برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ ربيع عبد المعطي أحمد الشبراوي نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح أحمد السيد هلال، ود. محمد عبد الرحمن القفطي، وعاطف محمود أحمد خليل، ود. محمود سلامة خليل السيد نواب رئيس مجلس الدولة
-------------
1 - قرار إداري.
دعوى الإلغاء- ميعاد رفعها- أثر المسلك الإيجابي للجهة الإدارية عند بحث التظلم في قطع الميعاد- إذا تظلم ذو الشأن من القرار المطعون فيه في الميعاد المقرر, فأعيد بحث الموضوع من قِبل جهة الإدارة, فإنها تكون قد سلكت مسلكًا إيجابيًا نحو تظلمه، وهذا من شأنه أن يقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء حتى إتمام بحث التظلم والرد عليه- العبرة في ذلك هي بالموقف النهائي للإدارة في بحث الموضوع, حتى ولو تعددت التظلمات, مادام أنها قدمت في الميعاد, وأعيد بحث الموضوع من جديد.
2 - مساكن.
إسكان الشباب- قواعد تخصيص وحدة سكنية- المقصود بشرط عدم حيازة وحدة سكنية أخرى في مجال استحقاق تخصيص وحدة سكنية في مشروعات الإسكان التي تقيمها الدولة, هو الحيازة القانونية التي تستند إلى سبب قانوني, يُتيح لها دوام الانتفاع بالسكن, واستمراره على وفق إرادة المنتفع وحده، وذلك كالحيازة المستندة إلى ملكية الوحدة, ومثلها عقود الإيجار غير محددة المدة (الإيجار القديم)- ليس المقصود بذلك مجرد الإقامة في مسكن مستقل، ما دامت هذه الإقامة على سبيل الانتفاع المؤقت, إما لكونها دون سند قانوني, مثل الاستضافة, أو لسندٍ مؤقت, مثل عقد الإيجار محدَّد المدة، أو لمشاركة آخرين في ملكية الوحدة على المشاع, كما في حالات الإرث.
3 - مساكن.
إسكان الشباب- قواعد تخصيص وحدة سكنية- التحريات التي تجريها الجهة الإدارية, وهي بصدد تخصيص المساكن للمواطنين, أو إلغاء هذا التخصيص, لا تعدو أن تكون مجرد معلومات, ومن ثم لا يسوغ الاعتماد عليها وحدها في تحديد المراكز القانونية لذوي الشأن، فلا تكفي وحدها لإثبات توفر شروط الاستحقاق من عدمه، بل يجب أن تكون مقرونة بالدليل الموثق.
----------------
الوقائع
في يوم الخميس الموافق 17/6/2010 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقريرًا بالطعن، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة الثانية) بجلسة 9/5/2010 في الدعوى رقم 37589 لسنة 60ق، الذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلا، وبإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن -للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة السادسة (فحص طعون) على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم أحالته إلى الدائرة السادسة (موضوع) حيث جرى نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم, وبها أعيد الطعن للمرافعة للجلسة نفسها لتغير تشكيل هيئة المحكمة، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه المقررة قانونًا.
وحيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده سبق وأقام الدعوى رقم 37589 لسنة 60ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة -الدائرة الثانية- بتاريخ 15/8/2006 طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر عن الجهة الإدارية برفض تخصيص وحدة سكنية له بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بمدينة القاهرة الجديدة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحًا للدعوى: إنه تقدم لحجز وحدة سكنية بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بمدينة القاهرة الجديدة مشفوعًا بالمستندات المطلوبة، إلا أنه فوجئ برفض طلبه، استنادًا إلى ما انتهت إليه التحريات من حيازته لسكن خاص، وذلك خلافًا للواقع, لكونه لا يمتلك أي سكن خاص ويقيم طرف والديه، ونتيجة لرفض تظلمه فقد لجأ إلى لجنة فض التظلمات التي أوصت بتاريخ 21/6/2006 بأحقيته في الحصول على الوحدة السكنية، إلا أن هذه التوصية لم تلق قبولا لدى الجهة الإدارية، مما حداه على إقامة دعواه بطلباته المذكورة سالفًا.
وبجلسة 9/5/2010 صدر الحكم المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن هيئة المجتمعات العمرانية رفضت طلب المدعي على سند من أنه حائز لمسكن مستقل خاص بمنزل والده بمحافظة المنيا، ولما كانت الأوراق قد خلت من أي مستند يفيد هذه الحيازة، واستنادها إلى سبب قانوني، بأن تكون بناء على عقد من العقود القانونية أو التصرفات المنتجة للحيازة، وإذ انتفى هذا السبب عنها بأن كانت على سبيل التسامح أو المجاملة أو الاستضافة انتفى عنها الاستقرار، وصارت بلا سند قانوني يحميها، ومن ثم لا يعول عليها كسبب مانع من الحصول على الوحدة السكنية, مما يضحى معه القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من القانون، حريًا بالإلغاء.
وحيث إن الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله, وذلك لأن المطعون ضده أقر باستمارة الحجز أنه لا يحوز وحدة سكنية باسمه أو باسم أحد أفراد أسرته، وأثبت باستمارة الحجز أن عنوانه المقيم به هو... سكن مستقل، وبالاستعلام عن هذا العنوان, تبين أنه عقار ملك والده, وأن العقار به شقة للمطعون ضده، وعلى إثر ذلك انتهت لجنة الاستعلام إلى عدم أحقية المذكور لوحدة سكنية, لعدم توفر شروط الحجز, ولعدم صحة البيانات المدونة باستمارة الحجز
وحيث إن الثابت من الأوراق المقدمة من الهيئة الطاعنة أن المطعون ضده كان ضمن الحاجزين لوحدة سكنية بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب بمدينة القاهرة الجديدة, بمساحة 100 متر, باستمارة الحجز رقم 2708 حجز عام 2005، وأن اللجنة رقم 2/2/19 انتهت في يناير 2006 إلى أنه غير مستحق, بسبب حيازة سكن مستقل بعقار ملك والد الحاجز، وأن المطعون ضده تظلم من ذلك في 3/1/2006 بالتظلم رقم 24681, حيث عُرض على لجنة التظلمات التي قررت بجلستها المنعقدة في 29/1/2006 إعادة الاستعلام، وتم عرض إعادة الاستعلام على لجنة التظلمات والتي رفضته بجلسة 16/2/2006.
وبتاريخ 6/3/2006 تقدم المذكور بالتماس, تم عرضه على لجنة التظلمات, والتي قررت إعادة الاستعلام، وبعرض نتيجة إعادة الاستعلام على اللجنة, قررت بجلستها المنعقدة بتاريخ 22/3/2006 رفض الالتماس المقدم منه للأسباب نفسها (وجود سكن مستقل)، وقد خلت الأوراق من دليل يفيد إعلان المطعون ضده بقرار رفض الالتماس الصادر في 22/3/2006.
وبتاريخ 3/5/2006 لجأ المطعون ضده إلى لجنة التوفيق في المنازعات, بالطلب رقم 117 لسنة 2006, وانتهت اللجنة في 21/6/2006 إلى التوصية بأحقية الطالب في الوحدة السكنية، ولم تجادل الجهة الإدارية في ذلك، وإزاء رفض الجهة الإدارية للتوصية المذكورة, أقام المطعون ضده دعواه أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15/8/2006، ومن ثم تكون مقامة خلال الميعاد المقرر قانونًا، وذلك باعتبار أن تظلم صاحب الشأن من القرار المطعون فيه تمَّ في الميعاد المقرَّر, فأعيد بحث الموضوع من قبل جهة الإدارة, فإنها تكون قد سلكت مسلكًا إيجابيًّا نحو تظلمه، وهذا من شأنه أن يقطع سريان ميعاد الطعن بالإلغاء في القرار الإداري, حتى إتمام بحث التظلم والرد عليه (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 5/12/2007 في الطعن رقم 8883 لسنة 47ق.ع- مجموعة مبادئ المحكمة في السنة 53 مكتب فني- ج/1- المبدأ رقم 39- ص280, وبذات المعنى حكمها بجلسة 18/1/2012 في الطعن رقم 33765 لسنة 55ق.ع), وأن العبرة في ذلك هي بالموقف النهائي للجهة الإدارية في بحث الموضوع, حتى لو تعددت التظلمات, مادام أنها قدمت في الميعاد, وأعادت الجهة الإدارية بحث الموضوع من جديد، إذ لا مصلحة للمدعي في المسارعة إلى الطعن القضائي, مادامت الجهة الإدارية مازالت تبحث الموضوع, ويمكن أن تجيبه إلى طلبه، خاصة أن هذا يخفف العبء عن أثقال كاهل القضاء بدعاوى لا طائل من ورائها, ويرحم المدعي من مصروفات التقاضي التي قد يكون في أمس الحاجة إليها (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/5/2013 في الطعن رقم 27755 لسنة 54ق.ع), ومن ثم يتعين رفض الدفع المبدى في هذا الشأن من الجهة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلا.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن كراسة الشروط الخاصة بتملك الوحدات السكنية بمشروع مبارك القومي لإسكان الشباب اشترطت لأحقية التخصيص الشروط الآتية:
1- أن يكون مقدم الطلب مصري الجنسية.
2- ألا يقل سنه عن 23 سنة ولا يزيد على 35 سنة.
3- أن يكون غير حائز لوحدة سكنية باسمه أو باسم أحد أفراد أسرته.
4- ألا يمتلك أرضًا سكنية باسمه أو باسم أحد أفراد أسرته.
كما حددت كراسة الشروط الحالات التي يُلغى فيها التخصيص وهي:
1- عدم صحة البيانات الواردة بالاستمارة عند تقديمها.
2- استخدام الوحدة في غير أغراض السكن.
3- التصرف في الوحدة, سواء بالإيجار أو البيع أو التنازل, قبل مرور عشر سنوات من تاريخ التسلم, أو سداد كامل القيمة, أيهما لاحق.
4- ثبوت تخصيص أو حيازة وحدة سكنية أخرى.
وحيث إنه من المقرر أن المقصود بحيازة وحدة سكنية في مجال استحقاق تخصيص وحدة سكنية في مشروعات الإسكان التي تقيمها الدولة, هو الحيازة القانونية التي تستند إلى سبب قانوني يتيح لها دوام الانتفاع بالسكن واستمراره على وفق إرادة المنتفع وحده, مثل الحيازة المستندة إلى ملكية الوحدة, ومثلها عقود الإيجار غير محددة المدة (الإيجار القديم)، وليس المقصود البتة هو مجرد الإقامة في مسكن مستقل، إذ لا شك أن طالب التخصيص المتزوج يقيم في وحدة سكنية، لكنه انتفاع مؤقت, إما لكونه دون سندٍ قانوني مثل الاستضافة, أو بسندٍ مؤقت مثل عقود الإيجار محدَّدة المدة، أو لأن آخرين يشاركونه ملكية الوحدة على المشاع كما في حالات الميراث، والقول بغير ذلك يعرض الأسر المصرية الناشئة لعدم الاستقرار ولظروف وتقلبات الحياة وربما عرضها للانهيار في حالة فقد السكن المؤقت. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 28/3/2012 في الطعن رقم 16399 لسنة 55 ق.ع، وبذات المعنى حكمها بجلسة 22/5/2013 في الطعن رقم 27755 لسنة 54 ق.ع، وبجلسة 23/10/2013 في الطعن رقم 9679 لسنة 56 ق.ع).
كما أنه من المقرر أن التحريات التي تجريها الجهة الإدارية وهي بصدد تخصيص المساكن للمواطنين أو إلغاء هذا التخصيص لا تعدو أن تكون مجرد معلومات تفتقر إلى الدليل المؤيد لصحتها، ومن ثم لا يسوغ الاعتماد عليها وحدها في تحديد المراكز القانونية لذوى الشأن (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 5/6/2004 في الطعن رقم 5835 لسنة 47 ق.ع), أي إن التحريات وحدها لا تكفي لإثبات توفر شروط الاستحقاق من عدمه، بل يجب أن تكون مقرونةً بالدليلِ الموثَّقِ على ذلك. (حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 27/4/2011 في الطعن رقم 36150 لسنة 52ق.ع).
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة الطاعنة استبعدت المطعون ضده من التخصيص بسبب حيازته لسكن مستقل بجوار منزل والديه.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على التحريات التي أجرتها الجهة الإدارية في 31/12/2005 و8/2/2006 وفي شهر مارس 2006, أنه ورد بها أن المطعون ضده له شقة مستقلة دور واحد مساحتها 41,81 مترًا بالطوب الأحمر والمسلح بجوار منزل والده بقرية دير سمالوط بمحافظة المنيا, وأن جميع الجيران أكدوا أن الشقة تخصه ومغلقة, وأن المذكور وزوجته وابنته يقيمون بالقاهرة ويترددون على الشقة المذكورة في الإجازات، وأن منزل والده عبارة عن صالة بها حجرة استقبال ضيوف+ حجرة لأشقاء الحاجز وحجرة للوالد والوالدة وحجرة بها خزين ومن الداخل يوجد عدة أحواش للمواشي وحمام وحجرة للفرن البلدي والسلم فقط.
وحيث إن الهيئة الطاعنة لم تقدم ما يفيد ملكية المطعون ضده للشقة المذكورة بموجب تصرف قانوني ناقل للملكية، بل إن التحريات التي قدمتها الهيئة الطاعنة وإن كانت قد أشارت إلى أن الشقة المذكورة مخصصة للمطعون ضده, إلا أنها لم تشر البتة إلى ملكيته لها.
كما أن الثابت من المستندات المقدمة بحافظة مستندات المطعون ضده أمام محكمة أول درجة بجلسة 22/3/2007 أن المالك لمنزل العائلة والشقة المذكورة هو والد المطعون ضده، وأن هذه الشقة صغيرة المساحة 41,81 مترًا مخصصة للعائلة كلها, خاصة أن المطعون ضده أشار إلى أن له ثمانية أشقاء ومخصص لهم حجرة واحدة فقط في منزل العائلة الأصلي -وهو ما لم تجحده الجهة الإدارية-، كما أن الجهة الإدارية لم تشر إلى حيازة المطعون ضده للشقة المذكورة بموجب سند قانوني يتيح له الانتفاع بها على الدوام، بل الظاهر من الأوراق أنها مجرد استضافة مؤقتة على النحو الذي جرت به عادات المصريين في الأرياف، ومن ثم لا يوجد ما يثبت على نحو قاطع أن المطعون ضده يحوز وحدة سكنية مستقلة باسمه؛ بحسبان أن الحيازة المعول عليها في هذا الشأن هي الحيازة المنفردة المستقرة التي لا يشارك الحائز فيها أحد غيره, وتكون مستندة على سبب قانوني يحميها على الدوام، ومن ثم فإن ما استندت إليه الهيئة الطاعنة لا يصلح سببًا لحرمان المطعون ضده من الحصول على وحدة سكنية بالمشروع المذكور، وهو ما تقضي معه المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى النتيجة نفسها, فإنه يكون قد صادف صحيح القانون، مما تقضي معه المحكمة برفض الطعن المعروض، وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا، وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق