الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 نوفمبر 2020

الطعن 22909 لسنة 85 ق جلسة 10 / 1 / 2016 مكتب فني 67 ق 9 ص 78

 جلسة 10 من يناير سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / فرغلي زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبد العال ، هاشم النوبي ، توفيق سليم وأيمن شعيب نواب رئيس المحكمة .
-----------

(9)

الطعن رقم 22909 لسنة 85 القضائية

(1) قتل عمد . سلاح . ذخائر . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى واستعراض الأدلة على نحو كافٍ يحقق حكم القانون . لا قصور .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة نارية وبيضاء وذخائر بدون ترخيص واستعراض القوة والعنف .

(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة وحد وأساس ذلك ؟

مثال .

(3) إثبات " شهود ". حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . مادامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .

مثال .

(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟

تناقض أقوال الشهود أو اختلافهم في بعض التفصيلات التي يوردها الحكم . لا يعيبه . شرط ذلك ؟

منازعة الطاعنين في صورة الواقعة وتشكيكهم في أقوال الشهود التي اطمأنت إليها المحكمة ورميها بالتناقض دون بيانهم وجهه . جدل موضوعي غير جائز أمام النقض .

(5) قتل عمد . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        مثال لتدليل سائغ على توافر نية القتل في جريمة قتل عمد .

(6) قتل عمد . سبق إصرار . ظروف مشددة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . استخلاصه . موضوعي . حد ذلك ؟

مثال لتدليل سائغ على توافر ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد .

(7) قتل عمد . سبق إصرار . فاعل أصلي . اتفاق . مسئولية جنائية . إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إثبات الحكم سبق إصرار الطاعنين على ارتكاب جريمة القتل العمد وفقاً للمادة 39 عقوبات . أثره ؟

تدليل الحكم على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وأن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها . انتهاؤه إلى ترتيب التضامن في المسئولية واعتبارهم فاعلين أصليين . صحيح .

(8) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

    إثبات الحكم اعتداء المتهم على المجني عليه . أثره : انتفاء حالة الدفاع الشرعي.

        تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . شرط ذلك ؟

        مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي .

(9) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده ؟

النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .

مثال .

(10) سبق إصرار . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

        إثبات الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار . أثره : انتفاء موجب الدفاع الشرعي. علة ذلك ؟

(11) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . علة ذلك ؟

مثال .

(12) إثبات " خبرة " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .

اطراح الحكم الدفع بتناقض الدليلين القولي والفني برد سائغ يستقيم به اطراحه . لا عيب .

(13) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        إثارة الطاعنين دفاعهم الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .

        مثال .

(14) استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

للمحكمة أن تعوَّل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . شرط ذلك؟

نعي الطاعنين بشأن اطراح الحكم دفعهم بعدم جدية التحريات اطمئناناً لصحتها ومطابقتها للأدلة القولية والفنية . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض .

 (15) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .

لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي . مادامت لا تثق فيها . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .

(16) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

 النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .

مثال .

 (17) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " .

الدفع بعدم ارتكاب الواقعة وعدم الوجود على مسرح الحادث . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة .

(18) قتل عمد . بلطجة . سلاح . ذخائر . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق .

إثبات الجرائم باختلاف أنواعها ومنها جرائم القتل العمد وإحراز أسلحة نارية وذخائرها والبلطجة . بكافة الطرق القانونية . حد ذلك ؟

آلة القتل . ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجرائم القتل العمد وإحراز أسلحة نارية وذخائرها والبلطجة .

(19) استجواب . إجراءات " إجراءات المحاكمة " " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قانون " تفسيره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        نعي الطاعن بعدم سؤاله بالتحقيقات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز.

للنيابة العامة . استثناءً إجراء التحقيق في غيبة المتهم . أثر ذلك : حقه في التمسك لدى محكمة الموضوع بالعيب أو النقص في التحقيق والذي يخضع لتقديرها .

المادة 274 إجراءات جنائية . مفادها ؟

نعي الطاعن بإخلال المحكمة بحقه في الدفاع لعدم استجوابها له في التهمة المسندة إليه . غير مقبول . مادام لم يطلب منها ذلك .

(20) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه .

نعي الطاعنين بخلو محضر جلسة المحاكمة من وقائع أو دفاع المتهمين دون الكشف عن ماهيتها. غير مقبول .

(21) محضر الجلسة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الطاعن كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟

مثال .

(22) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قضاة " صلاحيتهم " .

        الانتقام والرغبة في الإدانة . مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره . تقدير الإدانة . متروك له .

(23) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة النقض . غير جائز .

(24) عقوبة " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " " عقوبة الجرائم المرتبطة " . مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .

     المادة 375 مكرراً (أ)/4 عقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 . مؤداها ؟

     العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون العقوبات التكميلية . علة ذلك ؟

      إغفال الحكم القضاء بوضع الطاعنين تحت مراقبة الشرطة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . ما دام الطعن منهما دون النيابة العامة . علة وأساس ذلك ؟

(25) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها أو بالميعاد المحدد بالمادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 . علة وأثر ذلك ؟

(26) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .

الحكم الصادر بالإعدام وفقاً للمادة 381 إجراءات . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه ولخلافات سابقة بين المجنى عليه .... وخاله المتهم الأول .... وابنيه المتهمين الثاني والثالث .... و .... بسبب العمل في أحد الجراجات استمرت المشاحنات بينهما على أثره وامتلأت نفوسهم بالضغينة نحوه فسولت لهم أنفسهم أمراً جللاً وآتوا شيئاً نكراً إذ طلب المتهم الأول من الثاني والثالث " ابنيه " أن يقتلاه فاستجابا لطلبه الحرام وأعد ثلاثتهم العدة لتنفيذ مأربهم فجهز الأب سلاحاً أبيض " سنجة " بينما جهز كل من الاثنين المتهمين الثاني والثالث سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " وسلاحاً أبيض " سنجة " وتوجهوا إليه عند المقهى الذي كان يجلس عليه الذي يعمل به الشاهد الأول وما أن رآهم حتى أوجس منهم خيفة ولاذ بالفرار زعراً لكنهم لاحقوه بأسلحتهم وقام المتهم الثاني بإطلاق عيار ناري عليه لم يصبه فعاجله بآخر قاصداً قتله فأصابه وسقط على إثره ثم أخرج سلاحاً أبيض وأخذ يطعنه في وجهه وفي مختلف جسمه ثم والى كل من المتهمين الأول والثالث الاعتداء إذ قام الثالث بإطلاق عيار ناري عليه في صدره قاصداً قتله يقيناً وألَّا يتركه إلَّا جثة هامدة وسط دهشة الحاضرين وعجزهم عن الدفاع عنه ، حتى تقدم الشاهد .... إليهم وطلب منهم الكف عن ذلك الاعتداء مقرراً لهم أنه مات بالفعل لكن المتهم الأول أخرج السلاح الأبيض الذي كان بيده وطعنه به في وجهه ورقبته فلم يرحم ضعفه ولا توسلات الحاضرين الشهود بالكف عن ذلك ولم يأبه لما أمر الله به من وصل برحم ولم يكترث لقوله تعالى [ فهل عسيتهم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ] ( سورة محمد - الآية 52 ) فأخذ يضرب ابن أخته بلا لين ولا هوادة مستعيناً في ذلك بولديه المتهمين الثاني والثالث اللذين لم يحسن تربيتهما فرباهما على الشر والضغينة والانتقام وقطع الرحم ولم يتوقفوا عن الاعتداء إلَّا حين ألقى عليهم الشاهد الثاني " مكتباً حديدياً " حال بينهم وبين المجنى عليه ثم انصرفوا صائحين بأنهم قتلوه فخورين بما زين لهم الشيطان من سوء أعمالهم ثم قام الشاهد المذكور بنقل المجنى عليه لمستشفى .... لمحاولة إسعافه ، بيد أنه كان قد لفظ أنفاسه وفاضت روحه فوصل ميتاً ، وقد أكدت التحريات صحة هذه الواقعة كما رواها الشهود " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما أورده تقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام والإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .

2- لما كان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ؛ لأن فيما أوردته منها وعوَّلت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به - مادام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرّفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصَّل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعى الطاعنون في طعنهم - أو يحرّفها عن مواضعها - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد يكون في غير محله .

3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، مادامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن أقوال الشاهدين الأول والثاني متفقة في جملتها ، وكان الطاعنون لا يجادلون في ذلك ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون في غير محله .

4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشاهدتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشهود أو اختلافهم في بعض التفصيلات التي يوردها الحكم لا يعيبه ؛ ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها ، ولما كانت المحكمة قد بيَّنت في حكمها وقائع الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تصوير الطاعن الأول ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة وتشكيك في أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة وتقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن الطاعنين لم يكشفوا بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود والتضارب فيها ، بل ساقوا قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون غير مقبول .

5- لما كان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله : " وحيث إنه بالنسبة للدفع بانتفاء نية القتل لدى المتهمين الأول والثالث فلما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . لما كان ذلك ، وكان الثابت للمحكمة من أقوال الشاهدين .... الذي كان يجلس مع المجنى عليه قبيل الواقعة على المقهى و.... أن المتهمين حضروا إلى المجنى عليه ومدججين بأسلحتهم النارية والبيضاء إذ كان يحمل كل من الثاني والثالث سلاحاً نارياً وكان الأول يحمل سلاحاً أبيض وقد أعدوا عدتهم وقرروا قتله وما أن رآهم المجنى عليه حتى فر هارباً منهم لكنهم لاحقوه وسط صيحات المتهم الأول قائلاً ( موتوه ) فأطلق الثاني عليه عياراً تلو الآخر حتى سقط أرضاً فأجهز الثلاثة عليه كالوحوش الكاسرة فقام الأخير والثاني بإخراج سلاحه الأبيض وطعنه به في رأسه كأنما يقوم بتكسير دماغه ( على حد قول الشاهد الثاني ) ثم قام الثالث بإطلاق النار عليه وهو مضرج في دمائه واختتم المتهم الأول هذا العمل الإجرامي بأن شق وجهه الأيمن بسلاح أبيض إمعاناً في قتله وإزهاق روحه ، وكان الشهود قد قرروا في شهادتهم أن المتهمين كانوا يضربون المجنى عليه بوحشية بالغة وهددوا بالقتل كل من يقترب منهم أو يدافع عن المجنى عليه ولم يتركوه إلَّا جثة هامدة وانصرفوا مفاخرين بقتل المجنى عليه ، وكان الثابت من تقرير الصفة التشريحية أن بالمجنى عليه عدة جروح دائرية بمقدم الصدر أعلى مقدم العضد وظاهر اليد اليسرى ويمين الوجه ( طوله خمسة عشر سنتيمتراً ) ممتد من شحمة الإذن حتى أعلى الزاوية اليمنى للفم وجروح أخرى بخلفية فروة الرأس وأعلى منتصف الشفة وأعلى الساق اليمنى واليسرى وبضعة جروح بأوضاع مختلفة وأطوال يتراوح من سنتيمترين واثنى عشر سنتيمترا ًوأن وفاة المجنى عليه تُعزى إلى الإصابات النارية وما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين لذلك ومن جميع ما تقدم من وجود خلافات بين المجنى عليه والمتهمين وتعدد الإصابات التي زادت عن خمس عشرة إصابة بعضها ناري وبعضها بسلاح أبيض وقد وقعت من المتهمين عليه في مقتل وصوبت من سلاح قاتل بطبيعته وتعدد الأسلحة على النحو المذكور وحيلولة المتهمين بين الحاضرين وبين الدفاع عن المجنى عليه وتهديدهم من يقترب بالقتل وصياح المتهم الأول وتحفيزه المتهمين الثاني والثالث بقوله ( موتوه ) أن نية القتل قد توافرت لديهم وتكون المجادلة في ذلك من قِبل الدفاع قد جاءت على غير أساس سليم " . فإن ما ساقه الحكم سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون ، ويكون نعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد .

6- لما كان الحكم قد دلَّل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بعد أن أورد تقرير قانوني بقوله : " وكان الثابت من ظروف الدعوى وملابساتها وأقوال الشهود وما أكدته التحريات أن خِلافات كانت قائمة بين المجنى عليه والمتهمين تحرر عنها عدة محاضر وآخرها خلافهما حول منع المجنى عليه من العمل معهم بالجراج الذي يعملون به وإصراره على ذلك وهو ما قرره المتهم الأول وأنهم كانوا دائمي التشاجر إلى أن حان الحين وحل الوقت الذي قرر التخلص منه بقتله فاتفق مع ابنيه ( المتهم الثاني والثالث ) على ذلك وأعدوا جميعاً عدتهم في هدوء وروية وجهزوا أسلحتهم النارية والبيضاء وتوجهوا إليه في المقهى الذي كان يجلس عليه ثم قتلوه على نحو ما تقدم ، مفاد ذلك أنهم كان لديهم الفسحة الكافية من الوقت للتفكير الهادئ والتخطيط لتنفيذ جريمتهم النكراء ولم يكن عملهم وليد اندفاع أو ثورة أو صياح لحظي ، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن سبق الإصرار قد توافر لدى المتهمين جميعاً ويكون ما تساند عليه الدفاع في نفي ذلك غير سديد " ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة ، وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ،مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، فإن ما أورده الحكم مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين ، ويكون نعيهم على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .

7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات ، وفضلاً عن هذا فإن ما انتهى إليه الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على القتل ، من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة للقتل ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصلين لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار يكون سديداً .

8- لما كان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بعد أن أورد تقريرات قانونية في قوله : " وكان الثابت من أقوال الشهود وما أكدته التحريات أن المتهمين توجهوا إلى المجنى عليه بالمكان الذي أيقنوا وجوده به - مقهى الشاهد الأول - حاملين أسلحتهم النارية والبيضاء ففر منهم لما خافهم فلاحقوه وظلوا يعتدون عليه حتى أردوه قتيلاً ، لذلك فإن القول بوقوع مشاجرة وأن المتهم الأول كان في حالة دفاع شرعي هو محض جدل وافتراء ولا ظل له بالأوراق مما يكون الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي قد جاء على غير أساس سديد " . وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ؛ ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر ، متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ، فمتى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .

9- لما كان لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن الأول ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر ، لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ، ومن ثم فإن نعى الطاعن الأول على الحكم إغفاله إصابته لا يكون له محل . كما أن البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر في دفاعه شيئاً عن إصابته وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها ، فإنه ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن يكون على غير أساس .

10- من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار عليها - وهو ما أثبته الحكم بغير معقب - انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه .

11- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن الأول للتدليل على إصابته وقيام حالة الدفاع الشرعي في حقه يكون غير مقبول .

12- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق ، ولما كان الحكم قد دان الطاعنين بقتل المجنى عليه عمداً استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية ، وكان مؤدى أقوال الشهود - حسبما حصَّلها الحكم - هي أن الطاعن الثاني أطلق عياراً نارياً على المجنى عليه من فرد خرطوش أثناء عدوه فأصابه وسقط أرضاً ووالى الطاعنون الثلاثة الاعتداء عليه بأسلحة بيضاء في مواضع متعددة ومتفرقة بجسده بالوجه والظهر والساقين وأطلق الطاعن الثالث عياراً نارياً من فرد خرطوش أصاب المجنى عليه في صدره ، وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية تضمن أن وفاة المجنى عليه ترجع إلى إصابته النارية الرشية بالصدر لما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين وانتهت بالوفاة وأن باقي الإصابات جروح قطعية مختلفة ، فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثير من دفاع في هذا الشأن واطرحه برد كاف سائغ له أصله الثابت في الأوراق مما لا نزاع فيه ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون سديداً .

13- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يدفع الاتهام بما يثيرونه في طعنهم من أن الشهود قرروا أن الضارب كان من خلف المجنى عليه في حين أن الإصابة كانت من الأمام ، وكان هذا الأمر الذي ينازع فيه الطاعنون لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يسوغ لهم إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض .

14- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات اطمئناناً إلى صحتها ومطابقتها للأدلة القولية والفنية ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، مادامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

15- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ، مادامت لم تستند إليها وأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .

16- لما كان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يثيره الطاعنون في أسباب طعنهم من أوجه دفاع موضوعية تتعلق سواء بشيوع الاتهام أو بتلفيقه أو بكيديته ، فإنه ليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

17- لما كان الدفع بعدم ارتكاب الواقعة وعدم الوجود على مسرح الحادث من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب - في الأصل - من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة بحكمها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس .

18- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق . وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلَّا ما استثنى بنص خاص - جائزاً إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البيِّنة وقرائن الأحوال وأن جرائم القتل العمد وإحراز أسلحة نارية وذخائرها وأسلحة بيضاء والبلطجة التي دين الطاعنين بها لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، ومن ثم فإن الحكم إذ استدل على نسبة هذه الجرائم للطاعنين من أقوال شهود الإثبات الذين قرروا بأن الطاعنين قتلوا المجنى عليه بإطلاق أعيرة نارية صوبه من سلاحين ناريين " فردين خرطوش " وباعتدائهم عليه بأسلحة بيضاء في مواضع متفرقة بجسده وبما أثبته تقرير الطب الشرعي من أن السلاح الناري المضبوط فرد خرطوش عيار 16 مم وصالح للاستعمال وأن الإصابة التي أودت بحياة المجنى عليه جائزة الحدوث من مثله ، فإن استدلاله يكون سائغاً ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه ، ولا يقدح في سلامة استدلال الحكم عدم ضبط أية أسلحة نارية أو بيضاء مع الطاعنين - خلاف السلاح الناري المضبوط بسطح العقار الذي يقيم به الطاعنين والذي أقر الطاعن الأول لضابط الواقعة أنه أطلق منه عياراً نارياً على المجنى عليه – ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أنهم كانوا محرزين لسلاحين ناريين وأسلحة بيضاء حال ارتكابهم الواقعة . وكان من المقرر أن آلة القتل ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم .

19- لما كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه قد أثار أي منهما بعدم سؤاله بالتحقيقات فلا يقبل طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض . ومع ذلك فإنه وإن كان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذي تجريه النيابة في تهمة موجهة إليه ، إلَّا أن القانون قد أعطى للنيابة استثناء من هذه القاعدة حق إجراء التحقيق في غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهى على بينة من أمرها ، كما أن المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه " لا يجوز استجواب المتهم إلَّا إذا قبل ذلك " قد أفادت بأن الاستجواب بما يعنيه من مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً أو نفياً أثناء نظرها سواء أكان ذلك من المحكمة أو من الخصوم أو المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة - لا يصح إلَّا بناءً على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يطلب إلى المحكمة استجوابه فيما نسب إليه بل اقتصر على إنكار التهمة عند سؤاله عنها وهو لا يدعى في طعنه بأن المحكمة منعته من إبداء ما يلزم من أقوال أو دفاع ، فإن ما ينعاه على الحكم من إخلال بحق الدفاع بقالة أن المحكمة لم تقم من تلقاء نفسها باستجوابه في التهمة المسندة إليه يكون غير سديد .

20- لما كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه ، وكان الطاعنون لم يكشفوا بأسباب الطعن عن ماهية وقائع المتهمين التي خلا منها محضر جلسة المحاكمة .

21- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل إقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم . وكان البيِّن من جلسات المرافعة أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعنين من مصادرة حقهما في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنت المدافع عنهم من إبداء دفاعهم كاملاً بما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع ويكون هذا الزعم غير قويم .

22- لما كانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليهم كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصلح أن يبنى عليه وجه الطعن .

23- لما كان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع . ولا يجوز مجادلتها فيه لدى محكمة النقض .

24- لما كانت المادة 375 مكرراً (أ)/4 من قانون العقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 نصت على أنه " ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساويه لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين " ، ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها في المادة 375 مكرراً (أ)/4 من قانون العقوبات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بوضع الطاعنين الثاني والثالث تحت مراقبة الشرطة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلَّا أنه لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليهما وحدهم دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعنين بطعنهما طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات النقض أمام محكمة النقض .

25- لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 مشفوعة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون إلَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن المحكمة تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ويستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة لهذه القضية .

26- لما كان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول .... .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :

1- قتلوا المجنى عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار على ذلك بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية وبيضاء " الأسلحة محل الأوصاف 2 ، 3 ، 4 " وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجده به وما أن ظفروا به حتى أطلقوا صوبه أعيرة نارية وانهالوا عليه طعناً بالأسلحة البيضاء قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا ما به من إصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .

2- حازوا وأحرزوا أسلحة نارية غير مششخنة " فرد خرطوش " بغير ترخيص .

3- حازوا وأحرزوا ذخائر" عدة طلقات " استعملوها على الأسلحة النارية محل الوصف السابق دون ترخيص .

4- حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء " مطواة - سنجتين " دون مسوغ قانوني من ضرورة مهنية أو حرفية .

5- قاموا باستعراض القوة والتلويح بالعنف قِبل المجنى عليه المذكور قاصدين ترويعه وتخويفه وإلحاق أذى مادي ومعنوي به وفرض السطوة عليه وكان من شأن أفعالهم تكدير الأمن والسكينة العامة حال حملهم للأسلحة النارية البيضاء سالفة البيان وقد نجم عن تعديهم على المجنى عليه إزهاق روحه على النحو المبين بالأوراق .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً وبإجماع الآراء إرسال ملف الدعوى إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيما أسند للمتهم الأول/ .... وحددت جلسة .... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة .... وبتلك الجلسة قضت المحكمة بإجماع الآراء وعملاً بالمـــواد 230 ، 231 ، 375 مكرراً ، 375 مكرراً/أ من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً ، 26/1 ، 4 ، 30/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) والبندين رقمي ( 5 ـــ 7 ) من الجدول رقم (7) الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، والمادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهمين للثاني والثالث ، أولاً: بمعاقبة .... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه . ثانياً: بمعاقبة كل من .... ، .... بالسجن المؤبد عما أسند إليهما. ثالثاً: بمصادرة السلاح الناري المضبوط .

فطعـن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ، كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض ... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاحين ناريين غير مششخنين وذخيرتهما بغير ترخيص ، وأسلحة بيضاء دون مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية واستعراض القوة والعنف مع المجنى عليه بقصد إلحاق أذى مادي ومعنوي به وتكدير الأمن والسكينة العامة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك بأن اعتوره الغموض والإبهام والإجمال في بيانه واقعة الدعوى وأدلتها ، ولم يورد أقوال الشهود في بيان مفصّل وحصَّلها في عبارة مجهلة ، وأحال في بيان شهادة الشاهد الثاني .... إلى ما أورده من شهادة الشاهد الأول .... ، وعوَّل على أقوال شهود الإثبات وتصويرهم للواقعة مع ما شابها من تناقض بمحضر جمع الاستدلالات عنه بتحقيقات النيابة ومنازعة الدفاع بأن للواقعة صورة أخرى إذ إن حقيقتها مشاجرة وأعرض عن دفاعهم في هذا الشأن ، واستدل على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بما لا يسوغ توافرهما ، ولم يدلل على اشتراكهم في ارتكاب الواقعة ، ودفع الأول بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه إذ إن اعتداءه على المجنى عليه كان لدفعه عن الاعتداء عليه إلَّا أن الحكم اطرح هذا الدفاع المؤيد بالتقرير الطبي الصادر من مستشفى .... برد قاصر غير سائغ لم يشر فيه إلى إصابته ، وعوَّل في قضائه على الدليلين القولي والفني مع ما بينهما من تعارض إذ إن مؤدى أقوال الشهود أن إصابة المجنى عليه التي أودت بحياته كانت من الخلف بينما ورد بتقرير الصفة التشريحية أن إصابته بالصدر كانت من الأمام إلى الخلف واطرح دفاعهم في هذا الشأن بما لا يسوغ ، وتساند في قضائه إلى تحريات الشرطة مع أنها لا تصلح دليلاً في الإدانة ورد على الدفع بعدم جديتها بما لا يصلح رداً ، وأغفل أقوال شهود النفي ، والتفت عن الدفع بشيوع الاتهام وكيديته وتلفيقه وانقطاع صلة الطاعن الثاني بالواقعة وعدم تواجده على مسرحها ، ودانهم رغم عدم ضبطهم محرزين لثمة أسلحة سيما وأن السلاح الناري المضبوط لم يقطع الدليل الفني سابقة استخدامه مما تنتفى معه أركان الجريمة في حقهم ، ولم تفطن المحكمة إلى عدم استجواب الثالث بالتحقيقات ولم تعن باستجوابه ، وخلا محضر الجلسة من ثمة وقائع أو دفاع للطاعنين ، وتولدت في نفس قضاة المحكمة حالة من الانتقام من المحكوم عليهم والرغبة في إدانتهم فعوَّلت في قضائها على أدلة لا يؤدى أي منها إلى ما انتهت إليه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " أنه ولخلافات سابقة بين المجنى عليه .... وخاله المتهم الأول .... وابنيه المتهمين الثاني والثالث .... و .... بسبب العمل في أحد الجراجات استمرت المشاحنات بينهما على أثره وامتلأت نفوسهم بالضغينة نحوه فسولت لهم أنفسهم أمراً جللاً وآتوا شيئاً نكراً إذ طلب المتهم الأول من الثاني والثالث " ابنيه " أن يقتلاه فاستجابا لطلبه الحرام وأعد ثلاثتهم العدة لتنفيذ مأربهم فجهز الأب سلاحاً أبيض " سنجة " بينما جهز كل من الاثنين المتهمين الثاني والثالث سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " وسلاحاً أبيض " سنجة " وتوجهوا إليه عند المقهى الذي كان يجلس عليه الذي يعمل به الشاهد الأول وما أن رآهم حتى أوجس منهم خيفة ولاذ بالفرار زعراً لكنهم لاحقوه بأسلحتهم وقام المتهم الثاني بإطلاق عيار ناري عليه لم يصبه فعاجله بآخر قاصداً قتله فأصابه وسقط على إثره ثم أخرج سلاحاً أبيض وأخذ بطعنه في وجهه وفي مختلف جسمه ثم والى كل من المتهمين الأول والثالث الاعتداء إذ قام الثالث بإطلاق عيار ناري عليه في صدره قاصداً قتله يقيناً وألَّا يتركه إلَّا جثة هامدة وسط دهشة الحاضرين وعجزهم عن الدفاع عنه ، حتى تقدم الشاهد .... إليهم وطلب منهم الكف عن ذلك الاعتداء مقرراً لهم أنه مات بالفعل لكن المتهم الأول أخرج السلاح الأبيض الذي كان بيده وطعنه به في وجهه ورقبته فلم يرحم ضعفه ولا توسلات الحاضرين الشهود بالكف عن ذلك ولم يأبه لما أمر الله به من وصل برحم ولم يكترث لقوله تعالى [ فهل عسيتهم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ] ( سورة محمد - الآية 52 ) فأخذ يضرب ابن أخته بلا لين ولا هوادة مستعيناً في ذلك بولديه المتهمين الثاني والثالث اللذين لم يحسن تربيتهما فرباهما على الشر والضغينة والانتقام وقطع الرحم ولم يتوقفوا عن الاعتداء إلَّا حين ألقى عليهم الشاهد الثاني " مكتباً حديدياً " حال بينهم وبين المجنى عليه ثم انصرفوا صائحين بأنهم قتلوه فخورين بما زين لهم الشيطان من سوء أعمالهم ثم قام الشاهد المذكور بنقل المجنى عليه لمستشفى .... لمحاولة إسعافه ، بيد أنه كان قد لفظ أنفاسه وفاضت روحه فوصل ميتاً ، وقد أكدت التحريات صحة هذه الواقعة كما رواها الشهود " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما أورده تقرير الصفة التشريحية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام والإجمال وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفى أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ؛ لأن فيما أوردته منها وعوَّلت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها ، لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به – ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرّفها عن مواضعها ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه بالنسبة لأقوال الشهود يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة وحصَّل مضمونها بطريقة وافية ولم يجهل بها - كما يدعى الطاعنون في طعنهم - أو يحرّفها عن مواضعها - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، مادامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات أن أقوال الشاهدين الأول والثاني متفقة في جملتها ، وكان الطاعنون لا يجادلون في ذلك ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشاهدتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشهود أو اختلافهم في بعض التفصيلات التي يوردها الحكم لا يعيبه ؛ ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها ، ولما كانت المحكمة قد بيَّنت في حكمها وقائع الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها واطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واطرحت في حدود سلطتها التقديرية تصوير الطاعن الأول ، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في صورة الواقعة وتشكيك في أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة وتقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . هذا إلى أن الطاعنين لم يكشفوا بأسباب الطعن عن أوجه التناقض بين أقوال الشهود والتضارب فيها ، بل ساقوا قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاهم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لنية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعنين في قوله : " وحيث إنه بالنسبة للدفع بانتفاء نية القتل لدى المتهمين الأول والثالث فلما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . لما كان ذلك ، وكان الثابت للمحكمة من أقوال الشاهدين .... الذي كان يجلس مع المجنى عليه قبيل الواقعة على المقهى و.... أن المتهمين حضروا إلى المجنى عليه ومدججين بأسلحتهم النارية والبيضاء إذ كان يحمل كل من الثاني والثالث سلاحاً نارياً وكان الأول يحمل سلاحاً أبيض وقد أعدوا عدتهم وقرروا قتله وما أن رآهم المجنى عليه حتى فر هارباً منهم لكنهم لاحقوه وسط صيحات المتهم الأول قائلاً (موتوه) فأطلق الثاني عليه عياراً تلو الآخر حتى سقط أرضاً فأجهز الثلاثة عليه كالوحوش الكاسرة فقام الأخير والثاني بإخراج سلاحه الأبيض وطعنه به في رأسه كأنما يقوم بتكسير دماغه (على حد قول الشاهد الثاني) ثم قام الثالث بإطلاق النار عليه وهو مضرج في دمائه واختتم المتهم الأول هذا العمل الإجرامي بأن شق وجهه الأيمن بسلاح أبيض إمعاناً في قتله وإزهاق روحه ، وكان الشهود قد قرروا في شهادتهم أن المتهمين كانوا يضربون المجنى عليه بوحشية بالغة وهددوا بالقتل كل من يقترب منهم أو يدافع عن المجنى عليه ولم يتركوه إلَّا جثة هامدة وانصرفوا مفاخرين بقتل المجنى عليه ، وكان الثابت من تقرير الصفة التشريحية أن بالمجنى عليه عدة جروح دائرية بمقدم الصدر أعلى مقدم العضد وظاهر اليد اليسرى ويمين الوجه ( طوله خمسة عشر سنتيمتراً ) ممتد من شحمة الإذن حتى أعلى الزاوية اليمنى للفم وجروح أخرى بخلفية فروة الرأس وأعلى منتصف الشفة وأعلى الساق اليمنى واليسرى وبضعة جروح بأوضاع مختلفة وأطوال يتراوح من سنتيمترين واثنى عشر سنتيمترا ًوأن وفاة المجنى عليه تُعزى إلى الإصابات النارية وما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين لذلك ومن جميع ما تقدم من وجود خلافات بين المجنى عليه والمتهمين وتعدد الإصابات التي زادت عن خمس عشرة إصابة بعضها ناري وبعضها بسلاح أبيض وقد وقعت من المتهمين عليه في مقتل وصوبت من سلاح قاتل بطبيعته وتعدد الأسلحة على النحو المذكور وحيلولة المتهمين بين الحاضرين وبين الدفاع عن المجنى عليه وتهديدهم من يقترب بالقتل وصياح المتهم الأول وتحفيزه المتهمين الثاني والثالث بقوله ( موتوه ) أن نية القتل قد توافرت لديهم وتكون المجادلة في ذلك من قِبل الدفاع قد جاءت على غير أساس سليم " . فإن ما ساقه الحكم سائغ ويتحقق به توافر نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون ، ويكون نعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بعد أن أورد تقرير قانوني بقوله : " وكان الثابت من ظروف الدعوى وملابساتها وأقوال الشهود وما أكدته التحريات أن خِلافات كانت قائمة بين المجنى عليه والمتهمين تحرر عنها عدة محاضر وآخرها خلافهما حول منع المجنى عليه من العمل معهم بالجراج الذي يعملون به وإصراره على ذلك وهو ما قرره المتهم الأول وأنهم كانوا دائمي التشاجر إلى أن حان الحين وحل الوقت الذي قرر التخلص منه بقتله فاتفق مع ابنيه ( المتهم الثاني والثالث ) على ذلك وأعدوا جميعاً عدتهم في هدوء وروية وجهزوا أسلحتهم النارية والبيضاء وتوجهوا إليه في المقهى الذي كان يجلس عليه ثم قتلوه على نحو ما تقدم ، مفاد ذلك أنهم كان لديهم الفسحة الكافية من الوقت للتفكير الهادئ والتخطيط لتنفيذ جريمتهم النكراء ولم يكن عملهم وليد اندفاع أو ثورة أو صياح لحظي ، ومن ثم فإن المحكمة ترى أن سبق الإصرار قد توافر لدى المتهمين جميعاً ويكون ما تساند عليه الدفاع في نفي ذلك غير سديد " ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة ، وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ،مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، فإن ما أورده الحكم مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين ، ويكون نعيهم على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين - على ما سلف بيانه - مما يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهم في المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات ، وفضلاً عن هذا فإن ما انتهى إليه الحكم - فيما تقدم - كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على القتل ، من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة للقتل ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهم واعتبارهم فاعلين أصلين لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي واطرحه بعد أن أورد تقريرات قانونية في قوله : " وكان الثابت من أقوال الشهود وما أكدته التحريات أن المتهمين توجهوا إلى المجنى عليه بالمكان الذي أيقنوا وجوده به - مقهى الشاهد الأول - حاملين أسلحتهم النارية والبيضاء ففر منهم لما خافهم فلاحقوه وظلوا يعتدون عليه حتى أردوه قتيلاً ، لذلك فإن القول بوقوع مشاجرة وأن المتهم الأول كان في حالة دفاع شرعي هو محض جدل وافتراء ولا ظل له بالأوراق مما يكون الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي قد جاء على غير أساس سديد " . وهو من الحكم تدليل سائغ يؤدى إلى ما انتهت إليه المحكمة ويتفق وصحيح القانون ؛ ذلك أن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر ، متى أثبت الحكم أن المتهم هو الذي اعتدى على المجنى عليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ، ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، فمتى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبه عليها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . هذا فضلاً عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن الأول ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ، ومن ثم فإن نعى الطاعن الأول على الحكم إغفاله إصابته لا يكون له محل . كما أن البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر في دفاعه شيئاً عن إصابته وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها ، فإنه ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن يكون على غير أساس . يضاف إلى هذا أنه من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار عليها - وهو ما أثبته الحكم بغير معقب فيما تقدم ذكره - انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عن المستندات التي قدمها الطاعن الأول للتدليل على إصابته وقيام حالة الدفاع الشرعي في حقه يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق ، ولما كان الحكم قد دان الطاعنين بقتل المجنى عليه عمداً استناداً إلى أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية ، وكان مؤدى أقوال الشهود - حسبما حصَّلها الحكم - هي أن الطاعن الثاني أطلق عياراً نارياً على المجنى عليه من فرد خرطوش أثناء عدوه فأصابه وسقط أرضاً ووالى الطاعنون الثلاثة الاعتداء عليه بأسلحة بيضاء في مواضع متعددة ومتفرقة بجسده بالوجه والظهر والساقين وأطلق الطاعن الثالث عياراً نارياً من فرد خرطوش أصاب المجنى عليه في صدره ، وكان الثابت بالحكم أن تقرير الصفة التشريحية تضمن أن وفاة المجنى عليه ترجع إلى إصابته النارية الرشية بالصدر لما أحدثته من تهتك بالقلب والرئتين وانتهت بالوفاة وأن باقي الإصابات جروح قطعية مختلفة ، فإنه لا يكون هناك تناقض بين الدليلين القولي والفني بل هناك تطابق بينهما . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثير من دفاع في هذا الشأن واطرحه برد كاف سائغ له أصله الثابت في الأوراق مما لا نزاع فيه ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون سديداً . هذا إلى أن البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يدفع الاتهام بما يثيرونه في طعنهم من أن الشهود قرروا أن الضارب كان من خلف المجنى عليه في حين أن الإصابة كانت من الأمام ، وكان هذا الأمر الذي ينازع فيه الطاعنون لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً كان يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يسوغ لهم إثارة الجدل في شأنه لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات اطمئناناً إلى صحتها ومطابقتها للأدلة القولية والفنية ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ، مادامت لم تستند إليها وأن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان محضر جلسة المحاكمة قد خلا مما يثيره الطاعنون في أسباب طعنهم من أوجه دفاع موضوعية تتعلق سواء بشيوع الاتهام أو بتلفيقه أو بكيديته ، فإنه ليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم ارتكاب الواقعة وعدم الوجود على مسرح الحادث من قبيل الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب - في الأصل - من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردتها المحكمة بحكمها بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق . وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلَّا ما استثنى بنص خاص - جائزاً إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال وأن جرائم القتل العمد وإحراز أسلحة نارية وذخائرها وأسلحة بيضاء والبلطجة التي دين الطاعنون بها لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، ومن ثم فإن الحكم إذ استدل على نسبة هذه الجرائم للطاعنين من أقوال شهود الإثبات الذين قرروا بأن الطاعنين قتلوا المجنى عليه بإطلاق أعيرة نارية صوبه من سلاحين ناريين " فردين خرطوش " وباعتدائهم عليه بأسلحة بيضاء في مواضع متفرقة بجسده وبما أثبته تقرير الطب الشرعي من أن السلاح الناري المضبوط فرد خرطوش عيار 16 مم وصالح للاستعمال وأن الإصابة التي أودت بحياة المجنى عليه جائزة الحدوث من مثله ، فإن استدلاله يكون سائغاً ومن شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه ، ولا يقدح في سلامة استدلال الحكم عدم ضبط أية أسلحة نارية أو بيضاء مع الطاعنين - خلاف السلاح الناري المضبوط بسطح العقار الذي يقيم به الطاعنون والذي أقر الطاعن الأول لضابط الواقعة أنه أطلق منه عياراً نارياً على المجنى عليه – ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أنهم كانوا محرزين لسلاحين ناريين وأسلحة بيضاء حال ارتكابهم الواقعة . وكان من المقرر أن آلة القتل ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثالث أو المدافع عنه قد أثار أي منهما بعدم سؤاله بالتحقيقات فلا يقبل طرحه لأول مرة أمام محكمة النقض . ومع ذلك فإنه وإن كان من حق المتهم أن يحضر التحقيق الذي تجريه النيابة في تهمة موجهة إليه ، إلَّا أن القانون قد أعطى للنيابة استثناء من هذه القاعدة حق إجراء التحقيق في غيبة المتهم فيكون ذلك من حقها ولا بطلان فيه وكل ما للمتهم هو التمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في التحقيقات من نقص أو عيب حتى تقدرها وهى على بينة من أمرها ، كما أن المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه " لا يجوز استجواب المتهم إلَّا إذا قبل ذلك " قد أفادت بأن الاستجواب بما يعنيه من مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتاً أو نفياً أثناء نظرها سواء أكان ذلك من المحكمة أو من الخصوم أو المدافعين عنهم - لما له من خطورة ظاهرة - لا يصح إلَّا بناءً على طلب المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة ، وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يطلب إلى المحكمة استجوابه فيما نسب إليه بل اقتصر على إنكار التهمة عند سؤاله عنها وهو لا يدعى في طعنه بأن المحكمة منعته من إبداء ما يلزم من أقوال أو دفاع ، فإن ما ينعاه على الحكم من إخلال بحق الدفاع بقالة أن المحكمة لم تقم من تلقاء نفسها باستجوابه في التهمة المسندة إليه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه ، وكان الطاعنون لم يكشفوا بأسباب الطعن عن ماهية وقائع المتهمين التي خلا منها محضر جلسة المحاكمة ، كما أن من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل إقفال باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم . وكان البيِّن من جلسات المرافعة أنها جاءت خلواً مما يدعيه الطاعنون من مصادرة حقهما في الدفاع بل إن الثابت أن المحكمة مكنت المدافع عنهم من إبداء دفاعهم كاملاً بما لا يوفر الإخلال بحق الدفاع ويكون هذا الزعم غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليهم كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا المنحى لا يصلح أن يبنى عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثار في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع . ولا يجوز مجادلتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكانت المادة 375 مكرراً (أ)/4 من قانون العقوبات المضافة بالمرسوم بقانون رقم 10 لسنة 2011 نصت على أنه " ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساويه لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين " . ولما كان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة المنصوص عليها في المادة 375 مكرراً (أ)/4 من قانون العقوبات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بوضع الطاعنين الثاني والثالث تحت مراقبة الشرطة إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ إلَّا أنه لما كان الطعن مقدم من المحكوم عليهما وحدهم دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تملك تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعنين بطعنهما طبقاً للأصل المقرر في المادة 43 من قانون حالات النقض أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 مشفوعة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون إلَّا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن المحكمة تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ويستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة لهذه القضية .

لما كان ذلك ، وكان الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دانه بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها ، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة العامة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الأول .... .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق