الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 سبتمبر 2023

الطعن 10096 لسنة 87 ق جلسة 9 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 100 ص 957

جلسة 9 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد العكازي، عبد الله فتحي وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة ومحمد وئام عبد الله.
-----------------
(100)
الطعن رقم 10096 لسنة 87 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير "أوراق رسمية". تربح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها. إشارتها إليها. غير كاف. حد ذلك؟
استناد محكمة الموضوع في حكمها إلى أقوال شاهد الإثبات واطلاعها على مسودات الخطاب الصادر بخط يد الطاعن دون إيراد مؤداهما ومضمونهما بما لا يصلح أن يستنتج منه عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي. قصور يوجب نقضه.

(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". تزوير "أوراق رسمية". تربح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
استخلاص الواقعة من الأدلة. موضوعي، ما دام سائغا.
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين وليس الظن والاحتمال.
استدلال الحكم في إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح إلى دراسة فنية معدة من مكتب استشاري. قصور يوجب نقضه. علة ذلك؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
فساد الحكم في الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن واستدلاله منها على قيام جريمة التربح في حقه. يشمل الحكم كله. أثره: نقضه.
مثال.

-------------------

1 - لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم المحكوم عليه غيابيا - بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة .... لاستصلاح الأراضي تعاقد مع الهيئة العامة المشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب عقد البيع المؤرخ .... على شراء قطعة أرض صحراوية مساحتها ستة وعشرين ألف فدان بواقع سعر الفدان 200 جنيه على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لتوصيل المياه وفق المقنن المائي المخصص من وزارة الموارد المائية والري وذلك بغرض استصلاحها بتحويلها إلى أرض قابلة للاستزراع بعد تنفيذ المشتري لأعمال البنية الأساسية لها من أبار واستصلاح داخلي وكهرباء على نفقته الخاصة مع تعهده في العقد بعدم استخدام الأرض المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله وقد تم هذا التعاقد بعد موافقة وزارة الموارد المائية والري على توفير مصدر ري عن طريق ترعة الجيزة للأرض المبيعة وذلك باجتماع اللجنة الوزارية المؤرخ .... وذلك استنادا إلى كتاب وزير الري والموارد المائية بتاريخ .... والذي تضمن موافقة الوزارة على توفير مياه نيلية عن طريق ترعة الجيزة لتلك المساحة المبيعة للمتهم الثاني - المحكوم عليه غيابيا - خصما على حساب الشركة، ورغبة من المتهم الثاني في تحويل استغلال الأرض محل هذا العقد من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط عمراني حتى يحقق من ذلك أموالا طائلة بدون وجه حق ورغبة فيه في الإثراء السريع والغير مشروع فقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الأول .... - الطاعن في ذلك الوقت بتحقيق هذا الحلم لأن الأخير تربطه به علاقة سابقة على شغله هذا المنصب .... وهو الذي سبق أن قدم دراسة فنية في سنة 2022 بصفته صاحب مكتب .... وهو فني استشاري أيضا للشركة ملك المتهم الثاني تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض المبيعة وقد قدمها المتهم متساندا إليها عند إبرام عقد البيع ووافقت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والتي تمثل الدولة عليه استنادا لتلك الدراسة المقدمة من المتهم الطاعن - وتحقيقا لما انتوى المتهمان فعله فقد أصدر المتهم الأول كتابه المؤرخ .... بصفته .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة المبينة وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه نيلية سطحية لأرض الشركة .... لاستصلاح الأراضي في الوقت الحالي وكذلك في المستقبل المنظور نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة وأنه بالنسبة للمياه الجوفية فلا يوجد أية دراسات متوفرة للوزارة عن إمكانيات المخزون الجوفي في منطقة الزمام الخاص بالشركة وذلك على الرغم من تنفيذ نسبة 47،49% من إنشاء محطة .... المخصصة لري هذه الأراض وتوريد نسبة 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصدار هذا الكتاب وكذا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بتقرير وكيل وزارة .... في .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة المياه محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح وأثبت بذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنه عقد بيع تلك الأرض، بما ترتب عليه أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون وجه حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها للنشاط أو الزراعي وتخصيصها للنشاط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه، وهو بذلك، وبصفته موظفا عموميا .... حاول أن يحصل لغيره المتهم الثاني وبدون وجه على ربح من عمل من أعمال وظيفته. وبما يشكل تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بان أصدر خطابه .... وأثبت فيه على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض ملك الشركة الخاصة بالمتهم الثاني زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لتلك المساحة من الأرض على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام .... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة 47,49% من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك وقد استعمل هذا المحرر المزور بأن أرسله .... محتجا بصحة ما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة والواقع". ثم استيل الحكم على صحة تلك الواقعة وثبوتها في حق الطاعن من واقع أقوال شهود عددها وتضمنها شهادة .... وكذا مما ثبت للمحكمة من الاطلاع على مستندات مقدمة ومرفقة في ملف الدعوى ومنها اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط المتهم الأول - الطاعن - وما ثبت من الاطلاع على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والمقدم صورة طبق الأصل منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بيانا كافيا، فلا تكفي الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية، يبين منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع سائر الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وإذ كان ذلك، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها - على النحو الثابت بمدوناته - إلى أقوال الشاهد .... دون أن يعني البتة بإيراد مؤداها وإلى اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط يد الطاعن، دون العناية سرد مضمونها بما يصلح أن يستنتج منها عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي من جانب الطاعن، فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه ويستوجب نقضه.

2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا، وأن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وبحسبان أن الأحكام الجنائية يجب أن تبني على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح في حقه - ضمن ما استدل - فيما أثبته بمدوناته من اطلاع المحكمة على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والصادر في .... والتي حصل مؤداها في قوله "ثبت من الاطلاع عليها أنها تمت بمعرفة المتهم الأول - الطاعن - والتي سلمها للمتهم الثاني ... وأن هذه الدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وتكلفة ذلك". واستخلص من ذلك، ومن سابقة علم الطاعن بتنفيذ نسبة 47,49 % من محطة .... المخصصة لغرض سحب مياه النيل لري الأرض وتوريد الأجهزة اللازمة لتشغيلها، أن الطاعن قد زور الخطاب الصادر منه بتاريخ .... بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن هناك صعوبة في توفير مياه نيلية لأرض الشركة ملك المتهم الثاني في الوقت الحالي وكذا في المستقبل القريب، نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المار بيائه لا تتحقق به جريمة التزوير في محرر رسمي، ذلك بأن إعداد الطاعن لدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وإنشاء محطة لتوصيل مياه النيل، لا يؤدي بالضرورة وبلا شك إلى القول بتوافر المقتن المائي اللازم لري وزراعة الأرض من مياه النيل. ولا يقطع بشيء حتى يسوغ به الاستدلال على تزوير الطاعن للخطاب الصادر منه آنف البيان، إلا إذا ثبت لدى المحكمة توافر المقنن المائي المخصص لتلك الأرض وقت إنشاء الطاعن للكتاب الصادر منه محل جريمة التزوير - المار بيانه - إلى .... والذي أثبت فيه عكس ذلك على خلاف الحقيقة وهو عالما بذلك، وهو ما لم تقف المحكمة على حقيقته بلوغا إلى غاية الأمر فيه، بما يعيب الحكم - فوق قصوره في التسبيب - بالفساد في الاستدلال وانطوائه على إخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص وقد تمسك الطاعن في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بمطابقة ما ورد بكتابه للحقيقة وهو ما يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعا جوهريا، إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولا يؤثر في ذلك ما تكره الحكم من أدلة أخرى ، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فاسد الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن، وقد استدل بمنطقه من ثبوتها في حق الطاعن، على قيام جريمة التربح في حقه، فإن الفساد في الاستدلال يشمل الحكم كله بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب - أيضا - وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

----------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضي عليه غيابيا بأنه:
أولا: المتهم الأول:
أ- بصفته موظفا عاما .... حاول أن يحصل لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن استغل اختصاصه الوظيفي في محاولة تحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة .... - الخاصة بالمتهم الثاني - بمساحة 126 ألف فدان بمنطقة .... من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط العمراني دون وجه حق وذلك بأن أصدر كتابه المؤرخ .... ردا على كتاب .... رقم .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة، وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه سطحية لتلك الأراضي زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة على الرغم من مسابقة قيامه بتقديم دراسة فنية عام .... بصفة .... تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض، وعلى الرغم من تنفيذ نسبة 47،49% من إنشاء محطة ري .... المخصصة لري هذه الأرض وتوريد نسبة 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصداره خطابه آنف البيان وبالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المؤرخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح، وأثبت كذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة المنبثق عنها عقد بيع تلك الأرض بما رتب أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها الناشط الزراعي وتخصيصها للناشط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه على النحو المبين بالتحقيقات.
ب- بصفته آنفة البيان ارتكب تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أصدر خطابه المؤرخ في .... وأثبت به على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض محل الوصف زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لمساحة 26 ألف فدان على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام .... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة %47,49 من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100% من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة التقرير اللجنة المشكلة بقرار .... رقم .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ج- استعمل المحرر الوصف السابق بأن أرسله .... محتجا بما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا المتهم الثاني:
أ- اشترك مع المتهم الأول في الجريمة محل الوصف أولا/أ بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفق معه على ارتكابها وساعده بان أمده بالبيانات والمعلومات اللازمة لتحرير خطابه المؤرخ في.... على النحو المبين بالتحقيقات.
ب- اشترك مع المتهم الأول محل الوصف أولا/ب بطريق الاتفاق بأن أتفق معه على ارتكابها.
ج- اشترك مع المتهم الأول في الجريمة محل الوصف أولا/ج بطريق الاتفاق بان اتفق معه على ارتكابها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة قضت حضوريا في .... عملا بنص بالمواد 30/1، 40/ثانيا، ثالثا، 41، 115، 119/1، 119مكررا/1، 213، 214 بمعاقبة كل من ....، .... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات لكل منهما عما أسند إليه ومصادرة المحرر المزور.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.

-------------

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن - بتقارير الأسباب المقدمة منه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التربح والتزوير في محرر رسمي واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وانطوى على إخلال بحق الدفاع؛ ذلك بأن اعتوره الغموض والإبهام والقصور في بيان الواقعة والأدلة عليها بما تتحقق به أركان الجرائم التي دين بها، واعتمد في قضائه على شهادة .... وعلى مسودات الكتاب المؤرخ ..... بخط يد الطاعن، دون أن يعنى بإيراد مؤدى كل منهما، كما عول الحكم على قرائن لا تؤدي إلى قيام جريمتي التربح والتزوير قانونا في حق الطاعن. ومنها دراسة سبق وأن أعدها الطاعن في زمن سابق على توليه منصبه ....، تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه إلى أرض المحكوم عليه غيابيا وتكلفتها، واستدل منها بما لا ينتجه على أن الكتاب الصادر من الطاعن محل الاتهام إلى .... قد خالف الحقيقة فيما تضمنه من صعوبة توفير مياه نيلية في الوقت الحالي إلى تلك الأرض. وذلك ردا على كتاب الأول إليه بطلب الإفادة عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لها. وانتهى الحكم من ذلك إلى قيام جريمة التزوير في محرر رسمي ومن ثم جريمة التربح في حق الطاعن، ملتفتا عن دفاع الطاعن في هذا الصدد والقائم على أن ما جاء بخطابه يطابق الحقيقة والواقع وقت إصداره وأن أقوال الشهود في الدعوى والمستندات المقدمة فيها تحمل ما يظاهر ذلك الدفاع في مواضع عددها؛ ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من مطالعة سائر الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهم المحكوم عليه غيابيا - بصفته مالك ورئيس مجلس إدارة .... لاستصلاح الأراضي تعاقد مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بموجب عقد البيع المؤرخ .... على شراء قطعة أرض صحراوية مساحتها ستة وعشرين ألف فدان بواقع سعر الفدان 200 جنيه على أن تتحمل الشركة تكلفة إنشاء محطة رفع المياه اللازمة لتوصيل المياه وفق المقنن المائي المخصص من وزارة الموارد المائية والري وذلك بغرض استصلاحها بتحويلها إلى أرض قابلة للاستزراع بعد تنفيذ المشتري لأعمال البنية الأساسية لها من آبار واستصلاح داخلي وكهرباء على نفقته الخاصة مع تعهده في العقد بعدم استخدام الأرض المبيعة في غير الغرض المخصصة من أجله وقد تم هذا التعاقد بعد موافقة وزارة الموارد المائية والري على توفير مصدر ري عن طريق ترعة الجيزة للأرض المبيعة وذلك باجتماع اللجنة الوزارية المؤرخ .... وذلك استنادا إلى كتاب وزير الري والموارد المائية بتاريخ .... والذي تضمن موافقة الوزارة على توفير مياه نيلية عن طريق ترعة الجيزة لتلك المساحة المبيعة للمتهم الثاني - المحكوم عليه غيابيا - خصما على حساب الشركة، ورغبة من المتهم الثاني في تحويل استغلال الأرض محل هذا العقد من نشاط استصلاح زراعي إلى نشاط عمراني حتى يحقق من ذلك أموالا طائلة بدون وجه حق ورغبة فيه في الإثراء السريع والغير مشروع فقد تلاقت إرادته مع إرادة المتهم الأول .... - الطاعن - في ذلك الوقت بتحقيق هذا الحلم لأن الأخير تربطه به علاقة سابقة على شغله هذا المنصب .... وهو الذي سبق أن قدم دراسة فنية في سنة 2002 بصفته صاحب مكتب .... وهو فني استشاري أيضا للشركة ملك المتهم الثاني تضمنت إمكانية توفير وتوصيل المياه لهذه الأرض المبيعة وقد قدمها المتهم متساندا إليها عند إبرام عقد البيع ووافقت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والتي تمثل الدولة عليه استنادا لتلك الدراسة المقدمة من المتهم - الطاعن - وتحقيقا لما انتوى المتهمان فعله فقد أصدر المتهم الأول كتابه المؤرخ .... بصفته .... بشأن الاستعلام عن مدى إمكانية توفير مقنن مائي لتلك المساحة المبينة وأثبت به على خلاف الواقع صعوبة توفير مياه نيلية سطحية لأرض الشركة .... لاستصلاح الأراضي في الوقت الحالي وكذلك في المستقبل المنظور نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة وأنه بالنسبة للمياه الجوفية فلا يوجد أية دراسات متوفرة للوزارة عن إمكانيات المخزون الجوفي في منطقة الزمام الخاص بالشركة وذلك على الرغم من تنفيذ نسبة 47.49 % من إنشاء محطة .... المخصصة لري هذه الأراض وتوريد نسبة 100 % من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيل المحطة في تاريخ إصدار هذا الكتاب وكذا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بتقرير وكيل وزارة .... في .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة المياه محاولا بذلك إجبار وزارة .... على تحويل الأرض للنشاط العمراني لعدم صلاحيتها للاستصلاح وأثبت بذلك على خلاف الواقع عجز وزارة .... عن الوفاء بالتزاماتها الواردة بمحضر اللجنة الوزارية المنبثق عنه عقد بيع تلك الأرض، بما ترتب عليه أحقية الشركة في تغيير نشاط الأرض للغرض العمراني على غير الحقيقة محاولا بذلك تظفيرها بربح دون وجه حق والمتمثل في فارق قيمة الأرض بين تخصيصها للنشاط أو الزراعي وتخصيصها للنشاط العمراني والبالغ قيمته سبعة وثلاثين مليار ومائة ثمانية وعشرين مليون جنيه، وهو بذلك، وبصفته موظفا عموميا .... حاول أن يحصل لغيره المتهم الثاني وبدون وجه على ربح من عمل من أعمال وظيفته. وبما يشكل تزويرا في محرر رسمي حال كونه المختص بتحريره وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أصدر خطابه .... وأثبت فيه على خلاف الحقيقة صعوبة توفير مياه سطحية لمساحة الأرض ملك الشركة الخاصة بالمتهم الثاني زاعما محدودية الموارد المائية المتاحة بأن أثبت به زورا صعوبة توصيل المياه لتلك المساحة من الأرض على الرغم من سابقة قيامه بإعداد دراسة عام ..... تضمنت إمكانية توصيل المياه للأرض وكذا تنفيذ نسبة 47.49 % من محطة .... المغذية لهذه الأرض وتوريد 100 % من الأجهزة الكهروميكانيكية اللازمة لتشغيلها وأيضا بالمخالفة لتقرير اللجنة المشكلة بقرار .... المودع بتاريخ .... والذي علق تغذية الأرض بالمياه على تمام إنشاء محطة .... مع علمه بذلك وقد استعمل هذا المحرر المزور بأن أرسله .... محتجا بصحة ما دون به من بيانات بالمخالفة للحقيقة والواقع". ثم استدل الحكم على صحة تلك الواقعة وثبوتها في حق الطاعن من واقع أقوال شهود عددها وتضمنها شهادة .... وكذا مما ثبت للمحكمة من الاطلاع على مستندات مقدمة ومرفقة في ملف الدعوى ومنها اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ ... بخط المتهم الأول - الطاعن - وما ثبت من الاطلاع على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والمقدم صورة طبق الأصل منها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في حكمها بيانا كافيا، فلا تكفي الإشارة إليها، بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية، يبين منه مدى تأيده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع سائر الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وإذ كان ذلك، فإن مجرد استناد محكمة الموضوع في حكمها - على النحو الثابت بمدوناته - إلى أقوال الشاهد .... دون أن يعنى البتة بإيراد مؤداها وإلى اطلاع المحكمة على مسودات الخطاب المؤرخ .... بخط يد الطاعن، دون العناية بسرد مضمونها بما يصلح أن يستنتج منها عناصر إثبات سائغة تدل على وقوع جريمتي التربح والتزوير في محرر رسمي من جانب الطاعن، فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يعيبه ويستوجب نقضه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ولئن كان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا وأن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وبحسبان أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والاعتبارات المجردة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على إدانة الطاعن عن تهم التزوير في محرر رسمي واستعماله وقيام جريمة التربح في حقه - ضمن ما استدل - فيما أثبته بمكوناته من اطلاع المحكمة على الدراسة الفنية المعدة من مكتب .... والصادر في .... والتي حصل مؤداها في قوله "ثبت من الاطلاع عليها أنها تمت بمعرفة المتهم الأول - الطاعن - والتي سلمها للمتهم الثاني ... وأن هذه الدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وتكلفة ذلك". واستخلص من ذلك، ومن سابقة علم الطاعن بتنفيذ نسبة 47.49 % من محطة .... المخصصة لغرض سحب مياه النيل لري الأرض وتوريد الأجهزة اللازمة لتشغيلها، أن الطاعن قد زور الخطاب الصادر منه بتاريخ .... بأن أثبت فيه على خلاف الحقيقة أن هناك صعوبة في توفير مياه نيلية لأرض الشركة ملك المتهم الثاني في الوقت الحالي وكذا في المستقبل القريب، نظرا لمحدودية الموارد المائية المتاحة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على النحو المار بيانه لا تتحقق به جريمة التزوير في محرر رسمي، ذلك بأن إعداد الطاعن لدراسة تضمنت كيفية وأساليب وطرق توصيل المياه للأرض وإنشاء محطة لتوصيل مياه النيل، لا يؤدي بالضرورة وبلا شك إلى القول بتوافر المقنن المائي اللازم لري وزراعة الأرض من مياه النيل. ولا يقطع بشيء حتى يسوغ به الاستدلال على تزوير الطاعن للخطاب الصادر منه آنف البيان، إلا إذا ثبت لدى المحكمة توافر المقنن المائي المخصص لتلك الأرض وقت إنشاء الطاعن للكتاب الصادر منه محل جريمة التزوير - المار بيانه - إلى .... والذي أثبت فيه عكس ذلك على خلاف الحقيقة وهو عالما بذلك. وهو ما لم تقف المحكمة على حقيقته بلوغا إلى غاية الأمر فيه، بما يعيب الحكم - فوق قصوره في التسبيب - بالفساد في الاستدلال وانطوائه على إخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص وقد تمسك الطاعن في دفاعه الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بمطابقة ما ورد بكتابه للحقيقة وهو ما يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعا جوهريا، إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى. ولا يؤثر في ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذ أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل المذكور في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فاسد الاستدلال على قيام جريمة التزوير في حق الطاعن، وقد استدل بمنطقه من ثبوتها في حق الطاعن، على قيام جريمة التربح في حقه، فإن الفساد في الاستدلال يشمل الحكم كله بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة لهذا السبب - أيضا - وذلك دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق