الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يوليو 2023

الطعن 670 لسنة 10 ق جلسة 3 / 2 / 1969 إدارية عليا مكتب فني 14 ج 1 ق 43 ص 340

جلسة 3 من فبراير سنة 1969

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد شلبي يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسنين رفعت ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد فتح الله بركات ومحمد بهجت عتيبة المستشارين.

------------------

(43)

في القضية رقم 670 لسنة 10 القضائية

عسكريون "أفراد القوات المسلحة - نقلهم إلى الوظائف المدنية - تحديد المرتب الأصلي".
الأصل وفقاً لأحكام القانون رقم 235 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة أن يتم النقل إلى الدرجة التي يدخل الراتب المقرر للرتبة العسكرية في مربوطها والاستثناء أن يتم النقل إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة للرتبة العسكرية إذا ما توافر شرطاه - المرتب الأصلي في الحالة الأولى هو المرتب الذي كان مقرراً للرتبة العسكرية، وفي الحالة الثانية هو أول مربوط الدرجة المدنية - الفرق بين المرتب الأصلي وبين مجموع المرتب والتعويضات في الوظيفة العسكرية يؤدي بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى.

--------------------
إن القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" ينص في المادة 125 منه على أنه "في حالة نقل أحد الأفراد إلى وظيفة مدنية ينقل في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها وتحسب أقدميته فيها من تاريخ حصوله على أول مربوطها. ويجوز أن ينقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه، ويتم النقل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية وفي كلتا الحالتين إذا تقاضى الفرد المنقول إلى الوظيفة المدنية رواتب وتعويضات مدنية تقل عن مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية أدى إليه الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات". فمقتضى أحكام هذه المادة أن المشرع بين أحكام النقل إلى الوظائف المدنية في حالتين: الحالة الأولى وهي التي نصت عليها الفقرة الأولى وجعلتها أصلاً للنقل وتتضمن نقل الفرد إلى الدرجة التي يدخل راتبه المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها، والحالة الثانية وهي التي نصت عليها الفقرة الثانية وتعتبر استثناء من هذا الأصل وفيها ينقل الفرد إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة لرتبته العسكرية وذلك بشرطين: الأول أن يبلغ مجموع مرتب الفرد وتعويضات العسكرية بداية مربوط الدرجة المدنية أو يزيد والثاني أن يصدر بالنقل قرار من رئيس الجمهورية، أما عن المرتب الأصلي الذي كان يتقاضاه الموظف المنقول، فإن نصوص المادة 125 المذكورة واضحة الدلالة على أنه المرتب الذي كان مقرراً لرتبته العسكرية في الحالة الأولى وأنه أول مربوط الدرجة المدنية في الحالة الثانية باعتباره الحد الأدنى لهذه الدرجة والذي لا يجوز التعيين بأقل منه وفقاً لقانون موظفي الدولة المعمول به وقتئذ، على أن يؤدي للمنقول في الحالتين الفرق بين مرتبه الأصلي وبين مجموع مرتبه وتعويضاته في الوظيفة العسكرية وذلك بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى، وآية ذلك أن المشرع جعل المناط عند النقل في الحالتين المذكورتين. "الراتب المقرر لرتبته العسكرية" كما نص في الفقرة الثالثة الخاصة بأداء الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده، أنها تسري "في كلتا الحالتين" الواردتين في الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 125 بادية الذكر. ولا محل للقول بأن مؤدى الفقرة الثانية المذكورة هو أن يشمل المرتب الأصلي للموظف المنقول مجموع مرتبه وتعويضاته في الدرجة العسكرية المنقول منها استناداً إلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في شأن نص هذه الفقرة من "أن الموازنة قد أجريت في هذا النص بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف يستولي المنقول بالإضافة إلى ذلك من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية" - لا محل لذلك لأن هذا الذي ورد في المذكرة الإيضاحية يعني أن الموازنة المذكورة هي التي تؤخذ في الاعتبار كشرط لكي يجوز نقل الموظف إلى الدرجة التالية التي يزيد أول مربوطها على المرتب المقرر للرتبة العسكرية مرتباً أصلياً في الوظيفة المدنية المنقول إليها، وأياً كان الأمر في تفسير ذلك، فإنه لا يجوز الاعتداد بما ورد في المذكرة الإيضاحية إذا كان على خلاف المفهوم الواضح من نصوص الفقرات الثلاث من المادة 125 من القانون المشار إليه سيما وأن المشرع نص صراحة على تطبيق حكم الفقرة الثالثة على الحالتين اللتين ينطبق عليهما الفقرتان الأولى والثانية على ما سلف البيان.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 652 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الحربية، بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية في 25 من فبراير سنة 1962 طلب فيها الحكم بأحقية المدعي في العلاوة المستحقة في أول مايو سنة 1961 وبدون استقطاع حتى يصل راتبه إلى 32 جنيهاً و940 مليماً مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف فروق مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب". وتوجز أسانيد دعواه في أنه كان معيناً بالقوات المسلحة في رتبة مساعد أول، وفي 14 من فبراير سنة 1961 صدر القرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 بنقله إلى الكادر المدني في الدرجة الخامسة الكتابية بوزارة الحربية طبقاً للمادة 135 من القانون رقم 235 لسنة 1959، ثم صدر في 2 من مارس سنة 1961 قرار وزير الحربية رقم 293 تنفيذاً للقرار الجمهوري وقد ورد به أن مرتبه الشهري الذي عين به في الدرجة الخامسة هو 30 جنيهاً و940 مليماً على أن يصرف إليه من تاريخ استلامه العمل. وفي 5 من يونيه سنة 1961 أصدر وكيل الوزارة القرار رقم 251 بمنحه العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1961، بيد أن الجهة الإدارية امتنعت عن تنفيذه بناء على ما ارتآه ديوان الموظفين من تعديل القرار الوزاري رقم 293 المشار إليه على أساس منح المدعي أول مربوط الدرجة الخامسة وعلى أن يمنح الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية بصفة شخصية وأن تستقطع العلاوة الدورية التي استحقت له من البدلات السابق حصوله عليها بالكادر العسكري وذلك إلى أن يستنفد الفرق المذكور بالترقيات أو العلاوات أو التعويضات الأخرى. وينعى المدعي على رأي ديوان الموظفين مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: إن الفقرة الثانية من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 تنص على أنه يجوز النقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه ويتم النقل بقرار من رئيس الجمهورية.
ثانياً: إن المذكرة الإيضاحية للقانون بادي الذكر تضمنت أن الموازنة أجريت بالنسبة للنص المذكور بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية وما يقابله من راتب أصلي في الدرجة المدنية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف يستولي عليه المنقول من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية ومن ثم يعتبر مجموع الراتب والبدلات والتعويضات عند النقل في حكم المرتب الأصلي.
ثالثاً: جري العمل بهذا الرأي بالنسبة لعدد من زملائه المنقولين إلى الوظائف المدنية.
رابعاً: صدرت فتوى في 20 من يوليه سنة 1961 من مستشار مجلس الدولة لوزارة الحربية بأن القرارين رقمي 293 و251 سالفي الذكر مطابقان للقانون وأنه يستحق العلاوة الدورية المقررة له دون خصمها من مرتبه.
خامساً: أشارت المذكرة الإيضاحية للقرار الجمهوري الصادر بنقله أن مجموع راتبه وتعويضاته هو 30 جنيهاً 940 مليماً.
سادساً: لا يستند رأي ديوان الموظفين إلى أحكام القانون أو القرار الجمهوري أو إلى مذكرتيهما كما أنه يخالف ما جرى عليه العمل في الحالات المماثلة.
وقد أجابت وزارة الحربية على الدعوى بأن المدعي كان معيناً في وظيفة عسكرية ويتقاضى مرتباً شهرياً قدره 22 جنيهاً و500 مليم و2 جنيه بدل سكن و2 جنيه بدل ملبوس و4 جنيه و440 مليماً بدل تعيين، ثم نقل إلى الوزارة في الدرجة الخامسة الكتابية بالقرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 طبقاً للفقرة الثانية من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959، وصدر القرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 بتعيينه في تلك الدرجة بماهية شهرية قدرها 30 جنيهاً و940 مليماً اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1961 على أن تصرف إليه ماهيته من تاريخ استلامه العمل في 20 من فبراير سنة 1961، وأنه تعقيباً على فتوى مستشار الرأي للوزارة في شأن استحقاق المدعي للعلاوة الدورية التي استحقت له في أول مايو سنة 1961 أيد ديوان الموظفين رأيه السابق والذي رأى فيه تعديل القرار الوزاري المنفذ للقرار الجمهوري على أساس منح المدعي أول مربوط الدرجة الخامسة كمرتب أساسي أما الفرق بينه وبين ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية فيمنح له بصفة شخصية على أن يستهلك بالزيادات التي تطرأ على مرتبه في الوظيفة المدنية ولذلك استقطعت العلاوة الدورية المذكورة من البدلات التي حصل عليها في الوظيفة العسكرية واستبدل بالقرار الوزاري رقم 293 لسنة 1960 القرار الوزاري رقم 1555 لسنة 1961 متضمناً ما انتهى إليه رأي ديوان الموظفين. وبجلسة 26 من أكتوبر سنة 1963 قضت المحكمة الإدارية "برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات" وأقامت قضاءها على أن المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 حددت بما لا يدع مجالاً للشك معاملة المنقولين من الوظائف العسكرية إلى الوظائف المدنية وفرقت بين طائفتين الأولى وهم الذين ينقلون في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبتهم العسكرية في مربوطها والثانية وهو الذين أجاز القانون أن ينقلوا في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل المرتب المقرر لرتبتهم العسكرية في مربوطها على أن يجوز نقلهم بشرطين: الأول أن يكون مجموع الراتب والتعويضات العسكرية يبلغ بداية مربوط هذه الدرجة أو يجاوزه. والثاني: أن يتم النقل بقرار من رئيس الجمهورية، وأنه لما كان المدعي يدخل ضمن الطائفة الثانية وقد صدر القرار الجمهوري رقم 42 لسنة 1961 بنقله ثم صدر قرار وزير الحربية رقم 1555 لسنة 1961 بتعديل القرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 واعتبار تعيين المدعي في الوظيفة المدنية بمجموع مرتبه على أن يكون مقداره بصفة أصلية 25 جنيهاً أول مربوط الدرجة الخامسة بالإضافة إلى 5 جنيه و940 مليماً مقدار باقي البدلات في الوظيفة العسكرية تستنفد من علاوات الترقية والعلاوات الدورية ونصت المادة الثانية من القرار على منحه علاوة دورية مقدارها جنيهان اعتباراً من أول مايو سنة 1961 ليصبح 27 جنيهاً بصفة أصلية - لما كان ذلك وكان الفرق بين مرتب المدعي في الوظيفة العسكرية وبين مرتبه في الوظيفة المدنية يجب أن يؤدى له بصفة شخصية حتى يتم استنفاده من العلاوات الدورية أو علاوات الترقية أو من التعويضات الأخرى فإن طلب المدعي بأحقيته في صرف العلاوة الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1961 حتى يصل راتبه إلى 32 جنيهاً و940 مليماً شهرياً، يكون على غير أساس قانوني متعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن يقوم، حسبما يبين من تقرير الطعن ومن مذكرة الطاعن المودعة خلال فترة حجز الطعن للحكم، على أن قرار وزير الحربية رقم 293 لسنة 1961، بتعيينه في الدرجة الخامسة الكتابية بالوزارة اعتباراً من تاريخ صدور القرار الجمهوري بنقله في 14 من فبراير سنة 1961، قد صدر مطابقاً للقانون فلا يجوز سحبه إذ أصبح نهائياً بفوات المواعيد القانونية للسحب أو الإلغاء وبذلك يكون المرتب، المحدد في القرار المذكور وقدره 30 جنيهاً و940 مليماً مضافاً إليه العلاوة الدورية المستحقة اعتباراً من أول مايو سنة 1961 والتي صدر بها القرار رقم 251 لسنة 1961، مقدراً تقديراً نهائياً لا يجوز تعديله، كما يقوم الطعن على أن الفقرة الثالثة من المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 لا تنطبق في شأنه إذ تقضي الفقرة الثانية من هذه المادة وما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون أن مرتبه عند نقله إلى الوظيفة المدنية، يشمل مرتبه المقرر في الرتبة العسكرية مضافاً إليه التعويضات العسكرية التي كان يتقاضاها قبل نقله ويعتبر مجموع هذه المرتبات مرتباً أصلياً، ومن ثم يكون القرار الوزاري رقم 1555 لسنة 1961 الذي قام عليه الحكم المطعون فيه باطلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان معيناً بالقوات المسلحة في وظيفة عسكرية برتبة مساعد أول بمرتب أصلي قدره 22 جنيهاً و500 مليم شهرياً بالإضافة إلى بدلات مقدارها 8 جنيه و440 مليماً شهرياً، ثم صدر في 14 من فبراير سنة 1961 قرار رئيس الجمهورية رقم 42 لسنة 1961 بنقله إلى وزارة الحربية في الدرجة الخامسة الكتابية وتضمنت مذكرة الوزارة المؤرخة في ديسمبر سنة 1960 المرفوعة إلى السيد رئيس الجمهورية في هذا الشأن أن طلب النقل كان بناء على المادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" لوجود درجة خامسة كتابية خالية بميزانية الوزارة للسنة المالية 59/ 1960 ولأن مجموع راتب المدعي وتعويضاته مقدراها 30 جنيهاً و940 مليماً، وصدر بناء على القرار الجمهوري والقرار الوزاري رقم 293 لسنة 1961 في 2 من مارس سنة 1961 بتعيين المدعي في الدرجة الخامسة الكتابية بمرتب شهري مقداره 30 جنيهاً و940 مليماً اعتباراً من تاريخ استلامه العمل في 20 من فبراير سنة 1961 ثم صدر "الأمر الإداري" رقم 251 في 5 من يونيه سنة 1961 بمنح المدعي علاوة دورية مقدارها جنيهان شهرياً اعتباراً من أول مايو سنة 1961 ليكون مرتبه مضافاً إليه العلاوة 32 جنيهاً و940 مليماً شهرياً. وفي 4 من نوفمبر سنة 1961 صدر القرار الوزاري رقم 1555 بتعديل القرار رقم 293 لسنة 1961 المشار إليه لكي يكون مرتب المدعي عند نقله إلى الدرجة الخامسة 25 جنيهاً شهرياً باعتباره أول مربوط هذه الدرجة على أن يضاف إليه 5 جنيه و940 مليماً باقي مقدار البدلات التي كان يتقاضاها في الوظيفة العسكرية، على أن يستنفد هذا الفرق من علاوة الترقية والعلاوات الدورية طبقاً للمادة 125 من القانون رقم 235 لسنة 1959، كما تضمن القرار رقم 1555 منح المدعي علاوة دورية اعتباراً من أول مايو سنة 1961 تضاف إلى مرتبه الأصلي ليصبح 27 جنيهاً شهرياً.
ومن حيث إن مقطع النزاع هو بيان ما إذا كان المرتب الأصلي الذي يتعين أن يتقاضاه المدعي في الدرجة الخامسة الكتابية يشمل - عند نقله إليها - مجموع راتبه وتعويضاته المقررة له في الوظيفة العسكرية التي نقل منها ومن ثم يستحق أن تصرف العلاوة الدورية المقررة له في أول مايو سنة 1961 فوق مرتبه الأصلي المذكور، أم أن مرتبه الأصلي عند النقل كان أول مربوط الدرجة الخامسة (25 جنيهاً شهرياً) وأن الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية يصرف له بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية والعلاوات فيتعين خصم العلاوة الدورية المذكورة من ذلك الفرق الذي تقاضاه بصفة شخصية.
ومن حيث إن القانون رقم 235 لسنة 1959 "في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرطة والمساعدين وضباط الصف والعساكر بالقوات المسلحة" ينص في المادة 125 منه على أنه في حالة نقل أحد الأفراد إلى وظيفة مدنية ينقل في الدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها وتحسب أقدميته فيها من تاريخ حصوله على أول مربوطها. ويجوز أن ينقل في الدرجة التالية للدرجة التي يدخل الراتب المقرر لرتبته في مربوطها إذا كان مجموع راتبه وتعويضاته يبلغ بداية مربوطها أو يجاوزه، ويتم النقل في هذه الحالة بقرار من رئيس الجمهورية. وفي كلتا الحالتين إذا تقاضى الفرد المنقول إلى الوظيفة المدنية رواتب وتعويضات مدنية تقل عن مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية أدي إليه الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده بالترقية أو العلاوات أو التعويضات. فمقتضى أحكام هذه المادة أن المشرع بين أحكام النقل إلى الوظائف المدنية في حالتين: الأولى وهي التي نصت عليها الفقرة الأولى وجعلتها أصلاً للنقل وتتضمن نقل الفرد إلى الدرجة التي يدخل راتبه المقرر لرتبته العسكرية في مربوطها، والحالة الثانية وهي التي نصت عليها الفقرة الثانية وتعتبر استثناء من هذا الأصل وفيها ينقل الفرد إلى الدرجة التالية للدرجة المقررة لرتبته العسكرية وذلك بشرطين: الأول أن يبلغ مجموع مرتب الفرد وتعويضاته العسكرية بداية مربوط الدرجة المدنية أو يزيد والثاني أن يصدر بالنقل قرار من رئيس الجمهورية، أما عن المرتب الأصلي الذي كان يتقاضاه الموظف المنقول، فإن مفهوم نصوص المادة 125 المذكورة واضحة الدلالة على أنه المرتب الذي كان مقرراً لرتبته العسكرية في الحالة الأولى وأن أول مربوط الدرجة المدنية في الحالة الثانية باعتباره الحد الأدنى لهذه الدرجة والذي لا يجوز التعيين بأقل منه وفقاً لقانون موظفي الدولة المعمول به وقتئذ، على أن يؤدى للمنقول في الحالتين الفرق بين مرتبه الأصلي وبين مجموع مرتبه وتعويضاته في الوظيفة العسكرية وذلك بصفة شخصية حتى يستنفد بالترقية أو العلاوات أو التعويضات الأخرى، وآية ذلك أن المشرع جعل المناط عند النقل في الحالتين المذكورتين. "الراتب المقرر لرتبته العسكرية كما نص في الفقرة الثالثة الخاصة بأداء الفرق بصفة شخصية حتى يتم استنفاده، أنها تسري "في كلتا الحالتين" الواردتين في الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة 125 بادية الذكر. ولا محل للقول بأن مؤدى الفقرة الثانية المذكورة هو أن يشمل المرتب الأصلي للموظف المنقول مجموع مرتبه وتعويضاته في الدرجة العسكرية المنقول منها استناداً إلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية في شأن نص هذه الفقرة من "أن الموازنة قد أجريت في هذا النص بين مجموع الراتب والتعويضات العسكرية ولم يدخل في الاعتبار ما سوف.. يستحق المنقول بالإضافة إلى ذلك من تعويضات مدنية فوق الراتب الأصلي المحدد للدرجة المدنية" - لا محل لذلك لأن هذا الذي ورد في المذكرة الإيضاحية يعني أن الموازنة المذكورة هي التي تؤخذ في الاعتبار كشرط لكي يجوز نقل الموظف إلى الدرجة التالية التي يزيد أول مربوطها على المرتب المقرر للرتبة العسكرية، ومن ثم لا يعني أحقية الموظف المنقول في اعتبار مجموع مرتباته وتعويضاته العسكرية مرتباً أصلياً في الوظيفة المدنية المنقول إليها، وأياً كان الأمر في تفسير ذلك، فإنه لا يجوز الاعتداد بما ورد في المذكرة الإيضاحية إذا كان على خلاف المفهوم الواضح من نصوص الفقرات الثلاث من المادة 125 من القانون المشار إليه سيما وأن المشرع نص صراحة على تطبيق حكم الفقرة الثالثة على الحالتين اللتين ينطبق عليهما الفقرتان الأولى والثانية على ما سلف البيان.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان مرتب المدعي المقرر لرتبته العسكرية 22 جنيهاً و500 مليم ويتقاضى بدلات مقدارها 8 جنيه و440 مليماً وقد صدر قرار جمهوري بنقله إلى الدرجة الخامسة الكتابية متضمناً النص في ديباجته على ما يفيد صدوره بناء على القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة( المعمول به وقتذاك)، وعلى القانون رقم 235 لسنة 1959 المشار إليه، فإن نقله يكون قد تم وفقاً للحالة الثانية التي نصت عليها المادة 125 من هذا القانون، ومن ثم يكون صحيحاً قانوناً ما تضمنه القرار رقم 1555 لسنة 1961 من اعتبار المرتب الأصلي للمدعي عند نقله، 25 جنيهاً شهرياً أول مربوط الدرجة الخامسة الكتابية طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951 بادي الذكر، ومن منحه الفرق بين هذا المرتب وبين مجموع ما كان يتقاضاه في الوظيفة العسكرية بصفة شخصية، مع خصم مقدار العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1961 مما يتقاضاه بصفة شخصية. ولا يقدح في هذا الشأن أن يحاج بأن القراراين رقمي 293 و251 لسنة 1961 السالف الإشارة إليهما قد اكتسبا حصانة تمنع من سحبهما كلياً أو جزئياً لانقضاء ستين يوماً على صدور كل منهما وبالتالي فإن القرار رقم 1555 لسنة 1961 لا يعتد به - لا يقدح ذلك لأن المركز القانوني للمدعي فيما يتعلق بتحديد مرتبه الأصلي في الدرجة المدنية المنقول إليها وما يؤدى إليه فيها بصفة شخصية حتى يتم استنفاده من علاوة الترقية أو العلاوة الدورية أو التعويضات الأخرى، إنما ينشأ مباشرة وبسلطة مقيدة من القانون رقم 235 لسنة 1959، ومن ثم يعتبر القراران المذكوران رقما 293 و251 لسنة 1961 من قبيل القرارات التنفيذية، فيجوز، وقد صدرا بهذه المثابة، سحبهما فيما تضمناه من تسوية وردت على خلاف أحكام القانون، وذلك دون التقيد بميعاد الستين يوماً المحددة لسحب القرارات الإدارية التي تنشأ منها مباشرة المراكز القانونية، ولا تثريب - والحالة هذه - إذا تداركت جهة الإدارة الأمر وأصدرت القرار التنفيذي رقم 1555 لسنة 1961 بتصحيح تسوية حالة المدعي بما يتفق وحكم القانون.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق