الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 سبتمبر 2023

الطعن 29400 لسنة 85 ق جلسة 8 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 98 ص 932

جلسة 8 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى حسان، رضا بسيوني وإبراهيم عوض نواب رئيس المحكمة ومحمد أبو السعود.
--------------
(98)
الطعن رقم 29400 لسنة 85 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال.

(2) سرقة. إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الارتباط ".
الإكراه في السرقة. تحققه: بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة.
إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه. موضوعي.
مثال.

(3) سرقة. إكراه. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني. الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم. ما دام لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
خطف الطاعن للمسروقات من المجني عليها وضربها بسكين أو استيقافها مشهرا إياه والاستيلاء على المسروقات. معنى مشترك واحد للتدليل على توافر ركن الإكراه.
الإكراه السابق أو المقارن لفعل الاختلاس. غير لازم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بالإكراه. كفايته ولو أعقب هذا الفعل. متى تلاه مباشرة بغرض النجاة بالشيء المختلس.

(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغا.
مفاد اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال المجني عليها. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة منها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
تأخر المجني عليها في الإبلاغ. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها. متى اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال.

(5) إثبات "شهود". سرقة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجود خصومة قائمة بين المجني عليها والمتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها. شرط وعلة ذلك؟
عدم العثور على المسروقات. لا أثر له في قيام جريمة السرقة.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
مثال سائغ لاطراح الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه.

(6) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ما دامت قد عرضت على بساط البحث.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير مقبول أمام محكمة النقض.

(7) دفوع "الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاعبما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم وجود الطاعن على مسرح الحادث وانتفاء صلته بالواقعة. لا يستأهل ردا. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.

(8) سرقة. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا يشترط لثبوت جريمة السرقة والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية. للمحكمة تكوين عقيدتها من ظروف الدعوى وقرائنها.

----------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه حال وجود المجني عليها بالسوق فوجئت بالمتهم يستوقفها ويستولي على المصاغ الذهبي المملوك لها وهاتفها المحمول حال حمله سلاح أبيض سكين أشهره في وجهها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون، مما يكون منعي الطاعن بأن الحكم قد شابه القصور في بيان واقعة الدعوى وأدلتها لا محل له.

2 - من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية السرقة بالإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون. وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلصه مما ينتجه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة قيام الارتباط بين السرقة وشل مقاومة الطاعن للمجني عليها، فإن مجادلة الطاعن في هذا الصدد تضحى غير مقبول.

3 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين أن المتهم خطف المسروقات من المجني عليها وأخرج سكينا ضربها بها في يدها وبين أنه استوقفها مشهرا بوجهها سكينا واستولى على المسروقات، واحد في الدلالة على توافر ركن الإكراه في حق الطاعن، لما هو مقرر من أنه لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقا أو مقارنا لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون عقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة، وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.

4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير للظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، كما أن تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤيدة لها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويل الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى تناقض أقوالها بمحضر جمع الاستدلالات عنه بالتحقيقات، ويضحى ما يثيره الطاعن في ذلك كله مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.

5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بكيدية الاتهام وتلفيقه وما قلمه من مستندات تؤيد ذلك بقوله : " وحيث إنه عن القول بوجود خلافات - وكانت سببا للكيدية - مردودا - بأن الأوراق لم تبين وجود خلافات بين المتهم والمجني عليها سوى إقرار المنهم فقط بمحضر الشرطة ولا تعول على أقواله في هذا الشأن وهو جدل موضوعي، ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد "، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع ، ذلك أنه من المقرر - بفرض - وجود خصومة قائمة بين المجني عليها وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتها وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها، ذلك، أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليها، فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. كما أنه من المقرر أنه لا يوثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على المسروقات، فإذ كان الثابت بالحكم أن المتهم سرق المجني عليها، فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره دون رقابة محكمة النقض.

6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.

7 - من المقرر أن الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث وانتفاء صلته بالواقعة مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

8 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة السرقة ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.

-----------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1- سرق المصاغ الذهبي والهاتف المحمول المبينين وصفا بالأوراق والمملوكين للمجني عليها الطفلة "...." وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها حال سيرها بالطريق العام بأن استولى عنوة على مصاغها الذهبي من رقبتها وهاتفها المحمول وأشهر في وجهها سلاحا أبيض (سكين) وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من بث الرعب في نفسها وشل مقاومتها والاستيلاء على المسروقات سالفة البيان، على النحو المبين بالتحقيقات.
2 - أحرز سلاحا أبيض (سكين) دون مسوغ قانوني والمستخدمة في الجريمة موضوع التهمة الأولى.
وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمحاكمته وفقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة قضت حضوريا عملا بالمادة 315/ ثالثا من قانون العقوبات، والمادتين 1/ 1، 25 مكررا/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم 6 من الجدول رقم 1 الملحق به والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007، والمادة 116 مكرر من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، مع إعمال نص المادتين 28، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات عما أسند إليه، مع وضع المتهم تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

---------------

المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السرقة في الطريق العام بطريق الإكراه مع حمل سلاح، وإحراز أداة - سكين - مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق، والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها سيما الركن المادي، ولم يبين مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه، ولم يدلل تدليلا سائغا على قيام الارتباط بين الإكراه والسرقة، واعتنق تصويرا لواقعة الدعوى يخالف ما جاء بأقوال المجني عليها بالأوراق مستندا إلى أقوالها رغم تناقضها، وتراخيها في الإبلاغ، واطرح دفاعه المؤيد بالمستندات بكيدية الاتهام وتلفيقه لوجود خلافات بينه وبين أهلية المجني عليها سيما وأنه لم يتم ضبط المسروقات بحوزته، وبعدم جدية التحريات برد غير سائغ، والتفت عن دفعه بانتفاء صلته بالواقعة لعدم وجوده على مسرح الجريمة وعدم وجود شاهد رؤية. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أنه حال وجود المجني عليها بالسوق فوجئت بالمتهم يستوقفها ويستولي على المصاغ الذهبي المملوك لها وهاتفها المحمول حال حمله سلاح أبيض سكين أشهره في وجهها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون، مما يكون منعي الطاعن بأن الحكم قد شابه القصور في بيان واقعة الدعوى وأدلتها لا محل له. لما كان ذلك، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية السرقة بالإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون. وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام استخلصه مما ينتجه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة قيام الارتباط بين السرقة وشل مقاومة الطاعن للمجني عليها، فإن مجادلة الطاعن في هذا الصدد تضحى غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين أن المتهم خطف المسروقات من المجني عليها وأخرج سكينا ضربها بها في يدها وبين أنه استوقفها مشهرا بوجهها سكينا واستولى على المسروقات، واحد في الدلالة على توافر ركن الإكراه في حق الطاعن، لما هو مقرر من أنه لا يلزم في الاعتداء الذي تتوافر به جريمة السرقة بإكراه أن يكون الاعتداء سابقا أو مقارنا لفعل الاختلاس بل يكفي أن يكون عقب فعل الاختلاس متى كان قد تلاه مباشرة، وكان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان التناقض في أقوال المجني عليها - بفرض وجوده - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، كما أن تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد اطمأنت إليها، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤيدة لها، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويل الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليها بدعوى تناقض أقوالها بمحضر جمع الاستدلالات عنه بالتحقيقات، ويضحى ما يثيره الطاعن في ذلك كله مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بكيدية الاتهام وتلفيقه وما قدمه من مستندات تؤيد ذلك بقوله: "وحيث إنه عن القول بوجود خلافات - وكانت سببا للكيدية - مردودا - بأن الأوراق لم تبين وجود خلافات بين المتهم والمجني عليها سوى إقرار المتهم فقط بمحضر الشرطة ولا تعول على أقواله في هذا الشأن وهو جدل موضوعي، ومن ثم يكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد"، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كاف ويسوغ به الرد على ما أثير به من دفاع، ذلك أنه من المقرر - بفرض - وجود خصومة قائمة بين المجني عليها وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتها وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولا لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليها، فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. كما أنه من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة السرقة عدم العثور على المسروقات، فإذ كان الثابت بالحكم أن المتهم سرق المجني عليها، فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى مما تستقل بتقديره دون رقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم الوجود على مسرح الحادث وانتفاء صلته بالواقعة مردودا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة السرقة ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس، متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق