الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 أغسطس 2023

الطعن 1641 لسنة 36 ق جلسة 7 / 6 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 142 ص 1465

جلسة 7 من يونيه سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: علي فكري حسن صالح، عبد السميع عبد الحميد بريك، الصغير محمد محمود بدران، محمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(142)

الطعن رقم 1641 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - استقالة ضمنية - حساب المواعيد الخاصة بها.
المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة هناك قرينتان قانونيتان: (الأولى): هي قرينة تقديم الاستقالة وهي مستفادة من واقعة الانقطاع عن العمل مدة متصلة تزيد على خمسة عشر يوماً أو مدة متقطعة تزيد على ثلاثين يوماً خلال السنة بدون إذن أو عذر مقبول بعد توجيه الإنذار المشار إليه في النص - (أما القرينة الثانية): فهي قرينة قبول الاستقالة وهي مستفادة من انقضاء مدة الشهر التالي للانقطاع دون اتخاذ إجراءات تأديبية خلالها - قرينة قبول الاستقالة لا تتحقق إلا بعد تحقق قرينة تقديم الاستقالة بانقضاء مدة الانقطاع المتصل أو المنقطع - المقصود بالانقطاع الذي يبدأ منه ميعاد الشهر في الاستقالة الضمنية يكون من تاريخ اكتمال مدة الانقطاع التي تتحقق بها قرينة تقديم الاستقالة وهو اليوم السادس عشر من الانقطاع المتصل أو اليوم الحادي والثلاثين من الانقطاع المتقطع أو غير المتصل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 5/ 4/ 1990 أودع الأستاذ/..... المحامي وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1641 لسنة 36 ق ع ضد كل من وزير العدل ورئيس الإدارة المركزية لشئون الخبراء بصفتيهما في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) في الدعوى رقم 1512 لسنة 39 ق بجلسة 26/ 2/ 1990 والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على ما هو مبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قررت بجلسة 16/ 12/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - وقد نظرت هذه المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث استمعت المحكمة إلى ما ارتأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وملاحظات الطرفين وقدم الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته، وبجلسة 8/ 3/ 1994 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23/ 12/ 1984 أقام الطاعن (المدعي أصلاً) الدعوى رقم 1512 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً في ختام عريضتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 4541 لسنة 1984 الصادر من وزير العدل بتاريخ 13/ 10/ 1984 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتباراً من 11/ 6/ 1984 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك على سند من القول إنه كان يعمل خبيراً بوزارة العدل - مكتب شبين الكوم - وأعير للعمل بالشركة السعودية الموحدة للكهرباء لمدة ثماني سنوات وأنه تقدم بطلب لتجديد إعارته إلا أنه فوجئ برفض الجهة الإدارية وبإنذاره بضرورة عودته فور انتهاء إعارته التي جاء في الإنذار أنها تنتهي في 10/ 6/ 1984 على خلاف الحقيقة، وتم التنبيه عليه رسمياً بضرورة العودة واستلام العمل فور انتهاء العام الثامن من 10/ 6/ 1984، وأنه تم إنذاره عدة مرات بضرورة العودة، وحددت له موعداً للعودة غايته 30/ 8/ 1984 وإلا ستتخذ إجراءات إنهاء خدمته طبقاً للقانون.
واستطرد المدعي قائلاً إنه تقدم بالتماسات عديدة لتجديد إعارته لمدة عام آخر لعدم إمكانه إخلاء طرفه وعدم موافقة الشركة السعودية على إنهاء خدمته بها، وطلبت الشركة أكثر من مرة من وزارة العدل الموافقة على تجديد إعارته لعدم إمكان الاستغناء عنه بسبب وجود متعلقات لديه للشركة، إلا أن الوزارة لم توافق، وفوجئ بكتاب مصلحة الخبراء رقم 4525 في 21/ 10/ 1984 المتضمن صدور القرار رقم 4541 لسنة 1984 بإنهاء خدمته اعتباراً من 11/ 6/ 1984 لانقطاعه عن العمل، وقد تظلم من هذا القرار ولما لم يتلق رداً على تظلمه أقام دعواه بطلباته سالفة الذكر، وأودع حافظة مستندات كما أودعت الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة بالرد على الدعوى.
ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 26/ 2/ 1990 أصدرت حكمها المطعون فيه - السالف الإشارة إلى منطوقه - تأسيساً على أن إعارة المدعي المرخص بها لمدة جاوزت الثماني سنوات قد انتهت في 10/ 6/ 1984، وإذ قدم المدعي عدة طلبات لتجديد إعارته لعام آخر للأسباب التي أبداها ولم توافق الجهة الإدارية على تجديد الإعارة، وأخطرته بذلك وبضرورة العودة، وإزاء عدم عودته تم إنذار عدة مرات ثم أصدرت قرار إنهاء خدمته لانقطاعه عن العمل ومن ثم تكون الجهة الإدارية أصدرت القرار المشار إليه وفقاً للقانون وبني على أسبابه المبررة له مما يجعل الطعن عليه غير قائم على سند من القانون جديراً بالرفض، وأنه لا ينال من ذلك ما أبداه المدعي من أن عدم عودته لم يكن راجعاً إلى عزوفه عن الوظيفة ولكن بسبب عدم تمكنه من العودة، ذلك أن الجهة الإدارية قد أخطرته بضرورة العودة عقب انتهاء إعارته، وكان هذا الإخطار في شهر إبريل 1984 قبل انتهاء مدة الإعارة بمهلة زمنية كافية حتى لا يبادر بتجديد عقد استخدامه لدى الشركة المعار إليها، وأما ما جاء بمذكراته أنه كان مدين بمبلغ كبير للشركة نتيجة تسببه في إتلاف معدة ثقيلة فلم يوضح ماهية المعدة وهو يعمل بأعمال الميزانية والحسابات، مما يبين أن ما أبداه من أسباب لا تبرر حتمية استمراره في الإعارة لمدة سنة أخرى على النحو المبين تفصلاً بالحكم المشار إليه والذي انتهت فيه المحكمة إلى قضائها سالف الذكر.
وإذ لم يرتض الطاعن الحكم المتقدم فمن ثم أقام طعنه الماثل على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فضلاً عن القصور في الأسباب وذلك لما يلي:
أولاً: أن جهة العمل تعلم مقدماً سبب انقطاعه ووجود أسباب قهرية تبرر هذا الانقطاع وعدم إمكانه عودته إلى عمله بسبب رفض الشركة التي يعمل بها إخلاء طرفه وعدم تسليمه جواز سفره، ومن قم لا يتوفر في حالته الشرط الثاني من شروط انتهاء الخدمة وهو "ألا يبدي العامل أسباب تبرر الانقطاع عن العمل" وذلك لوجود أسباب قهرية تبرر انقطاعه وعدم إمكانه عودته إلى عمله.
ثانياً: أن أسباب انقطاع الطاعن معروفة لجهة الإدارة وهي طلب تجديد إعارته ورفض الشركة التي يعمل بها والسلطات السعودية السماح له بالعودة ومع هذه الأسباب تنتفي قرينة الاستقالة الضمنية، وكان يتعين أخذ هذه الأسباب في الاعتبار خاصة أن الأسباب التي اضطرته إلى البقاء هي الأسباب التي سافر من أجلها ابتداء، الأمر الذي يكون معه رفض تجديد الإعارة لعام آخر رغم موافقتها السنوات السابقة رفضاً لا مبرر له ويمثل انحراف بالسلطة يعيب القرار وبجعله محلاً للإلغاء.
ثالثاً: إن مجلس الوزراء قرر في جلسة 21/ 12/ 1975 عدم تقييد الإعارات وعقود العمل الشخصية بمدة معينة، كما وضع قاعدة مؤداها منح المعار مهلة ستة أشهر بعد انتهاء إعارته يجوز بعدها اعتباره مستقيلاً في حالة عدم عودته، والحكمة من هذه المهلة هو السماح للمعار بإنهاء متعلقاته هو وأسرته بالخارج، وهي من قبيل إلزام الجهة الإدارية لنفسها بضوابط تتبعها عند اتجاه نيتها إلى إعمال قرينة الاستقالة الضمنية في حق العامل المنقطع، وأنه لما كان الثابت أن الجهة الإدارية قد أصدرت قرارها المطعون فيه دون مراعاة للمهلة المشار إليها فإن قرارها يكون قد خالف القواعد القانونية التي تحكم إنهاء خدمة المعارين بالخارج للانقطاع عن أعمالهم ويكون قد صدر على غير أساس سليم من القانون.
رابعاً: أنه من غير المقبول القول إن المهلة المشار إليها في البند السابق أمر جوازي للوزير المختص فهي قاعدة عامة لا يجوز الاختلاف في تطبيقها أو إعمالها في حالة دون أخرى وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد شابه خطأ في تطبيق القانون.
خامساً: إن القول بإصرار الطعن على الاستمرار في الإعارة وأن كان ما أبداه من أسباب لا يبرر حتمية استمراره فيها لمدة سنة أخرى، قول يتنافى مع الأصول القانونية السليمة فضلاً عن دلالته الواضحة على إغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق والمستندات التي قدمها والتي تؤكد قيام أسباب قهرية حالت دون عودته، وكان على الجهة الإدارية تقدير هذه الأسباب لا تجاهلها، وكان على المحكمة أن تدين موقف الجهة الإدارية لا أن تؤيده.
سادساً: أغفلت المحكمة الرد على بعض أوجه الطعن الجوهرية والتي أوردها بمذكرته المقدمة بجلسة 1/ 1/ 1990، وهذا ما يمثل قصوراً في الأسباب يؤدي إلى الخطأ في تطبيق القانون.
سابعاً: أن الحكم المطعون فيه جاء مخالفاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في أحوال تتطابق وقائعها وظروفها مع وقائع وظروف هذه الدعوى على النحو والتفصيل المبين بتقرير الطعن الذي ينتهي فيه الطاعن إلى طلباته.
ومن حيث إنه عن السب الأول الذي يقوم عليه الطعن وهو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين أعمل قرينة الاستقالة الضمنية حيث لم يتوافر الشرط الثاني لإعمالها وهو "ألا يبدي العامل أسباباً تبرر الانقطاع عن العمل" وهذا الشرط قد تخلف حيث أبدى الطاعن هذه الأسباب فإنه بالرجوع إلى المادتين 97، 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 يبين أنهما قد تحدثتا عن نوعين من الاستقالة: تناولت المادة 97 الاستقالة الصريحة.. بينما تناولت المادة 98 الاستقالة الضمنية حيث نصت على أنه "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذا انقطع عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول.. فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن علمه بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة، وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية... ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن كلاً من الاستقالة الصريحة والاستقالة الضمنية تقوم على إرادة العامل فالأولى تستند إلى طلب كتابي يقدم منه. والثانية تقوم على اتخاذه موقفاً ينبئ عن انصراف نيته في الاستقالة بحيث لا تدع ظروف الحال أي شك في دلالته على حقيقة المقصود، ويتمثل الموقف في الإصرار على الانقطاع عن العمل، وقد أخذ المشرع هذا الأمر في الحسبان عند صياغته لنص المادة 98 بقوله "يعتبر العامل مقدماً استقالته.." فأراد أن يرتب على الاستقالة الضمنية إذا ما توافرت عناصرها وتكاملت أركانها ذات الأثر المترتب على الاستقالة الصريحة وهي انتهاء خدمة العامل - وهذه الإرادة من جانب العامل بالنسبة إلى نوعي الاستقالة هي التي تمثل ركن السبب في القرار الإداري وهو قرار إنهاء الخدمة.
ومن حيث إنه يبين من المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليها وهي التي تدور في فلكها المنازعة المطروحة أنها تتطلب لإعمال حكمها وترتيب أثرها مراعاة إجراء شكلي حاصله إلزام الجهة الإدارية إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية - وهذا الإجراء الجوهري القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية إصرار العامل على تركه العمل، وفي ذات الوقت إعلامه بما يراد اتخاذه حياله بسبب انقطاعه عن العمل وتمكيناً له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء، فإذا لم يقدم العامل خلال الخمسة عشر يوماً التالية لانقطاعه ما يثبت أن الانقطاع كان لعذر مقبول أو قدم أسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل إعمالاً لصريح تلك المادة، إلا إذا اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إنه مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أن نص المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 قد أنشا قرينتين قانونيتين القرينة الأولى هي قرينة تقديم الاستقالة وهي مستفادة من واقعة الانقطاع عن العمل مدة متصلة تزيد على خمسة عشر يوماً أو مدة متقطعة تزيد على ثلاثين يوماً خلال السنة بدون إذن أو دون عذر مقبول وذلك بعد توجيه الإنذار المشار إليه في النص، أما القرينة الثانية فهي قرينة قبول الاستقالة وهي مستفادة من انقضاء مدة الشهر التالي للانقطاع دون اتخاذ إجراءات تأديبية خلالها.
ومن حيث إن إعمال قرينة قبول الاستقالة يقتضي تحديد المقصود بالانقطاع الذي يبدأ ميعاد الشهر الذي تعتبر الاستقالة مقبولة بانقضائه دون اتخاذ إجراءات تأديبية.
ومن حيث إنه بالنظر إلى أن قرينة قبول الاستقالة لا يمكن أن تتحقق إلا بعد تحقق قرينة الاستقالة وهذه القرينة الأخيرة لا تتحقق إلا بانقضاء مدة الانقطاع المتصل خمسة عشر يوماً أو الانقطاع المتقطع لمدة تزيد على ثلاثين يوماً في السنة، كما أن المشرع حدد المدة التي تعتبر الاستقالة مقبولة بانقضائها سواء في الاستقالة الضمنية أو الاستقالة الصريحة (المادة 97 من القانون المذكور) فإن المعنى المقصود بالانقطاع الذي يبدأ منه ميعاد الشهر في الاستقالة الضمنية يكون هو تاريخ اكتمال مدة الانقطاع التي تتحقق بها قرينة تقديم الاستقالة وهو اليوم السادس عشر من الانقطاع المتصل أو المستمر أو المتوالي أو اليوم الحادي والثلاثين من الانقطاع المتقطع أو غير المتصل.
ومن حيث إن إعمال حكم المادة 98 سالفة الذكر وترتيب أثرها بالنسبة للطعن الماثل يتطلب ضرورة إنذار الطاعن كتابة بعد انقطاعه عن العمل لمدة خمسة أيام أو عشرة أيام على النحو المبين بالمادة المذكورة، وإنه لذلك يتعين ضرورة تحديد تاريخ بداية كل سنة من سنوات الإعارة ونهايتها حتى يتحدد بالتالي تاريخ انتهاء السنة الثامنة للإعارة والمرخص بها للطاعن والتي بانتهائها يعتبر الطاعن منقطعاً عن العمل من اليوم التالي لهذا الانتهاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق المودعة ملف هذا الطعن أن بداية كل سنة من سنوات الإعارة الثمانية تبدأ في 11 من أكتوبر وتنتهي في 10 من أكتوبر العام التالي وذلك على النحو الثابت بالخطابات المرسلة من مصلحة الخبراء إلى مدير عام مكتب الخبراء بشبين الكوم، ومنها الخطاب رقم 489 ق في 20/ 10/ 1979 المتضمن صدور قرار تجديد إعارة الطاعن لمدة سنتين اعتباراً من 10/ 10/ 1979 والخطاب رقم 5649 في 28/ 10/ 1981 المتضمن صدور قرار تجديد إعارة الطاعن لمدة سنة اعتباراً من 11/ 10/ 1981 والخطاب رقم 9 في 25/ 12/ 1982 المتضمن صدور قرار تجديد إعارة الطاعن لمدة سنة اعتباراً من 11/ 10/ 1982 وأيضاً من صورة الالتماس المرسل من الطاعن بالبريد المسجل مرفقاً به أصل الإشعار البريدي، وقد تضمن هذا الالتماس طلب إمهاله في العودة حتى تاريخ انتهاء إعارته للسنة الثامنة والتي تنتهي في 10/ 10/ 1984.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تقدم ما يفيد أن إعارة الطاعن للسنة الأخيرة تنتهي في تاريخ سابق على 10/ 10/ 1984 رغم أن هذا التاريخ له أصل ثابت في الأوراق على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه البناء على ما تقدم تكون بداية انقطاع الطاعن في الطعن هو اليوم التالي لاكتمال مدة الإعارة للسنة الثامنة وهو يوم 11/ 10/ 1984 وهو اليوم الذي يتعين البدء به لحساب مدة الخمسة أيام المقررة قانوناً لإنذاره كتابة بضرورة العودة إلى عمله حتى تستبين جهة الإدارة الإصرار على ترك العمل وتعلم الطاعن بما يراد اتخاذه حياله من إجراء بسبب انقطاعه عن العمل وحتى يتمكن من إبداء عذره.
ومن حيث إن الثابت على النحو السالف إيضاحه - أن السنة الثامنة المرخص بها كإعارة للطاعن تنتهي في 10/ 10/ 1984، فمن ثم تكون بداية انقطاعه بعد انتهاء مدة الإعارة المرخص بها اعتباراً من 11/ 10/ 1984، وإنه وفقاً لصريح نص المادة 98 المشار إليها يتعين إنذاره كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في حالة الانقطاع المتصل لمدة خمسة عشر يوماً، وإنه لما كان الثابت أن الإنذارات كانت سابقة على بداية مدة الانقطاع وأنه لم يتم إنذاره كتابة بعد الانقطاع وصدر قرار إنهاء خدمة الطاعن دون مراعاة الإجراء الشكلي الجوهري وهو الإنذار الكتابي بعد الانقطاع، وصدر قرار إنهاء الخدمة في 13/ 10/ 1984 مع أن الطاعن لم ينقطع عن علمه إلا اعتباراً من 11/ 10/ 1984 أي أن قرار إنهاء الخدمة قد صدر مباشرة بعد انقطاع الطاعن بيومين فقط، الأمر الذي يكون معه القرار المذكور قد صدر بالمخالفة للقانون والخطأ في تطبيقه لعدم إنذار الطاعن بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في حالة الانقطاع المتصل لمدة خمسة عشر يوماً، ولا ينال من ذلك ما قد يقال من أنه قد تم إخطار الطاعن بعدم الموافقة على تجديد إعارته لعام آخر وبضرورة عودته فور انتهاء مدة إعارته وإلا ستضطر الجهة الإدارية إلى إنهاء خدمته ذلك أنه وإن كان صحيحاً قيام الجهة الإدارية بهذا الإخطار وأنه تضمن المعنى المتقدم وأنه تكرر إخطارها للطاعن بذات المضمون أكثر من مرة إلا أن ذلك كله كان قبل انقطاعه عن العمل، وأن القانون تطلب ضرورة الإنذار كتابة للعامل بعد انقطاعه عن العمل ولمدة خمسة أيام أو عشرة أيام على التفصيل المتقدم إيضاحه.
ومن حيث إنه يضاف إلى ما تقدم أنه على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن قرينة تقديم الاستقالة لا تقوم إلا بانقضاء مدة الانقطاع المتصل خمسة عشر يوماً، أو الانقطاع المتقطع لمدة تزيد على ثلاثين يوماً في السنة، كما أن قرينة قبول الاستقالة لا تقوم إلا بانقضاء الشهر التالي للانقطاع دون اتخاذ إجراءات تأديبية خلالها، وأنه لما كان الأمر كذلك وقد صدر قرار إنهاء خدمة الطاعن قبل انقضاء مدة الانقطاع المتصل خمسة عشر يوماً فمن ثم لا يمكن القول بأن هذا القرار قد صدر استناداً إلى الاستقالة الضمنية، وأنه إذ صدر على خلاف القواعد المتقدمة فإنه يكون قد صدر بالمخالفة للقانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد صدر على غير أساس سليم من القانون، الأمر الذي يكون الطعن عليه في محله ويتعين لذلك القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته وفقاً للمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق