جلسة 3 من إبريل سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.
---------------
(199)
الطعن رقم 703 لسنة 47 القضائية
(1) استئناف. نقض "السبب الجديد".
النعي بخلو الملف الاستئنافي من نسخة الحكم الابتدائي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. إثبات الحكم المطعون فيه في مدوناته اطلاعه على ذلك الحكم. اعتبار النعي عارياً عن الدليل.
(2) أحوال شخصية. "ولاية على المال". اختصاص. أهلية. دعوى.
اختصاص محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بالفصل في مواد الحساب بين عديم الأهلية أو ناقصها وبين النائب عنهما. مناطه. قيام المادة أمامها. عدم تقديم الحساب إليها. أثره. للقاصر عند بلوغه سن الرشد حتى الالتجاء إلى طريق الدعوى العادية وفقاً للقواعد العامة.
(3، 4) إثبات "اليمين الحاسمة". محكمة الموضوع.
(3) اليمين الحاسمة ملك للخصم. التزام القاضي بإجابة طلب توجيهها متى توافرت شروطها وكان الطالب غير متعسف في طلبها. استقلال محكمة الموضوع باستخلاص كيدية اليمين متى استندت لأسباب سائغة.
(4) استخلاص المحكمة لكيدية اليمين بشأن واقعة الوفاء من أن الدعوى ظلت متداولة مدة 12 سنة أمام المحكمة دون الادعاء بحصول هذا الوفاء. لا خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 852 لسنة 1961 مدني أمام محكمة المنصورة الابتدائية وقال بياناً لها إن مورثه المرحوم.... توفى في شهر سبتمبر سنة 1953 وخلف تركة أثبت بمحضر حصرها بيان لأعيانها التي تشمل أرضاً زراعية مساحتها مائتا فدان وماكينة طحين ومضرب أرز وآلات زراعية خلاف الماشية والمنقولات، وكان وقتئذاك قاصراً فأسندت الوصاية إلى أخيه الطاعن الذي لم تتم محاسبته عن فترة وصايته أمام محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال، ومن بعد بلوغه سن الرشد ظل الطاعن يضع يده على نصيبه الموروث في التركة معرضاً عن تسليمه شيئاً من الريع ولذا فقد أقام دعواه طالباً الحكم بإلزام الطاعن بتقديم كشف حساب منذ وفاة المورث، وأثناء سير الدعوى طلب المطعون ضده قصر الحساب على الفترة التي تبدأ من أول عام 1960، وبتاريخ 3 من فبراير سنة 1966 قضت محكمة المنصورة بندب خبير لتصفية الحساب بين طرفي التداعي منذ بداية سنة 1960 وحتى تاريخ هذا الحكم، وقدم الخبير تقريراً خلص في نتيجته إلى أن تصفية الحساب عن الفترة التي حددها الحكم أسفرت عن أن الطاعن مدين للمطعون ضده بمبلغ 3072 ج و451 م، ومن بعد ذلك أبدى المطعون ضده تعديلاً لمطلبه من دعواه إلى الحكم بإلزام الطاعن أن يؤدى له المبلغ الوارد بتقرير الخبير، وبتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1973 قضت المحكمة بهذا الطلب. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 506 لسنة 25 قضائية، وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن نسخة حكم محكمة أول درجة لم تكن مرافقة لأوراق الدعوى لدى نظرها أمام محكمة الاستئناف، ودلالة ذلك أنه بمناسبة رفعه الطعن بالنقض قدم طلباً لتسليمه صورة رسمية من ذلك الحكم إلى قلم كتاب محكمة استئناف المنصورة الذي أثبت بطلبه أن الحكم المستأنف محل مطالبة برسوم مستحقة على الدعوى التي صدر فيها ومودع بالمحكمة الابتدائية من تاريخ 4/ 12/ 1973 وإزاء ذلك لم يتمكن من تسلم الصورة الرسمية منه إلا بعد إصدار رئيس المحكمة الابتدائية أمره على الطلب الذي تقدم به إليه، وإنه لما كانت محكمة الاستئناف لم تأمر بضم نسخة الحكم المستأنف ولم تطلع عليه حتى أصدرت قضاءها المطعون فيه، فإن حكمها يكون معيباً بالبطلان، هذا إلى أنه وإن كانت تلك المحكمة قد أوردت بأسباب حكمها ما يفيد مطالعتها الحكم الابتدائي وتأييده للأسباب التي بني عليها، إلا أن في ذلك ما يناقض الثابت بالأوراق، لما تبين من إفادة قلم كتاب المحكمة أن الحكم لم يكن مطروحاً عليها، بل كان موضع مطالبة بالرسوم ومودع بالمحكمة الابتدائية الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن بطلانه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لما كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بأن أوراق الدعوى المطروحة عليها خلو من نسخة الحكم الابتدائي، فإن ما يثيره من نعي بالبطلان في هذا الصدد يكون قائماً على أمور واقعية لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع فلا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الأصل في الإجراءات أن تكون قد روعيت، وكان ما تضمنته الورقة المقدمة من الطاعن والتي تحمل إفادة قلم كتاب محكمة الاستئناف قاصرة عن إثبات أن مفردات الدعوى طرحت على المحكمة وفصلت فيها دون أن تكون مشتملة على نسخة رسمية من الحكم الابتدائي، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق يكون غير مقبول لافتقاره إلى الدليل الذي يدحض ما أثبت به من اطلاع المحكمة على ذلك الحكم المستأنف.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والخامس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده بلغ سن الرشد في مايو سنة 1961 فتكون المحاسبة وفقاً لتقرير الخبير الذي اتخذه الحكم المستأنف عماداً لقضائه قد امتدت إلى فترة سابقة على هذا التاريخ كان إبانها وصياً على المطعون ضده مما يجعل منازعة الحساب عنها من اختصاص محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال دون غيرها من المحاكم تطبيقاً لنص المادتين 970، 1008 من قانون المرافعات، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف الذي أخطأ في قواعد الاختصاص ودون أن يعنى بالرد على دفاعه في هذا الشأن، يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 970 من قانون المرافعات من أنه إذا انتهت الولاية على المال تظل المحكمة المرفوعة إليها المادة مختصة بالفصل في الحساب الذي قدم لها، والنص في المادة 1008 من هذا القانون باختصاص المحكمة المنظورة أمامها المادة دون غيرها بالفصل في حساب النائب عن عدم الأهلية أو الوكيل عن الغائب أو المدير المؤقت، مفادها أن اختصاص الفصل في مسائل الحساب بين عديم الأهلية أو ناقصها وبين النائب عنهما معقود للمحكمة المرفوعة إليها مادة الولاية على المال، وهو اختصاص أصيل تنفرد به، مانع لأية جهة أخرى من نظره باعتبار أنها أقدر من غيرها من المحاكم على الفصل في حساب الإدارة التي تشرف عليها وتوجهها وفقاً للقانون، إلا أن مناط اختصاصها في هذا الصدد هو أن تكون المادة لا تزال قائمة لديها فإذا ما انتهت بانتهاء الولاية على المال أصبح اختصاصها قاصراً على الفصل فيما قدم إليها من الحساب، فإن لم يكن قد قدم إليها الحساب فإن ذلك لا يحول دون القاصر الذي بلغ سن الرشد ورفعت عنه الوصاية والالتجاء إلى طريق الدعوى العادية يسلكه أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات لمطالبة الوصي بتقديم حساب عن وصايته، لما كان ذلك وكان الثابت من الواقع في الدعوى - وعلى نحو ما ورد بمحضر محكمة أول درجة المؤرخ 13/ 5/ 1965 - أن الاطلاع على ملف الدعوى رقم 27 لسنة 1953 كلي الولاية على المال المنصورة أظهر أن الوصي الطاعن لم يقدم لمحكمة الولاية على المال كشوف الحساب منذ بداية سنة 1960، وقد أصدرت المحكمة قراراً كلفته فيه بتقديم كشف حساب هذه السنة والسنة التالية، وإذ لم يقدم الحساب فقد أصدرت قراراً بتاريخ 24/ 1/ 1965 بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء تحقيق مع الطاعن لامتناعه عن تسليم المطعون ضده الذي بلغ سن الرشد أمواله بعد رفع الوصاية عنه، ومن ثم فإن الفترة محل الحساب في الدعوى والتي تبدأ منذ أول عام 1960 لحين بلوغ المطعون ضده سن الرشد لم يكن قد قدم عنها حساب فعلاً لمحكمة الولاية على المال حتى انتهت الوصاية، الأمر الذي ينيط بمحكمة أول درجة اختصاص الفصل فيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه صائباً إلى هذا النظر مطرحاً المنازعة التي أثارها الطاعن بشأن اختصاص محكمة الولاية على المال دون غيرها بنظر ما أثبته الخبير من دين سابق على انتهاء وصايته، فإن النعي عليه بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأوجه الثاني والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ويقول بياناً لذلك إنه اعترض على تقرير الخبير لدى محكمة الموضوع في احتسابه الغلة الناتجة عن الأرض الزراعية على أساس من أن الأرض مؤجرة لآخرين بطريق المزارعة، في حين أن محكمة الأحوال الشخصية كانت قد أذنت له باستئجارها لنفسه نقداً وقدم دليل صدور هذا الإذن فكان على الخبير أن يجرى الحساب على أساس الإيجار النقدي، كذلك فقد تمسك باستبعاد المبالغ التي أثبتها الخبير أنها نصيب المطعون ضده في ديون مستحقة للتركة لعدم تقديم دليل يثبت أنه اقتضى فعلاً هذه الديون، كما نازع في احتساب ريع عن استغلال ماكينة الطحن بالرغم من أنها كانت معطلة ولم تنتج ريعاً، وإذ كان الحكم لم يعن بتمحيص وتحقيق دفاعه ولم يرد عليه رداً سائغاً، فإنه يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن تقدير عمل الخبير مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها دون معقب عليها في ذلك، وإذ كان الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع دليلاً يثبت قيام علاقة إيجارية عن الأرض الزراعية التي يملكها المطعون ضده تولدت عن الإيجار نقداً وأنه المستأجر فيها وذلك وفقاً لما يتطلبه قانون الإصلاح الزراعي في هذا الشأن، وكان لا يكفي أن تأذن محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بقيام هذه العلاقة طالما لم يثبت قيامها بناء على هذا الإذن، فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع العاري عن الدليل واعتد بحساب الخبير المؤسس على ما قدمه الطاعن نفسه من عقود إيجار بطريق المزارعة أبرمها خلال فترة وصايته مع مستأجري أرض المطعون ضده وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه ناقش أيضاً اعتراضات الطاعن الأخرى على تقرير الخبير فرد عليها "إن الديون التي للتركة والواردة بمحضر الحصر جميعها ثابتة بإيصالات وقد تشملها ضمن ما تسلم من عناصر التركة ولم يقدم حساباً عنها كما لم يقدم الإيصالات المثبتة لهذه الديون الأمر الذي يقطع بتحصيله لها، وما يثيره المستأنف في شأن نصيب المستأنف عليه في إيراد ماكينة الطحن ومضرب الأرز مردود بأنه لم يقدم ما يثبت أن الماكينة كانت معطلة في فترة المحاسبة"، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم يحمل رداً كافياً سائغاً لما كان موضع اعتراض من الطاعن على تقرير الخبير، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون ذلك النعي بكافة وجوهه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه السادس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك إنه طلب من محكمة الاستئناف توجيه اليمين الحاسمة إلى خصمه عن واقعة وفائه لمبلغ مائة وخمسين جنيهاً دون كتابة سند بهذا الوفاء، ولكن المحكمة رفضت طلبه استناداً إلى أنه متعسف في إبدائه وجاء حكمها قاصراً في بيان وجه التعسف فاسداً في الاستدلال عليه من مجرد التراخي في إبدائه أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من قانون الإثبات على أنه يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر وللقاضي أن يمنع توجيهه اليمين إذا كان الخصم متعسفاً في توجيهها، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن اليمين الحاسمة ملك للخصم فيكون على القاضي أن يجيب طلب توجيهها متى توافرت شروطها، إلا إذا بان له أن طالبها متعسف في هذا الطلب، ولمحكمة الموضوع السلطة في استخلاص كيدية اليمين، على أن تقيم استخلاصها على اعتبارات من شأنها أن تؤدى إليه، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة في شأن واقعة الوفاء بمبلغ مائة وخمسين جنيهاً من الدين العالق بذمته على سند من القول بأن الدعوى ظلت متداولة أمام محكمة أول درجة فترة استطالت اثني عشر عاماً دون أن يزعم الطاعن وفاءه بذلك المبلغ الذي يدعيه وأنه ما استهدف بهذا الطلب استظهاراً من ظروف الدعوى وملابساتها سوى الكيد لخصمه وإطالة أمد التقاضي، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في حدود سلطته التقديرية لحمل قضائه في استخلاص التعسف المبرر لرفض طلب توجيه اليمين الحاسمة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 14/ 3/ 1979 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 297.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق