الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 سبتمبر 2023

الطعن 1950 لسنة 87 ق جلسة 11 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 101 ص 968

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ علي سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود عبد الحفيظ، أحمد عبد الودود وخالد الجندي نواب رئيس المحكمة وأحمد الخولي.
----------------
(101)
الطعن رقم 1950 لسنة 87 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.

(2) سبق إصرار، محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغا.
مثال لاستخلاص سائغ لتوفر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.

(3) نقض "المصلحة في الطعن". سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". قتل عمد.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة لعقوبة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد.

(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز إثارته أمام محكمة النقض.

(5) سلاح. ذخائر. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط بمسكن الطاعن. غير قادح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء بمثلها على المجني عليه. تحدث المحكمة عن ذلك أو إسقاطها لدلالة ضبطها. غير لازم. علة ذلك؟

(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل ردا. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

(7) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد وقت الحادث. لا أثر له على ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة لحدوثها وفق رواية الشهود.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.

(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". 
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
مثال.

-------------------

1 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل قامت من حاصل ما اطرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في حمل المتهمين جميعا لأسلحة نارية قاتلة بطبيعتها وإطلاقهم لأعيرة نارية صوب المجني عليه فأحدثوا به إصابات عبارة عن كسور بعظام الجمجمة والصدر وتهتكات بأنسجة المخ والرئتين والقلب والأوعية الدموية بما يقطع بما لا يدع مجالا للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهمين"، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلا على قيام نية القتل كاف وسائغ في إثبات توافرها لدى الطاعنين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد.

2 - لما كان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار، وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار الذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستقي من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي استخلاصا، فلا مراء من توافره في حق المتهمين جميعا في هذه الدعوى، إذ أنهم أبناء عمومة ومن عائلة واحدة أجمعوا أمرهم بينهم على الأخذ بالثأر المتأجج ناره بينهم وبين عائلة المجني عليه حسبما هو ثابت بالشهادة من واقع الجدول في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات ....، والتي بدأت بمقتل .... والد المتهم ....، واتهام عائلة المجني عليه في هذه الواقعة، وأنهم أعملوا فكرهم في هدوء وروية وعقدوا العزم المصمم على قتل المجني عليه واتفقوا على ارتكاب الجريمة وإعدادهم المسبق لها وللأسلحة والذخائر، وهو ما يتوافر به ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر ظرف سبق الإصرار من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب، ما دام استخلاصها سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ظرف سبق الإصرار على نحو ما تقدم، فإن ذلك يعد كافيا وسائغأ وينأى به عن القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن للحكم.

3 - لما كانت العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد لمدة خمس عشر عاما تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد، فلا مصلحة لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.

4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرة التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

5 - لما كان عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط - بمسكن الطاعن - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الطلقات أيا كانت، وذلك ردا على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطها أو عدم مطابقتها على السلاح المضبوط، إذ إن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتا، ونفيا، والمحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة.

6 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

7 - من المقرر أن تحديد وقت الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليه قتل في ذات الميقات الذي قال به شهود الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان حدوثها أو في تصديقها الأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الثبوت التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.

8 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلبوا تحقيقا بصدد دفاعهم، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.

-------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- .... "طاعن". 2- ..... "طاعن". 3- ..... "طاعن". 4- ..... بأنهم أولا: المتهمون جميعا: قتلوا/ .... عمدا مع سبق الإصرار والترصد وذلك بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله، وأعدوا لهذا الغرض سيارة ربع نقل قادها المتهم الرابع وأسلحة نارية (ثلاثة مسدسات وبندقية آلية) واستقلوا السيارة، وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفا مرور المجني عليه به، وكمنوا بالسيارة، وما أن ظفروا به حتى نزل الثلاثة الأول من السيارة حاملين الأسلحة المذكورة، وأطلقوا صوب المجني عليه عدة أعيرة نارية من المسدسات سالفة الذكر، وأطلق الثاني عدة أعيرة من البندقية الآلية لإرهاب المارة بينما كان المتهم الرابع بالسيارة يشد من أزرهم، وليساعدهم على الهرب قاصدين من ذلك قتله، فحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانيا: المتهمون من الأول حتى الثالث أيضا: أ - أحرز كلا منهم بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخن (مسدس). ب- أحرز كلا منهم ذخائر عدة طلقات استعملها في السلاح الناري سالف الذكر حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه. ثالثا: المتهم الثاني: أ- أحرز سلاح ناريا مششخنا (بندقية آلية) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه. ب- أحرز ذخائر (عدة طلقات) استعملها في السلاح الناري سالف البيان حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت .... "والدة المجني عليه"، .... (زوجة المجني عليه) عن نفسها وبصفتها وصية على القصر (.... ، .... ، ....) قصر المرحوم .... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مليون جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمواد 1/1، 2، 6، 2/26 - 3- 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 والبند ب من القسم الثاني من ذات الجدول الملحق بالقانون الأول، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، حضوريا للأول والثاني والثالث وغيابيا للرابع أولا: بمعاقبة كلا من ....، ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهم. ثانيا: إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة محليا وقيميا بنظرها. ثالثا: إحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها بشأن واقعة الأسلحة النارية المضبوطة بإرشاد المتهمين في ضوء تقريري المقارنة الميكروسكوبية الصادر من مصلحة الطب الشرعي عملا بالمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد برقم .... ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... التحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضوريا عملا بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات، والمادتين 1/6، 2/26 -3-5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 101 لسنة 1980، 165 لسنة 1981، 95 لسنة 2003 والبند رقم 1 من القسم الأول من الجدول رقم 3 والبند ب من القسم الثاني من ذات الجدول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995، مع إعمال نص المادتين 17، 32 من قانون العقوبات، بمعاقبة ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشر سنة عما أسند لكلا منهم وأحالت الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" .... إلخ.

------------

المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وإحراز أسلحة نارية (ثلاث مسدسات) وذخائر بغير ترخيص، ودان الثاني بإحرازه بندقية آلية مما لا يجوز إحرازها أو ترخيصها قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أنه لم يدلل على توافر نية القتل تدليلا سائغا في حقهم، وأن ما أورده لا يعدو سوى الحديث عن الأفعال المادية، كما أنه دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه، وعول في قضائه على أقوال شهود الإثبات رغم كذبهم بدلالة أن ما ورد بتقرير الفحص الميكروسكوبي. من عدم تطابق المقذوفات المعثور عليها بمسرح الحادث مع السلاح المضبوط، وهو ما تنتفي معه الجريمة بركنها المادي، وأخيرا التفت عن دفاعهم بالمنازعة في ميقات حدوث الواقعة، ووقت وفاة المجني عليه بدلالة ما أثبته الطبيب الشرعي من أن التغير الرمي لم يطرأ على الجثة ولم يحقق دفاعه في هذا الشأن، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أبلة سائغة من أنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في صدره، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد دلل على توافر نية القتل بقوله: "وحيث إن نية القتل قامت من حاصل ما اطرحته المحكمة من ظروف الدعوى المتمثلة في حمل المتهمين جميعا لأسلحة نارية قاتلة بطبيعتها وإطلاقهم لأعيرة نارية صوب المجني عليه فأحدثوا به إصابات عبارة عن كسور بعظام الجمجمة والصدر وتهتكات بأنسجة المخ والرئتين والقلب والأوعية الدموية بما يقطع بما لا يدع مجالا للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهمين"، فإن ما أورده الحكم فيما تقدم تدليلا على قيام نية القتل كاف وسائغ في إثبات توافرها لدى الطاعنين، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في شأن استدلاله على توافر نية القتل يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار، وأثبت توافره في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار الذي هو حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستقي من وقائع خارجية يستخلص منها القاضي استخلاصا، فلا مراء من توافره في حق المتهمين جميعا في هذه الدعوى، إذ أنهم أبناء عمومة ومن عائلة واحدة أجمعوا أمرهم بينهم على الأخذ بالثأر المتأجج ناره بينهم وبين عائلة المجني عليه حسبما هو ثابت بالشهادة من واقع الجدول في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات .....، والتي بدأت بمقتل .... والد المتهم الأول، وأتهام عائلة المجني عليه في هذه الواقعة، وأنهم أعملوا فكرهم في هدوء وروية وعقدوا العزم المصمم على قتل المجني عليه واتفقوا على ارتكاب الجريمة وإعدادهم المسبق لها وللأسلحة والذخائر، وهو ما يتوافر به ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر ظرف سبق الإصرار من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب، ما دام استخلاصها سائغا، وإذ كان الحكم قد استدل على توافر ظرف سبق الإصرار على نحو ما تقدم، فإن ذلك يعد كافيا وسائغا وينأى به عن القصور في البيان الذي يرميه به الطاعن للحكم، هذا إلى أن العقوبة المقضي بها وهي السجن المشدد لمدة خمس عشر عاما تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من أي ظرف مشدد، فلا مصلحة لما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متي أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان عدم مطابقة المقذوفات المعثور عليها بمسرح الجريمة مع السلاح المضبوط - بمسكن الطاعن - لا يقدح في استدلال الحكم من حصول الاعتداء على المجني عليه بمثل هذه الطلقات أيا كانت، وذلك ردا على جماع الدليلين القولي والفني، ومن ثم فإن المحكمة لم تكن بعد ملزمة بأن تتحدث عن إسقاطها لدلالة ضبطها أو عدم مطابقتها على السلاح المضبوط، إذ إن مفاد سكوتها أنه لم يكن لذلك أثر في تكوين عقيدتها إثباتا ونفيا، والمحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين هذه العقيدة، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحديد وقت الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن المجني عليه قتل في ذات الميقات الذي قال به شهود الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة من حيث زمان حدوثها أو في تصديقها الأقوال الشهود أو محاولة تجريح أدلة الثبوت التي عولت عليها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أيا من الطاعنين أو المدافعين عنهم لم يطلبوا تحقيقا بصدد دفاعهم، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق