الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 20 أبريل 2022

الطعن 9542 لسنة 91 ق جلسة 16 / 3 / 2022 مكتب فنى 73 ق 63 ص 507

جلسة ١٦ من مارس سنة ٢٠٢٢

برئاسة السيـد القاضي / محمد أبو الليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أمين محمد طموم، عمر السعيد غانم ومحمد أحمد إسماعيل نواب رئيس المحكمة ود. محمد عصام الترساوي.----------------(63)

الطعن رقم ٩٥٤٢ لسنة ٩١ القضائية

(١) دعوى " نظر الدعوى أمام المحكمة : إجراءات نظر الدعوى ".

الأصل فى الإجراءات أنها روعيت. من يدعى خلاف ذلك عليه إقامه الدليل.

(٢ ، ٣) حكم " الطعن فى الحكم : ميعاد الطعن : بدء سريانه ".

(٢) جواز رفع الطعن على ورثة المحكوم له جملة فى آخر موطن كان لمورثهم دون ذكر أسمائهم وصفاتهم. مناطه. وفاة المحكوم له أثناء سريان ميعاد الطعن. مؤداه. عدم سقوط الطعن. م ٢١٧ مرافعات .

(٣) إقامة الطاعن الطعن على ورثة المحكوم له المتوفى خلال ميعاد رفع الطعن دون ذكر أسمائهم وصفاتهم ومثول وكيلهم. مؤداه. مراعاة الإجراءات وتحقق الغاية منها. علة ذلك.

(٤ ، ٥) قانون " تفسير القانون : التفسير القضائى " " القانون واجب التطبيق ".

(٤) النص الواضح قاطع الدلالة على المراد منه. لا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

(٥) تطبيق القانون على وجهه الصحيح. واجب القاضى دون طلب من الخصوم. أثره. التزامه بالبحث عن الحكم القانونى المنطبق على الواقعة المطروحة وإنزاله عليها.

(٦ ، ٧) ملكية فكرية " تصوير : تصوير الأشخاص : حق نشر وعرض وتداول الصور ".

(٦) عدم جواز نشر أى صورة التقطت لشخص إلا بأذنه. الاستثناء. كون الشخص ذو صفة رسمية أو عامة أو يتمتع بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام. شرطه. ألا يرتب عرض الصورة مساس بشرفه أو بسمعته أو اعتباره. م ١٧٨ ق ٨٢ لسنة ٢٠٠٢.

(٧) القيام بنشر أو عرض أو توزيع صورة دون أذن صاحبها. مؤداه. ارتكاب خطأ في حقه. إثبات ترتب ضرر مادى وأدبى عن ذلك الخطأ. أثره. الزام مُلتقط الصورة بالتعويض. علة ذلك. 

(٨ ، ٩) تعويض " تقدير التعويض : سلطة محكمة الموضوع في تقديره ".

(٨) تقدير التعويض سلطة للمحكمة. شرطه. قيامه على أساس سائغ ومتكافئ مع الضرر.

(٩) التعويض. مقياسه. الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ. عنصراه. الخسارة التى لحقت بالمضرور والكسب الذى فاته.

(١٠) الحياة الخاصة للأفراد " حرمتها ".

الحماية القانونية لحياة الأفراد الخاصة من الأخطار التكنولوجية. أساسها. م ٥٧ دستور. علة ذلك. 

(١١) ملكية فكرية " تصوير : تصوير الأشخاص : الأذن بالتصوير ". تعويض " الخطأ الموجب للتعويض ".

نشر صور شخصية دون أذن صاحبها . خطأ موجب للتعويض. شرطه. إثبات حدوث ضرر. الأذن بالتصوير لا يتضمن النشر والتوزيع والاستغلال إلا برضاء صريح. علة ذلك.

(١٢) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في تقدير التعويض الجابر للضرر ".

محكمة الموضوع . لها سلطة استخلاص توافر الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما دون رقابة عليها من محكمة النقض. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغًا كافيًا لحمل قضائها.              

(١٣) تعويض " تقدير التعويض : سلطة محكمة الموضوع في تقديره ".

التعويض غير المقدر باتفاق أو نص فى القانون. استقلال محكمة الموضوع بتقديره مستهديه فى ذلك بظروف وملابسات الدعوى. حسب الحكم بيان عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه. 

 (١٤) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة فى الدعوى ".

فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بتقرير الخبير. من سلطة محكمة الموضوع. شرطه. الاستخلاص السائغ.

 (١٥) ملكية فكرية " تصوير : تصوير الأشخاص : الأذن بالتصوير ". تعويض " الخطأ الموجب للتعويض ".

التقاط الطاعن لمقطع مصور داخل كابينة الطائرة مع قائدها ونشره على مواقع التواصل الاجتماعى والقنوات الفضائية دون الحصول على أذن أو تصريح. مؤداه. توافر الخطأ التقصيرى في حقه. أثره. مخالفته لنص م ١٧٨ ق ٨٢ لسنة ٢٠٠٢. لازمه. التزامه بالتعويض عن الأضرار المالية والأدبية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. 

______________

١- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك الأصل إقامة الدليل على ذلك.

٢- نظم المشرع فى المادة ٢١٧ من قانون المرافعات كيفية الطعن فى الأحكام فى حالة وفاة المحكوم له أثناء ميعاد الطعن بأن أجاز للطاعن رفـع الطعن وإعلانه إلى ورثة المحكوم له جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم فى آخر موطن كان لمورثهم ثم إعادة إعلانهم بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو فى موطن كل منهم قبل الجلسة المحددة لنظر الطعن أو فى الميعاد الذى تحدده المحكمة لذلك مستهدفًا المشرع بذلك تحقيق غاية معينة هى حفظ الطعن من السقوط.

٣- إذ كان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم - المحكوم له - قد توفى بتاريخ ٢٤/٤/٢٠٢١ أى بعد صدور الحكم المطعون فيه وأثناء ميعاد الطعن ، ومن ثم فقد أقام الطاعن الطعن على ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم موجهًا إعلانه بصحيفة الطعن لهم فى أخر موطن كان لمورثهم ، إلا أنه لم يتم إعلانهم لورود إجابة المُحضر القائم بالإعلان تفيد بأنهم قد تركوا العقار منذ فترة ، فكلفت هذه المحكمة الطاعن بإعلان ورثة المحكوم له فى موطن كل منهم وحددت لنظر الطعن جلسة ١٦/٢/٢٠٢٢ ، وفى تلك الجلسة الأخيرة مثل وكيل الطاعن وقدم ما يفيد إعلان المطعون ضدهم بصفتهم ورثة المحكوم له كما مثل وكيل المطعون ضدهم وطلب رفض الطعن ، فتكون بذلك الإجراءات قد روعيت وتحققت الغاية من الإجراءات التى تطلبها المشرع وفقًا لنص المادة ٢١٧ من قانون المرافعات ، إذ أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة فى الخصومة ، فربط شكل الإجراء بالغاية منه يؤدى إلى جعل الشكل أداة نافعة فى الخصومة وليس مجرد قالب تتأذى منه العدالة فى بعض الأحيان ، ولذلك سمح المشرع باستكمال العمل الإجرائي عوضاً عن استبداله ، وقرر أن حضور المعلن إليه يصحح بطلان تكليفه ، ومن ثم يضحى الدفع المبدى من النيابة فى هذا الخصوص على غير أساس.

٤- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه متى كان النص واضحًا جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

٥- يتعين على قاضى الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه ، وهو فى ذلك لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجبه الذى عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانونى المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن يُنزل عليها هذا الحكم أيًا ما كانت الحجج القانونية التى استند إليها الخصوم فى طلباتهم ودفاعهم.

٦- مفاد النص فى المادة ١٧٨ من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢  يدل على أن من عمل أو التقط أى صورة لشخص آخر بأى شكل من الأشكال أيًا كانت الطريقة التى عُملت بها سواء كانت صورة فوتوغرافية أو متحركة  فلا يجوز له نشر أصلها أو توزيعها أو عرضها أو أى نسخ منها دون إذن من التقطت له الصورة ، واستثنى المشرع من ذلك حالة واحدة وهى إذا كان ما عُملت أو التقطت له هذه الصورة هو شخص ذو صفة رسمية أو عامة أو يتمتع بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام وبشرط ألا يترتب على عرض هذه الصورة فى هذه الحالة الأخيرة أى مساس بشرف هذا الشخص أو بسمعته أو اعتباره.

٧- إذا لم يأذن من التقطت له الصورة للمُصور بنشر أصل هذه الصورة أو عرضها أو توزيعها أو أى نسخ منها فإنه لا يحق له ذلك ، فإن قام على الرغم من عدم وجود هذا الإذن بنشرها أو عرضها أو توزيعها فإنه يكون قد ارتكب خطأ فى حق من التقطت له هذه الصورة فإذا ما أثبت الأخير أنه قد أصابه من جراء هذا الخطأ أضرار مادية أو أدبية فإن من التقط الصورة فى هذه الحالة يُلزم بأن يؤدى له التعويض الجابر لهذه الأضرار على النحو الذى تُقدره المحكمة وذلك لتوافر عناصر المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض فى جانبه أخذًا بما جرى عليه نص المادة ١٦٣ من القانون المدنى من أن " كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ".

٨- يشترط أن يكون تقدير المحكمة للتعويض قائمًا على أساس سائغ ومردودًا إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يكون متكافئًا مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه.

٩- التعويض مقياسه هو الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التى لحقت المضرور والكسب الذى فاته وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية.

١٠- إذ كان من المتعارف عليه أنه توجد مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تُمثل أغوارًا لا يجوز النفاذ إليها وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها وينبغى دومًا ـــ ولاعتبار مشروع ـــ ألا يقتحمها أحد ضمانًا لسريتها وصونًا لحرمتها ودفعًا لمحاولة التلصص عليها أو اختلاس بعض جوانبها ، وبوجه خاص من خلال الوسائل العلمية الحديثة التى بلغ تطورها حدًا مذهلًا وكان لتنامى قدراتها على الاختراق أثرًا بعيدًا على الناس جميعهم حتى فى أدق شئونهم وما يتصل بملامح حياتهم بل وببياناتهم الشخصية والتى غدا الاطلاع عليها والنفاذ إليها كثيرًا ما يُلحق الضرر بأصحابها ، إذ أن البشرية لم تعرف فى أى وقت مضى مثل هذا التزايد الحالى والسرعة فى العلاقات بين الناس ، فبعد التلغراف والتليفون والراديو والتليفزيون كانت شبكة المعلومات والاتصالات الدولية المعروفة باسم " الإنترنت " والتى ساهمت بشتى السبل فى نقل وتبادل المعلومات بحيث تسمح بالتعرف الفورى على المعلومة والصورة والصوت والبيانات عبر أنحاء العالم لدرجة يمكن معها القول بتلاشي فروق التوقيت ، فالإنترنت أصبح أداة جديدة للمعلوماتية والاتصال وبذلك فهو يمثل ثورة فى الاتصال الإلكتروني ، وبهذا التطور السريع جدًا فى نقل وتبادل المعلومات أصبح مجتمع القرن الحادى والعشرين هو مجتمع المعلومات وفى هذا المجتمع ألغت سرعة سير وانتقال المعلومات الزمان والمكان وفسحت المجال أمام الحريات بحيث أصبح لكل شخص يعيش على أرض المعمورة الحق فى الاتصال بغيره وتبادل الأفكار والمعلومات معه ، وقد تدعم ذلك بصيرورة حق الاتصال والحصول على المعلومات وتداولها ليس فقط حقًا دستوريًا بل أيضًا حقًا من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ، إلا أن هذه التجربة الجديدة " الإنترنت " أظهرت من الخوف بقدر ما أظهرت من الإعجاب ، وكان منبع الخوف قادمًا من أن الإنترنت ليس له حدود ولا قياده قانونية وبعبارة أخرى ليس له شخصية قانونية معنوية تمثله فى مواجهة المستعلمين له أو فى مواجهة الغير لأنه عباره عن اتحاد فيدرالي للشبكات فى مجموعها يغطى تقريبًا كل الكرة الأرضية ، وكان مما لاشك فيه أن بحث الحماية القانونية ضد هذه الأخطار لا يكون إلا من خلال القانون والذى تطور فى هذا المجال بوضع القواعد القانونية التى تحمى اعتداء أى شخص على الحياة الخاصة لآخرين من خلال الإنترنت ، إذ أصبحت الحياة الخاصة فى غالبية دول العالم قيمة أساسية تستحق الحماية ، وقد أكدت هذه القيمة المادة ٥٧ من الدستور المصرى الحالى فنصت على أن " للحياة الخاصة حرمه ، وهى مصونة لا تمس ..... " ، وهو ذات النهج الذى انتهجه المشرع المصرى فى المادة ١٧٨ من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ السالف الإشارة إليها.

١١- أرست المادة ١٦٣ من القانون المدنى المصرى الحق فى التعويض عن أى خطأ يُسبب ضررًا للغير، ومن هذه الأخطاء بطبيعة الحال حق الشخص الذى اعتدى على حقه فى صورته الشخصية وأثبت أنه أصابه أضرار من جراء ذلك فى مطالبة من ارتكب هذا الخطأ بالتعويض عن هذه الأضرار ، بما مفاده أن نشر صورة شخص دون إذن منه هو فعل يمثل خطأ يستحق عنه التعويض إذا سبب أضرارًا له ، إذ إن الحق فى الصورة الشخصية يشمل حق الشخص فى أن يرفض التصوير وحقه فى أن يراقب الاستغلال لصورته ، وبمعنى آخر فإن الإذن الممنوح من الشخص بالتصوير لا يتضمن الإذن بنشر الصورة لكون الحق فى هذه الصورة هو حق مطلق قاصر على الشخص المراد تصويره وهو يحتاج إلى رضاء صريح منه بنشر الصورة واستغلالها ، وهو ما تستبعد معه قرينة الموافقة الضمنية بنشرها التى تستفاد من الظروف ، ومن ثم فيجب أن يفسر الإذن الضمنى للأشخاص الذين يتم تصويرهم تفسيرًا ضيقًا بواسطة المحاكم مع الأخذ فى هذا الخصوص بالإذن الصريح بالتصوير ونشر الصورة وتوزيعها واستغلالها دون غيره ، لكون هذا الإذن الصريح يتعلق بنطاق استقلال كل فرد ببعض قراراته الهامة التى تكون بالنظر إلى خصائصها وآثارها أكثر اتصالًا بمصيره وأكثر تأثيرًا فى أوضاع حياته التى أختار أنماطها.

١٢- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص توافر الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض طالما جاء استخلاصها سائغًا وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب تكفى لحمله.

١٣- تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسبًا مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى ولا عليها إن هى قدرت التعويض الذى رأته مناسبًا بدون أن تبين أو ترد على ما أثاره الطاعن من ظروف وإذا لم يكن التعويض مقدرًا بالاتفاق أو بنص القانون فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقديره دون رقابة عليها من محكمة النقض وبحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذى يقدر التعويض عنه.

١٤- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بتقرير الخبير المقدم فيها باعتباره من أدلة الإثبات لاقتناعها بصحة أسبابه متى كانت مردودة لأصلها الثابت بالأوراق ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليه.

١٥- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه وأثناء رحلة طيران خاصة بقيادة مورث المطعون ضدهم قام الطاعن بالدلوف إلى كابينة قيادة الطائرة وجلس على مقعد الطيار المساعد وقام بالتقاط مقطع مصور لهما بالفيديو وقام بنشر صور من مقطع ذلك الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة به مُصاحبًا لأحد أغنياته الفنية المعنونة " مش بتفتش فى المطار " ، كما خلص من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة فى الدعوى إلى أنه تم التقاط هذا الفيديو فى كابينة قيادة الطائرة فى رحلتها المتجهة من القاهرة إلى الرياض مساء يوم ١٢/١٠/٢٠١٩ وأنه تم نشر الفيديو لأول مره بتاريخ ١٣/١٠/٢٠١٩ على مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بالطاعن "انستجرام ، فيس بوك ، تويتر" مصحوبًا بأغنية  "مش بتفتش فى المطار"  كما تم بثه فى سياق التغطية الإخبارية من جانب العديد من المواقع الإخبارية على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" وكذلك على العديد من القنوات الفضائية والمواقع الخاصة بها على قناة يوتيوب وأن مورث المطعون ضدهم قام بالسماح للطاعن بتصوير ذلك الفيديو دون أن يأذن له بنشره وأن الطاعن لم يقدم ما يفيد حصوله على إذن أو تصريح منه بذلك ، وخلص الحكم من ذلك إلى أن الأوراق بذلك تكون قد خلت مما يفيد أن مورث المطعون ضدهم قد وافق صراحة أو ضمناً على قيام الطاعن بنشر صورته الشخصية ضمن محتوى مقطع الفيديو المار ذكره على مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة به ، بما يثبت معه أن الطاعن قد خالف نص المادة ١٧٨ من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم ٨٢ لسنة ٢٠٠٢ بما يتحقق به فى جانبه ركن الخطأ التقصيري المتمثل فى قيامه بنشر الصورة الشخصية لمورث المطعون ضدهم دون إذنه حال كونه ليس من الشخصيات العامة ، وهو ما أصاب الأخير بأضرار ماديه تمثلت فى الإفتئات على حقه فى الحصول على مقابل مالى لذلك ، كما تسبب له أيضًا من جراء ذلك فى أضرار أدبية تمثلت فيما ألم به من حزن وأسى نتيجة ذلك التعدى الحاصل على صورته الشخصية بنشرها ضمن فيديو غنائى بعنوان "مش بتفتش فى المطار" دون إذن منه وما ترتب على ذلك النشر من تداول صورته الشخصية فى سياق التغطية الإخبارية لذلك الحدث بالعديد من المواقع الإخبارية على شبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" وكذلك على العديد من القنوات الفضائية والمواقع الخاصة بها على قناة يوتيوب مما نال من مركزه الاجتماعى حال كونه من رجال القوات المسلحة السابقين ومن ذوى الخبرة فيما بعد فى مجال العمل كطيار مدنى ، وخلص الحكم المطعون فيه من جماع ما تقدم إلى أن هذا الخطأ التقصيرى الذى اقترفه الطاعن قد تلازم مع تلك الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بمورث المطعون ضدهم تلازمًا لازمًا وارتبط بهما بعلاقة سببية لا انفصام عنها بما يتوافر فى حق الطاعن المسئولية عن التعويض ، ثم رتب على ذلك قضائه بإلزام الطاعن بأن يؤدى لمورث المطعون ضدهم مبلغ مقداره مليون جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية التى أصابته ومبلغ مقداره خمسة مليون جنيه تعويضًا عن الأضرار الأدبية التى أصابته ، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص سائغًا وله معينه الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص ، ومن ثم لا يعدو النعى عليه بما ورد بأسباب الطعن إلا أن يكون جدلًا موضوعيًا فى سلطة محكمة الموضوع فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الدليل فيها بما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة.

______________

المحكمــة

بعد الاطلاع علـى الأوراق، ورأى دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وسماع التقريـر الذي تـلاه السـيـد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.:ـــ

حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعن الدعوى رقم 119 لسنة 12 ق أمام الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم أولاً: بإلزامه بأن يُسدد له مبلغ مالى قدره خمسة وعشرين مليون جنيه مصرى تعويضاً عما لحق به من أضرار مادية وأدبية بسبب اعتداءاته على حقوقه على صورته الشخصية ثانياً: بندب أحد خبراء الملكية الفكرية تكون مهمته إثبات واقعة الإعتداء والأضرار التى لحقت به , وقال بياناً لذلك إنه كان قائداً للطائرة الخاصة التى استقلها الطاعن للسفر إلى مدينة الرياض وأثناء الرحلة فوجىء بالأخير يدخل إلى كابينة القيادة المفتوحة على المكان المخصص للركاب وطلب منه الحصول على صورة تذكارية معه لكى يراها نجله فسمح له بالتقاط تلك الصورة معه مع التنبيه عليه بعدم نشرها بأى وسيلة من وسائل النشر إلا أن الطاعن ودون إذن أو علم مورث المطعون ضدهم قام باستغلال هذه الصورة بأن قام بنشرها فى فيديو كليب خاص بإحدى أغنياته على مواقع التواصل الإجتماعى والقناة الخاصة به على اليوتيوب بهدف تحقيق الربح من ذلك وهو ما أصابه بأضرار جسيمه فى إسمه وسمعته يتعذر تداركها تمثلت فى إقالته من وظيفته ومنعه من الطيران مدى الحياة وحرمانه من مصدر دخله الوحيد فضلاً عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بما يتوافر معه فى جانب الطاعن أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض المادى والأدبى فكانت الدعوى , وجه الطاعن دعوى فرعية إلى مورث المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى له مبلغ وقدره خمسة مليون جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء حملة التشهير الممنهجة التى قادها ضده لتضليل الرأى العام بالإدعاء كذباً بأنه لم يأذن له بالتصوير بقصد النيل من سمعته بين أصدقائه وفى جميع الأوساط الفنية والإجتماعية وجميع طبقات المجتمع المصرى والعربى وذلك بتردده على الميديا وكافة القنوات الفضائية ومواقع اليوتيوب فى لقاءات مصورة أو تلفزيونية على الهواء مما أصابه بأضرار مادية تمثلت فى إلغاء بعض الحفلات وتكبده مبالغ طائلة للإستعانه بمكتب محامى للدفاع عنه فضلاً عما أصابه من أضرار أدبية تمثلت فى النيل من سمعته , ندبت المحكمة لجنة ثلاثية من الخبراء , وبعد أن أودعت تقريرها , قضت بتاريخ 7/4/2021 فى الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدى لمورث المطعون ضدهم مبلغ إجمالى مقداره ستة مليون جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى حاقت به وفى الدعوى الفرعية برفضها , طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض , وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لعدم انعقاد الخصومة فيه وأبدت الرأى فى موضوع الطعن برفضه , وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية منعقدة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وأحالته إلى هذه المحكمة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لعدم انعقاد الخصومة فيه ، أن الطاعن أقام الطعن على مورث المطعون ضدهم رغم أنه توفى أثناء ميعاد الطعن وقبل إيداع صحيفته , فتكون الخصومة بذلك لم تنعقد فى هذا الطعن بين طرفيها , إذ كان يتعين على الطاعن أن يوجه طعنه إلى الورثة جملة فى الموعد القانونى من وقت علمه بالوفاة وفقاً لنص المادة 217 من قانون المرافعات .
وحيث إن هذا الدفع مردود ، ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعى خلاف ذلك الأصل إقامة الدليل على ذلك , كما أن المشرع نظم فى المادة 217 من قانون المرافعات كيفية الطعن فى الأحكام فى حالة وفاة المحكوم له أثناء ميعاد الطعن بأن أجاز للطاعن رفع الطعن وإعلانه إلى ورثة المحكوم له جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم فى آخر موطن كان لمورثهم ثم إعادة إعلانهم بأسمائهم وصفاتهم لأشخاصهم أو فى موطن كل منهم قبل الجلسة المحددة لنظر الطعن أو فى الميعاد الذى تحدده المحكمة لذلك مستهدفاً المشرع بذلك تحقيق غاية معينة هى حفظ الطعن من السقوط . لما كان ذلك , وكان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم المحكوم له قد توفى بتاريخ 24/4/2021 أى بعد صدور الحكم المطعون فيه وأثناء ميعاد الطعن , ومن ثم فقد أقام الطاعن الطعن على ورثته جملة دون ذكر أسمائهم وصفاتهم موجهاً إعلانه بصحيفة الطعن لهم فى أخر موطن كان لمورثهم , إلا أنه لم يتم إعلانهم لورود إجابة المُحضر القائم بالإعلان تفيد بأنهم قد تركوا العقار منذ فترة , فكلفت هذه المحكمة الطاعن بإعلان ورثة المحكوم له فى موطن كل منهم وحددت لنظر الطعن جلسة 16/2/2022 , وفى تلك الجلسة الأخيرة مثل وكيل الطاعن وقدم ما يفيد إعلان المطعون ضدهم بصفتهم ورثة المحكوم له كما مثل وكيل المطعون ضدهم وطلب رفض الطعن , فتكون بذلك الإجراءات قد روعيت وتحققت الغاية من الإجراءات التى تطلبها المشرع وفقاً لنص المادة 217 من قانون المرافعات , إذ أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة فى الخصومة , فربط شكل الإجراء بالغاية منه يؤدى إلى جعل الشكل أداة نافعة فى الخصومة وليس مجرد قالب تتأذى منه العدالة فى بعض الأحيان ، ولذلك سمح المشرع باستكمال العمل الإجرائى عوضاً عن استبداله ، وقرر أن حضور المعلن إليه يصحح بطلان تكليفه , ومن ثم يضحى الدفع المبدى من النيابة فى هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطعن على هذا النحو يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والتناقض والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع , وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بأن يؤدى لمورث المطعون ضدهم مبلغ التعويض المقضى به تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به على سند من وقوع الخطأ من جانبه المتمثل فى نشر الصورة الشخصية لمورث المطعون ضدهم دون إذن منه أخذاً بما نصت عليه المادة 178 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 وأن هذا الخطأ أصاب الأخير بأضرار يستحق عنها التعويض , رغم أن نص المادة سالفة الإشارة إليها تُبيح نشر أى صورة إذا كانت تتعلق بأشخاص ذوى صفة رسمية أو عامه أو يتمتعون بشهره محليه أو عالميه وهى الشروط التى تتوافر فى الطاعن بما يحق له نشر الصورة موضوع الدعوى , فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه أن خطأ مورث المطعون ضدهم بالسماح للطاعن بالتواجد فى كابينة قيادة الطائرة والإمساك بأجهزة القيادة أثناء الطيران هو خطأ مهنى جسيم وأن هذا الخطأ كان كافياً وحده لإحداث الضرر الذى لحق به ومستغرقاً لأى خطأ آخر منسوب للطاعن وهو خطأ مستقل عن مسلك الطاعن بنشر الصورة الشخصية لمورث المطعون ضدهم , ورغم ذلك تناقض الحكم مع تلك الأسباب وقضى بإلزام الطاعن بالتعويض رغم أن مورث المطعون ضدهم تم سحب رخصة الطيران الخاصة به بعد أن أقر فى التحقيقات التى أجريت معه بمعرفة وزارة الطيران المدنى بمخالفته لتعليمات الأمن والسلامة الجويه ومخالفته لقانون الطيران المدنى رقم 28 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 2010 , وهو ما تنتفى معه عناصر المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض فى جانب الطاعن , مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود , ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى كان النص واضحاً جلى المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله , وأنه يتعين على قاضى الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه , وهو فى ذلك لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجبه الذى عليه ومن تلقاء نفسه أن يبحث عن الحكم القانونى المنطبق على الوقائع المطروحة عليه وأن يُنزل عليها هذا الحكم أياً ما كانت الحجج القانونية التى استند إليها الخصوم فى طلباتهم ودفاعهم , وكان النص فى المادة 178 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أنه لا يحق لمن قام بعمل صورة لآخر أن ينشر أو يعرض أو يوزع أصلها أو نسخاً منها دون إذنه أو إذن من فى الصورة جميعاً ما لم يتفق على خلافه , ومع ذلك يجوز نشر الصورة بمناسبة حوادث وقعت علناً أو إذا كانت الصورة تتعلق بأشخاص ذوى صفة رسمية أو عامة أو يتمتعون بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام ، وبشرط ألا يترتب على عرض الصورة أو تداولها فى هذه الحالة مساس بشرف الشخص أو بسمعته أو اعتباره , ويجوز للشخص الذي تمثله الصورة أن يأذن بنشرها فى الصحف وغيرها من وسائل النشر حتى ولو لم يسمح بذلك المصور ما لم يتفق على غير ذلك , وتسرى هذه الأحكام على الصور أياً كانت الطريقة التى عُملت بها من رسم أو حفر أو أية وسيلة أخرى يدل على أن من عمل أو التقط أى صورة لشخص آخر بأى شكل من الأشكال أياً كانت الطريقة التى عُملت بها سواء كانت صورة فوتغرافية أو متحركة فلا يجوز له نشر أصلها أو توزيعها أو عرضها أو أى نسخ منها دون إذن من التقطت له الصورة , واستثنى المشرع من ذلك حالة واحدة وهى إذا كان ما عُملت أو التقطت له هذه الصورة هو شخص ذو صفة رسمية أو عامة أو يتمتع بشهرة محلية أو عالمية أو سمحت بهذا النشر السلطات العامة المختصة خدمة للصالح العام وبشرط ألا يترتب على عرض هذه الصورة فى هذه الحالة الأخيرة أى مساس بشرف هذا الشخص أو بسمعته أو اعتباره , ومن ثم فإنه وعلى خلاف هذه الحالة أنفة البيان إذا لم يأذن من التقطت له الصورة للمُصور بنشر أصل هذه الصورة أو عرضها أو توزيعها أو أى نسخ منها فإنه لا يحق له ذلك , فإن قام على الرغم من عدم وجود هذا الإذن بنشرها أو عرضها أو توزيعها فإنه يكون قد ارتكب خطأ فى حق من التقطت له هذه الصورة فإذا ما أثبت الأخير أنه قد أصابه من جراء هذا الخطأ أضرار مادية أو أدبية فإن من التقط الصورة فى هذه الحالة يُلزم بأن يؤدى له التعويض الجابر لهذه الأضرار على النحو الذى تُقدره المحكمة وذلك لتوافر عناصر المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض فى جانبه أخذاً بما جرى عليه نص المادة 163 من القانون المدنى من أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض , بشرط أن يكون تقدير المحكمة للتعويض قائماً على أساس سائغ ومردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يكون متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه ، إذ أن التعويض مقياسه هو الضرر المباشر الذى أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التى لحقت المضرور والكسب الذى فاته وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضى بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية . لما كان ذلك , وكان من المتعارف عليه أنه توجد مناطق من الحياة الخاصة لكل فرد تُمثل أغواراً لا يجوز النفاذ إليها وهذه المناطق من خواص الحياة ودخائلها وينبغى دوماً ولإعتبار مشروع ألا يقتحمها أحد ضماناً لسريتها وصوناً لحرمتها ودفعاً لمحاولة التلصص عليها أو اختلاس بعض جوانبها , وبوجه خاص من خلال الوسائل العلمية الحديثة التى بلغ تطورها حداً مذهلاً وكان لتنامى قدراتها على الإختراق أثراً بعيداً على الناس جميعهم حتى فى أدق شئونهم وما يتصل بملامح حياتهم بل وببياناتهم الشخصية والتى غدا الإطلاع عليها والنفاذ إليها كثيراً ما يُلحق الضرر بأصحابها , إذ أن البشرية لم تعرف فى أى وقت مضى مثل هذا التزايد الحالى والسرعة فى العلاقات بين الناس , فبعد التلغراف والتليفون والراديو والتليفزيون كانت شبكة المعلومات والإتصالات الدولية المعروفة بإسم الإنترنت والتى ساهمت بشتى السبل فى نقل وتبادل المعلومات بحيث تسمح بالتعرف الفورى على المعلومة والصورة والصوت والبيانات عبر أنحاء العالم لدرجة يمكن معها القول بتلاشى فروق التوقيت , فالإنترنت أصبح أداة جديدة للمعلوماتية والإتصال وبذلك فهو يمثل ثورة فى الإتصال الإلكترونى , وبهذا التطور السريع جداً فى نقل وتبادل المعلومات أصبح مجتمع القرن الحادى والعشرين هو مجتمع المعلومات وفى هذا المجتمع ألغت سرعة سير وانتقال المعلومات الزمان والمكان وفسحت المجال أمام الحريات بحيث أصبح لكل شخص يعيش على أرض المعمورة الحق فى الإتصال بغيره وتبادل الأفكار والمعلومات معه , وقد تدعم ذلك بصيرورة حق الإتصال والحصول على المعلومات وتداولها ليس فقط حقاً دستورياً بل أيضاً حقاً من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية , إلا أن هذه التجربة الجديدة الإنترنت أظهرت من الخوف بقدر ما أظهرت من الإعجاب , وكان منبع الخوف قادماً من أن الإنترنت ليس له حدود ولا قياده قانونية وبعبارة أخرى ليس له شخصية قانونية معنوية تمثله فى مواجهة المستعلمين له أو فى مواجهة الغير لأنه عباره عن اتحاد فيدرالى للشبكات فى مجموعها يغطى تقريباً كل الكرة الأرضية , وكان مما لاشك فيه أن بحث الحماية القانونية ضد هذه الأخطار لا يكون إلا من خلال القانون والذى تطور فى هذا المجال بوضع القواعد القانونية التى تحمى اعتداء أى شخص على الحياة الخاصة لآخرين من خلال الإنترنت , إذ أصبحت الحياة الخاصة فى غالبية دول العالم قيمة أساسية تستحق الحماية , وقد أكدت هذه القيمة المادة 57 من الدستور المصرى الحالى فنصت على أن للحياة الخاصة حرمه , وهى مصونة لا تمس ..... , وهو ذات النهج الذى انتهجه المشرع المصرى فى المادة 178 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 السالف الإشارة إليها , كما أرست المادة 163 من القانون المدنى المصرى الحق فى التعويض عن أى خطأ يُسبب ضرراً للغير , ومن هذه الأخطاء بطبيعة الحال حق الشخص الذى اعتدى على حقه فى صورته الشخصية وأثبت أنه أصابه أضرار من جراء ذلك فى مطالبة من ارتكب هذا الخطأ بالتعويض عن هذه الأضرار , بما مفاده أن نشر صورة شخص دون إذن منه هو فعل يمثل خطأ يستحق عنه التعويض إذا سبب أضراراً له , إذ أن الحق فى الصورة الشخصية يشمل حق الشخص فى أن يرفض التصوير وحقه فى أن يراقب الإستغلال لصورته , وبمعنى آخر فإن الإذن الممنوح من الشخص بالتصوير لا يتضمن الإذن بنشر الصورة لكون الحق فى هذه الصورة هو حق مطلق قاصر على الشخص المراد تصويره وهو يحتاج إلى رضاء صريح منه بنشر الصورة واستغلالها , وهو ما تستبعد معه قرينة الموافقة الضمنية بنشرها التى تستفاد من الظروف , ومن ثم فيجب أن يفسر الإذن الضمنى للأشخاص الذين يتم تصويرهم تفسيراً ضيقاً بواسطة المحاكم مع الأخذ فى هذا الخصوص بالإذن الصريح بالتصوير ونشر الصورة وتوزيعها واستغلالها دون غيره , لكون هذا الإذن الصريح يتعلق بنطاق استقلال كل فرد ببعض قراراته الهامة التى تكون بالنظر إلى خصائصها وآثارها أكثر اتصالاً بمصيره وأكثر تأثيراً فى أوضاع حياته التى أختار أنماطها . لما كان ذلك , وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة استخلاص توافر الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض طالما جاء استخلاصها سائغاً وحسبها أن تبين الحقيقة التى اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب تكفى لحمله , كما أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى ولا عليها إن هى قدرت التعويض الذى رأته مناسباً بدون أن تبين أو ترد على ما أثاره الطاعن من ظروف وإذا لم يكن التعويض مقدراً بالإتفاق أو بنص القانون فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقديره دون رقابة عليها من محكمة النقض وبحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذى يقدر التعويض عنه , كما أنه من المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والأخذ بتقرير الخبير المقدم فيها باعتباره من أدلة الإثبات لاقتناعها بصحة أسبابه متى كانت مردودة لأصلها الثابت بالأوراق ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليه . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أنه وأثناء رحلة طيران خاصة بقيادة مورث المطعون ضدهم قام الطاعن بالدلوف إلى كابينة قيادة الطائرة وجلس على مقعد الطيار المساعد وقام بالتقاط مقطع مصور لهما بالفيديو وقام بنشر صور من مقطع ذلك الفيديو على مواقع التواصل الإجتماعى الخاصه به مُصاحباً لأحد أغنياته الفنية المعنونة مش بتفتش فى المطار , كما خلص من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة فى الدعوى إلى أنه تم التقاط هذا الفيديو فى كابينة قيادة الطائرة فى رحلتها المتجهة من القاهرة إلى الرياض مساء يوم 12/10/2019 وأنه تم نشر الفيديو لأول مره بتاريخ 13/10/2019 على مواقع التواصل الإجتماعى الخاصة بالطاعن انستجرام , فيس بوك , تويتر مصحوباً بأغنية مش بتفتش فى المطار كما تم بثه فى سياق التغطية الإخبارية من جانب العديد من المواقع الإخبارية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت وكذلك على العديد من القنوات الفضائية والمواقع الخاصة بها على قناة يوتيوب وأن مورث المطعون ضدهم قام بالسماح للطاعن بتصوير ذلك الفيديو دون أن يأذن له بنشره وأن الطاعن لم يقدم ما يفيد حصوله على إذن أو تصريح منه بذلك , وخلص الحكم من ذلك إلى أن الأوراق بذلك تكون قد خلت مما يفيد أن مورث المطعون ضدهم قد وافق صراحة أو ضمناً على قيام الطاعن بنشر صورته الشخصية ضمن محتوى مقطع الفيديو المار ذكره على مواقع التواصل الإجتماعى الخاصة به , بما يثبت معه أن الطاعن قد خالف نص المادة 178 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 بما يتحقق به فى جانبه ركن الخطأ التقصيرى المتمثل فى قيامه بنشر الصورة الشخصية لمورث المطعون ضدهم دون إذنه حال كونه ليس من الشخصيات العامة , وهو ما أصاب الأخير بأضرار ماديه تمثلت فى الإفتئات على حقه فى الحصول على مقابل مالى لذلك , كما تسبب له أيضاً من جراء ذلك فى أضرار أدبية تمثلت فيما ألم به من حزن وأسى نتيجة ذلك التعدى الحاصل على صورته الشخصية بنشرها ضمن فيديو غنائى بعنوان مش بتفتش فى المطار دون إذن منه وما ترتب على ذلك النشر من تداول صورته الشخصية فى سياق التغطية الإخبارية لذلك الحدث بالعديد من المواقع الإخبارية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت وكذلك على العديد من القنوات الفضائية والمواقع الخاصة بها على قناة يوتيوب مما نال من مركزه الإجتماعى حال كونه من رجال القوات المسلحة السابقين ومن ذوى الخبرة فيما بعد فى مجال العمل كطيار مدنى , وخلص الحكم المطعون فيه من جماع ما تقدم إلى أن هذا الخطأ التقصيرى الذى اقترفه الطاعن قد تلازم مع تلك الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بمورث المطعون ضدهم تلازماً لازماً وارتبط بهما بعلاقة سببية لا انفصام عنها بما يتوافر فى حق الطاعن المسئولية عن التعويض , ثم رتب على ذلك قضائه بإلزام الطاعن بأن يؤدى لمورث المطعون ضدهم مبلغ مقداره مليون جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية التى أصابته ومبلغ مقداره خمسة مليون جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية التى أصابته , وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص سائغاً وله معينه الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لما أثاره الطاعن فى هذا الخصوص , ومن ثم لا يعدو النعى عليه بما ورد بأسباب الطعن إلا أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الدليل فيها بما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة , وهو ما يضحى معه هذا النعى على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
لذلك
رفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعن المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة، مع مصادرة الكفالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق