جلسة 5 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر، إبراهيم محمد فراج وصبحي رزق داود.
----------------
(146)
الطعن رقم 591 لسنة 49 القضائية
إيجار. "مدة العقد".
الاتفاق على مدة عقد الإيجار. تحديد الطرفين انتهاء العقد بأمر مستقبل غير محقق الوقوع أو استحالة معرفة تاريخ انتهائه. وجوب اعتبار العقد منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 109 سنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزام المطعون عليهم بتحرير عقد إيجار عن قطعة الأرض الفضاء المبينة بالصحيفة، تأسيسياً على أنها تستأجر من المطعون عليهم قطعة الأرض المبينة بالصحيفة والتي أقامت عليها ورشة ميكانيكية لقاء أجرة شهرية قدرها مائة جنيه لمدة تبدأ من 1/ 1/ 1974 وتنتهي بصيرورة قرار نزع ملكيتها للمنفعة العامة نهائياً، وقد امتنعوا عن تحرير عقد الإيجار لها - وبتاريخ 25/ 11/ 1975 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد الإيجار المنعقد بين الطرفين بتأجير المطعون عليهم للطاعنة أرض النزاع لمدة تبدأ من أول يناير سنة 1974 وتنتهي بصيرورة قرار نزع ملكيتها للمنفعة العامة نهائياً لقاء أجرة شهرية قدرها مائة جنيه - استأنف المطعون عليهم عدا الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3582 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 6/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بجعل مدة العقد ثلاث سنوات تبدأ من أول يناير سنة 1974 وتنتهي في آخر ديسمبر سنة 1976 وأيدته فيما عدا ذلك - طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الثاني والثالث والخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن عقد الإيجار موضوع التداعي في حكم المؤبد لأن احتمال صدور قرار بنزع ملكية أرض النزاع للمنفعة العامة هو مجرد أمر مستقبل غير محقق الوقوع. في حين أن هذا التفسير خروج على عبارات العقد وحقيقة الواقع. ذلك أنه قد صدر قرار من السلطة المختصة بنزع ملكية أرض النزاع للمنفعة العامة ويتم تنفيذه بأولويات حددتها السلطة العامة. فهو أمر واقع ومحقق ولا دخل للطاعنة في التراخي في تنفيذه على عين النزاع. وإذ تدخل الحكم المطعون فيه بتعديل مدة العقد إلى ثلاث سنوات فإنه يكون قد خالف شروط العقد وهو شريعة المتعاقدين.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير عبارات العقد وتفهم نية العاقدين لاستنباط حقيقة الواقع منها وتكييفها التكييف الصحيح، وإذا لم تقدم الطاعنة ما يفيد صدور قرار بنزع ملكية أرض النزاع، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض لعبارات العقد المؤرخ 9/ 3/ 1974 أورد قوله "إن مفاد ذلك أن اتفاقاً ثم بين المذكورين - الطاعنة والمطعون عليهم - على الإجارة ومحلها ومقدار الأجرة وإن كان قد جعل مدة العقد مرهونة بصدور قرار نزع ملكية الأرض المؤجرة للمنفعة العامة" وخلص إلى أن احتمال صدور قرار بنزع ملكية الأرض للمنفعة العامة هو مجرد أمر مستقبل غير محقق الوقوع مما يعتبر معه عقد الإيجار موضوع التداعي في حكم المؤبد، مما رأى معه أن الحد الأقصى المناسب لمدة الإجارة ثلاث سنوات، لما كان ذلك. وكان النص في المادة 563/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة أو عقد لمدة غير معينة أو تعذر إثبات المدة المدعاة، اعتبر الإيجار منعقداً لمدة الفترة المعينة لدفع الأجرة..." يفيد أنه كلما تعذر معرفة الوقت الذي جعله المتعاقدان ميقاتاً ينتهي إليه العقد بأن لم تحدد له مدة ينتهي بانتهائها، أو عقد لمدة غير معينة بحيث لا يمكن معرفة التاريخ الذي ينتهي إليه على وجه التحديد أو ربط انتهاؤه بأمر مستقبل غير محقق الوقوع، أو استحال معرفة التاريخ الذي قصد المتعاقدان أن يستمر إليه، ففي هذه الحالات جميعاً لا يمكن معرفة متى ينتهي العقد وحلاً لما يمكن أن ينشأ عن هذا من منازعات تدخل المشرع بالنص على اعتبار العقد منعقداً للفترة المحددة لدفع الأجرة، وإذ كانت الطاعنة لم تقدم ما يثبت صدور قرار بنزع ملكية الأرض المؤجرة، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن الاتفاق على اعتبار مدة العقد ممتدة حتى صيرورة قرار بنزع الملكية نهائياً، هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع مما يعتبر معه عقد الإيجار في حكم المؤبد بمعنى أن مدته تصبح غير معروفة - هذا الذي أورده الحكم يجعل العقد طبقاً لنص المادة 563/ 1 من القانون المدني سالفة البيان منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وهي كل شهر ولا محل لافتراض مدة للعقد طالما كانت عباراته لا تدل عليها ولم يرد نص بشأنها، أو القياس على نص خاص بحالة أخرى أو أخذاً بنص ورد في مشروع التقنين المدني ثم استبعد. مما يكون معه النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لا يحقق للطاعنة أية فائدة، إذ أن خطأ الحكم باعتبار المدة ثلاث سنوات حالة أن الصحيح أنها مشاهرة اتباعاً للمدة المحددة لدفع الأجرة أصلح لها ولا تملك المحكمة تعديله حتى لا تضار من طعنها ومن ثم فيكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن توقيع المطعون عليها الأولى على العقد كان بصفتها وكيلة عن المطعون عليهما الثالثة والأخيرة. فلا يجوز أن تعقد إيجاراً عنهما تزيد مدته على ثلاث سنوات في حين أن العقد أبرم بينها والمطعون عليهم بصفتهم ملاك على الشيوع وكان توقيع المطعون عليها الأولى على العقد بصفتها مديرة للمال الشائع بما يجعل الإيجار نافذاً في حقهم جميعاً ولو زادت مدته عن ثلاث سنوات وقد قدمت للمحكمة حافظة مستندات ومذكرات تمسكت فيها بأن العقد تم عن المدة من أول سنة 1974 وحتى ينفذ قرار نزع ملكية الأرض المؤجرة. ولكن الحكم لم يعرض لهذه المستندات بالمناقشة والرد.
وحيث إن هذا النعي مردود. بما سلف بيانه في الرد على الأسباب السابقة من أن الإيجار يعتبر منعقداً لمدة شهر وهو ما يتضمن الرد على دفاع الطاعنة ومستنداتها ويكون معه النعي على الحكم في خصوص قضائه في صفة المطعون عليها الأولى في التوقيع على العقد أياً كان وجه الرأي فيه لا يحقق للطاعنة سوى مصلحة نظرية بحتة. ومن ثم فيكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) راجع نقض 20/ 6/ 1976 مجموعة المكتب الفني السنة 27 ع 2 ص 699.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق