جلسة 4 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: مصطفى كمال صالح سليم, محمد زغلول عبد الحميد زغلول, درويش عبد المجيد وعلي أحمد عمرو.
--------------------
(141)
الطعن رقم 1443 لسنة 47 القضائية
(1) حكم "حجية الحكم" "قوة الأمر المقضي". مسئولية.
حجية الأحكام الصادرة في المسائل المدنية. اقتصارها على الخصوم فيها دون الخارجين عنها. مثال في ثبوت المسئولية التقصيرية.
(2) إرث. دعوى.
انتصاب الوارث خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من التركة أو عليها. شرطه. مثال.
(3) مسئولية "مسئولية تقصيرية". محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
تكييف محكمة الموضوع للفعل أو الترك بأنه خطأ. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص علاقة السببية وتقدير جسامة لخطأ استقلال محكمة الموضوع به. شرطه.
(4) مسئولية "مسئولية تقصيرية".
الخطأ الجسيم في معنى المادة 42 ق 62 لسنة 1964، ماهيته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 5381 لسنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة طالبين الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى - على نفسها وبصفتها وصية - من تركة مورثها....... والشركة المطعون ضدها الثانية أن يدفعا لهم متضامنين تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم أن مورث المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها ارتكب جريمة قبل مورثهم المرحوم....... بأن باغته أثناء أداء عمله بمقر الشركة المطعون ضدها الثانية وأطلق عليه النار وعلى اثنين آخرين من موظفي الشركة فأرداهم قتلى، وقدمته النيابة العامة للمحاكمة في القضية رقم 1861 لسنة 1968 جنايات قصر النيل التي صدر فيها حكم جنائي بات قضى بإعدامه، ولقد أسهمت الشركة المطعون ضدها الثانية بخطأ جسيم أدى إلى وقوع الحادث إذ لم تتخذ الاحتياطات الكفيلة لحماية موظفيها من اعتداء ذلك الجاني الذي كان عاملاً لديها وفصل من عمله بسبب اعتدائه المتكرر على رؤسائه وتهديدهم بالقتل والإيذاء فكان من الواجب على الشركة في مثل هذه الظروف أن لا تأذن له بعد فصله بدخوله مقرها أو اقتحام مكاتب كبار العاملين بها وأن تعمل على حمايتهم، وهذا الخطأ من جانب الشركة قد ثبت من الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم 2167 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة والذي قضى بإلزامها أداء التعويض لبعض من يرثون معهم في تركة المرحوم........ ولسائر ورثة المجني عليهما الأخرين وصار هذا الحكم باتاً بقضاء محكمة النقض الصادر في الطعن رقم 412 لسنة 41 قضائية، وإزاء ثبوت خطأ الشركة المطعون ضدها الثانية فإنها تكون مسئولة عن تعويض الضرر الذي أصابهم هم أيضاً نتيجة موت مورثهم متضامنة مع مرتكب الحادث، ولذا فقد أقاموا دعواهم ليحكم لهم بمطلبهم فيها. وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1976 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها أن تؤدي للطاعنين من تركة مورثها مبلغ ألفين ومائة جنيه وبرفض الدعوى بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية. استأنف الطاعنون هذا الحكم طالبين تعديله إلى القضاء لهم بطلباتهم، وقيد الاستئناف برقم 286 لسنة 94 قضائية القاهرة، وبتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1977 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها أن تؤدي للطاعنين من تركة مورثها مبلغ ثلاثة آلاف ومائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن بعض ورثة المرحوم...... أقاموا الدعوى رقم 2167 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة بطلب التعويض من الشركة المطعون ضدها الثانية فصدر حكم نهائي أصبح باتاً بقضاء محكمة النقض انحسمت بمقتضاه مسألة تحقق مسئولية هذه الشركة عن التعويض لثبوت خطأ جسيم في جانبها أدى إلى وقوع حادث مقتل مورثهم، فيكون لذلك الحكم قوة الأمر المقضي التي تحول دون معاودة بحث تلك المسألة التي فصل فيها في الدعوى الماثلة ويحق للطاعنين بحكم كونهم ورثة لذات المورث التمسك بحجية ذلك القضاء الصادر لصالح بعضهم إذ يعتبر الخصم الحقيقي الأصيل في كل الدعويين هو مورث واحد، وإذ - كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاعهم الذي تمسكوا فيه بحجية الحكم السابق استناداً إلى اختلاف الخصوم في الدعويين ثم قضى بما يناقض تلك الحجية فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا لنعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 101 من قانون الإثبات على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً" مفاده أن حجية الأحكام الصادرة في المسائل المدنية تقتصر على أطراف الخصومة فيها ولا تتعداهم إلى الخارجين عنها فلا يجوز لمن لم يكن ممثلاً في الخصومة تمثيلاً حقيقاً أو حكمياً أن يفيد من القضاء الصادر فيها, ويعتبر لهذا القضاء حجية الأمر المقضي بالنسبة له استناداً إلى وحدة المصلحة أو وحدة الموضوع، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2167 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة وإن فصل في مسألة أساسية يقوم عليها طلب التعويض في الدعوى الراهنة وهي تحقيق مساءلة أساسية يقوم عليها طلب التعويض في الدعوى الراهنة وهي تحقيق مساءلة الشركة المطعون ضدها الثانية عن حادث مقتل مورث الطاعنين أثناء تأدية عمله لقيام خطأ جسيم في جانبها مرده إلى تقصيرها في اتخاذ الاحتياطات التي تكفل حماية موظفيها من وقوع الاعتداء الذي راح ضحيته ذلك المورث، إلا أن وحدة هذه المسالة الأساسية لا تؤدي إلى إطلاق حجية القضاء السابق على النزاع الحالي بحيث يمتنع بحثها فيه من جديد طالما كان الخصمان في الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما، لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يمثلوا في خصومة الدعوى السابقة التي رفعها ورثة آخرون لذات المورث فإن حجية الحكم الصادر فيها لصالح أولئك الورثة لا تمتد إليهم, وغير صحيح في القانون ما يقول به الطاعنون من أن لذلك القضاء حجية تسوغ لهم التمسك بها باعتبارهم ورثة لمورث واحد هو المجني عليه في الحادث والذي يعد الخصم الأصيل في الدعويين ذلك أن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصماً عن باقي الورثة في الدعاوى التي ترفع من الشركة أو عليها لا تكون صحيحة ولا يجوز الأخذ بها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا كان الوارث قد خاصم أو خوصم طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوباً في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها، وإذ كان الثابت أن ورثة المرحوم..... الذين أقاموا الدعوى السابقة طلبوا أصالة لأنفسهم الحكم بالتعويض عن الضرر الشخصي الذي لحقهم بسبب موت مورثهم ولم يطلبوا التعويض المستحق لمورثهم والمتعلق بتركته، كما أن الدعوى الراهنة أقيمت من الطاعنين وهم باقي الورثة بطلب التعويض عما حاق بهم شخصياً من ضرر بوفاة ذلك المورث، ومن ثم فإن كلاً من الورثة في الدعويين يكون قد طالب بحق تعلق بمصلحته الشخصية لا بمصلحة عموم التركة، فلا يعتبر فريق الورثة الذين سبقوا الطاعنين برفع الدعوى الأولى نائبين عنهم أو قائمين في الخصومة السابقة مقامهم، وبالتالي فلا يفيد الطاعنون من قضاء الحكم السابق اعتماداً على القرينة القانونية المستمدة من قوة الأمر المقضي، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون إذ خلص في قضائه إلى الالتفات عما تمسك به الطاعنون من حجية القضاء السابق لاختلاف الخصوم في الدعويين ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون أن مورثهم كان يعمل مديراً للشئون القانونية بالشركة المطعون ضدها الثانية ووقع حادث مقتله أثناء تأدية عمله بمقرها بسبب خطأ الشركة في عدم توفير الأمن لموظفيها فهي لم تتخذ الاحتياطات التي من شأنها أن تمنع وقوع مثل هذا الحادث إذ كان الجاني من عمالها وفصل من عمله لانحرافه وتعدد جزاءاته التي كانت ترجع إلى نزق وطيش واعتداء متكرر على الرؤساء وتهديدهم بالقتل والإيذاء ومن بين المبلغين عن التهديد أحد المجني عليهم القتلى في الحادث فكان على الشركة أن تحرص على حماية موظفيها من مثل هذا الجاني بعد فصله من العمل وأن تحول دون دخوله مقرها واقتحام مكاتب كبار العاملين فيها وهو يحمل سلاحاً نارياً، وذلك الإهمال والتقصير من جانب الشركة قد ثبت أيضاً من الحكم القضائي الصادر في الدعوى رقم 2167 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة والقاضي بإلزامها بالتعويض عن الضرر الذي أصاب ورثة المجني عليهم في الحادث، وإذا كان الحكم المطعون فيه على الرغم من قيام الخطأ الجسيم الذي يسأل عنه رب العمل مسئولية تقصيرية لم يعتد بتوافر هذا الخطأ أو بقيام علاقة السببية بينه وبين وقوع حادث موت مورثهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل أو الترك المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، ومن المقرر كذلك أن استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر وتقدير مدى جسامة الخطأ من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كان استخلاصه غير سائغ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه نفى قيام خطأ في جانب الشركة المطعون ضدها الثانية ثم عرض إلى نفي وصف الجسامة عن هذا من قول الخطأ مع افتراض قيامه وبانتفاء علاقة السببية بينه وبين الحادث بما أورده من قول بأن "دخول العامل المفصول إلى مقر الشركة التي كان يعمل بها لا يعتبر خطأ تسأل عنه الشركة حتى بفرض انتفاء السبب المبرر لدخوله..... وبفرض أن هناك شبهات تحوم حوله من حيث اعتزامه إيذاء بعض موظفيها فإنها - أي الشركة - لا تملك وليس مفروضاً فيها أن تملك القوة المادية التي تستطيع بها أن تقهره على عدم الدخول ذلك أن مسئوليتها تقف عند حد توفير الأمن لموظفيها فيما هو منوط بها مما يدخل في نشاطها الذي تمارسه..... وإذا ساور بعض موظفي الشركة شك في أن العامل المفصول يعتزم تنفيذ تهديده بإيذائهم فقد كان عليهم أن يبلغوا هذا الأمر إلى الشرطة وأن يتخذوا الحيطة لحماية أنفسهم، ومع افتراض أن الشركة كان عليها أيضاً أن تبلغ الأمر إلى الشرطة فإن تقاعسها لا يؤدي إلى مسئوليتها عن حادث قتل موظفيها ذلك أن عدم إبلاغ الشرطة لاتخاذ ما يلزم لحماية الموظفين لا يعتبر هو السبب المؤدي حالاً ومباشرة إلى قتل أولئك الموظفين....... ولا يمكن القول أن الشركة لو قامت بتبليغ الشرطة واتخذت الاحتياطات لحراسة الموظفين لما وقع القتل....... فمجرد وجود الحراسة في مقر الشركة لم يكن بالضرورة مؤدياً لمنع القتل وبلك تكون رابطة السببية بين عدم توافر الحراسة وبين وقوع القتل منتفية....... ولو فرض جدلاً أن عدم توفير الحراسة لموظفيها تقصير منها فليس هو الخطأ الجسيم لعدم جدوى الحراسة في منع القتل على وجه القطع وما دام الأمر كذلك فلا وجه لمسئولية الشركة عن التعويض حيث يشترط لإعمالها في حق صاحب العمل توافر الخطأ الجسيم....." وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه غير سديد في تقريره بنفي الخطأ عن الأفعال المسندة إلى الشركة المطعون ضدها الثانية وغير سائغ سواء في القول بانتفاء وصف الجسامة عن الخطأ مع افتراض قيامه أو في استخلاصه انعدام رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين وقوع حادث مقتل مورث الطاعنين، ذلك أن المسلك المألوف في الظروف التي أحاطت اقتراف جريمة القتل كانت توجب على الشركة من قبل وقوع الحادث توفير أسباب الأمن التي تكفل حماية موظفيها من الاعتداء عليهم أثناء تأدية أعمالهم، فلقد ثبت من مدونات الحكم الابتدائي والحكم الصادر في الدعوى رقم 2167 لسنة 1969 مدني كلي القاهرة أن فصل الجنائي عن عمله - حسبما كشفت عنه التحقيقات - كان بسبب طبيعة في النفس تميل إلى العدوان أظهرت انحرافاً في السلوك وغلظة وعنفاً في التعامل فمنذ السنة الأولى لتعيينه عاملاً وحتى فصله من العمل تعددت جزاءاته لكثرة شجاره ومخالفة تعليمات الرؤساء والاعتداء على أحدهم بالضرب وتهديد ثان بالقتل ولشكوى ثالث منه بسبب التدخل في أعمال مقاولات الشركة إلى حد تعطيلها ثم لإبلاغ أحد المجني عليهم في الحادث المسئولين بالشركة عن تهديده إياه بالإيذاء ثم لاعتدائه بالسلاح على رئيس آخر، ومثل هذا العامل الذي اتسم سلوكه بالانحراف كان ينبغي أن يحاط دخوله مقر الشركة بعد فصله من العمل بكثير من الانتباه والحرص والحذر لتوقع اعتداء يماثل في القليل ما كان يرتكبه مع رؤسائه أو يهددهم به قبل الفصل، وإذ ثبت أن الشركة لم تتخذ شيئاً من أسباب الأمن قبل الحادث وأن دخول الجاني مقرها لم يصاحبه احتياط ويقظة لمسلكه وتصرفاته فكان وصوله إلى مكاتب كبار العاملين بها سهلاً ميسراً ودون استيقاف أو تحقق من مبرر قدومه أو محاولة اعتراض سبيله، فإن ذلك يعد إهمالاً وتقصيراً من الشركة المطعون ضدها يتحقق به قيام الخطأ في جانبها، هذا الخطأ الذي لم يكن سبباً عارضاً بل سبباً منتجاً أدى إلى تمكين الجاني من تحقيق بغيته من دخول مقر الشركة والإجهاز على الرؤساء الذي تسببوا في فصله من العمل، وهو خطأ يعتبر جسيماً في معنى المادة 47 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية الذي يحكم واقعة النزاع، إذ لا يشترط في قيام الخطأ الجسيم - على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن يكون معتمد بل يكفي أن يكون خطأ غير عمدي ويقع بدرجة غير يسيرة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعتبر ما وقع من الشركة المطعون ضدها الثانية في ظروف الحادث خطأ أدى إلى مقتل مورث الطاعنين وكان نفيه وصف الجسامة عن هذا الخطأ استناداً إلى إطلاق القول "بعدم جدوى الحراسة في منع القتل" ينطوي في ظروف الدعوى على استخلاص غير سائغ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أبان في قضائه بصدد قيام مسئولية مرتكب الحادث عناصر الأضرار المادية والأدبية التي حاقت بالطاعنين نتيجة موت مورثهم وقدر تعويضاً عنها بمبلغ ثلاثة آلاف ومائة جنيه، وإذ كان قد ثبت مما سلف بيانه ثبوت خطأ جسيم في جانب الشركة المطعون ضدها الثانية أدى إلى وقوع حادث قتل مورث الطاعنين مما تحقق به مساءلتها عن التعويض عن الضرر الذي حاق بهم طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في المادة 163 من القانون المدني، وأداؤها للتعويض يكون بالمقدار الذي حدده الحكم المطعون فيه لكل من الطاعنين متضامنة في هذا الالتزام مع تركة مورث المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها إعمالاً لنص المادة 169 من هذا القانون ومن ثم يتعين إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية والقضاء بإلزامها متضامنة مع تركة مورث المطعون ضدها الأولى بأداء التعويض المقضي به للطاعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق