الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 يوليو 2023

الطعن 676 لسنة 45 ق جلسة 16 / 6 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 307 ص 652

جلسة 16 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان وعبد العزيز عبد العاطي.

------------------

(307)
الطعن رقم 676 لسنة 45 القضائية

(1 - 3) إيجار. "إيجار الأماكن". عقد. "انتهاء العقد".
(1) عقد الإيجار. لا ينتهي بوفاة أحد طرفيه. إبرامه بسبب حرفة المستأجر. لورثته دون المؤجر حق إنهائه. انعقاده لاعتبارات شخصية في المستأجر. لورثته وللمؤجر الحق في إنهائه.
(2) وفاة مستأجر المكان بسبب حرفته. لورثته حق البقاء في العين. عدم اشتراط احتراف أبيهم لذات حرفة مورثهم. علة ذلك.
(3) إدخال المستأجر شريكاً معه في استغلال العين المؤجرة أو إسناده إدارتها للغير. لا يعد تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار. مثال بشأن عيادة الطبيب.

-----------------
1 - مؤدى نص المادتين 601، 602 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل القاعدة أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة، أخذاً بأن الأصل في العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً لهذا الأصل - إلا بسبب حرفة المستأجر أو كان لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية مراعاة فيه، فإنه يجوز إنهاؤه. ولئن كان ظاهر عبارة نص المادة 602 آنفة الذكر يوحي بأن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى في الحالتين المنصوص عليهما فيه، إلا أن الأخذ بهذا الظاهر غير سديد لمخالفته لعلة الحكم الوارد بالنص، وهي إنهاء العقد إذا فات الغرض الذي انعقد تحقيقاً له وانقلب تنفيذه إلى سبب للإضرار، ذلك أنه إن صح أنه حيث يكون لبعض الاعتبارات الذاتية في شخص المستأجر أثرها الدافع للمؤجر إلى إبرام عقد الإيجار معه، فإنه بوفاة المستأجر تقوم للمؤجر مصلحة مشروعة في طلب إنهاء الإيجار لما يترتب على استمراره في شخص ورثة المستأجر من تفويت المصلحة التي استهدفها المؤجر من التعاقد مع ذلك المستأجر بالذات، إلا أن الأمر يختلف إذا كان الإيجار لصاحب حرفه صرح له المؤجر بأن يباشر أعمال حرفته في المكان المؤجر دون أن يكون لشخص هذا المحترف أثر في التعاقد، إذ لا يضير المؤجر أن يستمر ورثة المستأجر بعد وفاته في مباشرة النشاط الذي ارتضى المؤجر استعمال المكان المؤجر فيه، ومن ثم فلا مصلحة له في طلب إنهاء العقد في هذه الحالة، غاية الأمر أنه إذا شق على الورثة الاستمرار في استعمال المكان في هذا الغرض، كان لهم - تقديراً من المشرع لظروفهم - التخلص من أعباء هذه الإجارة بطلب إنهائها وذلك على نسق ما يجري به نص الفقرة الثانية من المادة 601 آنفة الذكر من أنه "...... إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد..... إلخ" وذلك هو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني بقولها "....... إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبار شخصي في المستأجر كما إذا أجرت العين لتكون مكتباً لمحام أو عيادة لطبيب، وكما في عقد المزارعة فيجوز لورثة المستأجر (كما في مكتب المحامي وعيادة الطبيب) ويجوز للمؤجر نفسه (كما في عقد المزارعة) أن يطلبوا إنهاء العقد........" مما مفاده أن ورثة المستأجر وحدهم هم الذين يحق لهم طلب الإنهاء إذا كان الإيجار معقوداً بسبب حرفة مورثهم.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة وهي الوصف الظاهر المنضبط المناسب للحكم للأخذ بحكمة النص وهو ما شرع الحكم لأجله من مصلحة أريد تحقيقها أو مفسدة أريد دفعها. وأنه متى كان النص عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده باستهداء الحكمة منه، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل. لما كان ذلك، وكانت عبارة نص المادة 606 من القانون المدني عامة مطلقة بحيث تتسع لكافة ورثة المستأجر المتوفى بما تجيزه لهم من الاستمرار في الانتفاع بالمكان المؤجر، وكانت المادة 602 لم تخص فئة معينة منهم بالحق في الانتفاع دون فئة أخرى، فإن قصر تطبيقه على الحالات التي يمارس فيها الوارث ذات حرفة مورثه، يعتبر تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز، ومن ثم يكون من حق ورثة المستأجر البقاء في العين المؤجرة لمورثهم إن رغبوا في ذلك دون اشتراط احتراف أيهم لذات حرفة المورث.
3 - من المقرر أن للمستأجر أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة أو أن يعهد إلى غيره بإدارة المحل المؤجر دون أن يكون في مثل هذه التصرفات إخلال بالشرط المانع من التأجير من الباطن، إذ يعتبر العقد في هذه الحالة عقد شركة أو عقد إدارة واستغلال، لا تأجير من الباطن أو نزولاً عن الإيجار أو تركاً للعين المؤجرة، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن استغلال العيادة محل النزاع بواسطة نفر من الأطباء لحساب المطعون عليهم ورثة المستأجر الأصلي، لا تقوم به المخالفة المنصوص عليها في المادة 23 فقرة ب من القانون رقم 52 لسنة 1969 ويكون موافقاً لصحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 736 لسنة 1973 مدني كلي قنا ضد المطعون عليهم للحكم بإخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى وقالا بياناً لدعواهما أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1960 استأجر مورث المطعون عليهم تلك الشقة بقصد استعمالها عيادة لطب الأسنان، وبعد وفاته في 24/ 5/ 1973 عهد المطعون عليهم إلى بعض أطباء الأسنان بمباشرة العمل بها لحساب هؤلاء الورثة، ولما كان عقد الإيجار قد روعيت فيه مهنة المستأجر كطبيب أسنان فإنه ينتهي بوفاته، وكان لا يحق من ثم للورثة ترك العين المؤجرة إلى أطباء آخرين يستغلونها، فقد أقاما عليهم الدعوى استناداً إلى نص المادة 602 من القانون المدني والمادة 23 فقرة "ب" من القانون رقم 52 لسنة 1969. قضت المحكمة بالإخلاء. استأنف المطعون عليهم الحكم بالاستئناف رقم 39 لسنة 49 ق أسيوط. أحالت المحكمة الدعوى في 17/ 4/ 1974 إلى التحقيق، وبعد إجرائه قضت بتاريخ 22/ 4/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تأويل القانون وتطبيقه. وفي بيان ذلك يقولان أنه متى كان نص القانون واضحاً جلياً مطلقاً من أي قيد، فلا يجوز الانحراف عنه أو تقييده عن طريق التفسير أو التأويل بالرجوع إلى المحكمة التي أملته، وإذ ساوى نص المادة 602 من القانون المدني بين ورثة المستأجر وبين المؤجر في طلب إنهاء عقد الإيجار في حالة وفاة المستأجر الذي لم يعقد العقد إلا بسبب حرفته أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه، وكان مما يؤكد ذلك أن هذا النص قد جاء في أعقاب نص المادة 601 من ذات القانون والذي خول ورثة المستأجر - دون غيرهم - الحق في إنهاء الإيجار بمجرد وفاة مورثتهم متى كانت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه على أن من حق المطعون عليهم البقاء في عين النزاع بعد وفاة مورثهم ما داموا قد طلبوا استمرار العلاقة الإيجارية واستعمال العين المؤجرة في الغرض الذي أجرت من أجله، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتطبيقه.
حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 601 من القانون المدني على أنه "لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر......" وفي المادة 602 منه على أنه "إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات، جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد"، - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع جعل القاعدة أن موت أحد المتعاقدين في عقد الإيجار لا ينهيه، بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة، أخذاً بأن الأصل في العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعد الإيجار - خلافاً لهذا الأصل - إلا بسبب حرفة المستأجر، أو كان لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية مراعاة فيه، فإنه يجوز إنهاؤه. ولئن كان ظاهر عبارة نص المادة 602 آنفة الذكر يوصى بأن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى في الحالتين المنصوص عليهما فيه، إلا أن الأخذ بهذا الظاهر غير سديد لمخالفته لعلة الحكم الوارد بالنص، وهي إنهاء العقد إذا فات الغرض الذي انعقد تحقيقاً له وانقلب تنفيذه إلى سبب للإضرار، ذلك أنه إن صح أنه حيث يكون لبعض الاعتبارات الذاتية في شخص المستأجر أثرها الدافع للمؤجر إلى إبرام عقد الإيجار معه، فإنه بوفاة المستأجر تقوم للمؤجر مصلحة مشروعة في طلب إنهاء الإيجار لما يترتب على استمراره في شخص ورثة المستأجر من تفويت المصلحة التي استهدفها المؤجر من التعاقد مع ذلك المستأجر بالذات، إلا أن الأمر يختلف إذا كان الإيجار لصاحب حرفة صرح له المؤجر بأن يباشر أعمال حرفته في المكان المؤجر دون أن يكون لشخص هذا المحترف أثر في التعاقد، إذ لا يضير المؤجر أن يستمر ورثة المستأجر بعد وفاته في مباشرة النشاط الذي ارتضى المؤجر استعمال المكان المؤجر فيه، ومن ثم فلا مصلحة له في طلب إنهاء العقد في هذه الحالة، غاية الأمر أنه إذا شق على الورثة الاستمرار في استعمال المكان في هذا الغرض، كان لهم تقديراً من المشرع لظروفهم - التخلص من أعباء هذه الإجارة بطلب إنهائها، وذلك على نسق ما يجري به نص الفقرة الثانية من المادة 601 آنفة الذكر من أنه "..... إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم......" وذلك هو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني بقولها "...... إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبار شخصي في المستأجر، كما إذا أجرت العين لتكون مكتباً لمحام أو عيادة لطبيب، وكما في عقد المزارعة، فيجوز لورثة المستأجر (كما في مكتب المحامي وعيادة الطبيب) ويجوز للمؤجر نفسه (كما في عقد المزارعة) أن يطلبوا إنهاء العقد......."، مما مفاده أن ورثة المستأجر وحدهم هم الذين يحق لهم طلب الإنهاء إذا كان الإيجار معقوداً بسبب حرفة مورثهم. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن العيادة مثار النزاع إنما عقد بسبب حرفة المستأجر - مورث المطعون عليهم - باعتباره طبيباً، وبقصد استعمال تلك العين لطب الأسنان، ولم يدع الطاعنان أن العقد أبرم لاعتبارات خاصة متعلقة بشخص المستأجر، فمن ثم يقتصر حق طلب إنهاء العقد على هؤلاء الورثة دون المؤجر، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه أخذاً منه بعلة النص - وهي المناط في استنباط حكم القانون. فإن النعي عليه بالخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن الإيجار ينتهي حتماً بوفاة المستأجر الذي كانت حرفته ملحوظة عند التعاقد، ولا يحق لوارثه حتى ولو كان يمارس ذات الحرفة - البقاء في العين المؤجرة إلا إذا استأجرها بعقد جديد، وأنه مع التسليم فرضاً بعدم انتهاء عقد المورث فإنه يشترط لحلول الوارث محله في العين أن يكون محترفاً ذات الحرفة التي كانت لمورثه، وإذ كان الثابت من الأوراق أن أحداً من الورثة المطعون عليهم لا يمارس مهنة الطب التي كان يمارسها مورثه، وأنهم تركوا عين النزاع لآخرين يمارسون بها مهنة المورث لصالح الورثة لقاء جعل معين، فإن ذلك منهم يعتبر أمراً غير جائز ويتعارض مع فكرة الحلول، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة وهي الوصف الظاهر المنضبط المناسب للحكم، للأخذ بحكم النص، وهو ما شرع الحكم لأجله من مصلحة أريد تحقيقها أو مفسدة أريد دفعها، وأنه متى كان النص مباحاً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده استهداء بالحكمة منه، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل. لما كان ذلك، وكانت عبارة نص المادة 601 من القانون المدني عامة مطلقة بحيث تتسع لكافة ورثة المستأجر المتوفى بما تجيزه لهم من الاستمرار في الانتفاع بالمكان المؤجر، وكانت المادة 602 لم تخص فئة معينة منهم بالحق في الانتفاع دون فئة أخرى، فإن قصر تطبيقه على الحالات التي يمارس فيها الوارث ذات حرفة مورثه، يعتبر تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز، ومن ثم يكون من حق ورثة المستأجر البقاء في العين المؤجرة لمورثهم إن رغبوا في ذلك دون اشتراط احتراف أيهم لذات حرفة المورث وإذ ساير الحكم المطعون في هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. هذا والنعي في شقه الأخر مردود بأن الحكم المطعون فيه واجه دفاع الطاعنين في شأن ترك المطعون عليهم عين النزاع إلى آخرين بقوله "... ومن حيث إن الذي تستخلصه هذه المحكمة من مراجعة أقوال شهود الطرفين إثباتاً ونفياً أن واقعة التأجير من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار أو ترك منفعة العين المؤجرة للغير لم تثبت أيها في عناصر الدعوى...... وإذ لم يقطع أي من الشهود - إثباتاً أو نفياً - بواقعة الاستغلال عن طريق التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار أو ترك المنفعة للغير. ولما كان ذلك فإن أساس طلب الإخلاء يكون منهاراً وتكون الدعوى به قائمة على غير أساس"، وكان هذا الذي ساقه الحكم سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وقاطعاً في الدلالة على أن إدارة العيادة الكائنة بعين النزاع بواسطة آخرين إنما تم لمصلحة الورثة المطعون عليهم بما تنتفي معه واقعة ترك العين لآخرين غيرهم عن طريق التخلي عنها إليهم، فإن ما يثيره الطاعنان بهذا الشق من النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أن حكم محكمة الدرجة الثانية الصادر بتاريخ 17/ 4/ 1974 أحال الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم أنهم يستغلون شقة النزاع باعتبارها جدكاً مخلفاً عن مورثهم المستأجر الأصلي اندمج فيه حق الإيجار، في حين أن المستفاد من نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني أنه يشترط لتوافر الجدك أن يكون ثمة متجر أو مصنع أقامه المستأجر بالعين المؤجرة ويكون محظوراً عليه التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار وأن تقوم ضرورة تقتضي بيع المتجر أو المصنع، مما مؤداه أن القانون لا يعرف إيجار الجدك، أما ما ذهب إليه الحكم من أن الحق في الإجارة يندمج في المحل التجاري أو الصناعي فمحله أن يكون بعض ورثة المستأجر يشاركونه في استغلال العين منذ بدء الإجارة إذ يمكن اعتبارهم مستأجرين أصليين بطريق النيابة، وإذ كان الثابت من التحقيقات أن المطعون عليهم تركوا عين النزاع للغير في مقابل الحصول على إيرادها بعد الوفاء بأجور الأطباء الذين يعملون بها، وهو ما يصح قانوناً باعتبار أنه إيجار جدك، فإن هذا الترك مما يوجب الإخلاء تطبيقاً لحكم المادة 23 فقرة "ب" من القانون 52 لسنة 1969، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا - النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، إذ لا وجه لما ذهب إليه الطاعنان من أن الحكم المطعون فيه أباح للمطعون عليهم تأجير العيادة محل النزاع للغير بالجدك بالمخالفة لحكم المادة 594/ 2 من القانون المدني، ذلك أنه يبين من الحكم الصادر من محكمة الدرجة الثانية بتاريخ 17/ 4/ 1974 قبل الفصل في موضوع الاستئناف أنه صرح للمطعون عليهم بإثبات أنهم يستغلون عيادة النزاع - باعتبارها جدكاً مخلفاً عن مورثهم المستأجر الأصلي - لحسابهم الخاص وعن غير طريق التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار أو الترك للغير، كما يبين من الحكم الصادر بتاريخ 22/ 4/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنين، أن محكمة الموضوع قد انتهت - في حدود سلطتها في تقدير أقوال الشهود - إلى أن إدارة الأطباء المشار إليهم بسبب النعي للعيادة مثار النزاع كان لحساب المطعون عليهم ورثة المستأجر الأصلي بما تنتفي معه واقعة تخليهم عن منفعة للعين المؤجرة إلى هؤلاء الأطباء. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمستأجر أن يدخل معه شركاء في استغلال العين المؤجرة أو أن يعهد إلى غيره بإدارة المحل المؤجر دون أن يكون في مثل هذه التصرفات إخلال بالشرط المانع من التأجير من الباطن، إذا يعتبر العقد في هذه الحالة عقد شركة أو عقد إدارة واستغلال، لا تأجيراً من الباطن أو نزولاً عن الإيجار أو تركاً للعين المؤجرة، فمن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن استغلال العيادة محل النزاع بواسطة نفر من الأطباء لحساب المطعون عليهم ورثة المستأجر الأصلي، لا تقوم به المخالفة المنصوص عليها في المادة 23 فقرة (ب) من القانون رقم 52 لسنة 1969 ويكون موافقاً لصحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق