جلسة 12 من فبراير سنة 1959
برياسة السيد المستشار محمود عياد، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعباس حلمي سلطان المستشارين.
----------------
(21)
الطعن رقم 334 سنة 24 ق
جمارك "المخالفات الجمركية".
الإعفاء الوارد بالمادة 37/ 4 من اللائحة الجمركية مقصور على البضائع المشحونة صباً دون المشحونة في طرود، القانون رقم 705 لسنة 1955 صدر مفسراً لذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتلخص في أن الشركة المطعون عليها الأولى وربان الباخرة (اجبشيان) المطعون عليه الثاني رفعا ضد مصلحة الجمارك (الطاعنة) الدعوى رقم 423 سنة 1952 تجاري كلي إسكندرية أمام محكمة الإسكندرية اعتراضاً على مطالبة مصلحة الجمارك لهما بمبلغ 18 جنيهاً غرامة عن 18 برميلاً صودا كاوية وجدت عجزاً في بضاعة قامت الباخرة قيادة المطعون عليه الثاني بتفريغها بميناء الإسكندرية بتاريخ 28 مايو سنة 1951 وطالبا في تلك الدعوى أصلياً باعتبار قرار الغرامة المذكور غير ذي قوة تنفيذية ضدهما واحتياطياً إلغاءه استناداً إلى أسباب من بينها أن هذا العجز يقل بكثير عن حد الإعفاء المسموح به بنص الفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية فاعترضت الطاعنة على ذلك وطلبت من ضمن ما طلبت رفض الدعوى لأن الإعفاء الوارد في تلك المادة لا يسري على الطرود وإنما هو خاص بالبضاعة التي تشحن صباً وبتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المعارض فيه وإلزام المعارض ضدها (الطاعنة) بالمصاريف وبمبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة استناداً إلى أن الإعفاء الوارد في المادة 37 من اللائحة الجمركية كما يشمل البضاعة التي تشحن صباً يشمل الطرود كذلك. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية تحت رقم 377 سنة 9 ق تجاري طالبة إلغاءه ورفض دعوى المطعون عليهما وتأييد قرار الغرامة. وبتاريخ 23 من يونيه سنة 1954 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة (الطاعنة) بالمصاريف ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 1954 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1958 على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة العامة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم فقررت الدائرة إحالة الطعن على هذه الدائرة لنظره بجلسة 4 من ديسمبر سنة 1958 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله مخالفة الحكم للقانون وخطأه في تطبيقه ذلك أنه قد أجرى تطبيق الإعفاء الوارد في المادة 37 من اللائحة الجمركية على واقعة الدعوى وقضى تبعاً لذلك بإلغاء القرار المطعون فيه في حين أن المفهوم من نص تلك المادة ومن سياق فقراتها والترتيب بينها ودلالة الحال فيها أنها قصرت الإعفاء على البضائع المشحونة صباً دون الطرود لما هو ظاهر من أن الفقرة الأولى إنما تتناول حالة وجود زيادة في عدد الطرود واراد المانيفستو وحدها دون غيرها من البضائع الصب والغرامة الواجب توقيعها عن كل طرد زيادة. وكذلك الفقرة الثانية فقد تناولت حالة وجود نقص في عدد الطرود وارد المانيفستو وحدها دون غيرها من البضائع الصب والغرامة الواجب توقيعها عن كل طرد مدرج في المانفيستو ولم يقدم - وإذ انتهى النص من بيان حكم الزيادة والنقصان في عدد الطرود فقد انتقل إلى البضائع المشحونة صباً والغرامة الواجب توقيعها بالنسبة لها وأحوال الإعفاء منها. وفي هذا الترتيب والسياق ما يقطع بأن حكم الإعفاء المنصوص عليه في الفقرة الرابعة إنما ينصرف إلى البضائع المشحونة صباً دون الطرود. ومما يبرر ذلك أن الحكمة في قصر الإعفاء على البضائع الصب هي أنها ترد غير معبأة وهي لهذا السبب عرضة للزيادة والنقصان بسبب الرطوبة والجفاف وعمليات الشحن والتفريغ وهذه الحكمة غير متوفرة بالنسبة للبضائع التي تشحن في طرود. كما أنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم - تأييداً لوجهة نظره من إجراء حكم الإعفاء الوارد في المادة 37 على البضائع التي تشحن صباً وفي طرود - من أن المادة 38 قد نصت على حد للإعفاء من الغرامة في حالة اختلاف مقادير أوزان البضائع المشحونة دون تفرقة بين ما إذا كانت تلك البضائع مشحونة صباً أو طروداً مما لا يمكن معه التوفيق بين حكم هاتين المادتين إذا لم يكن الإعفاء الوارد في المادة 37 منصرفاً هو الآخر إلى البضائع الصب والطرود لا وجه لذلك لأن الحكم الوارد في المادة 38 خاص بالبضائع الصب فقط ولا ينصرف إلا إليها دون الطرود.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المشرع أراد بالفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية أن يقصر الإعفاء الوارد بها على البضائع المنوه عنها بالفقرة الثالثة من المادة المذكورة وهي البضائع المشحونة صباً دون البضائع المشحونة في طرود كما هو مستفاد من المادة الأولى من القانون رقم 507 لسنة 1955 التي تنص على أنه "تستبدل بالفقرة الأخيرة من المادة 37 من اللائحة الجمركية النص الآتي: ومع ذلك فالزيادة التي لا تتجاوز 10% والنقص الذي لا يتجاوز 5% من البضائع المشحونة صباً لا يستوجبان تقرير الغرامة ولا تستحق الرسوم الجمركية على ما نقص من البضاعة في حدود النسبة المشار إليها" وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن المشرع قصد من هذه الفقرة أن تسري على البضاعة الواردة صباً دون غيرها وأنه نظراً لأنه صدرت أخيراً عدة أحكام تقضي بأن حكم هذه الفقرة يسري سواء كانت البضاعة صباً أو في طرود فمنعاً لكل لبس رؤى أن تعدل هذه الفقرة بالنص صراحة على سريانها إذا وردت البضاعة صباً. ويبين من ذلك أن القانون رقم 507 لسنة 1955 صدر مفسراً للفقرة الرابعة من المادة 37 من اللائحة الجمركية كاشفاً عن حقيقة إرادة المشرع من الفقرة المذكورة منذ تقنينها لا منشئاً لحكم جديد.
من حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
[(1)] قررت المحكمة هذا المبدأ أيضاً في الحكم الصادر في ذات الجلسة في الطعن رقم 333 سنة 24 ق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق