جلسة 10 من فبراير سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون، ومحمد فهمي طاهر، ومحيى الدين طاهر، وأحمد سعد الدين قمحة - المستشارين.
--------------
(62)
القضية رقم 459 لسنة 18 القضائية
(أ) معاشات
- مجال تطبيق القانون رقم 5 لسنة 1909 - لا يصح القول بأن القانون رقم 37 لسنة 1929 جاء معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 - الصحيح أن كلاً من القانونين يستقل بمجال تطبيقه - المكافأة المستحقة للمستخدم خارج الهيئة تخرج عن مجال تطبيق القانون رقم 37 لسنة 1929 - أساس ذلك - مثال.
(ب) معاش - مكافأة
- سقوط الحق في المكافأة لارتكاب العامل إحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 5 لسنة 1909، عدم استحقاق أرملته لأية مكافأة - مثال.
(جـ) معاش - مكافأة
- نص المادة 36 من القانون رقم 50 لسنة 1963 لا يسري على حالات الحرمان من المكافأة - أساس ذلك.
-------------------
إن الثابت من أوراق المنازعة الماثلة أن زوج المطعون ضدها التحق بخدمة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية (مصلحة السكك الحديدية حينذاك) في 28 من أكتوبر سنة 1948 في وظيفة محولجي ظهورات ثم انقطع عن عمله لأكثر من المدة القانونية فتقرر شطب أسمه من سجلات المصلحة في 8 ديسمبر سنة 1950، وبتاريخ 12 نوفمبر سنة 1951 أعيد تعيينه عاملاً مستجداً وعقب حصوله على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عين في وظيفة كمساري وتسلم عمله بها في 8 من ديسمبر سنة 1954 ثم نقل من اليومية إلى الماهية في الدرجة الخصوصية 72/ 108 جنيه المخصصة لوظيفته اعتباراً من يوم 5 سبتمبر سنة 1955 وظل شاغلاً هذه الدرجة إلى أن أوقف عن العمل اعتباراً من يوم 19 نوفمبر سنة 1959 لاتهامه بسرقة بعض الرسائل المنقولة على خطوط الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية، وقد حوكم عن هذه الجريمة أمام محكمة أمن الدولة بطنطا وحكم عليه في 4 فبراير سنة 1960 بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة مقدارها خمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته، وبناء على ذلك صدر قرار الهيئة بفصله من الخدمة اعتباراً من تاريخ وقفه عن العمل في 19 نوفمبر سنة 1959 - ويخلص من هذه الوقائع أن زوج المطعون ضدها قد دخل خدمة الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية وخرج منها في ظل أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، وتقضي أحكام القانون المذكور بتقسيم الموظفين إلى نوعين موظفون داخلون في الهيئة وتسري عليهم أحكام الباب الأول (وهم إما معينون على وظائف دائمة وإما على وظائف مؤقتة حسب الوصف الوارد في الميزانية) ومستخدمون خارجون عن الهيئة وتسري عليهم أحكام الباب الثاني من القانون المشار إليه، وقد جاء بالمادة 135 مكرراً الواردة تحت الباب الثالث أنه يجوز إنشاء درجات فرعية أو درجات خصوصية وتقرير قواعد منح العلاوات الخاصة بها والترقية إليها بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير المالية والاقتصاد وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين ولا يجوز أن يقل المرتب عن 30 جنيهاً ولا أن يزيد على 420 جنيهاً، ولما كان زوج المطعون ضدها معيناً في وظيفة كمساري على الدرجة الخصوصية 72/ 108 فإنه يدخل في عداد المستخدمين الخارجين عن الهيئة في حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 وهذه الفئة من المستخدمين هم الذين كان يطلق عليهم الخدمة الخارجين عن هيئة العمال.
وحيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 5 الصادر في 15 إبريل سنة 1909 في شأن "المعاشات الملكية" أنه ينظم معاشات ومكافآت الموظفين والمستخدمين الملكيين (المدنيين) الذين يدخلون في خدمة الحكومة من تاريخ صدوره ومعاشات ومكافآت أراملهم وأولادهم (المادة 1) وفي حكم هذا القانون فإن الموظفين والمستخدمين المقيدين بصفة دائمة هم الذين يجرى على ماهياتهم حكم الاستقطاع بنسبة مقدارها 5% وهؤلاء دون سواهم هم الذين لهم الحق في معاش بمقتضى شروط هذا القانون (المادة 2) أما الموظفون والمستخدمون الذين لا يجرى على ماهياتهم حكم الاستقطاع فهم العمال الذين من الأنواع المبينة في الجدول حرف ( أ ) من القانون ويدخل في عدادهم إجمالاً أرباب الحرف والصنائع والخدمة السائرة والشغالة والموظفون والمستخدمون بموجب عقد يخول لهم مزايا في صورة مكافأة والموظفون والمستخدمون المعينون بصفة وقتية (المادة 4)، والموظفون والمستخدمون يمنحون معاشاً أو مكافأة على حسب الأحوال إذا بلغوا سن التقاعد أو إذا فصلوا بسبب الوظيفة أو الوفر أو بقرار من مجلس الوزراء أو بسبب إصابتهم بعاهات أو أمراض (وهؤلاء جميعاً هم الذين أطلق عليهم القانون رقم 210 لسنة 1951 "الموظفون الداخلون في الهيئة" دائمين كانوا أو مؤقتين) أما المستخدمون المؤقتون والخدمة الخارجون عن هيئة العمال يمنحون مكافآت (المادة 12 من القانون رقم 5 لسنة 1909) وبينما يحال الموظفون والمستخدمون الذين يجرى على ماهياتهم حكم الاستقطاع إذا بلغوا سن الستين فإن المستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال مؤقتون يرفتون متى بلغوا سن الخامسة والستين (المادة 14 من القانون المذكور أما القانون رقم 37 لسنة 1929 فلا تسري أحكامه إلا على الموظفين والمستخدمين الملكيين المقيدين بصفة دائمة الذين يدخلون في خدمة الحكومة من تاريخ صدوره ويجرى على ماهياتهم حكم الاستقطاع بالنسبة الواردة في القانون المذكور (7.5%) فيمنحون معاشاً أو مكافأة على حسب الأحوال بمقتضى الأحكام المنصوص عليها فيه (المادتان 1، 2 من القانون) أما الموظفون والمستخدمون المعينون بعقود أو بصفة مؤقتة وكذلك العمال من الأنواع المبينة في الجدول حرف أ المرافق للقانون فلا يستقطع احتياطي معاش من ماهياتهم ولذلك لا يكون لهم الحق في المعاش (المادة 4 من القانون) وقد تضمن الجدول حرف أ تعداداً لوظائف العمال الذين لا يستقطع منهم الاحتياطي وبالتالي لا تسري عليهم أحكام القانون، ويؤكد هذا النظر أن المادة 12 من القانون المشار إليه عددت أنواع المعاشات والمكافآت التي تمنح للموظفين والمستخدمين الخاضعين لأحكامه وليس من بينها المكافآت التي تمنح للمستخدمين المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وهي المكافآت التي ورد ذكرها في المادة 12 من القانون رقم 5 لسنة 1909، كذلك جاء في المادة 64 من القانون رقم 37 لسنة 1929 أن الموظفين والمستخدمين الذين يكونون في الخدمة وقت صدوره ماعدا المبين في المادة 4 منه (أي العمال المبينة وظائفهم في الجدول حرف أ المرفق بالقانون والموظفون والمستخدمون المعينون بعقود أو بصفة مؤقتة) لهم أن يطلبوا الانتفاع بأحكامه إذا قدموا طلباً بذلك خلال ستة أشهر من تاريخ نشره، كما جاء في الفقرة (7) من المادة المذكورة أن مدد الخدمة السابقة التي قضيت بصفة خدمة خارجية عن هيئة العمال أو بمقتضى عقود أو بصفة مؤقتة لا تحسب في المعاش ولو دفع أصحابها قيمة الاستقطاع الخاصة بهم.
وحيث إن مقتضى هذه الأحكام مجتمعة أن القانون رقم 5 لسنة 1909 إنما تسري أحكامه على الموظفين والمستخدمين الذين يدخلون في خدمة الحكومة من تاريخ صدوره، فإذا كانوا معينين بصفة دائمة فيجري على ماهياتهم حكم الاستقطاع بنسبة 5% ويكون لهم الحق في معاش أو مكافأة تبعاً لمدة الخدمة، أما إذا كانوا معينين بصفة مؤقتة أو كانوا من الخدمة الخارجين عن هيئة العمال فتكون لهم الحق في مكافأة طبقاً للأحكام الواردة في القانون، أما القانون رقم 37 لسنة 1929 فلا تسري أحكامه إلا على الموظفين والمستخدمين الذين يدخلون في خدمة الحكومة من تاريخ صدوره إذا عينوا بصفة دائمة وكان يجرى على ماهياتهم حكم الاستقطاع وقد أجاز القانون المذكور للموظفين والمستخدمين المعينين بصفة دائمة وكانوا موجودين بالخدمة وقت صدوره أن يطلبوا الانتفاع بأحكامه إذا قدموا طلباً بذلك خلال فترة معينة، أما الموظفون والمستخدمون المعينون بصفة مؤقتة والخدمة الخارجين وهيئة العمال وهم الذين يطلق عليهم المستخدمون خارج الهيئة في حكم القانون رقم 210 لسنة 1951 فهؤلاء لا تنطبق عليهم أحكام القانون المذكور ويظلون خاضعين لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1909، ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا يصح القول بأن القانون رقم 37 لسنة 1929 جاء معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 وإنما الصحيح هو أنه كلاً من القانونين يستقل بمجال معين وبأحكام موضوعية متميزة. وبهذه المثابة، وطالما أن زوج المطعون ضدها كان عاملاً باليومية عند تعيينه بخدمة السكك الحديدية في 12 من نوفمبر سنة 1951 ثم عين في وظيفة خارج الهيئة على الدرجة الخصوصية 72/ 108 اعتباراً من يوم 5 سبتمبر سنة 1955 وظل شاغلاً هذه الدرجة إلى أن فصل من وظيفته اعتباراً من يوم وقفه عن العمل في 19 من نوفمبر سنة 1959 فإن المكافأة المستحقة له عند انتهاء خدمته إنما تخضع لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 وتخرج عن مجال تطبيق أحكام القانون رقم 37 لسنة 1929 وذلك اعتباراً بأن الوظيفة التي كان يشغلها تدخل في عداد وظائف الخدمة الخارجين عن هيئة العمال في مفهوم أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 والقانون رقم 37 لسنة 1929 السالفي الذكر.
إنه طبقاً لأحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 فإن كل موظف أو مستخدم أو صاحب معاش صدر عليه حكم في واقعة تعتبر جناية في قانون العقوبات أو في واقعة تزوير أو اختلاس أو غدر أو سلب الأموال بالاحتيال أو النصب أو خيانة الأمانة يسقط حقه في المعاش أو في المكافأة ولو بعد قيد المعاش أو تسوية المكافأة (المادة 60 من القانون) كذلك فإن العزل بالكيفية المنصوص عليها في اللوائح يوجب سقوط كل الحقوق في المكافأة (المادة 61 من القانون) ومن ثم فإن زوج المدعى عليها قد سقط حقه في المكافأة بارتكابه الجريمة التي أدانته فيها محكمة أمن الدولة بالحكم عليه في 4 فبراير سنة 1960 بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة مقدارها خمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته، والتي ترتب عليها صدور القرار بفصله من الخدمة اعتباراً من تاريخ وقفه عن العمل في 19 نوفمبر سنة 1959 وهذا الفصل يستتبع سقوط حق العامل في مكافأة نهاية الخدمة، كما يستتبع أيضاً سقوط حق المستفيدين عنه في حالة وفاته وذلك إعمالاً لنص المادتين 60، 61 السالفتي الذكر، وطالما أن القانون رقم 5 لسنة 1909 قد خلا من نص مماثل لما جاء في المادتين 55، 56 من القانون رقم 37 لسنة 1929 اللتين انتظمتا حكماً خاصاً بالمستفيدين من المعاش أو المكافأة بافتراض وفاة الموظف أو المستخدم إذا حكم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة - وبناء على ذلك فإن المطعون ضدها نعمات إبراهيم عبد الحافظ لا تستحق أي مقدار من مكافأة نهاية الخدمة التي كان يستحقها زوجها والتي سقطت جميع الحقوق فيها بارتكاب زوجها الجريمة السالفة الذكر وفصله من الخدمة تبعاً لذلك.
ليس ثمة محل في هذه المنازعة لإعمال حكم المادة 36 فقرة رابعة من القانون رقم 50 لسنة 1963 الخاص بالمعاشات والتي تقضي بسريان حكم الفقرة الأولى من المادة المذكورة على من حرم من المعاش أو سقط حقه فيه قبل العمل بأحكام هذا القانون، ذلك أنه وإن كانت الفقرة الأولى من المادة المذكورة قد قضت بعدم جواز حرمان المنتفع أو صاحب المعاش من المعاش أو المكافأة إلا بحكم تأديبي وفي حدود الربع، فإن الفقرة الرابعة من هذه المادة اقتصرت على سحب هذا الحكم على من حرم من المعاش أو سقط حقه فيه قبل العمل بأحكام القانون المذكور دون من سقط حقه في المكافأة وهو الأمر الذي يقتضي إعمال أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 في هذا الشأن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق