جلسة 14 من نوفمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسن العفيفي، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.
---------------
(207)
الطعن رقم 1823 لسنة 51 القضائية
(1) حراسة "الحراسة الإدارية". إصلاح زراعي.
قرارات فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين استناداً للقانون رقم 162 لسنة 1958. اعتبارها كأن لم تكن. إزالة الآثار الناشئة عنها. كيفيته. ق 141 لسنة 1981. الأراضي الزراعية المبيعة ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون 69 لسنة 1974 أو ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت إلى صغار المزارعين بهذه الصفة. تعويض ذوي الشأن عنها وافقاً للقانون. علة ذلك.
(2) حراسة "الحراسة الإدارية".
الإفراج المؤقت عن المال المفروض عليه الحراسة الإدارية. مؤداه. استمرار هيمنة جهاز التصفية عليه حتى تمام الإفراج النهائي. الخاضع له أعمال الإدارة فقط.
(3) حراسة "الحراسة الإدارية". محكمة القيم. اختصاص.
محكمة القيم. اختصاصها دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بق 34 لسنة 71. وجوب إحالة ما يكون مطروحاً على المحاكم بجميع درجاتها إلى محكمة القيم. م 6 ق 141 لسنة 1981.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 4477 سنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بصفاتهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يسلموا له الأراضي الزراعية البالغ مساحتها 44 ف و9 س و16 ط المبينة بملف الحراسة رقم 2/ 1 وقال بياناً لها إنه بتاريخ 25/ 10/ 1961 صدر أمر رئيس الجمهورية بالاستناد إلى المادة 2 من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ بفرض الحراسة على أمواله وممتلكاته ولما كان الأمر المذكور معدوماً لأنه صدر استناداً إلى المادة الثالثة المشار إليها التي لا تجيز الأمر بفرض الحراسة إلا على الأشخاص الاعتبارين دون الأشخاص الطبيعيين فإنه لا يعدو أن يكون عقبة مادية يختص القضاء العادي بإزالتها ولا يؤثر في ذلك صدور - تصرفات من الحارس أو جهاز تصفية الحراسات ببيع هذه الأراضي - إذ تعد هذه التصرفات بدورها معدومة الأثر، فيكون الاستيلاء عليها من قبيل الغصب من حق صاحبها طلب استردادها ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وإذ توفى مورث المطعون ضدهم فقد باشروا السير في الدعوى من
بعده بذات الطلبات - وبتاريخ 16/ 1/ 1979 حكمت المحكمة بندب خبير فيها، وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 29/ 10/ 1980 للمطعون ضدهم بطلباتهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1746 س 97 ق مدني وبتاريخ 30/ 4/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن هذا الحكم إذ خلص إلى انعدام أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أموال مورث المطعون ضدهم ورتب على ذلك بقاء أرض النزاع على ملكه وقضى للمطعون ضدهم باستردادها مهدراً أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة، وإذ كانت المادة السابعة منه بعد أن قررت، في صدرها إلغاء العقود الابتدائية الخاصة بالأراضي الزراعية المبرمة بين الحراسة العامة وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي متى طلب مستحقوها استلامها عيناً طبقاً لأحكام المواد السابقة استثنت بعد ذلك من هذا الإلغاء أراض عددتها منها الأراضي التي وزعت بالتمليك على صغار المزارعين بقرارات من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل العمل بهذا القانون وأيضاً الأراضي التي ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت إلى صغار المزارعين بهذه الصفة قبل العمل بذات القانون ولو لم يصدر بتوزيعها قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - وكانت أرض النزاع قد وزعت بالتمليك على صغار المزارعين وصدر باعتماد هذا التوزيع قرار من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي برقم 40 بتاريخ 2/ 2/ 1964، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه إذ خالف هذا النظر ولم يعول إلى أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه يكون قد أخطأ بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن قضاء النقض وقد جرى على عدم مشروعية قرارات فرض الحراسة على أموال الأشخاص الطبيعيين استناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ فإن المادة الأولى من القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة جاءت ونصت على أن "تعتبر كأن لم تكن الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم استناداً إلى أحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ وتتم إزالة الآثار المترتبة على ذلك على الوجه البين في هذا القانون...." وذلك تقنيناً من المشرع للاتجاه الذي استقر عليه القضاء حسماً للمنازعات القائمة وتجنباً لإثارة منازعات جديدة، وتحقيقاً للمساواة بين من أقاموا دعاوى لإلغاء الحراسات المفروضة عليهم ومن لم يقيموا مثل هذه الدعاوى، إلا أن الأمر يقتضي في الوقت ذاته - وعلى ما أفصحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون بتنظيم كيفية إزالة الآثار الناشئة عن فرض تلك الحراسات والتي استمرت نحو عشرين عاماً ترتبت خلالها أوضاع يصعب - بل يستحيل في بعض الأحوال - تعديلها أو إزالتها، الأمر الذي دفع المشرع في المادة الثانية من هذا القانون - بعد أن قضى في صدرها بالرد عيناً لجميع أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين وعائلاتهم وورثتهم الذين شملتهم تدابير فرض الحراسة المشار إليها في المادة الأولى إلى هؤلاء باستثناء، وفي ذات المادة تلك التي تم بيعها ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بالقانون رقم 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة أو ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت إلى صغار المزارعين فعلاً بهذه الصفة ولو لم يصدر بتوزيعها قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل العمل بالقانون المذكور. فيعوض ذوو الشأن فيها وفق أحكام القانون مؤكداً بذلك حكم المادة السابعة من القانون رقم 68 لسنة 1974 المشار إليه التي استثنت الأراضي الزراعية التي وزعت بالتمليك على صغار المزارعين بقرارات من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قبل العمل بالقانون المذكور والأراضي التي ربطت عليها أقساط تمليك وسلمت إلى صغار المزارعين فعلاً بهذه الصفة قبل العمل بهذا القانون ولو لم يصدر بتوزيعها قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وذلك من حكم إلغاء العقود الابتدائية الخاصة ببيعها والمبرمة بين الحراسة العامة وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، كل هذا تقديراً من المشرع - وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه - بأن الأراضي الزراعية التي قامت الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتوزيعها على صغار الفلاحين تنفيذاً لأحكام القانون تعتبر مبيعة إلى المنتفعين بالتوزيع فلا يجوز للهيئة كطرف بائع أن تفسخ عقد البيع أو أن تلغي هذه التوزيعات بإرادتها المنفردة وإلا تعرضت لدعاوى الضمان من المشترين التي تكبدها أموالاً طائلة وذلك فضلاً عن الآثار السياسية والاجتماعية التي ترتبت على فسخ العقود المشار إليها واسترداد الأراضي الزراعية عن صغار الفلاحين. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه ومن تقرير الخبير المودع ملف الطعن أن مورث المطعون ضدهم قد خضع لأحكام أمر رئيس الجمهورية رقم 138 لسنة 1961 بفرض الحراسة على أمواله التي شملت أرض النزاع ومساحتها 44 ف و9 ط و16 س وأنه بتاريخ 9/ 6/ 1963 تصرفت الحراسة ببيعها إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - وبموجب محضر إفراج مؤقت بتاريخ 15/ 11/ 1975 تم الإفراج عن مسطح 2 ف و17 ط و 2 س، وبموجب محضر إفراج مؤقت آخر بتاريخ 15/ 11/ 1975 تم الإفراج عن مسطح 1 ف و5 ط و5 س وباقي المسطح صدر قرار برقم 40 بتاريخ 2/ 12/ 1964 من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي باعتماد توزيعه بالتمليك على المنتفعين المستأجرين لها بعد إلغاء عقود إيجارهم، وكان من المقرر وعلى ما يبين من نص المادة 20 من القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه إنه في حالة الإفراج المؤقت لا يستعيد الخاضع للحراسة حقه المطلق في الملكية على ماله المسلم إليه بل يكون جهاز التصفية وحده هو المهيمن على المال إلى أن يتم الإفراج النهائي وليس للخاضع إلا أعمال الإدارة فقط وذلك بناء على قرار يصدره رئيس الجهاز إعمالاً للسلطة المخولة له في المادة 20 المشار إليها. لما كان ما تقدم. فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه وقد قضى بتسليم المطعون ضدهم أرض النزاع دون أن يعتد بطبيعة الإفراج المؤقت على النحو المشار إليه كما لم يعول على قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 40 بتاريخ 2/ 12/ 1964 باعتماد توزيع الأراضي الزراعية محل التداعي بالتمليك على المنتفعين المستأجرين يكون قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه - ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه وكانت محكمة النقض وهي تفصل في الموضوع في هذه الحالة وفقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 269 من قانون المرافعات هو استثناء من الأصل تعتبر فيه محكمة النقض درجة ثانية من درجات التقاضي حلت محل المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه المختصة أصلاً بالفصل في الاستئناف، وكان القانون رقم 141 لسنة 1981 المشار إليه في المادة السادسة قد نزع الاختصاص بنظر الدعاوى المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها فيه وكذلك جميع المنازعات المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها من المحاكم بجميع درجاتها ومنها محاكم الاستئناف وتدخل فيها محكمة النقض في هذه الحالة باعتبارها باستثناء محكمة استئناف تفصل في الموضوع، وأسنده إلى محكمة القيم المنصوص عليها في قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 على أن تحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها، ومن ثم فإن محكمة القيم تكون هي المختصة دون غيرها بالفصل في موضوع الاستئناف الماثل ويتعين إحالة القضية إليها لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق