الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 أبريل 2022

الطعن 11713 لسنة 89 ق جلسة 27 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 44 ص 342

جلسة 27 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي د/ حسن البدراوي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، صلاح الدين كامل سعد الله ومحمد عاطف ثابت "نواب رئيس المحكمة".

--------------

(44)

الطعن 11713 لسنة 89 ق

(1 - 3) حكم" إصدار الحكم".
(1) وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين. تعلقه بأسس النظام القضائي. م6 ق 46 لسنة 1972.

(2) وجوب المداولة بين جميع قضاة الدائرة الذين سمعوا المرافعة دون غيرهم. مخالفة ذلك. أثره. بطلان الحكم. المادتان 166، 167 مرافعات. المتمسك بعدم حصول المداولة قانونا. وجوب تقديمه الدليل.

(3) صدور الحكم المطعون فيه من هيئة ثلاثية سمعت المرافعة والمداولة ووقعت على مسودته حسبما هو ثابت من محضر الجلسة. مطابق للإجراءات. زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي المحدد قانونا لا يفيد اشتراكهم جميعا في المداولة. النعي عليه على غير أساس.

(4) تحكيم" إجراءات التحكيم: ميعاد الاعتراض على إجراءات التحكيم: تقدير مدة الاعتراض حال خلو الاتفاق".
التنازل عن الاعتراض على مخالفة أثناء إجراءات التحكيم. أثره. شروطه. مدة تقديم الاعتراض عند عدم الاتفاق عليها. خضوع تقديرها لهيئة التحكيم ثم لمحكمة دعوى البطلان. م8 ق27 لسنة 1994.

(5 - 7) تحكيم" إجراءات التحكيم: ميعاد الاعتراض على إجراءات التحكيم: أثر عدم الاعتراض في الميعاد".
(5) الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فيها. وجوب التمسك بها دون تجاوز ميعاد دفاع المدعى عليه. عدم الاعتراض. أثره. التنازل عن الحق فيه. شرطه. المواد 22/ 1،2، 30/2 ق27 لسنة 1994، 4/ 1، 2، 23/ 1، 2، 32 من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم.

(6) عدم الاعتراض على الإجراء. مؤداه. قبولا ضمنيا بصحته.

(7) مخالفة شرط في اتفاق التحكيم أو لحكم في ق 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته. عدم الاعتراض عليها ممن علم بها في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول. أثره.

(8) تحكيم" حكم التحكيم: بطلان حكم التحكيم: نطاق دعوى بطلان حكم التحكيم".
مراجعة تقدير ملائمة حكم التحكيم أو مراقبة حسن تقدير المحكمين. عدم خضوعه لسلطة قاضي دعوى البطلان. يستوي في ذلك كونهم أصابوا أو أخطئوا. عله ذلك.

(9 ، 10) تحكيم" ماهيته".
(9) التحكيم. ماهيته وقوامه. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها. أساسه. القانون. أثره. سلب ولاية القضاء.

(10) التنظيم القانوني للتحكيم. مناط قيامه. رضاء الأطراف به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.

(11) تحكيم" إجراءات التحكيم: ميعاد الاعتراض على إجراءات التحكيم: أثر عدم الاعتراض في الميعاد".
الدفوع بعدم اختصاص هيئة التحكيم أو بوجود اتفاق تحكيم أو صحته. اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فيها. ميعاد تقديمها. التخلف عن ذلك. أثره. المواد 4/ 1، 2، 23/ 1، 2، 32 من قواعد الآونسيترال. (مثال بشأن قضاء هيئة التحكيم برفض الدفع المقدم بعد المواعيد).

-----------------

1 - المقرر– في قضاء محكمة النقض– أن مؤدى نص المادة السادسة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين، وهذا التشكيل المنصوص عليه في المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي.

2 - مفاد نص المادتين 166، 167 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول المداولة بين جميع قضاة الدائرة التي سمعت المرافعة والاشتراك فيها دون غيرهم، وإلا كان الحكم باطلا، وكان الأصل هو افتراض حصول هذه الإجراءات صحيحة، وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله.

3 - إذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي سمعت المرافعة والمداولة ووقعت على مسودته وأصدرته برئاسة وعضوية السادة القضاة ...... و..... و.......– حسبما هو ثابت من محضر جلسة 6/ 2/ 2019 المرفق صورة طبق الأصل منه بحافظة مستندات الطاعن– ومن ثم تكون الإجراءات قد روعيت، ولا يقدح في ذلك ثبوت حضور السيد القاضي .... بالجلسة التي استمعت الهيئة المذكورة فيها للمرافعة وحجزت فيها الدعوى للحكم، ذلك أن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم لا يفيد اشتراكهم جميعا في المداولة، بما يكون معه النعي (بمخالفة القانون) على غير أساس.

4 - يجرى النص في المادة الثامنة من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم التجاري الدولي على أنه يشترط لاعتبار أحد الخصوم في دعوى التحكيم متنازلا عن حقه في الاعتراض على أية مخالفة وقعت أثناء إجراءات التحكيم، وبالتالي لا يجوز له رفع دعوى ببطلان هذا الحكم بعد صدوره: 1- استمرار الطرف الذي يتمسك بالمخالفة، في إجراءات التحكيم مع علمه بوجود المخالفة. 2- أن تكون المخالفة لشرط ورد في اتفاق التحكيم. 3- ألا يقدم الطرف الذي يتمسك بالمخالفة اعتراضا عليها إلى هيئة التحكيم في الميعاد المتفق عليه بين طرفي التحكيم، إذا وجد مثل هذا الاتفاق، أما في حالة عدم تحديد الطرفين لمثل هذا الميعاد، وجب تقديم الاعتراض في وقت معقول، ويترك تقدير المدة التي يجب أن يقدم فيها الاعتراض لهيئة التحكيم ثم لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى بطلان حكم التحكيم بعد صدوره.

5 - نصت المادة الثانية والعشرون- من ذات القانون (قانون رقم 27 لسنة 1994)- في فقرتيها الأولى والثانية على أنه: 1- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع. 2- يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 30 من هذا القانون .... التي جرى نصها على أن "يرسل المدعى عليه خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي وكل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه ردا على ما جاء ببيان الدعوى ...."، وإذ جرت قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي السارية اعتبارا من الأول من مارس 2011 في مادتها الرابعة بفقرتيها الأولى والثانية على أنه "1- يودع المدعى عليه لدى المركز ردا على إخطار التحكيم خلال 30 يوما من تاريخ استلام إخطار التحكيم .... 2- يجوز أن يشتمل الرد على إخطار التحكيم أيضا على ما يلي أ- أي دفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم المزمع تشكيلها طبقا للقواعد ...." والنص في المادة الثالثة والعشرين- من ذات القواعد- بفقرتيها الأولى والثانية على أن "1- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه .... 2- يقدم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في ميعاد لا يتجاوز تقديم بيان الدفاع أو في ميعاد لا يتجاوز تقديم الرد على الطلبات المقابلة ..." وكذا النص في المادة الثانية والثلاثين منها على أنه "إذا لم يبادر أي طرف بالاعتراض على أي مخالفة لهذه القواعد أو لأي شرط في اتفاق التحكيم، يعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض، وذلك ما لم يقدم هذا الطرف ما يثبت أن عدم قيامه بالاعتراض كان له ما يبرره في ظل الظروف القائمة".

6 - المقرر– في قضاء محكمة النقض– أن سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه يعد قبولا ضمنيا بصحة الإجراء.

7 - إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض.

8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملائمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطئوا عندما اجتهدوا لأنهم– حتى لو أخطئوا– فإن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال حكمهم، إذ إن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف.

9 - التحكيم وهو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء.

10 - التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها.

11 - )التنظيم القانوني للتحكيم) أكدته قواعد الأونسيترال (UNCITRAL) (لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بصيغتها المنقحة في عام 2010) في مادتها (4) التي يجرى نصها بأن: 1- يرسل المدعى عليه إلى المدعي، وفي غضون 30 يوما من تاريخ تسلم الإشعار بالتحكيم، ردا على ذلك الإشعار يتضمن ما يلي: 1- ..... 2- يجوز أن يتضمن الرد على الإشعار بالتحكيم أيضا على ما يلي (أ) أي دفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم التي ستشكل بمقتضى هذه القواعد ......". وفي المادة (23) في فقرتيها الأولى والثانية على أن "1- تكون لهيئة التحكيم صلاحية البت في اختصاصها، بما في ذلك أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو صحته .... 2- يقدم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في موعد أقصاه وقت تضمينه في بيان الدفاع .....". وبمادتها (32) يعتبر تقصير أي طرف في المسارعة إلى الاعتراض على أي مخالفة لهذه القواعد أو لأي شرط في اتفاق التحكيم تنازلا عن حق ذلك الطرف في تقديم ذلك الاعتراض، ما لم يكن بمقدور ذلك الطرف أن يثبت أن تخلفه عن الاعتراض في الظرف القائم، كان له ما يبرره، وإذ ثبت بالأوراق تضمن "محضر الاتفاق ومخالصة" المؤرخ 30/ 6/ 2011 بمادته السادسة شرط اللجوء للتحكيم طبقا لأحكام القانون المصري وقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وأن المطعون ضده "المحتكم ضده" أقام الدعوى رقم .... لسنة 6ق اقتصادية استئنافية القاهرة للمطالبة ببنود ذلك الاتفاق، ودفعها الطاعن "المحتكم" بوجود شرط التحكيم، وقضى فيها بجلسة 11/ 11/ 2014 بعدم قبول الدعوى لوجود هذا الشرط، وإذ أصبح هذا الحكم باتا بجلسة 1/ 3/ 2017، فأقام الطاعن "المحتكم" دعواه التحكيمية رقم ..... لسنة 2016 أمام المركز المار ذكره، وبجلسة 29/ 7/ 2017 دفع الحاضر مع المطعون ضده "المحتكم ضده" بسقوط شرط التحكيم وعدم اختصاص مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وكان هذا الدفع من جانب المطعون ضده "المحتكم ضده"– وقد احتكم الطرفان إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وقبلا قواعده– قد ورد بعد المواعيد المقررة في قواعد المركز وفقا لأحكام المواد 4/ 2،1، 23/ 2،1، 32 منه المؤيدة بأحكام مواد الأونسيترال أرقام 4/ 1، 2، 23/ 2،1، 32 على النحو السالف بيانه فإنه يكونه حريا بالرفض، وإذ قضت هيئة التحكيم بجلسة 7/ 12/ 2017- دون النص على ذلك في منطوق حكمها– برفض الدفع على سند من عجز المطعون ضده "المحتكم ضده" عن إثبات تنازل المحتكم عن شرط التحكيم سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا، ومضت في نظره وفصلت في الدعوى التحكيمية على سند من ذلك، فإن حكمها يكون قد صادف صحيح القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر قاضيا ببطلان حكم التحكيم لسقوط شرطه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع– على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى التحكيمية رقم ..... لسنة 2016 لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بطلب الحكم بقيمة المبالغ التي تضمنتها الكشوف أرقام 1، 2، 3، 5 المقدمة منه أمام هيئة التحكيم وذلك نفاذا للبند الخامس من عقد الاتفاق والمخالصة المؤرخ 30/ 6/ 2011 والمحرر بينه والمطعون ضده والذي جرى نصه على أحقية الطاعن في تقديم كشف بمطالباته المالية المستحقة على المطعون ضده وذلك لمراجع الحسابات لفحصها وتقرير مدى استحقاق الطاعن لها وعرضها على المطعون ضده لمراجعتها واعتمادها، كما تضمن البند السادس من هذا الاتفاق شرط اللجوء للتحكيم طبقا لأحكام القانون المصري وقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبتاريخ السابع من ديسمبر سنة 2017 أصدرت هيئة التحكيم حكمها بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن بعض المبالغ التي تضمنها الكشف رقم 3 وكامل مبلغ الكشف رقم 5 ورفض باقي الطلبات، أقام المطعون ضده الدعوى رقم ...... لسنة 135ق لدى محكمة استئناف القاهرة– مأمورية استئناف الجيزة – بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم، التي قضت بتاريخ 3 من أبريل سنة 2019 ببطلانه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة- في غرفة مشورة– حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه وفقا للثابت بمحضر جلسة 6/ 2/ 2019 أمام محكمة استئناف القاهرة أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم لجلسة 3/ 4/ 2019 كانت برئاسة السيد القاضي/ ....... وعضوية السادة القضاة/ .....، رغم أن الثابت بديباجة الحكم أن الهيئة التي أصدرته تشكلت من السادة القضاة/ .....، وأثبت الحكم المطعون فيه بنهايته أن الهيئة التي حضرت المداولة وسمعت المرافعة ووقعت مسودته هم السادة القضاة/ .......، مما يدل على عدم توقيع السيد القاضي/ ..... على مسودة الحكم وعدم اشتراكه في المداولة رغم ثبوته بتشكيل الهيئة التي سمعت المرافعة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن مؤدى نص المادة السادسة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 وجوب صدور أحكام محكمة الاستئناف من ثلاثة مستشارين، وهذا التشكيل المنصوص عليه في المادة مما يتعلق بأسس النظام القضائي، ولما كان مفاد نص المادتين 166، 167 من قانون المرافعات أنه يتعين حصول المداولة بين جميع قضاة الدائرة التي سمعت المرافعة والاشتراك فيها دون غيرهم، وإلا كان الحكم باطلا، وكان الأصل هو افتراض حصول هذه الإجراءات صحيحة، وعلى المتمسك بعدم حصول المداولة على وجهها السليم أن يقدم دليله. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التي سمعت المرافعة والمداولة ووقعت على مسودته وأصدرته برئاسة وعضوية السادة القضاة ......– حسبما هو ثابت من محضر جلسة 6/ 2/ 2019 المرفق صورة طبق الأصل منه بحافظة مستندات الطاعن– ومن ثم تكون الإجراءات قد روعيت، ولا يقدح في ذلك ثبوت حضور السيد القاضي .... بالجلسة التي استمعت الهيئة المذكورة فيها للمرافعة وحجزت فيها الدعوى للحكم، ذلك أن زيادة القضاة الحضور بجلسة المرافعة عن النصاب العددي الذي حدده القانون لإصدار الحكم لا يفيد اشتراكهم جميعا في المداولة، بما يكون معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان حكم التحكيم الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، على سند من صدوره بعد تنازل طرفيه عن شرط التحكيم الوارد بالعقد المؤرخ 30/ 6/ 2011 وفقا لاتفاقات التسوية المحررة بتاريخي 12/ 1/ 2012، 15/ 7/ 2013، رغم اختلافهما فيما بينهما من حيث نطاق تلك الاتفاقيات وموضوعها وأطرافها وسبب تحريرها، ودون اتجاه إرادة طرفي التداعي إلى هذا التنازل، ومن ثم يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن النص في المادة الثامنة من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم التجاري الدولي يجرى بأنه "إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته، ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض"، ويشترط لاعتبار أحد الخصوم في دعوى التحكيم متنازلا عن حقه في الاعتراض على أية مخالفة وقعت أثناء إجراءات التحكيم، وبالتالي لا يجوز له رفع دعوى ببطلان هذا الحكم بعد صدوره: 1- استمرار الطرف الذي يتمسك بالمخالفة، في إجراءات التحكيم مع علمه بوجود المخالفة. 2- أن تكون المخالفة لشرط ورد في اتفاق التحكيم. 3- ألا يقدم الطرف الذي يتمسك بالمخالفة اعتراضا عليها إلى هيئة التحكيم في الميعاد المتفق عليه بين طرفي التحكيم، إذا وجد مثل هذا الاتفاق، أما في حالة عدم تحديد الطرفين لمثل هذا الميعاد، وجب تقديم الاعتراض في وقت معقول، ويترك تقدير المدة التي يجب أن يقدم فيها الاعتراض لهيئة التحكيم ثم لتقدير المحكمة التي تنظر دعوى بطلان حكم التحكيم بعد صدوره، والنص في المادة الثانية والعشرون- من ذات القانون- في فقرتيها الأولى والثانية على أنه: 1- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع. 2- يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعي عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة 30 من هذا القانون التي جرى نصها على أن "يرسل المدعى عليه خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعي وكل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه ردا على ما جاء ببيان الدعوى ...."، وإذ جرت قواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي السارية اعتبارا من الأول من مارس 2011 في مادتها الرابعة بفقرتيها الأولى والثانية على أنه "1- يودع المدعى عليه لدى المركز ردا على إخطار التحكيم خلال 30 يوما من تاريخ استلام إخطار التحكيم .... 2- يجوز أن يشتمل الرد على إخطار التحكيم أيضا على ما يلي أ- أي دفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم المزمع تشكيلها طبقا للقواعد ...." والنص في المادة الثالثة والعشرين- من ذات القواعد- بفقرتيها الأولى والثانية على أن "1- تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق التحكيم أو بطلانه .... 2- يقدم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في ميعاد لا يتجاوز تقديم بيان الدفاع أو في ميعاد لا يتجاوز تقديم الرد على الطلبات المقابلة ..." وكذا النص في المادة الثانية والثلاثين منها على أنه "إذا لم يبادر أي طرف بالاعتراض على أي مخالفة لهذه القواعد أو لأي شرط في اتفاق التحكيم، يعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض، وذلك ما لم يقدم هذا الطرف ما يثبت أن عدم قيامه بالاعتراض كان له ما يبرره في ظل الظروف القائمة"، وإذ أنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أن سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه يعد قبولا ضمنيا بصحة الإجراء، وأنه إذا استمر أحد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولا منه عن حقه في الاعتراض، وكذا من المقرر– في قضاء هذه المحكمة– أنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطئوا عندما اجتهدوا لأنهم– حتى لو أخطئوا– فإن خطأهم لا ينهض سببا لإبطال حكمهم، إذ إن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف، لما كان ذلك، وكان التحكيم وهو طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وإذا كان اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع المعروض عليها يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب ولاية جهات القضاء، إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها، وهو ما أكدته قواعد الأونسيترال (UNCITRAL) (لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بصيغتها المنقحة في عام 2010) في مادتها (4) التي يجرى نصها بأن: 1- يرسل المدعى عليه إلى المدعي، وفي غضون 30 يوما من تاريخ تسلم الإشعار بالتحكيم، ردا على ذلك الإشعار يتضمن ما يلي: 1- ..... 2- يجوز أن يتضمن الرد على الإشعار بالتحكيم أيضا على ما يلي (أ) أي دفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم التي ستشكل بمقتضى هذه القواعد ......". وفي المادة (23) في فقرتيها الأولى والثانية على أن "1- تكون لهيئة التحكيم صلاحية البت في اختصاصها، بما في ذلك أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو صحته .... 2- يقدم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في موعد أقصاه وقت تضمينه في بيان الدفاع .....". وبمادتها (32) "يعتبر تقصير أي طرف في المسارعة إلى الاعتراض على أي مخالفة لهذه القواعد أو لأي شرط في اتفاق التحكيم تنازلا عن حق ذلك الطرف في تقديم ذلك الاعتراض، ما لم يكن بمقدور ذلك الطرف أن يثبت أن تخلفه عن الاعتراض في الظرف القائم، كان له ما يبرره"، وإذ ثبت بالأوراق تضمن "محضر الاتفاق ومخالصة" المؤرخ 30/ 6/ 2011 بمادته السادسة شرط اللجوء للتحكيم طبقا لأحكام القانون المصري وقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وأن المطعون ضده "المحتكم ضده" أقام الدعوى رقم .... لسنة 6ق اقتصادية استئنافية القاهرة للمطالبة ببنود ذلك الاتفاق، ودفعها الطاعن "المحتكم" بوجود شرط التحكيم، وقضى فيها بجلسة 11/ 11/ 2014 بعدم قبول الدعوى لوجود هذا الشرط، وإذ أصبح هذا الحكم باتا بجلسة 1/ 3/ 2017، فأقام الطاعن "المحتكم" دعواه التحكيمية رقم ..... لسنة 2016 أمام المركز المار ذكره، وبجلسة 29/ 7/ 2017 دفع الحاضر مع المطعون ضده "المحتكم ضده" بسقوط شرط التحكيم وعدم اختصاص مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وكان هذا الدفع من جانب المطعون ضده "المحتكم ضده"– وقد احتكم الطرفان إلى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وقبلا قواعده– قد ورد بعد المواعيد المقررة في قواعد المركز وفقا لأحكام المواد 4/ 2،1، 23/ 2،1، 32 منه المؤيدة بأحكام مواد الأونسيترال أرقام 4/ 1، 2، 23/ 2،1، 32 على النحو السالف بيانه فإنه يكونه حريا بالرفض، وإذ قضت هيئة التحكيم بجلسة 7/ 12/ 2017- دون النص على ذلك في منطوق حكمها– برفض الدفع على سند من عجز المطعون ضده "المحتكم ضده" عن إثبات تنازل المحتكم عن شرط التحكيم سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا، ومضت في نظره وفصلت في الدعوى التحكيمية على سند من ذلك، فإن حكمها يكون قد صادف صحيح القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر قاضيا ببطلان حكم التحكيم لسقوط شرطه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه- ولما تقدم- يتعين القضاء في دعوى البطلان رقم ..... لسنة 135ق استئناف القاهرة– مأمورية استئناف الجيزة– برفضها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق