الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 أغسطس 2023

الطعن 635 لسنة 32 ق جلسة 9 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 111 ص 1128

جلسة 9 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النجار وادوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(111)

الطعن رقم 635 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى - شروط قبول الدعوى - شرط الصفة.
يتعين لقبول دعوى الإلغاء أن توجه إلى الجهة مصدرة القرار أو من يمثلها، كما يجوز توجيهها إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو إلى صاحبة السلطة الرئاسية أو سلطة الوصاية التي تملك الموافقة أو التصديق على القرار أو تعديله، ويجوز توجيهها إلي الجهتين معاً - نتيجة ذلك: لا يجوز توجيه دعوى الإلغاء إلى أية جهة لا تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة، بل توجه إلى من يمثل قانوناً هذه الجهات - تطبيق.
(ب) أموال الدولة العامة والخاصة - التعدي على أملاك الدولة - عدم قيام الدليل على ثبوته - اللجوء إلى القضاء للفصل في النزاع.
المادة 970 من التقنين المدني - المقصود بإزالة التعدي الواقع على الأموال المملوكة للدولة بطريق التنفيذ المباشر وهو العدوان المادي على أموال الدولة الذي يتجرد من أي أساس قانوني يستند إليه والذي يعد غصباً مادياً - إذا لم تقدم الجهة الإدارية الدليل على توفر هذا الغصب المادي وما كان لواضعي اليد على العقار أو الأرض سند ظاهر مبرر قانوناً لذلك، وجب عليها الامتناع عن تقرير ما تدعيه لنظرها بنفسها إدارياً واستخدام سلطة التنفيذ المباشر قبل الأفراد - نتيجة ذلك: يتعين على الجهة الإدارية اللجوء إلى القضاء للفصل في النزاع احتراماً للشرعية وسيادة القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 28 من يناير سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 28/ 11/ 1985 في الدعوى رقم 2297 لسنة 39 ق والقاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعنون أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء: أ - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للطاعنين عدا الثالث، ب - برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات، وقد تم إعلان الطعن قانوناً حسبما هو مبين بالأوراق.
وأودع السيد المستشار مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضع برفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعنين المصروفات.
وكانت قد عينت جلسة 3/ 4/ 1989 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتداولت الدائرة نظر الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 21 يناير سنة 1991، إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت جلسة 9/ 2/ 1991، وتداولت المحكمة نظر الطعن وبجلسة 4/ 5/ 1991 قررت المحكمة تكليف الجهة الإدارية بإيداع القرار الصادر بتخصيص الأرض محل النزاع للمنفعة العامة لحساب مشروع المياه رقم 11908 وكافة الأوراق المتعلقة بالتخصيص، وتكرر تأجيل الطعن لجلسات متتالية للسبب المشار إليه مع إخطار الجهة الإدارية بأن عدم تنفيذ القرار السابق يعتبر إقراراً منها بما يزعمه المطعون ضدهم، وبجلسة 21/ 2/ 1993 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 28/ 3/ 1993 ومذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، وفات ذلك الأجل ولم يقدم شيء، ثم قررت المحكمة مد أحل النطق بالحكم لجلسة اليوم 9/ 5/ 1993 لإتمام المداولة.
وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع الذي أثاره الطاعنون والمتعلق بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليهم (الطاعنون) من الأول حتى السابع عدا الطاعن الثالث فإنه من المستقر عليه أن دعوى الإلغاء هي خصومة بين طرفيها محلها الاختصام عيناً للقرار المعيب في ذاته ورغم أنه يتعين قيامها على مصلحة شخصية للطاعن فإنها تتضمن الإسهام في تحقيق المشروعية وسيادة القانون للصالح العام، ومن ثم يتعين توجيهها إلى الجهة مصدرة القرار أو من يمثلها، كما يجوز توجيهها إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو إلى الجهة صاحبة السلطة الرئاسية أو سلطة الوصاية التي تملك الموافقة أو التصديق على القرار أو تعديله، ويجوز توجيهها إلى الجهتين معاً، كل ذلك بمراعاة عدم توجيه دعوى الإلغاء إلى أية جهة لا تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة، بل توجه الدعوى إلى من يمثل قانوناً هذه الجهات، وإذ كلن ذلك فإن اختصام محافظ سوهاج، بالإضافة إلى رئيس الوحدة المحلية - في الدعوى الماثلة الموجهة إلى قرار صدر من رئيس الوحدة المحلية لمركز طما بمحافظة سوهاج هو أمر جائز قانوناً، ويضحى اختصام من عداهم (المدعى عليهم من الرابع إلى السابع) هو اختصام لمن لا صفة له، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي ضمناً بقبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهم من الرابع إلى السابع يكون غير قائم على أساس صحيح من القانون.
من حيث إنه بمراعاة ما سلف بيانه فإن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 2297 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بصحيفة أودعت بقلم الكتاب بتاريخ 7/ 2/ 1985 وطلبوا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 61 لسنة 1985 الصادر من الوحدة المحلية لمركز طما محافظة سوهاج بإزالة زراعتهم ومبانيهم الموضحة الحدود والمعالم بالقرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعون (المطعون ضدهم) شرحاً للدعوى أنهم يمتلكون قطعة أرض بزمام قرية الشيخ عمار مركز طما محافظة سوهاج. بالميراث الشرعي من مورثهم، وبوضع يدهم عليها المدة الطويلة وينتفعون بها بدون منازع أو معارض، إلا أنه ابتداء من أوائل يناير سنة 1985 ومجلس مدينة طما والوحدة المحلية بمشطا يتعرضان للمدعين بدعوى أن الأرض المشار إليها ضمن أملاك الدولة استناداً إلى رسم موجود على خرائط مساحية من حوالي أربعين سنة، وعند عرض أمر ذلك التعرض على النيابة العامة بادرت الجهة الإدارية إلى عمل لجنة معاينة صورية أجرت معاينة سريعة انتهت فيها إلى أن المدعين تعدوا على ملك الدولة دون بيان الأساس لذلك ومن ثم أصدرت الوحدة المحلية لمركز طما القرار المطعون فيه.
وأضاف المدعون أنهم تظلموا من القرار المطعون فيه ومن تقدير المنشآت الزراعية الموجودة بالأرض ولكن دون جدوى، ونعى المدعون على القرار عدم مشروعيته لأن المساحة موضوع القرار مكلفة رسمياً في سجلات الضرائب العقارية بأسمائهم وأسماء ورثتهم، وأن واحداً منهم يحمل عقداً مسجلاً بالشهر العقاري بملكيته لجزء من هذه المساحة التي يضع المدعون يدهم عليها ومورثيهم من قبلهم أكثر من عشرين عاماً.
وبجلسة 28/ 11/ 1985 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القرار المطعون فيه نص على إزالة التعديات الواقعة من المدعين على أملاك الدولة بناحية الشيخ عمار حوض عبد الرحمن نصار رقم 10 لقيامهم بهذا التعدي على أرض مشروع عملية المياه رقم 11908 واستند هذا القرار على محضر إثبات حالة مؤرخ 16/ 1/ 1985 محرر بمعرفة لجنة شكلت لهذا الغرض بشأن تعدي بعض المواطنين على أملاك الدولة بناحية مشطا والمعدة لعملية المياه (11908) وأن المحضر تم تحريره بناء على خريطة مساحية مرفقه وإنه وفقاً لها تم قياس مشروع عملية المياه رقم 11908 وأن ثمة تعدياً من بعض الأهالي على المشروع وأنه يجب الإزالة الفورية لاستلام المشروع خالياً من التعديات.
وأضافت المحكمة إلى أنه لا يسوغ الاستناد إلى الخريطة المساحية المشار إليها للقول بملكية هذه المساحة للدولة حيث لا يتضح من بياناتها ما يستدل به على ذلك كما لم تقدم الحكومة أية بيانات عن مشروع المياه المشار إليه وعلاقته بقطعة الأرض موضوع القرار المطعون فيه ولم تقدم الحكومة ما يجحد المستندات التي قدمها المدعون مما يجعل القرار غير قائم على سبب صحيح ويتوافر بذلك ركن الجدية، كما يتوافر ركن الاستعجال أيضاً.
ومن حيث إن طعن الحكومة يستند على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وذلك للأسباب الآتية: أولاً: إن المطعون ضدهم أقاموا دعواهم ضد المدعى عليهم من الأول إلى السابع، في حين أن موضوع المنازعة ينحصر في النعي على القرار رقم 61 لسنة 1985 الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز طما (المدعى عليه الثالث) مما يجعل الخصومة موجهة فقط إلى هذا الأخير، وإذ أقام المطعون ضدهم دعواهم ضد الطاعنين من الأول إلى السابع فإنها تكون مرفوعة على غير ذي صفة بالنسبة لهم (عدا الطاعن الثالث رئيس الوحدة المحلية لمركز طما) ثانياً: إن الثابت من مستندات الجهة الإدارية ومن واقع الخريطة التي تقدمت بها أن قطعة الأرض المخصصة لمشروع المياه مملوكة للدولة وأن المطعون ضدهم قد تعدوا عليها بالبناء والزراعة حيث صدر القرار بإزالة التعدي الواقع على قطعة الأرض، وأن حيازة المطعون ضدهم للأرض مدة عشر سنوات لا تؤدي إلى كسبهم الملكية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد استندت في إصدارها للقرار المطعون فيه على أن ثمة خريطة مساحية مبين عليها مشروع عملية المياه رقم 11908 بحوض الشيخ عبد الرحمن نصار رقم 10، وموضح عليها أبعاد ذلك المشروع من النواحي البحرية والقبلية والغربية والشرقية، إلا أنه من ناحية أخرى فإن الجهة الإدارية لم تقدم أي مستندات تفيد تملكها لقطعة الأرض التي سوف يقام عليها المشروع المبين بالخريطة في حين أن المطعون ضدهم قد قدموا من الأوراق والمستندات ما يفيد بحسب الظاهر أنهم يمتلكون قطعة الأرض المذكورة بالميراث الشرعي عن مورثهم ويضعون يدهم عليها وأنه توجد مكلفة رسمية بمصلحة الضرائب العقارية تشير على أسماء مورثهم، بل إن المطعون ضده الثاني قدم عقداً مسجلاً ومشهراً بمكتب الشهر العقاري والتوثيق بطما عن مساحة من الأرض موضوع القرار المطعون فيه مما يستفاد منه ملكيته لهذه القطعة.
ومن حيث إنه - من وجه آخر - فإنه رغم أن هذه المحكمة قد كلفت الجهة الإدارية بتقديم القرار الدال على تخصيص الأرض محل النزاع لمشروع المياه رقم 11908، وتأجل نظر الطعن مرات عديدة لهذا السبب بل وتم إنذار الجهة الإدارية بأن عدم تقديمها للقرار المشار إليه سوف يعتبر قرينة قضائية تؤيد المطعون ضدهم في مزاعمهم - فإنه لم تقم الجهة الإدارية بتقديم المستند المطلوب إلى أن تم حجز الطعن للحكم، الأمر الذي يستفاد منه أن ادعاء الجهة الإدارية بأن لديها المستندات والقرارات التي تفيد أن الأرض موضوع القرار المطعون فيه مملوكة للدولة ملكية خاصة وأنها مخصصة لمشروع المياه رقم 11908، هو ادعاء غير مستند على دليل ثابت أو أصول صحيحة تنتجه قانوناً، بينما المطعون ضدهم قد قدموا من المستندات ما يدحض بحسب الظاهر ادعاء الجهة الإدارية، وما يدلل على صدق دعواهم - بحسب الظاهر - من أوراق الطعن.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المقصود بالتعدي الذي أجازت المادة 970 من القانون المدني إزالته بطريق التنفيذ المباشر هو العدوان المادي على أموال الدولة الذي يتجرد من أي أساس قانوني يستند إليه والذي يعد غصباً مادياً فإذا لم يثبت من الأوراق توفر هذا الغصب المادي وما كان لواضعي اليد على العقار أو الأرض سند ظاهر مبرر قانوناً لذلك، وجب على جهة الإدارة الامتناع عن تقرير ما تدعيه لنظرها بنفسها إدارياً واستخدام سلطة التنفيذ المباشر قبل الأفراد ويتعين عليها احتراماً للشرعية وسيادة القانون اللجوء إلى القضاء للفصل في النزاع بينها وبينهم، ومتى كان ذلك، ولما كان الظاهر من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تقدم الدليل على أن المطعون ضدهم قد اعتدوا بلا سند على مال مملوك للدولة، مما يجعل قرارها المطعون فيه الصادر بإزالة التعدي قد جاء غير قائم على سبب صحيح من الواقع أو القانون، وهو ما يجعل ركن الجدية متوافراً في طلب وقف التنفيذ فضلاً عن توافر ركن الاستعجال أيضاً، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب وقضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به، ويكون النعي عليه - الطعن الماثل - بمخافة القانون أو الخطأ في تطبيقه نعياً غير سديد.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً قبل محافظ سوهاج ورئيس الوحدة المحلية لمركز طما دون غيرهما وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المذكورين بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق