الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطعن 405 لسنة 21 ق جلسة 10 / 3 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 103 ص 796

جلسة 10 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

-------------------

(103)
القضية رقم 405 سنة 21 القضائية

)أ ) تقادم مكسب. وقف.

له حق التمسك بالتقادم المكسب. دليل مشروعيته.
)ب) تقادم مكسب. وقف.

المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم. هى 15 سنة.
)ج) تقادم مكسب. وقف.

لا يمنع من اكتسابه الملك بالتقادم ما نص عليه القانون 48 لسنة 1946 من أن الوقف لا يصح إلا بإشهاد شرعي.
)د) تقادم مكسب. وقف.

حق الوقف في ضم مدة السلف إلى مدة وضع يده.
)هـ) تقادم مكسب. وقف. حكم. قوة الأمر المقضي.

الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يحوز قوة الأمر المقضي قبل الوقف.
(و) تقادم مكسب.

القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة. استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده. غير لازم.

-------------------
1 - يجوز للوقف أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها هذا التقادم في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك، وهى قرينة قانونية بسيطة يصح دحضها ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون ارتفعت إلى مصاف القرائن القاطعة التي لا تقبل نقضا.
2 - المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم هي خمس عشرة سنة أما مدة الثلاث وثلاثين سنة فهي التي تلزم للتمسك قبل الوقف باكتساب ملكيته بالتقادم.
3 - لا يمنع الوقف من التمسك بالتقادم المكسب ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه بعد التاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد ذلك أنه ليس ثمة ما يمنع الوقف بعد قيامه من الانتفاع بقرينة التقادم القاطعة التي تعفيه من تقديم سند ملكيته.
4 - للوقف أن يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه.
5 - الحكم الصادر قبل ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه.
6 - القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يحتاج إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه يبين من التوكيل المقدم من وكيل المطعون عليهما أن عبارته مقصورة على التصريح له بالتقرير بالنقض في قضايا الجنح والمخالفات، ولذا فإنه لا يخوله الحضور عن المطعون عليهما أمام محكمة النقض في القضايا المدنية ومن ثم يتعين استبعاد المذكرة وحافظة المستندات المقدمة من وكيلهما ردا على مذكرة الطاعنين.
وحيث إن وقائع الدعوى كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما بصفتهما ناظري وقف المرحومة مصطفية تاوضروس غبريال أقاما الدعوى رقم 432 لسنة 1944 أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنين وطلبا في صحيفتها المعلنة في 17 و24 من يونيه سنة 1944 تثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم مملوكة للوقف المشمول بنظارتهما وواقعة بالقطعة رقم 5 بحوض المرج بزمام طوخ الخيل مركز ومديرية المنيا ومحدودة من الجهة الغربية بوقف رائف باشا ومن الجهات الثلاث الأخرى بأطيان ملك ورثة حنا يعقوب (الطاعنين) وكف المنازعة والتسليم وإلغاء محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944 الوارد على هذا المقدار والحاصل بناء على طلب الطاعنين نفاذا للحكم الصادر لهم في 2 من سبتمبر سنة 1937 في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا - واستند المطعون عليهما في دعواهما إلى إشهاد الوقف الصادر في 13 من نوفمبر سنة 1919 من محكمة المنيا الجزئية الشرعية وإلى عقد فك الرهن الحيازي المؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1926 ومسجل في 25 من أكتوبر سنة 1929 والصادر من الدائن المرتهن المرحوم اسحق بك برسوم وإلى الكشوف الرسمية قائلين إن المقدار موضوع النزاع داخل فيها. ودفع الطاعنون الدعوى بأن مورثهم حنا يعقوب اشترى هذا المقدار بعقد مسجل في 11 من نوفمبر سنة 1911 من الفونس كحيل الذي كان اشتراه بدوره من عزيز اسحق الذي تملكه بطريق الميراث عن والده المرحوم اسحق سعد وبعقد قسمة مع باقي الورثة مسجل في 20 من مارس سنة 1911 وأن هذا المقدار هو نصف القطعة رقم 5 التي اختص عزيز اسحق بالنصف الشرقي منها واختص أخوه يوسف اسحق بالنصف الغربي وأن يوسف اسحق باع هذا المقدار الذي اختص به في النصف الغربي من القطعة رقم 5 إلى والدته الواقعة ضمن أطيان أخرى فوقفته، وأنهم لا ينازعون الوقف في هذا المقدار الذي يقع في النصف الغربي في القطعة والذى آل إلى الواقفة من يوسف اسحق. فأصدرت المحكمة الابتدائية في 4 من يونيه سنة 1945 حكما بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان إن كان المقدار موضوع النزاع يدخل ضمن مستندات الطاعنين أو المطعون عليهما وهل يدخل أو لا يدخل في الحكم الصادر في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا وتحقيق وضع اليد ومدته وتصرفات الطاعنين في المقدار موضوع النزاع إن ظهر أنه لا يدخل في مستنداتهم. وقد باشر الخبير مأموريته وانتهى في تقريره إلى أن النصف الغربي من القطعة رقم 5 يدخل ضمن ما ورد في كتاب الوقف وفى وضع يد الوقف ولا نزاع عليه. وإنما يدور النزاع حول النصف الشرقي من القطعة المذكورة وهو يدخل في مستندات الطاعنين وهى عقد شراء مورثهم وعقد القسمة الحاصل من ورثة اسحق والحكم الصادر لهم في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا ومحضر التسليم المحرر في 18 من مايو ستة 1944 وأنه بتحقيق وضع اليد اتضح له أن القطعة كلها في وضع يد الوقف منذ أكثر من خمس عشرة سنة. فعدل المطعون عليهما طلباتهما بإعلان تاريخه 8 من ديسمبر سنة 1945 طالبين الحكم لهما بصفتهما إلى القطعة رقم 5 بكاملها ومساحتها 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما واستند إلى وضع اليد في 13 من نوفمبر سنة 1911 بدون انقطاع - وفى 7 من يناير سنة 1946 قضت المحكمة الابتدائية بثبوت ملكية الوقف إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم وهي النصف الغربي من القطعة رقم 5 والتي ليس عليها نزاع وبرفض الدعوى بالنسبة للباقي، وأسست قضاءها على أن المطعون عليهما إذ أقاما دعواهما لم يطلبا الحكم لهما إلا بمقدار فدانين و4 قراريط و10 أسهم الداخلة في كتاب الوقف المشمول بنظارتهما وأن باقي القطعة ومقداره فدانان و4 قراريط و10 أسهم بيع لمورث الطاعنين من الفونس كحيل المشترى من عزيز إسحق وأن المطعون عليهما اعترفا صراحة في صحيفة الدعوى بأن المقدار الذي يملكه الطاعنون تصرفوا فيه بالبيع وأن المشترين وضعوا يدهم على ما اشتروه لا ينازعهم فيه أحد، وأنه لما تبين لخبير الدعوى أن المقدار الداخل في عقد الطاعنين تحت يد الوقف دون هؤلاء المشترين، عدل المطعون عليهما طلباتهما إلى كامل القطعة رقم 5 وتناسيا كل ما ذكراه في صحيفتها وذهب مذهبا جديدا في تأييد دعواهما إلى أن الوقف تملك هذا المقدار بمضي المدة، وقالت المحكمة إن النزاع تركز أخيرا في جواز تملك الوقف عينا بالتقادم، وأنها لا تأخذ بالري الذي يجيز ذلك، وأنه متى كان الأمر كذلك ولم ينازع الطاعنون المطعون عليهما في العين الواردة في كتاب الوقف وهي النصف الغربي من القطعة 5 المبينة بتقرير الخبير والذى يبدأ في وقف رائف باشا، فإنه يتعين رفض الدعوى بالنسبة لبقية طلبات المطعون عليهما مع إلزامهما بالمصروفات... وبصحيفة معلنة في 5 من مايو سنة 1946 استأنف المطعون عليهما هذا الحكم طالبين تعديله والقضاء لهما بتثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل طلباتهما أمام المحكمة الابتدائية فقضت محكمة استئناف القاهرة في أول مايو سنة 1950 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة وضع يد الوقف على الأطيان المتنازع عليها من تاريخ إنشائه في 13 من نوفمبر سنة 1919 ووضع يد الواقفة عليها بوصفه ملكا حرا من تاريخ شرائها إياه في سنة 1911 من يوسف اسحق ووضع يد هذا من سنة 1911 تاريخ عقد القسمة وبأن وضع اليد كان مؤسسا على الملكية وظاهرا ومستمرا ومتواصلا وهادئا وخاليا من النزاع وصرحت للمطعون عليهما بأن يستخرجا من دفاتر مصلحة المساحة صورا رسمية من الإقرارات المنوه عنها بالأسباب وبعد أن تم التحقيق بسماع شهود الطرفين، ولامتناع مصلحة المساحة عن إعطاء المطعون عليهما صورة رسمية من الإقرارات قررت المحكمة في 8 من يناير سنة 1951 الانتقال إلى مكتب المصلحة بالمنيا للاطلاع على ملف القطعة المتنازع عليها لمعرفة ما جاء به خاصا بوضع اليد. وبعد أن تنفذ هذا القرار قضت في 12 من يونيه سنة 1951 بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل الطلبات المعلنة في 8 من ديسمبر سنة 1945 وبالزام الطاعنين بجميع المصروفات الاستئنافية وبنصف المصروفات الابتدائية وبمبلغ 20 جنيها مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - فقرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: أولها خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفى تأويله وتفسيره وثانيها قصور الحكم في التسبيب، وثالثها خطؤه في الإسناد.
وحيث إنه عن السبب الأول، فإن الطاعنين ينعون به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من خمسة أوجه: أولها إذ قرر أن الوقف يجوز له اكتساب الملك بالتقادم. وثانيها - إذ قرر أن المدة اللازمة ليتملك الوقف عينا حرة هى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون. وثالثها - أنه عند احتساب مدة التقادم اللازمة على هذا الأساس أدخل فيها مددا لا يجوز ضمها قانونا وهى المدد السابقة على إنشاء الوقف في سنة 1919 التي كان وضع يد يوسف اسحق فيها على أرض النزاع ووضع يد والدته التي اشترت منه بصفتها الشخصية وبطريق الغصب بقصد التملك بالتقادم، بخلاف الوقف الذي لم تكن حيازته بقصد التملك بل بقصد كسب حق عيني آخر هو الوقف، فضلا عن مساس الحكم المطعون فيه ومخالفته للحكم الصادر في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا التي لم يزعم فيها يوسف اسحق ولا عزيز اسحق أنهما وضعا اليد على ارض النزاع، ولا أنها بيعت من يوسف اسحق لوالدته، ولا أنها وضعت اليد عليها، ولا زعما أن الأرض موقوفة أو أنها التحقت بالوقف وكسبت صفته عن طريق وضع اليد. ورابعها - أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه بتملك أرض النزاع بالتقادم على حيازة معيبة بالخفاء وبالغموض، ذلك أن يوسف وعزيز لم يصرحا في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا سالف الذكر بحيازة الوقف أرض النزاع، وكتمانها ذلك أمام المحكمة يجعل حيازة الوقف خفية غير ظاهرة. كما أن الحكم المطعون فيه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف. كان يشوبه الغموض إذ قال "إن المدة الطويلة كانت قد انقضت قبل موت مصطفيه الواقفة في يونيه سنة 1929 وأنه قد ثبت من التحقيق أن وضع يدها كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه لا محل إذن للقول بأن وضع يد يوسف كان يشوبه الغموض". وهذا تسليم من الحكم بأن وضع يد هذا الأخير شابه الغموض، وغاية ما هنالك أن هذا الغموض لا يؤثر على نتيجة الدعوى لأن وضع يد مصطفيه (ممثلة بيوسف) كان قد استوفى المدة قبل وفاتها وخامسها - أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات إذ قبل شهادة الشهود في إثبات عقد البدل الذي قيل بحصوله بين يوسف وأخيه عزيز مع أن قيمته تزيد عن العشرة جنيهات.
وحيث إن هذا السبب مردود في جميع وجوهه، بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن هذه الدعوى أقيمت من المطعون عليهما بتثبيت ملكية الوقف المشمول بنظرهما للأرض محل النزاع تأسيسا على ما ذكراه والذى انتهيا منه إلى وضع يد الوقف عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وذلك بناء على أن يوسف إسحق كان واضعا يده منذ حصلت القسمة في سنة 1912 على جميع القطعة رقم 5 بحوض المرج بالحدود الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية التي تتضمن أرض النزاع وكان وضع يده على خلاف ما جاء بكشوف التكليف والعقود والمستندات وأنه استمر واضعا يده عليها إلى أن باعها لوالدته مصطفية تاوضروس غبريال فخلفت البائع لها في وضع يده إلى أن وقفتها مع أطيان أخرى في سنة 1919، وأن وضع يد الوقف استمر على خلاف كشوف التكليف والعقود والمستندات إلى أن بدأ النزاع الحالي. وبعد أن أشار الحكم إلى تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة ومحضر أعماله وما ورد فيهما خاصا بوضع يد الوقف على أرض النزاع وإلى التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف في وضع اليد وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به وذكر الحكم أنه استخلص من التحقيق أن يوسف اسحق بقى واضعا يده على أرض النزاع من سنة 1911 حتى باعها لوالدته مصطفية التي وقفتها وأنه استمر واضعا يده عليها بالنيابة عن والدته إلى أن تولاها منير يوسف اسحق الناظر الحالي حتى انتزعت منه بمقتضى محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944. قال الحكم المطعون فيه بعد ذلك إنه يستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق ومن محضر الانتقال أن حنا يعقوب مورث الطاعنين اشترى من الفونس كحيل في سنة 1911 القطعة رقم 5 موضوع النزاع إلا أنه لم يضع يده عليها إطلاقا واستوفى ما اشترى في القطعة رقم 3 وأنه سواء كان ذلك تنفيذا للبدل الذي قرر المطعون عليهما حصوله بين الأخوين عزيز ويوسف اسحق أو أن مورث الطاعنين ارتضى هذا الوضع ونفذه وتخلى عن القطعة المتنازع عليها رقم 5 واستبدل بها القطعة رقم 3 ووضع يده عليها إلى أن توفى وخلفه ورثته المقيدون بتصرفه لأنهم لم يرثوا عنه تكليفا على الورقة وإنما ورثوا أرضا زراعية هى القطعة رقم 3 التي كانت في وضع يده وانتقلت اليهم وحازوها ولم ينازعهم أحد فيها وأن هذا البدل الذي ارتضاه المورث فعلا وأقروه هم قد تنفذ من طرفيه وباع يوسف اسحق القطعة رقم 5 برمتها وحددوها الأربعة الواردة في صحيفة الدعوى لوالدته مصطفية وهذه رهنتها إلى إسحق بك برسوم ثم وقفتها وأنها وضعت اليد عليها باعتبارها من ضمن الوقف ولم يعترض على ذلك حنا يعقوب ولا ورثته من بعده وأن هؤلاء الورثة باعوا بعد ذلك في سنة 1934 القطعة رقم 3 تمشيا مع وضع يدهم وسلموها للمشترين فحازوها ولم ينازعهم أحد فيها كما أنهم لم ينازعوا الوقف في القطعة رقم 5 رغما عن أنها هي التي وردت في عقود شرائهم تمشيا مع التكليف ولم يتمسك به الورثة إلا في سنة 1929 بعد أن هدم يوسف اسحق مباني العزبة وبدأت الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا وكان قد مضى على تصرف حنا يعقوب الدال على ارتضائه البدل زهاء 18 سنة استتبت فيها ملكيته ثم ورثته من بعده للقطعة رقم 3 وملكية الوقف للقطعة رقم 5 وأنه ثبت من التحقيق أن وضع يد الواقفة مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك وأنها استكملت المدة الطويلة قبل وفاتها الحاصلة في سنة 1929... ثم انتهى الحكم إلى القول بأنه بان له من كل ما تقدم أن القطعة المتنازع عليها قد تملكها الوقف فعلا وأن الحكم المستأنف قد جانب الصواب فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لباقى المقدار المطلوب - وحاصل ما سبق ذكره أن الحكم المطعون فيه بنى في أساسه على أنه ثبت له من الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى والتي أشار إليها أن الوقف هو ومن تلقى الحق عنه، وضع اليد على أرض النزاع بصفته مالكا، وضع يد استوفى شرائطه القانونية منذ سنة 1911، وأنه مضى على وضع يده المدة الطويلة المكسبة للملك، وأنه يصح له بذلك أن يتحدى بالتقادم المكسب، وهذا الذي حصله الحكم من واقع الدعوى كاف وحده لإقامته. أما ما أورده غير ذلك فإنه من النوافل التي لا يجدى الطعن عليها كما سيبين فيما بعد - وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا خطأ فيه في القانون، ذلك أن الوقف يجوز له أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، وللوقف أيضا أن يتمسك بضم مدد أسلافه أي من تلقى الحق عنهم، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها التقادم المكسب في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك وهى قرينة قانونية بسيطة يصح للغير دحضها. ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون وهى خمس عشرة سنة ارتفعت هذه القرينة إلى مصاف القرائن القاطعة وأصبحت لا تقبل نقضا. ومرجع ذلك أن استمرار واضع اليد يتصرف في العين تصرف الملاك بلا منازع وبشكل هادئ لا خفاء فيه ولا إبهام طوال هذه المدة التي رأى الشارع أنها كفيلة بتنبيه الغافل عن حقه، أن استمرار وضع اليد بهذه الشروط يدل على سبيل الجزم على أن واضع اليد إنما يستند في وضع يده إلى حق ثابت، فمن العبث بعد هذا اليقين أن يرهق واضع اليد إرهاقا قد يصل في بعض الأحيان إلى حد الاستحالة بأن يحتفظ بما لديه من أدلة على مصدر ملكيته وشرعية يده أمدا لا نهاية له، فلذا أعفاه الشارع من الاحتفاظ بسند ملكيته اكتفاء بهذه القرينة القاطعة. وفى هذا ما يدعم استقرار الأمور على ما قامت به من سبب شرعي ويرد دعاوى المبطلين الذين قد يثيرون النزاع حول شرعية حق واضع اليد. ومن ذلك يبين أن حكمة التقادم المكسب لا تقوم على تبرير الغصب، وإنما مبناها على عكس ذلك وهو دفع الغصب من المعتدين وهذه أيضا هى الحكمة التي من أجلها أجيز الدفع بعدم سماع الدعوى في الشريعة الإسلامية - وبناء على ما تقدم يكون لا محل للتفرقة بين الوقف والأفراد في الانتفاع بهذه القرينة القاطعة التي رتبها القانون لمصلحة واضع اليد المدة الطويلة من إعفائه من تقديم سند ملكيته الأصلي اكتفاء بوضع يده تلك المدة وهى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون كما يذهب الطاعنون، لأن المدة الأخيرة هي التي تلزم لمن يريد التمسك قبل الوقف. ولا يغير من هذا النظر ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه من تاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد، ذلك أنه ليس في القانون ما يمنع الوقف بعد قيامه من التمسك بالتقادم المكسب والانتفاع بالقرينة القاطعة التي تعفيه من تقديم سنده - وكذلك لم يخطئ الحكم المطعون فيه، إذ أجاب المطعون عليهما واحتسب للوقف المشمول بنظرها مدة وضع يد الواقفة قبل الوقف ومدة وضع يد البائع لها من قبلها ذلك أن للخلف أن يضيف إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه. والواقع الذي استظهره الحكم، أن التصرفات المتعاقبة وان كان ذكر في أوراقها أن المتصرف فيه هو نصف القطعة رقم 5 ونصف القطعة رقم 3 إلا أن المتصرف كان يسلم المتصرف له جميع القطعة رقم 5 ولا شئ في القطعة رقم 3 وأما الحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 الصادر في 2 من سبتمبر سنة 1937 والذى لم ينفذه الطاعنون بالتسليم في القطعة رقم 5 إلا في 18 من مايو سنة 1944، فإن الثابت منه أن الوقف لم يكن ممثلا فيه، وأنه صدر ضد يوسف اسحق وأخيه عزيز بصفتهما الشخصية لا بصفتهما ناظرين على الوقف، ومن ثم فإنه لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه، هذا فضلا عما هو ثابت به من أن الدعوى به لم ترفع إلا في 4 من يونيه سنة 1929 بعد أن كانت مدة التقادم المكسب قد تكاملت للوقف على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه - وأما ما ينعاه الطاعنون في الوجه الرابع من هذا السبب فمردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بملكية الأرض موضوع النزاع، أقام قضاءه هذا على ما تبينه من التحقيقات من أن الوقف وضع اليد عليها المدة الطويلة بالشروط التي يتطلبها القانون مقررا أن وضع يده كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك. وهذا الذي أورده الحكم ينفى عن وضع يد الوقف عيب الخلفاء إذ وصفه بالظهور، كما ينفى عنه عيب الغموض إذ وصفه بخلوه من النزاع، ولا يجدى الطاعنين تمسكهم بالحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 لأنه لا تأثير له على الوقف لما سبق ذكره وليس بصحيح ما نسبه الطاعنون للحكم المطعون فيه من أنه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان يشوبه الغموض ذلك أن المفهوم من العبارة التي اقتبسها الطاعنون من الحكم أنه لم ير من حاجة للرد استقلالا على ما نعوه على وضع يد يوسف من غموض بعد ما أثبته من أن وضع يد الوقف كان قد استوفى شرائطه القانونية وتكاملت مدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 - وأما ما نعاه الطاعنون في الوجه الخامس فمردود، بأن ما أورده الحكم المطعون فيه عن واقعة البدل بين الأخوين يوسف وعزيز اسحق إنما كان تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لعقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، وقد كان قوام دعوى المطعون عليهما أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب دون غيره من أسباب التملك.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب من ثلاثة أوجه. الأول تناقضه في مسألة جوهرية هي لب الدعوى وهى وضع اليد إذ سلم في موضع منه أن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا ثم استدرك قائلا إن ذلك لا أهمية له لأن وضع يد والدته مصطفية استوفى شرائطه قبل وفاتها في سنة 1929 ثم قال في موضع آخر إن يوسف كان يضع يده نيابة عن والدته ثم قال بعد ذلك إنه ثبت من التحقيقات أن وضع يد مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وكان ظاهرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك - وهذا القول ينطوي على قصور لأن الحكم لم يبين كيف يكون وضع يد مصطفية مستوفيا الشروط القانونية في نفس الوقت الذي يقول فيه الحكم إنها كانت تضع اليد بطريق إنابة ولدها يوسف وأن وضع يد هذا الأخير كان غامضا - والوجه الثاني - أن الحكم لم يرد على ما دفع به الطاعنون من أن وضع يد الوقف على فرض حصوله كان مشوبا بعيب الخفاء - والوجه الثالث - قول الحكم إن الطاعنين تجردوا من ملكيتهم في هذه الجهة وبذا انتفت مصلحتهم في المطالبة وأنه بما ادعوه من ضمانهم للبيوع التي صدرت منهم لمضى أكثر من خمس عشرة سنة عليها دون أن يرد على دفاع الطاعنين في هذا الصدد مكتفيا بعبارة مجملة هى قوله إنه ثبت من الكشوف المقدمة بحوافظ المطعون عليهم أن الطاعنين باعوا كل ما يملكون في تلك الجهة.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهيه الأول والثاني بما سبق ذكره ردا على الوجه الرابع من السبب الأول، من أن الحكم المطعون فيه، وقد قرر في أسبابه أن الوقف اكتسب ملكية الأرض المتنازع عليها بالتقادم بعد أن أثبت أن وضع يده استوفى شرائطه القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية الملك، يكون قد نفى بذلك عن وضع يد الوقف كل شائبة تعيبه من خفاء أو غموض أو غيرهما وبما سبق ذكره من أن الحكم لم يسلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا، وأن العبارة التي اقتبسها الطاعنون للاستدلال بها على هذا النعي لا تفيد المعنى الذي يريدون استنتاجه منها. ومن ثم فلا تناقض في الحكم ومردود في وجهه الثالث بأن ما أورده الحكم عن تجرد الطاعنين من ملكيتهم في تلك الجهة وانتفاء مصلحتهم بذلك في المطالبة إنما هو تزيد لا يعيب الحكم لأن قوام دعوى المطعون عليهما كما سبق قوله هو أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد من ثلاثة أوجه: الأول - إذ أثبت واقعة لا أصل لها في الأوراق اعتمد عليها في قضائه وجعلها حجر الأساس فيه وهى مسألة البدل، الذي زعم أنه تم بين الشقيقين يوسف وعزيز اسحق في سنة 1911 والذى بمقتضاه اختص يوسف بكل القطعة رقم 5 وفيها أرض النزاع مقابل اختصاص عزيز بكل القطعة رقم 3 دون أن يبين الحكم كيف يقتسم الشقيقان ملكهما بعقد مسجل في 30 من مارس سنة 1911 ثم يتبادلان فور القسمة أرضهما على خلاف ما جاء بها ودون أن يبين الحكم ما إذا كانت القطعة رقم 5 توازى تماما القطعة رقم 3 حتى يستساغ عقلا ذلك البدل الوهمي الذي لم يقع والذى خلت أوراق الدعوى من دليل عليه حتى يصح تصوره بالاستنتاج أو البينة، وكلاهما لا يقبله القانون دليلا عليه - والوجه الثاني - إذ أورد الحكم وقائع استخلصها خلافا للثابت في الأوراق، فاستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق الذي تولته المحكمة ومن محضر الانتقال الذي أجرته أن يوسف إسحق باع القطعة رقم 5 جميعها إلى والدته التي رهنتها بعد ذلك ثم وقفتها، في حين أن هذه المصادر الثلاثة التي استند إليها الحكم ليس فيها ما يؤيده فيما استخلصه بل فيها ما ينقضه، وقد جاء بتقرير الخبير أن أرض النزاع لا تدخل في كتاب الوقف ولا في مستندات تمليك الخصوم وأنها لم تكن في يوم من الأيام مملوكة للوقف أصلا بل أنها تدخل في مستندات تمليك الطاعنين وأن الذي باعه يوسف لوالدته ثم وقفته ضمن ما وقفت في سنة 1919 إنما هو الجزء الغربي من القطعة رقم 5 وهو ذلك الجزء الذي اختص به يوسف في عقد القسمة المسجل في سنة 1911 ومقداره فدانين و4 قراريط و10 أسهم ولو أن أرض النزاع دخلت في كتاب الوقف كما يقول الحكم لما كان هناك من داع لبحث تملك الوقف لها بالتقادم وقد جاء بالتحقيق على لسان خليل إسماعيل من شهود المطعون عليهما أن يوسف لم يبع أرض النزاع لوالدته كما شهد إبراهيم هندي من شهودهما أيضا أن أرض النزاع لم تدخل في الوقف ولم يرد على لسان أحد من الشهود خلافا لما قال الحكم أن مصطفيه رهنت أرض النزاع إلى إسحق بك برسوم وأما محضر الانتقال وقد نقل الحكم بعضه في أسبابه فخال من أية إشارة إلى أن أرض النزاع داخلة فيما باعه يوسف لوالدته أو فيما رهنته هي بعد ذلك أو وقفته بل ولا صلة له ولا ارتباط بالنتيجة التي انتهى الحكم إليه. وقد اعتمد الحكم في قضائه على واقعة أخرى تخالف الثابت في الأوراق وهى أن الطاعنين قدموا مذكرة بجلسة 3 من أبريل سنة 1950 قالوا فيها إن مورثهم حنا يعقوب الذي توفى في 23 من أغسطس سنة 1919 لم يترك أولادا قصرا وأن ولده الدكتور حبيب توفى في سنة 1928 وترك بعض القصر ورتب الحكم على ذلك أن وضع يد الواقفة ومن قبلها البائع لها استمر على أرض النزاع أكثر من سبعة عشر عاما بدون وجود قصر وهى مدة تزيد عن المدة الطويلة المكسبة للملك، مع أنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة من هذه المذكرة خلاف ما قاله الحكم عنها في هذا الشأن وجاء فيها أن حنا يعقوب توفى عن أولاد قصرهم فيكتوريا التي بلغت في سنة 1905 والدكتور وديع المولود في سنة 1901 والدكتور شفيق المولود في سنة 1919 ويعقوب المولود في سنة 1906 ووهيب المولود في سنة 1916 وإبراهيم الذي توفى قاصرا في سنة 1930 ولبيب الذي بلغ في سنة 1915. وبذلك يكون الحكم قد أتى بواقعة جوهرية مخالفة لما هو ثابت في الأوراق - والوجه الثالث - إذ استخلص الحكم من التحقيق أن مصطفية استوفت شروط الحيازة ومدتها قبل وفاتها، وهو استخلاص ليس في التحقيق ما يؤدى إليه، وقد أجمعت شهود المطعون عليهما على أن مصطفية لم تكن لها حيازة مباشرة وأن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث مما أضفى على حيازته عيب الغموض الذي سلم به الحكم، كما استخلص الحكم من محضر الانتقال بعد مسخه وتلخيصه تلخيصا مشوها مبتورا أنه يتضح منه أن وضع اليد كان من أول الأمر مخالفا للكشوف الرسمية والعقود المسجلة، في حين أنه لا وجود للإقرارات التي صدر حكم الانتقال للاطلاع عليها وفى حين أن المطعون عليهما طعنا على ما جاء بمحضر الانتقال واتهما من موظفي المساحة بمحاولة إخفاء الحقيقة، وفى حين أن شكوى المطعون عليه الثاني للمساحة قدمت في سنة 1942 أي بعد عقود البيع الصادرة من الطاعنين في سنة 1934 وكانت بالتالي بعد الفترة التي وقف عندها الحكم في بحثه لوضع يد الوقف، فضلا عن أن التحقيق الإداري المبهم المدون بالشكوى والذى نقل محضر الانتقال ملخصه ثم نقل الحكم ملخصا مشوها لما في المحضر، هذا التحقيق الإداري لم يحدد فيه بدء وضع اليد على أرض النزاع ولا العناصر المكونة لوضع اليد المكسب، وهو أيضا غير مستكمل لشروط التحقيق القانوني الصحيح وغير منتج في تأييد النتيجة التي انتهى إليها. كما فات الحكم أن محضر وضع الحدايد الذي قامت به المساحة لا حجية له في إثبات ملكيته ولا في إثبات وضع يده وقد أصر الحكم - مع هذا الدفاع الذي تقدم به الطاعنون لمحكمة الموضوع - على اعتبار محضر الانتقال دليلا على أن الوقف وضع يده في سنة 1911 إلى سنة 1929، وضع يد هادئ ظاهر مستمر وبنية التملك، ولو أنه ألقى بالا للرد على دفاع الطاعنين لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول، بأنه غير منتج: ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما أقاما دعواهما على أن الوقف تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة، فأمرت محكمة الاستئناف في أول مايو سنة 1950، بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق وضع يد الوقف على الأرض من تاريخ إنشائه في سنة 1919 ووضع يد الواقفة والبائع لها عليها منذ سنة 1911. وقد استند الحكم في قضائه للوقف بملكية الأرض على ما استقاه من التحقيق الذي أمر به وما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى وما جاء بمحضر الانتقال خاصا بوضع اليد وما استخلصه منها من أن التقادم المكسب قد توافر للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بشرائطه القانونية، ومن ثم فإن تحدث الحكم عن بدل حصل بين الأخوين يوسف وعزيز بعد القسمة إنما جاء تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لما جاء في عقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، مع أنه لا حاجة للقضاء لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده - ومردود في وجهه الثاني بأن هذه الدعوى، لما سبق بيانه، أقيمت على أساس تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد المخالف للعقود والمستندات ولذا يكون ما جاء بالحكم خارج هذا النطاق تزيدا لا يجدى الخوض فيه أو النعي عليه - أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم خاصا بقصر بعض ورثة حنا يعقوب عند وفاته في 23 من أغسطس سنة 1919 فانه غير مقبول لأنه يبين من الأوراق التي قدمها الطاعنون أنهم إذ تمسكوا بذلك أمام محكمة الموضوع لم يقدموا الدليل على صحته رغم تحدى المطعون عليهما، وكان يتعين عليهم تقديم الدليل إذ ذاك. ومن ثم يكون ما ينعون به الآن في هذا الشأن عاريا عن الدليل - ومردود في وجهه الثالث بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد الذي استوفى شرائطه القانونية ومدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 استند في ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى والتحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الثانية وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به ويبين من تقرير الخبير أنه أورد فيه أن أرض النزاع وإن كانت تدخل في مستندات الطاعنين دون مستندات المطعون عليهما، غير أنه اتضح له أن الوقف وضع يده عليها أكثر من خمس عشرة سنة. وقد أورد الحكم خلاصة أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق بما لا يتعارض مع أقوالهم الثابتة في محضر التحقيق الذي قدم الطاعنون صورته، وكان استخلاصه منها في خصوص وضع اليد استخلاصا سائغا - ولما كان ما استخلصه الحكم من هذين الأصلين الثابتين وهو مما تستقل به محكمة الموضوع كافيا لحمله في قضائه الذي انتهى إليه دون حاجة إلى استناده إلى شيء آخر، فإنه لم يعد ثمة محل للرد على ما ينعاه الطاعنون خاصا بمحضر الانتقال الذي لم تأمر به المحكمة إلا استزادة في الاستدلال. وأما ما قاله الطاعنون عن إجماع الشهود على أن مصطفية لم يكن لها حيازة مباشرة، فهو غير مجد مع ما أثبته الحكم من أنها كانت تضع يدها بواسطة ابنها يوسف بطريق إنابته وكذلك ما ذكروه عن قول بعض الشهود أن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث، فهذا لا يؤثر على سلامة الحكم ولا يتعارض مع ما استخلصه وانتهى إليه في قضائه والثابت منه أن يوسف وضع اليد على أرض النزاع كوارث لوالده ثم كمالك بعض القسمة ثم كنائب عن والدته بعد تصرفه لها بالبيع وبعد الوقف ثم كناظر بعد وفاتها حتى تولى المطعون عليهما النظر.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق