ضدها الأولى بمقتضى عقد حوالة مستقل ومنفصل عن تلك السندات أقر فيه بأنه حول السندات الوارد بيانها في هذا العقد والبالغ قيمتها 459 ج إلى ابنته المذكورة وبعد أن قبض منها قيمتها وأنها أصبحت صاحبة الحق في المطالبة بها وبأنه متضامن في الوفاء بهذا المبلغ في حالة إعسار أو عجز أحد المدينين بهذه السندات عن الوفاء، وعلى أساس هذه الحوالة الثابتة بهذا العقد وجهت السيدة سهير الياس غالي (المطعون ضدها الأولى) دعواها إلى الطاعن بوصفه ضامناً متضامناً في الوفاء بقيمة السندات الإذنية وإذ كانت الدعوى الموجهة إلى الطاعن على هذه الصورة لا تعتبر مؤسسة على السندات الإذنية ذاتها لأن التزام مورث الطاعن لم ينشأ عن ذات هذه السندات. إذ لا توقيع له عليها حتى ترتب التزاماً في ذمته. وإنما منشأ التزامه هو عقد الحوالة المحرر على استقلال من تلك السندات. وقد قضى الحكم المستأنف بمسئوليته عن الدين المطالب به على أساس ذلك العقد وليس على أساس السندات الإذنية فقد جاء في أسبابه "وحيث إنه تبين من عقدي الحوالة التي تمت بمقتضاها حوالة المدعية بالمبالغ الواردة بهما أن المحيلين فيهما قد ضمنا السداد اتفاقاً ومن ثم يتعين مساءلة المحيلين المدخلين في الدعوى متضامنين مع المدعى عليها الأولى (المدينة الأصلية)" - لما كان ذلك، فإن دعوى المطعون ضدها الأولى بالنسبة للطاعن لا تندرج في دعاوى السندات الإذنية المشار إليها في المادة 118 من قانون المرافعات وإنما تعتبر من الدعاوى العادية التي يجب رفع الاستئناف عن الحكم الصادر فيها على الطاعن بعريضة تقدم إلى قلم الكتاب طبقاً للفقرة الأولى من المادة 405 من قانون المرافعات. وإذ تنكب الطاعن هذا الطريق ورفع استئنافه بتكليف بالحضور فإن هذا الاستئناف يكون باطلاً وكان متعيناً على محكمة الاستئناف أن تحكم من تلقاء نفسها ببطلانه عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 405 مرافعات ولا يقدح في صحة هذا النظر أن تكون الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثانية مؤسسة على ذات السندات الإذنية إذ أن الأخيرة لم تستأنف الحكم الصادر ضدها وإنما رفع الاستئناف من الطاعن وحده عن قضاء الحكم الابتدائي باعتباره ضامناً متضامناً في المبلغ المحكوم به على المطعون ضدها الثانية وما دامت الدعوى بالنسبة إليه لا تعتبر من الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 من قانون المرافعات فقد كان عليه أن يتبع في رفع هذا الاستئناف الطريق العادي المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 405 من ذلك القانون - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الاستئناف المرفوع من الطاعن وكان من بين الأسباب التي بنى عليها قضاءه بذلك أن الدعوى الموجهة إلى الطاعن غير مؤسسة على السندات الإذنية بل على عقد الحوالة فإن هذه الدعامة تكفي وحدها لحمل قضائه ولا يؤثر على سلامته بعد ذلك ما اشتملت عليه أسبابه الأخرى من تقريرات قانونية خاطئة ما دام الحكم يستقيم بدونها. ويتعين لذلك رفض الطعن.
(1) راجع نقض 16/ 11/ 1965 في الطعن رقم 424 لسنة 30 ق بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 1066
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق