الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 سبتمبر 2023

الطعن 432 لسنة 48 ق جلسة 20 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 219 ص 1188

جلسة 20 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة الدكتور مصطفى كيرة وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني، حافظ السلمي.

-----------------

(219)
الطعن رقم 432 لسنة 48 القضائية

(1) إثبات "العدول عن إجراء الإثبات".
عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات لوجود أوراق في الدعوى كافية لتكوين عقيدتها. عدم بيانها صراحة أسباب هذا العدول. لا خطأ. علة ذلك.
(2) إثبات. نظام عام.
قواعد الإثبات غير متعلقة بالنظام العام. السكوت عن التمسك بها أمام محكمة الموضوع. اعتباره قبولاً للإثبات بغير الطريق الذي رسمه القانون.

----------------
1 - النص في المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي ما دام قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، وأن تطلب المشرع في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات في الحكم إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً.
2 - قواعد الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، وإذ كان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، فإن سكوته يعد قبولاً منه للإثبات بغير الطريقة التي رسمها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 193 لسنة 1966 تجاري كلي إسكندرية، بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 11984 جنيه و0.75 مليماً، الصادر به الحكم رقم 779 لسنة 1958 تجاري كلي إسكندرية، لصالح شركة كولونيال التجارية، التي أدمجت من بعد في الشركة الطاعنة وقال بياناً للدعوى أنه أعلن بتوقيع حجز تنفيذي من جانب الشركة المطعون ضدها على أمواله تحت يد القوات البحرية، والمستأجرين لعقار له، وفاء للمبلغ السالف الذكر، رغم براءة ذمته منه إذ قام بسداده كاملاً إلى الشركة، بموجب سندات مظهرة لصالحها ومبالغ أخرى دفعت إليها وثابتة بدفاترها، وبتاريخ 25/ 4/ 1966 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 27/ 1/ 1969 باعتبار المدعي (المطعون ضده) مديناً للشركة المدعى عليها (الطاعنة) بمبلغ 7215 جنيه و260 مليماً، قيمة الباقي من المحكوم به بالحكم رقم 779 لسنة 1958، وألزمته الفوائد القانونية من 9/ 5/ 1968 حتى السداد، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 94 لسنة 25 ق، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 77 لسنة 25 ق، وبتاريخ 14/ 5/ 1969 - بعد ضم الاستئنافين - قضت محكمة استئناف إسكندرية - وقبل الفصل في موضوعهما - بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق وفحص اعتراضات المستأنفين وتصفية الحساب بينهما، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره أعادت المحكمة المأمورية إليه بحكمها الصادر في 29/ 4/ 1970 ليقوم كبير الخبراء الحسابيين بفحص اعتراضات الطرفين، ولما قدم تقريره بدلت خبيراً أخر، ثم استبدلت به غيره، وبتاريخ 29/ 12/ 1977 قضت برفض الاستئناف رقم 94 لسنة 25 ق، وفي الاستئناف رقم 77 لسنة 25 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى اعتبار المطعون ضده مديناً للطاعنة بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً، وببراءة ذمته فيما زاد على ذلك، طعنت الشركة الطاعنة على الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن محكمة الاستئناف قضت في 16/ 6/ 1971 - وقبل الفصل في الموضوع - بندب خبير في الدعوى لمباشرة المأمورية المبينة في الحكم ثم استبدلت به خبيراً أخر، بحكمها الصادر في 27/ 2/ 1974 وإذ قدم هذا الخبير تقريره، لم تأخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها، دون أن تبين سبب اطراحها لها، كما تقضي بذلك المادة 9 من قانون الإثبات، فجاء الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة التاسعة من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر، ويجوز لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حكم الإثبات لا يحوز قوة الأمر المقضي ما دام قد خلت أسبابه من حسم مسألة أولية متنازع عليها بين الخصوم وصدر بالبناء عليها حكم الإثبات، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوع النزاع، كما لها ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بعد تنفيذه، وإن تطلب المشرع في النص المشار إليه بيان أسباب العدول عن إجراء الإثبات في محضر الجلسة، وبيان أسباب عدم الأخذ بنتيجة إجراء الإثبات في الحكم إلا أنه لم يرتب جزاء معيناً على مخالفة ذلك، فجاء النص في هذا الشأن تنظيمياً، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه على ما استخلصته المحكمة من ظروف النزاع ومستنداته، وتقارير الخبراء، وإذ أفصحت أسبابه عن اطمئنان المحكمة إلى ما ورد بتقريري مكتب خبراء وزارة العدل بشأن دفاتر الشركة الطاعنة، وأنها تأخذ بالنتيجة التي انتهيا إليها للأسباب المفصلة فيهما، فإنه يعد منها إطراحاً ضمنياً للتقرير الأخير للخبير المنتدب من بعد، مما يدخل في سلطتها التامة في تقدير الأدلة والموازنة بينها، والأخذ بما تطمئن إليه منها، واستخلاص الحقيقة فيها، ما دام استخلاصها سائغاً، وله أصل ثابت بالأوراق، فلا يعيب الحكم عدم إفصاحه صراحة في أسبابه، عن عدم أخذه بنتيجة ذلك التقرير الأخير، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه تقول أن الحكم أقام قضاءه بمديونية المطعون ضده بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً، استناداً إلى قرار لجنة تقييم شركة كولونيال الدائنة الأصلية والمندمجة في الشركة الطاعنة - مخالفاً بذلك ما قطعت به محكمة الاستئناف في أسباب حكمها الصادر بجلسة 29/ 4/ 1970، بإعادة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لفحص اعتراضاتها على تقريره الأول، من أن قرار لجنة التقييم "ليس له أية حجية قبل الغير بالنسبة لما يدعيه قبل المنشأة أو ما تدعيه المنشأة قبله...، وفي هذه الحدود فإن التحدي بقرار تقييم كولونيال - لذاته يكون غير مجد إلا إذا ساند هذا القول دليل متعلق بالحق المدعي به ". ويكون الحكم قد أهدر ما لهذه الأسباب من حجية وقضى على خلاف ما قطعت فيه من عدم إمكان الاحتجاج بقرار لجنة التقييم قبل الغير.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمديونية المطعون ضده للشركة الطاعنة بمبلغ جنيه واحد و850 مليماً فقط، استناداً إلى قرار لجنة تقييم منشأة كولونيال، وأضاف إليه قرائن استنبطها من أوراق الدعوى وظروفها - على ما سلف البيان في الرد على السبب الأول - فإنه يكون قد التزم ما سبق تقريره في الحكم الصادر في 29/ 4/ 1970، ولم يخالف الثابت في أسبابه بشأن مدى حجية قرار لجنة التقييم مما يغدو معه النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثالث والرابع والخامس والسادس، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة، أن الحكم المطعون فيه قضى ببراءة ذمة المطعون ضده استناداً إلى قرائن ساقها، في حين أنه لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة، وفقاً لما تقضي به المادة 100 من قانون الإثبات، لثبوت المديونية بسند كتابي هو الحكم النهائي الصادر بها، وأقام النتيجة التي انتهى إليها على استخلاص غير سائغ ومخالف للثابت بالأوراق، وما سبق أن قطعت به المحكمة بشأن دلالة بعض هذه القرائن، وتمسكت أمام محكمة الموضوع بأن عبء إثبات براءة الذمة على من يدعيه، وقد عجز المطعون ضده عن هذا الإثبات، كما تمسكت بعدم حجية قرار لجنة التقييم على الغير. غير أن الحكم أغفل ما أثارته من دفاع ولم يرد عليه.
وحيث إن النعي بالأسباب الأربعة السابقة مردود، ذلك أن تقدير الأدلة مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع، التي لها السلطة التامة في بحث مستندات الدعوى واستخلاص ما تراه متفقاً مع الواقع فيها، كما أن تقدير القرائن هو أيضاً مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا شأن لمحكمة النقض بكل ذلك، متى كان استخلاصه وما يستنبطه من القرائن سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق، وليس على الحكم أن يتتبع أقوال الخصوم وحججهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها، ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، ولما كانت قواعد الإثبات وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست من النظام العام، وكان الطاعن لم يتمسك بذلك أمام محكمة الموضوع، فإن سكوته يعد قبولاً منه للإثبات بغير الطريق التي رسمه القانون، ولا على الحكم المطعون فيه إذ اتخذ من القرائن سبيلاً للإثبات، وعرض لما جاء في أوراق الدعوى وظروفها، ثم استنبط منها خمس قرائن، من الإخطارات المرسلة من الشركة الطاعنة إلى المطعون ضده، وميزانية الشركة المندمجة في الشركة الدامجة - الطاعنة - وتاريخ الإدماج، وخلو قرار الإدماج من تحديد الحقوق التي تحال من ذمة الشركة الأولى إلى الشركة الثانية، وأضاف هذه القرائن إلى قرار لجنة تقييم أصول وخصوم منشأة كولونيال المندمجة، وكانت هذه القرائن متساندة وسائغة، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وما قضى به، ولا تجوز مناقشة كل قرينة منها على حدة لإثبات عدم كفايتها، فإن ما أقام الحكم قضاءه عليه، من أسباب، لا مخالفة فيها للثابت بالأوراق، وكاف لحمله، لما كان ذلك، فإن النعي بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة التي اعتمدت عليها، مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق