جلسة أول مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار: الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، محمد حسب الله، أحمد ضياء عبد الرازق عيد والدكتور جمال الدين محمود.
----------------
(131)
الطعن رقم 945 لسنة 44 القضائية
عمل "سلطة صاحب العمل". "نقل العامل".
نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من مركزه الذي كان يشغله. عمل تعسفي إذا قصد الإساءة إليه. حق صاحب العمل أن يعهد إليه بعمل آخر ولو اختلف عنه اختلافاً جوهرياً متى اقتضت ذلك ضرورة ملجئة. شرطه. أن يكون ذلك مؤقتاً بالقدر اللازم لمواجهة هذه الضرورة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 496 سنة 1964 عمال كلي القاهرة بطلب إلغاء قرار المؤسسة المطعون ضدها الصادر في 11/ 12/ 1962 بنقله من وظيفته المتعاقد عليها كمراسل خارجي مع ما يترتب على ذلك من آثار خاصة بالمرتب والاشتراك في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وإلزام المؤسسة أن تدفع له أيضاً تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه. وقال بياناً للدعوى أنه كان يعمل لدى المؤسسة المطعون ضدها في وظيفة مراسل خارجي لجريدة الأخبار مقابل أجر شهري مقداره 200 جنيه خلاف البدلات وبتاريخ 11/ 12/ 1962 أخطرته المؤسسة بنقله إلى وظيفة أدنى بإدارة الإعلانات تختلف عن وظيفته اختلافاً جوهرياً مع تخفيض مرتبه إلى 100 جنيه شهرياً وإذ خالف هذا النقل شروط العقد وأحكام القانون وألحق به أضراراً مادية وأدبية فقد رفع الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 13 من مارس سنة 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 2120 سنة 88 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة، فقضت في 26 من يونيو سنة 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 26 من يناير سنة 1980. وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن بالسببين الثالث والرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. ويقول بياناً لذلك أن الحكم أغفل الرد على أساس دعواه التي تستند إلى الاختلاف الجوهري بين عمله الذي كان يقوم به كصحفي متجول والعمل المنقول إليه بإدارة - الإعلانات، كما خلص في عبارة مجملة إلى أن هذا النقل لم يصبه بضرر مادي أو أدبي بغير الرد على مستنداته المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية لأول مرة.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني على أن "نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من المركز الذي كان يشغله لغير ما - ذنب جناه لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحته العمل، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة العامل" وفي المادة 57 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 على أنه "لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة في الاتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، وله أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً" يدل على أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من مركزه الذي يشمله يعد عملاً تعسفياً إذا تغيا الإساءة إليه، ويمتنع على صاحب العمل تكليف العامل بصفة دائمة بعمل غير عمله المتعاقد عليه يختلف عنه اختلافاً جوهرياً، ولكن يسوغ له أن يعهد إليه بعمل آخر غير المتفق عليه ولو اختلف عنه اختلافاً جوهرياً إذا اقتضت ذلك ضرورة ملجئة من دواعي العمل بشرط أن يكون هذا التغير مؤقتاً فلا يدوم إلا بالقدر اللازم لمواجهة هذه الضرورة ويزول بزوالها ولما كان البين من الأوراق أن الطاعن عمل ابتداء لدى المؤسسة المطعون ضدها كمراسل صحفي لها بموسكو وبيروت ثم نقل إلى إدارة الإعلانات بها اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1962، وكانت شهادة نقابة الصحفيين التي قدمها إلى المحكمة الاستئنافية - التي جاء بها أن عمل مندوب الإعلانات ليس من الأعمال الصحفية - تنبئ عن أن عمل الطاعن وبتلك الإدارة يختلف - اختلافاً جوهرياً عن عمله كمراسل صحفي خارجي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي لأسبابه التي انتهى فيها إلى نقل الطاعن بمنأى عن الإساءة لأنه نقل من موسكو لعدم تجديد إقامته بها ومن بيروت لإغلاق مكتب المطعون ضدها فيها وأن وظيفته المنقول إليها لا تغاير في طبيعتها وظيفته الأولى ولم يلحقه الضرر المادي أو الأدبي من هذا النقل لعدم تغيير أجره، وذلك بغير أن يستظهر في مدوناته دلالة شهادة نقابة الصحفيين المشار إليها، حالة أن الطاعن لم يرفع دعواه بالمنازعة في النقل من موسكو وبيروت بمجرده وإنما نازع بموجبها في نقله إلى عمل بإدارة الإعلانات يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمل المراسل الصحفي الخارجي المتفق عليه أصلاً، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه لهذين السببين بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق