جلسة 25 من فبراير سنة 1981
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة: محمدي الخولي، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم, ودرويش عبد المجيد وعلي عمرو.
---------------
(128)
الطعن رقم 841 لسنة 46 القضائية
(1) شركات. محكمة الموضوع. شيوع.
التفرقة بين الشركة والشيوع. وجوب توافر نية المشاركة في الشركة وانتفائها في الشيوع. تعرف هذه النية. استقلال قاضي الموضوع بتقديره.
(2) إثبات. خبرة. محكمة الموضوع.
طلب إجراء التحقيق أو ندب خبير آخر في الدعوى. لمحكمة الموضوع عدم الاستجابة دون أن تلتزم ببيان سبب الرفض. شرط ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن الدعوى رقم 637 سنة 1969 مدني كلي قنا ابتغاء الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع لهن مبلغ ألف جنيه، وقلن بياناً لها إن مورثهن المرحوم....... متوفى عن تركة من بين عناصرها حصة شائعة مقدارها الثلث في "الصندل" المبين بالصحيفة، ونظراً لأن الطاعن انفرد باستغلاله منذ وفاة مورثهن المذكور في أغسطس سنة 1950 دون أن يسلمهن شيئاً من ريعه حتى رفع الدعوى فقد أقمن دعواهن للحكم لهن بطلباتهن، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى لبيان مالك "الصندل" والقائم بإدارته وتشغيله وصافي إيراده ونصيب المطعون ضدهن فيه، وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع المطعون ضده الدعوى بتملكه حصة المطعون ضدهن بالتقادم الطويل المكسب للملكية فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي هذا الدفاع إلا أن الطاعن لم يحضر شهوداً بالجلسة المحددة للتحقيق وبتاريخ 3/ 12/ 1974 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهن مبلغ 561 جنيه 136 مليم، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية قنا) بالاستئناف رقم 28 سنة 50 قضائية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 26/ 5/ 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن التكييف القانوني الصحيح لواقعة الدعوى - وقد قامت على مطالبة المطعون ضدهن بريع حصة مورثهن في "صندل" لا يدر ريعاً إلا بجهد بشري - لا يعدو أن يكون نزاعاً بشأن حصة في شركة واقع من شركات الأشخاص انتهت بوفاة أحد الشركاء وهو مورثهن منذ عام 1950 ولا يحق لهن سوى المطالبة بحصة مورثهن في رأس المال بعد تصفية هذه الشركة وفقاً لأحكام المواد من 532 - 537 من القانون المدني وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري واستند في قضائه إلى أحكام المسئولية التقصيرية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشركة على ما هي معرفة به قانوناً، عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة في مال أو عمل لاقتسام ما قد ينشأ من هذا المشروع من ربح أو خسارة، ويشترط لقيامها أن توجد لدى الشركاء نية المشاركة في نشاط ذي تبعة وأن يساهم كل شريك في هذه التبعة بمعنى أن يشارك في الربح والخسارة معاً، وتعتبر هذه النية من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولا معقب عليه في ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة, أما المال الشائع فيشترك في تملكه عدد من الأشخاص يستغلونه أو ينتفعون به حسب طبيعته دون أن تكون لديهم نية المشاركة في نشاط ذي تبعة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه رداً على دفاع الطاعن قوله أن "حقيقة عناصر النزاع المطروحة مؤداها أن مورث المستأنف عليهن "المطعون ضدهن" يملك حصة في "صندل" مع المستأنف "الطاعن" الذي تولى إدارته حتى إذا مات مورث المستأنف عليهن فقد انتقلت إليهن ملكية هذه الحصة ويكون التكييف القانوني الصحيح لوقائع النزاع أننا بصدد مال مملوك على الشيوع ويقوم المستأنف بإدارة المال الشائع فيلتزم على هذا النحو بتوزيع صافي العائد من الاستغلال على الشركاء بحسب حصته" وكان هذا الرد من محكمة الموضوع في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتكييفها بكيفها الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها قد انتهى إلى عدم وجود شركة واقع بين مورث المطعون ضدهن والطاعن لعدم قيام دليل في الأوراق على توافر نية المشاركة في نشاط ذي تبعة بين الشركاء في "الصندل" وأن حقيقة النزاع موضوع التداعي أن مورث المطعون ضدهن يملك حصة شائعة فيها آلت لورثته ومنهم المطعون ضدهن بعد وفاته، وأن الطاعن يقوم بإدارة هذا المال الشائع ويستولي على صافي العائد من استغلاله دون أن يوفي المطعون ضدهن نصيبهن فيه منذ وفاة مورثهن حتى رفع الدعوى، وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بالخطأ في تطبيقه أو القصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بسقوط حق المطعون ضدهن في المطالبة بحصة مورثهن في "الصندل" بالتقادم وبتملكه لها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لأن المطعون ضدهن يسلمن بوضع يده عليها منذ وفاة مورثهن عام 1950 حتى رفع الدعوى دون أن يتخذن ضده أي إجراء قاطع لسريان مدة التقادم وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب الخبير لإثبات ذلك، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الطلب يكون قد أخل بحقه في الدفاع وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان طلب إجراء التحقيق أو تعيين خبير آخر في الدعوى ليس حقاً للخصوم وإنما هو من الرخص التي تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها متى وجدت في تقرير الخبير السابق ندبه أو في أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها دون أن تلزم ببيان سبب الرفض، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون في قد أورد في مقام الرد على دفاع الطاعن سالف البيان قوله "أنه فيما يتعلق بدفع المدعى عليه (الطاعن) ملكية "الصندل" بالتقادم وقد عجز عن إثبات ذلك رغم إعلانه بجلسة التحقيق المحددة على نحو ما سلف فهو على غير أساس إذ الثابت أنه أقر في الدعوى المنضمة رقم 458 سنة 1952 كما ثبت من حكمها أن المدعى عليه شريك في هذا "الصندل" وإنه يقوم بإدارته نيابة عن أخويه الشريكين فيه وبذلك يكون وضع يده على "الصندل" بسبب وقتي معلوم لا يؤدي إلى اكتساب الملكية بالتقادم..... ولا يترتب عليه سقوط حق هؤلاء الشركاء في المطالبة بنصيبهم في هذه الأموال" وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إلى الحكم المطعون فيه فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث والوجه الثاني من السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الاستدلال وتحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بملكية المطعون ضدهن للحصة المحكوم بريعها تأسيساً على ما جاء بتقرير الخبير في الدعوى المنضمة رقم 458 سنة 1952 مدني كلي قنا من أن مورثهن مالك لها حال تغاير الخصوم فيها وفي الدعوى الحالية وفيها طلب المدعون بحق شخصي لهم وليس بحق للتركة، كما أن الحكم المطعون فيه لم يبين أي من تقارير الخبراء المقدمة في الدعويين هو الذي اتخذه قواماً لقضائه في تقدير الريع، فإن كان يعني تقرير الخبير المودع في الدعوى المنضمة فلا يصح الاستدلال به لتغيير مراكز الخصوم بعد صدوره وإن كان يقصد تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة فلا يصح الاستناد إليه لأن الخبير لم يؤد المأمورية وفق الحكم الصادر بندبه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن البين من الحكم المطعون فيه أنه استدل من الحكم الصادر في الدعوى رقم 458 سنة 1952 كلي قنا المؤيد بالاستئناف رقم 4 سنة 40 قضائية أسيوط على ملكية مورث المطعون ضدهن لحصة شائعة في "الصندل" قدرها الثلث ثم انتقلت إلى ورثته ومنهم المطعون ضدهن بعد وفاته، وكان استناد المحكمة إلى ذلك الحكم المودع ملف الدعوى والذي أصبح من مستنداتها وعنصراً من عناصر الإثبات فيها لم يكن على اعتبار أن له حجية ملزمة في الدعوى وإنما على أساس أنه مستند عولت عليه في تكوين عقيدتها في خصوص ملكية المطعون ضدهن للحصة المطالب بريعها، كما أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه عين تقرير الخبير الذي بنت عليه المحكمة اقتناعها في تقرير الريع وهو تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة والمؤرخ 13/ 3/ 1974، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير عمل الخبير ورأيه دون معقب عليها باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات فإن ما يثيره الطاعن في نعيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك كذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الاستدلال وتحصيل فهم الواقع يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق