جلسة 28 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(89)
الطعن رقم 2426 لسنة 33 القضائية
ترخيص - ترخيص بناء - قرار إزالة المباني غير المرخص بها - ركن الشكل في هذا القرار.
المادتان 15، 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء قبل تعديل المادة 16 بالقانون رقم 30 لسنة 1983.
يمثل إزالة المباني غير المرخص بها مساساً خطيراً بالملكية الخاصة للأفراد الذين أقاموها - يتعين أن يتم اتخاذ إجراء الإزالة الإداري النافذ بإرادة السلطة الإدارية المختصة وحدها بعد العرض على اللجنة التي استلزم المشرع أن تنظر الأمر وتبحثه من جميع جوانبه الفنية والهندسية والقانونية على نحو يتفق معه حماية النظام العام للمباني والترخيص بشأنها وتعديلها أو إزالتها ويكفل في ذات الوقت صحة الوقائع المتعلقة بالمخالفة التي تقتضي الإزالة وسلامة القرار قانونياً وهندسياً قبل صدوره وتنفيذه بما يحقق الحماية والحصانة الواجبة للملكية الخاصة التي حماها
الدستور ونظم كيفية عدم المساس بها إدارياً إلا بالطرق المشروعة وللصالح العام وبعد البحث والفحص والتحقق والتثبت من سلامة التطبيق القانوني وصحة وجود الوقائع الموجبة للإزالة وتحت رقابة محاكم مجلس الدولة على مشروعية القرار وسلامته.
نتيجة ذلك: يتعين أن تتضمن الأوراق التي يصدر بناء عليها قرار الإزالة محضر اجتماع اللجنة المشار إليها وأسماء الحاضرين وصفاتهم وما عرض عليها من محاضر لوصف الواقعة محل بحثها وما قررته وأسباب وأسانيد قرارها الواقعية والقانونية - من الضروري وقد تطلب القانون العرض على اللجنة وموافقتها وهو إجراء جوهري لازم لصحة القرار فيجب حينئذ مراعاة أن يستوفى ذلك القرار الشكل الذي يتطلبه القانون - أساس ذلك: أن الشكل في هذه الحالة يمثل ضمانة جوهرية للملكية الخاصة وللصالح العام فيما يتعلق بجواز إزالة المباني غير المرخصة - نتيجة ذلك: لا يكتفي بأن رئيس اللجنة وقع على القرار دون أن تقدم محاضر اجتماعات اللجنة أو يوضح القرار إن ثمة لجنة مشكلة تشكيلاً صحيحاً على النحو الوارد بالمادة 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 أو يوضح القرار والمستندات المقدمة من الجهة الإدارية أسماء أعضاء اللجنة الإدارية وصفاتهم - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 26 من مايو 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن محافظ القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بجلسة 2/ 4/ 1987 في الدعوى رقم 807 لسنة 36 ق والذي قضى بإلغاء القرار رقم 3 لسنة 1981 المطعون فيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعين والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول
الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه
وبرفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
قدم السيد الأستاذ........ المستشار مفوض الدولة تقرير
بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول
الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية
المصروفات.
وبعد أن تم إعلان الطعن قانوناً، عينت جلسة 16/ 12/ 1991 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة بجلسة 7/ 12/ 1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 17/ 1/ 1993 وفي جلسة 31/ 1/ 1993 تقرر النطق بالحكم بجلسة 28/ 2/ 1993 مع مذكرات لمن يشاء خلال عشرة أيام، وفات ذلك الأجل ولم يقدم شيء ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 28/ 3/ 1993 لإتمام المداولة بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 2/ 1/ 1982 أقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 807 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد) بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة وطلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وبإلغاء القرار رقم 9 لسنة 1981 بإيقاف الأعمال بالعقار رقم 56 بميدان الجمهورية المملوك للمطعون ضدهم والقرار رقم 3 لسنة 1981 الصادر بهدم الخرسانة المسلحة بذات العقار. وقالوا شرحاً لدعواهم أنهم يمتلكون العقار رقم (56) شارع الجمهورية قسم عابدين، وأن منطقة الإسكان بمحافظة القاهرة عاينت العقار المذكور وانتهت إلى وجود خلل به يقتضي ضرورة تنكيسه بشكل شامل وصدر القرار رقم 13 لسنة 1981 بذلك، وبدأوا في تنفيذ ذلك واستبدلوا عروق الأسقف الخشبية المتفحمة بأسقف خرسانية، إلا أنهم فوجئوا بصدور القرارين المطعون فيهما.
ونعى المدعون على هذين القرارين مخالفتهما لأحكام القانون لأنهم قاموا بتنفيذ أعمال التنكيس تحت إشراف مهندسة الحي ودون اعتراض منها. وأن ما قاموا به من أعمال كان مطابقاً لما اعتبره المشرع ترميماً وفق نصوص اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ناحية أخرى فإن القرارين المطعون فيهما لم يعرضا على اللجنة المنصوص عليها في المواد 56، 57، 58 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فضلاً عن أنهم تظلموا إلى لجنة التظلمات المنصوص عليها في المادة (15) من القانون رقم 106 لسنة 1976 - ومع ذلك صدر قرار الهدم.
وبجلسة 3/ 11/ 1983 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بوقف تنفيذ القرار رقم 3 لسنة 1981 وألزمت الإدارة مصروفات الطلب، وبرفض وقف تنفيذ القرار رقم 9 لسنة 1981 وألزمت المدعين مصروفات هذا الطلب.
وبعد أن تم تحضير الدعوى وأودع مفوض الدولة بمحكمة القضاء الإداري تقريراً بالرأي القانوني في الشق الموضوعي، أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل وقضت بإلغاء القرار رقم 3 لسنة 1981 المطعون فيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الجهة الإدارية والمدعين بالمصروفات مناصفة.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للقرار رقم 3 لسنة 1981 - بهدم الخرسانات المسلحة على أنه يشترط لصحة صدور قرار الإزالة موافقة اللجنة المشكلة طبقاً للمادة (15) من القانون رقم 106 لسنة 1976 قبل تعديلها، وهو ما لم يراع بالنسبة للقرار المشار إليه مما يجعله مخالفاً للقانون وبالنسبة للقرار رقم 9 لسنة 1981 - بوقف الأعمال المخالفة - أقامت المحكمة قضاءها على أن المدعين لم يحصلوا على الترخيص اللازم من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم ومن ثم يكون القرار صدر على أساس صحيح.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن الثابت من صورة القرار رقم 3/ 1981 - بإزالة الأعمال المخالفة - توقيع اللجنة بتاريخ 16/ 12/ 1981 وهو ما يقطع بعرض القرار على اللجنة وفضلاً عن ذلك فإن القانون لم يتضمن نصاً بوجوب أن يزيل قرار الإزالة بتوقيع جميع أعضاء اللجنة - بل يكفي توقيع من يمثل اللجنة وهو رئيسها للتأكد من عرض الأعمال المخالفة على اللجنة، ولذلك فإنه كان يتعين رفض الدعوى، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير ذلك يكون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن طعن الجهة الإدارية الماثلة يقتصر - بطبيعة الحال - على ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار رقم 3 لسنة 1981 الصادر من رئيس حي غرب القاهرة بهدم الخرسانات المسلحة بالعقار رقم 56 بميدان الجمهورية المملوك للمطعون ضدهم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن منطقة الإسكان والتعمير كانت قد أجرت معاينة للعقار رقم 56 المشار إليه وتبين لها وجود خلل به يقتضي تنكيسه وعند إجراء ذلك التنكيس قام المطعون ضدهم بتغيير الحوائط الحاملة وكذا الأسقف الخشبية إلى هياكل خرسانية دون الحصول على الترخيص اللازم من الجهة الإدارية المختصة، عملاً بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، ومن ثم أصدر رئيس حي غرب القاهرة القرار المطعون فيه بإزالة الأعمال أي هدم الخرسانات المسلحة.
من حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه وفقاً لصريح حكم المادة (64) من الدستور فإن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة تخضع الدولة للقانون وفقاً لأحكام المادة (65) من القانون وقد نص الدستور كذلك على أن الملكية الخاصة مصونة وبالتالي فإنه إذ نظم المشرع القواعد المتعلقة بالترخيص بالمباني، أو بإزالتها وحدد السلطات المختصة بتقرير ذلك فإنه يتعين أن تلتزم الجهات الإدارية المختصة بالقواعد والإجراءات التي حددتها تلك القوانين واللوائح فيما يمس الملكية الخاصة وعدم الإخلال بالضمانات الجوهرية التي اشترطها المشرع ضماناً لحماية المصلحة العامة والملكية الخاصة في ذات الوقت.
ومن حيث إن المادة (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والتي ينطبق حكمها على الواقعة الماثلة - قبل تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - تنص على أنه "يكون للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بقرار مسبب يصدر بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة - أن تقوم بإزالة المباني أو أجزائها التي تقام بدون ترخيص بعد تاريخ العمل بهذا القانون، إذا كان يترتب على بقائها الإخلال بمقتضيات الصالح العام، ولم يقم المالك بالتنفيذ خلال المدة المناسبة التي تحددها له تلك الجهة".
ومن حيث إن المادة (15) من القانون المذكور قد نصت على أن "لذوي الشأن التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.........
وتختص بنظر هذه التظلمات لجنة تسمى لجنة التظلمات......... ويصدر بتشكيل هذه اللجنة قرار من المحافظ المختص ويشترط لصحة انعقادها حضور رئيسها وثلاثة على الأقل من أعضائها من بينهم أثنين من المهندسين.
ولما كانت إزالة المباني غير المرخص بها يمثل مساساً خطيراً بالملكية الخاصة للأفراد الذين أقاموها ويتعين أن يتم اتخاذ إجراء الإزالة النافذ بإرادة السلطة الإدارية المختصة وحدها بعد العرض على اللجنة التي استلزم المشرع أن تنظر الأمر وتبحثه من جميع جوانبه الفنية والهندسية والقانونية على نحو يتحقق معه حماية النظام العام للمباني والترخيص بإنشائها وتعديلها أو إزالتها ويكفل في ذلك الوقت صحة الوقائع المتعلقة بالمخالفة التي تقتضي الإزالة وسلامة القرار قانونياً وهندسياً قبل صدوره وتنفيذه بما يحقق الحماية والحصانة الواجبة للملكية الخاصة التي حماها الدستور ونظم كيفية عدم المساس بها إدارياً إلا بالطرق المشروعة وللصالح العام وبعد البحث والفحص والتحقق والتثبت من سلامة التطبيق القانوني وصحة وجود الوقائع الموجبة للإزالة وتحت رقابة محاكم مجلس الدولة على مشروعية القرار وسلامته ومن ثم فإنه يتعين أن تتضمن الأوراق التي يصدر بناء عليها قرار الإزالة محضر اجتماع اللجنة المشار إليها وأسماء أعضائها الحاضرين وصفاتهم وما عرض عليها من محاضر لوصف الواقعة محل بحثها وما قررته وأسباب وأسانيد قرارها الواقعية والقانونية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 3 لسنة 1981 الصادر بإزالة الخرسانات المسلحة من العقار المذكور، لم يقدم بالأوراق ما يفيد رسمياً أنه قد تم عرضه على اللجنة المنصوص عليها في المادة (15) من القانون رقم 106 لسنة 1976، ومن ثم لا تكون الإدارة قد عمدت إلى حجب مستندات الإجراءات التي اتبعتها في إصدار قرارها عن رقابة محاكم مجلس الدولة عما ذهبت إليه اللجنة المختصة وما عرض عليها ومدى صحة اجتماعها لإصدار ما قررته واستند إليه قرار الجهة الإدارية المختصة ومن ثم فإنه وفقاً لما يبين من الأوراق حتى تاريخ حجز الطعن للحكم فإن قرار الإزالة محل الطعن يضحى اعتباره صادراً بدون موافقتها، وهو إجراء شكلي جوهري اشترطه القانون المذكور - قبل تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1983 - ومن ثم فإن مخالفة القرار للقانون ولفقدان القرار لهذا الشكل الجوهري الذي يمثل ضماناً وحصانة للملكية الخاصة يكون قد صدر باطلاً ومخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره طعن الجهة الإدارية من أن القرار المطعون فيه صدر مذيلاً بتوقيع رئيس اللجنة فقط، ذلك أنه من الضروري وقد تطلب القانون العرض على اللجنة وموافقتها وهو إجراء جوهري لازم لصحة القرار فيجب حينئذ مراعاة أن يستوفى ذلك القرار الشكل الذي يتطلبه القانون، لأن الشكل في هذه الحالة - يمثل ضمانة جوهرية للملكية الخاصة وللصالح العام فيما يتعلق بجواز إزالة المباني غير المرخصة، عنى المشرع النص عليها، ومن ثم فلا يكتفي بالقول بأن رئيس اللجنة وقع على القرار دون أن تقدم محاضر اجتماعات اللجنة أو يوضح القرار أن ثمة لجنة مشكله تشكيلاً صحيحاً على النحو الوارد بالمادة (15) من القانون رقم 106 لسنة 1976، كما لم يوضح القرار أو المستندات المقدمة من الجهة الإدارية أسماء أعضاء اللجنة وصفاتهم بل إن التوقيع الوارد بالقرار هو توقيع وحيد ورد تحت لفظ "اللجنة" وبجواره توقيع أخر غير مبين صفة صاحبه، الأمر الذي يجعل من المدعين اعتبار القرار المطعون فيه قد صدر غير مستوف للشكل الجوهري المتطلب قانوناً لصحته وسلامته ويستوجب الحكم بإلغائه، وغني عن البيان أن الجهة الإدارية في مكنتها إعادة النظر في إصدار القرار بمراعاة العرض على اللجنة المختصة على النحو الصحيح قانوناً وبمراعاة الشكل الصحيح والإجراءات المتطلبة قانوناً لو رأت مقتضى من الصالح العام لذلك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إلغاء القرار رقم 3 لسنة 1981 فإنه يكون صحيحاً فيما قضى به للأسباب سالفة البيان ويغدو الطعن فيه غير قائم على أساس صحيح ومن المتعين رفضه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق