جلسة 27 من فبراير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وصبحي رزق داود.
----------------
(122)
الطعن رقم 132 لسنة 45 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن". حكم "تقديم المذكرات".
عدم تقديم الطاعنة ما يفيد التصريح لها بتقديم مذكرة تكميلية وأنها قدمتها في الميعاد متضمنة الدفاع الذي تدعي إغفال الحكم الرد عليه. نعي عار عن الدليل.
(2) بطلان "بطلان التصرفات". عقد "الغلط".
إبطال العقد للغلط في الواقع أو القانون. شرطه. أن يكون جوهرياً.
(3) إيجار "الوفاء بالأجرة". وكالة.
تنازل وكيل المؤجرة عن أجرة العين. ثبوت أنه كان مقابل تنازل المستأجر عن عقد الإيجار ليتمكن الوكيل من هدم العقار وإقامة بناء جديد. لا يعد تبرعاً منه للمستأجر. جواز أن تكون الأجرة تقدمه أخرى غير النقود.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 161 لسنة 1973 مدني كلي الإسكندرية بطلب إخلاء المطعون عليه من العين المبينة بالصحيفة وتسليمها إليها خالية، تأسيساً على أنه بعقد مؤرخ 29/ 12/ 1969 استأجر من وكيلها الشقة المبينة بالصحيفة بأجرة شهرية قدرها 10 ج و812 م بعد التخفيضات وقد تأخر في سداد الأجرة من أول نوفمبر سنة 1971 حتى آخر ديسمبر سنة 1972 وجملة ذلك 161ج و672 م وأنذرته بالوفاء على يد محضر بتاريخ 30/ 12/ 1972 فلم يمتثل، وبتاريخ 26/ 12/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 63 لسنة 30 ق الإسكندرية، وبتاريخ 21/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في مذكرتها التكميلية أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز الاحتجاج عليها بالصورة الشمسية للإقرار المنسوب صدوره من وكيلها والتي يستند إليها المطعون عليه في دفاعه لأنها لا تقوم مقام الأصل غير أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على هذه الصورة وأغفل الرد على دفاعها الجوهري الذي لو عنى ببحثه لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يثبت التصريح لها بتقديم مذكرة تكميلية وأنها قدمتها في الميعاد وتضمنت الدفاع الذي تعيب على الحكم عدم الرد عليه مما يكون معه النعي عارياً من دليله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثاني والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن إقرار الوكيل الذي يستند إليه المطعون عليه في الانتفاع بالعين المؤجرة بلا مقابل، مشوب بغلط جوهري في الواقع، ذلك أن وكيلها توهم أنه مسئول عن تعويض المطعون عليه لإخراجه من مسكنه القديم الذي كان يتميز بالأجرة الزهيدة في حين أنه لم يغادر مسكنه بفعل الوكيل بل كان لزاماً عليه أن يغادره لتصدعه وأيلولته للسقوط، وقد لابس الإقرار غلط آخر، ذلك أن الوكيل أقر بحق المطعون عليه في سكنى عين النزاع دون أجر مع أنه أوفى بالتزامه الذي توهمه بشرائه عقاراً للمطعون عليه فيه بنصف الثمن، كما شاب الإقرار غلط في القانون لاعتقاد الوكيل بحق المطعون عليه اقتضاء خلو رجل مع أن ذلك أمر محظور قانوناً، فضلاً عن أنه لا يجوز الاحتجاج عليها بإقرار الوكيل بصورية عقد الإيجار لخروجه عن حدود الوكالة وأنه تضمن تبرعاً لا يملكه طالما أن عقد الوكالة لم يرخص له بذلك، ولم يعين فيه المال محل التبرع، يضاف إلى ذلك أنها عابت على الحكم الابتدائي قوله أن القانون لا يمنع من أداء الأجرة عن مدة سابقة لمخالفة ذلك للواقع والقانون، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاعها الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يشترط لإبطال العقد للغلط سواء كان في الواقع أو في القانون أن يكون جوهرياً، أي أن يكون هو الذي دفع إلى التعاقد، وإذ كان الثابت بالمذكرة الأصلية للطاعنة أمام محكمة الاستئناف قولها أنه أشير في الإقرار الصادر من وكيلها إلى أن العقار كان آيلاً للسقوط، مما مفاده أن الوكيل كان على بينة بحالة العقار عند تحرير الإقرار ومن ثم يضحى ما تمسكت به الطاعنة من أن إقرار الوكيل شابه غلط جوهري دفاع لا سند له فلا يعيب الحكم المطعون فيه الالتفات عن الرد عليه، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من التوكيل الصادر من الطاعنة لزوجها ومن الإقرار الصادر منه للمطعون عليه، أن ما تضمنه الإقرار من تنازل عن أجرة عين النزاع لحين إقامة البناء الجديد بدلاً من العقار المطلوب هدمه، كان بمقابل تمثل في تنازل المطعون عليه عن عقد استئجاره للشقة التي كان يشغلها بالعقار المذكور ليتمكن الوكيل من هدمه وبيع أنقاضه وإقامة بناء جديد يغل دخلاً أكبر، وكان هذا الذي استخلصه الحكم يتفق وعبارات سند الوكالة والإقرار وفي حدود ما لمحكمة الموضوع من سلطة تامة في تحديد نطاق الوكالة وبيان ما قصده المتعاقدان منها مستعينة في ذلك بعبارات الوكيل وظروف الدعوى وملابساتها، وإذ كان من الجائز وفقاً للمادة 561 من القانون المدني أن تكون الأجرة تقدمة أخرى غير النقود، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه يكون قد تضمن الرد على باقي أوجه النعي، بما يتفق وصحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تقدمت لمحكمة الموضوع بكعوب إيصالات سداد أجرة عين النزاع بعضها محرر بخط المطعون عليه للتدليل بها على أنه كان يقوم بسداد الأجرة حتى أكتوبر سنة 1971، مما يدل على صورية الإقرار بالإعفاء منها، وقد أهدرت محكمة أول درجة دلالتها بمقولة أنها ليست حجة على المطعون عليه لأنها لا تحمل توقيعه مع أنها تقدمت بها باعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة كما تمسكت باستجواب المطعون عليه عما إذا كان قد حرر الإيصالات المقدم كعوبها، غير أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري ولو فعل لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الدفاع الجوهري الذي يعيب الحكم عدم التصدي له هو كل دفاع توافر دليله وكان قطعي الدلالة في إثبات ما يدعي مؤدياً إلى أن يتغير الرأي في الدعوى وإذ كان ذلك وكان تمسك الطاعنة بتحرير المطعون عليه كعوب الإيصالات بخطه وطلبها استجوابه في هذا، وهو دفاع يمكن أن يتوافر دليله بالاستجواب، إلا أنه يكون ظني الدلالة في إثبات سداد المطعون عليه للأجرة لأنه وقد ثبت في عقد الإيجار التزامه بالأجرة فقد يكون تحرير إيصالات سدادها صورياً تأكيداً لما جاء بالعقد وهو ما يتفق وورقة الضد وهي إقرار إعفائه منها، وفي هذه الحالة لا تؤدى نتيجة الاستجواب لتغيير الرأي في الدعوى، كما قد يكون تحرير كعوب الإيصالات دالاً على سداد الأجرة فعلاً مما قد يغير ثبوته وجه الرأي في الدعوى، وإذ كان ذلك فإن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة بحث الدلائل والمستندات وترجيح ما تطمئن إليه منها أن تركن إلى أن الاستجواب لم يكن ليؤدي إلى دليل قطعي البيان في إثبات سداد الأجرة فعلاً مما يجعل الدفاع استناداً له غير مؤثر فيما تحكم به فيعتبر دفاعاً غير جوهري لا يعيب الحكم إغفاله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها عابت في صحيفة الاستئناف على الحكم الابتدائي "قوله أنه إذا كان للمالكة ثمة حقوق قبل زوجها ووكيلها فحسبها أن تسلك بشأنها ما تراه من سبل التقاضي إن كان هو لم يفي لها بمقابل الانتفاع بالعين المؤجرة"، لأن ذلك يدل على أن المحكمة فهمت الدعوى على أنها مطالبة بالإخلاء لعدم سداد الأجرة التي استحقت حال حياة زوجها مع أن الإخلاء مؤسس على التأخير في سداد الأجرة بعد وفاة زوجها، فضلاً عما شاب الحكم من تناقض لأنه بينما يعتد بالإقرار بإعفاء المطعون عليه من الأجرة إذا به يقرر حق الطاعنة في محاسبة وكيلها وفي عدم مؤاخذتها بهذا الإقرار هذا إلى أن التنازل في حقيقته وعد بالهبة ولم يفرغ في ورقة رسمية ومن ثم يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الثاني والرابع والخامس قد استخلص لأسباب سائغة أن التنازل عن الأجرة كان بمقابل وليس على سبيل التبرع وهو ملزم للطاعنة وقد صدر في حدود الوكالة. لا يغير من ذلك ترتيب انتهاء الإعفاء من الأجرة على إقامة البناء الجديد طالما أن هذا الأمر محقق الوقوع، ولما كان الوكيل ملزم بالوفاء بما في ذمته لموكله ومن ثم فلا يوجد ثمة تعارض بين ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه وما جاء بالحكم الابتدائي الذي قرر أن من حق الطاعنة الرجوع على وكيلها إن كان لم يف لها بمقابل الانتفاع بالعين المؤجرة ومن ثم يكون النعي على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق