جلسة 7 من مارس سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(80)
الطعن رقم 47 لسنة 33 القضائية
أموال عامة. "التخصيص بالفعل للمنفعة العامة". ملكية.
الأموال التي تصبح أموالاً عامة بمجرد تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل هي الأموال المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية. عدم اكتساب أموال الأفراد صفة المال العام بمجرد هذا التخصيص. وجوب تملك الدولة هذه الأموال بإحدى طرق كسب الملكية ومنها التقادم الطويل ثم تخصيصها بعد ذلك للمنفعة العامة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على مجلس المنصورة "الطاعن" وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 1292 سنة 1953 مدني كلي المنصورة طالباً الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 480 ج وذلك في مواجهة باقي المطعون ضدهم. وقال بياناً للدعوى إنه بمقتضى حكم مرسى المزاد الصادر في 10 فبراير سنة 1942 والمسجل في 25 نوفمبر من تلك السنة يملك الربع شيوعاً في مساحة 1 ف و11 ط و9 س بزمام بندر المنصورة والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وأنه منذ أربع سنوات استولت بلدية المنصورة على 480 متراً من تلك المساحة وأدخلتها في مشروع توسيع شارع الأسواق وإذ رفضت أداء التعويض المستحق له عن هذا الاستيلاء اضطر لإقامة الدعوى بطلبه. وبتاريخ 25 نوفمبر سنة 1958 ندبت محكمة المنصورة الابتدائية مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة الأرض المتنازع عليها لبيان ما إذا كانت الحكومة قد نزعت جزءاً من ملكية المطعون ضده الأول وأدخلته في سعة شارع الأسواق من عدمه. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت تلك المحكمة بتاريخ 29 نوفمبر سنة 1960 برفض الدعوى. فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 105 سنة 13 ق. وبتاريخ 8 ديسمبر سنة 1962 قضت تلك المحكمة تمهيدياً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء بالمنصورة لتقدير ثمن الأرض المستولى عليها. وقطعت في أسباب حكمها بملكية المطعون ضده لمساحة قدرها 120.02 متراً مربعاً استولت عليها بلدية المنصورة وأدخلتها في توسعة شارع الأسواق الكائن بزمام بندر المنصورة وبأحقيته في اقتضاء التعويض عنها من الطاعن. طعن مجلس مدينة المنصورة في الشق القطعي من هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت من تدوينات ذلك الحكم أن الأرض المطالب بالتعويض عنها قد خصصت للمنفعة العامة منذ سنة 1927 وإذ كانت الدعوى لم ترفع إلا في سنة 1953 فإن مؤدى ذلك أن الحكومة ظلت واضعة اليد عليها مدة تزيد على خمس عشرة سنة وبذلك تكون قد اكتسبت ملكيتها منذ سنة 1942 بالتقادم المكسب ويكون حق المطعون ضده الأول في المطالبة بالتعويض عنها قد سقط لانقضاء خمس عشرة سنة على استحقاقه دون المطالبة به وفقاً للمادتين 968 و374 من القانون المدني. ولما كان حكم مرسى المزاد الصادر في 10 فبراير سنة 1942 والمسجل في 25 نوفمبر من تلك السنة لم ينقل للمطعون ضده الأول - وهو الراسي عليه المزاد ملكية تلك الأرض لأنها وقت صدوره كانت ملكاً للحكومة ولا ينقل الحكم للراسي عليه المزاد من الحقوق إلا ما كان للمدين المنزوعة ملكيته وكان الطاعن قد تمسك بهذا الدفاع أمام محكمتي الموضوع فإن الحكم المطعون فيه إذ قطع في أسبابه بملكية المطعون ضده للأرض المتنازع عليها وبثبوت حقه في اقتضاء التعويض عنها دون أن يورد من الأسباب ما يرد به على هذا الدفاع الجوهري فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأنه وإن كانت الأموال التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل لمنفعة عامة هي الأموال المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية وذلك عملاً بالمادتين 9 من القانون المدني الملغي و87 من القانون المدني الجديد ومن ثم لا تكتسب الأموال المملوكة للأفراد صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من انتقال هذه الأموال إلى ملكية الحكومة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها في القانون المدني ومنها وضع اليد المدة الطويلة ثم تخصيصها بعد ذلك للمنفعة العامة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في تقريراته أن الأرض محل النزاع قد خصصت للمنفعة العامة في سنة 1927 وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه تملك تلك الأرض بوضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية وخصصها بالفعل للمنفعة العامة قبل أن يرفع المطعون ضده دعواه في سنة 1953 كما تمسك بأن حق المطعون ضده الأول في المطالبة بالتعويض عنها قد سقط لمضي خمسة عشر عاماً على استحقاقه وكان الحكم قد قطع في أسبابه بملكية المطعون ضده للأرض المتنازع عليها وبأحقيته في اقتضاء تعويض لاستيلاء بلدية المنصورة عليها بغير الطريق القانوني مما يعتبر غصباً دون أن يبحث الحكم دفاع البلدية آنف الذكر ويرد عليه. وإذ كان هذا الدفاع جوهرياً ومن شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون لذلك مشوباً بقصور يبطله ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
[(1)] راجع نقض 6/ 4/ 1961 مج المكتب الفني س 12 ص 348 ونقض 27/ 4/ 1967 مج لمكتب الفني س 18.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق