جلسة 29 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
-------------------
(66)
الطعن رقم 278 لسنة 34 القضائية
(أ) خلف. "خلف خاص". حيازة. "ضم حيازة السلف إلى الخلف". تقادم. "تقادم مكسب". بيع.
للمشتري - كخلف خاص للبائع - ضم حيازة سلفه إلى حيازته في كل آثار الحيازة ومنها التملك بالتقادم.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور. ما يعد كذلك". تقادم. "تقادم مكسب".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأنه وأسلافه قد تملك العقار محل النزاع بالتقادم المكسب الطويل المدة. اكتفاء الحكم بالرد بوجود عقد مسجل صادر للمطعون ضده وبأن مدة وضع يد الطاعن لا تكفي. عدم تحقيقه وضع يد أسلاف الطاعن ومدته. قصور.
(ج) نقض. "أثر الحكم بالنقض".
القضاء بإزالة ما على العقار من مبان. يترتب على القضاء بثبوت الملكية. نقض الحكم بثبوت الملكية يستتبع نقض الحكم بالإزالة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما في 22 مايو سنة 1958 الدعوى رقم 2118 سنة 1958 مدني مستعجل الإسكندرية على المطعون ضده الثالث والطاعن طلباً فيها الحكم على الأول في مواجهة الثاني بوقف الأعمال الجديدة التي يقوم بها على الأرض الموضحة بصحيفة الدعوى وقالا شرحاً لدعواهما إنهما يملكان قطعة أرض مساحتها 7738.50 ذراعاً معمارياً مربعاً بجهة فكتوريا برمل الإسكندرية بموجب عقد مسجل برقم 3530 سنة 1945 وأن وكيلهما لاحظ في 18/ 5/ 1958 أن المطعون ضده الثالث شرع في إقامة مبان على جزء من هذه الأرض فأبلغ الأمر إلى الشرطة وحرر محضر أحوال برقم 10 قسم المنتزه قرر فيه المطعون ضده الثالث إنه اشترى قطعة أرض مساحتها 320 ذراعاً مربعاً من الطاعن بموجب عقد بيع ابتدائي - ولما كان المذكوران لا سند لهما يخولهما البناء على هذه الأرض فقد أقام المطعون ضدهما الأولان والطاعن عليهما الدعوى بطلباتهما سالفة الذكر. وبجلسة 7/ 10/ 1958 أمام محكمة الدرجة الأولى قرر رافعاً الدعوى أن الأعمال المطلوب الحكم بوقفها قد تمت بعد رفع الدعوى وأنهما لذلك يعدلان طلباتهما إلى تثبيت ملكيتهما لقطعة الأرض محل النزاع وإزالة المباني القائمة عليها، فقضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت في جدولها برقم 1669 سنة 1958 ولدى نظر الدعوى أمام تلك المحكمة طلب المطعون ضده الثالث رفض الدعوى استناداً إلى أنه اشترى من الطاعن قطعة من أرض النزاع مساحتها 180 متراً بعقد ابتدائي مؤرخ 8/ 4/ 1958 وأقر الطاعن بذلك وقال إنه تلقى ملكية الأرض محل النزاع جميعها بطريق الشراء من آخرين بعقد ابتدائي مؤرخ 25/ 2/ 1948 حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 270 سنة 1958 مدني كلي الإسكندرية المسجلة صحيفتها برقم 878 بتاريخ 27 فبراير سنة 1958 وأنه اكتسب ملكيتها بوضع يده عليها هو وأسلافه المدة الطويلة المكسبة للملكية وأدخل البائعين له في الدعوى. وبتاريخ 26/ 6/ 1960 قضت محكمة الدرجة الأولى بتثبيت ملكية المطعون ضدهما الأولين لقطعة الأرض موضوع النزاع وبإلزام المطعون ضده الثالث بإزالة ما أقامه عليها من منشآت ومبان فاستأنف الطاعن الحكم المذكور وقيد استئنافه برقم 496 سنة 16 ق كما استأنفه المطعون ضده الثالث بالاستئناف رقم 273 سنة 18 ق إسكندرية ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين قضت فيهما بتاريخ 23 مارس برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في قضائها هذا بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه اشترى الأرض محل النزاع بعقد بيع مؤرخ 25 فبراير سنة 1948 حكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 270 سنة 1958 كلي الإسكندرية المسجلة صحيفتها بتاريخ 27 فبراير سنة 1958 وأنه قد تملك القدر المبيع بوضع يده عليه وأسلافه البائعون له - والذين أدخلهم خصوماً في الدعوى - المدة الطويلة المكسبة للملكية، لكن الحكم المطعون فيه قضى بتثبيت ملكية المطعون ضدهما الأولين لهذه الأرض وأقام قضاءه بذلك على أنهما اشترياها بعقد رسمي مسجل وأن من شأن العقد أن ينقل ملكية المبيع إليهما وأن عقد الطاعن هو عقد عرفي لا ينقل الملكية وأنه لا يجديه التمسك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لأنه لم يتسلم المبيع إلا في 13/ 4/ 1958 وهذا من الحكم خطأ في القانون إذ لا محل للمفاضلة بين عقده وعقد المطعون ضدهما الأولين المسجل لأنهما لم يصدرا من بائع واحد كما أن مجرد تسجيل عقد المطعون ضدهما المذكورين لا ينقل لهما الملكية ما لم يكن صادراً من مالك وإذ كان الطاعن قد تمسك في دفاعه بأنه تملك الأرض محل النزاع بوضع يده عليها هو وأسلافه البائعون له مدة خمسة عشر سنة وقد اكتفى الحكم في الرد على ذلك بأنه لم يضع يده على أرض النزاع إلا منذ 13/ 4/ 1958 وهو تاريخ تسلمه لها بمحضر تسليم رسمي دون أن يبحث الحكم مدة وضع يد أسلافه مع أن من حقه كمشتر أن يضم هذه المدة إلى مدة وضع يده فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور لإغفاله بحث دفاع جوهري في الدعوى علاوة على خطئه في القانون على النحو السالف بيانه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قرر في هذا الخصوص ما يأتي "وبما أنه تبين للمحكمة من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه قضى بثبوت الملكية بناءً على العقد الرسمي الصادر للمستأنف عليهما دافيد شافرمان وهاري شافرمان (المطعون ضدهما الأولين) المقيد برقم 3530 والمسجل في 2/ 8/ 1945... وأنه سبب قانوني للتملك وأن حدوده تنطبق على حدود أرض النزاع. وتكون ما ذهبت إليه محكمة أول درجة في الأخذ به مذهباً سليماً ويتعين تأييدها فيما قضت به بشأن الملكية بعد أن قامت ببحث سبب ملكية المستأنف عليهما (المطعون عليهما الأول والثالث) بحثاً صحيحاً باعتبار أنه عقد بيه رسمي مسجل وحدوده تنطبق على حدود أرض النزاع. كما أنها قامت ببحث دفاع المستأنفين في الاستئنافين (الطاعن والمطعون ضده الثالث) باعتبار أن عقد البيع العرفي لا يعتبر سبباً من أسباب الملكية وكذلك تسجيل عريضة دعوى صحة البيع. كما أنها قامت ببحث دفاع المستأنفين (الطاعن والمطعون ضده الثالث) الخاص بوضع اليد باعتباره سبباً من أسباب الملكية وقالت إن المستأنف رمضان الحمصاني (الطاعن) على فرض صحة تاريخ عقده الحاصل في 25/ 2/ 1948 فإنه لم ينفذ بالاستلام إلا في 13/ 4/ 1958 كما هو ثابت من نفس محضر التسليم المقدم منه وقد أعلنت صحيفة الدعوى بتاريخ 22/ 5/ 1958 أي قبل انقضاء شهر واحد وعشرة أيام على التسليم. كما أن عقد المستأنف الثاني (المطعون ضده الثالث) مؤرخ 8/ 4/ 1958 ولم ينفذ بالتسليم بطبيعة الحال إلا بعد استلام البائع له بمحضر التسليم المؤرخ 13/ 4/ 1958 وأنه لا تأثير لهما على ملكية المدعين (المطعون ضدهما الأول والثالث) الثابتة بالعقد المسجل، وهي أسباب صحيحة تقرها هذه المحكمة وتأخذ بها ومن ثم تكون أسباب الاستئنافين الخاصة بإغفال تحقيق وضع اليد غير صحيحة تلتفت عنها هذه المحكمة، كما أن المحكمة استندت إلى عقد البيع المسجل الصادر للمستأنف عليهما (المطعون ضدهما الأول والثالث) من شركة الإنشاءات والذي تنطبق حدوده على أرض النزاع وهذا أمر صحيح وليس على المحكمة البحث وراء الملكية ما دام العقد الرسمي المسجل صحيحاً ولم يطعن فيه بأي طعن جدي" ولما كان يبين من أوراق الملف المضموم أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البائع للمطعون ضدهما الأولين لم يكن مالكاً لما باعه وأن الأرض المبيعة كانت مملوكة لوقف الدرشابي وأنه اشتراها من بعض المستحقين في هذا الوقف وهم الأشخاص الخمسة الذين أدخلهم في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، وأنه وأسلافه الذين باعوا له قد وضعوا اليد على الأرض محل النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية، وقد تمسك بهذا الدفاع أيضاً في صحيفة استئنافه وقال إن وضع يده هو وأسلافه هذه المدة يعتبر سبباً قانونياً لكسب الملكية قائماً بذاته بصرف النظر عن العقد الصادر إليه وعاب على الحكم الابتدائي إغفاله تحقيق هذا الدفاع وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى في الرد عليه بأن مدة وضع يد الطاعن والمطعون ضده الثالث الذي اشترى منه لا تكفي للتملك بالتقادم الطويل دون أن يبحث الحكم مدة وضع يد البائعين للطاعن إن صح أنهم كانوا يضعون اليد على العقار المتنازع عليه وإذ كان يجوز للطاعن باعتباره مشترياً وخلفاً خاصاً أن يضم إلى حيازته حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون على الحيازة من آثار ومنها التملك بالتقادم المكسب، وكان شراء المطعون ضدهما الأولين للعقار بعقد بيع مسجل لا يسري في حق الطاعن والبائعين له إذا ثبت أن البائع للمطعون ضدهما المذكورين لم يكن مالكاً لما باعه بسبب أن أسلاف الطاعن كانوا قد كسبوا ملكية المبيع بالتقادم، فإن اقتصار الحكم المطعون فيه في الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص على القول بوجود العقد المسجل الصادر للمطعون ضدهما الأولين وبأن مدة وضع يد الطاعن والمشتري منه (المطعون ضده الثالث) لا تكفي لاكتساب الملكية بالتقادم دون أن يحقق الحكم وضع يد أسلاف الطاعن ومدة وضع يدهم إن صح أنهم وضعوا اليد، ذلك من شأنه أن يجعل الحكم مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في خصوص قضائه بثبوت ملكية المطعون ضدهما الأولين للعقار المتنازع عليه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. وإذ كان قضاء الحكم بإزالة ما على هذا العقار من مبان مترتباً على قضائه بثبوت الملكية للمطعون ضدهما المذكورين فإنه يتعين نقض هذا القضاء أيضاً بالتطبيق لنص المادة 447 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 سنة 1955.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق