الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أبريل 2023

الطعن 28 لسنة 9 ق جلسة 7 / 3 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 37 ص 99

جلسة 7 مارس سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(37)
القضية رقم 28 سنة 9 القضائية

شريك على الشيوع. 

إيجار حصته. وضع المستأجر يده على جزء من الأرض معادل لهذه الحصة. ادعاء الشريك الآخر حصول تعرّض له في وضع يده من المستأجر. طلبه استرداد حيازته منه. غير مقبول. النزاع هنا حول طريقة الانتفاع. محله دعوى محاسبة أو قسمة. 

(المادة 373 مدني)

----------------
لكل مالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرّة من العقار المشاع فلا يستطيع الشريك الآخر إخراجه منه. والشركاء في هذا سواء، لا تفضيل لواحد على واحد إلا بناء على حق آخر غير الملكية المشاعة كالإجارة مثلاً. فإذا أجر الشريك حصته، ووضع المستأجر يده على جزء من الأرض المشاعة معادل لها، فلا يقبل من الشريك الآخر أن يدعي حصول تعرّض له في وضع يده من المستأجر، أو أن يطلب استرداد حيازته منه، فإن النزاع في هذه الصورة لا يكون إلا على طريقة الانتفاع، وهذا محله دعوى محاسبة أو قسمة.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر المستندات المقدّمة وكانت من قبل تحت نظر المحكمة الاستئنافية - في أن إبراهيم بركات أفندي المطعون ضدّه الثالث يمتلك أطياناً مساحتها خمسة عشر فداناً شائعة في 160 فداناً و18 قيراطاً وسهمين بناحية ألفنت ورثها الطاعنون عن والدتهم السيدة فريدة هانم فتحي وهي خالة المطعون ضدّه الثالث. وقد أجر المذكور هذه الأطيان بحالة الشيوع للسيدة المذكورة لمدّة عشر سنوات ابتداء من أوّل نوفمبر سنة 1927. وقبل انتهاء أجل تلك الإجارة توفيت السيدة فريدة هانم فأجر المطعون ضدّه هذه الأطيان بحالة الشيوع التي هي عليها للمطعون ضدّه الثاني وأنذر في 8 من سبتمبر سنة 1937 الطاعن الأوّل بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمستأجر الجديد. فردّ عليه ذلك الطاعن بإنذار في 25 من هذا الشهر قال فيه إن تسليم القدر الشائع غير مستطاع وإنه لا يمكن التسليم إلا في قطع محدودة. ثم رفع هو وسائر الطاعنين بتاريخ 9 من نوفمبر سنة 1937 أمام محكمة الفشن الجزئية الدعوى رقم 167 سنة 1938 على المطعون ضدّهم وطلبوا فيها في أوّل الأمر إلزام المطعون ضدّهما الأوّلين في وجه الثالث بعدم التعرّض لهم وكف المنازعة في الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى، ثم عدّلوا هذه الطلبات بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1937 إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بإعادة وضع يدهم على 15 فداناً و12 قيراطاً و10 أسهم مبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهم ومنع تعرض الخصوم لهم فيها مع إلزامهم متضامنين بالمصاريف وأتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبالنسخة الأصلية للحكم.
ولما نظرت الدعوى دفع المطعون ضدّه الثالث بعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى المستعجلة. والمحكمة قضت بتاريخ 14 من إبريل سنة 1938 برفض هذا الدفع وباختصاص المحكمة وفي الموضوع برفض دعوى المدّعين (الطاعنين) وألزمتهم بالمصاريف ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة بني سويف الابتدائية وقيدوا استئنافهم تحت رقم 155 سنة 1938 طالبين بصحيفة الاستئناف المعلنة في 4 من مايو سنة 1938 قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع القضاء بصفة مستعجلة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإعادة وضع يدهم على الخمسة عشر فداناً وكسر المبينة بصحيفة تعديل الطلبات الابتدائية وإلزام الخصوم بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين... إلخ.
ومحكمة بني سويف قضت بصفة استئنافية في 13 من يونيه سنة 1938 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين (الطاعنين) بالمصاريف وبمائتي قرش أتعاباً للمحاماة للمستأنف عليهم (المطعون ضدّهم).
لم يعلن هذا الحكم للطاعنين ولكن محاميهم طعن فيه بطريق النقض في 12 من إبريل سنة 1939 بتقرير أعلن للمطعون ضدّهم في 15 و16 من ذلك الشهر إلخ.


المحكمة

وبما أن الطعن بني على أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي وأضاف إليها سببين جديدين. وهذه الأسباب جميعاً معيبة في نظر الطاعنين لما يأتي:
(فأوّلاً) الحكم الابتدائي لم يبين موضوع النزاع على حقيقته وخلط بين دعوى وضع اليد ودعوى الموضوع. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن ذلك الحكم قد ذكر في أسبابه أنه لا نزاع بين المدّعين (الطاعنين) وبين المدعى عليه الثالث (المطعون ضدّه الثالث) في أنه يملك هذا القدر وأن له حق الانتفاع به كيف شاء، وإنما وجه الخلاف بينهم هو أن الطاعنين يقولون بأن إبراهيم بركات أفندي المذكور لا يملك حق تأجير هذا القدر مفرزاً ما دام أنه لا يملكه إلا على الشيوع، وأنه برغم ذلك قد اختار أجود الأطيان تربة ووضع يده عليها وأجّرها مفرزة. وهذا القول من المحكمة قلب لوقائع الدعوى له أثره في تكييفها إذ حقيقة الأمر أن الطاعنين إنما يتظلمون من طريقة انتفاع خصومهم بالأرض المشاعة ومن اغتصابهم أرضاً هم واضعو اليد عليها معتمدين في ذلك على حكم القوّة، لا أن أولئك الخصوم وضعوا يدهم على جزء تربته جيدة، فيكون مناط النزاع دعوى حساب كما قالت المحكمة، فالحكم الابتدائي مشوب إذن بخلوّه من الأسباب إذ أن ما ذكره لم يبين النزاع على حقيقته، ومشوب أيضاً بخلطه بين دعوى وضع اليد ودعوى الموضوع.
(وثانياً) لقد ذكر الحكم الاستئنافي أن الطاعنين معترفون في تحقيق الشكوى الإدارية بوضع يد خصومهم على الأرض قبل رفع الدعوى مع أن عريضة الدعوى قدّمت للإعلان في 6 من نوفمبر سنة 1937 والاغتصاب وقع في 7 منه أي بعد تقديم الدعوى. وذكر الحكم الاستئنافي أيضاً أن شرط دعوى رد الحيازة أن تكون الحيازة نزعت بالقوّة، وأن ليس في القضية دليل على اقتران حيازة المطعون ضدّهم بالقوّة والتهديد، وأن للمطعون ضدّه الثالث الانتفاع بنفسه بالقدر المؤجر بعد أكتوبر سنة 1937. ويقول الطاعنون إن هذا الذي ذكرته محكمة ثاني درجة خطأ في تطبيق القانون؛ فالاستيلاء على أرض خلسة كما فعل المطعون ضدّهم يعتبر غصباً. ثم إن الحكم المطعون فيه قد سار على الخطأ الذي وقع فيه حكم محكمة أوّل درجة بأن تعرض مثله في دعوى وضع اليد إلى أصل الحق وبنى أسبابه في ذلك على الاعتراف بأساس حق المطعون ضدّه الثالث مع وجوب قصر تلك الأسباب على ركني دعوى الحيازة وهما الحيازة والغصب. هذا هو ما بني عليه الطعن المقدّم.
وبما أن ما يعيبه الطاعنون على الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه هو ما يأتي:
جاء في الحكم الابتدائي الفقرات التالية بعد ذكره وقائع الدعوى:
"وحيث إنه عقب ذلك تحرّر عقد إيجار بين مورّثة المدّعين والمدّعى عليه الثالث بتأجير هذا القدر لمدّة 10 سنوات تنتهي في أكتوبر سنة 1937 وقبل حلول نهاية هذه المدّة توفيت مورّثة المدّعين وابتدأ النزاع بين ورثتها وبين المدّعى عليه الثالث على قيمة الإيجار. فأرسل المدّعى عليه الثالث إنذاراً إلى المدّعي الأول بتاريخ 8 سبتمبر سنة 1937 بصفته قد حل محل مورّثته التي انتهى عقد إيجارها وأنه قد أجرى تأجير الـ 15 فداناً المذكورة إلى المدّعى عليه الثاني ويحتم تسليم الأرض للمستأجر الجديد. وقد تمكن المستأجر الجديد (المدّعى عليه الثاني) من وضع اليد على هذا القدر وزرعه فعلاً. فرفع المدّعون هذه الدعوى وطلبوا أوّلاً في عريضة دعواهم منع تعرّض المدّعى عليهما الأوّلين في مواجهة المدّعى عليه الثالث. ولما تبين أن دعوى منع التعرّض لا تستقيم قبل المدّعى عليه الثالث وممثليه دفع المدّعى عليه الثالث بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المستعجلة فضمت المحكمة الدفع للموضوع".
"وحيث إنه عن الدفع فهو غير جدّي وقد سار القضاء على اعتبار القاضي الجزئي هو قاضي الأمور المستعجلة".
"وحيث عن الموضوع فلا نزاع بين المدعين وبين المدعى عليه الثالث في أنه يملك هذا القدر وأن له حق الانتفاع به كيف شاء. ووجه الخلاف بين المدعين والمدعى عليه في أن الطرف الأوّل يقول بأن المدعى عليه لا يملك حق تأجير هذا القدر مفرزاً في حين أنه يملكه على الشيوع، وأنه قد اختار أجود الأطيان تربة ووضع يده عليها وأجرها مفرزة".
"وحيث إن هذا الاعتراض محل دعوى حساب تقام على حدة حتى يتم اختصاص كل من المدعين والمدعى عليه بحصته مفرزة سواء بقسمة نهائية برضاء الجميع أو بقسمة قضائية".
أما الحكم المطعون فيه فقد أجملت أسبابه في الفقرتين الآتيتين:
"وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب التي بني عليها. يضاف إلى ذلك أنه ثابت من الشكوى الإدارية رقم 958 سنة 1938 إداري الفشن والتي تم تحقيقها في 7 نوفمبر سنة 1937 أن المستأنف الأوّل معترف في هذه الشكوى بالتاريخ المذكور بأن المستأنف عليهما الأوّلين وضعا اليد فعلاً على الـ 15 فداناً موضوع الدعوى ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أوّل درجة إلا بعد هذا التاريخ أي في 9 نوفمبر سنة 1937. فالقول في عريضة تعديل الطلبات الحاصلة في 16 ديسمبر سنة 1937 بأن المستأنف ضدّهما الأوّلين وضعا اليد خلسة وعنوة في خلال فترة تأجيل القضية لا يتفق مع ما هو ثابت في الشكوى سالفة الذكر".
"وحيث إنه فضلاً عن ذلك فمن أركان دعوى استرداد الحيازة القوّة، ولا دليل في القضية على استعمالها أو التهديد بها، بل الثابت أن مورّثة المستأنفين كانت مستأجرة الأرض من المستأنف عليه الثالث بعقد تنتهي مدّته في أكتوبر سنة 1937. ومن هذا التاريخ للمستأنف عليه الثالث، ولمن استأجر منه الحق في الانتفاع بنصيبه، وهو ما حصل بدون أن يقترن بأي قوّة. ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف".
تلك هي أسباب الحكمين التي كانت مثار الطعن.
وبما أن مناط الفصل فيما تناوله طرفاً الخصومة دفعاً ودفاعاً هو استظهار حكم القانون في شأن حق الشريك على الشيوع في الانتفاع بما يملك.
وبما أنه لا نزاع في أن كل مالك على الشيوع له حق الملكية في كل ذرّة من العقار المشاع ولا يستطيع شريكه إخراجه منه أو نزع حيازته. وهذا الحق سواء بين الشركاء لا يمتاز به واحد عن الآخر إلا إذا كان يستمسك بحق مردّه سند آخر غير الملكية المشاعة كالإجارة مثلاً.
وبما أن الوقائع التي استعرضها الحكمان المطعون فيهما ثابت فيها أن مورّثة الطاعنين كانت مستأجرة على المشاع الأرض المتنازع عليها ولما توفيت وحلوا محلها كانت هذه الإجارة قد انتهت فأصبحوا هم والمطعون ضدّه الثالث سواء في حق وضع اليد على الأرض المشاعة بينهم للانتفاع بها، ولما اختلفوا في طريقة هذا الانتفاع كان الطاعنون ينكرون على المطعون ضدّه الثالث أن ينتفع بملكه بغير طريق التأجير لهم أنفسهم أو للمستأجر منهم، على ما ذكروه صراحة في تقرير الطعن، وهو يرى أنه في حل من التأجير لمن يشاء. وقد فعل ووضع مستأجره يده على جزء من الأرض المشاعة على أساس أنه معادل لنصيب المطعون ضدّه الثالث، فبرز النزاع في شكل الدعوى الحالية التي رفعها الطاعنون وكيفوها أوّلاً بأنها دعوى تعرّض في وضع اليد ثم عدّلوها إلى دعوى استرداد حيازة من المستأجر من شريكهم.
وبما أن تكييف الدعوى بهذا الوصف أو ذاك غير صحيح، فالدعوى ليست إلا نزاعاً بين شركاء على الشيوع في طريقة انتفاع كل منهم بنصيبه الشائع. وقد حام الحكمان المطعون فيهما حول هذا التكييف، ثم أشارا، رغبة في التزيد، إلى شروط دعوى وضع اليد، ونفيا تحققها.
وبما أن القضاء برفض الدعوى هو القضاء السليم الذي يتفق مع التكييف الصحيح السابق بيانه إذ لا ريب أن الطاعنين لا يستطيعون الاستمساك بالإجارة الصادرة لمورّثتهم وقد انتهت وهم ليس لهم من سند في وضع يدهم غير الملكية الشائعة التي لخصمهم مثلها. فالنزاع إذن هو على طريقة الانتفاع، ومحله دعوى محاسبة أو دعوى قسمة لا دعوى ردّ حيازة التي هي من دعاوى وضع اليد.
وبما أنه ليس من محل بعد هذا البحث لما قدّرته محكمة الموضوع من عدم ثبوت غصب مادي أو ثبوته فقد كان ذلك نافلة من القول الدعوى في غنى عنه.
وبما أن وجوه الطعن جميعاً تصبح بما سبق بيانه على غير أساس لبنائها على دعوى هي من دعاوى وضع اليد، ويتعين إذن رفضه برمته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق