جلسة 29 من فبراير سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(67)
الطعن رقم 322 لسنة 34 القضائية
(أ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". إثبات "إجراءات الإثبات".
عدم اعتراض الطاعن في الاستئناف على عدول محكمة الدرجة الأولى عن حكم التحقيق الذي أصدرته. النعي بذلك سبب جديد لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) نقض "أسباب الطعن". دعوى "الدعوى البوليصية". تقادم. "تقادم مسقط".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بسقوط الدعوى البوليصية بالتقادم الثلاثي وفقاً للمادة 243 مدني. عدم جواز التحدي بهذا التقادم لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) حكم "الطعن في الأحكام". "الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع". "أثر الحكم استنفاد المحكمة ولايتها". استئناف. قوة الأمر المقضي. نقض.
القضاء في حكم الإحالة إلى التحقيق بأن تصرف المفلس إلى زوجته يعتبر تبرعاً منه لها فلا ينفذ في حق جماعة الدائنين. عدم الطعن في هذا القضاء القطعي إلى أن فات ميعاد الطعن وحاز قوة الأمر المقضي. عدم جواز النعي على هذا القضاء في استئناف الحكم الصادر في الموضوع من محكمة أول درجة. ويمتنع بالتالي إثارته أمام محكمة النقض.
النص في منطوق الحكم الصادر في الموضوع على عدم نفاذ العقد بعد سبق قضائها به قطعياً في أسباب حكم الإحالة إلى التحقيق واستنفاد ولايتها بذلك. هذا النص تحصيل حاصل وتقرير واقع وليس قضاءاً جديداً.
(د) إثبات "الإثبات بالقرائن". "تقدير الدليل". محكمة الموضوع. إفلاس. "علم المتصرف إليه بالإفلاس".
استخلاص محكمة الموضوع - بأسباب سائغة - من القرائن علم الطاعن، وقت صدور التصرف إليه من زوجة المفلس، بإفلاسه. لا سبيل لمحكمة النقض عليها في ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته وكيلاً لدائني تفليسة شفيق تادرس أقام في 22 يوليو سنة 1958 الدعوى رقم 250 سنة 1958 تجاري كلي إفلاس القاهرة على المطعون ضدهم من الثانية إلى الخامس طالباً الحكم في مواجهة المطعون ضدهم من الثالث إلى الخامس ببطلان عقد البيع الرسمي المحرر بمكتب توثيق مصر الجديدة في 3 يونيو سنة 1956 والمشهر في 11 يونيو سنة 1956 تحت رقم 5415 بمكتب الشهر العقاري بالقاهرة عن كامل أرض وبناء العقار رقم 3 بشارع رشاد بالمطرية وشطب تسجيله وإلغاء التأشيرات المتعلقة بهذا التصرف وقال في بيان دعواه إنه حكم في القضية رقم 445 سنة 1956 كلي إفلاس القاهرة بإشهار إفلاس شفيق تادرس وبتعيينه وكيلاً لدائني التفليسة وبتحديد يوم 9 يونيو سنة 1956 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع ولقد تبين أن المفلس تصرف في العقار المرفوعة عنه الدعوى لزوجته "المطعون ضدها الثانية" خلال فترة الريبة إضراراً بدائنيه وذلك بالعقد المشهر المشار إليه والذي يعتبر باطلاً عملاً بالمادة 227 - من القانون التجاري لصدوره في فترة الريبة وبطريق التبرع ولعلم الزوجة المتصرف إليها بوقوف زوجها المفلس عن دفع ديونه وفي 23 سبتمبر سنة 1960 أدخلت المطعون ضدها الثانية الطاعنين خصوماً في الدعوى ليدفعاها بما لديهما من دفاع وقالت إنها باعتهما العقار محل النزاع بعقد بيع مشهر في 21 مايو سنة 1958 فطلب وكيل الدائنين المطعون ضده الأول الحكم أيضاً بعدم نفاذ هذا العقد وشطب تسجيله وإلغاء التأشيرات المتعلقة بهذا التصرف. وبتاريخ 28 مايو سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي بصفته "المطعون ضده الأول" بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أن المدخلين في الدعوى فخري حنين وبهيه جرجس "الطاعنين" كانا يعلمان باختلال أشغال المدين المفلس الدكتور شفيق تادرس قبل تاريخ التصرف الصادر إليهما من المدعى عليها الأولى "المطعون ضدها الثانية" في 21/ 5/ 1958 عن المنزل موضوع النزاع وللمدخلين النفي وتضمنت أسباب هذا الحكم قضاءاً قطعياً بعدم نفاذ التصرف الصادر من المفلس إلى زوجته في مواجهة جماعة الدائنين تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من أنه تبرع صدر منه إليها في وقت كان فيه تاجراً وإذ تم هذا التصرف خلال العشرة الأيام السابقة على تاريخ التوقف فإنه يعتبر باطلاً عملاً بالمادة 227 من قانون التجارة وقالت المحكمة إنه لما كان التصرف الصادر من الزوجة إلى الطاعنين معاوضة فإنه يخضع لأحكام المادة 228 من نفس القانون والتي تشترط للحكم بالبطلان علم المشتري وقت البيع باختلال أشغال المدين - وقد قرر وكيل الدائنين المدعي في الجلسة المحددة لإجراء التحقيق إنه ليس في حاجة إلى تنفيذ حكم التحقيق بعد أن انتهى في أسبابه إلى بطلان التصرف الحاصل للزوجة إذ يترتب على ذلك أن يبطل بطريق التبعية كل تصرف صادر من الزوجة وقد رأت المحكمة العدول عن حكم التحقيق وقضت بتاريخ 11 مارس سنة 1961 بعدم نفاذ عقد البيع الصادر من المفلس للمدعى عليها الأولى "المطعون ضدها الثانية" المسجل في 11/ 6/ 1956 وعقد البيع الصادر من المدعى عليها الأولى للمدخلين في الدعوى "الطاعنين" والمسجل 21/ 5/ 1958 تحت رقم 3856 مكتب القاهرة لبطلانهما بالنسبة لجماعة الدائنين وشطب كافة التسجيلات المتعلقة. بهما فاستأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 328 سنة 79 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم نفاذ عقد البيع الصادر لهما من الزوجة المطعون ضدها الثانية والحكم برفض دعوى المستأنف عليه الأول "المطعون ضده الأول" ضدهما وبتاريخ 31 مارس سنة 1964 قضت تلك المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبتقرير تاريخه 16/ 5 سنة 1964 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وأصرت على هذا الرأي بالجلسة المحددة لنظر الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان في أولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من الوجوه الآتية (الأول) أن محكمة الاستئناف أخذت بأسباب الحكم الابتدائي الذي اعتد بما جاء بحكم التحقيق الذي أصدرته محكمة أول درجة من أن تصرف المفلس إلى زوجته يعتبر بمثابة تبرع ويكون لذلك باطلاً عملاً بالمادة 227 من قانون التجارة لوقوعه في فترة الريبة دون أن يواجه ذلك الحكم دفاع زوجة المفلس وما قدمته من مستندات دالة على أن التصرف كان بعوض وفي وقت سابق على فترة الريبة وإذ لم يتعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع ولدلالة تلك المستندات ولم يعلل بأسباب سائغة إطراحه لها فإنه يكون قاصراً (الوجه الثاني) أن وصف المحكمة لعقد البيع الصادر من المفلس إلى زوجته بأنه بمثابة تبرع يكشف عن أنها لم تكن مقتنعة بهذا الوصف مع أنه يتعين أن ينبني الحكم على الجزم واليقين لا على مجرد الاحتمال والتخمين (الوجه الثالث) أنه بالنسبة للعقد الصادر للطاعنين من زوجة المفلس فإنه بعد أن أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق ليثبت وكيل الدائنين بكافة طرق الإثبات القانونية إن الطاعنين كانا على علم باختلال أشغال المدين المفلس قبل تاريخ التصرف الصادر لهما من زوجته إذ بالمحكمة تعدل في حكمها القطعي عن تنفيذ حكم التحقيق المذكور بمقولة إن من حقها أن تعدل عنه ما دامت قد تبينت من العقد الابتدائي الصادر للطاعنين من زوجة المفلس أن هذه الأخيرة تلقت الملك عن شفيق تادرس الذي أشهر إفلاسه بحكم نشر في الصحف ويسري على الكافة وأن في ذلك قرينة كافية على علم الطاعنين باختلال أشغال المدين وتوقفه عن الدفع وشهر إفلاسه مما يفيد أنهما شركاء في التواطؤ واعتبرت المحكمة تلك القرينة كافية للعدول عن تنفيذ حكم التحقيق عملاً بالمادة 165 من قانون المرافعات مع أن هذه المادة تستلزم بيان أسباب العدول بالمحضر فلا يغني عن ذلك قول المحكمة في الحكم أنها تعدل عن المضي في التحقيق كما أن الأسباب التي أوردتها لا تبرر هذا العدول إذ أن ورود اسم المفلس بالعقد الصادر من خلفه والنشر عن شهر إفلاسه لا يقطعان بأن الطاعنين علماً بحالته المالية وبإفلاسه إذ أن النشر لاحق للتصرف الحاصل للخلف ولا يتحقق به علم الطاعنين بوصفهما خلف للخلف إذ من غير المألوف أن يعلق بذهنهما اسم يجهله كثيرون ولم يكن يهمهما أمره وقت النشر الحاصل قبل التصرف بسنة وإذ كان القانون لا يفترض حتماً علم الكافة بمجرد حصول النشر فإن النشر مع ذكر اسم ملف البائعة لهما في عقد البيع لا ينهض قرينة على علمهما - ويتحصل السبب الآخر من سببي الطعن في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك أنه أخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة على الرغم من أنها أخطأت في التدليل على أن العقد الصادر من المفلس إلى زوجته تبرع وأقامت قضاءها بذلك على ما يخالف الثابت في هذا العقد كما أخطأت في تطبيق قواعد الدعوى البوليصية وطرق الإثبات فيها وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الثابت بعقد الزوجة أنه معارضة وقد ثبت تاريخه في 31 مايو سنة 1956 أي قبل فترة الريبة التي تبدأ بالنسبة لعقود المعارضات من تاريخ التوقف الحاصل في 9 يونيه سنة 1956 ولهذا فلا تسري عليه أحكام المادة 228 من قانون التجارة لأن العبرة في قواعد الدعوى البوليصية بالتاريخ الثابت للتصرف وليس بتاريخ تسجيله وإذ كان ذلك وكان المدين قد تصرف معارضة لزوجته فإنه لا يكفي أن يثبت وكيل الدائنين غش كل من المدين وزوجته بل عليه أن يثبت أيضاً غش الطاعنين أي علمهما بغش المدين وإعساره وعلم الزوجة المتصرفة إليهما بهذا الغش إلا أن الحكم لم يبحث شيئاً من ذلك واعتبر النشر قرينة على علمهما مع أن بفرض أن النشر يعتبر قرينة فإن المحكمة تكون قد أخطأت في القانون حين عدلت عن التحقيق ولم تمكنهما من نقض هذه القرينة بالدليل العكسي بل وأخطأت في حساب مواعيد سقوط الدعوى البوليصية إذ صدر حكم إشهار الإفلاس في أول ديسمبر سنة 1956 وعلم وكيل الدائنين بالتصرف الصادر للطاعنين من تاريخ النشر الحاصل في 16 يناير سنة 1957 وإذ لم يوجه إليهما طلباته إلا بجلسة 2 فبراير سنة 1960 أي بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ علمه فإن الدعوى تكون قد سقطت بالتقادم.
وحيث إن ما تضمنه سبباً الطعن من نعي على محكمة الدرجة الأولى لعدولها عن حكم التحقيق الذي أصدرته غير مقبول ذلك بأن الطاعنين لم يعترضا على هذا العدول أمام محكمة الاستئناف عند الطعن على الحكم الابتدائي بطريق الاستئناف بل إنهما على ما هو ثابت من صحيفة استئنافهما ومذكرتهما رقم 11 من الملف الاستئنافي قد اتخذا من اعتراض وكيل الدائنين على تنفيذ ذلك الحكم دليلاً على عجزه عن إثبات علمهما باختلال أشغال المدين ومن ثم فإن هذا الدفاع منهما يعتبر سبباً جديداً مما لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض كذلك الشأن فيما يثيراه من سقوط الدعوى البوليصية بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 243 من القانون المدني فإنهما لم يتمسكا بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع وبالتالي فلا يجوز لهما التحدي بهذا التقادم لأول مرة أمام محكمة النقض. وإذ كان ذلك وكانت باقي أوجه الطعن تنصرف إلى حكم محكمة أول درجة الصادر في 28 مايو سنة 1960 الذي قطع في أسبابه بأن تصرف المفلس إلى زوجته يعتبر تبرعاً منه لها وأنه لذلك لا ينفذ في حق جماعة الدائنين وكان أي من الطاعنين والزوجة المتصرف إليها لم يطعن بالاستئناف في هذا القضاء القطعي إلى أن فات ميعاد الطعن فيه وحاز هذا القضاء قوة الأمر المقضي فإنه ما كان يجوز لهما النعي عليه أمام محكمة الاستئناف إذ تحول قوة الأمر المقضي دون ذلك ولا يغير من الأمر أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 11 مارس سنة 1961 والذي استأنفه الطاعنان قد تضمن في منطوقه النص مرة أخرى على عدم نفاذ العقد الصادر من المفلس إلى زوجته المطعون ضدها الثانية إذ ما كان لمحكمة أول درجة أن تقضي بذلك سبق قضائها به قطعياً في أسباب حكمها الذي أصدرته في 28 مايو سنة 1960 واستنفادها بذلك ولايتها في الفصل في تلك المسألة ومن ثم يعتبر ما تضمنه منطوق حكمها الثاني الصادر في 11 مارس سنة 1961 في هذا الخصوص تحصيل حاصل وتقرير واقع وليس قضاءاً جديداً ومتى كان ممتنعاً الطعن على قضاء محكمة أول درجة بعدم نفاذ التصرف الصادر من المفلس إلى زوجته بسبب كونه تبرعاً فإن كل ما يثيره الطاعنان بشأن كون هذا التصرف هو معارضة وليس تبرعاً وما يرتبانه على ذلك يكون ممتنعاً عليهما إثارته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه قد دللا على علم الطاعنين باختلال شغال المدين المفلس بورود اسم المفلس في عقد الطاعنين حيث ذكر فيه أن الملكية آلت منه للبائعة وبما ثبت من اطلاع المحكمة على ملف القصية رقم 445 سنة 1956 إفلاس القاهرة التي حكم فيها بإشهار إفلاس المدين من أنه قد نشر في 16 يناير سنة 1957 بصحيفتي الأهرام والمساء وهما من الصحف المتداولة في أرجاء الجمهورية ومنها بندر أسيوط الذي كان يقيم فيها الطاعنان وقت صدور التصرف إليهما من الزوجة أن محكمة القاهرة الابتدائية حكمت بتاريخ أول ديسمبر سنة 1956 بإشهار إفلاس حكمت تادرس وشفيق تادرس صاحبي أجزاخانة شفيق الجديدة 19 شارع هارون الرشيد بمصر الجديدة وأن ذلك يدل على علم الطاعنين لا باختلال أشغال المدين فحسب بل وبإفلاسه وأضاف الحكم الابتدائي أن حكم الإفلاس يعتبر من الأحكام التي تحدث آثارها في مواجهة الكافة وأن التصرف الصادر من الزوجة إلى الطاعنين قد صدر بعد شهر حكم الإفلاس بأكثر من سنة ونصف وهي مدة كافية لعلمهما به. لما كان ذلك وكانت القرائن التي اعتمدت عليها محكمة الموضوع في التدليل على علم الطاعنين وقت صدور التصرف إليهما من زوجة المفلس بإفلاسه من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى الدلالة التي استخلصتها منها تلك المحكمة فإنه لا يكون لمحكمة النقض عليها من سبيل في ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق