جلسة 13 من ديسمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، منصور وجيه وفهمي الخياط.
--------------------------
(206)
الطعن رقم 353 لسنة 46 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التنازل عن الإيجار".
المنع من التأجير من الباطن يقتضي المنع من التنازل. م 594/ 1 مدني لا تحول دون ظهور نية المنع الصريحة من أحدهما دون الأخرى. استقلال محكمة الموضوع باستخلاصها متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.
(2) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد".
ورود النعي على أسباب الحكم الابتدائي. عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الاستئناف. اعتباره سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
عدم النص في منطوق الحكم على ما أثاره الطاعن من عدم قبول الدعوى. رفض هذا الدفع في الأسباب بصيغة صريحة. لا عيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 6441 لسنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم على المطعون ضده من الثاني إلى الرابعة إخلائهم من العين المؤجرة لمورثهم المرحوم..... وذلك في مواجهة الطاعن تأسيساً على أن المورث المذكور استأجر منه الشقة المبينة بالصحيفة بموجب عقد مؤرخ 17/ 3/ 1972 صرح له فيه بالتأجير من الباطن دون التنازل عن الإيجار، وبعد وفاته تنازل عنها المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابعة للطاعنة بغير موافقته مخالفين بذلك شروط عقد الإيجار والقانون 52 لسنة 1969، وبتاريخ 18/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإخلاء عين النزاع من المدعى عليهم في الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1745 لسنة 92 ق طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة واحتياطياً برفضها، وبتاريخ 11/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، في بيان ذلك يقول إن عقد إيجار عين النزاع المؤرخ 17/ 3/ 1972 نص في بنده السادس المطبوع على حظر التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار ثم أضاف إليه الطرفان بتاريخ 1/ 7/ 1972 بنداً يتضمن التصريح للمستأجر بالتأجير من الباطن بما يدل على اتجاه نيتهما إلى العدول عن الحظر الوارد في البند السادس من العقد ويعتبر - طبقاً للمادة 594/ 1 من القانون المدني - تصريحاً للمستأجر بالتنازل عن الإيجار، إذ لو كانت نية الطرفين قد اتجهت إلى حظر التنازل لنصا على ذلك صراحة، ومما يؤكد نيتهما إلى اعتبار التنازل والتأجير من الباطن عبارتين مترادفتين لمعنى واحد أن البند السادس من العقد ينص على أنه إذا صرح المؤجر بالتنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن يكون المستأجر الأصلي ومن حل محله أو استأجر من باطنه متضامنين في دفع الإيجار وتنفيذ شروط العقد، إلا أن حكم محكمة أول درجة قد خالف هذا النظر واعتبر أن التصريح للمستأجر بالتأجير من الباطن لا يقتضي التصريح له بالتنازل عن الإيجار المحظور بالبند السادس وإذ أيده الحكم المطعون فيه فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 594/ 1 من القانون المدني على أن "منع المستأجر من أن يؤجر من باطنه يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس"، لا يمنع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني - من ظهور نية صريحة في المنع من أحد السببين دون الآخر، وكان من المقرر أن تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارات الاتفاق تحتمل المعنى الذي حصلته، لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه قد استدل على قيام الشرط المانع من التنازل عن الإيجار من النص الصريح عليه في البند السادس من عقد الإيجار المؤرخ 17/ 3/ 1972 ومن قصر الإذن للمستأجر الأصلي في البند الإضافي على التأجير من الباطن فقط، وهذا الذي استند إليه الحكم يتفق مع عبارة العقد الواضحة ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تفسير العقد مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى بطلب الحكم بإخلاء المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابعة من عين النزاع وذلك في مواجهة الطاعن، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه حكم بإخلاء العين المؤجرة من المدعى عليهم جميعاً، وفي ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم يبطل الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان هذا السبب وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع، وهو دفاع يخالطه واقع لما يستلزم من مقارنة ما تناوله قضاء محكمة الدرجة الأولى بطلبات المدعي الختامية أمامها لبيان ما بينها من تطابق واختلاف ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية، فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع في صحيفة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة ومع ذلك فقد تجاهل الحكم المطعون فيه هذا الدفع ولم ينص في منطوقه على رفضه أو قبوله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد عرض في أسبابه للدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة وفصل فيه فصلاً قاطعاً برفضه ولا يعيبه عدم نصه في منطوقه على رفض هذا الدفع ما دام قد نص عليه في أسبابه بصيغة صريحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق