الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 يوليو 2023

الطعن 1516 لسنة 5 ق جلسة 7 / 1 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 66 ص 515

جلسة 7 من يناير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

------------------

(66)

القضية رقم 1516 لسنة 5 القضائية

موظف - أقدمية - قانون المعادلات الدراسية 

- تحديد الأقدمية في الدرجة طبقاً لقانون المعادلات من تاريخ التعيين بالحكومة أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً - شرط حساب المدد السابقة في الأقدمية أن تكون قضيت بالحكومة - عدم حساب المدد التي قضيت ببلدية الإسكندرية باعتبارها جهة غير حكومية - صدور القانون رقم 62 لسنة 1955 باعتبار مدد العمل ببلدية الإسكندرية مدة عمل بالحكومة لا يؤثر في الحكم السابق متى كانت شروط تطبيق قانون المعادلات غير متوافرة عند العمل به.

--------------------
إن قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 الذي يستند إليه المدعي في طلب حساب مدة خدمته السابقة ينص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً.." ومن مقتضى ذلك أن المدة التي تحسب في أقدمية الموظف هي المدة التي تقضى في الحكومة.
وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 عن الغرض من إصداره وهو تصفية الأوضاع الخاطئة التي انحرفت إليها السياسات السابقة بإصدارها الأنظمة الخاصة "بالانصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية للمؤهلات وغيرها من المسميات التي صدر بها قرارات من مجلس الوزراء متعارضة ومتضاربة لم يقتصر ضررها على الوظائف ذاتها دائماً وإنما امتد الضرر إلى إيجاد روح من التشاحن والتنابذ والحسد بين مختلف طوائف الموظفين فتفرقوا شعباً وأحزاباً وطوائف كل منها تحاول هدم الأخرى". الأمر الذي حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 للعمل على "تصفية هذا الوضع تصفية نهائية لا رجعة فيها وذلك بإقرار تنفيذ معادلات يوليه وديسمبر سنة 1951 مع تضمينها في قانون موحد يصدر استثناء من قانون التوظف الجديد - القانون رقم 210 لسنة 1951 لتسوية الحالات القديمة المعلقة للآن مع انتهاء شكاوى الطوائف التي كانت ترفع الصوت عالياً من بخس أمرها في التقديرات السابقة وتلك التي كانت تنعى إغفال أمرها إغفالاً تاماً". وإذن فالقانون رقم 371 لسنة 1953 قد هدف إلى تسوية الأوضاع المضطربة السابقة على صدوره ولم يكن الغرض منه وضع قواعد تطبق في مستقبل الأيام وإلا كان في ذلك استمرار للوضع الشاذ السابق عليه والذي صدر هذا القانون للقضاء عليه.
لذلك فإن الأمر بالنسبة لحساب الأقدمية - لا بالنسبة لتقدير المؤهل الذي قرر هذا القانون وضع قواعد خاصة به - يستلزم توافر شروط ثلاثة أولها - أن تكون المدة السابقة مدة عمل في الحكومة، وثانيها - أن تكون هذه المدة سابقة على صدور القانون وثالثها- أن يتحقق الشرطان السابقان عند نفاذ هذا القانون.
فإذا كانت المدة التي يطالب المدعي بحسابها في أقدميته عند نفاذ قانون المعادلات كانت مدة عمل في بلدية الإسكندرية أي في عمل غير حكومي؛ لذلك فإنها لا تحسب في أقدميته، ولا يقدح في ذلك أن القانون رقم 62 لسنة 1955 بشأن تسوية مدد العمل في بلدية الإسكندرية واعتبارها مدة عمل في الحكومة - وبالعكس - هذا القانون على فرض توافر شروطه في المدعي فإنه لا يفيد إذ أنه في الوقت الذي صدر فيه هذا القانون الأخير والذي يعتبر الموظف المنقول من بلدية الإسكندرية إلى الحكومة منقولاً بالحالة التي كان عليها لم يكن المدعي قد توافرت فيه الشروط التي يستلزمها قانون المعادلات عند العمل به وإذاً فليس من حق المدعي أن يعود ويطالب بضم مدة لم يكن من حقه المطالبة بها عند صدور قانون المعادلات نتيجة لصدور القانون رقم 620 سنة 1955 في وقت لاحق.


إجراءات الطعن

في يوم 31 من أغسطس سنة 1959 أودعت وزارة التربية والتعليم سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 2 من يوليه سنة 1959 في القضية رقم 646 لسنة 4 القضائية المقامة من محمد أبو العينين شهاب الدين ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية ابتداء من 3 من فبراير سنة 1955 وألزمت المدعى عليها بالمصروفات" وطلبت وزارة التربية والتعليم، للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن الطعن للمدعي في 28 من ديسمبر سنة 1959، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8 من مايو سنة 1960 وفي 26 من أبريل سنة 1960، أبلغت الحكومة والمدعي بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 ثم تأجلت لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 15 من سبتمبر سنة 1957 طالباً الحكم باعتبار أقدميته في الدرجة التاسعة من تاريخ تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 نفاذاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أنه عين باليومية المستديمة ببلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 ثم عين في سنة 1936 بإحدى الوظائف الكتابية بالدرجة التاسعة ثم رقي إلى الدرجة الثامنة في 4 من نوفمبر سنة 1947 وهو يشغل الآن وظيفة كتابية بالمنطقة التعليمية بشبين الكوم التابعة لوزارة التربية والتعليم، ولما صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية وإذ أنه حاصل على مؤهل موضح بالجدول المرافق للقانون برقم 27 قبل تعيينه ببلدية الإسكندرية كما هو ثابت بملف خدمته إذ أنه كان عند تعيينه سنة 1929 من المنقولين من السنة الثانية إلى السنة الثالثة بمدارس المعلمين الأولية - فنزولاً على حكم القانون رقم 371 لسنة 1953 تعتبر أقدميته في الدرجة التاسعة من تاريخ تعيينه ببلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929. ويذكر أنه تظلم إلى الوزارة طالباً اعتبار أقدميته في الدرجة التاسعة من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار تطبيقاً لأحكام القانون المذكور إلا أن الوزارة لم تأبه لتظلماته المذكورة. وقالت وزارة التربية والتعليم رداً على الدعوى أن المدعي يطالب بتطبيق قانون المعادلات عليه من بدء تعيينه باليومية من أول أكتوبر سنة 1929 إلى 30 من سبتمبر سنة 1936، وتستطرد الوزارة قائلة أن المدة التي يطالب المدعي بضمها كانت باليومية أي على غير درجة فلا يجوز ضمها طبقاً لقرارات الضم ولا يحكم هذه الحالة إلا قرارا مجلس الوزراء الصادران في أغسطس وأكتوبر سنة 1950 اللذان أجازا ضم مدة الخدمة باليومية بشرط أن تكون هذه المدة قضيت في الحكومة ولما كان المدعي قد أمضى هذه المدة ببلدية الإسكندرية أي في مصلحة غير حكومية فلا يستفيد من هذين القرارين. وانتهت الوزارة إلى طلب رفض الدعوى.
وبجلسة 2 من يوليه سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات من أول أكتوبر سنة 1929 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية من 3 من فبراير سنة 1955 وألزمت المدعى عليها المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه نقل من السنة الثانية إلى الثالثة بمدرسة المعلمين الأولية بشبين الكوم وكان التحاقه بامتحان قبول وقد عين بخدمة بلدية الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 بأجر يومي قدره 150 مليماً بوظيفة ملاحظ صحي بجمرك الإسكندرية ثم عين خارج الهيئة في أول أكتوبر سنة 1936 في الدرجة من 4 - 6 جنيهات بأول مربوطها ثم رقي إلى الدرجة 5 - 6 جنيهات في أول أغسطس سنة 1946 ثم عين بوظيفة كاتب بالدرجة التاسعة بمرتب قدره 5 جنيهات بمجلس مديرية بني سويف نقلاً من بلدية الإسكندرية في أول يوليه سنة 1947 وصدر أمر في 13 من أكتوبر سنة 1947 بضم مدة خدمته من تاريخ وضعه على درجة خارج الهيئة في أول أكتوبر سنة 1936 إلى تاريخ نقله لمجلس المديرية. وفي 4 من نوفمبر سنة 1947 رقي إلى الدرجة الثامنة. وفي 18 من يناير سنة 1948 نقل إلى مجلس مديرية المنوفية بماهيته ودرجته ثم نقل إلى وزارة التربية والتعليم من أول مارس سنة 1951 تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 بنقل اختصاصات مجالس المديريات في شئون التعليم إلى وزارة التربية والتعليم، وبعد أن نقل المدعي إلى وزارة التربية والتعليم أثيرت مسألة ضم مدة خدمته في الدرجة التاسعة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1936 وانتهى الرأي فيها إلى أنه لا محل لسحب ما تم من ضم هذه المدة لمضي المواعيد المقررة للسحب فيبقى وضع المدعي كما هو.
ولما كان الثابت مما تقدم أن المدعي نقل إلى وزارة التربية والتعليم تنفيذاً للقانون رقم 108 لسنة 1950 بشأن نقل اختصاصات مجالس المديريات إلى وزارة المعارف وإذ يستفاد من القانون المشار إليه أن موظفي التعليم الأولى بمجالس المديريات يعتبرون منقولين بحالتهم التي كانوا عليها بهذه المجالس تنفيذاً لحكم المادة الأولى من القانون ومن ثم تعتبر مدة خدمتهم بأكملها متصلة سواء ما قضى بمجالس المديريات أو وزارة التربية والتعليم ويعتبر تاريخ تعيينهم الفعلي والقانوني هو التاريخ الذي التحقوا به بخدمة هذه المجالس، وأنه على مقتضى ما تقدم فإن تاريخ التحاق المدعي بمجلس مديرية بني سويف يعتبر هو تاريخ تعيينه الفعلي بخدمة الحكومة.
ولما كان القانون رقم 62 لسنة 1955 والمعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 3 من فبراير سنة 1955 قد نص في مادته الأولى على أن "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون بالحالة التي يكون عليها كل منهم من تاريخ تعيينه" ونص في المادة الثانية "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحتسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم..." ونص في المادة الثالثة "تسري أحكام هاتين المادتين السابقتين على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة وكذا على من سبق نقله منهم إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون" ولما كان المستفاد من النصوص السابقة أن موظفي ومستخدمي مجلس بلدي الإسكندرية الذين ينقلون إلى الحكومة أو من سبق نقله إذا طلب ذلك خلال المدة المنصوص عليها تعتبر مدة خدمتهم كلها في مجلس بلدي مدينة الإسكندرية والحكومة وحدة لا تتجزأ ولما كان المدعي تقدم بحافظة ضمنها صورة الكتاب الذي تقدم به لبلدية الإسكندرية بطلب تطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه في 12 من مارس سنة 1955 كما ضمنها أصل الكتاب المؤرخ 13 من مارس سنة 1955 المرسل من وزارة التربية والتعليم إلى بلدية الإسكندرية بإرسال الالتماس المقدم منه بطلب تطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه، وقد منحت المحكمة المدعى عليها، أجلاً للرد على هذه المستندات فلم تعقب عليها بشيء، ولا شك أن المستند الأخير قاطع في أن المدعي تقدم بطل إعمال القانون المشار إليه في حقه في الميعاد المنصوص عليه به.
ولما كان مفاد ما تقدم كله أن مدة خدمة المدعي كلها من بدء تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 ببلدية الإسكندرية أصبحت مدة متصلة وكأنها قضيت كلها بالحكومة، ويستطرد الحكم قائلاً أنه بالنسبة لتطبيق القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية، أنه لا شك في إفادة المدعي من أحكامه ما دام أنه عين قبل سنة 1952 ومن الموظفين المعينين بصفة دائمة في وظيفة دائمة داخل الهيئة وإذ هو بالدرجة الثامنة الآن.
ولما كان قانون المعادلات الدراسية قدر لمؤهل المدعي الدرجة التاسعة بمرتب 5 جنيهات في البند 27 من الجدول المحق به فيتعين لذلك اعتباره في الدرجة وبالماهية المقررة لمؤهله من تاريخ تعيينه بالحكومة ما دام الثابت أنه حصل على المؤهل المذكور قبل التحاقه بالخدمة، وأنه على مقتضى ما تقدم يتعين تسوية حالة المدعي باعتباره في الدرجة التاسعة بمرتب 5 جنيهات ابتداء من أول أكتوبر سنة 1929، وبالنسبة للفروق المالية المترتبة على هذه التسوية فإن المدعي لا يستحقها إلا منذ نفاذ القانون رقم 62 لسنة 1955 باعتبار أن حقه فيها نشأ منه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المحكمة استندت في حكمها المطعون فيه إلى القانون رقم 62 لسنة 1955 وقررت في أسبابها إلى أن المستفاد من نصوص هذا القانون أن موظفي ومستخدمي مجلس بلدي الإسكندرية الذين ينقلون إلى الحكومة أو من سبق نقلهم إذا طب ذلك خلال المدة المنصوص عليها تعتبر مدة خدمتهم كلها في مجلس بلدي الإسكندرية والحكومة وحدة لا تتجزأ وأنه إذ قدم المدعي طلبه بتطبيق القانون رقم 62 لسنة 1955 في شأنه في الميعاد المنصوص عليه فإن مدة خدمة المدعي كلها من بدء تعيينه في أول أكتوبر سنة 1929 ببلدية الإسكندرية أصبحت مدة متصلة وكأنها قضيت كلها بالحكومة وأنه بالنسبة لتطبيق قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 فقد قررت المحكمة إفادة المدعي بأحكامه ما دام أنه عين قبل سنة 1952 وأنه من الموظفين المعينين بصفة دائمة. ويقول الطعن أن هذا النظر من المحكمة لا يتفق مع القانون أو الواقع: (أولاً) ذلك لأن القانون رقم 62 لسنة 1955 والذي استندت إليه المحكمة قد نص في مادته الثانية على أن تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة واحدة لا تتجزأ، وإذ كان المطعون ضده معيناً بمجلس بلدي الإسكندرية في أول أكتوبر سنة 1929 ونقل في أول يوليه سنة 1947 بنفس درجته ومرتبه إلى مجلس مديرية بني سويف، ولما كانت المدة التي تقضي في مجالس المديريات لا تعتبر مدة حكومية وإذا اشترط القانون رقم 62 لسنة 1955 لاستفادة الموظف منه أن ينقل من المجلس البلدي الحكومة لذلك فإن القانون المذكور لا يمكن تطبيقه على حالة المطعون ضده وبالتالي لا يمكن للمذكور الاستفادة من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953.
(ثانياً) من المقرر أن القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 لا يطبق على من كان من الموظفين في وقت صدوره شاغلاً درجة أعلى من الدرجات التي قررها هذا القانون لمؤهله.
ولما كان المطعون ضده في الدرجة الثامنة وقت صدوره في سنة 1953 وكان هذا القانون يقرر مؤهله الدراسي الدرجة التاسعة بمرتب خمسة جنيهات فإن هذا القانون لا يطبق على المطعون ضده (ثالثاً) نصت المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون، في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهله. ولما كان المطعون ضده في الدرجة الثامنة وقت صدوره في سنة 1953 من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، مع مراعاة الأقدميات النسبية الاعتبارية المشار إليها في المادتين 6، 7 من هذا القانون بالنسبة لحملة المؤهلات المحددة بهما".
ولما كانت المحكمة قضت في حكمها المطعون فيه بوضعه في الدرجة التاسعة من أول أكتوبر سنة 1929 بالتطبيق لقانون المعادلات وبالرغم من أنه لم يعين في الحكومة إلا في سنة 1950 ولا شك أن التعيين بالحكومة المقصود في المادة الأولى هو التعيين الفعلي وليس التعيين بعد ضم مدة خدمة اعتبارية لخدمة الموظف وعلى هذا فإنه بفرض انطباق أحكام قانون المعادلات على المطعون ضده تكون تسوية حالته بوضعه في هذه الدرجة من تاريخ نقله للحكومة لا من تاريخ شغله لإحدى وظائف المجلس البلدي الذي لم يكن تابعاً للحكومة.
ومن حيث إن قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 الذي يستند إليه المدعي في طلب حساب مدة خدمته ينص في مادته الأولى على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول، وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً.." ومن مقتضى ذلك أن المدة التي تحسب في أقدمية الموظف هي المدة التي تقضى في الحكومة.
وقد كشفت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 371 لسنة 1953 عن الغرض من إصداره وهو تصفية الأوضاع الخاطئة التي انحرفت إليها السياسات السابقة بإصدارها الأنظمة الخاصة "بالانصافات ومعادلات الشهادات والتقديرات المالية للمؤهلات وغيرهم من المسميات التي صدر بها قرارات من مجلس الوزراء متعارضة ومتضاربة لم يقتصر ضررها على الوظائف ذاتها دائماً وإنما امتد الضرر إلى إيجاد روح من التشاحن والتنابذ والحسد بين مختلف طوائف الموظفين فتفرقوا شعباً وأحزاباً وطوائف كل منها تحاول هدم الأخرى. الأمر الذي حدا بالمشرع إلى إصدار القانون رقم 371 لسنة 1953 للعمل على تصفية هذا الوضع تصفية نهائية لا رجعة فيها وذلك بإقرار تنفيذ معادلات يوليه وديسمبر سنة 1951 مع تضمينها في قانون موحد يصدر استثناء من قانون التوظف الجديد - القانون رقم 210 سنة 1951 - لتسوية الحالات القديمة المعلقة للآن مع انتهاء شكاوى الطوائف التي كانت ترفع الصوت عالياً من بخس أمرها في التقديرات السابقة وتلك التي كانت تنعى إغفال أمرها إغفالاً تاماً" وإذن فالقانون رقم 371 سنة 1953 قد هدف إلى تسوية الأوضاع المضطربة السابقة على صدوره ولم يكن الغرض منه وضع قواعد تطبق في مستقبل الأيام وإلا كان في ذلك استمرار للوضع الشاذ السابق عليه والذي صدر هذا القانون للقضاء عليه.
ومن حيث إنه لذلك فإن الأمر بالنسبة لحساب الأقدمية - لا بالنسبة لتقدير المؤهل الذي قرر هذا القانون وضع قواعد خاصة به - يستلزم توافر شروط ثلاثة أولها - أن تكون المدة السابقة مدة عمل في الحكومة وثانيها - أن تكون هذه المدة سابقة على صدور القانون وثالثها - أن يتحقق الشرطان السابقان عند نفاذ هذا القانون.
ومن حيث إن المدة التي يطالب المدعي بحسابها في أقدميته عند نفاذ قانون المعادلات كانت مدة عمل في بلدية الإسكندرية أي في عمل غير حكومي لذلك فإنه لا تحسب في أقدميته، ولا يقدح في ذلك أن القانون رقم 62 لسنة 1955 بشأن تسوية مدد العمل في بلدية الإسكندرية واعتبارها مدة عمل في الحكومة - وبالعكس - هذا القانون على فرض توافر شروطه في المدعي فإنه لا يفيد؛ إذ أنه في الوقت الذي صدر فيه هذا القانون الأخير، والذي يعتبر الموظف المنقول من بلدية الإسكندرية إلى الحكومة منقولاً بالحالة التي كان عليها، لم يكن المدعي قد توافرت فيه الشروط التي يستلزمها قانون المعادلات عند العمل به، وإذن فليس من حق المدعي أن يعود ويطالب بضم مدة خدمة لم يكن من حقه المطالبة بها عند صدور قانون المعادلات نتيجة لصدور القانون رقم 62 لسنة 1955 في وقت لاحق.
ومن حيث إنه، وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصاريفها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق