جلسة 12 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا، ومحمد زغلول عبد الحميد زغلول.
------------------
(154)
الطعن رقم 280 لسنة 46 القضائية
(1 - 3) تأميم. شركات.
(1) تأميم بعض الشركات والمنشآت. احتفاظ المشروع المؤمم بشخصيته المعنوية وذمته المالية المستقلة. مسئوليته عن كافة التزاماته السابقة على التأميم.
(2) التأميم لا يرد إلا على رؤوس أموال المنشآت دون أرباحها المحققة قبل التأميم. عدم اندماجها في رأس المال بعد التأميم.
(3) عدم صدور قرار بتوزيع الأرباح على المساهمين. أثره. جواز التجائهم للقضاء للمطالبة بنصيبهم فيها. اختصاصه بتحديد هذه الأرباح وفق ما ثبت لديه.
(4) حكم. "حجية الحكم".
مخالفة الحكم لحقيقة أخذ بها حكم آخر لا يحاج به طرفا النزاع. لا خطأ.
(5) تأميم. شركات.
تأميم المنشأة. وجوب اتخاذها شكل الشركة المساهمة في 118 لسنة 1961، وجوب تخصيص نسبة 25% من صافي الأرباح للموظفين والعمال. ق 111 لسنة 1961.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 33 سنة 1964 مدني كفر الشيخ على رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز والسيد وزير التموين بصفته بطلب الحكم بإلزامهما بتقديم حساب عما يستحقونه من أرباح شركة النصر لضرب وتجارة الأرز بدسوق وقالوا شرحاً لذلك أن القانون 51 سنة 1963 صدر في 8/ 5/ 1963 بتأميم تلك الشركة وانتقال ملكيتها إلى الدولة اعتباراً من هذا التاريخ وأنهى مشاركتهم النصفية لها مع الدولة وهم يستحقون أرباحاً في المدة من 1/ 7/ 1962 حتى 8/ 5/ 1963 عن نصيبهم بحق النصف، وبتاريخ 25/ 1/ 1965 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للسيد وزير التموين لرفعها على غير ذي صفة وبإلزام المؤسسة بتقديم الحساب وبتاريخ 3/ 5/ 1965 قضت بندب خبير حسابي للانتقال إلى الشركة المذكور والاطلاع على دفاترها لبيان ما إذا كانت قد حققت أرباحاً من تاريخ إسهام الحكومة في رأسمالها حتى تأسيسها ومقدار هذه الأرباح وما يستحقه المطعون ضدهم فيها وبعد أن أودع الخبير تقريره منتهياً فيه إلى أنه يخص المذكورين في أرباح الشركة بحق النصف في المدة من 1/ 7/ 1962 حتى 7/ 5/ 1963 مبلغ 22734 ج و897 م، قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لزوال صفة المؤسسة بحلول المؤسسة العامة للمضارب والشركة العامة لمضارب كفر الشيخ محلها فجدد المطعون ضدهم السير في دعواهم قبلها مطالبين بما انتهى إليه الخبير في تقريره وبتاريخ 1/ 4/ 1968 قضت المحكمة (أولاً) برفض الدفعين المبديين من المدعى عليهما بعدم اختصاص المحكمة ولائياً وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إليهما وباختصاصها ولائياً وبقبولها، (ثانياً) بإلزام المدعى عليهما وبصفتهما بأن يدفعا للمطعون ضدهم مبلغ 16553 ج استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 275 لسنة 18 ق طنطا (7 لسنة 1 ق كفر الشيخ) طالبين تعديل المبلغ المقضي به 22734 و897 م استأنفه المحكوم عليهما بالاستئناف 306 لسنة 18 ق طنطا (14 لسنة 1 ق كفر الشيخ) بغية الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة، وبتاريخ 25/ 1/ 1969 قررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 19/ 5/ 1971 قضت المحكمة بقبولها شكلاً وفي الاستئناف رقم 306 لسنة 18 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به قبل المؤسسة المصرية العامة للمضارب وبرفض الدعوى قبلها وندب خبير لبيان ما إذا كانت الجمعية العمومية لمؤسسة المضارب التي انعقدت في 13/ 6/ 1963 هي التي صدقت على ميزانية الشركة في المدة من 1/ 3/ 1962 حتى 7/ 5/ 1963 أم الجمعية المنعقدة في 1/ 12/ 1968 ومقدار صافي الأرباح التي اعتمدتها الجمعية في تلك المدة بعد إجراء الخصومات التي نص عليها القانون ونصيب الممولين فيها وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة في 19/ 3/ 1973 بإعادة المأمورية إليه لبحث اعتراضات طرفي الخصومة وتحديد الأرباح المستحقة للممولين في المدة سالفة الذكر، وبتاريخ 21/ 10/ 1972 قضت بانقطاع سير الخصومة في الاستئنافين لزوال صفة النائب عن شركة مضارب محافظة كفر الشيخ وذلك لأرباحها في الشركة الطاعنة بموجب القرار الجمهوري رقم 1023 سنة 1972 الصادر في 21/ 8/ 1982، ثم قام المطعون ضدهم بتجديد السير في الدعوى، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 21/ 1/ 1976 (أولاً) في موضوع الاستئناف رقم 7 لسنة 1 ق كفر الشيخ بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم بمبلغ 7747 ج و569 م (ثانياً) وفي موضوع الاستئناف رقم 14 لسنة 1 ق كفر الشيخ برفضه، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم بخصوص قيمة ما حكم بإلزام الشركة الطاعنة بدفعه للمطعون ضدهم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الشركة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله من ثلاثة أوجه حاصلها أن الشركة التي كان يمتلكها المطعون ضدهم هي شركة مساهمة، وقد ظلت محتفظة بشكلها القانوني بعد تأميمها كاملاً في 8/ 5/ 1963، ولما كانت السنة المالية لهذه الشركة تبدأ من 1/ 7/ 1962 وتنتهي في 30/ 6/ 1963 وكانت الأرباح في الشركات المساهمة لا يتم صرفها إلا عن سنة مالية كاملة وبعد انعقاد الجمعية العمومية واعتمادها لميزانيتها وصدور قرار منها بتحديد الأرباح القابلة للتوزيع، وما دام التأميم تم في 8/ 5/ 1963 وقبل انتهاء السنة المالية فلا تعتبر الأرباح محققة فعلاً لأن أموال الشركة برمتها بما فيها الأرباح قد آلت إلى الدولة ضمن أصول الشركة بمقتضى قرار التأميم ولا ينال من ذلك ما جاء بتقرير الخبير من أن الأرباح لا ترتبط بالزمن بقدر ما تربط بالإنتاج والبيع ذلك أنه تصور نظري ولا ينطبق على الشركات المساهمة ولا يقدح في ذلك ما جاء بحيثيات حكم محكمة أول درجة بشأن تصديق الجمعية العمومية برئاسة الوزير في 13/ 11/ 1963 عن أرباح تلك المدة إذ أنه يمثل خطأ قانونياً وقعت فيه ذلك أن قرار الجمعية المذكورة لا يخص الفترة موضوع المطالبة والتي لم يعمل لها ميزانية أرباح وخسائر بل إن لجان التقييم المشكلة طبقاً لقوانينه ويدخل في اختصاصها تقييم أصوله وخصوم المنشأة المؤممة وتسعير الأسهم هي التي قامت بعمل ميزانية تصفية مركز مالي لهذه الفترة بمثابة تخارج المطعون ضدهم ولم تفرز أرباحاً فيها وإضافتها إلى مكونات رأس المال، وبفرض أن اللجنة أغفلت تحديد الأرباح فإن سبيل الطعن على قراراتها وهي نهائية ولا يتم أمام المحاكم العادية ومن ثم يكون القضاء برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً والدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة والقضاء للمطعون ضدهم بالأرباح مخالفاً للقانون ولحكم استئنافي شارك في إصداره رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وقضى بأن لجان التقييم تختص بتقدير وتسعير الأسهم وقراراتها نهائية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مؤدى القانون 117 سنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى مع الاحتفاظ له بشخصيته وبذمته المستقلتين عن شخص الدولة وذمتها ومع استمراره في ممارسة نشاطه إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم وذمته المالية المستقلة بما عساه يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشرع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم، كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، ولما كانت المادة الثانية من القانون رقم 117 لسنة 1961 تنص على أن رؤوس أموال المنشأة المؤممة تتحول إلى سندات اسمية على الدولة لمدة خمسة عشر عاماً بفائدة قدرها 4% سنوياً كما نصت المادة الثالثة على أن قرارات لجان التقييم تكون نهائية وغير قابلة للطعن فيها فإن مفاد ذلك كله أن التأميم لا يرد إلا على رؤوس أموال المنشأة دون ما عداها كالأرباح التي حققها قبل التأميم ولو أراد المشرع تأميمها لنص على ذلك صراحة في القانونين 117، 118 سنة 1961 ومتى كان ذلك فإن الأرباح التي حققتها المنشأة خلال فترة التأميم النصفي تكون بمنأى عن التأميم ولا تندمج في رأس المال المؤمم كما أن من المقرر أيضاً أن حق المساهم في الحصول على نصيب من أرباح الشركة هو حق من الحقوق الأساسية التي لا يجوز المساس بها رغم أنه حق احتمالي لا يتأكد إلا بمصادقة الجمعية العمومية للمساهمين أو ما يقوم مقامها على حصص الأرباح التي يقترح مجلس إدارة الشركة توزيعها، ومن ثم لا يعتد بما من شأنه أن يفقد المساهم حقه في الحصول على نصيب من الأرباح طالما لم تقرر الجمعية العمومية إضافتها إلى رأس المال كما أن من المقرر أن عدم صدور قرار من الجهة المختصة بالموافقة على توزيع هذه الأرباح لا يحرم المساهمين حقهم في اللجوء إلى القضاء للمطالبة بنصيبهم فيها، فإذا أممت الشركة تأميماً كلياً كان القضاء مختصاً بتحديد هذه الأرباح ومن ما ثبت لديه، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه الخبير الذي ندبته المحكمة واطمأنت إلى نتيجة أعماله قد انتهى إلى أن أرباح المنشأة في فترة التأميم النصفي لم تدخل ضمن رأس مال الشركة المعوض عنه بسندات وأن الجمعية العمومية المنعقدة برئاسة وزير التموين قد اعتمدت أرباح الشركة عن تلك المدة، فإنه وقد قضى للمطعون ضدهن بحقهم في أرباح تلك الفترة يكون قد صادف صحيح القانون، ولا يجدي الطاعنة من بعد القول بأن قرار الجمعية العمومية الصادر في 13/ 11/ 1963 لا يشمل توزيع الأرباح عن الفترة موضوع المطالبة إذ فضلاً عن أن هذا القول يعد جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل الذي اعتمدته المحكمة فإنه عار عن تدليله، كما لا يجديها التحدي بحكم آخر صدر من محكمة الاستئناف ولا تتوافر به شروط الجمعية في النزاع القائم إذ بحسب الحكم المطعون فيه أن يكون قد بين الحقيقة الواقعية التي اطمأن إليها وساق عليها دليلها وأنزل عليها حكم القانون الصحيح ولا عليه إذا ما خالف حقيقة أخرى أخذ بها حكم لا يحاج به طرفاً النزاع.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم بالسبب الثاني القصور في التسبيب إذ لم يحقق دفاعها الموضح بمذكرتها ولم يناقش جوهر الخلاف القائم بينها وبين خصومها وجاء متضمناً فقرات من تقرير الخبير حتى في المسائل القانونية مما يعيبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأن الطاعنة لم تبين بصحيفة الطعن ما أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه واكتفت بالقول بأن الحكم قد أغفل الرد على دفاعها الذي ضمنته مذكرتها دون بيان لمواطن العيب فيه مما يجعل النعي بهذا السبب مجهلاً.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في الشق الأخير من السبب الأول أن توزيع الأرباح قد تم بالمخالفة لأحكام المادة 14 من القانون 16 سنة 1954 وتعديلاته بشأن وجوب استنزال الاحتياطي القانوني والانقطاع لشراء سندات حكومية بالإضافة إلى تجنيب نصيب العمال في هذه الأرباح بواقع 25% مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد فيما يتعلق بشأن عدم استنزال المبلغ المخصص لنصيب العمال في الأرباح بواقع 25% ذلك أن المنشأة أممت بمقتضى القانون رقم 42 لسنة 1962 بإضافتها إلى الجدول المرافق للقانون 118 سنة 1961 والذي أوجبت المادة الأولى منه أن تتخذ كل من الشركات والمنشأة المبينة بالجدول المرافق له شكل شركة مساهمة عربية كما جرى نص المادة الخامسة من القانون رقم 111 لسنة 1961 على أن يخصص للموظفين والعمال في الشركات المساهمة والتوصية بالأسهم من صافى أرباح تلك الشركات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير المنتدب محمولاً على أسبابه ومنها أن جملة الأرباح الواجب توزيعها مبلغ 48954 ج و882 م وأن الأرباح التي تخص طرفي الدعوى هي 41658 ج و282 م بعد استنزال حصة العمال في الأرباح وقدرها 7296 ج و540 م وقضى للمطعون ضدهم على ضوء ذلك بنصيبهم في الأرباح وقدره 17747 ج و569 م وحقيقة قيمة حصة العمال في الأرباح بواقع 25% طبقاً للقانون 111 سنة 1961 هي 12238 ج و720 م وإذا احتسب الخبير قيمة نصيب العمال بأقل من هذه القيمة والتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف صحيح القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص وحده وإذ لا موجب لغيره من استنزال أو اقتطاع.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين تعديل ما قضى به الحكم المطعون فيه إلى مبلغ 15642 ج و90 م.
(1) نقض 19/ 3/ 1975 مجموعة المكتب الفني السنة 26 ص 637.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق