جلسة 23 من إبريل سنة 1981
برئاسة السيد المستشار محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، سعد حسين بدر، علي محمد عبد الفتاح، محمد مختار منصور.
---------------
(228)
الطعن 58 لسنة 48 القضائية
(1) إثبات "العدول عن الإجراء".
عدول محكمة الموضوع عما أمرت به من إجراءات الإثبات. عدم التزامها ببيان أسبابه. شرطه. اتخاذها الإجراء من تلقاء نفسها.
(2) ملكية. تقادم "تقادم مكسب". حيازة. شيوع.
اكتساب الشريك على الشيوع ملكية حصة أخرى في المال الشائع بالتقادم. شرطه. قيام حيازته لها على معارضة مالكها دون شبهة غموض أو خفاء أو مظنة تسامح.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 2815 لسنة 1968 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليها الثانية والطاعنين وآخرين وقالت بياناً لها أنها اشترت من هذه المطعون عليها قطعة أرض فضاء بعقد مسجل في 28/ 9/ 1965 برقم 2197 الإسكندرية ولما كانت لم تتسلم الأرض من البائعة وكان باقي الخصوم يضعون اليد على جزء منها فإنها تطلب الحكم بتسليمها إليها، ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره ثم قضت للمدعية في 14/ 1/ 1971 بطلبها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 256 لسنة 27 ق الإسكندرية وبتاريخ 23/ 12/ 1972 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أنهما يمتلكان الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وبعد أن سمعت الشهود قضت في 19/ 12/ 1973 باستجواب الخصوم، وبجلسة 23/ 2/ 1974 قررت الانتقال لمعاينة أرض النزاع، وبتاريخ 22/ 3/ 1975 ندبت خبيراً آخر، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 30/ 11/ 1977 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت له جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان لقصور أسبابه الواقعية وفي بيان ذلك يقولان أنه وإن كان تقدير أقوال الشهود مرده، وجدان القاضي فله أن يأخذ بها أو يطرحها إلا أنه ينبغي أن يورد في حكمه مضمون هذه الأقوال قبل أن يعمل حقه في تقديرها ليظهر أنه قام بفحصها وإلا كان حكمه قاصر البيان. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يورد أقوال الشهود الذين استمعت إليهم محكمة الاستئناف واكتفى بقوله أنه لا يطمئن إليها جميعاً فإنه يكون باطلاً لقصور أسبابه الواقعية.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك لأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف بعد أن سمعت أقوال الشهود بجلسة 20/ 5/ 1973 قضت في 19/ 12/ 1973 باستجواب الخصوم وفي 22/ 3/ 1975 بندب خبير وإذ كان الحكم قد أحل في بيان وقائع الدعوى إلى هذين الحكمين الأخيرين الصادرين بعد تنفيذ حكم الإحالة إلى التحقيق بما يغنيه عن بيان ما ورد بهما وكان الطاعنان لم يقدما ضمن مستنداتهما في هذا الطعن صورة رسمية لهما حتى تستطيع هذه المحكمة أن تتبين ما إذا كانا قد خليا من إيراد مضمون أقوال الشهود فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن المادة التاسعة من قانون الإثبات تجيز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول، وإذ قررت محكمة الاستئناف في 23/ 2/ 1974 الانتقال بكامل هيئتها إلى الأرض موضوع النزاع لمعاينتها على الطبيعة ومع ذلك فإنها لم تنفذ هذا القرار حتى صدور الحكم خالياً من أسباب هذا العدول فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت محكمة الموضوع هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنه دون ذكر أسباب العدول، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف هي التي قررت الانتقال إلى الأرض موضوع النزاع لمعاينتها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأنهما ومورثهما من قبلهما يضعون اليد على الأرض موضوع النزاع مدة تزيد على أربعين عاماً منذ كانت ضمن القطعة رقم 806 المقام عليها منزل مورثهما، باعتبارها حديقة له ولكن أعطى لها رقم 805 نتيجة تدخل المطعون عليها وإنهما قدما مستندات صادرة من محافظة الإسكندرية تدل على ذلك وعلى أن القطعة رقم 805 موضوع النزاع لم ترد بالدفاتر الرسمية قبل جرد 59/ 1960 وإذ جاء بتقرير الخبير أن هذه المستندات تدل على أن الأرض محولة باسم مورث الطاعنين على سبيل التداخل لأنه كان يملك العقار رقم 806 ونصف الأرض رقم 805 على الشيوع وجاء بأسباب الحكم ما يفيد أن مستنداتها تدل على ذلك فإنه يكون قد بني على أمر منافي للثابت فيها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك لأنه لما كان البين من تقرير الخبير المقدم إلى محكمة الاستئناف والمودعة صورته الرسمية ضمن مستندات الطاعنين، أن الخبير أثبت فيه اطلاعه على مستنداتهما ورد على دفاعهما القائم على أن القطعة رقم 806 المحولة باسم مورثهما في جرد سنة 49/ 1950 بقوله أن العقار رقم 806 ورد في جرد سنة 59/ 1960 بذات الوصف الوارد في جرد سنة 49/ 1950 ولو صح أن العقار رقم 805 كان جزءاً منه لتغير وصفه بالنقصان في جرد سنة 1959/ 1960 وعلل عدم ظهور العقار رقم 805 قبل هذا الجرد الأخير بأن مورث الطاعنين يملك بالإضافة إلى العقار رقم 806 العقار المجاور رقم 805 الذي تدخل فيه قطعة الأرض موضوع النزاع على الشيوع مع المالك الأصلي للقطعة رقم 804 وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى هذا التقرير في قوله أن الخبير الذي ندب في الدعوى قدم تقريره السابق الإشارة إليه وتطمئن إليه المحكمة لكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بني عليها.... وأن الذي تستخلصه المحكمة من النتائج التي خلص إليها الخبير أن الأرض موضوع النزاع لم تكن ملحقة بعقار مورث المستأنفين - الطاعنين - على التصوير المقال به منهما كما أنها تستخلص منه أن الشهادات المقدمة من المستأنفين قد ذكرت أن الأرض موضوع النزاع رقم 805 محولة باسم المورث على سبيل التداخل لأنه يمتلك العقار المجاور رقم 806 بالإضافة إلى نصف الأرض رقم 805 شيوعاً مما مفاده أن الحكم أخذ باستدلال الخبير على مغايرة العقار رقم 805 للعقار رقم 806 من بقاء وصف هذا الأخير ومشتملاته على حاله في جردي 49/ 1950، 59/ 1960 دون نقصان مع ظهور العقار الأول في الجرد الأخير وعلل ما جاء بالشهادة الصادرة عن العقار رقم 805 من أنها ممولة باسم مورث الطاعنين بما ورد في تقرير الخبير من أنه يملك نصفها على الشيوع، وإذ كان هذا الاستدلال سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأخير على الحكم المطعون فيه الإيهام والقصور، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم إذ اعتبر وضع يد الشريك على المال المشترك غصباً وأن يد حائز الحصة الشائعة تكون بحكم الشيوع مخالطة ليد غيره من الشركاء المشتاعين مع أن وضع يد الشريك على المال الشائع غصباً يتيح له تملك العقار وإن كان قد انتوى ذلك - وإذ استند إلى أن حيازة الطاعنين للعقار موضوع النزاع كانت باعتبارهما مالكين لنصفه فقط على أساس ما جاء بالتمويل الحاصل سنة 1961 مع أنه ليس دليلاً على ذلك فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود ذلك لأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان ليس ثمة ما يحول دون الشريك في العقار الشائع أن يكسب بالتقادم ملكية حصة أحد شركائه المشتاعين إلا أن ذلك مشروط بأن يكون قد استطاع أن يحوز هذه الحصة حيازة تقوم على معارضة حق المالك لها على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض أو الخفاء أو مظنة التسامح وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفاع الطاعنين القائم على تملكهما العقار موضوع النزاع بوضع يدهما عليه المدة الطويلة المكسبة له على ما أورد في أسبابه من أن "المقرر أن وضع يدهما الشريك على الأموال المشتركة يعتبر غامضاً لأن يد حائز الحصة الشائعة تكون بحكم الشيوع مخالطة ليد غيره من المشتاعين مما ينشأ عنه غموض وإبهام.. ولا يمكن معها الجزم بصفة قاطعة بأن نيته قد انطوت على جحود حق الشركاء ما لم يتبين من الظروف أن هذا الشريك قد تعدى حقه واستغل العين باعتباره مالكاً وهو الأمر الذي انتفى في واقعة الدعوى المطروحة وبالتالي لا يسوغ القول بأنهما تملكا عين النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية.. "وكانت هذه الأسباب سائغة وسليمة وتكفي لحمل ما انتهى إليه من قضاء برفض هذا الدفاع فإن النعي عليه بهذا الشق من السبب يكون في غير محله، والنعي بالشق الثاني منه غير مقبول، ذلك أن الحكم عرض لملكية الطاعنين للقطعة رقم 805 التي يدخل فيها العقار موضوع النزاع بقوله إنه "ثبت من تقرير الخبير الأول المودع بملف محكمة أول درجة أن مظهر وضع يد المستأنفين - الطاعنين - بصفتهم ورثة المرحوم....... بقيامهم بتعليته سور الأرض وإزالة باب الشارع... إنما جاء على أساس أنهم ملاك لأرض الحديقة مناصفة وعلى الشيوع مع المستأنف عليها الثانية... مما مفاده أنه استند في ذلك إلى تقرير الخبير المقدم إلى محكمة أول درجة، وكان الطاعنان لم يقدما ضمن مستنداتهما في هذا الطعن صورة رسمية منه فإن النعي بهذا الشق من السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق