جلسة 20 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(139)
الطعن رقم 382 لسنة 34 القضائية
نقابات عمالية - انتخابات مجلس الإدارة - مراحلها - حدود اختصاص المحكمة الجزئية ومجلس الدولة - المواد 19، 36، 41، 44 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 معدلاً بالقانون رقم 1 لسنة 1981.
تمر العملية الانتخابية بمرحلتين - المرحلة الأولى: هي مرحلة الترشيح وتبدأ بتقديم طلب الترشيح وتنتهي بإدراج أسماء من تتوافر فيهم شروط الترشيح بالكشف المعد لذلك - هذه المرحلة سابقة على إجراء عملية الانتخاب - المرحلة الثانية: تبدأ بإعلان موعد الانتخابات وتنتهي بإعلان نتيجتها وفوز المرشحين - فرق المشرع بين إجراءات الترشيح وإجراءات الانتخاب - لا يسوغ القول بأن إجراءات الانتخاب تتضمن إجراءات الترشيح - أساس ذلك أن لكل مرحلة إجراءاتها الخاصة - اختصاص المحكمة الجزئية ينحصر في المرحلة الثانية طبقاً لنص المادة (44) من القانون رقم 35 لسنة 1976 المشار إليه - يختص مجلس الدولة بالمنازعات المتعلقة بالمرحلة الأولى - تطبيق. (1).
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 6/ 1/ 1988 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 382 لسنة 34 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 7/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 242 لسنة 42 ق، والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، وبقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بقبول الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم أصلياً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى واختصاص المحكمة الجزئية واحتياطياً برفض طلب وقف التنفيذ، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقدم السيد الأستاذ المستشار عادل الشربيني مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 20/ 1/ 1992 والجلسات التالية حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة التي نظرته بجلسة 24/ 1/ 1993 وبالجلسات التالية لها حسبما هو موضح بمحاضر جلساتها، وقررت إصدار الحكم بجلسة 2/ 5/ 1993 ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 20/ 6/ 1993 لإتمام المداولة وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 242 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بعريضة أودعت قلم كتاب هذه المحكمة طلبوا في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الوزاري الصادر من المدعى عليه الثاني (الطاعن الثاني) باستبعاد أسمائهم من كشوف المرشحين للجنة النقابية بشركة السكر والتقطير المصرية عن الدورة 87/ 1991 على أن يكون التنفيذ بمسودة الحكم الأصلية حيث ستجرى الانتخابات في 24/ 10/ 1987، وفي الموضوع بإلغائه مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، على سند من القول أنهم تقدموا بطلبات للترشيح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين بشركة السكر والتقطير المصرية وأرفقوا المستندات اللازمة وفقاً لما نصت عليه المادة 36 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بإصدار قانون النقابات العامة، وبتاريخ 8/ 10/ 1987 أرسل المدعى عليه الثاني خطاباً للمشرف على الانتخابات بطلب استبعادهم بمقولة أنهم من شاغلي وظائف الإدارة العليا، وفي حين أن الثابت من الشهادة الصادرة من السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المؤرخة 8/ 10/ 1987 إن المدعين ليسوا من شاغلي وظائف الإدارة العليا.
وبجلسة 7/ 11/ 1987 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه، وألزمت الجهة الإدارية العليا مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتقدم تقريراً بالرأي القانوني في طلب الإلغاء، وشيدت قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، على أن الاختصاص في الفصل في المنازعات التي تدور حول إجراءات الترشيح ومنها الطعن في قرار الاستبعاد من كشوف المرشحين ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري باعتباره صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية طبقاً لأحكام الدستور وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ويقتصر اختصاص المحاكم الجزئية طبقاً لنص المادتين 41، 44 من القانون رقم 35 لسنة 1976 على إجراءات الانتخابات وحدها دون إجراءات الترشيح، وأضافت المحكمة أن المستفاد من أحكام القانون رقم 35 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1981 أنه يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية ألا يكون من شاغلي أحد الوظائف العليا، وأن الثابت حسب الظاهر من الأوراق أن المدعي الأول يشغل وظيفة "كبير أخصائيين مبيعات" وهي مجموعة من الوظائف التخصصية والإدارة الوسطي، وأن باقي المدعين يشغلون وظيفة "كبير كتابين شئون مالية" وهي من مجموعة الوظائف المكتبية والإدارة المباشرة، ومن ثم فإن المدعين لا يعتبرون من شاغلي الوظائف العليا، ويكون القرار المطعون فيه غير قائم - بحسب الظاهر - على أسباب سائغة صحيحة الأمر الذي يرجع معه إلغاؤه عند الفصل في طلب الإلغاء ويتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من حرمان المدعين من مباشرة أحد حقوقهم السياسية التي كفلها الدستور.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك للأسباب الآتية: -
أولاً: طبقاً لصريح نص المادة 44 من القانون رقم 35 لسنة 1976 المعدلة بالقانون رقم (1) لسنة 1981 فإن المحكمة غير مختصة ولائياً بنظر الدعوى، ولا وجه للتفرقة بين مرحلتي الترشيح والانتخاب ولا يمكن الفصل بينهما باعتبارهما عملية واحدة لا تقبل التجزئة.
ثانياً: القرار المطعون فيه سليم، إذ يشترط فيمن يكون عضواً في اللجنة النقابية وفقاً لأحكام المادة 19 من القانون رقم 35 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم (1) لسنة 1981 ألا يكون من العاملين الشاغلين لإحدى وظائف الإدارة العليا في الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة والقطاع العام، ولما كانت وظائف الإدارة العليا طبقاً للقانون رقم 48 لسنة 1978 هي تلك الوظائف التي يبلغ ربطها السنوي 1200 جنيهاً، وكان الثابت أن المطعون ضدهم يشغلون وظائف يزيد ربطها السنوي عن 1200 جنيهاً، فإنهم يكونوا قد افتقدوا أحد الشروط الواجب توافرها للترشيح للانتخابات، ويكون القرار الصادر باستبعادهم سليماً في محله ولا مطعن عليه ويكون ركن الجدية غير متوافر في طلب وقف تنفيذ القرار.
ثالثاً: تخلف ركن الاستعجال فقد أجريت الانتخابات فعلاً في 24/ 10/ 1987 وصدر الحكم المطعون فيه بجلسة 7/ 11/ 1987 أي بعد إتمام العملية الانتخابية.
ومن حيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن، وهو عدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى واختصاص المحكمة الجزئية، فإن قضاء هذه المحكمة، وأيضاً قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن مجلس الدولة أضحى بما عقد له من اختصاصات بموجب المادة 172 من الدستور والمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي بحيث لا تنأى منازعة إدارية من اختصاص مجلس الدولة إلا بنص خاص في القانون مع الأخذ في الاعتبار أن القرارات الإدارية التي ورد النص عليها صراحة في المادة العاشرة إنما ورد على سبيل المثال لا الحصر، مما يعني أن غير هذه القرارات الإدارية يدخل أيضاً في اختصاص محاكم مجلس الدولة، والقول بغير ذلك ينطبق على مخالفة للدستور والقانون، ولا يعني ذلك غل يد المشرع عن إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية التأديبية إلى جهات قضائية أخرى على أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء من الأصل المقرر بالمادة 172 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصها وتنظيم تشكيلها.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 35 لسنة 1976 بإصدار قانون النقابات العمالية المعدلة بالقانون رقم (1) لسنة 1981 تنص على أن "يشترط فيمن يكون عضواً في اللجنة النقابية ما يلي : -
هـ) ألا يكون من بين الفئات الآتية: 1 - ........ 2 - العاملين الشاغلين لإحدى الوظائف العليا في الحكومة ووحدات الحكم المحلي والهيئات العامة والقطاع العام".
وتنص المادة 36 من هذا القانون على أنه "يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة منظمة نقابية ما يلي: أ - ...... ب - ......... د - أن يكون عضواً بالجمعية العمومية للمستوى المطلوب تشكيله، أو عضواً بمجلس إدارة اللجنة النقابية إذ كان الترشيح للنقابة العامة أو عضواً بمجلس إدارة النقابية إذا كان الترشيح للاتحاد العام لنقابات العمال. هـ ....."
وتنص الفقرة الأخيرة من المادة (41) من القانون المذكور على أن "وتحدد مواعيد وإجراءات الترشيح والانتخاب لمجالس إدارة المنظمات النقابية بقرار يصدر من الوزير المختص بعد موافقة الاتحاد العام لنقابات العمال.
وتنص المادة (44) من القانون سالف الذكر على أن "تعلن نتيجة انتخاب مجالس إدارة المنظمات النقابية بانتهاء عملية فرز الأصوات وذلك بتعليقها في مكان ظاهر أو أكثر في مقر المنظمة النقابية وفي مقر لجان الانتخاب والاتحاد العام لنقابات العمال وذلك بناء على الثابت من محاضر اللجان المشرفة على الانتخابات، ويجوز لكل ذي مصلحة من أعضاء المنظمة النقابية الطعن أمام المحكمة الجزئية المختصة في نتيجة الانتخابات أو في إجراءاته خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان النتيجة طبقاً للفقرة السابقة.
ومن حيث إنه قد نظم قرار وزير القوى العاملة والتدريب المهني للقرار رقم 30 لسنة 1976 بشأن إجراءات الترشيح والانتخابات لتشكيلات المنظمات النقابية العمالية في المواد أرقام 3، 4، 5، 6، 7، 8 إجراءات الترشيح بدءاً من تقديم طلب الترشيح إلى مديرات القوى العاملة، وممن يتقدم، وما يشتمله طلب الترشيح من بيانات، والمستندات الواجب إرفاقها بالطلب، واختبارات القراءة والكتابة للمرشحين غير الحاصلين على مؤهلات دراسية وإعلان كشوف أسماء المرشحين، ثم نص في المادة (9) منه على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة التظلم من إجراءات الترشيح وذلك بطلب يقدم لمديرية القوى العاملة المختصة في الموعد البين بالجدول الزمني للانتخاب ويتم عرض التظلم على اللجنة العاملة لبحثه والبت فيه خلال المدة المبينة بالجدول الزمني، وقد نظمت المواد من 10 إلى 16 من القرار الوزاري المذكور في إجراءات الانتخاب سواء ما يتعلق بتحديد موعدها أو تشكيل لجانها وعملية الفرز حتى إعلان نتائج الانتخاب.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص السابقة أن العملية الانتخابية تمر بمرحلتين متميزتين وإن كانتاً يتكاملان لبلوغ غايتهما الواحدة وهي إعلان أسماء الفائزين في الانتخابات والمرحلة الأولى تبدأ بتقديم طلب الترشيح لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية وتنتهي بإدراج أسماء من تتوافر فيهم شروط الترشيح بالكشف المعد لذلك، وهي مرحلة سابقة على إجراء عملية الانتخابات وتبدأ المرحلة الثانية بإعلان موعد الانتخابات وتنتهي بإعلان نتيجتها وفوز المرشحين بعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية، وبهذا يكون المشرع قد فرق في وضوح بين إجراءات الترشيح وإجراءات الانتخاب مما لا يسوغ معه القول بأن إجراءات الانتخاب تشمل وتتضمن إجراءات الترشيح، إذ أن لكل مرحلة استقلالها وإجراءاتها الخاصة وإن كان الترشيح يؤدي حتماً إلى عقد إجراءات الانتخابات والطعن عليه يؤدي إلى إلغائه قانوناً في النتيجة ويكون إذا كان قد تم الانتخاب بناء على إجراءات ترشيح غير صحيحة سنداً لبطلان الانتخاب حيث يتعين أن تكون العملية متكاملة في إطار الشرعية وسيادة القانون، ومؤدى ذلك أن عقد الاختصاص في الطعن في إجراءات الانتخاب أو نتيجته أمام المحكمة الجزئية طبقاً لنص المادة 44 من القانون المشار إليه يقتصر فقط - باعتباره استثناء - على إجراء الانتخاب دون أن تتعدى ذلك إلى إجراءات الترشيح التي تخضع لاختصاص محاكم مجلس الدولة وهو أن محاكم مجلس الدولة هي التزاماً بالأصل العام الذي نص عليه الدستور في المادة (172) منه ونظمه القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة وهو أن محاكم مجلس الدولة هي صاحبة الولاية العامة في المنازعات الإدارية ولا يغير من هذا النظر القول بأن المادة 20 من القانون رقم 35 لسنة 1976 قد جعلت اختصاص النظر في الطعن على قرار رفض طلب الانضمام إلى النقابة العامة للمحكمة الجزئية إذ أن ذلك النص يؤكد وجهة النظر أن المشرع في كل حالة يريد فيها الخروج على الأصل العام، ينص صراحة على ذلك، كما فعل في المادتين 69، 70 من القانون المذكور عندما جعل الاختصاص بنظر الطعون المقامة بشأن حل مجلس إدارة المنظمة النقابية للمحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها مقر المنظمة النقابة.
ومن حيث إنه يؤكد ما سلف بيانه أن الظاهر والبادي من النصوص سالفة الذكر وتركيزها على أنواع محددة من المنازعات وأناطتها بالمحاكم العادية والحكمة من ذلك أن المشرع قصد بالنسبة إليها مجرد تيسير التقاضي على الأفراد لوجود المحاكم العادية في جميع المحافظات دون أن يتوافر ذلك لمحاكم مجلس الدولة وحيث تكون هذه المنازعة أيضاً تقتضي بعض السرعة في حسمها نسبياً وهو ما يوفره قرب المحكمة من موقع النزاع وهذا الظاهر فيما يتعلق بالانتخابات النقابية حيث تجرى في دائرة المحاكم العادية وتتوفر مستنداتها وأوراقها أيضاً بسرعة وسهولة عن التوجه إلى محاكم مجلس الدولة غير المتوفرة في كل المحافظات بينما الترشيح وهو يسبق الانتخابات يمكن أن يتصل بمحاكم مجلس الدولة لوجود وقت يسمح بالفصل في المنازعات في قاضيها الطبيعي دون إخلال بالسرعة الواجبة نسبياً فضلاً عن أن الأساس في سلامة وشرعية الانتخابات يمكن أولاً وأساساً في سلامة إجراءات الترشيح وإعداد القوائم القانونية السليمة التي تشمل من تتوافر فيهم الشروط التي حددها القانون وهو ما يؤثر حتماً بحسب المآل في سلامة العملية الانتخابية ذاتها.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها، قد أصاب في النتيجة التي انتهى إليها صحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الدفع.
ومن حيث إنه عن السببين الثاني والثالث من أسباب الطعن، وحاصلهما أن القرار المطعون فيه سليم مما يعني تخلف ركن الجدية اللازم توافره للقضاء بوقف تنفيذه بالإضافة إلى تخلف ركن الاستعجال، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول توافر شروط الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه والثاني أن يقوم الطلب بحسب الظاهر على أسباب جدية.
ومن حيث إنه عن مدى توفر ركن الاستعجال اللازم توافره إلى جانب ركن الجدية للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، فإنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة حيث إن الثابت من الأوراق أن الانتخابات قد أجريت فعلاً بتاريخ 24/ 10/ 1987 أي منذ ما يقرب على ست سنوات كاملة فإنه وأياً ما كان الرأي السديد في موضوع النزاع ومدى اعتبار الطاعنين من شاغلي وظائف الإدارة العليا من عدمه - فإن وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون غير مجد عملاً بعد أن أجريت الانتخابات محل الطعن فعلاً، ولم يعد ممكناً قانوناً أو واقعاً تدارك الواقع الماثل ومنع ضرر عن طريق القضاء بوقف التنفيذ وتداركه وذلك بعد أن نص على صدور هذا القرار وتنفيذه هذه لسنوات عديدة حتى تاريخ الفصل في هذا الطعن.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم، فإن ركن الاستعجال اللازم - للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - لم يعد متوافراً كما كان الأمر في دعوى الطاعنين أمام محكمة القضاء الإداري مما يتعين معه الحكم برفض هذا الطلب لهذا السبب، وأن ثمة محل قانوناً لبحث ركن الجدية أمام محكمة أول درجة على النحو الذي تضمنته مدونات هذا الحكم باعتبار أن بحث الجدية من ظاهر الأوراق شرط أساسي وجوهري للفصل في مدى وقف تنفيذ القرارات الإدارية المخالفة للقانون والتي يقتصر الولاية في القضاء به لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لأحكام المادة (172) من الدستور والقانون رقم 47 لسنة 1972 بتنظيم مجلس الدولة، إلا أنه يتوافر انتفاء حالة الاستعجال حالياً بعدم وجود ما يمكن تداركه بوقف التنفيذ من آثار القرار المطعون فيه - وفقاً لما يكون ثابتاً من ظاهر الأوراق - فإنه لا يجعل ثمة مبرر للخوض في بحث ركن الجدية وهو يتعلق أساساً بمشروعية القرار المطعون فيه حيث إن هذا بذاته هو محل ومدار ومناط الفصل في طلب إلغاء القرار ذاته عند الفصل في دعوى الإلغاء أو في الموضوع أمام محكمة أول درجة وتحت رقابة هذه المحكمة حيث يتوفر لمحكمة الإلغاء كل الإمكانيات القانونية الواقعية اللازمة لتسليط رقابة المشروعية بصورة موضوعية وكاملة على القرار الإداري المطعون فيه بعد البحث والتحقيق والتدقيق في وقائع النزاع مما يكفل القول الفصل لصحيح حكم القانون بناء على التحديد الكامل والصحيح لواقعات النزاع على نحو من المفروض أنه لا يتوفر في إجراءات الفصل في طلب وقف التنفيذ الذي يتم بحسب الظاهر من الأوراق لطبيعته المستعجلة دون البحث والتعمق والتحقيق والتدقيق في وقائع النزاع وجوانبه القانونية كما هو الواجب الحتمي الذي يفرضه النظام العام القضائي لمجلس الدولة بحسب تنظيمه في القانون رقم 47 لسنة 1972 لإجراءات الفصل في دعوى الإلغاء.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق جميعه وإذ يدور النزاع أساساً سواء في وقف التنفيذ أو في الإلغاء على مسألة قانونية بحتة وهي مدى اعتبار الوظائف التي يشغلها المدعون من وظائف المحكمة الإدارية العليا - وهذه المسألة القانونية هي وحدها مناط الحكم في الحالتين، إذ انتهت المحكمة المطعون في حكمها إلى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم مشروعية القرار بحسب الظاهر فإن حكمها يكون قد جانب الصواب لزوال ركن أو حالة الاستعجال على النحو الذي اشترطه القانون عند الفصل في هذا الطعن حسبما سلف بيان ذلك، فمن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه لهذا السبب وحده دون حاجة إلى بحث ما ذهب إليه الحكم الطعين بشأن الجدية ومن ثم يتعين القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات.
(1) راجع الطعن رقم 361 لسنة 34 ق بجلسة 27/ 6/ 1993.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق