الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطعن 50 لسنة 12 ق جلسة 20 / 5 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 61 ص 158

جلسة 20 مايو سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(61)
القضية رقم 50 سنة 12 القضائية

وقف:
أ - كيفية إنشاء الوقف. مناط حجية الوقف على الغير. تمسك بعض الورثة قبل دائن أحدهم بأن العقار الذي نفذ عليه وقف. الاستناد في ذلك إلى قسائم العوايد الوارد فيها أن العين موقوفة، ثم إلى أن العين لم تدخل في قسمة أجريت بين الورثة. تحصيل المحكمة أن العقار ملك. قضاؤها في الدعوى على هذا الأساس. سليم.
اختصاص. التمسك بأن العين المتنازع عليها وقف. لا يكفي لتخلي القضاء الأهلي عن الفصل في النزاع أو لأن يقف الفصل فيه إلى حين البت من جهة القضاء الشرعي. مناط عدم اختصاص المحاكم الأهلية في مسائل الوقف.
(المادة 137 من لائحة المحاكم الشرعية)
ب - تخصيص عقار ليكون مدرسة. لا يكفي في حد ذاته لاعتبار هذا العقار وقفاً. محل التعليم العام. متى يعتبر من المنافع العامة؟ (المادة 9 مدني)
جـ - تنفيذ عقاري. الإجراءات الحاصلة بعد تعيين يوم البيع. الدفع ببطلانها. وجوب إبدائه لدى قاضي البيوع. ممن يجوز إبداؤه؟ من طرف في الخصومة ذي مصلحة في التمسك به. لا يصح التمسك به ممن يرفع الدعوى بطلب استحقاق العقار المنزوعة ملكيته بعد بيعه.
(المادة 602 مرافعات)

----------------
1 - إن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد نصت على طريقة إنشاء الوقف، فحتمت أن يكون ذلك بإشهاد على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله. كما نصت على أن الوقف لا يكون حجة على الغير إلا إذا كان مسجلاً بسجل المحكمة التي بدائرتها العقار الموقوف. فإذا تمسك بعض الورثة قبل دائن أحدهم بأن العقار الذي نفذ عليه الدائن بدينه وقف بتصرف من مورثهم ولكنهم لم يقدموا الإشهاد المسجل المثبت لإنشائه ليحاجوه به، بل لم يقولوا بصدور هذا الإشهاد فعلاً، وإنما استندوا إلى مجرد الإشارة في قسائم العوائد بأن العقار وقف وإلى ما كان منهم من عدم إدخال هذا العقار في القسمة التي أجروها بينهم، فعرضت المحكمة لبحث ذلك، وانتهت إلى أن هذا العقار ملك بحت، وأن دعوى وقفه لا أساس لها، فحكمها بذلك لا مخالفة فيه لقواعد الاختصاص؛ إذ أن تمسك الخصم بأن العين المتنازع عليها موقوفة لا يكفي لأن يتخلى القضاء الأهلي عن الحكم في النزاع لعدم الولاية أو لأن يوقف الفصل فيه لحين البت من جهة القضاء الشرعي فيما إذا كانت العين موقوفة أم لا، بل يجب أن يثبت أمامه أن العين موقوفة وأن النزاع المطروح عليه متعلق بأصل الوقف.
2 - إن تخصيص عقار ليكون مدرسة لا يكفي في حد ذاته لاعتباره وقفاً، إذ الوقف يجب أن يحرر به إشهاد على يد الموظف المختص وأن يسجل إشهاده ليكون حجة قبل الغير. كما أن التخصيص الذي يجعل محل التعليم من المنافع العامة يستوجب أن يكون المحل وقفاً وأن تكون الحكومة هي القائمة بإدارته والإنفاق عليه، وذلك عملاً بنص المادة التاسعة من القانون المدني (1).
3 - إن الدفع ببطلان إجراءات نزع الملكية الحاصلة بعد تعيين يوم البيع يجب - عملاً بنص المادة 602 مرافعات - التمسك به لدى قاضي البيوع، وإلا سقط الحق فيه. ولا يجوز ذلك إلا لمن كان طرفاً في إجراءات التنفيذ على العقار ذا مصلحة في التمسك بهذا البطلان. وإذن فلا يصح التمسك بهذا البطلان ممن يرفع الدعوى بطلب استحقاق العقار المنزوعة ملكيته بعد بيعه.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما أمام محكمة سوهاج الابتدائية الدعوى رقم 257 سنة 1940 وقالوا في صحيفتها المعلنة في 29 من أغسطس سنة 1940 وفي إعلان تعديل الطلبات الحاصل في 15 من أكتوبر سنة 1940 إن مورثهم المرحوم بسطا بك روفائيل أسس من نحو نصف قرن بسوهاج مدرسة وقفها لتعليم أبناء الفقراء، ثم حصل أن نزع المطعون ضده الأول ملكية أجزاء من هذه المدرسة استيفاء لدين له على المطعون ضده الثاني ورسا عليه مزاد 1109.50 أمتار من أرضها في 4 من يونيه سنة 1934 ولكن لم يظهر لهذا الحكم أثر مادي فظلت المدرسة كما هي، ثم عاد المطعون ضده الأول وحدد يوماً لبيع مقدار آخر من هذه المدرسة قدره 1911.5 متراً لاستيفاء باقي دينه، ولما كان هذا العقار مملوكاً للطاعنين وليس للمطعون ضده الثاني شيء فيه فقد رفعوا هذه الدعوى وطلبوا الحكم فيها أصلياً ببطلان إجراءات البيع واحتياطياً تثبيت ملكيتهم إلى 425 متراً شيوعاً في 1109.5 متر السابق رسو مزادها على المطعون ضده الأول وإلى السدس في المساحة البالغ مسطحها 1911 متراً و50 س التي كان محدداً لبيعها جلسة 2 من سبتمبر سنة 1940 مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصاريف وأتعاب المحاماة والنفاذ. وفي 6 من فبراير سنة 1941 قضت تلك المحكمة برفض دعوى الطاعنين وإلزامهم بالمصاريف.
فاستأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافهم برقم 85 سنة 16 قضائية طالبين قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والحكم بالطلبات السابقة. وفي 16 من مايو سنة 1942 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنين بالمصاريف.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعنين في أول يوليو سنة 1942 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 28 من ذلك الشهر وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن أوجه الطعن تتحصل فيما يأتي:
أولاً - جاء الحكم المطعون فيه متجاوزاً اختصاص القضاء الأهلي. وبيانه أن الطاعنين طلبوا إحالة النزاع على القضاء الشرعي أو وقف الفصل في الدعوى حتى تقضي جهة الاختصاص فيما إذا كانت العين موضوع النزاع وقفاً أم ملكاً، ولكن محكمة الموضوع قضت في ذلك فجاء قضاؤها مخالفاً لأسس الولاية القضائية المبينة في القانون.
ثانياً - حمل الحكم عقد القسمة المحرر بين الورثة معنى لا يحتمله، فقد أخرج الورثة المدرسة من التركة واتفقوا على عدم اقتسامها واستبقائها للغرض الخيري الذي أنشئت من أجله، ولكن محكمة الاستئناف قالت إن الغرض الخيري لم يكن منصوصاً عليه صراحة في العقد، واستهدت في ذلك بعبارة واردة في عقد القسمة متعلقة بعقار آخر.
ثالثاً - طلب الطاعنون من باب الاحتياط نصيبهم في المدرسة فجاء الحكم المطعون فيه قائلاً إنه مملوك للمطعون ضده الثاني (المدين) مدللاً على ذلك بعبارة جاءت في عريضة إعلان الدعوى المرفوعة من الطاعنين من أن هذه العبارة لا يمكن أن تؤدي إلى المعنى الذي أخذت به المحكمة.
رابعاً - عندما نزع المطعون ضده الأول قطعتي الأرض تراءى له أن يقتصر على بيع قطعة واحدة فاستبعدت الأخرى وجرى البيع في الجلسة ذاتها بغير أن يعيد النشر واللصق من جديد، وفي هذا مخالفة للقانون.
خامساً - تمسك المطعون ضده الأول بوضع يده المدة القصيرة فاعترض الطاعنون بأن وضع اليد لم يكن مستوفياً شروطه القانونية. ولكن الحكم لم يرد على هذا الاعتراض.
عن الوجه الأول:
وحيث إنه لا يكفي أن يتمسك خصم بأن العين محل النزاع وقف لا ملك لكي يتخلى القضاء الأهلي عن الحكم في الدعوى لعدم الولاية أو يقف الفصل فيها لحين البت من جهة القضاء الشرعي فيما إذا كانت العين موقوفة أم لا، بل ينبغي أن يتحقق له أن هناك وقفاً، وأن النزاع المطروح لديه متعلق بأصله، أما إذا اقتنعت المحكمة الأهلية بأن التمسك بالوقف لا أساس له، أو أنه غير جدي ولم تقم لديها شبهة في أن العين ملك، كان من حقها بل من واجبها السير في نظر الدعوى على الأساس الذي اقتنعت به.
وحيث إن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية نصت على طريقة إنشاء الوقف وحتمت أن يكون بإشهاد على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله، كما نصت على عدم ثبوته في حق الغير إلا إذا كان حاصلاً بإشهاد مسجل بسجل المحكمة التي بدائرتها العقار.
وحيث إن الطاعنين تمسكوا قبل المطعون ضده الأول وهو من الغير بأن العقار موضوع النزاع وقف إلا أنهم لم يقدموا الإشهاد المسجل المثبت لإنشائه ليحاجوه به، بل لم يقولوا بصدور هذا الإشهاد فعلاً من المورث، وإنما استندوا إلى مجرد الإشارة في قسائم العوائد بأن العقار وقف للاحتجاج به قبل المطعون ضده الأول الدائن لأحد الورثة وإلى ما كان منهم في عقد القسمة من إبقاء المدرسة على حالها لا تتناولها القسمة. وقد عرض الحكم المطعون فيه إلى ذلك كله ولم ير فيه ما يتوافر به الشرط الشكلي الذي أوجبه القانون، وخلص من بحثه فيما أدلى به الطرفان إلى أن المدرسة ملك بحت يحق للدائن التنفيذ عليها وأن ما قيل من وقفها لا أساس له ولم يقدم عليه الدليل الصالح. وإذ كانت محكمة الموضوع قد بنت اقتناعها هذا على أدلة وقرائن موضوعية من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه فلا سبيل للبحث فيما قالته في نطاق سلطتها التقديرية المطلقة.
عن الوجه الثاني:
وحيث إن تخصيص عقار ليكون مدرسة غير كاف في حد ذاته لجعله وقفاً، لما لإنشاء الوقف من شرط تحرير إشهاد به على يد الموظف المختص، ومن وجوب تسجيله ليكون حجة قبل الغير كما تقدم. كما أن التخصيص الذي يجعل محل التعليم العام من المنافع العامة يجب أن يكون قبل كل شيء وقفاً، وأن تكون الحكومة هي القائمة بإدارته والإنفاق عليه عملاً بما جاء في المادة 9 من القانون المدني، وليس متوافراً شيء من هذا في العقار محل النزاع، وإذن فلا يجدي الطاعنين شيئاً مجرد استنادهم إلى ما ورد بعقد القسمة الحاصلة بين الورثة من عدم قسمة العقار المشغول بالمدرسة. على أن ما جاء في الحكم من أن الورثة لم يتفقوا في عقد القسمة على هذا التخصيص بطريقة مؤبدة لا يعدو أن يكون تفسيراً لعقد القسمة مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من عباراته. وإذن فلا وجه للجدل فيه لدى محكمة النقض.
عن الوجه الثالث:
وحيث إن ما اشتمل عليه هذا الوجه متعلق بما استخلصته محكمة الموضوع مما ورد في عريضة الدعوى المرفوعة من الطاعنين أنفسهم وكان ذلك في معرض التدليل على أن المدرسة ملك لا وقف، وأن ما ورد بعريضة دعوى الطاعنين يؤيد هذا النظر. ولا ريب في أن هذا الاستخلاص أو التقدير الموضوعي مما لا يقع تحت رقابة محكمة النقض.
عن الوجه الرابع:
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه خاص ببطلان في إجراءات نزع الملكية الحاصلة بعد تعيين يوم البيع، ولهذا فقد كان من اللازم، عملاً بنص المادة 602 من قانون المرافعات، التمسك به لدى قاضي البيوع، ولا يسوغ ذلك إلا لمن كان طرفاً في الخصومة وذا مصلحة في التمسك بهذا البطلان. ولما كان هذا كله غير متوافر في صورة الدعوى الحالية بالنسبة للطاعنين لأن إجراءات نزع الملكية وجهت ضد المطعون ضده الثاني فلم يثبت أنه أثار هذا الدفاع، وقد رسا هذا المزاد على المطعون ضده الأول فبهذا زال حق التمسك بهذا البطلان إطلاقاً، ولا سبيل إذن لإقحامه بعد فوات الأوان في هذه الدعوى واتخاذه وجهاً للطعن في الحكم الصادر فيها.
عن الوجه الخامس:
وحيث إن التدليل بوضع يد المطعون ضده الأول المدة القصيرة مع السبب الصحيح لم يكن إلا من باب التزيد، لأن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد استند إلى أن العين التي نزعت ملكيتها ورسا مزادها على المطعون ضده الأول مملوكة للمدين المنزوع ملكه، ولقد كان في هذا ما يكفي لبناء الحكم عليه دون حاجة لتدعيمه بوضع اليد. على أن ما قالته المحكمة في هذا الصدد لا غبار عليه، إذ هو تتوافر به شروط وضع اليد التي يتطلبها القانون، وفيه الرد الكافي على أن المحكمة لم تجد فيما اعترض به الطاعنون على وضع اليد ما يؤثر فيما اقتنعت به من العناصر التي قدمت إليها للتدليل عليه.


(1) هذه القاعدة تبدو غير مترابطة ولكنها هكذا وردت في الحكم. ووجه الطعن لا يساعد على توضيحها. والحكم منشور برمته فليراجع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق