جلسة 18 من ديسمبر سنة 1972
برياسة السيد المستشار/
حسين سعد سامح، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديواني، ومصطفى الأسيوطي،
وعبد الحميد الشربيني, وحسن المغربي.
----------------
(314)
الطعن رقم 862 لسنة 42
القضائية
إثبات. "بوجه
عام". حكم. "بياناته. بيانات التسبيب". "تسبيبه. تسبيب
معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". اختلاس أموال أميرية.
استيلاء على مال للدولة.
وجوب بناء الأحكام على
أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها.
اعتماد الحكم. في قضائه.
على رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات. يعيب الحكم. مثال في اختلاس.
----------------
من المقرر أن الأحكام يجب
أن تبني على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها، فإذا استند الحكم إلى رواية أو
واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد متى كانت
الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم. ولما كان يبين مما أورده الحكم أنه أسس قضاءه
في إطراح دفاع الطاعن الأول على أنه بفرض تعطيل السيارة المعهود إليه بقيادتها في
تاريخ ارتكاب الحادث (الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للدولة) فإن ذلك لم يكن
ليحول دون استعماله سيارة أخرى للمركز في نقل المهمات التي دانه بالاستيلاء عليها،
وكان الثابت من الاطلاع على المفردات خلوها مما يفيد وجود أكثر من سيارة بالمركز،
فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ما لا أصل في الأوراق وعول عليه في إدانة الطاعن
يكون معيباً بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
كلاً من الطاعنين وآخر بأنهم في يوم أول مايو سنة 1969 بدائرة مركز ادفو محافظة
أسوان (أولاً) المتهمان الأول والثاني (الطاعنين): بصفتهما موظفين عموميين - الأول
رقيب أول بوزارة الداخلية والثاني عامل بمصنع السكر بادفو - استوليا بغير حق على
قطع الغيار المبينة الوصف والقيمة بالأوراق لمصنع السكر والمملوكة للدولة.
(ثانياً) المتهم الثالث: اخفي قطع الغيار المتحصلة من جناية الاستيلاء سالفة الذكر
مع علمه بذلك. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم
طبقاً للمواد 111/ 5 - 6 و113/ 1 و118 و119 من قانون العقوبات. فقرر ذلك بتاريخ 18
أكتوبر سنة 1969. ومحكمة جنايات أسوان قضت في الدعوى بتاريخ 17 مارس سنة 1971
حضورياً للأول والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمواد الاتهام والمادتين 44 مكرر و17
من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالسجن مدة ثلاث سنوات وغرامه
قدرها خمسمائة جنيه وعزل الأول والثاني من وظيفتهما وقدرت مبلغ عشرة جنيهات أتعاب
للمحاماة عن المتهم الثاني. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق
النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطعن المقدم من
الطاعن الأول قد استوفي الشكل المقرر في القانون. وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة قد
شابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك بأنه اعتمد على أقوال ضابط
المباحث وتحرياته التي تفيد أن الطاعن الأول أخرج المضبوطات المختلفة من مصنع شركة
السكر عن طريق إخفائها في سيارة للمركز قيادته واطرح دفاع الطاعن - المؤيد بمستند
رسمي - بأن هذه السيارة كانت معطلة في الوقت الذي حدده الضابط لارتكاب الحادث ورد
عليه بمقولة أن المركز ليست به سيارة واحدة دون أن يكون للحكم في هذا الرد سند من
أوراق الدعوى، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المشرف على جراج مصنع شركة السكر والتقطير
المصرية أبلغ عن اكتشافه فقد بعض المهمات من "جيربوكس" كان موجوداً
بالجراج للصيانة. وقد دلت تحريات ضابط مباحث المركز على أن المتهمين الأول والثاني
(الطاعنين) قاما بالاستيلاء على المهمات الفاقدة من الجراج وأن الأول أودعها لدي
المتهم الثالث (المحكوم عليه غيابياً) لبيعها لحسابه وقد انتقل الضابط إلى محل هذا
المتهم الأخير وقام بضبط تلك المهمات لديه فيما عدا قطعة منها كان قد باعها بمبلغ
22 جنيهاً سلم منها 10 جنيهات للمتهم الأول. وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة في
حق الطاعن من شهادة ضابط مباحث مركز ادفو والشرطي السري...... و....... وبعد أن
حصل أقوالهم عرض لدفاع الطاعن الأول والشهادة التي قدمها بجلسة المحاكمة تأييداً
لهذا الدفاع من أنه لم يكن لديه مكنة الاستيلاء على الأشياء المستولي عليها لأن
السيارة المعهود إليه من المركز بقيادتها كانت معطلة في الفترة من 21/ 3 إلى 14/
5/ 1969 هي الفترة المقال بوقوع الحادث في أثنائها، وبما يتنافى مع ما شهد به ضابط
المباحث الذي استند الحكم إلى أقواله من أنه علم أن الطاعن قام بنقل تلك المهمات
بالسيارة المذكورة وقد اطرح الحكم هذا الدفاع بقوله: "أما عن الشهادة المقدمة
بشأن السيارة فعلي فرض صحتها فإن أحداً لم يذكر أن الاستيلاء على المضبوطات تم في
سيارة معينة إنما المجمع عليه أنها لا يمكن إخراجها من مكانها حملاً باليد أو
إخفاء بالملابس لثقلها ولإجراء عملية التفتيش لسائر العمال والموظفين طبقاً لنظام
الشركة كما أن المركز ليست فيه سيارة واحدة للاستعمال". لما كان ذلك وكان من
المقرر أن الأحكام يجب أن تبني على أساس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها فإذا
استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً
لإبتنائه على أساس فاسد متي كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم وكان يبين مما
أورده الحكم أنه قد أسس قضاءه في إطراح دفاع الطاعن الأول على أنه بفرض تعطيل
السيارة المعهود إليه بقيادتها في تاريخ ارتكاب الحادث فإن ذلك لم يكن ليحول دون
استعماله سيارة أخري للمركز في نقل المهمات التي دانه بالاستيلاء عليها - مع
الطاعن الثاني - وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن
خلوها مما يفيد وجود أكثر من سيارة بالمركز، فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد ما لا
أصل له في الأوراق وعول عليه في إدانة الطاعن الأول يكون معيباً بالخطأ في الإسناد
والفساد في الاستدلال.
لما كان ذلك, فإنه يتعين
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة - بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن الأول
في طعنه - وذلك بالنسبة إلى هذا الطاعن وإلى الطاعن الثاني الذي لم يقدم أسباباً
لطعنه نظراً لوحدة الواقعة ولحسن سير العدالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق