جلسة 21 من مارس سنة 1968
برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
----------------
(85)
الطعن رقم 89 لسنة 34 القضائية
(أ) نقض. "الخصوم في الطعن". "بطلان الطعن". بطلان. دعوى. "دعوى الاستحقاق الأصلية ودعوى الاستحقاق الفرعية".
بطلان الطعن بالنسبة لبعض الخصوم - في دعوى الاستحقاق الأصلية - يقتصر أثره عليهم بخلاف دعوى الاستحقاق الفرعية، إذ لم يوجب القانون في دعوى الاستحقاق الأصلية ما أوجبه في دعوى الاستحقاق الفرعية من اختصام أشخاص معينين.
(ب) التزام. "تضامم المدينين".
ليس في القانون ما يمنع من مسئولية مدينين متعددين عن دين واحد. تضامم هؤلاء المدينين في الدين دون تضامن بينهم مسئولية كل منهم عن كل الدين وللدائن التنفيذ به كله قبل أيهما.
(ج) إثبات. "إجراءات الإثبات". خبرة. "الاستعانة بخبير استشاري".
عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة الخصوم إلى طلب الاستعانة بخبير استشاري.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 14 لسنة 1960 كلي الفيوم على المطعون ضدهم تطلب الحكم لها بثبوت ملكيتها إلى حصة قدرها 9 و1/ 10 قيراطاً من 24 قيراطاً شائعة في المنزل المبين الحدود والمعالم بصحيفتها وإلغاء إجراءات التنفيذ التي اتخذها المطعون ضده الثاني (بنك التسليف) على هذا القدر بما فيها محضر مرسى المزاد الصادر لصالح المطعون ضده الأول بجلسة المزايدة المنعقدة بمديرية الفيوم بتاريخ 21 فبراير سنة 1959 واعتبار هذه الإجراءات كأن لم تكن وشطب ومحو كافة التسجيلات المترتبة عليها وقالت الطاعنة في بيان دعواها إنها تملك نصف المنزل محل النزاع بموجب عقد بيع مسجل في 14/ 8/ 1945 ويملك زوجها المطعون ضده الثالث النصف الآخر وأن بنك التسليف المطعون ضده الثاني أوقع حجزاً إدارياً على النصف المملوك لها وفاءاً لدين له على زوجها وأشهر بيع الحصة المطالب بها ورسا مزادها على المطعون ضده الأول وأنه إذ كانت هي غير مدينة للبنك ولم توجه إجراءات التنفيذ إليها فإن هذه الإجراءات بما فيها رسو المزاد تكون باطلة - وطلب المطعون ضدهما الأول والثاني رفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعنة قبلت الالتزام بدين البنك قبل زوجها وذلك بموجب إقرارين موقعين منها في 17 نوفمبر سنة 1954 و7 سبتمبر سنة 1955 وقد تم توجيه إجراءات التنفيذ إليها باعتبارها مدينة وفقاً للقانون - وإذ قدم البنك المطعون ضده الثاني هذين الإقرارين ادعت الطاعنة بتزويرهما وفي 9 نوفمبر سنة 1960 قضت المحكمة بندب خبير من قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة توقيع الطاعنة على التوقيعين المدعي بتزويرهما وبعد أن قدم الخبير تقريره مثبتاً صحة هذين التوقيعين حكمت المحكمة في 27/ 12/ 1962 برفض الإدعاء بتزوير الإقرارين وتغريم الطاعنة خمسة وعشرين جنيهاً عن كل منهما للخزانة العامة وبرفض الدعوى فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف وقيد استئنافها برقم 145 سنة 1 قضائية - وفي 14 ديسمبر سنة 1963 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في قضائها بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين أبدت في الأولى الرأي برفض الطعن وانتهت في الثانية إلى طلب بطلانه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها الأخير.
وحيث إن مبنى دفع النيابة ببطلان الطعن هو أن الطاعنة لم تقم بإعلانه إلى ورثة المدين المطعون ضده الثالث وأنه لما كانت الدعوى دعوى استحقاق أصلية فإنه يجب طبقاً للمادة 705 من قانون المرافعات اختصام المدين أو ورثته فيها ويترتب على عدم إعلان هؤلاء الورثة بالطعن بطلانه بالنسبة لهم وبالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إنه يبين من ورقة إعلان الطعن المؤرخة 31/ 7/ 1965 أن المطعون ضده الثالث صوفي فراج لم يعلن لوفاته من شهرين سابقين على ذلك التاريخ - ولما كان الطعن قد رفع في 10 فبراير سنة 1964 وأدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون وكانت المادة 3/ 2 من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليو سنة 1956 قد نصت على اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 سنة 1955 الذي أنشأ هذه الدوائر قد أوجبت على الطاعن إعلان الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون السلطة القضائية المشار إليه ونص المادة 11 من قانون إصداره أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان هذا الطعن فيه يبدأ من تاريخ نشره في 22 يوليو سنة 1965 وإذ كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعنة بإعلان ورثة المطعون ضده الثالث خلال هذا الميعاد وحتى انقضى الميعاد الذي منحه لها القانون رقم 4 لسنة 1967 وهو 15 يوماً تبدأ من تاريخ نشره في 11 مايو سنة 1967 فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليها في المادة 431 من قانون المرافعات سالفة الذكر والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة لورثة المطعون ضده الثالث، ولما كانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هي دعوى استحقاق أصلية رفعت بعد رسو المزاد وليست دعوى استحقاق فرعية مما تنص عليه المادة 705 من قانون المرافعات فإن أثر هذا البطلان يقتصر حسبما جرى به قضاء هذه المحكمة على هؤلاء الورثة الذين لم يعلنوا بالطعن ولا يمتد إلى غيرهم من المطعون ضدهم الذين صح إعلانهم به ذلك أن القانون لم يوجب في دعوى الاستحقاق الأصلية ما أوجبه في دعوى الاستحقاق الفرعية من اختصام أشخاص معينين بحيث يترتب على بطلان الطعن بالنسبة لأحدهم بطلانه بالنسبة للجميع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل في أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن القانون 308 لسنة 1955 يخول الدائن المسموح له بإجراء التنفيذ بالطريق الإداري اتخاذ هذه الإجراءات ضد مدينه فقط ولذلك كان يتعين على المطعون ضده الثاني (بنك التسليف) التنفيذ على نصف المنزل المملوك لمدينه "المطعون ضده الثالث" دون النصف الآخر المملوك لها وأنه بفرض صحة الإقرارين المقدمين من البنك الدائن واللذين ادعت تزويرهما فإن ما جاء بهما لا يعدو أن يكون ضماناً عادياً منها لزوجها المطعون ضده الثالث فلا يجوز للبنك أن يرجع عليها على أساس هذا الضمان إلا بعد تجريد زوجها المدين وإذ اعتبرها الحكم المطعون فيه مدينة أصلية لبنك التسليف دون أن يبين ماهية الالتزام المنسوب لها وهل يعتبر ضماناً عادياً أو اشتراكاً في المديونية أو مديونية بالتضامن أو ضماناً بالتضامن مع ما لهذا البيان من أثر في نتيجة الحكم فإنه يكون مشوباً بالقصور علاوة على مخالفته للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما جاء بتقريرات الحكم المطعون فيه من "أنه وقد ثبت للمحكمة صحة توقيعات المستأنفة (الطاعنة) على الإقرارين المطعون عليهما فإنه يكون قد ثبت كذلك مديونيتها لبنك التسليف (المطعون ضده الثاني) في المبالغ الواردة بهذين الإقرارين وهي المنفذ بها ضدها هي وزوجها المدين الأصلي" هذا الذي قرره الحكم يفيد أنه اعتبر الطاعنة بمقتضى الإقرارين الموقعين منها واللذين تعهدت فيهما شخصياً بسداد جميع دين البنك قبل زوجها المطعون ضده الثالث مدينة منضمة إلى زوجها المدين الأصلي ومن ثم يكون للدائن مطالبة أي منهما بكل الدين، وهذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه إذ ليس في القانون ما يمنع مسئولية مدينين متعددين عن دين واحد نحو دائن واحد فيكون هؤلاء المدينون متضامنين في هذا الدين دون أن يكون هناك تضامن بينهم ويكون كل منهما مسئولاً عن كل الدين ويستطيع الدائن التنفيذ به كله قبل أيهما - لما كان ذلك وكان ما قرره الحكم المطعون فيه يحمل الرد الضمني على دفاع الطاعنة بأنها كفيلة لا مدينة أصلية فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها دللت على صحة طعنها بالتزوير في الإقرارين المنسوبين إليها بانعدام صلتها بالدين المشار إليه فيهما وانعدام العلة من التزامها به وقالت إنه لو صح أن البنك طلب منها الالتزام بهذا الدين وإصدار هذين المحررين لهذا الغرض لكانت هناك مكاتبات بينها وبين البنك بهذا الشأن وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري مما يجله مشوباً بالقصور. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه قد شابه التخاذل والتناقض ذلك أنه رد على طلب الطاعنة الاستعانة بخبير استشاري بأن تقرير الخبير المعين في الدعوى بني على أسس فنية سليمة تكفي لحمله ولاقتناع المحكمة بصحة النتيجة التي انتهى إليها وأن الطاعنة لم توجه إلى هذا التقرير أي مطعن سوى ما قررته من أن هذا الخبير هو خبير كيمائي - وهذا الذي قرره الحكم كان يستدعي حتماً السماح للطاعنة بالاستعانة بالخبير الاستشاري ما دامت قد أبانت للمحكمة بأن الخبير الذي عينته ليس له دراية بفن بحث الخطوط وإذ لم تجبها المحكمة إلى هذا الطلب فإنها تكون بذلك قد حرمتها من تقديم الدليل على صحة طعنها على تقرير الخبير المعين في الدعوى فما كان يصح بعد ذلك أن تأخذ عليها المحكمة عدم تقديمها هذا الدليل وإذ فعلت فإن حكمها يكون متخاذلاً ومتناقضاً.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد ذلك أن الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه قد اعتمدا في القضاء بصحة الإقرارين المدعي بتزويرهما على (أولاً) تقرير الخبير المعين في الدعوى والذي رأت محكمة الموضوع أنه بني على أسس فنية صحيحة وأسباب سائغة تكفي لحمله ولتحصيل اقتناع المحكمة بصحة النتيجة التي انتهى إليها (ثانياً) نتيجة المضاهاة التي أجرتها بنفسها المحكمة الابتدائية ومن بعدها المحكمة الاستئنافية والتي جاءت مؤكدة للنتيجة التي انتهى إليها الخبير (ثالثاً) أن إحدى الورقتين المدعي تزويرهما وهي الورقة المؤرخة 7 سبتمبر سنة 1955 تحمل توقيع زوج الطاعنة بإمضائه كشاهد عليها وقد أقر الزوج أمام المحكمة بجلسة 9 مارس سنة 1961 بصدور هذا التوقيع منه (رابعاً) أن الطاعنة أسست دعواها على أنها لم تعلن بإجراءات الحجز العقاري الإداري وبإجراءات البيع ولم تعلن بها وقد ثبت للمحكمة أنها أخطرت بهذه الإجراءات وامتنعت عن استلام الإخطارات الخاصة بذلك وأن هذه الإجراءات كانت موجهة إليها شخصياً باعتبارها مدينة أصلية كما كانت موجهة إلى زوجها وأنها أي الطاعنة قد وقعت بإمضائها على محضر حجز المنقولات المؤرخ في 12 فبراير سنة 1957 وفاء الذات دين البنك وكان توقيعها على هذا المحضر باعتبارها مدينة وحارسة - ولما كانت هذه الأدلة والقرائن التي استندت إليها محكمة الموضوع من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من صحة الورقتين المدعي بتزويرهما وكانت عبارات هذين الورقتين الموقع عليهما من الطاعنة بإمضائها صريحة في أنها قبلت الالتزام شخصياً بدين البنك قبل زوجها وتعهدت بسداده فإن المحكمة لم تكن بعد ذلك بحاجة لتحقيق دفاع الطاعنة بانعدام علة التزامها بهذا الدين أو الرد على هذا الدفاع بأكثر مما ورد في حكمها. لما كان ذلك وكان لا إلزام على محكمة الموضوع في أن تجيب الخصم إلى طلب الاستعانة بخبير استشاري إذ الأمر في إجابة هذا الطلب وعدم إجابته متروك لتقديرها وكان لا تناقض ولا تخاذل فيما ردت به المحكمة على هذا الطلب بل إن فيما قررته من اقتناعها بصحة توقيعات الطاعنة على الإقرارين المدعي بتزويرهما من المضاهاة التي أجراها الخبير والمضاهاة التي أجرتها هي بنفسها ما يسوغ رفض ذلك الطلب فإن النعي بالسببين الثاني والثالث لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويتعين لذلك رفض الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق