جلسة 9 من ديسمبر سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي
العصار، ومحمود عثمان درويش.
---------------
(299)
الطعن
رقم 674 لسنة 40 القضائية
(1)محكمة الموضوع. خبرة.
تقدير عمل الخبير. متروك
لتقدير محكمة الموضوع. للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو تطرح بعضه. عدم
التزامها بالاستجابة إلى طلب تعيين خبير آخر.
(2) التزام.
بيع. دعوى. عقد "فسخ العقد".
مشروع عقد البيع. لا يعد
ملزماً لأي من طرفيه. العقود الملزمة للجانبين هي وحدها التي يرد عليها الفسخ.
النعي على الحكم بأنه قضى برد المبلغ الوارد بهذا المشروع قبل القضاء بفسخه. لا
أساس له.
(3)أمر أداء. بيع. دعوى.
سلوك طريق استصدار أمر
الأداء. شرطه. طلب المدعي رد ضعف العربون الوارد في الاتفاق. سلوكه طريق الدعوى
العادية. لا خطأ. علة ذلك.
----------------
1 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتقرير الخبير كله، كما لها أن تأخذ
ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه فيه. ولما
كان تقدير عمل أهل الخبرة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع، فمتى اطمأنت إلى رأي خبير
معين ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، فإنه ليس عليها أن
تستعين بخبير آخر ولو طلب الخصم ذلك، إذ أن آراء الخبراء لا تعدو أن تكون عنصراً
من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع.
2 - إذ كان حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه
لأسبابه قد اعتبر سند الدعوى مجرد مشروع لعقد بيع، وهو ما لم يكن محل طعن من
الطاعنين مما مقتضاه أن هذا المشروع لا يكون ملزماً لأي من الطرفين ويستطيع كل
منهما الامتناع عن إبرام البيع ولا يجوز للطرف الآخر إجباره على ذلك عن طريق
القضاء ولما كانت العقود الملزمة للجانبين هي وحدها التي يرد عليها الفسخ، وإذ قرر
الحكم المطعون فيه أن السند المذكور يتضمن إقراراً من المطعون عليه العاشر ومورث
الطاعنين بقبض مبلغ 550 ج من مورث المطعون عليهم التسعة الأول وقضي بإلزامهما برد
هذا المبلغ فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه - بأنه قضي برد
المبلغ قبل القضاء بفسخ الاتفاق على غير أساس.
3 - تشترط المادة 851 من قانون المرافعات السابق معدلة بالقانون
رقم 100 لسنة 1962 والتي رفعت الدعوى وقت سريانها لسلوك طريق استصدار أمر الأداء،
أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال
الأداء، ومقتضى ذلك أن هذا الطريق لا يتبع إلا إذا كان كل مطلوب الدائن هو دين
تتوافر فيه شروط استصدار الأمر أما إذا كان بعض ما يطالب به مما لا تتوافر فيه هذه
الشروط فإن سبيله في المطالبة يكون هو الطريق العادي لرفع الدعاوى، ولا يجوز له في
هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق استصدار أمر بالأداء، لأنه استثناء من القواعد العامة
في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه. ولما كان الثابت أن مورث المطعون عليهم التسعة
الأول قد أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 1100 ج تأسيساً على أن المطعون عليه العاشر
ومورث الطاعنين لم ينفذا صفقة البيع المتفق عليها وأن من حقه المطالبة بضعف
العربون الوارد في الاتفاق المبرم بينه وبينهما، فإن ما يطالب به لا يكون كله
ثابتاً في هذه الورقة ولا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى العادية وإذ رفع
دعواه بالطريق العادي فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانوني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم...... مورث
المطعون عليهم التسعة الأول أقام الدعوى رقم 967 سنة 1965 مدني المنصورة
الابتدائية ضد المرحوم...... مورث الطاعنين وضد المطعون عليه العاشر طلب فيها
الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 1100 ج، وقال شرحاً للدعوى أنه بموجب اتفاق
مؤرخ 15/ 7/ 1965 محرر بينه وبينهما التزما بأن يبيعا له عشرين فداناً نظير ثمن
مقداره 240 ج للفدان دفع منه 550 ج في مجلس العقد واتفق على أن يدفع مبلغ 3500 ج
في آخر أكتوبر سنة 1965 والباقي وقدره 750 ج يدفع منه مبلغ 500 ج في آخر أكتوبر
سنة 1966 ومبلغ 250 ج في آخر أكتوبر سنة 1967، ثم أنذرهما بتنفيذ الاتفاق بعد أن
علم بنيتهما في العدول عن الصفقة غير أنهما لم يستجيبا لطلبه، وإذ يحق له طلب
إلغاء الاتفاق وإلزامهما بدفع مبلغ 1100 ج ضعف العربون عملاً بنص المادة 103 من
القانون المدني فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 6/ 3/ 1966
حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه العاشر ومورث الطاعنين بأن يدفعا لمورث المطعون
عليهم التسعة الأول مبلغ 550 ج، استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم
168 سنة 18 ق مدني المنصورة وادعى بتزوير ورقة الاتفاق المؤرخة 15/ 7/ 1965،
وبتاريخ 10/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بندب مصلحة الطب الشرعي للاطلاع على السند
المطعون فيه بالتزوير لبيان ما إذا كان رقم 550 ج مكتوباً في الأصل 50 ج، وعدل
بطريق التزوير إلى 550 ج وهل كان الرقم 4050 ج مثبتاً في أصل السند أم أنه كتب بعد
ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 5/ 1/ 1970 برفض الادعاء
بالتزوير وبصحة الورقة المطعون فيها وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت بتاريخ 4/ 6/
1970 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم وفي الحكم
الصادر بتاريخ 5/ 1/ 1970 بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي
برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت
جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في
الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أن محكمة الاستئناف حكمت
بتاريخ 5/ 1/ 1970 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الورقة المطعون فيها على خلاف ما
انتهى إليه تقرير مصلحة الطب الشرعي من أن الرقم 550 ج كان محرراً أصلاً بالورقة
50 ج ثم عدل بطريق التزوير إلى 55 ج، ولم تورد المحكمة في حكمها سبباً كافياً يبرر
قضاءها، وكان عليها قبل أن تهدر التقرير المذكور أن تندب خبيراً آخر لفحص الورقة
المطعون فيها لمعرفة ما إذا كانت صحيحة أم مزورة، أما ما قرره الحكم تدليلاً على
صحة الورقة من أنه أثبت ضمن بياناتها مبلغ 4050 ج وأنه يمثل مجموع 550 ج قيمة
العربون والقسط المستحق في أكتوبر سنة 1965 ومقداره 3500 ج فإن هذا القول غير سائغ
لأن الرقم 4050 ج مطعون فيه أيضاً بالتزوير، وهو ما يعيبه الحكم بالفساد في
الاستدلال والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان يبين من الحكم الصادر بتاريخ 5/ 1/ 1970 أنه أقام قضاءه برفض
الادعاء بتزوير الورقة المطعون فيها على أن الثابت من تقرير قسم أبحاث التزييف
والتزوير أن العدد 4050 ج الدال على مجموع العربون 550 ج والقسط 3500 ج الذي سيدفع
في آخر موسم أكتوبر سنة 1965 قد حرر بالاتفاق موضوع الفحص تحت نفس الظروف المحررة
فيها باقي بيانات هذا الاتفاق المحررة بالمداد الجاف وأنه لم يضف. ومعنى ذلك صحة
العدد 4050 ج، ولما كان هذا العدد يمثل مجموع مبلغي 550 ج المدعي بتزويره ومبلغ
3500 ج القسط المستحق في أكتوبر 1965، ويتضمن لذلك بطريق اللزوم العقلي صحة المبلغ
550 ج، يؤكد ذلك أن ثمن الصفقة 20 فداناً في 240 يساوي 4800 ج فيكون الباقي بعد
دفع مبلغ 4050 ج هو مبلغ 750 ج، وقد تضمن نفس سند الدعوى مبلغ 750 ج على أنه هو
المتأخر وأنه يدفع على قسطين في أكتوبر سنة 1966 وأكتوبر سنة 1967 ولم يطعن
المستأنف مورث الطاعنين على هذا البيان الأخير الخاص بمبلغ 750 ج بأي مطعن ولا
يؤثر في ذلك ما انتهى إليه قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن العدد 550 ج الدال
على العربون والمحرر أمام البند 3 بالاتفاق موضوع الفحص كان محرراً أصلاً 50 ج ثم
عدل بالإعادة والإضافة على النحو الموصوف بالتقرير بحيث أصبح 550 ج، لأن هذا الذي
انتهى إليه الخبير بصدد هذا المبلغ لا يدل إطلاقاً على تزويره أمام ما هو ثابت من
نفس تقرير الخبير من صحة المبلغ 4050 ج الذي يمثل مجموع مبلغ 550 ج و3500 ج وما هو
ثابت من نفس السند موضوع الدعوى من أن المبلغ المتأخر بعد ذلك من الثمن هو مبلغ
750 ج وهو الرقم الذي لم يطعن عليه المستأنف بالتزوير"، مما مفاده أن محكمة
الموضوع قد اعتمدت في قضائها برفض الادعاء بالتزوير وصحة الورقة المطعون فيها على
ما استخلصته من تقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير من صحة الرقم 4050 ج ومن
القرائن الأخرى سالفة البيان التي أوردتها في حكمها وهي أسباب سائغة تؤدي إلى ما
انتهت إليه وتكفي لحمل الحكم، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتقرير الخبير كله،
كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن
إليه فيه فلا على المحكمة إن هي أطرحت ما قرره الخبير من أن الرقم 550 ج كان
محرراً أصلاً 50 ج ثم عدل بحيث أصبح 550 ج، ولما كان تقدير عمل أهل الخبرة متروكاً
لتقدير محكمة الموضوع فمتى اطمأنت إلى رأي خبير معين ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى
ما يكفي لتكوين عقيدتها فإنه ليس عليها أن تستعين بخبير آخر ولو طلب الخصم ذلك. إذ
أن آراء الخبراء لا تعدو أن تكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير محكمة
الموضوع، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بإلزام الطاعنين
بمبلغ 550 ج الذي قيل أنه دفع عربوناً للصفقة قبل أن يقضى بفسخ الاتفاق، وهو ما لم
يطلب في الدعوى، مما كان يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان،
ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامهم برد العربون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كان حكم محكمة أول درجة الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قد اعتبر
سند الدعوى مجرد مشروع لعقد بيع، وهو ما لم يكن محل طعن من الطاعنين، مما مقتضاه
أن هذا المشروع لا يكون ملزماً لأي من الطرفين ويستطيع كل منهما الامتناع عن إبرام
البيع ولا يجوز للطرف الآخر إجباره على ذلك عن طريق القضاء، وكانت العقود الملزمة
للجانبين هي وحدها التي يرد عليها الفسخ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن
السند المذكور يتضمن إقراراً من المطعون عليه العاشر ومورث الطاعنين بقبض مبلغ 550
ج من مورث المطعون عليهم التسعة الأول وقضى بإلزامهما برد هذا المبلغ، فإن الحكم
لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي
بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن مورث المطعون
عليهم التسعة الأول يستند في المطالبة بدينه إلى الورقة المؤرخة 15/ 7/ 1965 فكان
يتعين عليه أن يسلك طريق الأمر بأدائه غير أنه أقام به دعوى بالطريق العادي مما
يجعلها غير مقبولة لرفعها بغير الطريق القانوني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام
مورث الطاعنين بالدين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كانت المادة 851 من قانون المرافعات السابق معدلة بالقانون رقم 100
لسنة 1962 والتي رفعت الدعوى وقت سريانها تشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء، أن
يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود، ثابتاً بالكتابة، ومعين المقدار وحال
الأداء، ومقتضى ذلك أن هذا الطريق لا يتبع إلا إذا كان كل مطلوب الدائن هو دين
تتوافر فيه شروط استصدار الأمر، أما إذا كان بعض ما يطالب به مما لا تتوافر فيه
هذه الشروط، فإن سبيله في المطالبة يكون هو الطريق العادي لرفع الدعاوى، ولا يجوز
له في هذه الحالة، أن يلجأ إلى طريق استصدار أمر بالأداء، لأنه استثناء من القواعد
العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه، ولما كان الثابت أن مورث المطعون عليهم
التسعة الأول قد أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 1100 ج تأسيساً على أن المطعون عليه
العاشر ومورث الطاعنين لم ينفذا صفقة البيع المتفق عليها وأن من حقه المطالبة بضعف
العربون الوارد في الاتفاق المؤرخ 15/ 7/ 1965 المبرم بينه وبينهما فإن ما يطالب
به لا يكون كله ثابتاً في هذه الورقة، ولا تكون المطالبة به إلا بطريق الدعوى
العادية، وإذ رفع دعواه بالطريق العادي، فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانوني
ويكون النعي بهذا السبب في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق