جلسة 29 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
---------------------
(160)
القضية رقم 947 لسنة 19 القضائية
"جامعات" - "سلطة تقديرية".
المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 بتنظيم الجامعات - سلطة مدير الجامعة في تنحيه أقدم الأساتذة من رئاسة القسم - صدور قرار بتنحية أقدم الأساتذة ذوي الكراسي من رئاسة القسم - الحكم بإلغاء القرار - إصدار قرار آخر منبت الصلة بالقرار الأول - استناد القرار الثاني إلى سبب استجد بعد تنفيذ حكم إلغاء القرار الأول - استناده إلى شكوى جماعية من أعضاء هيئة التدريس - لا مخالفة فيه للقانون - بيان ذلك.
-----------------
إن الثابت من الأوراق أن جامعة القاهرة وكلية الطب بالجامعة المذكورة قد قامتا بتنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 928 لسنة 14 القضائية فقد أصدر عميد كلية الطب في 12 من مارس سنة 1972 قراره رقم 117 بإسناد رئاسة قسم الأشعة بالكلية إلى المدعي وقد أشير في ديباجة هذا القرار إلى كتاب مدير الجامعة رقم 6 بتاريخ 9 من مارس سنة 1972 في شأن تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي من المحكمة الإدارية العليا في 26 من فبراير سنة 1972 والذي قضى بإلغاء قرار مدير الجامعة رقم 141 في 28 من سبتمبر سنة 1966 بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة.
ومن حيث إن قرار تنحية المدعي عن رئاسة القسم المطعون فيه بالدعوى الماثلة (قرار مدير الجامعة رقم 22 الصادر في 21 من مارس سنة 1972) هو قرار منبت الصلة بقرار تنحيته الأول رقم 141 الصادر في 28 من سبتمبر سنة 1966 والذي قضى بإلغاء ذلك أن قرار تنحية المدعي المطعون فيه بالدعوى الماثلة صدر استناداً إلى سبب استجد بعد تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى الأولى فقد جاء في ديباجة القرار أنه صدر بعد الاطلاع على الكتاب الموجه إلى مدير الجامعة من الدكتور عميد كلية الطب رقم 292 (سري) في 15 من مارس سنة 1973، والذي جاء به أنه على إثر أقامة الدكتور... رئيساً لقسم الأشعة تلقى شكوى جماعية من أعضاء هيئة التدريس بالقسم يبدون فيها عدم استطاعتهم التعاون معه ويذكرون بالحالة التي كان عليها القسم عندما كان رئيساً له قبل تنحيته ما أنه تلقى من كل من رئيسي القسمين اللذين لهما التعامل المباشر مع قسم الأشعة (وهما القلب والصدر وجراحتهما وقسم جراحة الأعصاب) شكوى تنفيذ نفس المعنى، وقد أشار الدكتور العميد كذلك في كتابه أنه بصفته أستاذاً بالكلية وعميداً لها فقد لمس التطور الكبير الذي طرأ على قسم الأشعة منذ أن تولى رئاسته الدكتور محمد عبد الوهاب محمود، فقد أعطاه الدفعات التقدمية يشيد به جميع الزملاء وقد انتهى الدكتور العميد في كتابه إلى طلب إعادة النظر في الموضوع حتى تعود الأمور إلى نصابها وتستقر الأحوال بالقسم والكلية وبعد الاطلاع على المذكرات المقدمة من كل من أعضاء هيئة التدريس بقسم الأشعة ومن الدكتور عثمان سرور أستاذ ورئيس قسم جراحة الأعصاب والدكتور صلاح الدين الملاح أستاذ ورئيس قسم الصدر والقلب وجراحتهما وبعد الاطلاع على المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 في شأن تنظيم الجامعات التي تخول مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية - حق تنحية أقدم أستاذ ذي كرسي عن رئاسة القسم إذا كان هناك من الأسباب ما يعوق قيام الأقدم بمهام رئاسة القسم.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم لا يكون صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار المطعون فيه بالدعوى الماثلة لا يستقل عن سابقه بأسباب أو ظروف أو ملابسات تجعله يختلف في الحكم القانوني عن سابقه، كما أنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من استناد الجهة الإدارية إلى حكم المادة 41 من قانون تنظيم الجامعات رقم 184 لسنة 1958 لا يسعفها لأن هذا القانون وما يخوله من رخص كان سارياً وقت نظر الدعوى الأولى أمام المحكمة الإدارية العليا ولم تجد فيه المحكمة ما يبرر إصدار قرار التنحية الأول المماثل للقرار المطعون فيه ذلك أن هذه المحكمة ذكرت صراحة في حكمها سالف الذكر وهي بصدد بيان مدى الرخصة التي تخولها المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 لمدير الجامعة في تنحية أقدم الأساتذة ذوي الكراسي عن رئاسة القسم أن العاتق في مفهوم هذه المادة وقد ورد عاماً مطلقاً من أي قيد ينسحب إلى كل ما من شأنه المساس بإمكانية مباشرة أعباء رئاسة القسم أو بالصلاحية الواجب توافرها فيمن يقوم بتبعات هذا المنصب على الوجه الذي توجبه مقتضيات الصالح العام، ويترخص مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية في تقدير هذا العائق ويخضع قراره الصادر استناداً إلى هذا السبب لرقابة القضاء الإداري ويكون القرار الصادر في هذا الشأن صحيحاً مبرءاً من العيوب إذا التزم أحكام القانون وإجراءاته وتغيا الصالح العام دون ثمت انحراف وإلا كان معيباً حقيقاً بالإلغاء، أما إلغاء هذه المحكمة لقرار تنحية المدعي الأول فقد قام على أن هذا القرار صدر بمناسبة الاتهام فقد وجهه إليه بعض أطباء امتياز التدريب دفعة سنة 1965 بأنه منحهم في دورة التدريب بقسم الأشعة درجات غير عادلة على أسس غير سليمة مستهدفاً مصلحة كريمته وبعض أطباء مقيمين وقد استند القرار في ديباجته إلى التحقيق الذي أجرى في هذا الشأن وتنحية المدعي عن رئاسة القسم لهذا السبب يحمل في طياته إدانته في الاتهام المنسوب إليه ودمغة بعدم النزاهة في التزام مقتضيات العدالة في تقدير درجات أطباء امتياز التدريب بدافع من الهوى والغرض وهو الأمر الذي يزري ولا ريب بشرف عضو هيئة التدريس ويمس نزاهته وجزاء مثل هذا الاتهام إذا ما قام الدليل عليه - هو العزل تطبيقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 81 من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر ولما كان الأمر كذلك فإن القرار المطعون فيه يكون قد انطوى في الواقع من الأمر على جزاء تأديبي مقنع أنزل بالمدعي دون اتباع إجراءات تأديب أعضاء هيئة التدريس المقررة قانوناً في المواد 76 وما تلاها من القانون المشار إليه هذا فضلاً عن أن هذا القرار قد صدر دون اتباع الإجراءات التي تقضي بها المادة 41 من القانون سالف الذكر من أخذ رأي عميد الكلية وبهذه المثابة يصبح القرار مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء وذلك دون ثمة إخلال بسلطة الجهة الإدارية في اتخاذ الإجراءات القانونية التي تراها مناسبة حياله ومن ثم فإنه لا يكون صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن قرار التنحية المطعون فيه بالدعوى الماثلة صدر في ظروف مماثلة للظروف التي صدر فيها قرار التنحية الأول.
أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجامعة قد جنحت إلى الصورية في تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بإلغاء قرار تنحية المدعي الأول بمقولة أن السبب الذي استندت إليه في إصدار قرار التنحية الجديد هو مصطنع فقول لا يمكن قبوله إذ لا يستقيم في العقل أو المنطق أن يوصم عميد كلية الطب ورئيسا قسمين من أكبر الأقسام بها وجميع أعضاء هيئة التدريس بقسم الأشعة من أساتذة وأساتذة مساعدين ومدرسين ومعيدين دون أي سند من الأوراق بأنهم سخروا لتقديم شكاوى ضد المدعي لمجرد اصطناع سبب جديد يكون تكئة - على حد تعبير الحكم المطعون فيه - تستند إليه الجامعة في إصدار قرارها الجديد بتنحية المدعي أما ما ذهب إليه المدعي من أن مدير الجامعة قد أصدر قراره بتنحيته عن رئاسته القسم دون تحقيق للشكاوى التي قدمت ضده فمردود عليه بأن الكلية والجامعة لم يكونا بصدد توجيه اتهام أو وقائع معينة ضد المدعي وإنما كان مقدمو الشكاوى بصدد بيان استحالة التعاون بينهم وبين المدعي إذا استمر رئيساً للقسم ويجرون مقارنة بين حالة القسم وقت أن كان رئيساً له وحالته بعد تنحيته عن رئاسته ولم يذهب المدعي إلى أن مقدمي الشكاوى كانوا مدفوعين بأي دوافع شخصية أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المدعي لم يكن قد زاول بعد واجبات وظيفته حتى يظهر إن كان هناك تعاون بينه وبين مقدمي الشكاوى أم لا أو يمكن الحكم على صلاحيته فمردود عليه بأن مقدمي الشكاوى كانوا يتكلمون كما هو واضح من شكاويهم من واقع تجربتهم خلال مدة رئاسة المدعي السابقة.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى شكوى أعضاء هيئة التدريس بقسم الأشعة أنه جاء بها أن الدكتور سبق أن تولى رئاسة القسم فترة غير قصيرة في الماضي ويؤسفنا أن نقول أنها لم تكن موفقة على الإطلاق إذ كثيراً ما تعقدت الأمور وكثرت الشكاوى وثارت الشبهات وعلا اللغط حول ما كان يتخذ خلال تلك الفترة من إجراءات مما أدى إلى كثير من الاضطراب والمشاحنات في داخل القسم وفي علاقاته بالأقسام الأخرى واضطرب معه سير العمل العلاجي والعلمي وكذا شئون الامتحانات هذا عدا ما تعرضت له سمعة القسم في تلك الآونة كما نود أن نبين لسيادتكم أنه منذ تنحية سيادته عن رئاسة القسم استقامت شئونه ونما إنتاجه العلمي والعملي وساده جو مرغوب فيه من التآخي والوئام والتعاون المنتج في شتى المجالات في داخل القسم وفي علاقاته بالأقسام الأخرى مما أعاد للقسم سمعته الطيبة ورد اعتباره ويؤسفنا أشد الأسف أن تنتكس الأمور مرة أخرى وتعود إلى سابق ما كانت عليه من اضطراب" وقد جاء في شكوى الدكتور عثمان سرور أستاذ ورئيس قسم جراحة الأعصاب "نما إلى علمنا أن الدكتور..... قد عاد إلى رئاسة قسم الأشعة ويؤسفنا أن هذا الخبر قد أعاد إلى أذهاننا صورة لأسوأ فترات علاقة قسم جراحة الأعصاب بقسم الأشعة حيث لم نستطع التعاون بتاتاً مع سيادته رغم حاجتنا الشديدة لمثل هذا التعاون ورغم محاولاتنا المستمرة لتنظيم سير العمل في وحدة الأشعة بقسم جراحة الأعصاب مما استدعى في النهاية قطع كل علاقة بين القسمين...، وعلى طرف النقيض نذكر بكل خير الفترة التي تولى رئاسة القسم فيها الدكتور محمد عبد الوهاب فقد بادر فأمدنا بكل ما يلزمنا من معدات ومساعدي أشعة وأطباء لحسن سير العمل ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه إلى ارتفاع ملموس في المستوى العلمي لقسم الأشعة....." وقد ردد ذات المعاني الدكتور صلاح الدين الملاح أستاذ ورئيس قسم الصدر والقلب وجراحتهما أما عميد الكلية فقد أشار في كتابه إلى مدير الجامعة بعد أن استعرض ما جاء في الشكاوى المقدمة إليه "أنه بصفته أستاذاً بالكلية وعميداً لها فقد لمس التطور الكبير الذي طرأ على قسم الأشعة منذ أن تولى رئاسته الدكتور محمد عبد الوهاب محمود فقد أعطاه من الدفعات التقدمية - ما يشيد به جميع الزملاء وقد انتهى السيد العميد في كتابه إلى طلب إعادة النظر في الموضوع حتى تعود الأمور إلى نصابها وتستقر الأحوال بالقسم والكلية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن ذكرت في حكمها الذي أصدرته في الطعن الذي أقامه المدعي في الحكم الصادر في الدعوى التي أقامها طعناً على قرار تنحيته الأول، وهي بصدد بيان مدى الرخصة التي تخولها المادة 41 من القانون رقم 184 لسنة 1958 لمدير الجامعة في تنحية أقدم الأساتذة ذوي الكراسي عن رئاسة القسم، أن العائق في مفهوم هذه المادة وقد ورد عاماً مطلقاً من أي قيد ينسحب إلى كل ما من شأنه المساس بإمكانية مباشرة أعباء رئاسة القسم أو بالصلاحية الواجب توافرها فيمن يقوم بتبعات هذا المنصب على الوجه الذي توجبه مقتضيات الصالح العام ويترخص مدير الجامعة بعد أخذ رأي عميد الكلية في تقدير هذا العائق ويخضع قراره الصادر استناداً إلى هذا السبب لرقابة القضاء الإداري ويكون القرار الصادر في هذا الشأن صحيحاً مبرءاً من العيوب إذا التزم أحكام القانون وإجراءاته وتغيا الصالح العام دون ثمة انحراف.
ومن حيث إنه بتطبيق المبدأ الذي سبق أن قررته المحكمة على واقعات هذه المنازعة يبين أن مدير الجامعة قد واجه في نطاق السلطة التقديرية المخولة له مستهدفاً الصالح العام دون ثمة انحراف - الموقف البالغ الخطورة الذي وضعه أمامه أعضاء هيئة التدريس بقسم الأشعة بكلية الطب ورئيسا القسمين اللذين يتعاونان مع هذا القسم وعميد الكلية، من أنه سيستحيل التعاون بينهم وبين المدعي وأن الأمور ستنتكس - على حد تعبيرهم - بالقسم وبالكلية إذا استمر المدعي في رئاسة القسم وأن ذلك سيؤثر على حسن سير وانتظام العمل بالمرفق الذي ساد بعد تنحيته عن رئاسته.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه بتنحية المدعي عن رئاسة قسم الأشعة قد صدر صحيحاً مبرأً من العيوب وبالتالي يكون طلب التعويض عنه غير قائم على سند من القانون ويكون الحكم المطعون فيه وقد ذهب غير هذا المذهب قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ويتعين والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق