الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطعن 396 لسنة 29 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 179 ص 1237

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(179)
الطعن رقم 396 لسنة 29 القضائية

(أ) حكم. عيوب التدليل. الفساد في الاستدلال. ما يعد كذلك. دين.
النص في عقد الشركة على أن الديون التي يتحملها أحد الشركاء في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة. عدم انصرافه إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير. تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا أن يتحمل هذا الشريك الديون بنوعيها. تقرير محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه، فضلاً عن أن هذا الاحتمال تنفيه عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها. فساد الاستدلال.
(ب) دين. الديون المعدومة. شركة. ميزانية الشركة. ضرائب. الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. وعاء الضريبة.
الديون المعدومة. اعتبارها بمثابة خسارة على المنشأة. وجوب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها. وجوب تمثيل الميزانية للمركز الحقيقي للمنشأة.
(جـ) دين. الديون المعدومة. محكمة الموضوع. حكم. عيوب التدليل. الفساد في الاستدلال. ما يعد كذلك.
اعتبار الدين معدوماً من عدمه مسألة موضوعية. لمحكمة النقض التدخل في حالة مخالفة الأسباب التي اعتمد عليها القاضي للقانون أولاً يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. يكون الدين معدوماً إذا فقد الأمل في تحصيله. من الأسباب التي تجعل الدين محقق الانعدام وفاة المدين دون تركة أو إفلاسه مع عدم وجود مال أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين. تقرير الحكم تعذر التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة لاحتمال أن تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر. تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه فضلاً عن أن هذا الاحتمال منتف في الأحوال المذكورة.
(د) فوائد. الفوائد القانونية. بدء سريانها.
بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي.
(هـ) وكالة. التزامات الوكيل. استخدام الوكيل أموال موكله. فوائد.
الحكم على الوكيل بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت كون هذه المبالغ في يده وأنه استخدمها لصالح نفسه والوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت بدءاً لسريان الفوائد.

--------------------
1 - متى كانت عبارة عقد الشركة صريحة في أن الديون التي التزم أحد الشركاء أن يتحملها في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة وقد عبر عنها بالفرنسية بلفظ Le passif وهذا اللفظ لا يمكن أن ينصرف إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير لأنها تعتبر من الذمم التي لا تندرج ضمن الأصول Ľaetif فإن تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من هذا النص أن يتحمل هذا الشريك الديون بنوعيها هو تقرير علاوة على أنه محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه فإن هذا الاحتمال ينفيه نفياً باتاً عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها، مما يعيب الحكم بفساد الاستدلال.
2 - تقضى أصول علم المحاسبة بأن الديون المعدومة وهي التي فقد الأمل في تحصيلها تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة يجب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها لأن الميزانية يجب أن تمثل المركز الحقيقي للمنشأة مما يقتضي ألا تظهر الديون التي لها في الأصول إلا بقيمتها الفعلية.
3 - الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها القاضي في حكمه تنطوي على مخالفة للقانون أو لا يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها. فإذا كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في نفي صفة الانعدام عن الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة هو القول بأنه من العسير وضع ضابط أو مقياس للتفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة فإن ذلك ينطوي على مخالفة للقانون، لأن هذه التفرقة واجبة على ما أجمع عليه الفقه والقضاء وهي ليست كما قال الحكم متعذرة أو عسيرة لأن هناك من الأسباب ما يجعل الدين محقق الانعدام كوفاة المدين دون أن يترك تركة يمكن الرجوع عليها بالدين أو إفلاسه مع عدم وجود مال له يكفي لسداد الدين أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين. ففي هذه الأحوال وأمثالها التي يفقد فيها الأمل في تحصيل الدين يعتبر هذا الدين معدوماً. أما ما قرره الحكم تبريراً لرأيه في تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة من أنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه، هذا إلى أن الاحتمال افترض الحكم حدوثه منتف في الأحوال المتقدم ذكرها والتي سلم الحكم بتوافر أولاها في الدعوى.
4 - بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها إنما يكون من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي.
5 - الحكم على الوكيل - طبقاً للمادة 706 من القانون المدني القائم و526 من القانون الملغي - بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت أن هذه المبالغ كانت في يد الوكيل وأنه استخدمها لصالح نفسه وإثبات الوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت مبدءاً لسريان الفوائد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بعقد تاريخه 14/ 4/ 1937 تكونت بين الطاعن وأخيه مورث المطعون ضدهم شركة تضامن الغرض منها الإتجار في الآلات الزراعية والميكانيكية ونص في العقد على أن مدة الشركة ست سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1936 وتنتهي في أول يوليه سنة 1942 وغير قابلة للتجديد وأن إدارة الشركة وحق التوقيع عنها للشريكين مجتمعين وأن صافي الأرباح التي تظهر في الميزانية التي تعمل في نهاية كل سنة يوزع على الشريكين بنسبة 75% للطاعن، 25% لمورث المطعون ضدهم كما تضمن البند السادس عشر أنه في نهاية مدة الست سنوات المحددة للشركة تنقضي الشركة بحكم القانون ومن تلقاء نفسها وتصبح جميع خصومها وأصولها واسمها التجاري وحق التوقيع عنها ملكاً خالصاً للطاعن وحده الذي يتحمل جميع الديون التي على الشركة ويلتزم بأن يدفع إلى شريكه مورث المطعون ضدهم نصيبه في أصول الشركة في يوم حلها بحسب ما تسفر عنه الميزانية التي تعمل بحضور الطرفين المتعاقدين - وقبيل انتهاء مدة الشركة دب الخلاف بين الشريكين - فأقام مورث المطعون ضدهم بتاريخ 22 من يونيه سنة 1942 الدعوى رقم 42 لسنة 1942 كلي الإسكندرية ضد الطاعن طالباً إلزامه بتقديم حساب مؤيد بالمستندات عن أعمال الشركة في السنوات الأربع الأخيرة أي من يوليه سنة 1938 حتى آخر يونيه سنة 1942 وتعيين خبير لفحص هذا الحساب والحكم على الطاعن بنتيجة هذا الفحص - وأسس دعواه هذه على أن الطاعن انفرد في تلك السنوات بإدارة الشركة ولم يقدم له حساباً عن أعمالها وبعد أن قدم الطاعن الدفاتر والمستندات قضت المحكمة بندب خبير للاطلاع عليها وفحص حسابات الشركة في سنوات النزاع وبيان ما يظهر من فحص الحساب لأي من الطرفين قبل الآخر، وأثناء سير هذه الدعوى أقام مورث المطعون ضدهم دعوى أخرى ضد الطاعن أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة طلب فيها تعيين خبير لإثبات حالة الشركة وجرد البضائع الموجودة بها وتقدير قيمتها وقضت المحكمة المذكورة في 16 يوليه سنة 1942 بتعيين خبير لأداء هذه المأمورية وبعد أن قدم تقريره رفع مورث المطعون ضدهم على الطاعن الدعوى رقم 67 سنة 1943 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ مائة ألف جنيه قيمة حصته في موجودات الشركة وبعد أن ندبت تلك المحكمة الخبير السابق ندبه في دعوى إثبات الحالة لاستيفاء بعض أمور كلفته باستيفائها وقدم هذا الخبير تقريره عدل مورث المطعون ضدهم طلباته في دعواه هذه وقصرها على مبلغ 24659 جنيهاً و904 مليم معتمداً في تقدير حصته في الموجودات بهذا المبلغ على تقرير هذا الخبير ثم أضاف طلب الحكم بالفوائد من تاريخ المطالبة الحاصلة في 29 يوليه سنة 1943 حتى السداد. وفي 14 يونيه سنة 1947 قضت المحكمة في تلك الدعوى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى مورث المطعون ضدهم مبلغ 24632 جنيهاً و988 مليماً والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 29/ 7/ 1934 لغاية الوفاء فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 108 سنة 3 ق تجاري وفي 24/ 4/ 1951 حكمت المحكمة المذكورة بتعديل المبلغ المحكوم به ابتدائياً إلى 23899 ج و42 م مع الفوائد المقضي بها وقد أخذ الحكمان الابتدائي والاستئنافي بما رآه الخبير من تقدير قيمة الموجودات بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة - وقد طعن الطاعن في الحكم الاستئنافي المذكور بطريق النقض وقيد طعنه برقم 363 سنة 21 ق وبتاريخ 24 من يونيه سنة 1954 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية للحكم فيها مجدداً وبنى نقض الحكم على أنه إذ فسر البند السادس عشر من عقد الشركة بأنه يؤدى إلى استحقاق مورث المطعون ضدهم في نهاية مدة الشركة لنصيبه في الموجودات بحسب أسعارها المتداولة في السوق قد خالف المعنى الظاهر لهذا البند لآن مفاد عبارته أن تجرى تصفية نصيب المطعون عليه في الموجودات بحسب قيمتها الدفترية وليس بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة وقالت محكمة النقض في حكمها هذا رداً على النعي الذي كان وارداً على قضاء الحكم المطعون فيه في خصوص تحديد مبدأ سريان الفوائد عن المبلغ المحكوم به وسعرها أنه وإن كان هذا النعي أصبح بحثه غير منتج بعد نقض ذلك الحكم إلا أنه لا يفوتها أن تنبه إلى أن بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها هو من تاريخ طلبها لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي وأن سعر الفائدة القانونية في المواد التجارية أصبح 5% منذ العمل بالقانون المدني الجديد في 15/ 10/ 1949 - وإذ كان حكم النقض المشار إليه قد صدر قبل أن ينتهي الخبير المعين في دعوى الحساب رقم 42 لسنة 1942 من مأموريته فقد بادر الطاعن بتقديم صوره ذلك الحكم إليه ليسير في بحثه على هداه وبتاريخ 18/ 12/ 1954 أودع هذا الخبير تقريره في تلك الدعوى، وفي 15/ 4/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية فيها بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم - الذين حلوا في الدعوى محل مورثهم وفاته - مبلغ 2223 ج و41 م والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/ 6/ 1942 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 5% من 15/ 10/ 1949 حتى السداد فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 287 سنة 12 ق تجاري طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى كما رفع المطعون ضدهم استئنافا فرعياً عن ذات الحكم قيد برقم 410 سنة 12 ق طلبوا فيه تعديل الحكم المستأنف ورفع المبلغ المقضي لهم به إلى 7790 ج و105 م مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية ولما كان الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق تجاري الذي نقض الحكم الصادر فيه قد عجله رافعه بعد الإحالة فقد ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة إلى بعضها وحكمت فيها بتاريخ 14/ 5/ 1959 على الوجه الآتي... أولاً - في الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدهم. ثانياً - في الاستئناف رقم 287 سنة 12 ق (المرفوع من الطاعن) برفضه وإلزام رافعه بمصروفاته. ثالثاً - في الاستئناف رقم 410 سنة 12 ق (المرفوع من المطعون ضدهم) بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يؤدي للمستأنفين مبلغ 4291 ج و903 م وفوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 يونيه سنة 1942 حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 5% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد والمصروفات المناسبة لمبلغ 7790 ج و105 م وكذا المصروفات المناسبة للفوائد المقضي بها وذلك عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة في جميع الاستئنافات وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1959 طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقصر طعنه على قضاء الحكم في الاستئنافين رقمي 287 و410 سنة 12 ق وطلب نقضه فيما قضى به في هذين الاستئنافين والقضاء في موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليهم رقم 42 سنة 1942 كلي الإسكندرية واحتياطياً إعادة الاستئنافين المذكورين إلى محكمة الاستئناف للفصل فيهما من جديد وقد عرض هذا الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19/ 3/ 1963 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي أبدته في مذكرتها والمتضمن نقض الحكم في خصوص السبب الثاني وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفساد الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الدرجة الأولى أخذت في حكمها بما رآه خبير الدعوى - من تقسيم الديون المستحقة للشركة قبل الغير والتي وصفت في الدفاتر بأنها معدومة إلى قسمين يشمل أولهما الديون التي ثبت للمحكمة أنها معدومة فعلاً وهذه يتحمل المطعون عليهم بحصة مورثهم فيها والقسم الآخر يشمل الديون المشكوك في تحصيلها يتحملها الطاعن وحده ودللت تلك المحكمة على نظرها هذا بالمراجع القانونية التي أشارت إليها في حكمها - لكن محكمة الاستئناف خالفت هذا النظر وقضت بتحميل الطاعن بجميع تلك الديون بما فيها ما ثبت أنه معدوم فعلاً وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على قولها: أولاً - بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من عبارة البند السادس عشر من عقد الشركة الديون التي للشركة والتي عليها بحيث يلزم الطاعن بها جميعها. ثانياً - أن خبير الدعوى لم يكن محقاً في استبعاد بعض الديون على اعتبار أنها معدومة لما تبين من أن الطاعن قد تعجل الحكم على انعدام ديون ثبت من فحصها أنها قابلة للمطالبة بها وتحصيلها. ثالثاً - أنه من العسير وضع ضابط للتفرقة بين المعدوم من الديون وغيره - ويرى الطاعن أن هذا التدليل من الحكم يجعله غير مسبب في هذا الخصوص من جهة ومخالفاً لنص العقد ومبادئ القانون من جهة أخرى ذلك أن أسلوب الحكم في تفسير البند السادس عشر الذي كان تفسيره محل خلاف بين الطرفين يدل على أنه لم يفصل في هذا الخلاف وإنما أقام قضاءه في شأنه على مجرد افتراض جوازي قد يصدق وقد لا يصدق وأنه إذا كان مقصود الحكم أن نص البند المذكور يلزم الطاعن وحده دون شريكه بجميع الديون التي للشركة قبل الغير فإن الحكم يكون بذلك قد مسخ النص وحمله ما لا يحتمل إذ هو صريح في أنه خاص بالديون التي على الشركة فهذه وحدها التي يتحملها الطاعن وهذا هو المعنى الذي فهمته محكمة النقض في حكمها الصادر في 24 يونيه سنة 1954 في دعوى المطالبة بقيمة الموجودات. كذلك فإن ما قاله الحكم المطعون فيه بصدد الديون المعدومة مخالف لما هو مقرر فقهاً وقضاء في خصوصها وقد أورد الحكم الابتدائي المراجع القانونية المؤيدة لرأيه ولم يلتفت إليها الحكم المطعون فيه أو يناقشها ثم إن ما انتهى إليه الحكم من بحثه في طبيعة الديون من أن بعضها قابل للمطالبة به ويمكن تحصيله - لا يصلح سبباً لاعتبارها جميعها كذلك وإنما يصلح سبباً للتفرقة بين ما ثبت انعدامه منها وما لم يثبت وهذه التفرقة قال بها الفقه والقضاء وأراد الحكم الخروج عليها فأعوزته الأسباب - أما ما قرره الحكم من أنه يتعذر وضع ضابط للتمييز بين النوعين لأنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول على مجرد افتراض احتمالي لا يصلح لبناء حكم عليه وإذ كان قد ثبت لدى الحكم أنه من بين الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة ما أمكن تحصيله فإن ذلك كان يقتضي أن يقتصر الحكم على هذا البعض دون غيره، لا أن يعمم ويسوى بين ما اتضح أنه غير معدوم وبين ما ثبت أنه معدوم فعلاً هذا إلى أن حديث الحكم عن هذا البعض الذي أمكن تحصيله فيه غموض وقصور إذ لم يبين الحكم الديون التي يعينها حتى يستطيع المطلع عليه أن يقتنع بما ورد فيه من أسباب.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق أن المحكمة الابتدائية رأت أن من حق الطاعن أن يحمل حساب الأرباح والخسائر سنوياً بالديون التي ثبت انعدامها وفقد الأمل في تحصيلها وأن يدرج هذه الديون في ميزانية السنة التي أصبحت فيها تلك الديون معدومة فعلاً، وأن نص البند السادس عشر من عقد الشركة الذي قال عنه المطعون ضدهم ومورثهم بأنه يحمل الطاعن في نهاية مدة الشركة بجميع ما للشركة من ديون وما عليها منها لا يسمح بهذا التفسير إذ هو يقضي بأن ما يتحمله الطاعن إنما هي الديون التي على الشركة دون الديون التي لها في ذمة الغير وانتهى الحكم الابتدائي إلى الآخذ بما رآه الخبير من التفرقة بين الديون التي ثبت انعدامها بسبب استحالة تحصيلها وهذه قرر بعدم أحقية المطعون ضدهم في أخذ نصيب مورثهم فيها والديون التي لم يثبت انعدامها ويرجى تحصيلها وقد قدرها الخبير بمبلغ 5579 ج و209 م وهذه استبعدها الحكم الابتدائي من مجموع الديون المدرجة في الدفاتر على أنها معدومة والبالغ قدرها 13854 ج و659 م وقضى للمطعون ضدهم بحصة مورثهم فيها بحق الربع ولما استأنف المطعون ضدهم الحكم الابتدائي واعترضوا في استئنافهم رقم 410 سنة 12 ق على رفض ذلك الحكم القضاء لم بنصيب مورثهم في باقي تلك الديون وقدره 82750 ج و450 م بحجة أنه معدوم أخذت محكمة الاستئناف بهذا الاعتراض وقضت للمطعون ضدهم بربع هذا المبلغ بالإضافة إلى ما قضى لهم به ابتدائياً وأقامت قضاءها في هذا الخصوص على ما يأتي "وحيث إنه وإن كانت عبارة البند السادس عشر من العقد بصدد تحميل المستأنف ضده (الطاعن) الديون تنصرف إلى الديون التي على الشركة وليست التي للشركة إلا أنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا الديون بنوعيها - على أنه حتى مع القول بأن الغرض من هذا النص هو الديون التي على الشركة للغير دون النوع الآخر فإنه واضح من ذلك البيان المسطر في تقرير الخبير الاستشاري وفي مذكرة المستأنفين عن الديون التي حصلت أو أصبحت محتملة السداد ومقارنتها بما ورد في تقرير خبير الدعوى أن هذا الأخير لم يكن محقاً بعد تلك العبارة التي قدم بها نتيجة بحث الديون أن يفرق بين نوعيها - ديون قال عنها إنها معدومة ويحق له إعدامها وهذه تخصم من الأرباح وأخرى وصفها بأنها لم يثبت انعدامها ولذلك لا يجوز خصمها - لم يكن محقاً في ذلك خصوصاً بعد أن تيقن من بحث الديون جميعها أن المستأنف ضده قد تعجل الحكم على انعدام ديون ثبت من فحصها وتعقب إجراءاتها أنها لا زالت قابلة للمطالبة بها وتحصيلها. ويتضح من كل ذلك أنه من العسير وضع ضابط أو مقياس لهذه التفرقة كما أنه من غير الميسور التحقق من انعدام هذه الديون التي وصفها الخبير بذلك متعللاً بسوء حالة بعض المدينين أو عدم اهتمامهم بما اتخذ ضدهم من إجراءات قانونية أو وفاة بعض هؤلاء المدينين دون أن يتركوا أموالاً يمكن الرجوع عليها ذلك أنه من كان في حالة عسر وقت بحث حالته أو أثناء المطالبة قد تطرأ عليه ظروف مالية تنقله من العسر إلى اليسر فيقوى على سداد دينه. ويؤكد هذا النظر أو يوضحه ما كشفه المستأنفون من ديون أمكن تحصيلها رغم سبق اتصافها بالانعدام كما قال الخبير - وحيث إنه متى ثبت ذلك بصدد هذه الديون فإن المستأنفين على حق فيما قالوه من إنه ليس من حق المستأنف ضده أن يخصم أي دين من الأرباح أو يجنب أي احتياطي لديون قد تصبح معدومة" ولما كانت عبارة البند السادس عشر من عقد الشركة المحرر باللغة الفرنسية صريحة في أن الديون التي التزم الطاعن بأن يتحملها في نهاية مدة الشركة هي الديون التي على الشركة وقد عبر عنها بالفرنسية بلفظ le passif وهذا اللفظ لا يمكن أن ينصرف إلى الديون التي للشركة في ذمة الغير لأنها تعتبر من الذمم التي تندرج ضمن الأصول .Ľactif ومن ثم يكون تقرير الحكم المطعون فيه بأنه من الجائز أن يكون المتعاقدان قد قصدا من هذا النص أن يتحمل الطاعن الديون بنوعيها هو تقرير علاوة على أنه محمول على مجرد احتمال لا يصلح لإقامة تفسير عليه فإن هذه الاحتمال ينفيه نفياً باتاً عبارة النص الواضحة المعنى والصريحة في الدلالة على قصد المتعاقدين منها - لما كان ذلك، وكانت أصول علم المحاسبة تقضى بأن الديون المعدومة وهي التي فقد الأمل في تحصيلها تعتبر بمثابة خسارة على المنشأة يجب خصمها من حساب الأرباح والخسائر في ميزانية السنة التي يتحقق فيها انعدامها لأن الميزانية يجب أن تمثل المركز الحقيقي للمنشأة مما يقتضى ألا تظهر الديون التي لها في الأصول إلا بقيمتها الفعلية. وإذا كان الحكم على الدين بأنه معدوم أو غير معدوم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع إلا أن لمحكمة النقض أن تتدخل إذا كانت الأسباب التي اعتمد عليها القاضي في حكمة تنطوي على مخالفة للقانون أولا يكون من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها - ولما كان ما استند إليه الحكم المطعون فيه في نفي صفة الانعدام عن الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة من القول بأنه من العسير وضع ضابط أو مقياس للتفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة ينطوي على مخالفة للقانون لأن هذه التفرقة واجبة على ما أجمع عليه الفقه والقضاء وهي ليست كما قال الحكم متعذرة أو عسيرة لأن هناك من الأسباب ما يجعل الدين محقق الانعدام كوفاة المدين دون أن يترك تركة يمكن الرجوع عليها بالدين أو إفلاسه مع عدم وجود مال له يكفي لسداد الدين أو انقضاء الدين بالتقادم أو هلاك أموال المدين المكونة للضمان العام للدائنين ففي هذه الأحوال وأمثالها التي يفقد فيها الأمل في تحصيل الدين يعتبر هذا الدين معدوماً. أما ما قرره الحكم تبريراً لرأيه في تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة من أنه قد تطرأ ظروف مالية تنقل المدين من العسر إلى اليسر فإنه تقرير محمول هو أيضاً على مجرد افتراض احتمالي لا يجوز بناء حكم عليه، هذا إلى أن الاحتمال الذي افترض الحكم حدوثه منتف في الأحوال المتقدم ذكرها ومن بينها حالة المدين الذي توفى بغير تركة التي رفض الحكم المطعون فيه اعتبار الدين معدوماً فيها وإذا كان قد صح لدى الحكم أن الطاعن قد تعجل الحكم على انعدام بعض ديون ثبت من فحص الخبير لها أنها ما زالت قابلة للتحصيل أو صح لديه أن بعض الديون التي اعتبرها الخبير والحكم الابتدائي معدومة قد أمكن تحصيلها أو أنه يرجى تحصيلها فإن ذلك لا يصلح بمجرده سبباً لنفي صفة الانعدام عن باقي الديون وإنما يبرر استبعاد هذا البعض من عداد الديون المعدومة وكان على محكمة الاستئناف أن تبحث كل دين من الديون الأخرى على حدة وتتبين ما إذا كان الأمل قد فقد في تحصليه فتعتبره معدوماً أو لم يفقد فيكون غير معدوم وإذ هي حجبت نفسها عن هذا البحث، بما قالته من تعذر إجراء التفرقة بين الديون المعدومة وغير المعدومة فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان نقض الحكم لهذا السبب يجعل من غير المنتج بحث السبب الآخر المتضمن تعييب الحكم في خصوص تحديده لمبدأ سريان الفوائد عن المبلغ المقضي به للمطعون ضدهم إلا أن هذه المحكمة ترى التنبيه إلى ما سبق أن نبهت إليه في حكمها السابق الصادر في الطعن رقم 363 سنة 21 ق بين الخصوم أنفسهم في دعوى الموجودات من أن بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها إنما يكون من تاريخ طلبها هي لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي كما تنبه المحكمة إلى أن الحكم على الوكيل طبقاً للمادة 706 من القانون المدني القائم و526 من القانون الملغي - بفوائد المبالغ التي استخدمها من وقت استخدامها يقتضي ثبوت أن هذه المبالغ كانت في يد الوكيل وأنه استخدمها لصالح نفسه وإثبات الوقت الذي استخدمها فيه حتى يكون هذا الوقت مبدأ لسريان الفوائد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق