-----------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تفسير العقود واستظهار نية
طرفيها من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة ولم تخرج عن المعنى
الظاهر لعباراتها.
2 - إذ كان البين من عقود التسهيلات المرفقة
بالأوراق أنها لم تنص في أي من بنودها بصورة صريحة واضحة وجازمة على سريان ما اتفق
عليه فوائد بين البنك الطاعن والشركة المطعون ضدها أيا كان مسماها وفئتها في تاريخ
لاحق على قفل الحساب، ومن ثم بات النعي في هذا الصدد (النعي على الحكم المطعون فيه
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ خرج عن نطاق ما تم الاتفاق عليه من أن سعر
الفائدة الثابتة بعقود التسهيلات المطالب بها في دعوى البنك الفرعية بنسبة 15%
سنويا) على غير سند.
3 - مودى المواد 316، 317، 319 من القانون
المدني أنه إذا انعقدت الحوالة بين المحال عليه والدائن مباشرة دون تدخل المدين
الأصلي، فإن ذمة هذا الأخير تبرا من الدين بمجرد انعقاد الحوالة، ولا يستطيع
الدائن أن يطالبه بالدين المحال به، وصاحب الحق في المطالبة بهذا الدين هو المحال
إليه الذي انتقل الدين إلى ذمته، وعليه في هذه المسالة أن يتحمل إعسار المحال عليه
ما دام هو الذي اختار الاتفاق معه، أما إذا تمت الحوالة بالاتفاق بين المدين
الأصلي والمحال عليه وأقرها الدائن، ففي هذه الحالة يكون المدين الأصلي هو الذي
عقد الحوالة وأخذ على نفسه حينئذ أن يضمن للدائن يسار المحال عليه وقت إقرار
الدائن للحوالة، وهو ما قررت به صراحة المادة 315 من القانون المدني، وعليه فإذا
كان الدين المحال به وقت إقرار الدائن للحوالة حالا، فعلى الأخير أن يبادر إلى
استيفائه، فإن وجد المحال عليه معسرا كان له أن يرجع بالضمان على مدينه الأصلي، وهو
في رجوعه عليه لا يرجع بالدين المحال به نفسه، لأن هذا الدين انتقل نهائيا
بالحوالة إلى ذمة المحال عليه، وإنما يرجع بدين نشأ من عقد الحوالة ولا يرجع
الدائن على مدينه الأصلي بالضمان إلا بعد أن يرجع أولا على المحال عليه فيجده
معسرا، فإن رجع مباشرة على المدين الأصلي كان لهذا الأخير أن يطلب منه البدء في
تجريد المحال عليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المبلغ سالف البيان قد
تمت حوالته من الشركة المطعون ضدها المدينة الأصلية إلى دائنها البنك الطاعن وقد
أقر بهذه الحوالة بتدخله في دعوى هذه الشركة التي أقامتها على مدينها المحال عليه
"شركة ..." برقم ... لسنة 1997 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية ، وقد قضى
له عليها بدينه في هذه الدعوى وإن كان قد تم تعديل هذا الحكم استئنافيا على نحو ما
أورده بصحيفة طعنه، ومن ثم فإنه وبقبوله هذه الحوالة يقع عليه أن يبادر إلى
استيفاء دينه المحال من المحال عليه الشركة المذكورة أولا ولا حق له في الرجوع علي
مدينه الأصلي "الشركة المطعون ضدها" إلا بدعوى الضمان - وهي دعوي مستقلة
- إلا بعد أن يتحقق له إعسار المحال عليه وهي شركة ... المذكورة، وهو ما لم تكشف
عنه الأوراق، ومن ثم فإن مطالبة البنك الشركة المطعون ضدها بالمبلغ سالف البيان
والحال كذلك يكون على غير سند من القانون، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه أخذا
بتقرير الخبير الثاني إلى علم حساب المبلغ سالف الإشارة ضمن مستحقات البنك قبل
الشركة المطعون ضدها فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يعيبه ما ساند به
قضاءه من تقريرات قانونية خاطئة، إذ لمحكمة النقض تقويم المعوج منه بغير أن تنقضه.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشيك
وإن اعتبر في الأصل أداة وفاء إلا أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئا لذمة
صاحبه ولا ينقضي التزامه بشأنه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد. لما
كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المبلغ الأخير محل هذا الشق المتنازع فيه يتعلق
بشيكات ظهرتها الشركة المطعون ضدها للبنك الطاعنة وتمسك هذا الأخير بدفاعه أمام
محكمة الموضوع بأن هذا التظهير للتحصيل ولم تنازعه في ذلك المطعون ضدها كما دفع
الدعوى باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتحصيل قيمة هذه الشيكات بإقامة جنحة
مباشرة على ساحبها، وأنه لم يمكنه التحصيل، ومن ثم فإنه والأمر كذلك، وكان إصدار
تلك الشيكات بمجرده لصالح البنك الطاعن لا يعدو وفاء مبرئا لذمة الشركة المدينة -
المطعون ضدها - من الدين المستحق عليها لصالحه ما دام لم يمكنه صرف قيمتها، لا
ينال من ذلك ادعاؤها بتقصيره أو تقاعسه عن اتخاذ إجراءات تحصيلها لأن مرد ذلك -
على فرض صحته - هو المساءلة عن تقصيره في هذا الصدد دون أن يكون ذلك مسوغا لخصم
قيمتها من مستحقاته لديها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وساير تقرير
الخبير بخصم المبلغ المشار إليه - مستحقات البنك الطاعن لدى الشركة المطعون ضدها -
على قالة أنه لم يقدم سببا لتأخره في تحصيل قيمة الشيكات سالفة البيان في مواعيد
استحقاقها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على البنك الطاعن الدعوى التي قيدت برقم
... لسنة 3 ق اقتصادية القاهرة بطلب الحكم بندب خبير لمراجعة حسابات الشركة وبيان
حقيقة المديونية المستحقة ومقدارها في ضوء القواعد المصرفية الصحيحة، على سند من
أنها تتعامل مع البنك الطاعن مصرفيا وتم منحها اعتمادات مستنديه في صورة حسابات
جارية بضمان بضائع وضمانات شخصية، وإذ أخطرها البنك بأن المعاملات بينهما أسفرت عن
مديونيتها له بمبلغ مقداره 28 مليون جنيه حتى 8/ 9/ 1999 وبمراجعتها لهذه المبالغ
تبين لها وجود مبالغ غير صحيحة ومتناقضة واحتساب عمولات وفوائد متفاوتة وعلى أسس
لا تتفق مع القواعد والأعراف المصرفية فكانت دعواها. ندبت المحكمة مكتب خبراء
وزارة العدل لتنفيذ المأمورية الموكلة إليه، وبعد أن قدم خبيراه تقريريهما أقام
البنك الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إليه ما
انتهى إليه تقرير الخبير الأول وهو مبلغ 55273673.35 جنيه بخلاف ما يستجد من فوائد
بواقع 15% وعمولات ومصروفات حتى تمام السداد، وبتاريخ 3 مايو سنة 2011 قضت المحكمة
في الدعوى الأصلية برفضها وفي دعوى البنك الفرعية بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن
تؤدي له المبلغ الذي انتهى إليه التقرير الثاني للخبير والبالغ مقداره 22465298.35
جنيه وفائدة قانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ قفل الحساب في 1/ 1/ 1999 وحتى تمام السداد
بخلاف ما يستجد. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت
فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية - في غرفة
مشورة - فحددت جلسة لنظره أمام هذه المحكمة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
وحيث إن النعي في الشق الأخر - المتعلق بالمبلغ البالغ مقداره 14526000 جنيه فهو في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الشيك وإن اعتبر في الأصل أداة وفاء إلا أن مجرد سحب الشيك لا يعتبر وفاء مبرئا لذمة صاحبه ولا ينقضي التزامه بشأنه إلا بقيام المسحوب عليه بصرف قيمته للمستفيد. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المبلغ الأخير محل هذا الشق المتنازع فيه يتعلق بشيكات ظهرتها الشركة المطعون ضدها للبنك الطاعن، وتمسك هذا الأخير بدفاعه أمام محكمة الموضوع بأن هذا التظهير للتحصيل ولم تنازعه في ذلك المطعون ضدها، كما دفع الدعوى باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لتحصيل قيمة هذه الشيكات بإقامة جنحة مباشرة على ساحبها وأنه لم يمكنه التحصيل، ومن ثم فإنه والأمر كذلك، وكان إصدار تلك الشيكات بمجرده لصالح البنك الطاعن لا يعدو وفاء مبرئا لذمة الشركة المدينة - المطعون ضدها - من الدين المستحق عليها لصالحه ما دام لم يمكنه صرف قيمتها، لا ينال من ذلك ادعاؤها بتقصيره أو تقاعسه عن اتخاذ إجراءات تحصيلها، لأن مرد ذلك - على فرض صحته - هو المسألة عن تقصيره في هذا الصدد دون أن يكون ذلك مسوغا لخصم قيمتها من مستحقاته لديها، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و ساير تقرير الخبير بخصم المبلغ المشار إليه من مستحقات البنك الطاعن لدى الشركة المطعون ضدها على قالة أنه لم يقدم سببا لتأخره في تحصيل قيمة الشيكات سالفة البيان في مواعيد استحقاقها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق